رد الوفد المصري على مشروع الاتفاق بين بريطانيا ومصر

عودة للموسوعة

رد الوفد المصري على مشروع الاتفاق بين بريطانيا ومصر

رد الوفد المصري على مشروع الاتفاق بين بريطانيا ومصر، مفاوضات سنة 1921- 1922 (عدلي-اللورد كرزون). منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 198- 200"

المنشور

اطلع الوفد الرسمي المصري على المشروع الذي سلمه اللورد كيرزن إلى رئيس الوفد بتاريخعشرة نوفمبر سنة 1921

وقد رأى حتى هذا المشروع يعيد لنا- فيما يتعلق بأكثر المسائل التي تناولتها مناقشاتنا والمذكرات التي تبادلناها منذ أربعة شهور- ذكر النصوص والصيغ بعينها التي عرضت علينا عند بدء المفاوضات ولم نقبلها حينئذ.

فالمسألة العسكرية مثلا، وليست مسألة فوقها في الأهمية، قد استبقى المشروع فيها الحل الذي تصدّيناه أشد التصدي، بل قد توسع فيه بحيث أصبح أشدّ وطأة، ولعمري ليس في حماية المواصلات الإمبراطورية؛ التي قيل فيها في مفاوضات العام الماضي إنها العلة الوحيدة لوجود قوة عسكرية في القطر المصري، ما يبرر هذا الحل.

على أنه؛ وقد كان يكفي حتى تعين في منطقة القناة نقطة تنحصر فيها طرق المواصلات الإمبراطورية ووسائلها. كما تنحصر فيها القوة التي تتولى حمايتها؛ نص المشروع على تخويل بريطانيا العظمى الحق في إبقاء قوات عسكرية في جميع زمان وفي أي مكان من الأراضي المصرية ووضع أيضا تحت تصرفها جميع ما لدى القطر من وسائل المواصلات وطرقها وليس هذا إلا الاحتلال بعينه الاحتلال الذي يمضى بكل معنى للاستقلال، ويقضي على السيادة الداخلية نفسها وقد كفى الاحتلال العسكري في الماضي، ولم يكن إلا مؤقتا، لأن يجعل لبريطانيا العظمى المراقبة المطلقة على الإدارة كلها دون حتى يحتاج في ذلك لأي نص في معاهد أولإثبات أية سلطة له.

أما مسألة العلاقات الخارجية، وهي المسألة الوحيدة التي عدلت فيها الصيغة الأولى لوزارة الخارجية البريطانية بأن سلم فيها بمبدأ التمثيل، فإن المشروع قد أحاط الحق الذي اعترف لنا به بقيود كثيرة كاد يصبح معها أمرا وهميا، إذ كيف من الممكن أن يتصور حتى تكون لوزير الخارجية في أعماله الحرية التي يقتضيها القيام بأعباء منصبه والاضطلاع بتبعاته إذا كان ملزما بنص صريح بأن يبقى على اتصال وثيق بالمندوب السامي. وبعبارة أخرى بأنقد يكون في الواقع خاضعا لمراقبته مباشرة في إدارة الأمور الخارجية وعدا ذلك فإن الالتزام بالحصول على موافقة بريطانيا العظمى على جميع الاتفاقات السياسية، حتى ما لا يتناقض منها مع روح التحالف، فيه إخلال خطير بمبدأ السيادة الخارجية، ثم إذا استبقاء لقب المندوب السامي، وهولقب لم تجر العادة بمنحه للممثلين السياسيين لدى البلاد المستقلة، أوضح في الدلالة على نوع النظام السياسي المقترح لمصر.

وقد كنا نعتقد من جهة أخرى أنه وقد أجلت مسألة الامتيازات لم تبق حاجة إلى النص عليها في المعاهدة وأن المفاوضة بشأنها في المستقبل تكون موكولة إلى مصر صاحبة الشأن الأول. تعاونها حليفتها فيها من الوجهة السياسية. غير حتى المسألة تلحظ اليوم كما لوكانت تعني بريطانيا العظمى على الخصوص. فهي التي تتولى منذ الآن حماية المصالح الأجنبية. وهي التى ترغب عند الاقتضاء حتى مباشر وحدها المفاوضة بشأن إلغاء الامتيازات.

ولسنا نريد حتى نكرر هنا ما تجاوز لنا إبداؤه من الاعتراضات في مذكراتنا على أمر المندوبين (القوميسيرين) المالي والقضائي وتداخلهما في إدارة الشؤون الداخلية كلها باسم حماية المصالح الأجنبية تدخلا قد يصل في بعض الأحوال فيما يختص بالمندوب (القوميسير) المالي إلى مثل سلطه الحكومة والبرلمان.

على أنه يتعين علينا الإشارة إلى حتى المناقشات التي تلت تأجيل مسألة الامتيازات، جعلتنا نحس بأن الاتفاق في شأن حماية المصالح الأجنبية سيمكن حتى يقوم على قواعد أكثر ملاءمة للسيادة المصرية.

أما مسألة السودان التي لم يكن قد تناولها البحث فلا بد لنا فيها من حتى نوجه النظر إلى حتى النصوص الخاصة بها لا يمكن التسليم بها من جانبنا. فإن هذه النصوص لا تكفل لمصر التمتع بما لها على تلك البلاد من حق السيادة الذي لا نزاع فيه. وحق السيطرة على مياه النيل.

إن الملاحظات المتقدمة تغنينا عن مناقشة المشروع تفصيلا ففيها الكفاية للدلالة على روحه ومرماه. ثم إذا لجاج المشروع في ذكر تعهدات بريطانيا العظمى "والتبعات الخصوصية " الواقعة على المندوب السامي واتخاذه غرضا جديدا لوجود القوة العسكرية- وهوصيانة المصالح الحيوية لمصر- قاطع في الدلالة على المعنى الحقيقي المشروع، معنى الوصاية العملية.

وقد كنا عند قبول المهمة التي عهد بها إلينا عظمة السلطان. نؤمل الوصول إلى إبرام محالفة تؤيد استقلال مصر حق التأييد، وتكفل مع ذلك حفظ المصالح البريطانية. وكنا نرى حتى مصرإذا أصبحت حليفة بريطانيا العظمى أخذت نفسها بدقة الوفاء بالعهود وعدّت ذلك من واجبات الذمة والشرف ولكن التحالف بين أمتين لن يتحقق إلا حيث لا يقضى على إحداهما بالخضوع الدائم.

ولقد كانت روح المسألة التي سادت مناقشاتنا تبيح لنا حتى نطمئن إلى نتيجة المفاوضات. ولكن المشروع الذي بين أيدينا لا يحقق ما كنا نتسقط. وليس فيه، كما هو، ما يبقي لنا الأمل في الوصول إلى اتفاق يحقق أماني مصر القومية،

لندرة في 15 نوفمبر سنة 1921


المصادر

  • موسوعة مقاتل من الصحراء


تاريخ النشر: 2020-06-04 20:01:24
التصنيفات: القضية المصرية, 1921 في مصر

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

النصراويون فازوا ولم يسخروا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:16:53
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 88%

صافي الأصول الأجنبية في مصر يتراجع للشهر السادس على التوالي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:16:56
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 100%

شوبير عن نهائي إفريقيا: المؤشرات سلبية للأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:17:22
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 50%

بعملية خاطفة.. اعتقال 3 من قيادات داعش في بغداد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:16:49
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 100%

نتاج الدوري القوي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:16:52
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 86%

انطلاق مؤتمر الوحدة الإسلامية للتعايش والتسامح السلمي بالإمارات

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:17:31
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

روسيا تنتظر ثغرة أميركية لتسديد مسحقات الديون

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:16:51
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 98%

وصول البحارة المصريين الـ20 لأرض الوطن بعد تأمين الإفراج عنهم باليمن 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:17:34
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 65%

عبدالغفار يستقبل سفير إيطاليا ووفد الوكالة الإيطالية للتعاون التنموي

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:17:33
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

الصحة تحذر: لا تأكلوا سمكه القراض.. بها سم قاتل وتسبب الوفاة خلال ساعات

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:17:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

خوفاً من احتجاجات الغلاء.. إيران تقطع الإنترنت عن الأهواز

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:16:42
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 96%

حصيلة كورونا بالمغرب.. الإصابات الجديدة وتفاصيل الملقحين

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:17:18
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

الأهلي المصري يطلب "العدالة" من الاتحاد الإفريقي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:16:58
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 96%

أميركا تقيد استخدام لقاح شهير لكورونا.. سبب جلطات دموية خطيرة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-08 18:17:00
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 100%

تحميل تطبيق المنصة العربية