أحمد منيب
أحمد منيب (1926 - 1991) ، هومطرب وملحن مصرى نوبى.
النشأة
ولد أحمد منيب في أربعة يناير 1926 ، أي بعد بناء سد أسوان بسنوات قليلة، وقد عاش مخلصاً لذلك الشجن الصافي لتلك الجماعة ، جماعة النوبة. فكان أول من عزف على العود في النوبة وقدم مع الشاعر محيى الدين شريف أول أغنية نوبية تتكون من نطقب الأغنية الحديثة ـ ممضى وكوبليهات ـ حيث كانت الخميرة الموسيقيية النوبية قبل هذا التعاون هي وليدة الممارسات الاجتماعية لدى أهل النوبة وجزءاً من طقوسها الشفاهية ، مجرد أغان تتوارثها الأجيال بتنويعات لحنية ثابتة في الأفراح وحفلات الميلاد وأغنيات العمل .
كانت عين الشاب أحمد منيب في هذا التحول متجهة نحوالشمال، بحثا عن توليفة تمزج تلك الموسيقى البعيدة التى لا يستسيغها أهل الشمال ولا يعهدون عنها شيئا (تماما كلغة النوبة الشفاهية التى لا تزال لليوم تبحث لها عن أبجدية) بالموسيقى الشرقية المسيطرة شمالاً. وهل هناك أفضل وأنسب من العود آلة قابلة لهذا التوليف.
عهدت النوبة الطنبور، وهوآلة وترية قديمة ذات جذور فرعونية، أما العود وهوأساس النطقب الشرقي، فكان مهمة العازف الشاب الذي ابتدع من خلاله وصلة مزجت الخماسي الإيقاعي الإفريقي بالشرقي الطربي، وكان المفتتح لذلك هوالشجن الذي حوّل الخماسي الراقص في نسخته الإفريقية إلى موسيقى حزينة ذات إيقاعات أقرب إلى روح الكثير القديم. وانضم الملحن الشاب لفرقة زكريا الحجاوي حيث استمرت جولته معها عامين جابا فيها كافة أنحاء مصر. فاجتمعت له ناصية الثقافة الموسيقية الشرقية وتلوناتها الشعبية إلى ما يكتنزه أصلاً وتختزنه أذنه وذاكرته الموسيقية من موسيقي النوبة.
أحمد منيب وثورة يوليو
وجد أحمد منيب مشروعه مع إهتمام ثورة يوليوبتوطين العلاقة مع السودان وجنوب مصر ، فأنشأت الإذاعة المصرية إذاعة وادي النيل لربط خطابها الأيديولوجي بامتداد مصر الجنوبي ممثلا في السودان. لكن أحمد منيب وزميله الشاعر وَجَّهَا رسالة شخصية للرئيس جمال عبد الناصر طالبا فيها بالسماح للموسيقى النوبية بمساحة في الإذاعة المصرية كتأكيد على مصرية نوبيته.واستجاب الرئيس لندائهما واتى برنامج "من وحي الجنوب" ليسمع المصريين اللغة النوبية بلسان عبد الفتاح والي وألحان العازف الشاب أحمد منيب .
إلى غير ذلك نجح منيب في إنطاق الإذاعة بلغة النوبة كأولى خطوات الانتشار للغة وموسيقى النوبة لكن مع الأسف كان حصار الذوق السمعي عبر غناء الأساطير (الموسيقار محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وبعدهما عبد الحليم حافظ ) سببا في تأجيل مشروعه الكبير، الذي ظل حبيس حفلات الأفراح النوبية في القاهرة والاسكندرية . لقد نجح نجاحاً إكسسوارياً كالإعتراف بأطراف الصورة دون الوصول إلى المركز.
بداية مشوار أحمد منيب الغنائي
بعد موت عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وتراجع الموسيقار محمد عبد الوهاب للتلحين منذ منتصف السبعينيات، ليظهر أحمد عدوية بموسيقى الحارة الشعبية المصرية خارج الأطر الرسمية مع زمن الانفتاح الاقتصادي وصعود طبقات كانت في الاصل في الحضيض وهبوط طبقات مثقفة وواعية وتواريها وابتعاد الأضواء عنها.
التقى أحمد منيب مع الشاعر عبد الرحيم منصور ذي التجارب الناجحة مع عفاف راضي ابنة السبعينيات المدهشة، ليشتمل اللحن الحزين بالحدثة الثرية المهمومة القادمة من عمق الصعيد المجهول لأهل القاهرة خصوصا وللمصريين غير النوبيين عموما، فيما عدا مؤسسية عبد الرحمن الأبنودي التي شاغبت أحلام مطرب الثورة (عبد الحليم حافظ) وزعيمها الخالد (جمال عبد الناصر).كان للحن والحدثة حتى يختارا صوتهما الخاص، فكان محمد منير عام 1978 منجز هذه الترويكا المغامرة والغامضة، وأخضع الموزعان هاني شنودة ويحيي خليل تلك الثورة العِرْقِيَّة الموسيقية والغنائية للمسات غنية بالتوزيع الحديث.
ألحانه وأغنياته
خمسة وثمانون لحناً غنى منها أحمد منيب واحد وخمسين لحناً ضمّنها ألبوماته السبعة:
- مشتاقين
- يا عشرة
- كان وكان
- بلاد الدهب
- راح أغني
- قسمة ونصيب
- حدوتة مصرية
كما قام بتلحين سبع وثلاثين أغنية لمحمد منير وحده في أول عشرة ألبومات، وهناك أغانٍ من ألحانه أيضاً لمطربين مثل المطرب الليبى الأصل حميد الشاعري والمطربين المصريين علاء عبد الخالق وعمرودياب وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد وفارس وحسن عبد المجيد وحنان .
هذا ومن محرري حدثات نجوم تلك الفترة فطاحل وعمالقة مثل : فؤاد حداد ،صلاح جاهين ، عبد الرحيم منصور ، مجدي نجيب ، عصام عبدالله ، أحمد فؤاد نجم ، سيد حجاب ، جمال بخيت وغيرهم.
لكن تجربته مع محمد منير تظل الأكثر جذرية لأنه لا يمكن إحتساب تجربة منير دون أبيه الروحي، الذي قدم معه أجمل أغنيات تلك الفترة مثل:
- أم الضفاير
- اتحدثي
- افتح قلبك
- الرزق على الله
- الليلة يا سمرا
- شجر الليمون
- بعتب عليكي
- حدوتة مصرية
- حواديت
- نجيب سؤال
- سحر المغنى
وقد استطاع ثلاثي تلك التجربة (أحمد منيب، عبد الرحيم منصور، محمد منير) حتى يُدخِلوا، ولأول مرة، الثقافة النوبية إلى جميع بيت وأسرة مصرية حيث انتزع اعترافاً متأخراً بثقافة عانت قروناً من التغييب والتعالي الرسمي.
وفاته
وفي عام 1991 توفى أحمد منيب عن عمر يناهز خمسة وستين عاماً بعد رحلة حافلة بالعطاء والتجديد الموسيقى الذى كان ذا سحر خاص ومذاق مميز لا ينسى لدى الشباب وأحدثت حدثات أغنيته التى تفيض بالحكمة والموعظة.
المصادر
[1]
تصنيفات:مغنون مصريون ملحنون مصريون | موسيقيون مصريون