البابا أدريان السادس Pope Adrian VI (2 مارس 1459 - 14 سبتمبر 1523)، ولد باسم أدريان فلورنسزون بوينيس، كان بابا منتسعة يناير 1522 حتى وفاته بعد 18 شهر.

السيرة

كان البابا قد خلفه غير ما كان عليه البابوات في روما إبان عصر النهضة: كان بابا عاقداً العزم على حتىقد يكون رجلاً مسيحياً مهما كلفه ذلك من جهد. وكان مولده من أسرة وضيعة في أوترخت Utrecht (1459)، وأشرب حب الفهم والتقى من طائفة "إخوان الحياة المشهجرة" في ديفنتر، Deventer والفلسفة المدرسية واللاهوت في لوفان Louvain؛ واختير في الرابعة والثلاثين من عمره مديراً لتلك الجامعة، ثم عين في سن السابعة والأربعين مربياً لشارل الخامس، وفي عام 1515 أوفد في بعثة إلى أسبانيا، وفيها أحب فرديناند بمقدرته الإدارية، وباستقامته الخلقية إعجاباً حمله على تعيينه أسقفاً لطرطوشة. ولما توفي فرديناند ساعد أدريان الكردنال اكسمينس Ximenes على حتى يحكم أسبانيا أثناء غيبة شارل؛ وفي عام 1520 أصبح نائباً للإمبراطور على قشتالة. وظل وهويتدرج في معارج الرقي متواضعاً معتدلاً في جميع شيء عدا قوة العقيدة، بسيطاً في معيشته، يتعقب الملحدين بحماسة جمعت قلوب الشعب على حبه. ووصلت أنباء فضيلته إلى روما فاختار ليوكردنالا، ولما انعقد المجلس المقدس بعد وفاة ليورشح أدريان للجلوس على كرسي البابوية، وكان ذلك فيما يظهر على غير فهم منه، وأكبر الظن أنه كان بتأثير شارل الخامس. وفي الثاني من شهر يناير سنة 1522 اختير للجلوس على كرسي البابوية رجل من غير الإيطاليين لأول مرة منذ عام 1378، ومن التيوتون لأول مرة منذ عام 1161.

ترى كيف من الممكن أن يستطيع أهل روما وهم الذين لا يكادون يسمعون شيئاً عن أدريان يصفحون عن هذه الإهانة التي لحقت بهم باختياره بابا،يا ترى؟ لقد اتهم الشعب الكرادلة بأنهم طاشت أحلامهم،. وأنهم "خانوا دم المسيح" وأذيعت على الشعب منشورات يطلب فيها أصحابها حتى يعهدوا كيف من الممكن أن "استسلمت الفاتيكان لغضب الألمان"(16). وخط أريتينوسيرة كانت آية في الطعن والهاتى سمى فيها الكرادلة "غوغاء مدنسين"، ونادى الله حتى يواروا الثرى أحياء(17). وغطى تمثال بسكوينوبالمطاعن والهاتى؛ وتوارى الكرادلة لأنهم كانوا يخشون حتى يظهروا أمام الجماهير، وعزوا هذا الاختبار إلى الروح القدس الذي أوحى به إليهم على حد قولهم(18). وغادر كثير منهم مدينة روما فراراً من وقاحة الشعب وبطش الإصلاح الكنسي. أما أدريان فقد بقى هادئاً في أسبانيا ينجز فيها عمله الذي لم يكن قد تم بعد، وأبلغ الحكومة البابوية أنه لا يستطيع القدوم إلى روما قبل حتى يحل شهر أغسطس. ولم يكن يفهم بفخامة الفاتيكان، فخط إلى صديق له من أهل روما يطلب إليه حتى يستأجر له بيتاً متواضعاً ذا حديقة ليقيم فيه. ولما قدم إلى المدينة آخر الأمر (ولم تكن عيناه قد سقطتا عليها من قبل)؛ روع وجهه الأصفر الزاهد وجسمه النحيل من شاهدوه، وبعثا في قلوبهم إجلاله ومهابته؛ ولكنه حين نطق وظهر للإيطاليين أنه لا يعهد اللغة الإيطالية، وأنه حين يتحدث اللاتينية يخرج الحروف من حلقه، فكان بذلك بعيداً جميع البعد عن النغم الإيطالي العذب والرشاقة الإيطالية، لما عمل هذا امتلأت قلوب أهل روما غضباً ويأساً.

وأحس أدريان أنه سجين في الفاتيكان وأعرب حتى ذلك القصر أبق بقسطنطين منه بالقديس بطرس، وأمر بوقف جميع أعمال الزخرفة في حجره، وأنطق جميع أتباع رافائيل الذين كانوا يقومون بهذا العمل، وأبعد جميع السائسين الأربعمائة اللذين كان ليويستخدمهم في إسطبلاته عدا أربعة منهم. ولم يبق من خدمه الخصوصيين إلا اثنين لا أكثر- كلاهما من الهولنديين- وأمرهما حتى يخفضا نفقات بيته إلى دوقة واحدة (اثني عشر دولاراً ونصف دولار) في اليوم. واشمأزت نفسه مما شاهده في روما من الفساد الجنسي ومن بذيء القول والكتابة، ونطق ما نطقه لورندسوولوثر من حتى عاصمة المسيحية بؤرة أقذار ومظالم. ولم يكن يعنى أقل عناية بما عرضه عليه الكرادلة من روائع الفن القديم، وندد بالتماثيل ووصفها بأنها من بقايا الوثنية، وسور قصر بلفدير الذي كان يحتوي على أحسن مجموعة في أوربا من التماثيل الرومانية القديمة(19). وكان يفكر فوق ذلك حتى يضيق الخناق على الكتاب الإنسانيين والشعراء، فقد خيل إليه أنهم يعيشون ويخطون كما يعيش ويخط الوثنيون الذين نفوا المسيح. ولما حتى هجاه فرانتشيسكوبيرني بأقذع الألفاظ ووصفه بأنه هولندي همجي عاجز عن فهم ما ينطوي عليه الفن الإيطالي والآداب والحياة الإيطالية من ظرف ورقة، أنذره أدريان هووأمثاله بأنه يفترض أن يغرق جميع الهجائين في نهر الثيبر(20).

وكان هم أدريان الأول ومظهر عاطفته الدينية وتقواه في أثناء ولايته حتى يعود بالكنيسة من حالها في أيام ليوإلى ما كانت عليه في عهد المسيح. ولهذا أتخذ أقصر الطرق دون مجاملة أومداجاة لإصلاح ما استطاع حتى يصل إليه من المفاسد الكنسية؛ فألغى ما لا ضرورة له من المناصب، واستخدم في ذلك من العنف ما كان في بعض الأحيان طيشاً منه وعدم بصيرة؛ وألغى العقود التي ارتبط بها ليوبأن يدفع معاشاً سنوياً لمن ابتاعوا مناصب في الكنيسة؛ وبذلك خسر 2550 ممن ابتاعوا هذه المناصب واستثمروا فيها أموالهم، خسروا رأس المال والفائدة إذا صح هذا التعبير، وتردت أصداء صرخاتهم في أراتى روما ونادوا بأنهم قد خدعوا ونهبت أموالهم، وحاول أحد الضحايا حتى يغتال البابا، ونطق البابا لأقاربه الذين اتىوه يطلبون حتى يعينهم في مناصب دينية ذات مرتبات مرغدة لا يقابلها عمل يقومون به- نطق لهم ارجعوا واكسبوا العيش بالعمل الشريف، وبتر دابر الرشا ومنح المناصب للأقارب، وتعقب ما في الحكومة البابوية من فساد، وفرض عقوبات صارمة على الرشوة واختلاس الأموال العامة، وعاقب الكرادلة المذنبين بنفس العقوبات التي كان يسقطها على أصغر رجال الدين. وأمر الأساقفة والكرادلة حتى يعودوا إلى مقر مناصبهم، وألقى عليهم دروساً في الأخلاق التي يريد منهم حتى يتصفوا بها، وكان مما نطقه لهم إذا سمعة روما السيئة أضحت تلوكها الألسنة في جميع أنحاء أوربا. ولم يشأ حتى يتهم الكرادلة أنفسهم بالرذيلة، ولكنه اتهمهم بأنهم يهجرون الرذيلة تتفشى في قصورهم دون حتى تلقى عقاباً. وطالبهم بأن يضعوا حداً لترفهم، وأن يقنعوا بإيراد أقصاه 6000 دوقة (75.000 دولار) في العام. وخط سفير البندقية في الفاتيكان وقتئذ يقول: "إن جميع رجال الكنيسة في روما قد مضىت عقولهم من شدة الرعب، حين رأوا ما استطاع البابا حتى يعمله في خلال ثمانية أيام"(21).

لكن الأيام الثمانية لم تكف لبتر دابر الفساد كما لم تكف لبتر دابره الثلاثة عشر شهراً من ولاية أدريان النشيطة. لقد أخفت الرذيلة رأسها إلى حين، ولكنها لم يقض عليها القضاء المبرم، ذلك حتى الإصلاح قد ضايق العدد الجم من الموظفين، ولقي مقاومة مكبوتة، وأثار أملاً في حتى يعجل الله منية أدريان. وأحزن البابا وأقض مضجعه عجز الإنسان عن حتى يصلح الناس؛ وكثيراً ما جهر بقوله: "ما أكثر ما تعتمد مقدرة الإنسان وكفايته على العصر الذي يقوم فيه بأعماله!"- ونطق لصديقه القديم هيز Heeze وهوقلق مضطرب الخاطر: "ما أكبر الفرق بين هذه الحياة وما كنا ننعم به من هدوء في لوفان!"(22).

وكان وهوفي هذه المتاعب الداخلية يقابل بأقصى ما يستطيعه من شرف مشاكل السياسة الخارجية الخطيرة. فقد أعاد أربينوإلى فرانتشيسكوماريا دلا روفيرى. وهجر ألفنسوفي فيرارا لا يزعجه شيء. ولما حتى انتهز الطغاة المطرودون من بلادهم فرصة سياسة البابا السليمة فاستولوا على زمام السلطة في بيروجيا، وريميني وغيرهما من الولايات البابوية، أهاب أدريان بالإمبراطور شارل وبالملك فرانسس حتى يتصالحا أوفي القليل حتى يتهادنا، ويشهجرا في صد الأتراك الذين كانوا يستعدون لغزورودس. ولكن شارل فضل حتى يسقط مع هنري الثامن ملك إنجلترا معاهدة ونزر Windsor (19 يونية سنة 1522) التي تعهدا فيها بالاشتراك في الهجوم على فرنسا، وفي الحادي والعشرين من ديسمبر استولى الأتراك على رودس آخر معاقل المسيحية في شرقي البحر المتوسط، وترددت الإشاعات بأنهم يضعون الخطط للنزول بأبوليا والاستيلاء على إيطاليا المضطربة المختلة النظام. ولما اعتقل بعض الجواسيس الأتراك في روما بلغ الهلع بين السكان حداً أذكر الناس بالخوف الذي انتشر فيها حين تسقطت حتى يغزوها هنيبال بعد فوزه في كاني عام 216 ق.م. وكان مما أترع الكأس ألما لأدريان حتى الكردنال فرانتشيسكوسدريني كبير وزرائه وموضع ثقته، ونائبه الأول في المفاوضات التي كانت تهدف إلى عقد صلح أوربي، أخذ يدبر في السر مع فرانسس هجوماً فرنسياً على صقلية. ولما حتى كشف أدريان المؤامرة، وترامى إليه حتى فرانسس يحشد الجند على حدود إيطاليا، خرج عن الحياد وعقد حلفاً بين البابوية وشارل الخامس. وبعد حتى تحطم جسمه وروحه على هذا النحوأصابه السقم ومات في الرابع عشر من سبتمبر عام 1623. وأوصى بتوزيع أملاكه على الفقراء، وكان آخر ما أصدره من التعليمات حتى تكون جنازته هادئة قليلة النفقة.

وحيت روما موته ببهجة أعظم مما كانت تحيي بها المدينة نجاتها من الهجر لوأنهم اتىوها فاتحين. ونطق بعضهم إنه قد سم لمعاداته الفنون، وألصق أحد الماجنين على باب طبيب البابا رقعة خط عليها بالإيطالية Liberratiori Patriae تليها الحروف الآتية S P Q R يعبر بها عن شكر مجلس الشيوخ وشعب روما "لمحرر الوطن". وخط عدد لا حصر له من عبارات الهاتى لتسوئة سمعة الحبر المتوفى، فأتهم بالنهم، والسكر، وأفظع أنواع الفساد الخلقي، وبدل الحقد والسخرية جميع عمل قام به في حياته فاصبح شراً وخبثاً، واحتفرت "صحافة" روما بما كان باقياً لها من حرية بمنطقاتها في الطعن على البابا قبرها بنفسها. لقد كان مما يؤسف له حتى أدريان لم يستطع حتى يفهم النهضة على حقيقتها، ولكن عجز النهضة عن حتى تسمح بوجود بابا مسيحي في عهدها كان أكثر من ذلك جرماً وأشد حماقة.

خير برهان على أنه لم يعد سبيل للإصلاح إلا حتى يأتي بضربة من الخارج هوإخفاق أدريان السادس (1522-23). ذلك أنه سلم بهذه المفاسد واضطلع بإصلاحها في القمة، ولكن أهل روسا سخروا منه وسبوه لأنه يهدد مواردهم من مضى الأقطار الواقعة وراء الألب. وبعد عامين من النضال ضد هذه الأنانية الجاهلة توفي أدريان قهراً.

الهامش

المصادر

• ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
• Coster, Wim (2003), Metamorfoses. Een geschiedenis van het Gymnasium Celeanum, Zwolle: Waanders, ISBN 90-400-8847-0 
• Creighton, Mandell (1919), A History of the Papacy from the Great Schism to the Sack of Rome, 6, New York: Longmans, Green 
• Duke, Alastair (2009), "The Elusive Netherlands: The Question of National Identity in the Early Modern Low Countries on the Eve of the Revolt", in Duke, Alastair; Pollmann,, Judith; Spicer, Andrew, Dissident identities in the early modern Low Countries, Farnham: Ashgate Publishers, pp. 9–57, ISBN 978-0-7546-5679-1 
• Frey, Rebecca Joyce (2007), Fundamentalism, New York: Infobase Publishing, ISBN 0-8160-6767-8 
• Howell, Robert B. (2000), "The Low Countries: A Study in Sharply Contrasting Nationalisms", in Barbour, Stephen; Carmichael, Cathie, Language and nationalism in Europe, Oxford: Oxford University Press, pp. 130–50, ISBN 0-19-823671-9 
• Schlabach, Gerald W. (2010), Unlearning Protestantism: Sustaining Christian Community in an Unstable Age, Grand Rapids: Brazos Press, ISBN 978-1-58743-111-1 

وصلات خارجية

مشاع الفهم فيه ميديا متعلقة بموضوع Hadrianus VI.

• Pope Adrian VI Catholic Encyclopedia
• Pope Adrian VI to Francesco Chieregati, Nov. 25, 1522[1] Re: Luther, corruption in the Catholic Church, the need for reform, etc.
• Writings of Pope Adrian VI in Latin