مفعول مطلق
هذه الموضوعة بحاجة إلى تنظيف لكى تتوافق مع مستويات نموذج الشكل المتبع . ساعد على تحسين هذه الموضوعة إذا كان بإستطاعتك . {{| ({{{date )| |
المفعول المطلق، وينطق له المصدر والحدث والحدثان، في النحوالعربي هواسم فضلة منصوب يُذكَر في الجملة العملية لتأكيد معنى العمل أولبيان نوعه أوعدده، والمفعول المطلق يأتي على هيئة مصدر مُشتَقّ من العمل أوما يشابهه في المعنى. هواسم ما صدر عن فاعل عمل مذكور بمعناه (أي بمعنى العمل). احترز بقول ما صدر عن عمل فاعل عما لا يصدر عنه كزيد وعمرووغيرهما، وبقول مذكور عن نحوأعجبني قيامك، فإن قيامك ليس مما عمله فاعل عمل مذكور، وبقوله بمعناه عن كرهت قيامي، فإن قيامي وإن كان صادرا عن فاعل عمل مذكور إلا أنه ليس بمعناه.
والمصدر إما متصرف وهوما لم يلزم فيه النصب على المصدرية كضرب وقعود أوغير متصرف وهوما لزم فيه النصب على المصدرية ولا يقع فاعلا ولا مفعولا ولا مجرورا بالإضافة أوحرف الجر نحوسبحان الله ومعاذ الله وعمرك الله. ويجب حذف عمل هذا المصدر غير المتصرف كما يجب حذف عمله إذا سقط المصدر مضمون جملة لا محتمل لها غيره نحوله علي ألف درهم اعترافا أوسقط مضمون جملة لها محتمل غيره نحوزيد قائم حقا. والأول يسمى توكيدا لنفسه لاتحاد مدلول المصدر والجملة فيكون بمنزلة تكرير الجملة فكأنه نفسها وكأنها نفسه. والثاني يسمى توكيدا لغيره لأنه ليس بمنزلة تكرير الجملة فهوغيرها. وسيبويه يسمى الأول بالتوكيد الخاص والثاني بالعام.
الاصطلاح والتاريخ
سُمِّي المصدر المشتق من حروف العمل المؤكِّد لمعناه أوالمبيِّن لنوعه أوعدده «مَفعُولٌ مُطلَق »، وسُمِّيَ كذلك لأنَّه غير محصور بأيِّ قَيد، بمعنى أنَّه مُطلق عن القيود التي التصقت بغيره من المفاعيل، فنَجِدُ أنَّ المفاعيل الأخرى تقَيَّدت بألفاظ: بِهِ، فِيهِ، لَهُ، مَعَهُ. والمفعول المطلق هوالمفعول الوحيد من بين المفاعيل الذي أوجده الفاعل، أمَّا البَقيَّة فإنَّ العمل هومن تعلَّق بها، سواء سقط بها أولأجلها أوفيها أومعها، ولهذا فهويُعدُّ مُطلقاً لإمكانيَّة مجيئه في أيِّ جملة عملية بدون تحقُّق أيّ مقوِّمات أومُهيئات لمجيئه، فالمفعول المطلق يوجده الفاعل ويخرجه من العدم إلى الوجود، أمَّا المفاعيل الأخرى فهي موجودة من ذي قبل. وبسبب تحرُّر المفعول المطلق من القيود التي تقيَّدت بها المفاعيل الأخرى، يَنظُر بعض النُّحاة إلى المفعول المطلق على أنَّه المفعول الحقيقي، لذا يُكتفى في بعض الأحيان بالإشارة إليه بمصطلح «المفعول» فقط، إلَّا أنَّ هذا المصطلح ارتبط بصورة أكبر بالمفعول به لكِثرة استعماله. وأحياناً يُسَمَّى المفعول المطلق «مَصدَر»، لأنَّه لا يأتي إلَّا على هيئة مصدر مُشتَق من العمل.
شروط المفعول المطلق
لِكَي يَصُحَّ نَصب الاسم على أنَّه مفعول مطلق لا بُدَّ من توافر عدد من الشروط، ومن هذه الشروط ما يتعلَّق بالاسم نفسه، ومنها ما يتعلَّق بما يحيط به. ويَشتَرِط النُّحاة لنَصب الاسم على المفعولية المطلقة حتىقد يكونَ مصدراً مُشتَقَّاً من العمل في جُملتِهِ، فإذا قيل: «أَعطَيتُ عَطَاءً» لم يكن «عَطَاءً» مفعول مطلق لأنَّه ليس مصدراً بل اسم مصدر، حتى وإن كان مُشتَقاً من العمل، وإذا قيل: «كَلَّمَهُ تَكلِيماً» لم يكن «تَكلِيماً» مفعول مطلق لأنَّه لم يُشتَق من العمل الذي يسبقه، إذا أنَّ العمل الذي اُشتُقَّ منه هو«تَكَلَّمَ»، أمَّا مصدر العمل فهو«كَلَام». ويُشترط كذلك حتىقد يكون المفعول المطلق اسم فضلة، فإن كان عُمدة لم يُنصب على المفعوليَّة المطلقة. ويُشترط كذلك حتى يَسبَقَهُ عمل أوما يشبهه حتى يعمل فيه.
إعراب المفعول المطلق
حُكم المفعول المطلق أوما ينوب عنه هوالنَّصب دائماً. والمفعول المطلق من المُسَمَّيات النحوية التي تُذكر عند الإعراب، على عكس الاسم المُضاف مثلاً الذي لا يُشتَرط ذكره، فيُنطق عند إعراب لفظ منصوب على المفعولية المطلقة: مفعول مطلق منصوب بعلامة النَّصب الملائمة.
مواقع إعرابيَّة مشهجرة
قد يجتمع أكثر من أسلوب نحوي على صيغة لفظيَّة واحدة، بحيث يصير للفظ أكثر من مسقط إعرابي مُحتَمل، فهناك ألفاظ تُعرَب مفعولاً مطلقاً غير أنَّها تحتمل مواقع إعرابيّة أخرى، ومن هذه: «وَلَا تُظلَمُونَ فَتِيلاً» أو«وَلَا يُظلَمُونَ نقِيراً»، فمن الممكن إعراب المصدر نائب عن المفعول المطلق، ومن الممكن كذلك حتى يُعرَب مفعولاً به، أمَّا إذا كان العمل في هذا الأسلوب عملاً لازماً فيُعرَب المصدر نائب عن المفعول المطلق ولا يجوز إعرابه مفعولاً به. ومن الأساليب المماثلة حتى يُنطق: «سِرتُ طَوِيلاً»، فيُحتَمل في «طَوِيلاً» ثلاثة مواقع إعرابية، فَمِن الممكن حتى يُعرب نائباً عن المفعول المطلق إذا كان قصد المُتَكلِّم على التأويل: «سِرتُ سَيراً طَوِيلاً»، ومن المُمكن كذلك حتى يُعرب ظرف زمان أي مفعولاً فيه إذا كان القصد على التأويل: «سِرتُ زَمَناً طَوِيلاً»، وقد يُنصب المصدر على الحاليَّة إذا قصد المُتَكلِّم القَول: «سِرتُهُ طَوِيلاً». ومن الأساليب ما يحتمل فيه حتىقد يكون المصدر مفعولاً لأجله، مثل: «يُرِيكُمُ البَرقَ خَوفاً وَطَمَعاً»، بمعنى: يريكم البرق لأجل الخوف والطمع، وقد يُعرب المصدر مفعولاً مطلقاً لعمل محذوف: «يُرِيكُمُ البَرقَ فَتَخَافُونَ خَوفاً وَتَطمَعُونَ طَمَعاً».
أكثر ما يلتبس مع المفعول المطلق هوالمفعول به، ويمكن التمييز بوضوح بين الاثنين من ناحية المعنى أنَّ المفعول به كان موجوداً قبل وقوع العمل ومن ثمَّ سقط عليه العمل، أمَّا المفعول المطلق فإنَّ العمل هوالسبب في إيجاده، ووجوده مرتبط بالعمل ولم يكن موجود قبله.
أغراض المفعول المطلق
يُذكر المفعول المطلق للتأكيد على معنى العمل وإزالة أيّ وهم قد ينشأ في ذهن المخاطَب، فإذا قيل بدون ذكر المفعول المطلق: «ضَرَبتُ أَخَاكَ»، فقد يظنُّ المخاطَب – مستعظماً أمر الضرب - أنَّ القصد ليس الضرب عملاً وإنَّما التوبيخ مثلاً، أمَّا إذا ذُكِرَ المفعول المطلق وقِيل: «ضَرَبتُ أَخَاكَ ضَرباً» فإنَّ قصد المتكلِّم يصبح واضحاً في حصول الضرب حقيقةً، فالمفعول المطلق يمنع أيَّ تكهُّنات أوتأويلات لمعنى العمل وذلك بالتأكِيد على معناه الأصلي. ومتى ما حُذِف عمل المصدر المبهم يتغيَّر معناه ليضم أغراض بلاغيَّة، فيخرج معناه من التأكيد لأنّ المصدر لا يمكن حتى يُؤَكِّد ما محذوف، ومن هذه الأغراض البلاغيَّة:
- يُذكَر المفعول المطلق لأغراض طلبيَّة، وهي على أنواع عديدة وفي جميعها يأتي المفعول المطلق مصدراً نائباً عن عمله، ويكون العمل محذوف وجوباً. ومن هذه الأغراض الأمر، مثل: «إِحسَاناً بِالوَالِدَينِ»، بمعنى: أحسن إليهما. ومنها أيضاً حتى يجتمع الأمر والنَّهِي في جملة واحدة، مثل: «تَأَنِّياً لَا عَجَلَةً»، بمعنى: تأنَّى فيما تقوم به ولا تجعل. ومن هذه كذلك الدُّعاء بالخير أوالشرِّ، مثل: «سُقيَا لَكَ»، بمعنى: سَقَاكَ اللَّه، ومثل: «وَيلاً لَكَ»، بمعنى: العذابُ لك.
- قَد يُذكَر المفعول المطلق للقَسَم، وذلك في مصادر مُضافة في العادة إلى كاف المخاطب، مثل: «عَمرَكَ اللَّه» أو«قَِعِدَكَ اللَّه» أو«قَعِيدِكَ اللَّه». وقد يُستَعمل القَسَم في جملة استفهاميَّة، مثل: «عَمرَكَ اللَّه كَيفَ عَرَفتَ؟»، وقد لا يستعمل في استفهام، مثل: «عَمرَكَ اللَّه لَم أَكذِب».
- يُذكر المفعول المطلق في جملة استفهاميَّة لغرض التوبيخ، مثل: «أَبُخلاً وَقَد بَذَلَ إِخوَتُكَ؟». وغالباً ماقد يكون التوبيخ للمُخاطَب، إِلَّا أنَّه قد يحدث للمُتَكلِّمِ نَفسه، مثل: «أَغُدَّةً كَغُدَّةِ البَعِيرِ وَمَوتاً فِي بَيتِ سَلُولِيَّة»، نطقها عامر بن الطفيل في توبيخ نفسه.
- يُذكَر المفعول المطلق لتفصيل عاقبة أمرٍ ما، وذلك عندما يجيء المصدر بعد «إِمَّا» التفصيلية، مثل: «قُم مَا بِوِسعِكَ فَإِمَّا نَجَاحاً وإِمَّا فَشَلاً».
الاستخدام
يستخدم المفعول المطلق لـ:
- توكيد هذا العمل أو(ما يقوم مقام العمل) مثل: أحبُّ الفهمَ حباً جماً.
- بيان نوعه مثل: سرتُ سير العقلاء.
- بيان عدده مثل: ضربتُ المذنب ضربةً، ضربتين، ضًرَباتٍ (ضرباتٍ: مفعول مطلق منصوب بالكسرة عوضاً عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم).
يأتي المفعول المطلق نائباً عن عمله مثل: حفظاً الدرس يا محمد. أي "احفظ درسك يا محمد" فـ "حفظاً" مفعول مطلق ناب عن "احفظ". وإذا حُذِف المفعول المطلق ناب عنه:
- مرادفه (مثيله في المعنى) مثل: فرحتُ جذلاً "جذلاً بمعنى فرحاً"
- صفته مثل: اذكروا الله كثيراً (أي اذكروا الله ذكراً كثيراً).
- الإشارة إليه مثل: أكرمتُهُ ذلك الإكرامَ (يذكر المصدر منصوباً بعد اسم الإشارة)
- عدده مثل: ركع المصلون أربعَ ركعاتً
- آلته مثل: ضَرَبتُهُ سوطاً
- لفظاً (كل وبعض) مضافين إلى المصدر مثل: شكرتُهُ كلَّ الشكر، أهمل خالدٌ درسهُ بعض الإهمال
العامل في المفعول المطلق
العامل في المفعول المطلق هوواحد من خمسة عوامل، والعمل هوالعامل الأصلي من بين هذه. والعامل في المفعول المطلق، على اختلاف نوعه، يأتِي على الدوام مُطابقاً في اللفظ المفعول المطلق، وهذا هوما استَقرَّ عليه جمهور النُّحاة. ويعمل في المفعول المطلق العمل التَّام المتصرِّف فقط، فلا تعمل فيه الأفعال النَّاسيرة ولا الجامدة، فلا يُنطق: «كُنتُ تَحتَ الشَّجَرَةِ كًوناً»، ولا يُنطق كذلك: «نِعمَ الصُّدقِ نِعماً». ويعمل فيه إلى جانب العمل بعضاً من أشباه الأفعال، ومن أشباه الأفعال التي تعمل في المفعول المطلق المصدر العامل، مثل: «فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُم جَزَاءً مَوفُوراً»، فالملاحظ أنَّ «جَزَاءً» مفعول مطلق لم يسبقه أيّ عمل، والعامِل فيه هوالمصدر المرفوع قبله المُطَابِق له تماماً من ناحِيَة الاشتقاق والمعنى. ويَعمل في المفعول المطلق الصفة المُشَبَّهة باسم الفاعل الدَّالة على الحدوث والتَجَدُّد، مثل: «مُحَمَّدٌ مُجتَهِدٌ اِبنُهُ اِجتِهَاداً»، أمَّا إذا لم تكن الصفة المشبهة دالة على التجدُّد فلا تنصب مفعولاً مطلقاً، فلا يُنطق: «مُحَمَّدٌ أَمِينٌ اِبنُهُ أَمَانَةً »، لأنَّ الصفة المشبهة « أَمِينٌ» لم تأتِ دالَّة على التجدُّد وإنَّما على الثبوت. ويعمل فيه اسم الفاعل، مثل: «المُتَوَاضِعُ فِي حَيَاتِهِ تَوَاضُعاً صَادِقاً يُؤجَر»، حيث المصدر «تَوَاضُعاً» منصوب على المفعولية المطلقة، والعامل فيه هواسم الفاعل «المُتَوَاضِعُ». ويعمل في المفعول المطلق الاسم المفعول، مثل: «المَقتُولُ قَتلاً خَطَئاً تُدفَعُ لِذَوِيهِ دِيَّةٌ»، المصدر «قَتلاً» يعمل على نصبه الاسم المفعول «المَقتُولُ».
ويخط سعيد الأفغاني أنَّ العامل في المفعول المطلق هوالعمل أوشبه العمل من المصدر والمشتقات بشكل عام. ويرى بعض النُّحاة أنَّ هناك ثلاثة عوامل فقط تعمل في المفعول المطلق، ويعمل فيه وفقاً لرأيهم العمل أوالصفة المشبهة باسم الفاعل أوالمصدر العامل، ولا يعمل فيه غير هؤلاء.
حذف العامل
لا يجوز حذف العمل العامل في المفعول المطلق المُؤكِّد له، لأنَّ المفعول المطلق المؤَكِّد لمعنى العمل إنَّما ذُكِر لتقوية معنى العمل وتوكيده، وحذف هذا العمل يُبطِل الغاية التي ذُكِر المفعول المطلق لأجلها، ما عدا حالات استثنائية يمكن الحذف فيها، وذلك في أساليب بعضها قياسي والآخر سماعي وُرِدَت عن العرب محذوفة العامل، وبعض من النُّحاة يُخرج المصادر في هذه الأساليب من المصادر المؤَكِّدة ويجعل لها قسماً مختصاً بها. وفي اللقاء يجوز حذف العمل العامل في المفعول المطلق المُبَيِّن للنَّوع أوالعدد على الدوام، وذلك إذا دلَّت عليه قرينة لفظية أومعنوية، فيُنطق على سبيل المثال: «قَولاً بَلِيغَا» لمن يسأل «مَاذَا تَكَلَّمتَ؟»، وتقدير الجملة قبل حذف العمل: «قُلتُ قَولاً بَلِيغَا»، فحُذِف العمل لأنَّ هُناك قرينة لفظيَّة تدلُّ عليه في الجملة الاستفهامية قبله. ومثل القرينة المعنوية قولنا: «حَجّاً مَبرُوراً»، فالعامل في المصدر «حَجّاً» هوعمل محذوف اِستُدِلَّ عليه معنوياً بتحليل تراكيب هذا التعبير، ومن مثله أيضاً: «مَرحَباً بِكَ».
وفي لقاء الحالات السابقة التي يجوز فيها الحذف، فإنَّ هناك مواضع يجب فيها حذف العمل العامل في المفعول المطلق، وأكثر من تناول هذه المواضع من بين النُّحاة هم شُرَّاح ألفية ابن مالك، وقد فصَّلوا في هذه المواضع وتعمَّقوا فيها. وفي جميع المواضع التي يُحذف فيها العمل وجوباً يَنُوب المصدر عنه، والمصدر في جميعهاقد يكون من النَّوع المؤِّكد قبل الحذف، ويخرج معناه من التوكيد إلى أغراض بلاغيَّة أخرى وقتما يُحذَف العمل. ويجب حذف العمل في الحالات الآتية:
- إذا كانت دلالة المفعول المطلق على الطلب. وحينها يقع المصدر بدلاً من عمله، فيُحذف العمل وجوباً ويُقَدَّر من نفس مادَّة المصدر. ويكون الطلب على عدَّة أغراض محدَّدة، فيُحذف العمل إذا دلَّ المصدر على الأمر، مثل: «صَبراً عَلَى المُصِيبَةِ»، أوالنَّهي، مثل: «حِفَاظاً عَلَى الصَّلاةِ لَا إِهمَالاً لَهَا»، أوالدُّعاء بالخير، مثل: «سُقياً لَكَ» ، أوالدُّعاء بالشَّرِّ، مثل: «تُعساً لَكَ». ويُحذَف العمل كذلك إذا سُبِقَ المفعول المطلق بأداة استفهام، ويكون الاستفهام حينها لأغراض بلاغية كالتوبيخ، مثل: «أَعُقُوقاً وقَد أَحَبَّاكَ»، وقد يحدث الاستفهام للتوجُّع، مثل: «أَخَسَارَةً وَانهِزَاماً وَقَد بَذَلتُ»، وقد يحدث للتعجُّب، مثل: «أَسُكُوتاً عَنِ الحَقِّ وَأَنتَ تَعلَمُ». وقد يَكونُ الاستفهام مُقَدَّراً، أي بدون حتى تظهر أداة الاستفهام، مثل: «خُضُوعاً وَرُضُوخاً وَغَيركَ صَامِد». وهذا الأسلوب هوأسلوب قياسي، بمعنى يمكن القياس على هذه المصادر والإتيان بمصادر أخرى واستعمالها بالأسلوب نفسه، ولهذا فهوكثير الاستعمال. وتقدير الأفعال في الأمثلة السابقةقد يكون على النحو: «اصبِر صَبراً»، «لَا تُهمِل إِهمَالاً». وهناك بضعة مصادر تُستَعمل في الغالب لغرض النادىء ليس لها عملاً في الأصل حتَّى يُقدَّر،بمعنى أنَّها لم تُشتَق من أفعال بل هي وُرِدت على هذه الهيئة ولها استعمالات محدودة النطاق، ومن مثل هذه المصادر: «وَيل»، «وَيب»، «وَيح»، «وَيس»، ويُضاف إليها «بَلهاً» و«دَفراً» وهذه ليست للدُّعاء. وتقدير عمل لهذه المصادرقد يكون ذهنيَّا ولا يُنطق، ويؤتي بعمل مرادف لتقريب المعنى. والمصدر النائب عن عمله لا يُضاف في العادة إذا اتى لغرض الدُّعاء، إلَّا أنَّه قد يُضاف في مواضع نادرة يستقبحها النُّحاة، ومن هذه حتى يُنطق: «بُعدَكَ»، أو«سُحقَكَ».
- إذا كان المفعول المطلق من المصادر المسموعة التي تُغنِي عن أفعالها، وهي مثل المصادر السابقة تقع محلَّ عملها المحذوف المقدَّر من نفس مادَّتِها، غير أنَّ هذه المصادر لا يمكن القياس عليها وتقتصر على عددٍ من المصادر المسموعة كَثُر تداولها حتى صارت كالأمثال، وهي كذلك تأتي في سياقٍ مختلف عن المصادر السابقة، ولا توافقها في الأغراض فلا تأتي هذه المصادر للطَّلب، ومن مثلها: «سَمعاً وَطَاعَةً» و«عَجَباً» و«سُبحَانَ اللَّهِ» و«مَعَاذَ اللَّهِ» «رَيحَانَ اللَّهِ» و«شُكراً». وهذه المصادر في العادة تأتي في جُمل خبريَّة، على عكس المصادر السابقة التي تُستَعمل في جمل إنشائية. ويدخل ضمن هذه المصادر المسموعة مصادر أخرى سُمِعت عن العرب مُثَنَّاة فقط، مثل: «حَنَانَيكَ» و«لَبَّيكَ» و«سَعدَيكَ» و«دَوَالَيكَ» و«حَذَارَيكَ»، والغرض من هذه المصادر ليس التثنية وإنَّما التكثير، وهي لا تُذكر سوى منصوبة على المفعولية المطلقة ولاقد يكون لها مسقطاً إعرابياً أوإعراباً آخر. وتُضَاف إليها كذلك مصادر أخرى تُذكَر في الجملة للاستجابة لأمرٍ يسبقها، مثل: «أَفعَلُهُ كَرَامَةً وَمَيسَرَةً»، أولرفض الاستجابة، مثل: «لَا أَفعَلُهُ وَلَا كَيداً وَلَا هَمّاً»، ويُنطق كذلك في أسلوب مماثل: «لَا فَعَلتُهُ وَرَغماً وَهَوَاناً».
- إذا اتى المفعول المطلق مصدر في أسلوب الخبر وأغنى عن عمله، بحيثقد يكون العمل المحذوف هوفي الأصل خبر المبتدأ قبله، ويُشترط في ذلك حتىقد يكون المبتدأ اسم ذات وليس اسم معنى، ويُشترط كذلك أحد الأمور التالية: حتىقد يكون المصدر مُكَرَّراً، مثل: «الرَّجُلُ أَمَانَةً أَمَانَةً»، أوحتىقد يكون المصدر محصوراً فيه، مثل: «مَا المَدرَسَةُ إِلَّا عِلماً» أو«إِنَّمَا المَدرَسَةُ عِلماً»، أوحتى يُعطفَ على المصدر، مثل: «السَّاعَةُ تَحَرُّكاً وَدَوَرَاناً»، أوحتى تدخل أداة استفهام على المبتدأ، مثل: «أَأَنتَ صُدقاً». أمَّا إذا لم يكن المبتدأ اسم ذات وجيء باسم معنى فلا يُنصب المصدر ويُعرب خبراً مرفوعاً، مثل: «التَعَثُّرُ أَلَمٌ أَلَمٌ». وفي جميع هذه الجملقد يكون المعنى المفهوم من المصدر واقع وحاصل قبل الكلام، ويظلُّ وقوعه مُستَمِرّاً حتى الفترة التِي يحصل فيها التَكَلُّم. وتُعرب جميع المصادر المنصوبة في الأمثلة السابقة مفعول مطلق لعمل محذوف وجوباً يُقَدَّر من مادَّة المصدر، فيُقَدَّرُ مثلاً: «السَّاعَةُ تَحَرَّكَت تَحَرُّكاً وَدَارَت دَوَرَاناً».
- إذا اتى المفعول المطلق بعد «إِمَّا» التفصيلية، مثل: «سَأَجتَهِدُ إِمَّا فَوزاً وَإِمَّا خَسَارَةً». ويأتي المصدر بعد «إِمَّا» التفصيلية لتفصيل مجمل ما سَبَقه، ويأتي كذلك لبيان عاقبة مَا فَصَّله. وتتحقَّق هذه الأغراض بحذف العمل، وما كانت لتتحقَّق بدون حذفه، أمَّا إذا ذُكِر العمل ستقتصر دلالة المصدر حينها على توكيد معنى العمل فقط: «سَأَجتَهِدُ إِمَّا أَفُوزُ فَوزاً وَإِمَّا أَخسَرُ خَسَارَةً». ويجوز في هذا الأسلوب الاستعاضة عن «إِمَّا» المُكَرَّرة بحرف العَطف «أَو»، فقد يُنطق: «سَأَجتَهِدُ إِمَّا فَوزاً أَوخَسَارَةً»
- إذا ذُكِرَ المفعول لأجله بعد جملة تحمل معناه في النصِّ أوالاحتمال، وتحتوي على فاعل المصدر المذكور بعدها، ودائماً ما تكون هذه الجملة تشبيهيَّة تُشَبِّه الفاعل والمعنى المشهجر بما أُضِيف المصدر إليه، مثل: «عِنَدَكَ أَخلَاقٌ أَخلَاقَ الحُكَمَاءِ». حيث «أَخلَاقَ» مفعول مطلق لعمل محذوف وجوباً، واشتَملَت الجملة الاسميَّة قبله «عِنَدَكَ أَخلَاقٌ» على صاحبه، وهوضمير الكاف للمخاطب، واشتملت كذلك على معنى المصدر، ودلَّ معنى الكَلام على تشبيه المصدر المرفوع على الابتداء المرتبط بالضمير، تُشَبِّهه بالمصدر المشابه له المُضاف إلى ما اختصَّ به التشبيه. ويشترط بعض النُّحاة ألَّا تشتمل الجملة قبل المصدر على ما يصلِحُ للعمل، بينما يجيز البعض الآخر اشتمالها على عمل علاجي، مثل: «اِلتَقَيتُ بِأَخِيكَ فَإِذَا لَهُ أَخلَاقٌ أَخلَاقَ الحُكَمَاءِ». ويُشتَرطُ في المصدر ليصُحَّ نصبه على المفعولية المطلقة في هذا الأسلوب حتىقد يكون دالّاً على الحدوث، فإذا كانت دلالته على الثبوت والجمود لم يصح إعرابه مفعولاً مُطلقاً. ولا يُعرَب مفعولاً مُطلقاً إذا لم تسبقه جُملةً تامَّة، حتى وإن تحقَّقت الشروط الأخرى، مثل: «أَخلَاقُ مُحَمَّدٍ أَخلَاقُ الحُكَمَاءِ». ولا يُعرب مفعولاً مُطلقاً إذا لم تشتمل الجملة قبله على صاحِبِه، مثل: «فِي المَقبَرَةِ أَصوَاتٌ أَصوَاتُ أَموَاتٍ».
- إذا كان المفعول لأجله مصدراً مُؤَكِّداً لمضمون جُملة قبله، مثل: «سَجِّلِ الهَدَفَ تَهدِيفاً»، وأحياناً يجيئ المفعول المطلق للتأكيد على مضمون الجملة وكذلك لإزالة أيَّ مؤشِّر على المجاز في مضمونها، مثل: «هَذِهِ قَصِيدَتِي حَقّاً». والمصدر الذي يقتصر على التأكيد يُسمَّى المُؤَكِّد لنَفسه، وذلك لأنَّ تسجيل الهدف هوذاته التهديف، أمَّا المصدر الذي اتى للتأكيد وإزالة المجاز فيُسَمَّى المُؤَكِّد لغيره، وذلك لأنَّه اتى مُؤَكِّداً على المضمون الأصلي لجملة لا تُشابهه في المعنى وتحمل معنى مغاير عن معناه، وفي الوقت ذاته نافياً أيَّ معنى مجازي قد يُفهم من الجملة، كأن يظنُّ المُخاطب حتى القائل: «هَذِهِ قَصِيدَتِي» قد نطقها حُبّاً فيها وتفضيلاً لها عن غيرها. ويُستعمل في هذا السياق، أي لدفع المجاز، مصادر أخرى غير «حَقّاً»، ومن هذه المصادر: «بَتَّةً»، «البَتَّة»، «بَتَاتاً»، «بَتّاً»، «قَطعاً»، «جِدّاً»..
تقسيم
المفعول المطلق قسمان مبهم ومؤقت.
المبهم
المبهم هوما لا نزيد دلالته على دلالة العمل أي حتى مدلوله مدلول الحدث بلا زيادة شيء عليه من وصف أوعدد. سمي مبهما لعدم تبين نوع أوعدد وهولا محالةقد يكون لتوكيد عامله، نحوضربت ضربا، ولا يثنى ولا يجمع لدلالته على الماهية من حيث هي هي.
المؤقت
المؤقت، ويسمى المحدود أيضا، هوما يزيد معناه على معنى عامله، سواء كان للنوع وهوالمصدر الموصوف (سواء كان الوصف معلوما من الوضع نحورجع القهقرى أومن الصفة مع ثبوت الموصوف نحوجلست جلوسا حسنا أومع حذفه نحوعملت صالحا أي عملا صالحا)، أومن كونه صريحا منبئا كونه بمعنى المصدر لفظه نحوضربته أنواعا من الضرب أوالإضافة نحوضربت أشد الضرب، أومن كونه مثنى أومجموعا لبيان اختلاف الأنواع نحوضريبته ضربتين أي مختلفتين، أومن كونه معهدا بلام العهد نحوضربته الضرب عند الإشارة إلى ضرب معهود، أوكان للعدد في المرة وهوالذي يشير على عدد المرات معينا كان العدد أولا؛ سواء كان العدد معلوما من الوضع نحوضربت ضربة أومن الصفة نحوضرب ضربا كثيرا أومن العدد الصريح المميز بالمصدر نحوضربته ثلاث ضربات أوغير المميز به نحوضربتها ألفا أومن الآلة الموضوعة موضع المصدر نحوضربته سوطا وسوطين وأسواطا؛ فإن تثنية الآلة وجمعها لأجل تثنية المصدر وجمعه وقيامهما مقامه، فيكون الأصل فيه ضربت ضربة بسوط وضربتين بسوطين وضربات بأسواط.
أنواع المفعول المطلق
يأتي المفعول المطلق على ثلاثة أنواع. فهوإمَّاقد يكون مصدراً مؤكِّداً لمعنى العمل، مثل: «كَسَّرتُ الزُّجَاجَ تَكسِيراً»، وقد يحدث المفعول المطلق مصدراً مُبيِّناً للنوع، مثل: «حَلِمتُ حُلماً جَمِيلاً»، ويأتي المفعول المطلق كذلك مصدراً مُبيِّناً للعدد، مثل: «رَمَيتُ رَميَةً» أو«رَمَيتُ رَميَتَينِ». وتُسَمَّى المصادر المُؤَكِّدة للعمل مصادر مُبهَمة، أمَّا المصادر المُبيِّنة للنوع أوتلك المُبيِّنة للعدد فتُعهد بالمصادر المُختَصَّة أوالمُبَيِّنة، بسبب الاتصاف الزائد الذي تختصُّ به.
تختلف أحكام المفعول المطلق باختلاف أنواعه، فنجد أنَّ المفعول المُطلق المُؤَكِّد لا يجوز تقدُّمَه على عامله، فلا يُنطق: «اِستِغفَاراً اِستَغفَرتُ»، بينما يجوز هذا الأمر في المفعول المطلق المُبَيِّن، فيجوز القول: «اِستِغفَارَ الزَاهِدِينَ اِستَغفَرتُ» أو«ضَربَتَينِ ضَرَبتُ الجِدَارَ». أمَّا إذا كان المفعول المطلق من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام، فيَجِب عندها تقديمه على عامله ولا يجوز تأخُّره، مهما كان النَّوع الذي صُنِّف إليه. ويمتنع تثنية أوجمع المفعول المطلق المُؤَكِّد، لأنَّه يُذكَر في الجملة على نِيَّة تكرار العمل والعمل لا يُثنَّى ولا يُجمَع، وفي اللقاء تجوز التثنية والجمع في المفعول المطلق المُبَيِّن بنَوعَيه، فيُنطق: «». ولا يجوز حذف العامل في المفعول المطلق إذا كان مُؤَكِّداً، بينما يجوز هذا الأمر في المفعول المطلق المُبَيِّن مع وجود قرينة لفظية أومعنوية تدلُّ عليه.
المصدر المؤَكِّد
المصدر المؤكِّد هوما يأتي من مضمون العمل دالّاً على الحدث الذي يدلُّ عليه العمل، مثل: «كَسَّرتُ الزُّجَاجَ تَكسِيراً»، بدون دخول أي زيادة عليه فلا يلحقه ما يبُّن عدده أوما يَصِفه، وهوكذلك لا يُمَثِّل أيَّ إضافة جديدة في فائدة الجملة سِوى أنَّه يقوم بمُجَرَّدِ التأكيد على معنى ما قبله. ويُذكر المفعول المطلق المُؤَكِّد بمنزلة تكرير العمل. والمصدر المؤكِّد له أحكاماً عديدة يتمَيَّز بها عن غيره من الأنواع، فهولا يُثَنًّى ولا يُجمع ولا يؤتَى به متعدِّداً، وفي جميع الأحوال لاقد يكون سوى لفظاً واحداً دالّاً على الإفراد، وذلك لأنَّ المصدر المؤَكِّد يأتي دالّاً على الجَوهر الذي يجمع ما بين القليل والكثير، وهولا يدلُّ على الكمِّية وإنَّما يدلُّ على الماهية.
غالباً ما يذكرُ النُّحاة أنَّ المصدر المؤَكِّد يأتي لتأكيد العمل، غير أنَّ رضي الدين الاستراباذي وغيره مضىوا إلى أنَّه يؤَكِّد المصدر الذي اُشتُقَّ العمل منه وليس العمل، وذلك لأنَّ تأكيد العمل يقتضي تأكيد دلالته على الحدث والزَّمان كليهما، بينما المصدر في أسلوب المفعول المطلق يأتي مُؤَكِّداً على الحدث المُجرَّد من الزمان، ولهذا فهويؤكِّد مصدر العمل وليس العمل.
المصدر المُبَيِّن للنَّوع أوالعدد
وقد يحدث المفعول المطلق مصدراً مُبيِّناً للنوع، مثل: «حَلِمتُ حُلماً جَمِيلاً»، والتَبيين في المفعول المطلق المُبَيِّن للنَّوع قد يحدث بالنَّعت، كما هوالحال في المثال السابق، وقد يحدث بالإضافة، مثل: «قُلتُ قَولَ حَقٍّ»، وقد يحدث بإقران المصدر بأل العهديَّة، مثل: «مَشَيتُ المَشيَ». ويجوز تثنية أوجمع المصدر المُبَيِّن للنَّوع على رأي جمهور النُّحاة، فيمكن القول: «قُلتُ قَولَي حَقٍّ» أو«قُلتُ أَقوَالَ حَقٍّ». ويأتي المفعول المطلق كذلك مصدراً مُبيِّناً للعدد، مثل: «ضَرَبتُكَ ضَربَةً» أو«ضَرَبتُكَ ضَربَتَينِ»، ويُذكَر هذا النَّوع من المفعول المطلق لبيان عدد مرَّات وقوع العمل، وقد يحدث هذا العدد معلُوماً، كالمثال السابق، وقد يحدث كذلك مُبهماً، مثل: «ضَرَبتُكَ ضَرَبَاتٍ»، بدون تحديد عدد الضربات. ويكون العدد معلوماً عند تثنية وإفراد المصدر ويكون غير معروفاً عند الجمع. وفي جملة مثل: «رَمَيتُ الكُرَةَ مَرَّتَينِ» يجعل بعض النحاة «مَرَّتَينِ» مفعول مطلق، فيجيزون في هذا النَّوع ألَّاقد يكون المفعول المطلق مصدر مُشتَق من العمل.
ينكِر يوسف الصيداوي مجيء المفعول المطلق مُبَيِّناً للعدد، ويرى أنَّ ما يُسَمُّونه النُّحاة تبيين للعدد هوإفراد وتثنية وجمع، وينكرُ أيضاً مجيئه مُبَيِّنا للنَّوع، وحجَّته في هذا أنَّ تبيين النَّوع بالإضافة أوالنَّعت سقط على المصدر وليس العمل، وبحذف المُضاف إليه والصِّفة يصير المصدر مُؤَكِّداً.
المصدر النائب عن عمله
راجع: حذف عامل المفعول المطلق
يضيف كثير من النُّحاة نوعاً آخراً إلى الصور الثلاثة المذكورة، وهي المصدر عندما يأتي نائباً عن عمله مستغنياً عنه، فيُعرب مفعولاً مُطلقاً لعمل محذوف وجوباً، مثل: «صَبراً جَمِيلاً»، وفي العادة يضمُّ النُّحاة المصادر على هذه الصورة إلى أحد الأنواع الثلاثة المذكورة سابقاً، بأخذ الاعتبار أنَّها اتىت مُؤَكِّدةً أومُبَيِّنة لعمل من نفس مادَّة المصدر ولكنَّه ليس ظاهراً، وبعد إظهاره يصير المصدر مؤَكِّداً أومُبَيِّناً: «اصبِر صَبراً جَمِيلاً». ويستدلُّ النُّحاة القائلون بالفصل بين الاثنين على صحَّة ممضىهم بالإشارة إلى أنَّ المصدر المؤكَّد يظهر في الجملة لتأكيد العمل، بينما المصدر النائب عن عمله لا يمكن حتى يؤكِّد عمله لأنَّ عمله محذوف على الدوام، فلا يمكن حذف عمل المصدر المُؤَكِّد كما لا يمكن للمصدر حتى يُؤَكِّد عمل محذوف. ومِمَّن أخذ بهذا الرأي من النُّحاة المعاصرين: سعيد الأفغاني، عبد السلام هارون،
ويدخل ضمن هذا النَّوع تعابير شائعة مأثورة انتشرت كذلك في اللغة العربية المعاصرة، وفي جميعها يُحذف العمل العامل في المفعول المطلق، ومن هذه التعابير: حَسَناً، عَفواً، شُكراً، مَعذِرَةً، مَرحَباً، أَيضاً، فِعلاً، سُحقاً، تَبّاً، بُعداً، قَسَماً، أهلاً وسَهلاً، حَقّاً، قَطعاً، هَنِيئاً، جِدّاً، خُصُوصاً، تَحِيَّةً طَيَّبَةً. وهناك جزء من هذه المصادر تُلازم النَّصب على المفعولية المُطلقة ولا تتخذ مسقطاً إعرابياً آخراً، والمصادر على هذه الشاكلة تُسَمَّى مصادر غير متصرِّفة، وهي مصادر سماعية عددها قليل، ومن مثلها: «سُبحَانَ اللَّهِ»، «مَعَاذَ اللَّهِ»، «دَوَالَيكَ». وهناك مصادر غير متصرِّفة تتميَّز عن غيرها بأنَّها لم تُشتَق من أفعال، بمعنى أنَّها مصادر بدون أي أفعال، ومن مثل هذه المصادر: «وَيل»، «وَيب»، «وَيح»، «وَيس»، «بَلهاً»، «دَفراً».
التعريف والتنكير
من ناحية التعريف والتنكير يأتي المفعول المطلق على ثلاثة صور، فهوقد يكون اسماً مُعرَّفاً بأل التعريف، مثل: «دَمَّرتُ الجِدَارَ التَدمِيرَ»، ويأتي كذلك مُعرَّفاً بالإضافة، مثل: «رَكَضتُ رُكُوضَ العَدَّائِين»، ويُذكر أيضاً مُنَكَّراً مُجَرّداً من أل التعريف أوالإضافة، مثل: «اِنتَبَهتُ لِلدَّرسِ اِنتِبَاهاً».
صور المفعول المطلق
لا يأتي المفعول المطلق سوى مصدراً مُشتقّاً من حروف العمل. والمفعول المطلق المُؤَكِّد للعمل لاقد يكون إلَّا مفرداً، فلا يُنطق سوى: «لَكَمتُ لَكماً» على نِيَّة التأكيد وتكرار العمل، أمَّا المفعول المطلق المُبَيِّن للعدد فيُمكن تثنيته أوجمعه، فيُنطق: «لَكَمتُ لَكمةً واحِدَة» أو«لَكَمتُ لَكمَتَينِ» أو«لَكَمتُ لَكَمَاتٍ»، وكذلك يُثَنَّى ويُجمَع المفعول المطلق المُبَيِّن للنَّوع، فيُنطق: «لَكَمتُ لَكمَتَي الاِنتِصَارِ» أو«لَكَمتُ لَكمَتَاتِ الاِنتِصَارِ». وهنَاك أربعة أنواع من المصادر تُنصَب على المفعولية المطلقة، فالمصدر في المفعول المطلق إمَّاقد يكون مصدراً أصليّاً، مثل: «فَحَصتُهُ فَحصاً»، وإمَّاقد يكون مصدراً ميميّاً، مثل: «كَاتَبتُهُ مُكَاتَبَةً»، وإِمَّاقد يكون مصدر المرَّة، مثل: «ضَرَبتُ ضَربَةً»، وإِمَّاقد يكون مصدر الهَيئَة، مثل: «عِشتُ عِيشَةً جَمِيلَةً». والنَّوع الأوَّل هوالأكثر استعمالاً، ويدلُّ على حدوث العمل المجرَّد، وهوالعمل ذاته المُشتَقّ منه. والنَّوع الثانِي يُبدأ بِميمٍ زائدة، ولا يختلف كثِيراً في الدَّلالة عن النَّوع الأوَّل سوى أنَّه يدلُّ على التَكثِير. والنَّوع الثالث يدلُّ على الحدث الذي يحصل مرَّةً واحدةً فقط في زمن وقوع العمل. أمَّا النَّوع الرابع فيُذكر للدلالة على الهَيئَة وقتَ وقوع العمل.
والمفعول المطلق لا يأتي اسم مصدر على الإطلاق، فلا يُنصَب على المفعولية المطلقة سوى المصادر المُشتَقَّة اِشتِقَاقاً قياسيّاً ومُباشراً من العمل، أمَّا أسماء المصادر المنصوبة في جمل من مثل: «أَعطَيتُ عَطَاءً» أو«اِغتَسَلتُ غَسلاً» فلا تُعربُ مفعول مُطلق، وإنَّما تُعرب نائب عن المفعول المطلق، لأَنَّ المصدر المُشتَق من العمل «أَعطَى» هو «إِعطَاء» وليس «عَطاء»، ولا يؤَكَّد العمل إلَّا بمصدره لأنَّ التأكيد يأتي على نيَّة تكرار العمل، وبناءً على هذا عُدَّ اسم المصدر المؤَكِّد لمعنى عمل أوالمبيِّن للنَّوع أوالعدد نائب عن المفعول المطلق، وبالمثل فإنَّ مصدر العمل «اِغتَسَلَ» هو«اِغتِسَال» وليس «غَسل» المستعمل في المثال. ويَخرُج من المفعول المطلق الخبر الذي يُؤتَى به من نفس مادَّة المبتدأ، مثل: «غِنَائُكَ غِنَاءٌ جَمِيل»، فحتَّى وإن اشتمل الخبر على بعض أغراض المفعول المطلق وشاركه في بعض النواحِ، فهويظلُّ مرفوعاً على الخبرية ولا يُعَدُّ مفعولاً مطلقاً. ويخرجُ الحال كذلك عن المفعول المطلق، فإذا قيل: «تَبَسَّمَ فَرِحاً» فإنَّ اسم الفاعل «فَرِحاً» منصوب على الحالية وليس المفعولية المطلقة.
مضى بعض النُّحاة، أشهرهم ابن الحاجب وغيره، إلى أنَّ المفعول المطلق قد يجيء جملة محكيَّة بالقول، مثل: «قَالَ مُحَمَّدٌ: عَمرُوآتٍ»، بنصب الجملة المحكيَّة بالقول «عَمرُوآتٍ» محلّاً على المفعولية المُطلقة، لأنَّ هذه الجملة تؤول بالمصدر المُشتق من العمل «قَالَ»: «قَالَ مُحَمَّدٌ:قَولاً» حيث القول هو«عَمرُوآتٍ».
النائب عن المفعول المطلق
أحياناً ينوب عن المصدر المنصوب على أنَّه مفعول مطلق لفظٌ آخر ليس مُشَتقّاً من لفظ العمل، وقد لاقد يكون حتَّى مصدراً، ويؤدِّي نفس الوظيفة المعنوية والدلالية التي يقوم بها المفعول المطلق، ويأخذ حُكمه في الإعراب، ويُسَمَّى هذا اللفظ حينها النائب عن المفعول المطلق ويُسَمَّى أحياناً النائب عن المصدر. ويَنُوب عن المفعول المطلق ما يدلُّ عليه، ويحدث ذلك في المواضع التي لا يستطيع فيها المصدر القيام بالمعنى المطلوب، فينوب عنه ما يُشاركه في الدلالة. وينُوب عن المفعول المطلق ما يأتِي:
- يَنُوبُ عنه ما يُحَدِّد درجة توكيد العمل. ويدخل ضمن هذا البند ألفاظ تلائمت مع الدور الذي يقُوم به المفعول المطلق فأخذت مسقطه في الإعراب، ومن هذه الألفاظ: «كُلّ»، مثل: «أُحِبُّكَ كُلَّ الحُبِّ»، و«بَعض»، مثل: «اَشفِقُ عَلَيكَ بَعضَ الشَّفَقَةِ»، و«حَقّ»، مثل: «أَعرِفُكَ حَقَّ المَعرِفَةِ»، و«أَيَّ»، مثل: «أُقَدِّرُكَ أّيَّ تَقدِيرٍ». ويُشترط في هذه الألفاظ إضافتها إلى مصدر بعدها، بحيثقد يكونُ هذا المصدر مُطابِقاً المصدر المحذوف الذي أُنِيبَ عنه. وينوبُ «كُلّ» عن المفعول المطلق للدلالة على الكُلِّيَّة في التوكيد، أما «بَعض»فينوب عن المفعول المطلق للدلالة على الجُزئية أوالبعضية، بينما يرى البعض أنَّ «كُلّ» و«بَعض» لا تنوبان عن النوع المؤَكِّد من المفعول المطلق، فتقتصر دلالتها على الكُليَّة والجزئية في تبيين النوع والعدد لا في التأكيد. وتُسَمَّى «أَيَّ» المُستعملة في هذا السياق أَي الكمالية، بسبب دلالتها على الكمال المطلق، وهي تطابق ما تدلُّ على كماله من ناحية التذكير والتأنيث، فيُنطق: «أَكرَهُكَ أَيَّةَ كَرَاهِيَّةٍ» بدخول تاء التأنيث المربوطة على «أَيَّ». وفي بعض الأحيان تُلحَقُ ألفاظ أخرى بتلك المذكورة، ومن هذه الألفاظ المُلحَقة «يَسِيرَ» بمعنى قليل أوبعض، مثل: «كَلَّفتُهُ يَسِيرَ التَكلِيفِ»، و«جَمِيع» بمعنى كُل، مثل: «»، و«عَامَّة» بمعنى كُل، مثل: «»، و«نِصف» بمعنى بعض، مثل: «»، و«شَطر» بمعنى بعض، مثل: «». ويلغي بعض النُّحاة هذه البند، ويَضُمُّون هذه الألفاظ إلى بندٍ آخر، وهوالبند الخاص بنصب الصِّفة التي اتَّصف بها المصدر على المفعولية المطلقة بعد حذف العمل، ويرى هؤلاء أنَّ «كُلّ» و«بَعض» وغيرهما من الألفاظ السابق ذكرها هي في الأصل نعت لمصدر محذوف قبلها، فتُؤَوَّل الجمل السابقة على النَّحو: «أُحِبُّكَ حُبّاً كُلَّ الحُبِّ» و«اَشفِقُ عَلَيكَ شَفَقَةً بَعضَ الشَّفَقَةِ» و«أُقَدِّرُكَ تَقدِيراً أّيَّ تَقدِيرٍ».
- ينُوبُ عنه النعت الذي اِتَّصف به. فيُنطق: «تَدَفَّقَت المِيَاهُ كَثِيراً»، حيث «كَثِيراً» مفعول مطلق، والأصل حتىقد يكون نعتاً لمصدر قبله: «تَدَفَّقَت المِيَاهُ تَدَفُّقاً كَثِيراً». وتنوب الصِّفة عن المصدر لغرض توسيع الدلالة لتضم معانٍ أخرى محتملة، بحيث لا تكون مقتصرة على معنى العمل فقط، فقد يحدث القصد من المثال السابق «بِسُرعَةٍ كَثِيرة» أو«بِكَمِّيةٍ كَثِيرة» أو«زَمَناً كَثِيراً» أوأيّ معنى آخر محتمل، وهذا التعدُّد يُزِيد من قوَّة التعبير، من ناحية أنَّ الصفة لن تكون منطبقة على معنى واحد فقط، مثلما هوحاصل عند ذكر المصدر، بل ستتعدى ذلك لتضم أيَّ معنى يمكن حتى تستقيم به الجملة. ويحدث في بعض الأحيان حتى تُحذَف هذه الصفة ويتعلَّق بها شبه جملة من الجار والمجرور، فتُعرب شبه الجملة في محلِّ نصب نائب عن المفعول المطلق، وتُحذف الصفة فقط عندما تجيء شبه الجملة من حرف الكاف و«مَا» المصدرية بين عملين متشابهين، مثل: «أُحِبُّ الشِعرَ كَمَا أُحِبُّ الرِوَايَةَ».
- ينُوبُ عنه ما يرادفه ويُشارِكه في المعنى، مثل: «فَزِعتُ خَوفاً» أو«قُمتُ وُقُوفاً» أو«قَعَدتُ جُلُوساً». وهذه المصادر البديلة لا تطابق المصادر الأصلية المُشتَقَّة من العمل ولكنَّها تقاربها في المعنى وتشاركها الكثير. ويرى بعض النُّحاة أنَّ هذه المصادر هي في الأصل مُضاف إِليها المصادر الأصلية المُشتَقَّة مباشرة من العمل، فَلمَّا حُذِفت المصادر الأصلية ناب عنها المصادر المرادفة، فيكون تقدير الجملة السابقة على النَّحو: «قَعَدتُ قُعُودَ جُلُوسٍ».
- ينُوبُ عنه ما يُشابهه في مادَّته، مثل: «وَتَبَتَّل إِلَيهِ تَبتِيلاً» فالملاحظ أنَّ مصدر «تَبَتَّل» هو«التَبَتُّل»، أمَّا «التَبتِيل» المنصوب في المثال فهومصدر العمل «بَتَّلَ» على صيغة «فَعَّلَ»، والمصدران مختلفان جزئياً في الجذر اللغوي من ناحية الصيغة والتصريف ولكنَّهما يتشاركان الكثير في المعنى ويتشابهان إلى حدٍّ كبير في اللَّفظ، وهذا الترادف بينهما والتشابه في الجذر اللغوي هوما سَمَح لأحدهما حتى ينوب عن الآخر. وإنابة مصدر عن مصدر آخر يُشابهه في مادَّته فيه توسُّع في المعنى، فيكتسب المصدر المُناب معنى المصدر المُناب عنه من العمل والمفعولية المطلقة، وذلك إلى جانب دلالته الأصلية التي تظل قائمة. ويدخل أيضاً ضمن هذا البند اسم المصدر، حيث يمكن لاسم المصدر حتى ينوب عن المصدر الذي يشاركه في المادَّة، مثل: «تَوَضَّئتُ وُضُوءاً»، و«وُضُوءاً» في المثال السابق هواسم مصدر من العمل «تَوَضَّأَ»، بينما المصدر منه هو«تَوَضُّؤ». والفرق بين المثالين السابقين هوأنَّ المصدر «التَبتِيل» في المثال الأوَّل ليس مُشتقاً من العمل ولكنَّه شاركه جزئياً في مادَّته ومعناه، أمَّا اسم المصدر «وُضُوءاً» في المثال الثاني فهومُشتقٌّ بالكامل من العمل ولكنَّه لم يُشتَق اِشتِقَاقاً قياسيّاً وقد نقصت حروفه الأصلية عن حروف العمل. وهناك من النُّحاة من يضع اسم المصدر في بند منفصل خاص به، ويجعل الاشتراك في الجذر اللغوي كموضع للإنابة عن المفعول المطلق مقتصر على المصادر فقط. ويُضاف إلى هذا البند أسماء الذات التي تُشابه المصدر في مادَّتِه، فيمكن لهذه حتى تنوب عنه، مثل: «وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِنَ الأَرضِ نَبَاتاً»، فالملاحظ أنَّ «نَبَاتاً» ليس مصدراً لعمل مُشابه ولا هواسم مصدر من العمل نفسه، ولَكِنَّه اسم ذات شابه المصدر الأصلي «إِنبَات» في مادَّته وهي «نَ بَ تَ».
- ينُوبُ عنه ما أُضِيف إليه لتبيين النَّوع. مثل: «رَجَعَ القَهقَرَى»، والأصل حتى تكون الجملة على النَّحو: «رَجَعَ رُجُوعَ القَهقَرَى». ومن مثله: «جَلَسَ القُرفُصَاءَ»، والأصل: «جَلَسَ جُلُوسَ القُرفُصَاءَ».
- ينُوبُ عنه ما ذُكِرَ لتبيين عدده، وهي أسماء تدلُّ على عدد مرات وقوع المصدر، وغالباً ما تكون أسماء أعداد، مثل: «هَدَّفتُ فِي المَرمَى أَربَعَةَ أََهدَافٍ». ومن الممكن حذف المُضاف إليه في هذا الأسلوب، لسهولة التعرُّف إليه، فيُنطق: «هَدَّفتُ فِي المَرمَى أَربَعاً». وأسماء الأعداد في هذا الأسلوب تكون إمَّا مُضافةً إلى مصدر بعدها أوتكون مُمَيَّزة بهذا المصدر.
- ينُوبُ عنه اسم الإشارة إذا تَقدَّم عليه، وغالباً ما يلحقه المصدر الذي نابَ اسم الإشارة عنه. وفي بعض الحالات يشير اسم الإشارة إلى مفعول مطلق آخر في جملة متقدِّمة، مثل: «اَحتَرِمُ الشُّجَاعَ اِحتِرَاماً، وَاَحتَرِمُكَ هّذَا الاِحتِرَامَ»، وفي بعض الأحيان يُشِير إلى المصدر الذي اتى بعده، فيُنطق: «صَمَدتُ ذَلِكَ الصُمُودَ». والأصل قبل إنابة اسم الإشارة عن المصدر حتى يُنطق: «اَحتَرِمُ الشُّجَاعَ اِحتِرَاماً، وَاَحتَرِمُكَ الاِحتِرَامَ هّذَا». ويُذكَر بعد اسم الإشارة المصدر الذي أُنِيبَ عنه، ويُعرب المصدر بدلاً من اسم الإشارة ويتبعه في الإعراب، بينما يرى البعض أنَّ المصدر يُعرب معطوفاً عطف البيان. ولا يُشتَرَط حتى يلحق اسم الإشارة مصدراً، فقد يُنطق: «تَعَلَّمتُ هَذَا»، جواباً لمن يسأل: «هَل تَعَلَّمتَ عِلماً نَافِعاً؟»، وعندها يُنصب اسم الإشارة محلاً على المفعولية المطلقة.
- ينُوبُ عنه اسم الآلة المشارك له في الجذر اللغوي، مثل: «طَرَقتُهُ مِطرَقَةً». ومن النُّحاة من يُؤَوِّل الجملة السابقة على النَّحو: «طَرَقتُهُ طَرقَ مِطرَقَةٍ». ويُشترط في اسم الآلة حتى تكون الآلة مُرتَبِطَةً بالعمل وليس فقط مُشاركةً إيَّاه في الجذر اللَّغوي، فأسماء الآلات التي اندثرت ولم تعد تُستَعمل واستُبدِلَت – لَغوياً وفي الواقع - بآلات أخرى، لا يصحُّ إنابتها عن المفعول المطلق. وهناك فريق من النُّحاة يُجِيز ألَّا تشهجر اسم الآلة مع العمل في المادّة، فيجُوز وفقاً لما مضىوا إليه حتى يُنطق: «قَطَّعَ النَّجَّارُ الخَشَبَةَ مِنشَاراً»، والملاحظ أنَّ اسم الآلة «مِنشَاراً» لا يُشارك العمل في شيء من جذره اللغوي.
- يَنُوبُ عنه ما يدلُّ على هيئته، وذلك من ألفاظ على النَّحو: «وَثَبَ وَثبَةَ الأَسَدِ».
- يَنُوبُ عنه ما يدِلُّ على زمنه، مثل: «أَلَم تَغتَمِض عَينَاكَ لَيلَةَ أَرمَدَا».
- ينُوبُ عنه الضمير المتَّصل المنصوب العائد على مفعول مطلق آخر، بشرط حتىقد يكون العملان العاملان في كليهما متشابِهَين، مثل: «أُحِبُّ أَخِي حُبّاً، لَا أُحبُّهُ أَحَداً سِوَاهُ»، حيث الضمير المتصل بالعمل « أُحبُّ» في محلِّ نصب نائب عن المفعول المطلق، والتقدير: «أُحِبُّ أَخِي حُبّاً، لَا أُحبُّ الحُبَّ - ذلك - أَحَداً سِوَاهُ».
- تَنُوبُ عنه «أَيّ» الاستفهاميَّة، مثل: «أَيَّ اِمتِحَانٍ اِمتَحَنتَ؟»، وتَنُوبُ عنه كذلك «مَا» الاستفهاميَّة، مثل: «مَا حَفِظتَ الأَمَانَةَ!؟»، وذلك على التقدير: «أَيَّ حِفظٍ حَفِظتَ الأَمَانَةَ!؟». حيث «أَيَّ» و«مَا» في المثالين السابقين نائب عن المفعول المطلق منصوب بالفتحة الظاهرة في «أَيَّ» والمُقَدَّرة في «مَا». ويُشتَرط في «أَيّ» و«مَا» لكَي تنوبا عن المفعول المطلق حتى تكونا دالَّتين على الحدث.
- تنُوبُ عنه أدوات الشرط «أَيّ»، مثل: «أَيَّ قَولٍ تَقُل، أَقُل»، و«مَا»، مثل: «مَا تَكتُب، أَكتُب»، و«مَهمَا»، مثل: «مَهمَا تَنتَظِر، أَنتَظِر». وقد تنوب «أَيّ» عن المفعول المطلق في غير الجمل الاستفهامية أوالشرطية، مثل: «اِمتَحَنتُ أَيَّ اِمتِحَانٍ». ويُشترط في هذه الأدوات جميعها أنت تكون دالَّة على الحدث.
ينوب عن المصدر المؤكِّد أمران فقط من تلك المذكورة أعلاه، وينوب عنه مرادفه وما يشاركه في مادَّته، أمَّا البقيَّة فتنطبق على المصدر المُبَيِّن. ويَنُوب الكثير عن المصدر المُبَيِّن اللنَّوع، وقد أحصى الأشموني أربعة عشر لفظاً يمكن إنابته عنه، ويندرج تحت هذا النَّوع ما ينوب عن المفعول المطلق من الأفاظ التي تُحَدِّد درجة توكيد العمل وصفته وما يدلُّ على هيئته أوعدده ومرادفه واسم الآلة والضمير العائد عليه واسم الإشارة وغيرها.
لا يقبل عدد من النُّحاة المعاصرين المجدِّدين التفريق الذي وضعه التقليديون بين المفعول المطلق وما يُعهد بالنائب عن المفعول المطلق، ويمضىون إلى أنَّ نائب المفعول المطلق هوبالعمل مفعول مطلق ولا يختلف عنه في شيء، ولا يرون ضرورة في حصر مجيء المفعول المطلق مصدر مُشتق من العمل فقط، ويسمحون مجيئه في المواضع السابقة سواء كان مصدراً أولم يكن. وقد أجاز مجمَّع اللغة العربية في القاهرة هذا الأمر في أحد قراراته، وضمَّ المواضع السابقة إلى المفعول المطلق، وانتهت اللجنة إلى التعريف الآتي: «المفعول المطلق: اسم منصوب يُؤَكِّد عامله، أويصفه، أويدلُّ عليه نوعاً من الدَّلالة، كقولك: سار سَيراً، وصَبَر أجمل الصَّبرِ، وضَرَبتهُ سَوطاً».
تنبيه
ثمة مصادر لا تستعمل إلا مفعولاتٍ مطلقة مثل:
- سبحان الله: (تأويله أسبح الله تسبيحاً)
- معاذ الله: (أعوذ بالله معاذاً)
- لبيك: (ألبيك تلبية بعد تلبية أي ألبيك كثيراً) وهومفعول مطلق منصوب بالياء لأنه مثنى
- سعديك: (أسعدتك إسعاداً بعد إسعاد) والمعنى " حدثا دعوتني أجبتك وأسعدتك "
- حنانيك: (استرحمك وأطلب حناناً بعد حنان)
- دَواليك: ينطق: إلى غير ذلك دواليك أي (مداولة بعد مداولة)
- حذَاريك: أي ليكن منك حذر بعد حذر
وقد وردت الفاظ منصوبة على أنها مفعولات مطلقة قد حذف عملها مثل:
- حجاً مبروراً: أي (حججت حجاً مبروراً)
- مواعيد عرقوب: أي (وعدتَ مواعيد عرقوب)
وهناك الكثير مثل: (مهلاً، قدوماً مباركاً، سقياً لك ورعياً، تعساً للخائن، بعداً للظالم، حباً وكرامة، شكراً، سمعاً وطاعة، سلاماً وتحية، راتىً)
ملاحظات
[[#ref_ملاحظة:2{{{3 |^]] : هذه المصادر في العادة لها إعرابان، فهي إمَّا تكون منصوبة على المفعولية المطلقة، فيُنطق: «وَيلاً لِلكَاذِبِين»، وإمَّا تكون مرفوعةً على الابتداء، فيُنطق:«وَيلٌ لِلكَاذِبِين». غير أنَّها إذا أُضِيفَت إلى لفظٍ آخر مُنِعَ حملها ووجب نصبها على المفعولية المطلقة، فلا ينطق سوى: «وَيحَكَ»، ولا يجوز حتى يُنطق: «وَيحُكَ». والعلَّة في جواز حملها هوضعف العامل في نصبها، لأنَّ العامل فيها عند النَّصب هوعمل مُقدَّرٌ بالكتمل وليس عملاً حقيقياً، ولا يجوز حمل هذه المصادر عند إضافتها لأنَّها ستكون حينها مبتدأ بغير خبر. وتقدير أفعال لهذه المصادرقد يكونُ ذهنيّاً، كما سبق، ولكن قد يُؤتَى بأفعال مماثلة لتقريب المعنى، فيُقَال في تقدير عمل للمصدر «بَلَهاً»: «اُترُكْ بَلَهاً»، لأنَّ المصدر «بَلَه» يأتي بمعنى المصدر «تَرك». ويُشترط في «بَلَهاً» حتى تكون مُضافة، فإن لم تكن مُضافة واتى ما بعدها منصوباً تُعتَبرُ حينها اسم عمل، أمَّا إذا كان ما بعدها مرفوعاً فتُعامَل كاسم استفهام وتُعرب خبراً مُقدَّماً.
[[#ref_ملاحظة:3{{{3 |^]] : هذه المصادر ليست للتَثنية، وإنَّما الغرض منها هوالتكثير من معناها، فإذا قيل: «حَنَانَيكَ» فإنَّ القصد هو«تَحَنُّناً بَعدَ تَحَنُّن»، وإذا قيل: «لَبَّيكَ» فالقصد هو«أُجِيبُكَ إجَابَةً بَعدَ إِجَابَة»، وإذا قيل: «سَعدَيكَ» فالقصد هو«إِسعَاداً بَعدَ إِسعَاداً»، وإذا قيل: «دَوَالَيكَ» فالقصد هو«مُدَاوَلَةً بَعدَ مُدَاوَلَة»، وإذا قيل: «حَذَارَيكَ» فالقصد هو«اِحذَر حَذَراً بَعدَ حَذَر».
[[#ref_ملاحظة:3{{{3 |^]] : يرفض بعض النُّحاة هذا الأمر، من منطلق أنَّ هناك اختلاف بين التعبيرين: «ذَهَبَ زَيدٌ ذَهَبَ» و«ذَهَبَ زَيدٌ ذَهَاباً»، فالأوَّل يؤَكِّد العمل من ناحية الحدث والزمن، أمَّا الآخر فهويؤَكِّد الحدث المُجَرَّد المفهوم من العمل الخالي من أيِّ ارتباط بزمنٍ مُعيَّن. ويُردُّ هذا الأمر أيضاً لاختلاف في الأغراض المعنوية التي يُستَعمل لأجلها التعبيران السابقان، فالتوكيد اللفظي للعمل يُذكَر لتأكِيدِ عمل بعينِهِ ولدفع الالتباس بينه وبين عملٍ آخر، أويُذكَر حُرصاً على حتى يسمع المُخاطَب هذا العمل لأهميَّتِهِ مثلاً، بينما المصدر المُؤَكِّد يُذكر لتأكيد وقوع عمل ما وإزالة وهم عدم وقوعه.
انظر أيضا
- مطلق
- مفعول معه
- المفعولات
مصادر
- ^ عبد الله النقراط، ص. 84
- ^ الشريف الجرجاني. كتاب التعريفات
- ^ محمد أبوالعباس، ص. 78
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 198 (هامش:2)
- ^ محمد النادري، ص. 635-636
- ^ فاضل السامرائي، ج. 2، ص. 129
- ^ ابن هشام الأنصاري، ص. 443
- ^ يوسف الصيداوي، ص. 327 (هامش:1)
- ^ محمد عيد، ص. 429-430
- ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 127
- ^ ابن هشام الأنصاري، ص. 368-369
- ^ ابن هشام الأنصاري، ص. 439
- ^ الدروس النحوية، ص. 47
- ^ عبد السلام هارون، ص. 77
- ^ عبد السلام هارون، ص. 78
- ^ عبد السلام هارون، ص. 78-79
- ^ يوسف الصيداوي، ص. 328
- ^ جرجي عطية، ص. 259
- ^ جرجي عطية، ص. 261
- ^ يوسف الصيداوي، ص. 333
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 199 (هامش:2)
- ^ محمد النادري، ص. 635
- ^ سعيد الأفغاني، ص. 224
- ^ جرجي عطية، ص. 260
- ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 126
- ^ محمد النادري، ص. 639
- ^ عبد الله النقراط، ص. 85
- ^ سعيد الأفغاني، ص. 226
- ^ عبد السلام هارون، ص. 75
- ^ محمد عيد، ص. 433
- ^ محمد النادري، ص. 639 (هامش:2)
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 200
- ^ سعيد الأفغاني، ص. 226 (هامش:1)
- ^ محمد أبوالعباس، ص. 82
- ^ محمد عيد، ص. 434
- ^ جرجي عطية، ص. 261-262
- ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 128
- ^ محمد النادري، ص. 640-641
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 201
- ^ سعيد الأفغاني، ص. 227
- ^ يوسف الصيداوي، ص. 331
- ^ سعيد الأفغاني، ص. 288
- ^ محمد النادري، ص. 641
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 201 (هامش:1)
- ^ جرجي عطية، ص. 262
- ^ سعيد الأفغاني، ص. 228
- ^ محمد النادري، ص. 640
- ^ سعيد الأفغاني، ص. 225
- ^ محمد أبوالعباس، ص. 79
- ^ محمد عيد، ص. 430
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 197
- ^ فاضل السامرائي، ج. 2، ص. 130
- ^ محمد عيد، ص. 430-431
- ^ عبد الهادي الفضلي، ص. 125
- ^ النحوالأساسي، ص. 448
- ^ يوسف الصيداوي، ص. 960-962
- ^ عبد السلام هارون، ص. 11
- ^ النحوالأساسي، ص. 451
- ^ الدروس النحوية، ص. 132
- ^ سليمان الفياض، ص. 125
- ^ يوسف الصيداوي، ص. 329
- ^ فؤاد نعمة، ص. 70-71
- ^ محمد عيد، ص. 428-429
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 198 (هامش:1)
- ^ سليمان الفياض، ص. 124
- ^ محمد أبوالعباس، ص. 80
- ^ فؤاد نعمة، ص. 69
- ^ الدروس النحوية، ص. 243-244
- ^ عبد الله النقراط، ص. 84-85
- ^ القواعد الأساسية في النحووالصرف، ص. 94-95
- ^ جرجي عطية، ص. 259-260
- ^ القواعد الأساسية في النحووالصرف، ص. 95
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 199 (هامش:1)
- ^ محمد النادري، ص. 637
- ^ محمد أبوالعباس، ص. 80-81
- ^ شوقي المعري، ص. 144-145
- ^ سعيد الأفغاني، ص. 225 (هامش:1)
- ^ سعيد الأفغاني، ص. 327
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 198
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 197 (هامش:1)
- ^ محمد أبوالعباس، ص. 81
- ^ محمد عيد، ص. 432
- ^ النحوالأساسي، ص. 449
- ^ يوسف الصيداوي، ص. 327
- ^ القواعد الأساسية في النحووالصرف، ص. 94
- ^ أحمد الهاشمي، ص. 199
- ^ محمد النادري، ص. 638
- ^ فاضل السامرائي، ج. 2، ص. 75
- ^ محمد أبوالعباس، ص. 83
- ^ محمد النادري، ص. 639 (هامش:1)
- ^ عبد السلام هارون، ص. 76 (هامش:1)
- ^ فاضل السامرائي، ج. 2، ص. 130-131
- كشاف اصطلاحات الفنون