كتاب الفهرست
كتاب الفهرست شهد له ياقوت الحموي بقوله: «مُصَنِّفُ كتاب الفهرست جَوَّدَ فيه ، واستوعب استيعاباً يشير على اطلاعه على فنون من الفهم وتَحَقُّقِهِِ لجميع الخط… وذكر في مقدمة هذا الكتاب أنه صُنِّفَ في سبع وسبعين وثلاثمئة».
فالكتاب تحققت فيه صفة الإجادة تبويباً واستيعاباً لفنون كثيرة وعلوم غزيرة، وشخصيات عديدة، لا تكاد تجد له نظيراً قبله، يدلك على صحة هذا الانادىء حتى ياقوتاً لا يكاد يفارقه عندما يذكر مؤلفات الأدباء الذين يجد ذكرهم في الفهرست إدراكاً منه لصفتي الجودة والاستيعاب.
الفصول
بنى النديم كتاب «الفهرست» على عشر منطقات هي بمنزلة الأبواب في التصنيف الحديث، ثم قسم جميع منطقة إلى فنون تختلف في عددها.
الخط المقدسة عند المسلمين واليهود والمسيحيين
ففي الموضوعة الأولى ثلاثة فنون: تناول الفن الأول لغات الأمم من عرب وعجم ونعوت أقلامها وأنواع خطوطها وأشكال كتاباتها. وهي منطقة مهمة خطت في موضوعها «رسالة الكتابة» لأبي حيان التوحيدي، وكتاب «صبح الأعشى في صناعة الإنشا» للقلقشندي، مما يكشف عن الإيجاز المدهش الذي كان صفة التعبير الفهمي في كتاب «الفهرست».
والفن الثاني أسماء الشرائع المنزلة، على مذاهب المسلمين ومذاهب أهلها. وملحوظٌ دقة تفكير النديم بتعدد الرؤى في الشرائع المنزلة فهي عند المسلمين لها صورة، وهي عند أهلها لها صورة أخرى؛ لأن الرؤى مختلفة والمسقط منها مختلف، فنطق كلاماً قليلاً وأضمر معاني كبيرة. والفن الثالث في نعت القرآن وأسماء الخط المصنفة في علومه وأخبار القراء وأسماء رواتهم والشواذ من قراءاتهم. فكأن اللغات خزان يحفظ الأفكار البشرية والشرائع السماوية من غير تمييز للسليم من العليل ، على حتى الله ـ عز وجل ـ حفظ شريعة الإسلام بالقرآن الكريم بتعيين سليم الشرائع الإلهية من زائفها.
أعمال الصرف والنحوواللغة
وأما الموضوعة الثانية فهي ثلاثة فنون جعلها في النحويين واللغويين. تناول في الفن الأول أخبار النحويين البصريين، وفي الثاني أخبار النحويين الكوفيين، وفي الثالث من جمع بين الممضىين، ولم يمل بجناحه إلى إحدى المدرستين.
التاريخ والسير والجغرافيا ومثلها
وأما الموضوعة الثالثة ففيها ثلاثة فنون في أخبار الأخباريين والملوك والندماء، وآدابهم وسيرهم وأنسابهم.
الشعر
وأما الموضوعة الرابعة ففيها فنان للشعر والشعراء تناول في الأول طبقات الشعراء المخضرمين وفي الآخر طبقات الشعراء الإسلاميين والشعراء المحدثين إلى زمنه.
فهم الكلام
وأما الموضوعة الخامسة ففيها خمسة فنون جعلها في الكلام والمتحدثين، فنذر أولها لابتداء أمر الكلام والمتحدثين من المعتزلة والمرجئة، وثانيها لمتحدثي الشيعة والإمامية والزيدية والغلاة والإسماعيلية، وثالثها لمتحدثي المجبرة والحشوية، والرابع في متحدثي الخوارج وأصنافهم، والخامس في أخبار الزهاد والمتصوفة والمتحدثين على الوساوس والخطرات.
الفقه والحديث
وأما الموضوعة السادسة فمجعولة للفقه والفقهاء والمحدثين، وجعلها في ثمانية فنون، ففي أولها أخبار مالك وأصحابه، وفي ثانيها أبوحنيفة النعمان وأصحابه، وفي ثالثها الشافعي وأصحابه، وفي رابعها داود وأصحابه، وفي خامسها فقهاء الشيعة، وفي السادس فقهاء أصحاب الحديث والمحدثين، وفي السابع أبوجعفر الطبري وأصحابه، وفي الثامن أسماء فقهاء الشراة. وهولا يذكر الفهماء في جميع ما تقدم إلا وهويثبت ما صنفوه من خط.
الفلسفة والعلوم القديمة
وأما الموضوعة السابعة فمصروفة إلى الفلسفة والعلوم القديمة، وفيها ثلاثة فنون أولها للفلاسفة الطبيعيين والمنطقيين وخطهم ونقولها وشروحها، وثانيها لأصحاب التعاليم والمهندسين وأصحاب الرياضيات والموسيقيين والحُسَّاب والمنجمين وصناع الآلات وأصحاب الحيل والحركات. وثالثها للطب والمتطببين القدامى والمحدثين وأسماء خطهم ونقولها وتفاسيرها.
الأساطير والحكايات والسحر
وأما الموضوعة الثامنة ففي الأسمار والخرافات والعزائم والسحر والشعوذة، وفيها ثلاثة فنون أولها في أخبار المسامرين والمخرفين والمصورين وأسماء الخط المصنفة في الأسمار والخرافات، وثانيها في أخبار المعزمين والمشعبذين والسحرة وأسماء خطهم ، وثالثها للخط المصنفة في فنون شتى مما يجمعه الباب ولا يُعرَفُ مؤلفوها.
منطقات عن غير الموحدين أمثال الهندوس والبوذيين والصينيين وألمانيين
وأما الموضوعة التاسعة فقد حوت المذاهب والاعتقادات في فنين جعل الأول لمذاهب الحرانية الكلدانية المعروفين بالصابئة ومذاهب الثنوية من المنانية والديصانية والخرمية والمزدكية وغيرها، والآخر للمذاهب الغريبة الطريفة كمذاهب الهند والصين وغيرهم من أجناس الأمم.
الكيمياء=
وأما الموضوعة العاشرة ففيها أخبار الكيميائيين والصنعويين من الفلاسفة القدماء والمحدثين وأسماء خطهم. مما تقدم يتبين حتى هذا الكتاب محكم البناء جيد المنهج موصوف بالجودة والاستيعاب، غني بالرؤى والأفكار والعلوم على جهة الكثافة والهجريز، وهوأثر إنساني لا يخص العرب وحدهم بل يتعداهم إلى غيرهم من الأمم.
كما ضمنه آراءه عن أفلاطون وأرسطووأصل كتاب ألف ليلة وليلة والأهرام والسحر والتطير وغيرها من مختلفات المواضيع.
- ^ عبد الكريم محمد حسين. "النديم (محمد بن إسحاق ـ)". الموسوعة العربية.