الشعوب الهندو-آرية

عودة للموسوعة

الشعوب الهندو-آرية

الشعوب الهندية الآرية
Indo-Aryan peoples
التوزيع الجغرافي للغات الهندية الآرية الرئيسية.
المناطق ذات التجمعات المعتبرة
 الهند أكثر من 856 مليون
 پاكستان أكثر من 164 مليون
 بنگلادش أكثر من 150 مليون
 نيپال أكثر من 26 مليون
 سريلانكا أكثر من 14 مليون
 المالديڤ أكثر من 300.000
Languages
اللغات الهندية الآرية
Religion
ديانات الهند (معظمهم من الهندوس؛ بالإضافة غلى السيخ، وأقليات بوذية جيانية) والإسلام، بعضهمم بلا ديانة )ملحدون) وهناك مسيحيون
Related ethnic groups
شعوب هندية أخرى • بنگلادشيون • سريلانكيون • نيپاليون • مالديڤيون • پاكستانيون • دراڤيديانيون  • اوروپيون • الغجر • إيرانيون • نوريستانيون • الدارد • الدوم • اللوم • هنود إيرانيون

الهنود الآريون Indo-Aryan أوالهنود هم جماعة تتحدث اللغات الهندية الاوروپية ويمثلون مجموعة واسعة من الشعوب المتحدة كمتحدثون أصليون بالفرع الهندي الآري من اللغات الهندية الاوروپية، هي أحد فروع اللغات الهندية الآرية. اليوم، هناك أكثر من مليون متحدث باللغات الهندية الآرية، معظمهم من جنوب آسيا حيث يشكلون الأغلبية هناك.


التاريخ

السكان الأصليون - الغزاة - المجتمع القروي - نظام الطبقات -المحاربون - الكهنة - التجار - الصناع - المنبوذون


على الرغم مما تدل عليه آثار السند وميسور من اتصال في تسلسل التاريخ، فإنا نشعر بأن بين ازدهار "موهنجو- دارو" وبين دخول الآريين، فجوة في فهمنا، أومن الممكن كان الأقرب إلى الصواب هوحتى فهمنا بالماضي فجوة شاءتها المصادفة في جهلنا، وتشتمل آثار السند على خاتم عجيب يتألف من رأسين من رؤوس الثعابين، وهوالرمز المميز لأقدم سكان الهند ممن عهد التاريخ - هؤلاء هم "الناجا" الذين كانوا يعبدون الثعبان، والذين وجدهم الآريون الغزاة قابضين على المناطق الشمالية، والذين لا تزال سلالتهم متلكئة على قيد الحياة في التلال البعيدة(20)، فإذا توغلت ناحية الجنوب، وجدت الأرض التي كان يسكنها عندئذ قوم سود البشرة فطس الأنوف، ويسمون "بالدرافيديين"- ولا نفهم أصل الحدثة - وقد كانوا على شيء من المدنية حين هبط عليهم الآريون، وبحارتهم المغامرون شقوا البحار حتى بلغوا سومر وبابل، وعهدت مدائنهم كثيراً من رقة العيش وأسباب الترف(21)، فيجوز حتى الآريين قد استمدوا من هؤلاء الناس نظام الجماعة القروية وملكية الأرض والضرائب(22) ولا يزال "الدكن" إلى يومنا هذا مسكناً رئيسيأ للدرافيديين ومركزاً لعاداتهم ولغتهم وأدبهم وفنونهم.

ولم تكن غزوة الآريين لهذه القبائل المزدهرة، وفوزهم عليها، إلا حلقة من سلسلة متصلة من الغزوات كانت تقع على فترات منتظمة بين الشمال والجنوب، فينقض الشمال انقضاضاً عنيفاً على الجنوب المستقر الآمن، وقد كان ذلك مجرى من المجاري الرئيسية التي سارت فيها حوادث التاريخ، إذ أخذت المدنيات تعلوعلى سطحه وتهبط كأنها أدوار الفيضان يعلوعصراً بعد عصر، فالآريون قد هبطوا على الدرافيديين، والآخيّون والدوريّون قد هبطوا على الكريتيِّين والإيجيِّين، والجرمان قد هبطوا على الرومان، واللمبارديون قد هبطوا على الإيطاليين، والإنجليز قد هبطوا على العالم بأسره، وسيظل الشمال إلى الأبد يمد العالم بالحاكمين والمقاتلين، والجنوب يمده بالفنانين والقديسين، فالجنة إنما يرثها الجبناء.

مواضيع هندو-اوروبية

اللغات الهندو-اوروبية
الألبانية • الأرمنية • البلطيقية
الكلتية • الجرمانية • اليونانية
الهندو-إيرانية (الهندو-آرية, الإيرانية)
الإيطالية • السلاڤية  

منقرضة: الأناضولية • البلقانية القديمة (الداتشية,
الفريجية, التراقية) • الطخارية

الشعوب الهندو-اوروبية
الألبان • الأرمن
البلط • الكلت • الشعوب الجرمانية
اليونان • الهندو-آريون
الإيرانيون • اللاتين • السلاڤ

تاريخياً: الأناضوليون (الحيثيون, لويون)
الكلت (الگالاتيون, الغال) • القبائل الجرمانية
إليريون • الإيطال  • سرماتيون
سكوذيون  • التراقيون  • طخاريون
هندو-إيرانيون (القبائل الريگڤدية, القبائل الإيرانية) 

الهندو-اوروبية الأولية
اللغة • المجتمع • الديانة
 
فرضية الكورگان
الأناضول • أرمنيا • الهند • PCT
 
الدراسات الهندو-اوروبية


فمن هؤلاء الآريون الذين كانوا يضربون في الأرض،يا ترى؟ أما هم أنفسهم فقد استخدموا حدثة "آري" ليعنوا بها "الأشراف" (في السنسكريتية آرياً معناها شريف)، لكن من الممكن كان هذا الاشتقاق المبنى على النزعة الوطنية أحد الأفكار البَعْدِيَّة التي تُلقي شعاعاً من التهكم المر على فهم اللغات ، ومن المرجح جداً حتىقد يكونوا قد اتىوا من تلك المنطقة القزوينية التي كان بنوأعمامهم من الفرس يسمونها "إيريانا فيجو" ومعناها "الوطن الآري" ، وفي نفس الوقت تقريباً الذي كان الكاسيّون الآريون يكتسحون فيه بابل، كان الآريون الصوت والصورةن قد أخذوا يدخلون الهند.

وكان هؤلاء الآريون أقرب إلى المهاجرين منهم إلى الفاتحين، شأنهم في ذلك شأن الجرمان في غزوهم لإيطاليا، لكنهم اتىوا ومعهم أجسام قوية، وشهيّة عارمة للطعام والشراب، ووحشية لا تتردد في الهجوم، ومهارة وشجاعة في الحروب، سرعان ما أدت بهم هذه الخصال كلها إلى السيادة على الهند الشمالية، وكانوا يحاربون بالقسىّ والسهام، يقودهم مقاتلون مدرعون في عربات حربية، أدواتهم في القتال هي الفؤوس إذا كانوا على مقربة من العدو، والحراب يقذفون بها إذا كانوا على مبعدة منه، وكانوا من الأخلاق البدائية على درجة لا تسمح بالنفاق، ولذلك أخضعوا الهند دون حتى يدّعوا أنهم يحملون مستواها، وكل ما في الأمر أرادوا أرضاً ومرعى لماشيتهم، ولم يحيطوا حروبهم بدعوى الشرف القومي، لكنهم قصدوا بالحرب صراحة إلى "رغبة في مزيد من الأبقار"(26) ، وجعلوا خطوة فخطوة يزحفون شرقاً على امتداد نهري السند والكنج، حتى خضعت الهندوستان كلها لسلطانهم.

ولما تحولوا من الحرب المسلحة إلى زراعة الأرض واستقرارها طفقت قبائلهم بالتدريج تأتلف لتِكوّن دويلات، جميع منها يحكمها ملك يقيده مجلس من المقاتلين، وكل قبيلة يقودها "راجا" أورئيس يحدد قوته مجلس قبلي، وكل قبيلة تتألف من جماعات قروية مستقل بعضها عن بعض استقلالاً نسبياً، ويحكم الجماعة القروية مجلس من رؤوس العائلات، ويروى عن بوذا أنه نطق في سؤاله لمن كان له بمثابة القديس يوحنا: "هل سمعت يا "أناندا" حتى الفاجيين يجتمعون عادة ليتشاوروا الأمر قبل الحسم فيه، وأنهم يرتادون الاجتماعات العامة التي تعقدها قبائلهم؟... فما دام الفاجيون يا "أناندا" يجتمعون هكذا عادة، ويرتادون الاجتماعات العامة التي تعقدها قبائلهم، فتسقط منهم ألا يصيبهم انحلال، بل يصيبهم النجاح"(27).

والآريون - كسائر الشعوب - كانت لهم قواعد الزواج في حدود العشيرة وخارج حدودها معاً، بمعنى حتى يحرم الزواج خارج حدود جنسهم، كما يحرم داخل حدود الأقرباء الأقربين، ومن هذه القواعد استمد الهندوس أميز ما يميزهم من أنظمة اجتماعية، وذلك حتى الآريين عندما رأوا أنفسهم قلة عددية بالنسبة إلى من أخضعوهم ومن يعدُّونهم أحط منهم منزلة، أيقنوا أنهم بغير تقييد التزاوج بينهم وبين هؤلاء، فسرعان ما تضيع ذاتيتهم العنصرية، بحيث لا يمضي قرن واحد أوقرنان من الزمان حتى تهضمهم الأغلبية في ثناياها وتمتصهم في جسمها امتصاصاً، وإذن فقد كان أول تقسيم للطبقات قائماً على أساس اللون لا على أساس الحالة الاجتماعية، فتفرّق الناس فريقين : فريق الأنوف الطويلة وفريق الأنوف العريضة، وبذلك ميزوا بين الآريين من جهة، و"الناجا" و"الدرافيديين" من جهة أخري، ولم تكن التفرقة عندئذ أكثر من تنظيم الزواج بحيث يحرم خارج حدود الجماعة(28) ؛ وكاد نظام الطبقات ألاقد يكون له وجود في العهد الفيدي(29) بهذه الصورة التي اتخذها فيما بعد، حيث أسرف في تقسيم الناس على أساس الوراثة وعلى أساس العنصر وعلى أساس العمل الذي يزاولونه، أما بين الآريين أنفسهم فقد كان الزواج حراً من القيود (ما عدا ذوي القربى الأقربين)، ولم تكن المنزلة الاجتماعية تورث مع الولادة.


الفترة الڤيدية

فلما انتقلت الهند الفيدية (2000 - 1000 ق.م) إلى عصر "البطولة" (1000- 500 ق.م)، أوبعبارة أخري لما انتقلت الهند من ظروف حياتها كما صوّرتها أسفار الفيدا، إلى حياة جديدة ترى وصفها في "الماها بهارتا" و"رامايانا"، أصبحت أعمال الناس مقسمة بينهم بالنسبة إلى طبقاتهم الاجتماعية، بحيث يرث الولد عمل طبقته، وتحددت الفوارق بين الطبقات في وضوح وجلاء، ففي القمة كان "الكشاتريّة" أوالمقاتلون الذين عدوها خطيئة من الخطايا حتى يموت الرجل منهم في مخدعه(30)، حتى المحافل الدينية في الأيام الأولى كان يؤديها الرؤساء أوالملوك على نحوما كان يقوم قيصر بدور كبير الكهنة، وكان البراهمة، أي الكهنة، لا يزيدون عندئذ عن مجرد شهود في الاحتفال بتقديم القرابين(31)، ففي "رامايانا" ترى رجلاً من طبقة "الكشاترية" يحتج احتجاجاً حنقاً على زواج "عروس شماء الأنف فريدة" من عنصر المقاتلين "من كاهن براهمي ثرثار"(32)، وفي الأسفار "الجانتية" ترى زعامة "الكشاترية" أمراً مسلماً به، بل يمضى الأدب البوذي إلى حد أبعد، فيسمى "البراهمة": "من أصل وضيع"(33). إلى غير ذلك ترى الأمور يصيبها التغير حتى في الهند.

لكن ما حَلَّتْ السلم محل الحرب، وبالتالي ازدادت الديانة أهمية اجتماعية وتعقداً في الطقوس، لأنها أصبحت عندئذ عوناُ إلى حد كبير للزراعة، تقيها شر الكوارث الجوية التي لا يمكن أعداد العدة لها، فقد تطلبت الديانة وسطاء فنيين بين الناس وآلهتهم؛ ولهذا ازداد البراهمة عدداً وثروة وقوة، فباعتبارهم القائمين على تربية النشء، والرواة لتاريخ أمتهم وآدابها وقوانينها، استطاعوا حتى يعيدوا خلق الماضي خلقاً جديداً، وتشكيل المستقبل على صورتهم، بحيث يصبون جميع جيل صبّاً يزيد من تقديسه للكهنة، فيبنون بهذا لطبقتهم مكانة ستمكنهم في القرون المقبلة من احتلال المنزلة العليا في المجتمع الهندوسي، وقد بدءوا بالعمل أيام بوذا يَتَحَدَّوْنَ سيادة طبقة "الكشاترية"، وعَدُّوهم طبقة أحط من طبقتهم، على نحوما كان يعدهم "الكشاترية" من قبل أدنى منهم منزلة(34)، وأحس بوذا حتى لكل من وجهتي النظر ما يؤيده، لكن "الكشاترية" مع ذلك لم تخف زعامتها الفكرية بالقياس إلى البراهمة، حتى في عهد بوذا نفسه، بل إذا الحركة البوذية نفسها، التي أسسها شريف من أشراف الكشاترية، نافست البراهمة زعامتهم الدينية على الهند مدى ألف عام.

وتحت هذه الأقليات الحاكمة طبقات في منازل أدنى، فهناك طبقة "الفيزيا" أوالتجار والأحرار، الذين كادوا قبل بوذا ألاقد يكون لهم ما يميزهم طبقة قائمة بذاتها؛ وهناك طبقة "الشودرا" أوالصناع الذين يضمون معظم السكان الأصليين، وأخيراً هناك "البارْيا" أوالمنبوذون، وقوامهم قبائل وطنية لم ترتد عن ديانتها مثل قبيلة "شاندالا"، وأسرى الحرب، ورجال تحولوا إلى عبيد على سبيل العقاب(35)، ومن هذه الفئة التي كانت بادئ أمرها جماعة صغيرة لا تنتمي إلى طبقة من الطبقات، تكونت طبقة " المنبوذين" في الهند اليوم وعددها أربعون مليوناً.

العصور الوسطى

المجتمع الآري الهندي

الرعاة - زراع الأرض - الصناع - التجار - العملة والديون - الأخلاق - الزواج - المرأة


كيف كان هؤلاء الهنود الآريون يعيشون،يا ترى؟ بالحرب والسلب أول الأمر، ثم بالرعي والزراعة والصناعة على نمط ريفي كالذي ساد أوربا في العصور الوسطى لأنه حتى قامت الثورة الصناعية التي تظللنا اليوم، لبثت حياة الإنسان الرئيسية من حيث الاقتصاد والسياسة، على صورة واحدة لا تكاد تتغير في جوهرها منذ العصر الحجري الحديث؛ فكان الآريون الهنود يربون الماشية ويستخدمون البقرة دون حتى ينزلوها من أنفسهم منزلة التقديس، ويأكلون اللحم أينما استطاعوا إليه سبيلاً، بعد حتى يهبوا جزءاً منه للكهنة أوللآلهة(36)؛ ونفهم حتى بوذا بعد حتى أوشك على الموت جوعاً بما التزمه في شبابه من تقشف، كاد يودي بحياته بعد أكلة كبيرة من لحم خنزير(37)؛ وكذلك كانوا يغرسون الشعير، لكن يظهر أنهم لمقد يكونوا يفهمون عن الأرز شيئاً في العهد الفيدي؛ وكانت الحقول تقسمها الجماعة القروية بين عائلاتها، على حتى يقوم الكل معاً بريّها، ولم يكن يجوز بيع الأرض لأجنبي عن القرية، ويمكن توريثها لأبناء الأسرة نفسها من نسل الذكور المباشر؛ وكانت الكثرة الغالبة من الناس فلاحين يملكون أرضهم التي يفلحونها، لأن الآريين كانوا يعدونه عاراً حتى يعملوا لقاء أجر يتقاضونه؛ ويؤكد لنا العالمون بحياتهم أنه لم يكن بينهم مُلاّك كبار ولا متسولون، ولم يكن بينهم أصحاب الملايين ولا المعدمون(38).

وأما في المدن فقد ازدهرت الصناعات اليدوية على أيدي صناع وناشئين في الصناعة، جميع منهم مستقل بذاته؛ ثم انتظمتم قبل ميلاد المسيح بنصف ألف من السنين، نقابات قوية لصناع المعادن، وصناع الخشب، وصناع الحجر، وصناع الجلود، وصناع العاج، وصناع السلال، وطلاة المنازل والرسامين، والخزافين والصباغين والسماكين والبحارة والصيادين وبائعي جلود الحيوان، والجزارين وبائعي الحلوى والحلاقين والدلالين والزهارين والطهاة- إذا مجرد النظر إلى هذه القائمة يبين لك كم كانت الحياة الآرية الهندية مليئة متعددة الجوانب؛ وكانت النقابات تقضي فيما ينشب بين مختلف الطوائف العمالية من أمور، بل كانت تقيم نفسها حكماً يفض النزاع بين الصناع وزوجاتهم؛ وكانت أسعار السلع تحدد-كما نعمل نحن اليوم- لا وفق قانون العرض والطلب، بل على أساس من غفلة الشاري؛ ومع ذلك فقد كان قصر الملك "مثمن" رسمي- يشبه ما لدينا الآن من مخط لتحديد الأسعار- واجباته حتى يخبر السلع المعروضة للبيع، ويملي الشروط على الصناع(39).

وتقدمت بينهم وسائل التجارة والسفر حتى بلغت فترة استخدام الجواد والعربة ذات العجلتين، لكنها كانت تعاني من الصعاب ما كانت تعانيه في القرون الوسطى؛ وكانت القوافل تستوقف للضرائب عند جميع حد يفصل دويلة عن زميلتها مهما صغرت هذه الدويلات، كما كانت تتعرض لهجمات اللصوص في الطريق عند جميع منعطف؛ وكان النقل بالنهر والبحر أكثر من ذلك رقياً؛ فكنت ترى في سنة 860 ق.م أونحوها، سفناً تدفعها أشرعة متواضعة ومئات من المجاديف، في طريقها إلى بلاد الجزيرة وشبه جزيرة العرب ومصر، تحمل إليها منتجات تتسم بطابع الهند مثل العطور والتوابل والقطن والحرير والشيلان والنسيج الموصلي واللؤلؤ والياقوت والأبنوس والأحجار الكريمة ونسيج الحرير الموشى بالفضة والمضى(40).

وكان مما وقف في سبيل التجارة أساليب التبادل العقيمة التي اصطنعها الناس في معاملاتهم- فقد كانت وسيلتهم بادئ الأمر تبادل سلعة بسلعة؛ ثم استخدموا الماشية عملة نقدية؛ حتى لقد كانت العروس تشترى بالأبقار(41)، كهؤلاء اللائي يقول عنهن هومر "عذارى يحملن أبقارا" وبعد ذلك ظهرت عملة نحاسية ثقيلة، لم يكن يضمن قيمتها إلا الأفراد بصفاتهم الشخصية؛ ولم يكن للقوم مصارف، ولذلك كان المال المخزون يُخبأ في المنازل أويدفن في الأرض أويوُدع عند صديق؛ ومن هنا تطور نظام للإيداع في عهد بوذا؛ وذلك حتى التجار في المدن المتنوعة كانوا ييسرون التجارة بأن يعطي جميع منهم لزميله خطاباً يعترف فيه بما عليه له؛ وكان في المستطاع حتى تستعير من هؤلاء- وهم أشباه أسرة روتشيلد- ديناً بربح مقداره ثمانية عشر في جميع مائة(42) وكنت تسمع بين الناس حديثاً كثيراً عما بينهم من عهود مالية؛ وفي ذلك العصر لم تكن العملة النقدية من ثقل الوزن بحيث تثبط المقامرون عن استخدامها في قمارهم، وكان "زهر" القمار قد وطد لنفسه مكانة في المدينة؛ ففي حالات كثيرة كان الملك يعد قاعات للقمار لشعبه، على غرار "موناكو" إذا لم تكن على صورتها؛ وكان جزء من المال المكسوب يمضى إلى الخزانة الملكية(43)؛ ولقد يظهر ذلك في أعيننا نظاماً يصم أصحابه بوصمة العار، لأننا لم نعتد حتى نرى أنظمة القمار عندنا تمد رجال الحكم بيننا بالمال بطريقة مباشرة.

وكانت أخلاقهم في التجارة رفيعة المستوى؛ ولوحتى الملوك في الهند الفيدية- كما كان أقرانهم في اليونان الهومرية- لم يرتفعوا عن اغتصاب الماشية من جيرانهم(44)، لكن المؤرخ اليوناني الذي أرخ لحملات الإسكندر، يصف الهنود بأنهم "يستوقفون النظر باستقامتهم، وأنهم بلغوا من سداد الرأي حداً يجعل التاتىهم إلى القضاء نادراً، كما بلغوا من الأمانة حداً يغنيهم عن الأقفال لأبوابهم وعن العهود المكتوبة تسجيلاً لما اتفقوا عليه، فهم صادقون إلى أبعد الحدود"(45). نعم إذا في سفر "رج- فيدا" ذكراً للزواج المحرم وللتضليل وللعهر وللإجهاض وللزنا(46)، كما حتى هناك علامات تدل على الانحراف الجنسي الذي يجعل الرجال يتصلون بالرجال(47)، إلا حتى الصورة العامة التي نستمدها من أسفار الفيدا ومن الملاحم، تدل على مستوى رفيع في العلاقات بين الجنسين وفي حياة الأسرة.

كان الزواج يتم باغتصاب العروس من أهلها أوبشرائها أوبالاتفاق المتبادل بين العروسين، لكن هذا النوع الأخير كان ينظر إليه بعين النقد إلى حد ما، فقد افترض نساؤهم أنه أشرف لهن حتى يشترين وأن تدفع فيهن الأثمان، وأنه مما يزيد قدر المرأة حتى يسرقها الزوج من أهلها(48)، وكان تعدد الزوجات جائزاً، ويشجعون عليه بين العلية، لأنه مما يسجل للرجل بالفخر حتى يعول زوجات كثيرات وأن ينقل إلى الخلف قوته(49)، وكذلك كان هناك تعدد الأزواج، فسيرة "دروبادي"(50) التي تزوجت خمسة إخوة دفعة واحدة تدل على وقوع تعدد الأزواج للزوجة الواحدة- في أيام الملاحم- حيناً بعد حين، وكان الأزواج عادة إخوة، وهي عادة بقيت في جزيرة سيلان حتى سنة 1859م، ولا تزال متلكئة في بعض قرى الجبال في التبت(51)، لكن التعدد كان في العادة ميزة يتمتع بها الذكر دون الأنثى، لأنه عند الآريين هورب الأسرة يحكمها حكماً لا ينازعه في سيادته منازع، فكان له حق امتلاك زوجاته وأبنائه، وله الحق في ظروف معينة حتى يبيعهم أويرمي بهم في عرض الطريق(52).

ومع ذلك فقد تمتعت المرأة بحرية في العصر الفيدي أكثر جداً مما تمتعت به منها في العصور التالية، فقد كان لها حينئذ رأي في اختيار زوجها، أكثر مما قد تدل عليه ظواهر المراسيم في الزواج؛ وكان لها حق الظهور بغير قيود في الحفلات والرقص، وكانت تشارك الرجل في الطقوس الدينية التي تقدم بها القرابين؛ ولها حق الدرس، بل من الممكن مضىت في ذلك إلى حد بعيد مثل "جارجي" التي اشهجرت في المجادلات الفلسفية(53)، وإذا هجرها زوجها أرملة فلم يكن على زقابلا من قيود(54)، أما في عصر "البطولة" فيظهر حتى المرأة قد فقدت بعض هذه الحرية، فكانوا لا يشجعونها على المضي في الأبحاث العقلية، على أساس حتى "المرأة إذا درست أسفار الفيدا كان ذلك دليلاً على اضطراب المملكة"(55)، وقل زواج المرأة بعد موت زوجها الأول، وبدأت "البردة"- التي تعني عزل المرأة- وزادت بين الناس عادة دفن الزوجة مع زوجها وهي عادة لم تكد تعهدها الأيام الفيدية(56)، وأصبحت المرأة المثالية هي التي اتىت على نموذج بطلة "رامايانا"- وهي "سيتا" الوفية التي تتبع زوجها وتطيعه في خضوع مهما تطلب منها ذلك من ضروب الوفاء والشجاعة، حتى آخر يوم من حياتها.


الشعوب الهندية الآرية المعاصرة

الأنثروپولوجيا الوراثية

قائمة الشعوب الهندية الآرية

تاريخية

معاصرة

انظر أيضاً

  • Arya
  • آريون
  • العرق الآري
  • آرياڤرتا
  • الهجرة الهندو-آرية
  • اللغات الهندية الآرية
  • الهندو-أوروپيون الأوائل
  • الشعوب الإيرانية
  • داسا
  • كشاتريا
  • المسح الأنثروپولوجي للهند
  • الشعوب الدراڤيدية


الهوامش

  1. ^ https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/geos/in.html#People
  2. ^ https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/geos/pk.html#People
  3. ^ https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/geos/bg.html#People
  4. ^ Christopher I. Beckwith (2009), Empires of the Silk Road, Oxford University Press, p.30
  5. ^ Havell, Ernest Binfield (1918). "ARYANS AND NON-ARYANS". . Harrap. p. 32. Ethnographic investigations show that the original Indo-Aryan people were described in the Hindu epics — a tall, fair-complexioned, long-headed race, with narrow, prominent noses, broad shoulders, long arms, slim waists "like a lion," and thin legs like a deer — is now (as it was in the earliest times) mostly confined to Kashmir, the Panjab and Rajputana, and represented by the Khattris, Jats, and Rajputs.
  6. ^ Risley, Herbert; Crooke, William. Crooke, William (ed.). (2, reprint ed.). Asian Educational Services. p. 33. ISBN . The Indo-Aryan type, occupying the Punjab, Rajputana, and Kashmir, and having as its characteristic members the Rajputs, Khatris, and Jats. This type approaches most closely to that ascribed to the traditional Aryan colonists of India.
  7. ^ Jindal, Mangal Sen (1992). . Sarup & Sons. pp. 29–36. ISBN .

المصادر

  • Bryant, Edwin (2001). The Quest for the Origins of Vedic Culture. Oxford University Press. ISBN .
  • Mallory, JP. 1998. "A European Perspective on Indo-Europeans in Asia". In The Bronze Age and Early Iron Age Peoples of Eastern and Central Asia. Ed. Mair. Washington DC: Institute for the Study of Man.
  • Trubachov, Oleg N., 1999: Indoarica, Nauka, Moscow.

وصلات خارجية

  • Horseplay at Harappa - People Fas Harvard - Harvard University
  • A tale of two horses - Frontline
تاريخ النشر: 2020-06-04 19:06:36
التصنيفات: صفحات بالمعرفة فيها قوالب حماية خاطئة, صفحات شبه محمية للأبد في المعرفة, Pages using deprecated image syntax, "Related ethnic groups" needing confirmation, Pages using infobox ethnic group with unsupported parameters, Articles using infobox ethnic group with image parameters, هنود آريون, شعوب قديمة في پاكستان

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مسؤولون أمريكيون: إسرائيل أضعفت حماس لكن لم تقترب من القضاء

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:23:44
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

عامر حسين: الفيفا يتحمل تكاليف جراحة وراتب محمد الشناوي

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:22:39
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 39%

"Watch it" تنشر بوسترات تشويقية لـ مسلسل الكبير أوى 8 قبل عرضه فى رمضان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:22:51
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 45%

البنك المركزى يعلن تراجع التضخم فى يناير إلى 29%

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:22:56
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 37%

"إكس" ملاذ آمن لقوات الدعم السريع.. هل تُستخدم لتلميع صورتها

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:23:07
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 52%

"بينهم نتنياهو".. البث العبرية: مراقب الدولة طلب التحقيق مع

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:23:27
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

ضربة جزاء منتخب جنوب إفريقيا تتسبب في وفاة رجل سياسة شهير

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:23:16
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 84%

تحويلات مرورية لتنفيذ مشروع المونوريل خط أكتوبر.. تعرف عليها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:22:36
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 38%

الاحتلال يقصف شرق مدينة رفح الفلسطينية بالمدفعية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:23:21
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

الزعيم .. نصر وكأس - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:25:34
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

مسؤولون أمريكيون: بلينكن شعر أن نتنياهو يسعى للمواجهة مع واش

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:23:13
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

البنتاجون: لا نسعى للتصعيد في الشرق الأوسط وهجماتنا ردا على

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:23:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

الهلال يحسم قمة النصر المثيرة 2-0 وديا بمشاركة رونالدو.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-09 00:22:53
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 36%

تحميل تطبيق المنصة العربية