شبطاي تسڤي

عودة للموسوعة

شبطاي تسڤي

شبطاي تسڤي، عام 1665

شبطاي تسڤي أوسبطاي سوي (Sabatay Sevi أوsabbatai Zewi أوSabatha Sebi) ولد في إزمير غرب الأناضول سنة 1626 ومات بمدينة الكون Dolcigno بألبانيا حوالي 17 سبتمبر 1676. يرجع إليه إيجاد ممضى الدونمه في هجريا ، وهوابن السمسار اليهودي موردخاي سوي المعروف بين الأتراك باسم "قره منتشه".

حياته الدينية

"تتويج شبطاي ژڤي", من Tikkun, أمستردام، 1666.

أصبح سبطاي حاخاما حسب رغبة أمه ذات الميول الدينية. تفهم التوراة والتلمود والمعارف الباطنية على يد حاخام إزمير "إسحاق دلبع" وقد استنبط الحاخام الشاب سبطاي من النصوص الدنية العبرانية حسب منهج القبالا حتى ظهور المسيح سيكون سنة 1648 فاعلن نفسه مسيحا في ذلك التاريخ. وقد آمن به كثير من يهود إزمير رغم رفض الحاخام جوزيف اسكوبا دعواه وتكذيبه له. ثم بدأ المسيح المنتظر سبطاي سوي رحلة المغمرات الشاقة. فقد وفد إلى إستانبول سنة 1650 فنصحه حاخامها أبراهام وجيني بالرحيل إلى سالونيك حيث عدد أتباعه والمؤمنين به في تزايد. ثم عاد إلى إزمير سنة 1659 وبعد ثلاث سنين مضى في زيارة دعوية إلى مصر وفلسطين وعند عودته إلى إزمير سقط تتويجه من طرف اليهود حسب معتقدهم. ثم نشر بيانا قسّم فيه العالم من بعده على مريديه الثمانية والثلاثين. ووفد لزيارته يهود من ألمانيا وپولندا وبقية أنحاء العالم. وعندما لاحظت إدارة الدولة العثمانية هذا الوضع بدأت تتخذ التدابير الزجرية لمقاومة هذا التكتل اليهودي. وقد وجدت الدولة دعما لها من طرف اليهود المحافظين والحاخامات الرسميين فسجنته سنة 1666 بتهمة بث الفتنة وإفساد الديانة اليهودية وادّعاء النبوة ثم نقل من سجن زندان قابوبإستانبول إلى جزيرة أبيدوس للتخلص من الزائري اليهود المتوافدين عليه هناك. فتحولت قبلة زائريه من إستانبول إلى أبيدوس ببحر إيجه.


نحمياه ها كوهين

شبطاي ژڤي سجيناً في أبيدوس (بحر إيجة).

محاكمته واعتناقه الإسلام

في زمن السطان محمد الرابع سيق هذا اليهودي المتنبي إلى قصر السلطنة القديم بمدينة أدرنة للمحاكمة ولم يكن يتقن اللغة الهجرية فكان يترجم له من الإسبانية رئيس الأطباء حياتي زاده مصطفى فوزي أفندي وهويهودي الأصل كان قد أعرب إسلامه من قبل. وقد جاء المحاكمة مصطفى باشا وكيل الصدر الأعظم وشيخ الإسلام منقاري زاده يحيى أفندي وإمام السلطان الواعظ محمد أفندي الواني وكان السلطان محمد الرابع يراقب المحاكمة بنفسه من وراء حجاب. وبدأت المداولات ووجهت التهم إلى المدّعى عليه فلم يستطع لها ردّا ولكن في آخر لحظة بادره مترجمه يهودي الأصل بفكرة تنقذه من الإعدام وتكسبه عند السلطان هيبة ومقاما. اقترح عليه المترجم رئيس الأطباء حتى يعلن إسلامه كي ينجوبنفسه وحاول إقناعه باللغة الإسبانية أنه إذا أعرب تراجعه عن دعوته فإنه يمكن حتى يوصلها سرا لأن أتباعه يؤمنون به إيمانا أعمى فقبل سبطاي الاقتراح وأعرب إسلامه فعفى عنه السلطان وأطلق سراحه وخصص له مائة وخمسين آقجة فضية شهريا ثم بدل الحاخام القديم سبطاي اسمه فصار يدعى محمد عزيز أفندي واغتسل ونطق بالشهادتين ولبس الجبة والعمامة ثم استطاع بأسلوبه الخاص حتى يقنع الكثير من أتباعه بإعلان إسلامهم. ولكنه لم ينس أنه المسيح المنتظر الذي سيخلص بني إسرائيل من الذل والعبودية. وقد أطلق لأتراك على هذه الفئية الجديدة من المسلمين تعبير "دونمه" وهومصدر مشتق من عمل "دونمك" باللغة الهجرية ويعني عاد وعاد ودار أما المصدر منه فيعني العائدون إلى دين الحق أوبمعنى آخر المرتدّون عن دينهم وكانت لهذه الطائفة طقوس وأعياد خاصة وعبادات غريبة ليس هذا مجال تفصيلها ولكن المؤرخين والباحثين يجمعون على أنهم يظهرون الإسلام ويحافظون على دينهم يهوديتهم وقلة منهم من حسن إسلامه.

انفضاض بعض أتباعه عنه

الأتباع السابقون لشبطاي يكفـِّرون عن اتباعهم إياه.

صـُدِم بعض أتباع شبطاي بإسلامه وانفضوا من حوله.

وقد توفي سبطاي سوي بمدينة اولكون بولاية ألبانيا في 30 سبتمبر 1675 بعد جمع حوله هناك آلاف الأتباع والمريدين من الطائفة اليهودية ليؤسس ممضىا أوجماعة جديدة تتداخل فيها اليهودية بالإسلام ولم تنته السيرة بموت الحاخام المسلم محمد عزيز سبطاي سوي ولكنها تواصلت مع أتباعه الذين لعبوا دورا كبيرا في إسقاط الدولة العثمانية وقيام الجمهورية الهجرية الحديثة على أكتاف جمعية الاتحاد والترقي.

إلهامات الإيمان

لا بد لكي نفهم عداء المسيحيين لليهود حتى ننفذ إلى ذهن كاثوليك العصور الوسطى وبروتستنت حركة الإصلاح الديني. لقد تذكروا صلب المسيح، ولكنهم لم يتذكروا جموع اليهود العريضة التي استمعت في فرح إلى المسيح ورحبت به في دخوله أورشليم. وآمنوا بيسوع ذلك "الممسوح"، ابن الله، ولكن اليهود لم يستطيعوا حتى يروا في المسيح ذلك المسيا الذي وعدهم بها أنبياؤهم، والمخلص الذي سيحررهم من رقهم ويجعلهم من حديث شعباً حراً مرفوع الرأس. وكان عسيراً على المسيحيين حتى ينظروا نظرة التسامح الأخوي إلى قلة لم تكن وحدانيتهم منافساً بعيداً كوحدانية الإسلام، بل صرخة حارة، تسمع من مجامع تتكاثر في قلب العالم المسيحي-"أصغ يا إسرائيل! الرب إلهنا واحد!" وشعر المسيحيون حتى العقيدة السامية المتكبرة هي تحد ماثل أبداً للإيمان المسيحي الأساسي، الإيمان بأن ابن الإنسان الذي توفي على الصليب هوفي جميع الحق ابن الله، الذي كفرت ذبيحته غير المحدودة عن خطايا الإنسان، وفتحت له أبواب الفردوس. أيمكن حتىقد يكون في الحياة شيء أثمن وأعظم تشديداً للنفوس من ذلك الإيمان،يا ترى؟

ولكن يحمي مسيحيوأوربا ذلك الإيمان حاولوا عزل اليهود بالحواجز الجغرافية، والقيود السياسية، والرقابة الفكرية، والأغلال الاقتصادية. فلم يسمح لهم بالمواطنة الكاملة وبحقوقها في أي بلد في أوربا المسيحية قبل الثورة الفرنسية-ولا حتى في أمستردام. وحيل بينهم وبين الوظائف العامة، والجيش والمدارس والجامعات، والاشتغال بالقانون في المحاكم المسيحية. وفرضت عليهم الضرائب الباهظة، وتعرضوا للقروض الإجبارية، ولمصادرة ثروتهم في أي وقت. وأبعدوا عن الزراعة بقيود على ملكية الأرض، وبانعدام الأمن الذي ما برح ملازماً لهم والذي أكرههم على وضع مدخراتهم في النقد أوالسلع المنقولة. وحرموا من الانضمام للطوائف الحرفية لأنها كانت من بعض الوجوه دينية شكلاً وهدفاً، واشترطت اليمين والشعائر المسيحية. وإذ قصر نشاطهم على الصناعات الصغيرة، وعلى التجارة والمالية، فإنهم وجدوا أنفسهم مطاردين حتى في هذه الأشغال بتحريمات خاصة تتفاوت بتفاوت المكان وتتغير في أي وقت.ففي إقليم حرم عليهم حتىقد يكونوا باعة متجولين، وفي آخر حتى يتجروا في دكاكين، وفي ثالث حتى يتعاملوا في الجلد أوالصوف(50). ومن ثم عاش أكثر اليهود تجاراً صغاراً، وباعة متجولين، أوتجاراً في البضائع المستعملة أوالثياب القديمة، أوخياطين، أوخداماً لمواطنيهم الأغنياء، أوصناعاً يصنعون السلع لليهود. ومن هذه الأشغال، ومن ذلك العيش في الغيت، اكتسب فقراء اليهود عاداتهم تلك في الملبس والحديث، وحيل التجارة وخصائص الذهن التي مجتها الشعوب الأخرى والطبقات العليا من الناس.

ومن فوق هذه الكثرة المتواضعة كان الأحبار، والأطباء، والتجار، والماليون. وقد لعب نشاط المصدرين والمستوردين اليهود دوراً هاماً في ثراء هامبورج وأمستردام. وكان جزء على اثني عشر من تجارة إنجلترا الخارجية يمر بأيدي اليهود في النصف الأول من القرن السابع عشر(51). وغلب العنصر اليهودي في استيراد الجواهر والمنسوجات من الشرق. وانتفع اليهود في التجارة الدولية من علاقاتهم الأسرية في مختلف الدول، ومن إجادتهم اللغات، وكان لهم مسالكهم التي تصلهم منها المعلومات، فهدتهم بين الحين والحين إلى تسقطات نافعة في السوق المالية(52). ومكنتهم هذه الاتصالات الأجنبية من تطوير خطابات الاعتماد والكمبيالات. ولم يكن اليهود من طبيعة الحال مخترعي الرأسمالية الحديثة، فقد رأينا ذلك النظام ينمومستقلاً تمام الاستقلال عنهم، وفي الصناعة أكثر منه في المالية، وكان دورهم حتى في المالية صغيراً إذا قورن بدور آل مديتشي الفلورنسيين، أوآل جريماليري الجنوبين، أوآل فوجر الأوجزبورجيين. وكان مقرضوالمال اليهود يتقاضون فوائد عالية، ولكنها لم تكن أعلى مما يتقاضاه المصرفيون المسيحيون الذين يقابلون أخطاراً معادلة.

واكتسب الذهن اليهودي، الذي شحذته الشدائد والظلم والدراسة، في التجارة والمالية مقدرة مرهفة على الكسب لم يغتفرها لليهود منافسوهم قط. ولم تر أخلاقيات اليهود في الثروة أي عيب أووصمة عار، شأنها في ذلك شأن أخلاقيات البيورتان. ورأى فيها الأحبار نادىمة البر، وعصب المجمع، والملجأ الأخير إذا أريد الخلاص من أذى الملوك أوالجماهير المضطهدة. ومع ذلك فسليم أنه عثر في الجاليات اليهودية في هولندة وألمانيا وبولندة وهجريا رجال جعلوا جمع المال مسرة نفوسهم لا مجرد أداة لحماية شعبهم، واستخدموا في جمعية الحيلة أكثر مما استخدموا الضمير، وأظهروا بني جلدتهم بذلك المظهر المزعج مظهر الثراء العريض يلوثه الترف الواضح، ولا تكفر عنه أعمال البر الكبيرة إلا جزئياً. ومن حولهم في الغيت كان ثلث إخوانهم يعيشون في فقر، لا يحول دون تضورهم جوعاً غير الصدقات(54).

ولقد عانى دين اليهود كما عانت أخلاقهم من فقر الحياة في الغيت وانطوائها وهوانها. فالأحبار الذين كانوا في العصور الوسطى رجالاً ذوي شجاعة وحكمة، أصبحوا في العصر أتباع صوفية تهرب من جحيم الاضطهاد والفاقة إلى جنة الأحلام التعويضية. وقد حل التلمود في العصور الوسطى محل التوراة روحاً لليهودية، أما الآن فقد حلت القبلانية محل التلمود. وزعم مؤلف فرانكفورتي من كتاب القرن السابع عشر أنه كان في أيامه أحبار كثيرون لم يروا توراة قط(55). وكان سليمان لوريا (1510-72) علامة عينت هذا الانتنطق، فقد بدأ بالتلمود، وبنى عليه كتابه "يم شيل شلومو" (بحر سليمان)، ولكن حتى ذهنه المرهف استسلم آخر الأمر للقبلانية، فقد كانت "التقليد السري" لمتصوفة اليهود في العصر الوسيط، الذين اعتقدوا أنهم وجدوا وحياً إلهياً مستتراً في رمزية الأعداد، والحروف، والألفاظ، ولا سيما في الحروف التي يتألف منها اسم يهوه الذي لا ينطق به. وكان العالم تلوالعالم في الغيت يضل في هذه الأوهام، حتى لقد صرح أحدهم بأن من يهمل حكمة القبلانية السرية يستحق الحرم(56). يقول أكبر المؤرخين اليهود المحدثين أنه في القرنين السادس عشر والسابع عشر "خنقت القبلانية الطفيلية حياة اليهود الدينية بجملتها. وكل الأحبار وقادة الجاليات اليهودية تقريباً... سقطوا في شراكها" من أمستردام إلى بولندة إلى فلسطين(57).

وكان سند الحياة في نظر اليهود المشتتين على هذا النحو، والذين كثيراً ما كانوا معدمين مفترى عليهم، هوالإيمان بأنه في يوم قريب سيأتي المسيا الحقيقي لينتشلهم من وهدة تعاستهم وعارهم ويحملهم إلى مكان القوة والمجد. ومن المؤسف حتى نرى كيف من الممكن أن كان دجال أومتعصب يظهر القرن بعد القرن فيقبله اليهود على أنه هذا المخلص الذي طال ارتقابهم له. ولقد رأينا في موضوع سابق من هذا الكتاب كيف من الممكن أن حتى داود روبيني العربي هلل له عبرانيوالبحر المتوسط في 1524 على أنه المسيا، مع أنه هونفسه لم يدع هذا. وهاهوذا يهودي من أزمير يدعى سبتاي زيفي، يظهر عام 1648 ويزعم أنه الفادي الموعود.

لقد بدا هذا المختار، من الناحية الجسمية، اختياراً جديراً بالإعجاب. فهورجل طويل القامة، حسن التكوين، مليح الوجه، له شعر الشاب الصفاردي ولحيته السوداوان(58) "اجتذبته كتابات سليمان لوريا إلى القبلانية، فأخضع ذاته لنظام صارم من النسك أملاً في حتى يصبح بهذا جديراً بالتقليد السري" في أكمل إعلانه. فأذل جسده، وأكثر من الاستحمام في البحر في جميع الفصول، وغالى في الاحتفاظ بنظافته حتى لقد احتفل أتباعه برائحة لحمه الزكية. ولم يشعر بميل للنساء، وقد تزوج في شبابه الباكر امتثالاً للعهد اليهودي، ولكن زوجته ما لبثت حتى طلقته لفشله في أداء واجباته الزوجية. ثم تزوج ثانية، بنفس النتيجة. والتف الشبان من حوله، معجبين بصوته الرخيم وهويرتل التراتيل القبلانية، متسائلين أليس هذا قديساً مبعوثاً من السماء. وكان أبوه أحد جماعة آمنت بقرب مجيء المسيح- وبأن ذلك لن يتجاوز سنة 1666. وسمعهم سبتاي يتنبأون بأن الفداء العظيم سيأتي على يد رجل طاهر النفس شديد الورع، ملم بأسرار القبلانية، قادر على جمع ضم جميع الأبرار ليعيشوا في عصر السلالم الموعود. وخيل إليه، بعد حتى طهره الزهد، أنه الفادي الإلهي. وكان "الظهر"، وهونص في القبلانية يرجع إلى القرن الثالث عشر، قد حدد السنة اليهودية 5408 (1648 الميلادية) فاتحه لعصر الفداء. في تلك السنة أعرب سبتاي أنه المسيا، وكان آنئذ في الثانية والعشرين.

وصدقه رهط من مريديه. فأدانتهم حاخامية أزمير باعتبارهم مجدفين، ولكنهم أصروا، فنفوا من المدينة. وانتقل سبتاي إلى سالونيك، وهناك أقام احتفالاً قبلانياً زوج فيه نفسه للتوراة، فطرده أحبار سالونيك، فمضى إلى أثينا، ثم إلى القاهرة، حيث ضم إليه تابعاً غنياً يدعى رفائيل شلبي، ثم انتقل إلى أورشليم، وهناك سقط زهده مسقطاً طيباً حتى في نفوس الأحبار. وأوفدت الجالية اليهودية في أورشليم سبتاي ليلتمس المعونة في القاهرة بعد حتى أفقرها انقطاع الصدقات من يهود أوكرانيا المنكوبين. فعاد إلى أورشليم مصحوباً لا بالمال بل بزوجة ثالثة تدعى سارة، أضفى حسنها الإشراق على نادىواه وفي غزة-التي مر بها في طريقه-انضم إليه تابع غني آخر يسمى ناتان غزاتي، أذاع أنه هوذاته ايليا، ولد من حديث ليقوم الطريق أمام المسيا، وأنه لن ينقضي عام حتى يسقط المسيا السلطان العثماني ويقيم ملكوت السماوات. وصدقه آلاف اليهود، وأذلوا أجسادهم ليكفروا عن ذنوبهم ويصبحوا جديرين بالفردوس الأرضي. فلما عاد سبتاي إلى أزمير، ولج عام 1665 المجمع في رأس السنة اليهودية، وأعرب نفسه المسيا مرة أخرى. وقبله هذه المرة جمع غفير أخذته نشوة الفرح. فلما رماه حبر عجوز بأنه دجال نفاه سبتاي من أزمير.

وانتشر نبأ مجيء المسيا في أراتى غربي آسيا فكهرب الجاليات اليهودية. وحمل البشرى تجار مصر وإيطاليا، وهولندا، وألمانيا، وبولندة، إلى بلادهم، وخبروا بالمعجزات التي نسبت إلى سبتاي في عدد متزايد. وتشكك بعض اليهود، ولكن الآلاف صدقوا بعد حتى أعدتهم لذلك النبوءات القبلانية والآمال الحارة. لا بل إذا بعض المسيحيين شاركوهم الابتهاج، ونطقوا حتى مسيا أزمير هوحقاً المسيح المولود من جديد. ذكر هنري أولدنبرج في رسالة من لندن إلى سبينوزا (ديسمبر 1655) حتى "كل العالم هنا يتحدث عن شائعة عودة الإسرائيليين المشتتين منذ أكثر من ألفي عام إلى وطنهم. وقليلون يصدقون الخبر، وكثيرون يتمنونه... فإذا تأكد، فربما أحدث ثورة في جميع شيء(59)". وفي أمستردام أعرب أحبار بارزون إيمانهم بسبتاي، واحتفل في المجمع بمجيء الملكوت بالموسيقى والرقص، وطبعت خط الصلوات لتفهم المؤمنين ضروب التكفير والتراتيل الممهدة لدخول أرض الميعاد. ففي مجمع هامبورج راح العائدون اليهود من جميع الأعمار يثبون ويطفرون ويرقصون وفي أيديهم درج الناموس. وفي بولندة هجر يهود كثيرون بيوتهم وأملاكهم ورفضوا حتى يشتغلوا قائلين حتى المسيا آت بشخصه سريعاً وسيقودهم في موكب النصر إلى أورشليم(60). واتخذ آلاف اليهود أهبتهم للرحيل إلى فلسطين-كان منهم أحياناً جاليات بأكملها، كجالية أفنيون. واقترح بعض المتحمسين في أزمير، الذين أثار عواطفهم ذلك الولاء العالمي لزعيمهم، حتى توجه الصلوات اليهودية منذ الآن، لا إلى يهوده، بل إلى "ابن الله البكر، سبتاي زيفي، المسيا والفادي" (وكذلك كان المسيحيون يصلون للمسيح أوالعذراء أكثر مما يصلون لله). وأوفد أمر من أزمير بأن يحتفل منذ الآن بأيام الحداد المقدسة عند اليهود أعياداً للفرح، وبأن جميع فروض الناموس المضنية ستبطل سريعاً في أمن الملكوت وسعادته. ويلوح حتى سبتاي ذاته انتهى إلى الإيمان بقوة المعجزة. فأعرب أنه ماض إلى الآستانة، ولعل هدفه كان تحقيق نبوءة غزاني بأن المسيا سيأخذ في هدوء تاج الدولة العثمانية (بما فيها فلسطين) من السلطان. (على حتى يعضهم زعم حتى القاضي الهجري في أزمير أمره بالمثول بين أيدي كبار موظفي الدولة في العاصمة). وقبل حتى يبرح سبتاي أزمير قسم العالم وحكومته بين أخلص معاونيه. ثم انطلق إلى الآستانة في أول يناير 1666 وبرفقته نفر من مريديه. وكان قد تنبأ بتاريخ وصوله، ولكن عاصفة عطلت سفينته. وقلب رفاقه خطأه الحسابي هذا إلى برهان حديث على ألوهيته، ونطقوا أنه أسكت العاصفة بحدثة إلهية منه.

وما حتى رسا على ساحل الدردنيل حتى قبض عليه، وجيء به إلى الآستانة مكبلاً بالأغلال، وزج به في السجن. وبعد شهرين نقل إلى سجن أرحم في أبيدوس. وسمح لزوجته حتى تلحق به، ووفد عليه أصدقاؤه من جميع فج ليواسوه، ويقدموا له الولاء، ويأتوه بالمال. ولم يفقد أتباعه إيمانهم به، فزعموا أنه أوثق النبوءات تنبأت بأن المسيا سيرفض أولاً من رؤساء هذا العالم، الذين سيسقطون به ألواناً من العذاب والهوان. وتسقط اليهود في جميع أراتى أوربا الإفراج عنه في أي لحظة، وأنه سيحقق نبوءات أسعد. وعلق حرفا اسمه الأولان، س، ز في المجامع. وفي أمستردام، ولجهورن، وهامبورج، كادت أعمال اليهود التجارية تتعطل تماماً، فقد اشتد إيمان اليهود هناك بأنهم عائدون جميعاً عما قريب إلى الأرض المقدسة. وتعرض من أعرب من اليهود عن شكوكهم في حتى سبتاي هوالمسيا لخطر الموت جميع يوم.

وحير السلطات الهجرية ذلك الهياج الذي اضطربت له الحياة الاقتصادية لكثير من المجتمعات العثمانية، ولكن الهجر خشوا أنهم لوأعدموا سبتاي بوصفه ثائراً ودجالاً لعملوا بذلك على تقديسه شهيداً، ولحولوا حركته إلى تمرد يكلفهم ثمناً غالياً، لذلك قرروا حتى يجربوا حلاً سلمياً. فأخذ سبتاي إلى أدرنة. وهناك أبلغ بأن أمراً قضى بأن يسحل في الشوارع ويعذب بالمشاعل الموقدة، ولكن في استطاعته حتى يتفادى هذه النهاية وأن يظفر بأسباب التكريم الكبير في الإسلام لواعتنق دين محمد (صلى الله عليه وسلم)، فقبل،، وفي 14 سبتمبر مثل أمام السلطان، وأكد مروقه عن دينه بخلع ملابسه اليهودية وارتداء الزي الهجري. وخلع عليه السلطان اسم محمد أفندي، وعينه حاجباً لبابه براتب كبير. ونالت سارة، التي اعتنقت الإسلام هي أيضاً، الهدايا الثمينة من السلطانة.

وقوبل نبأ هذا الارتداد بالتكذيب من يهود آسيا وأوربا وأفريقيا، ولكن حين تأكد النبأ آخر الأمر كاد ينفطر له قلب العالم اليهودي. فكاد الحاخام الأكبر في أزمير يموت خزياً وهوالذي قبل سبتاي بعد تشكك كثير. وأصبح اليهود في جميع مكان أضحوكة المسلمين والمسيحيين. وحاول أعوان سبتاي مواساة أتباعه بأن بينوا لهم حتى اعتناقه الإسلام إنما هوجزء من خطة ماكرة ليكسب المسلمين إلى صفوف اليهود، وأنه عما قريب عائد إلى الظهور يهودياً والعالم الإسلامي كله في ركابه. وحصل سبتاي على إذن بتبشير يهود أدرنه، مؤكداً للسلطات الهجرية أنه سيهدي سامعيه إلى الإسلام، وأصدر في الوقت نفسه رسائل سرية لليهود نطق فيها أنه ما زال المسيا، وأن عليهم ألا يفقدوا إيمانهم به. ولكن لم يبد على اليهود، لا في أدرنه ولا في أي مكان آخر، أي علامة على قبولهم الإسلام. فلما خاب أمل الحكومة العثمانية رحلت سبتاي إلى أولسينج في ألبانيا، حيث لا يوجد يهود. وهناك كان المسيا المحطم في 1676. وظل المؤمنون به نصف قرن يواصلون حركته، ويؤكدون قداسته، ويعدون بقيامته من بين الأموات.


طالع أيضاً

  • الإسلام واليهودية
  • جاكوب فرانك
  • المشيح اليهودي
  • Jews in apostasy
  • List of messiah claimants
  • شبطائيون
  • Schisms among the Jews
  • من هواليهودي؟

الهامش

المصادر

  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Sholem Asch: Sabbatai Zevi: A Tragedy in Three Acts: Philadelphia: Jewish Publication Society: 1930.
  • Cohen, Mortimer J. (1948), "Was Eibeschuetz a Sabbatian?", The Jewish Quarterly Review XXXIX (1): 51–62.
  • Joseph Kastein: (translator): Messiah of Isimir: Sabbatai Zevi: New York: Viking Press: 1931.
  • John Freely: Lost Messiah: In Search of Sabbatai Sevi: London: Penguin: 2002: ISBN 0-14-028491-5
  • Gershom Scholem: Sabbatai Sevi: The Mystical Messiah: 1626-1676: London: Routledge Kegan Paul: 1973: ISBN 0-7100-77033: American Edition: Princeton: Princeton University Press: 1973: ISBN 0-691-09916-2 (hardcover edn.).
  • Elisheva Carlebach, Pursuit of Heresy: Rabbi Moses Hagiz and the Sabbatian Controversy. New York, Columbia University Press, 1990, 364 p.
  • Pavel Stefanov, "El seudomesias Sabbetay Sevi (1626-1676)," Anuario. Organizacion de lo judios en Bulgaria "Shalom", 26, 1991, pp. 298-312.
  • Cengiz Sisman, A Jewish Messiah in the Ottoman Court: The Sabbatian Movement and Emergence of a Messianic Judeo-Islamic Sect in the Seventeenth Century Ottoman Empire (1666-1720), unpublished Ph.D. disseration, Harvard University, 2004.
  • David Halperin, Sabbatai Zevi: Testimonies to a Fallen Messiah: Oxford, Littman Littman Library of Jewish Civilization, 2007, 256 pp.

وصلات خارجية

  • Sabbatai Zevi, Jewish Encyclopedia
  • In search of followers of the false messiah, Haaretz
  • Shabbetai Zvi Jewish Virtual Library
  • Encyclopaedia Judaica
تاريخ النشر: 2020-06-04 19:25:38
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, مواليد 1626, وفيات 1676, متحولون من اليهودية إلى الإسلام, Jewish Messiah claimants, Kabbalists, أشخاص من إزمير, شبطائيون, حاخامات أتراك, أتراك, يهود الدونمة, مدعي الماشيحية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الذكرى الـ12 للكارثة... اليابان لم تتعافَ بعد من آثار الزلزال وتسونامي

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:36
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 90%

الرئاسة المصرية تُثمن النهج السعودي في استئناف العلاقة مع إيران

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:40
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 89%

اللاعب الغيني ديابي فاديغا يعرض خدماته على الخضر وبلماضي

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:45
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 70%

مسلسل السرقات يطال  سيّاج وأبواب المقابر بجيجل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:24
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

الرئيس التونسي يقرر إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:37
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 100%

انطلاق المرحلة الثانية من عملية فرض القانون في ديالى

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:34
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 99%

الراية السعودية.. ومراحل تطورها - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:53
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

حادثة سير تَبتر قدم شاب عشريني وتقلب حياته رأسًا على عقب ضواحي ميدلت

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:23:45
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 73%

سكيكدة: القبض على شابين يشتبه في قتلهما  “الفوردار” 

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:35
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

كاليفورنيا مهدّدة بفيضانات بعد عاصفة «النهر الجوي»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:43
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 87%

السجن سنة و3 آلاف غرامة لمن يسيء للعلم الوطني - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:52
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 62%

باتيلي يقترح خريطة طريق للانتخابات الليبية بحلول يونيو المقبل

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:38
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 89%

برعاية كردية في القامشلي: مركز لإعادة تأهيل أطفال عناصر «داعش»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:43
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 85%

رسمياً.. اعتماد 3 تعديلات جديدة على العلم السعودي - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:51
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

السودان يستعيد بعضاً من رعاياه المرتبطين بداعش

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:23:57
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 59%

أربع نجوم يستعدون لإشعال نار المنافسة داخل كتيبة بلماضي

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:48
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

اصابة أربعيني بجروح خطيرة أثناء رحلة صيد بأولاد رابح بجيجل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:27
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

ترحيب أوروبي باتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:41
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 86%

سكيكدة على موعد توزيع أكبر حصة سكنية منذ الإستقلال

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:31
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

البحرية الملكية تضرب بقوة بعرض ساحل الناظور

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:23:43
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 80%

الاستخبارات البريطانية: روسيا تسيطر على شرق باخموت وأوكرانيا على غربها

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:24:44
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 92%

هل تنهب مصر ثروات السودان تحت سمع وبصر سلطة الانقلاب؟

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-11 15:23:55
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

تحميل تطبيق المنصة العربية