حميد بن مخلد بن قتيبة الأزدي النسائي، أبوأحمد، والمعروف باسم ابن زنجويه (180هـ/796م - 251هـ/865م) صاحب كتاب الترغيب والترهيب، وكتاب الأموال وغيرهما.

اسمه وشهرته

هوحميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد الله الخراساني النسائي أبوأحمد الأزدي، واشتهر بابن زنجويه وهولقب أبيه مخلد.

مولده

لم تحدد المصادر سنة ولادته غير حتى المضىي ذكر أنه ولد في حدود سنة 180هـ. لكن ورد في كتاب الHموال ما يعارض قول المضىي في هذا: ففي الفقرة رقم 553 يروي ابن زنجويه عن هشيم فيقول: (أنا هشيم..). وفي رقم 626 يقول: (أنا ابان بن يزيد العطار...) فهذا تصريح منه بسماعه من هشيم، وهوابن بشير الواسطي الذي توفي سنة 183هـ، ومن ابان بن يزيد الذي توفي في حدود سنة 160هـ أوبعدها بقليل. فهذا يعني انه كان في سن التلقي والسماع اثناء حياتهما، وهوبالتالي يعني ان حكاه المضىي من سنة ولادته خطأ.

على ان هناك احتمالا آخر، وهوحتىقد يكون سقط من المخطوطة اسم رجل أوأكثر بين حميد وهشيم، وبين حميد وابان، فلاقد يكونان شيخين له.

ولعل هذا الاحتمال اقرب إلى الصواب من القول بتخطئة المضىي ويؤيده أمور:

احدها: حتى أبا عبيد القاسم بن سلام – شيخ ابن زنجويه – ولد سنة 157 – فهولم يدرك ابانا لهذا. وابوعبيد اكبر من ابن زنجويه لما روى انه نطق: "ما قدم علينا من فتيان خراسان مثل ابن شبويه وابن زنجويه" فهويبين ان ابن زنجويه كان فتى لما قدم على أبي عبيد الذي تشعر عبارته أنه كان في مجلس التدريس.

فاذا كان أبوعبيد غير مدرك لأبان فمن باب أولى حتى لا يدركه ابن زنجويه.

ثانهما: ان إبن زنجويه يروي عن هشيم في هذا الكتاب في 59 موضعا. وفيها جميعا يروي عنه بواسطة غير هذا الموضع الفرد، فاحتمال سقوط الوساطة بينهما قوي جدا.

ثالثهما: اذا قدرنا سن التحمل عن ابن زنجويه بما بين 15-20 سنة، وقد عهد عنه التبكير في الرحلة، كما يظهر من قول أبي عبيد المتقدم، وكما سيأتي بعد قليل، يترجح من خلال النظر في سنوات اقدم شيوخه وفاة، انه توفي في حدود سنة 180 هـ أوقبلها سنة 193 هـ، وسفيان بن عبد الملك توفي سنة 200 هـ، وروح بن أسلم ومعاذ بن خالد ماتا سنة 200 هـ، ووفيات بقية شيوخه بعد سنة 200 هـ.

رابعها: لوأنه استوعب زمن هشيم أوأبان – مع تقدير سن التحمل كما في النقطة السابقة – لكان ممن ولد سنة 145 على وجه التقريب. ولكان مدركا من هم أجل من أبان وهشيم، فالحرص على السماع منهم أولى من الحرص على السماع من هذين كالثوري (مات سنة 161 هـ) وشعبة (مات سنة 160 هـ) ومالك (مات سنة 179 هـ)، وابن المبارك (مات سنة 181 هـ).

ولما نجد لابن زنجويه رواية مباشرة عن أي منهم – مع شهرته بالرحلة، وحرصه المبكر على جمع الحديث وتحصيله – فإني أرجح ما حكاه المضىي واعتبر قوله مقبولا ومناسبا. والله أفهم.

رحلاته

بدأ ابن زنجويه رحلاته الفهمية في وقت مبكر، اذ وصف بانه قديم الرحلة، وبأنه ارتحل وهوفتى كما يفهم من قول أبي عبيد – وهوبغدادي – المتقدم: "ما قدم علينا من فتيان خراسان مثل ابن شبويه وابن زنجويه".

وتشير المصادر إلى أنه ارتحل إلى أشهر المراكز الفهمية حينذاك، فتذكر أنه مضى إلى العراق والحجاز والشام ومصر. وزار أشهر مدنها.

ذكر إبن عساكر أنه سمع بدمشق ومصر وحمص وقيسارية والعراق ومكة.

وذكر الخطيب أنه قدم بغداد وحدث عنه بها عدد من أهلها، وذكر هووغيره ان ابن زنجويه رحل الى الشامات. ونطق ابن أبي حاتم: "خط عنه أبي بالمدينة وبمصر".

وزار نيسابور وحدث بها سنة سبع وعشرين ومائتين.

واذا أضفنا خراسان – وهي بلده الأصلي، وقد سمع منه عامة الخراسانيين – إلى الأماكن التي سمع فيها الحديث وخطه، يتبين لنا بعد ذلك، مدى ثقافة ابن زنجويه وتعدد مصادره.

وقد كان ابن زنجويه يتردد على بعض المدن أكثر من مرة، فمن قول أبي عبيد المتقدم: ما قدم علينا" يظهر أنه زار بغداد وهوفتى. ونجد الخطيب يروي عن يحيى بن صاعد – وعده الخطيب فيمن سمع من ابن زنجويه ببغداد – أنه نطق: "قدم علينا (أي ابن زنجويه) سنة ست واربعين ومائتين"، فهي زيارة ثانية لبغداد قبيل وفاته.

وزار مصر قبل سنة 213 هـ. يشير على ذلك أنه استوعب عمروبن أبي سلمة، نطق ابن زنجويه: "لما رجعنا من مصر دخلنا على أحمد ابن حنبل فنطق: مررتهم بأبي حفص عمروبن أبي سلمة،يا ترى؟ نطق: فقلنا له: وما كان عند أبي حفص،يا ترى؟ انما كان عنده خمسون حديثا للأوزعي، والباقي مناولة. فنطق: والمناولة كنت تأخذون منها وتنظرون فيها.

ثم زارها قبيل وفاته زيارة ثانية. نقل الخطيب عن ابن يونس أنه (أي ابن زنجويه) أنه قدم الى مصر وحدث بها وخرج عنها فتوفي سنة احدى وخمسين ومائتين". بل يذكر أبويعلي الفراء أنه توفي بمصر.

شيوخه

نظرا لتبكير ابن زنجويه في طلب الحديث، وارتحاله من أجله إلى مناطق مختلفة، فقد توفر له عدد كبير من الشيوخ والتلاميذ. وقد سمت لنا المصادر عددا من شيوخه. وقد ذكر المزي في جملة شيوخ ابن زنجويه – ممن ليس له ذكر في كتاب الأموال – عمروبن حماد بن طلة القناد ، وعمران بن أبان الواسطي، وغسان بن الربيع، ومحمد بن عبد الله بن كناسة، ويحيى بن حماد بن أبي زياد الشيباني، ويحيى بن صالح الوحاظي.

وزاد ابن عساكر دحيما وهولقب عبد الرحمن بن ابراهيم بن عمروالدمشقي.

تلاميذه

لابن زنجويه تلاميذ كثر، ولبعضهم شهرة واسعة. فمن تلاميذه: أبوداود والنسائي وأبوغرسة وأبوحاتم الرازيان، وابراهيم الحربي وعبد الله ابن الامام أحمد وأبوالعباس السراج وابن أبي الدنيا ويحيى بن صاعد والحسين بن إسماعيل الحاملي ومحمد بن خريم.

وذكر أبويعلى الفراء والخطيب البغدادي وابن عساكر أنه روى عنه البخاري ومسلم وعامة الخراسانيين. ولكن نفى المضىي وأبن حجر حتىقد يكونا رويا عنه في الصحي.

نطق المضىي: "وما سقط له شيء في سليميهما". ونطق ابن حجر: "وكان ذلك في غير السليمين".

مؤلفاته

يذكر الذين ترجموا لابن زنجويه الخط التالي:

1- كتاب الأموال. 2- كتاب الترغيب والترهيب: ورد ذكره بهذا الاسم في سير أعلام النبلاء، وتذكرة الحفاظ وكشف الظنون وشذرات المضى وهدية العارفين والرسالة المستظرفة. بينما ذكره ياقوت الحموي وفؤاد سزكين، فسمياه كتاب التغريب. ويذكر سزكين مواضع اقتباسات منه في الاصابة لابن حجر ومما يلف النظر حتى المزي يذكره فيسميه "كتاب الترغيب في فضائل الأعمال. وفضائل الأعمال يذكره حاجي خليفة واسماعيل باشا البغدادي والكتاني على أنه كتاب مستقل لابن زنجويه، مختلف عن كتاب التغريب والترهيب وفضائل الأعمال والأموال. ونطق الكتاني: "وفضائل الأعمال لحميد بن زنجويه، ونطق المضىي: "هومصنف كتاب الأموال وكتاب الترغيب والترهيب"). 3- كتاب الآداب النبوية: كذا سماه ابن العامد في شذرات المضى وتبعه الزركلي وعمر رضا كحالة. وأورده ابن عساكر في تاريخه، فنطق: "كتاب الآداب". ولما اقتبس منه ابن حجر في تعجيل المنفعة نطق"كتاب الأدب". وواضح أنه كتاب واحد.

منزلته الفهمية

يبدوان اشتغال ابن زنجويه المبكر بالفهم وسعيه في طلبه أكسباه ثقة أهل بلده ومكانة لائقة به.

روى عن أحمد بن سيار قوله" كان (يريد ابن زنجويه) حسن الفقه، رأسا في الفهم، حسن المسقط عند أهل بلده".

ونطق ابن حبان: "كان من سادات أهل بلده فقها وفهما. وهوالذي أظهر السنة بنسأ".

وإذا تبين لن من هذين النصين حسن مسقطه عند أهل بلده، فإننا نجد أقوالا أخرى تدل على ثقة المحدثين فيه وثنائهم عليه:

نطق النسائي: "حميد بن مخلد نسائي ثقة".

ونطق أبوعبد الله الحاكم: "محدث كثير الحديث".

ونطق الخطيب: "كثير الحديث .. وكان ثقة ثبتا حجة".

ونطق أبويعلى الفراء: "...وكان حميد ثقة ثبتا حجة".

ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه "سئل عنه فنطق: "صدوق".

ونطق ابن حجر: "ثقة ثبت، له تصانيف".

وفاته

تختلف المصادر في تحديد سنة وفاته على ثلاثة أقوال:

أولا: أنه توفي سنة سبع وأربعين ومائتين، نطقه ابن حبان.

ثانيا: أنه توفي سنة ثمان وأربعين ومائتين ، وهوقول المزي وبه أرخ وفاته حاجي خليفة وإسماعيل باشا البغدادي.

ثالثا: أنه توفي سنة احدى وخمسين ومائتين، وهوأشهر الأقوال ومروي على الأكثرين، وبه نطق ابن يونس وأبويعلى الفراء وابن كثير وابن العماد، وتبعهم الكتاني والزركلي وسزكين.

أما مكان وفاته فلم يصرح به أحد غير أبي يعلى حيث ذكر انه توفى بمصر. لكن ابن يونس يذكر انه خرج منها وتوفى. نطق: "قدم إلى مصر وحدث بها، وخرج عنها فتوفى سنة احدى وخمسين ومائتين".

الهامش