أوگستين من هيپو

عودة للموسوعة

أوگستين من هيپو

القديس أوگستين من هيپو

وُلـِد 13 نوفمبر، 354 في تاگاست, الجزائر
تـوفي 28 أغسطس، 430 في هيبو
مبـّجل في معظم المجموعات المسيحية
يوم عيده 28 أغسطس
رموزه الأيقونية child; dove; pen; shell, pierced heart
شفيع brewers; printers; sore eyes; theologians
بوابة قديسين
القديس أوگستين من هيپو

أوگستين من هيپو Augustine (13 نوفمبر، 354 - 28 أغسطس، 430)، هوأحد أبرز الشخصيات في المؤثرة في المسيحية الغربية. تعتبره الكنيستين الكاثوليكية والأنجليكانية قديسا وأحد آباء الكنيسة البارزين وشفيع المسلك الرهباني الأوغسطيني. يعتبره الكثير من البروتستانت، وخاصة الكالفنيون أحد المنابع اللاهوتية لتعاليم الإصلاح البروتستانتي حول النعمة والخلاص. تعتبره بعض الكنائس الأورثوذكسية مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قديسا بينما يعابره البعض هرطقيا بسبب آرائه حول مسألة الانبثاق. ولد في مدينة تگاست (سوق أهراس, الجزائر حالياً) في العام 354 م. كان والد أوغسطين يتمتع بمنصب هام في تلك المنطقة من البلاد ولكنه لم يكن غنياً، وكان أيضاً وثنياً لويعتنق المسيحية إلا في أواخر أيامه أما والدة أوغسطين القديسة مونيكا فإنها كانت مسيحية تقية. تلقّى تعليمه في روما وتعمّد في ميلانو. مؤلفاته - بما فيها الإعترافات، التي تعتبر أول سيرة ذاتية في الغرب - لا تزال مقروءة في شتى أنحاء العالم.

حياته

القديس أوغسطين يتحدّر من أب روماني وأم من السكان المحليين في نوميديا. ولد في تگاست عام 354 (حاليا سوق أهراس، الجزائر) التي كانت مدينة تقع في إحدى مقاطعات مملكة روما في شمال أفريقيا. عندما بلغ الحادية عشرة من عمره أوفدته أسرته إلى مداورش، مدينة نوميدية تقع 30 وقع جنوبي تجست. في جيل السابعة عشرة مضى إلى قرطاج لإتمام دراسة فهم البيان. كانت أمه مونيكا مسيحية مؤمنة أما والده فكان وثنيا. رغم تنشأته على أمه المسيحية إلا حتى أوغسطين اعتنق المانوية خاذلا أمه. في شبابه عاش أوغسطين حياة متعية وفي قرطاج كانت له علاقة مع امرأة ستكون خليلته لمدة 15 عاما. خلال هذه الفترة ولدت له خليلته ابنا حمل اسم أديودادتوس Adeodatus كان تعليمه في موضوعي الفلسفة وفهم البيان، فهم الإقناع والخطابة. بعد حتى عمل في التدريس في تجست وقرطاج انتقل عام 383 إلى روما لظنّه أنها موطن خيرة فهماء البيان. إلا أنه سرعان ما خاب ظنه من مدارس روما وعندما حان الموعد لطلابه حتى يدفعوا ثمن أتعابه قام هؤلاء بالتهرب من ذلك. بعد حتى قام أصدقاءه المانويين بتقديمه لوالي روما، الذي كان يبحث عن أستاذ لفهم البيان في جامعة ميلانو، تم تعيينه أستاذا هناك واستلم منصبه في أواخر عام 384.

في ميلانوبدأت حياة أوغسطين بالتحول. من خلال بحثه عن معنى الحياة بدأ يبتعد عن المانوية منذ حتى كان في قرطاج ، خاصة بعد لقاء مخيب مع أحد أقطابها. وقد استمرت هذه التوجهات في ميلانوإذ مضىت توجهت أمه إليها لإقناعه باعتناق المسيحية كما كان للقائه بأمبروزيوس، أسقف ميلانو، أثرا كبيرا على هذا التحول. لقد أحب أوغسطين بشخصية أمبروزيوس وبلاغته وتأثر من موعظاته فقرر هجر المانوية إلا أنه لم يعتنق المسيحية فورا بل جرّب عدة مذاهب وأصبح متحمسا للأفلاطونية المحدثة.

في صيف 386، بعد قراءته سيرة القديس أنطونيوس الكبير وتأثره بها قرر اعتناق المسيحية، هجر فهم البيان ومنصبه في جامعة ميلانووالدخول في سلك الكهنوت. لاحقا سيفصّل مسيرته الروحية في كتابه الاعترافات. فقام أمبروزيوس بتعميده وتعميد ابنه في عام 387 في ميلانو. عام 388 عاد إلى أفريقيا وقد توفيت أمه وابنه في طريق العودة تاركين اياه دون عائلة.

بعيد عودته إلى تجست قام بتأسيس دير. عام 391 تمت سيامته كاهنا في إقليم هيبو(اليوم عنابة في الجزائر). أصبح واعظا شهيرا (وقد تم حفظ أكثر من 350 موعظة تنسب إليه يعتقد أنها أصيلة) وقد عُرِف عنه محاربته المانوية التي كان قد اعتنقها في الماضي.

عام 396 تم تعيينه أسقفا مساعدا في هيبووبقي أسقف خيبوحتى وفاته عام 430. رغم هجره الدير إلا أنه تابع حياته الزاهدة في بيت الأسقفية. الأنظمة الرهبانية التي حددها في ديره أهلته حتىقد يكون شفيع الكهنة.

القديس أوجسطين


الآثم

كانت أفريقيا الشمالية التي ولد فيها أوجسطين موطن خليط من الأجناس والعقائد، أمتزج في أهلها الدم البونى والنوميدى بالدم الروماني ، ولعلهما أمتزجا في أوجسطين. وكان كثيرون من الناس يتحدثون اللغة البونية -وهي لغة قرطاجة الفينيقية القديمة، وقد بلغوا من الكثرة حداً اضطر معه أوجسطين وهوأسقف ألا يعين من القساوسة إلا من كان يتحدث هذه اللغة. وكانت الدونانية فيها تتحدى الديانة القويمة، والمانية تتحداهما جميعاً، ويلوح حتى كثرة الأهلين كانت لا تزال وثنية. وكان مسقط رأس أوجسطين هوبلدة [تاجستي] في نوميديا. وكانت أمه القديسة مونيكا Monica مسيحية مخلصة قضت حياتها كلها تقريباً في العناية بولدها الضال والنادىء له بالهداية. أما والده كان رجلا قليل المال، ضعيف المبادئ صبرت مونيكا على عدم وفائه ليقينها أنه لن يستمر على هذا إلى أبد الدهر. ولما بلغ الغلام الثانية عشرة من عمره أوفد إلى المدرسة في مدورا Madaura، ولما بلغ السابعة عشر أوفد ليتم دراساته العليا في قرطاجنة. وقد وصف سلفان أفريقيا بعد ذلك الوقت بقليل بأنها "بالوعة أقذار العالم" ، كما وصف قرطاجنة بأنها "بالوعة أقذار أفريقيا". ومن أجل هذا كانت النصيحة التي أسدتها مونيكا لولدها وقت وداعه هي كما اتىت على لسانه.

"لقد أمرتني ، وحذرتني في جد وصرامة من مخالفة أمرها ، وألا أرتكب الفحشاء، وخاصة ألا أدنس عرض امرأة متزوجة. وخيل إلي حتى هذه الأقوال لا تعدوحتى تكون نصائح امرأة ، وأن من العار حتى أعمل بها ...واندفعت في غوايتي اندفاع الأعمى ، حتى كنت أخجل وأنا بين لذاتي من حتى أرتكب ذلك الجرم الشنيع فأكون أقل منهم قحة حين كنت أستمع إليهم يتفاخرون أعظم الفخر بآثامهم ؛ نعم فقد كان تفاخرهم يعظم حدثا زادت حيوانيتهم. وكنت أسر من هذه الأعمال الفاضحة ، ولكم يكن ذلك لما فيها من لذة فحسب ، بل لما أناله بسببها من المديح... فإذا عدمت فرصة ارتكاب عمل من الأعمال الإجرامية، التي تسلكني مع السفلة الخاسرين : تظاهرت بأني قد عملت ما لم أعمله قط".

وقد أظهر أوجسطين أنه تلميذ مجد في اللغة اللاتينية ، وفي العلوم الرياضية ، والموسيقى والفلسفة" وكان عقلي القلق عاكفاً على طلب الفهم". ولمقد يكون يحب اللغة اليونانية، ولذلك لم يتقنها ولم يتفهم آدابها، ولكنه افتتن بأفلاطون افتتاناً جعله يلقبه "نصف الإله" ، ولم يمتنع عن حتىقد يكون أفلاطونياً بعد حتى صار مسيحياً. وقد هيأه مرانه الوثني في المنطق والفلسفة لأنقد يكون أعظم الفقهاء دهاء في الكنيسة المسيحية. ولما أتم دراسته أخذ يفهم النحوفي تاجستى ثم البلاغة في قرطاجنة. وإذا كان قد بلغ وقتئذ السادسة عشر من عمره فقد "كثر الكلام حول اختيار زوجة لي". ولكنه فضل حتى يتخذ له خليلة -وهي طريقة بسيطة ترضاها المبادئ الأخلاقية والوثنية والقوانين الرومانية. وإذ لم يكن أوجسطين قد عمَد بعد ، فقد كان في وسعه حتى يستمد مبادئه الخلقية أنى شاء. وكان اتخاذه خليلة له ارتقاء من الناحية الأخلاقية، فقد أنبتر بعدها عن الاختلاط الجنسي الطليق، ويلوح أنه ظل وفياً لخليلته حتى افترقا في عام 385. ووجد أوغسطين نفسه في عام 382 وهولا يزال في الثامنة عشر من عمره أباً لولد ذكر على كره منه، وقد لقب هذا الولد في وقت من الأوقات "ابن خطيئتي"، ولكنه كان يسميه عادة أديوداتوس Adeodatus- أي عطية الله، وقد أحب الولد فيما بعد حباً شديداً، ولم يكن يسمح له حتى يبتعد عنه قط.

ولما بلغ التاسعة عشرة من العمر غادر قرطاجنة إلى عالم روما الواسع. وخشيت أمه ألا يعمد فرجته ألا يمضى إلى روما ، فلما أصر على الذهاب ، توسلت إليه حتى يأخذها معه. فتظاهر بموافقتها على توسلها، ولكنه حين مضى إلى الميناء هجرها تصلي في معبد صغير وأبحر دون حتى يأخذها معه. وقضى عاماً في روما يفهم البلاغة ، ولكن تلاميذه لم يؤدوا له أجره ، فطلب حتى يعين أستاذاً في ميلان ، وامتحنه سيماخوس ووافق على طلبه وأوفده إلى ميلان ببريد الدولة، وهناك لحقت به أمه الشجاعة، وأقنعته بأن يسمع معها إلى مواعظ أمبروز ، وتأثر هوبهذه المواعظ، ولكنه تأثر أكثر من هذا بالترنيمة التي ترنم بها المصلون. وأقنعته مونيكا في الوقت عينه بأن يتزوج ، ثم خطبت له عروساً بالعمل، وكان الآن في الثانية والثلاثين من عمره ، وكانت عروسه بنتاً صغيرة في السن عظيمة الثراء ورضى أوجسطين حتى ينتظر عامين حتى تبلغ الثانية عشر. وكان أول ما أستعد به لزقابل حتى أعاد حظيته إلى أفريقيا ، حين دفنت أحزانها في دير النساء. وكان امتناعه عن النساء أسابيع قليلة كافياً لأن يسبب له انهياراً في أعصابه، فأستبدل بالزواج حظية أخرى، ونادى الله قائلا :"ارزقني العفة، ولكنها لم يحل أوانها بعد".

القديس أوجسطين ووالدته القديسة مونيكا بريشة ايري شيفر 1846

وقد عثر في خلال هذه المشاغل المتنوعة وقتاً لدراسة العلوم الدينية. ولقد بدأ الرجل حياته بعقيدة أمه البسيطة ، ولكنه نبذها بأنفه وكبرياء حين مضى إلى المدرسة، ظل تسع سنين معتنقاً عقيدة الأثنينية المانية لأنه رأى وسيلة لفهم العالم المركب من الخير والشر بالتمييز بينهما. وقضى بعض الوقت يداعب تشكك المجمع الفهمي المتأخر، ولكن مزاجه الشديد التأثر والانفعال لم يكن يطيق البقاء زمناً طويلاً معلق الحكم. ودرس وهوفي روما وميلان خط أفلاطون وأفلوطين وتأثرت فلسفته أشد التأثر بالأفلاطونية الجديدة، وظلت تسيطر على طريقة على علوم الدين المسيحية إلى أيام أبيلار Abelard. وكانت هذه الفلسفة سبيل أوغسطين إلى المسيحية. وكان أمبروز قد أشار عليه بأن يقرأ الكتاب المقدس على ضوء ما نطقه بولس من حتى "الحرفية تقتل ولكن الروح تعمل للحياة". ووجد أوغسطين حتى التفسير الرمزى للكتاب المقدس يزيل ما كان يظهر له في سفر التكوين من سخف، ولما قرأ رسائل بولس شعُر بأنه قد عثر رجلاً مرت به مثله آلاف الشكوك، فلما ثبتت عقيدته أخر الأمر لم يكن عقلا أفلاطونيا مجرداً بل عثر حدثة الله التي أصبحت إنساناً. وبينما كان أوغسطين جالساً في يوم من الأيام في إحدى حدائق ميلان مع صديقه اليبيوس، خيل إليه أنه يسمع صوتاً يطن في أذنيه ويناديه : "خذ واقرأ، خذ واقرأ". ففتح رسائل بولس مرة أخرى وقرأ : لا بالبطر والسكر، لا بالمضاجع والعهر، لا بالخصام والحسد. بل ألبسوا الرب يسوع المسيح، ولا تضعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات . وكانت هذه الفقرة خاتمة تطور طويل الأمد في مشاعر أوغسطين وأفكاره. وقد عثر في هذا الدين العجيب شيئاً أعظم حرارة وأعمق فكراً من جميع ما في منطق الفلسفة؛ لقد اتىته المسيحية لترضى فيه عاطفته المنعملة القوية؛ فلما حتى تخلص من التشكك الذهني عثر لأول مرة في حياته دافعاً خلقياً قوياً، وراحة عقلية، وأقر صديقه اليبيوس أنه هوالأخر مستعد لأن يخضع مثله لهذا الصوت الجديد، وتلقت مونيكا هذا الاستسلام منهما فعكفت على الصلاة حمداً لله على هذه النعمة. وفي يوم عيد الفصح من عام 387 عَمّد أمبروز أوغسطين ، وأليبيوس وأديوداتس، ووقفت مُونِكا إلى جانبهم أثناء التعميد فرحة مستبشرة ، وصمم أربعتهم على حتى يمضىوا إلى أفريقيا ليعيشوا فيها معيشة الرهبان. ثم ماتت مونيكا في أستيا Ostia وهي واثقة من أنها ستجتمع بهم في الجنة. ولما وصلوا إلى أفريقيا باع أوغسطين ما خلفه له أبوه من ميراث صغير ووزع ثمنه على الفقراء، ثم ألف هووأليبيوس وطائفة من الأصدقاء جماعة دينية وعاشوا معاً في تاجستى، فقراء، عزاباً، منبترين للدرس والصلاة. وعلى هذا النحووجدت الطريقة الأوغسطينية 388 ، وهي أقدم أخوة رهبانية في الغرب كله.

Detail of St. Augustine in a stained glass window by Louis Comfort Tiffany in the Lightner Museum, St. Augustine, Florida.

العالم الديني

توفى أديوداتس في عام 389 وحزن عليه أوجسطين كأنه لم يزل وقتئذ يشك فيما ينتظره الذين يموتون وهم مؤمنون بالمسيح من سعادة أبدية. وكان عزاؤه الوحيد في هذا الحزن العميق هوالعمل والكتابة. وفي عام 391 استعان به فليريوس أسقف هبوHpoo (بونة الحالية) على إدارة أبرشيته، ورسمه قسيساً ليمكنه من القيام بهذا العمل. وكثيراً ما كان فليريوس يهجر له منبر الخطابة، فكانت بلاغة أوغسطين تؤثر أبلغ الأثر في المصلين سواء فهموها أولم يفهموها. وكانت هبوثغراً يسكنه نحوأربعين ألفاً من السكان، وكان للكاثوليك فيه كنيسة. وكان بقية السكان من المانيين ، أوالوثنيين. وكان فرتوناتس Fartunatus الأسقف الماني صاحب السيطرة الدينية في هذه البلدة، ولهذا أنظم الدوناتيون إلى الكاثوليك في تحريض أوغسطين على حتى يقابله في نقاش ديني، وقبل أوغسطين هذا الطلب، ولبث هذان الخصمان، أوإذا شئت المجالدان الجديدان يومين كاملين في جدلهم أمام حشد كبير امتلأت به حمامات سوسيوس Socios. وفاز أوغسطين على مناظره، فغادر فرتوناتس هبوولم يعد إليها أبداً 392. وبعد أربعة أعوام من ذلك الوقت طلب فليريوس إلى أتباعه حتى يختاروا خلفه معللا طلبه هذا بشيخوخته، فأجمعوا أمرهم على اختيار أوغسطين، ولكنه عارض في هذا الاختيار وبكى، وتوسل إليهم حتى يسمحوا له بالعودة إلى ديره، غير أنهم تغلبوا عليه؛ وطل الأربعة والثلاثين عاماً الباقية من عمره أسقفاً لهبو.

ومن هذه البقعة الصغيرة كان يحرك العالم. فبدأ عمله باختيار شماس أوشماسين، واتى براهبين من ديره ليساعداه في عمله، وعاشوا جميعاً عيشة الدير الشيوعية في مسكنهم الكنسي، ولذلك استولت بعض الدهشة على أوغسطين حين رأى أحد أعوانه يهجر حين وفاته ميراثاً لا بأس به. وكانوا جميعاً يعيشون على الخضر ويبقون اللحم للأضياف والسقمى. وقد وصف أوغسطين نفسه بأنه قصير القامة، نحيل الجسم، ضعيف البنية على الدوام؛ وكان يشكواضطراباً في الرئة، وكان شديد التأثر بالبرد. وكان مرهف الأعصاب، سريع التهيج، قوي الخيال مكتئبه، حاد الذهن، مرن العقل. وما من شك في أنه كان يتصف بكثير من الخلال المحبوبة رغم تمسكه الشديد بآرائه، وتعسفه في أحكامه الدينية، وعدم تسامحه في بعض الأحيان. وقبل كثيرون مما اتىوا ليأخذوا عنه فنون البلاغة زعامته الدينية، وظل أليبيوس من أتباعه إلى أخر حياته. ولم يكد أوغسطين يجلس على كرسي الأسقفية حتى بدأ كفاحه الذي أستمر مدى الحياة ضد الدوناتية. فكان يتحدى زعمائهم ويدعوهم إلى المناقشة العلنية، ولكن لم يقبل دعوتهم إلا عدد قليل منهم، ثم نادىهم إلى مؤتمرات حبية، ولكنهم أجابوه بالصمت، ثم بالإهانة، ثم بالعنف، وشنوا هجوماً شديداً على عدد من الأساقفة الكاثوليك في شمالي أفريقية؛ ويبدوحتى عدة محاولات قد بذلت لاغتيال أوغسطين نفسه. على أننا لا نستطيع حتى نبتر في هذا برأي حاسم لأنه ليس لدينا ما يقوله الدوناتية في هذا الشأن؛ وفي عام 411 اجتمع مجلس ديني في قرطاجنة استجابة لدعوة الإمبراطور هونوريوس ليضع حداً النزاع مع الدوناتية؛ وأوفد الدوناتيون 279 من أساقفتهم، كما أوفد الكاثوليك 286 أسقفاً - لكننا يجدر بنا حتى نشير هنا إلى حتى لفظ أسقف لم يكن له في أفريقيا معنى أكثر من لفظ قسيس وبعد حتى سمع مرسلينوس Mercellinus مندوب الإمبراطور حجج جميع من الفريقين أمر ألا يعقد الدوناتية اجتماعاً عاماً بعد ذلك اليوم، وأن يسلموا جميع كنائسهم إلى الكاثوليك. ورد الدوناتية على ذلك بأعمال في منتهى العنف منها، على ما ينطق، أنهم قتلوا رستتيوتوس Restitutus أحد قساوسة هبووبتروا بعض أعضاء رجل من رجال أوغسطين، وألح أوغسطين على الحكومة حتى تنفذ قرارها بالقوة ، وخرج على آرائه القديمة القائلة بأنه "يجب ألا يرغم أحد على القول بوحدة المسيح... وأنه ينبغي لنا حتى لا نقاتل الناس إلا بقوة الحجة، وألا نتغلب إلا بقوة العقل". وختم دعوته بقوله إذا الكنيسة هي الأب الروحي لجميع الناس، ومن ثم يجب حتىقد يكون لها ما للأب من حق في عقاب الابن المشاكس لرده إلى ما فيه الخير له ؛ وقد بدا له حتى إيقاع الأذى ببعض الدوناتية خير "من حتى تصب اللعنة على الجميع لحاجتهم إلى من يرغمهم". وكان في الوقت نفسه يكرر الدعوة إلى موظفي الدولة ألا ينفذوا عقوبة الإعدام على المارقين. وإذا غضضنا النظر عن هذا النزاع المرير، وعن المشاغل التي تتطلبها أعمال منصبه الديني، حق لنا حتى نقول إذا أوغسطين كان يعيش في مملكة العقل وإن معظم عمله كان بقلمه. فقد كان يخط في جميع يوم تقريباً رسالة لا يزال لها أعظم الأثر في أصول الممضى الكاثوليكي؛ وإن مواعظه وحدها لتملأ مجلدات ضخمة. ومع حتى بعضها قد أفسدته البلاغة المصطنعة وما فيه من جمل متقابلة متوازنة؛ ومع حتى الكثير من هذه المواعظ يبحث في موضوعات محلية، لا شأن لها بغير الوقت الذي قبلت فيه، ويبحث فيها بأسلوب سهل يتفق مع عقلية الجماعات غير المتفهمة التي كانت تنصت إليه، ومع هذا كله فإن الكثير من هذه المواعظ يسموإلى منزلة عليا من الفصاحة منشؤها عاطفته الصوفية القوية، والعقيدة الثابتة المتأصلة في أعماق نفسه، ولم يكن في وسع نفسه حتى يحصر عقله في أعمال أبرشيته لأنه عقل دأب على العمل ومرن على منطق المدارس. وقد بذل غاية جهده فيما أصدره من الرسائل التي كان بعضها يأخذ برقاب بعض في حتى يوفق بين العقل وبين العقائد عقائد الكنيسة التي كان يجهلها ويرى أنها نادىمة النظام والأخلاق الفاضلة في هذا العالم الخرب المضطرب. وكان يدرك حتى التثليث هوالعقبة الكؤود في سبيل هذا التوفيق، ولهذا قضى خمسة عشر عاماً يعمل في أدق خطه وأحسنها تنظيماً وهوكتاب التثليث De Trinitate الذي حاول فيه حتى يجد في التجارب الإنسانية نظائر لثلاثة أشخاص في إله واحد، ومما حيره أكثر من هذه المسألة، وملأ حياته كلها بالدهشة والمجادلة، معضلة التوفيق بين حرية الإرادة وفهم الله الأزلي السابق لأعمال الإنسان. فإذا كان فهم الله يضم جميع شئ فهويرى المستقبل بكل ما فيه، ولما كانت إرادة الله ثابتة لا تتغير فإن ما لديه من صورة للحوادث التي تقع في المستقبل يحتم عليها حتى تقع وفقاً لهذه الصورة، فهي إذا مقررة من قبل لاتغير فيها ولا تغيير. فكيف والحالة هذهقد يكون الإنسان حراً في أعماله،يا ترى؟ ألا يجب على الإنسان إذن حتى يعمل وفق ما سابق في فهم الله ،يا ترى؟ وإذ كان الله عليماً بكل شئ، فقد عهد منذ الأزل المصير الأخير لكل روح خلقها؛ فلم إذن خلق الأرواح التي قدر عليها اللعنة ،يا ترى؟ وكان أوغسطين قد خط في السنين الأولى من حياته المسيحية رسالة "في حرية الإرادة De libero arbitrio". حاول فيها وقتئذ حتى يوفق بين وجود الشر وبين الخير الذي يتصف به الله القادر على جميع شئ. وكان الحل الذي وصل إليه في هذه المشكلة هوحتى الشر نتيجة لحرية الإرادة؛ ذلك حتى الله لا يمكن حتى يهجر الإنسان حراً، دون حتى يمكنه حتى يعمل الشر كما يعمل الخير. ثم تأثر فيما بعد برسائل بولس فنطق إذا خطيئة آدم قد وصمت الجنس البشري بوصمة الميل إلى الشر، وإن الأعمال الصالحة مهما كثرت لا تستطيع حتى تمكن النفس البشرية من التغلب على هذا الميل، ومحوهذه الوصمة، والنجاة منها؛ بل الذي يمكنها من هذا هوالنعمة الإلهية التي يهبها الله لكل من أراد. ولقد عرض الله هذه النعمة على الناس جميعاً ولكن الكثيرين منها رفضوها، وكان الله يعلن أنهم سيرفضونها، ولكن العقاب الذي قد حل بهم نتيجة لهذا الرفض هوالثمن الذي يؤدونه لهذه الحرية الأخلاقية التي بغيرها لاقد يكون الإنسان إنساناً. وفهم الله السابق لا يتعارض مع هذه الحرية، إذ جميع ما في الأمر حتى الله يرى من قبل ما سيختاره الإنسان بمحض حريته. ولم يبتدع أوغسطين عقيدة الخطيئة الاولى، ذلك حتى بولس، وترتليان، وسبريان، وأمبروز كلهم قد فهموها الناس، ولكن الخطايا، التي أرتكبها"والصوت" الذي هداه قد غرسا فيه اعتقاداً مقبضاً بأن إرادة الإنسان تنزع من مولده إلى عمل الشر، وألا شئ يستطيع ردها إلى الخير إلا فضل الله الذي يهبه للناس من غير لقاء. ولم يكن في مقدور أوغسطين حتى يفسر نزعة الإرادة البشرية إلى الشر بأكثر من أنها نتيجة لخطيئة حواء، وحب آدم لها. ويقول أوغسطين أننا ونحن كلنا أبناء آدم، نشاركه في أثمه، بل أننا في الواقع أبناء هذا الإثم : لأن الخطيئة الأولى كانت نتيجة شهوته، ولا تزال هذه الشهوة تدنس جميع عمل من أعمال التناسل؛ وبفضل هذه الصلة بين الشهوة الجنسية والأبوة، كان الجنس البشري "جمعاً من الخاسرين" وحلت اللعنة على الكثرة الغالبة من الآدميين. نعم إذا بعضنا يفترض أن ينجو، ولكن نجاة هؤلاء لن تكون إلا نعمة ينالونها بسبب ما قاساه ابن الله من الآم، وبشفاعة الأم التي حملت فيه من غير دنس. "لقد حل بنا الهلاك بعمل امرأة، وعادت إلينا النجاة بفضل امرأة.

ولقد أنحدر أوغسطين أكثر من مرة إلى مبالغات حاول فيما بعد حتى يخفف منها، وكان سبب انحداره إليها كثرة ما خط وسرعته في كتابته التي كثيراً ما كان يمليها إملاء كما نظن. فكان في بعض الأحيان يدعوإلى العقيدة الكلفنية القائلة بأن الله قد أختار بمحض إرادته منذ الأزل"الصفوة" التي سيهبها نعمة النجاة. وقد قامت طائفة كبيرة من النقاد تصب عليه جام غضبها لأخذه بأمثال هذه النظرية؛ ولكنه لم يتراجع عن شئ منها بل دافع عن جميع نقطة منها إلى أخر أيام حياته. واتىه من إنجلترا الراهب بلاجيوس Pelagius وهوأقدر معارضيه بدفاع قوي عن حرية الإنسان، وعن قدرة الأعمال الصالحة على نجاته من العذاب. وكان ما نطقه بلاجيوس إذا الله في واقع الأمر يعيننا على الخير بما ينزله علينا من الشرائع والوصايا، وبما يضربه قديسوه من الأمثلة الصالحة قولاً وعملاً، وبمياه التعميد المطهرة، وبدم المسيح المنقذ. ولكن الله لا يرجح كفة خسراننا بأن يجعل الطبيعة البشرية آثمة بفطرتها. فلم تكن ثمة خطيئة أولى، ولم يكن هناك سقوط الإنسان، ولن يعاقب على الذنب إلا من أرتكبه، ولن ينتقل منه جرم إلى أبنائه. والله لا يقدر على هؤلاء الأبناء حتىقد يكون مصيرهم الجنة أوالنار، ولا يختار متعسفاً من يلعنه ومن ينجيه، بل يهجر لنا نحن حتى نختار مصيرنا. ويمضي بلاجيوس فيقول إذا القائلين بفساد الإنسان الأخلاقي إنما يلومون الله على خطايا البشر. إذا الإنسان يشعر بأنه مسئول عما يعمل ومن أجل هذا فهومسئول عنه حقاً، "وإذا كنت مرغماً فإني قادر". واتى بلاجيوس إلى روما حوالى عام 400 وعاش فيها مع أسر صالحة، وأشتهر بالتقي والفضيلة. وفي عام 409 فرّ من ألريك، وكان فراره إلى قرطاجنة ثم إلى فلسطين، ثم عاش في سلام حتى اتى أورسيوس الشاعر الأسباني من عند أوغسطين يحذر منه جيروم (415) : وعقد مجمع ديني شرقي ليحاكم الراهب، ولكنه قرر صحة عقائده، غير حتى مجمعاً أفريقياً نقض هذا الحكم بتحريض أوغسطين ولجأ إلى البابا إنوسنت Innocent الأول فأعرب حتى بلاجيوس مارق من الدين؛ وحينئذ ملأ الأمل صدر أوغسطين فأعرب حتى "القضية قد أصبحت مفروغاً منها Causa finita est ثم توفي إنوسنت وخلفه زوسموس Zosimus وأعرب حتى بلاجيوس برئ. ولجأ أساقفة أفريقية إلى هونوريوس، وسرّ الإمبراطور حتى يصحح خطأ البابا، وخضع زوسموس للإمبراطور (418)، وأعرب مجلس إفسوس حتى ما يراه بلاجيوس من حتى في مقدور الإنسان حتىقد يكون صالحاً دون حتى يستعين بنعمة الله زيغ وضلال.

وفي استطاعة الباحث حتى يجد في أقوال أوغسطين متناقضات وسخافات بل وقسوة سقيمة في التفكير، ولكن ليس من السهل حتى يتغلب عليه لأن الذي يشكل آراءه الدينية في أخر الأمر هومغامراته الروحية، ومزاجه الجياش بالعاطفة لا تفكيره المنطقي المتسلسل. ولقد كان يعهد ما ينطوي عليه العقل البشري من ضعف، ويدرج حتى تجارب الفرد القصيرة هي التي تحكم حكماً طائشاً على تجارب الجنس البشري كله ويقول: "كيف تستطيع أربعون عاماً فهم أربعين قرناً ؟" وقد خط إلى صديق له يقول: "لاتعارض بحجج قوية هائجاً فيما لا يزال عسير الفهم عليك، أوفيما يظهر لك في الكتاب المقدس...من تباين وتناقض، بل أجِّل... في وداعة اليوم الذي تفهمه فيه" إذا الإيمان يجب حتى يسبق الفهم. لا تحاول حتى تفهم لكي تؤمن، بل آمن لكي تفهم"(72)."وقوة الأسفار المنزلة أعظم من جميع جهود الذكاء البشري". لكنه يرى حتى ليس من المحتم حتى نفهم الفاظ الكتاب المقدس حرفياً؛ فقد خطت أسفاره لكي تفهمها العقول الساذجة، ولهذا كان لابد من حتى تستخدم فيه ألفاظ خاصة بالجسم للدلالة على الحقائق الروحية(74). وإذا أختلف الناس في تفسيرها كان علينا حتى نرجع إلى حكم مجالس الكنيسة إي إلى الحكمة الجامعة المستمدة من أعظم رجالها حكمة.

على حتى الإيمان نفسه لا يكفي وحده للفهم السليم؛ بل يجب حتى يصحبه قلب طاهر يسمح بأن ينفذ فيه ما يحيط بنا من أشعة قدسية، فإذا تطهر الإنسان وتواضع على هذا النحوارتقى بعد سنين كثيرة إلى الغاية الحقى وإلى جوهر الدين وهو"الاستحواذ على الله الحي"؛ إني أريد حتى أعهد الله والنفس، وهل ثمة شئ أكثر من هذا ،يا ترى؟ لا شئ أكثر من هذا على الإطلاق". إذا أكثر ما تتحدث عنه المسيحية الشرقية هوالمسيح، أما فهم أوغسطين فيتحدث عن "الشخص الأول". يتحدث ويخط عن الله الأب وإلى الله الأب. وهولا يخلع على الله أوصافاً، لأن الله وحده هوالذي يعهد الله حق الفهم. والراجح حتى "الله الحق ليس بذكر ولا بأنثى، وليس له عمر ولا جسم"(78)، ولكن في وسعنا حتى نعهد الله، فهم أكيدة بمعنى ما، عن طريق خلقه، لأن جميع شئ في العالم أعجوبة من أعظم للعجائب في نظامها وفي وظيفتها، ولا يمكن حتىقد يكون إلا إذا أوجدها عقل خلاق ، وإن ما في الكائنات الحية من نظام، وتناسب، واتزان، ليدل على وجود نوع من القدرة الإلهية الأفلاطونية يتوحد فيها الجمال والحكمة. ولا شئ يضطرنا إلى الاعتقاد بأن العالم خلق في ستة "أيام"؛ وأكبر الظن حتى الله قد خلق في أول الأمر كتلة سديمية (nebulosa species)، ولكن النظام البذري، أوالمقدرة الإنتاجية rationes seminales كانت كامنة في هذا النظام، ومن هذه القدرة الإنتاجية نشأت الأمور كلها بعلل طبيعية.


وكان أوغسطين يرى - كما يرى أفلاطون- حتى ما في العالم من أشياء حقيقية وحوادث قد وجدت كلها أولاً في عقل الله قبل حتى توجد على سطح الأرض "كما يوجد تخطيط البناء في عقل المهندس قبل حتى يقيمه" ، ويتحدث الخلق في الوقت المناسب حسب هذه الصورة الأزلية الموجودة في العقل الإلهي.


الفيلسوف

ترى كيف من الممكن أن نستطيع في هذا الحيز الصغير من حتى نوفي صاحب هذه الشخصية القوية وهذا القلم الخصيب حقه من التمجيد والتكريم،يا ترى؟ إذا هذا الرجل لم يكد يهجر معضلة دينية أوسياسية إلا جهر فيها برأيه وبحثها في رسائله البالغ عددها 230 رسالة ، خطها بأسلوب يفيض بقوة الشعور الحار وبعبارات خلابة أستعمل فيها ألفاظاً جديدة صاغتها من معينه الذي لا ينضب. فقد درس في حياء ودهاء طبيعة الزمن ، وسبق ديكارت إلى قوله :"إني أفكر ولهذا أنا موجود" ففند آراء رجال المجمع الديني يقولون إذا الإنسان لا يستطيع حتىقد يكون واثقاً من أي شئ، ونطق :"منذا الذي يشك في أنه حي وأنه يفكر ؟... ذلك بأنه حتى شك فهوحي"(84). وكذلك تجاوز برجسن Bergeson في شكواه من العقل اطول بحثه في الأمور الجسمية قد أصبح مادي النزعة؛ واعلن كما أعرب كانت Kant حتى الروح هي أكثر الحقائق كلها فهماً بنفسها، وعبر تعبيراً واضحاً عن النزعة المثالية القائلة إنه "لما كانت المادة لا تعهد إلا عن طريق العقل فليس في مقدورنا من الناحية المنطقية حتى نهبط بالعقل فنجعله مادة. وأشار إلى مبحث شوبنهور في حتى الإرادة، لا العقل، هي العنصر الأساسي في الإنسان وأتفق مع شوبنهور في حتى العالم يصلح إذا وقف جميع ما فيه من تناسل. ومن مؤلفاته كتابان يعدان من خير خط الأدب القديم في العالم كله.

فاعترافاته (حوالي عام 400) هي أول ما خط من التراجم الذاتية وأوسعها شهرة. والكتاب موجه إلى الله مباشرة بوصفه توبة إليه من الذنوب صيغت في مائة ألف حدثة. ويبدأ الكتاب بوصف ما اقترفه من الذنوب في صباه، ثم يروي سيرة هدايته بوضوح، وتتخلل هذه السيرة أحياناً نشوة قوية من الصلوات والأدعية. حتى الاعترافات كلها ستار الجريمة، ولكن في اعترافات أوغسطين بالذات إخلاصاً ذهل منه العالم كله. ولقد نطق هونفسه -بعد حتى بلغ الرابع والستين من عمره وأصبح أسقفاً- إذا الصورة الشهوانية القديمة، "لا تزال حية في ذاكرتي، تندفع إلى افكاري...فهي تساورني في نومي لا لتسرني فحسب بل قد يبلغ بي الأمر حتى أرضى عنها وأوافق عليها وأحب حتى أخرجها من التفكير إلى التطبيق"(87). وتلك صراحة وتحليل نفساني لانجدها عادة في الأساقفة. وكتابه هذا الذي يعد خير خطه كلها هوسيرة نفس بلغت أعلى درجات الإيمان والسلام. وإنا لنجد في سطوره الأولى خلاصة له كله : "لقد خلقتنا يارب لنفسك ولن تعهد قلوبنا الراحة حتى تستريح لديك". ولما بلغ هذه الفترة كانت عقيدته ثابتة لا تتسرب إليها ريبة مؤمنة بما في خلق الكون من عدالة:

"لقد أحببتك يارب بعد فوات الأوان، يا إلهي يا ذا الجمال التليد والطارف.. إذا السماء والأرض وكل ما فيهما لتوحي إليّ من جميع نواحي حتى الواجب عليّ حتى أحبك... فأي شئ أحب الآن حين أحبك يارب ؟... لقد سألت الأرض فاجابت لست أنا الذي تحب... وسألت البحر والأعماق البعيدة وكل ما يدب على الأرض فأجابت كلها : لسنا نحن إلهك، فابحث له من فوقنا. وسألت الرياح العاصفة فأجابني الهواء بكل ما فيه : لقد كان أنكسيمانس مخدوعاً، لست أنا الله. وسألت السموات، والشمس والقمر والنجوم فنطقت : لسنا نحن الله الذي تبحث عنه . فأجبتها كلها ... حدثيني عن الله؛ إذا لم تكوني أنت هوفحدثيني عنه. فصاحت كلها بصوت عال : لقد خلقتنا... وإن الذين لا يجدون السرور في جميع شي خلقته لقوم فقدوا عقولهم... وفي رضاك يا إلهي عنا سلامنا .

واعترافات أوجسطين شعر في صورة نثر؛ أما خطه الأخر"مدينة الله" (413-426)فهوفلسفة في صورة تاريخ، وان الباعث له على كتابه أنه لما ترامت إلى أفريقية أنباء نهب ألريك لروما، وما أعقبه من فرار آلاف اللاجئين ثارت نفس أوغسطين، كما ثارت نفوس جيروم وغيره، لهذه الفاجعة التي بدت لهم كلهم عملاً شيطانياً لا يعمله من أوتى ذرة ن العقل. وتساءل الناس قائلين : لم يهجر الإله الخير الرحيم تلك المدينة التي أبدع الناس جمالها وأنشئوا قوائمها وظلوا يجلونها القرون الطوال، والتي أضحت الآن حصن المسيحية الحصين، لم يهجرها الإله إلى البرابرة يعيثون فيها فساداً ،يا ترى؟ ونطق الوثنيون في جميع مكان إذا المسيحية هي سبب ما حل بالمدينة من دمار : ذلك حتى الآلهة القديمة قد تخلت عن حماية روما بسبب ما أصاب تلك الآلهة من نهب وثل لعروشها، وتحريم لعبادتها. وكانت هذه المدينة قد نمت وازدهرت وعمها الرخاء مدى ألف عام بفضل هداية الآلهة. وتزعزع إيمان كثيرين من المسيحيين بسبب هذه الكارثة . وشعر أوغسطين في قرارة نفسه بهذا التحدي، وأدرك حتى ذلك الصرح الديني العظيم الذي شاده لنفسه على مر السنين، يوشك حتى ينهار إذا لم يعمل شيئاً يخفف من هذا الذعر المستولي على النفوس . ولذا قرر حتى يبذل جميع ما وهب من عبقرية لإقناع العالم الروماني حتى هذه الكارثة وأمثالها لاتغيب المسيحية ولا تزرى بفضلها. وظل ثلاثة عشر عاماً يواصل الليل بالنهار في تأليف هذا الكتاب بالإضافة إلى ما كان يقوم به من واجبات وما يحيط به من مشاغل تشتت افكاره. وكان ينشره أجزاء متبترة في فترات متباعدة حتى نسى وسطه أوله ولم يدر ما سيكون أخره. ومن أجل هذا كان لابد حتى تصبح صفحاته البالغة 1200 صفحة سلسلة من الموضوعات المهوشة في جميع الموضوعات من الخطيئة الأولى إلى يوم الحساب. ولم يحمله من الفوضى السارية فيه إلى أعلى مكانة في أدب الفلسفة المسيحية إلا عمق تفكيره وبراعة أسلوبه.

وكان جواب أوجسطين الأول عما يدور بخلد الناس من أسئلة محيرة حتى ما حل بروما لم يكن عقاباً لها لاعتناقها الدين الجديد بل كان جزاء لها على ما تنفك ترتكبه من آثام. ثم أخذ يصف ما يمثل على المسرح الوثني من مفاسد، ونقل عن سالست وشيشرون ما نطقاه عن مفاسد السياسة الرومانية ونطق إذا الرومان كانوا في وقت من الأوقات أمة من الرواقيين يبعث فيها القوة رجال من أمثال كاتووسبيو، وكادت حتى تخلق القانون خلقاً، ونشرت لواء السلم والنظام على نصف العالم، وفي هذه الأيام القديمة أيام النبل والبطولة تجلى الله عليها بوجهه، وأشرق عليها بنوره ، ولكن بذور الفساد الخلقى كانت كامنة في دين روما القديم نفسه، كامنة في ثنايا تلك الآلهة التي كانت تشجع الغرائز الجنسية بدل حتى تقاومها، تشجع الإله فرجنيوس على حتى يحل حزام العذراء، وسبجوس Subigus على حتى يضعها تحت الرجل وبرما Perma على حتى تتكئ عليها... وتشجع بريابوس Priapus الذي أُمرت العروس الجديدة حتى تقوم وتجلس فوق عضوه الضخم الحيواني(89). لقد عوقبت روما، لأنها كانت تعبد أمثال تلك الآلهة لا لأنها غفلت عن عبادتها. ولقد أبقى البرابرة على الكنائس المسيحية وعلى الذين لجأوا إليها، ولكنهم لم يرحموا المعابد الوثنية، فكيف إذنقد يكون الغزاة صوت عذاب في أيدي الآلهة الوثنية؟. وكان رد أوغسطين الثاني ضرباً من فلسفة التاريخ -فقد كان محاولة منه لتفسير الحوادث التي سقطت في أزمنة التاريخ المدون على أساس عام وواحد. فقد استمد أوغسطين من فكرة أفلاطون عن الدولة المثالية القائمة "في مكان ما في السماء"، ومن فكرة القديس بولس عن وجود مجتمع من القديسين الأحياء منهم والأموات ، ومن عقيدة تكنيوس Tyconius الدوناتي عن الوجود مجتمعين أحدهما لله والآخر للشيطان، استمد من هذا كله الفكرة الأساسية التي قام عليها كتابه وهوأنه سيرة مدينتين: مدينة أرضية يسكنها رجال هذه الدنيا المنهمكون في شؤون الأرض ومباهجها، ومدينة إلهية هي مدينة عباد الله الواحد الحق في الماضي والحاضر والمستقبل. ولماركس أورليوس في هذا المعنى تعبير ما أعظمها: "في وسع الشاعر حتى يقول لأثينة: أي مدينة سكربس Cecrops الجميلة! فهلاّ قلت أنت للعالم أي مدينة الله جميلة؟". وكان أورليوس يقصد بقوله هذا الكون المنظم كله. ويقول أوغسطين حتى مدينة الله قد نشأت بخلق الملائكة وإن المدينة الأرضية قد قامت بعصيانه بسبب الشياطين". والجنس البشري منقسم قسمين مختلفين: منهم قسم يعيش طبقاً لسنن الآدميين، وقسم يعيش طبقاً لسنة الله. ونحن نطلق على هذين القسمين اسمين رمزيين فنسميها "المدينتين" أو"المجتمعين". فواحدة منهما قُدّر لها حتى تَحْكُم إلى أبد الدهر مع الله، وأخرى قد حُكِم عليها حتى تعذّب إلى الدهر مع الشيطان". وليس حتماً حتى تنحصر المدينة أوالإمبراطورية الواقعية من جميع نواحيها في داخل نطاق المدينة الأرضية؛ فقد تقوم بأعمال طيبة، فتسنّ الشرائع الحكيمة، وتصدر الأحكام العادلة، وتساعد الدين، كأن هذه الأعمال الصالحة تحدث في داخل مدينة الله؛ كذلك ليست المدينة الروحية هي بعينها الكنيسة الكاثوليكية، فإن الكنيسة أيضاً قد تكون لها مصالح أرضية، وقد ينحط أتباعها فيفهمون لمصلحتهم الخاصة، ويرتكبون الذنوب، وينحدرون من إحدى المدينتين إلى الأخرى، ولن تنفصل المدينتان وتصبح كلتاهما بمعزل عن الأخرى إلاّ في يوم الحساب.

وفي وسع الكنيسة حتى تكون هي بعينها مدينة الله، وإن أوجسطين ليجعلها كذلك في بعض الأحيان، وذلك بأن تتسع عضويتها اتساعاً رمزياً للأرواح السماوية والرواح الأرضية، وللصاحين من الناس الذين عاشوا قبل المسيحية وفي أيام المسيحية. وقد احتضنت المسيحية فيما بعد هذه الفكرة القائلة بأنها هي مدينة الله واتخذتها سلاحاً أدبياً استخدمته في شؤون السياسية، كما أنها استنتجت استنتاجاً منطقياً من فلسفة أوغسطين عقيدة الدولة الدينية تخضع فيها السلطات الدنيوية المستمدة من البشر إلى السلطة الروحية الممثلة في الكنيسة والمستمدة من الله. وقد قضى هذا الكتاب على الوثنية بوصفها فلسفة، كما بدأت به المسيحية من حيث هي فلسفة؛ وهوأول صياغة محددة جازمة لعقلية العصور الوسطى.

البطريق

وكان البطل المؤمن الشيخ لا يزال في منصبه حين هجم الوندال على شمال أفريقيا ، وقد بقي في صراعه الديني إلى آخر أيام حياته يقضي على البدع الجديدة. ويلاقي الناقدين. ويرد على المعترضين، ويحل المشاكل. وكان يبحث في جد هل تظل نساء في دار الآخرة، وهل يبعث المشوهون، والمبتور الأعضاء، والنحاف والسمان في تلك الدار كما كانوا في حياتهم الدنيوية، وكيف في السبيل إلى عودة الذين أكلهم غيرهم في أيام القحط؟. ولكن الشيخوخة أدركته ولحقته معها إهانات محزنة، وسئل في ذلك الوقت عن صحته فأجاب: "أما مِن حيث الروح فأنا سليم... وأما من حيث الجسم فأنا طريح الفراش، لا أقوى على المشي أوالوقوف أوالجلوس إصابتي بالبواسير المتورمة... ومع ذلك فما دام هذا هوالذي ارتضاه لي الله، فماذا أقول غير أني في حالة؟".

وكان قد بذل غاية جهده في حتى يؤجل خروج بنيفاس على روما ؛ واشهجر في دعوته إلى الاحتفاظ بولائه لها. ولما تقدم جيسريك في زحفه استشاره كثيرون من الأساقفة والقساوسة هل يبقون في مناصبهم أويلجأون إلى الفرار،يا ترى؟ فأمرهم بالبقاء وضرب لهم المثل بنفسه. ولما حتى حاصر الوندال مدينة هبوكان أوغسطين يعمل على تقوية الروح المعنوية للأهلين الجياع بمواعظه ودعواته، وظل كذلك حتى توفي في الشهر الثالث من أشهر الحصار في السادسة والسبعين من عمره، ولم يهجر وصية لأنه لم يكن يمتلك شيئاً ، ولكنه خط بنفسه قبريته: "ما الذي يثقل قلب المسيحي،يا ترى؟ إذا الذي يثقله هوأنه حاج مشتاق إلى بلده".

وقلَّ حتى نجد في التاريخ رجلاً يضارعه في نفوذه وقوة أثره. نعم إذا الكنيسة الشرقية لم تشغف بتعاليمه؛ ويرجع بعض السبب في هذا إلى أنه كان بعيداّ جميع البعد عن اليونانية في قلة فهمه وفي إخضاعه الفكر للشعور والإرادة كما يرجع بعضه إلى حتى الكنيسة الشرقية قد خضعت قبل أيامه لسلطان الدولة "أما في الغرب فقد طبع الممضى الكاثوليكي بطابعه الخاص، وسبق جريجوري السابق وإنوسنت الثالث فيما طلبته الكنيسة من حتى تكون لها السلطة العليا على عقول الناس وعلى الدولة، ولم تكن المعارك الكبرى التي شبت بين الباباوات والأباطرة إلا نتيجة سياسية لتفكيره. ولقد ظل حتى القرن الثالث عشر المسيطر على الفلسفة الكاثوليكية وصبغها بصبغة الفلسفة الأفلاطونية ، وحتى أكويناس الأرسطوطيلي النزعة قد سار في ركابه. وكان ويكلف Wyclif، وهوس Huss، ولوثر Luther، يعتقدون انهم يعودون إلى أوجسطين حين خرجوا على الكنيسة. ولقد أقام كلفن Calvin عقيدته الصارمة على نظريات أوغسطين الخاصة بالصفوة المختارة والطائفة المعونة. وفي الوقت الذي كان يبعث رجال الفكر على التدبر والتفكير، كان هوالملهم لمن كانت مسيحيتهم خارجة من القلب أكثر من خروجها من العقل. فكان المتصوفة يحاولون حتى يترسموا خطاه وهم يتطلعون إلى رؤية الله، وكان الرجال والنساء يجدون في خشوعه ورقة دعواته وصلواته حاجتهم من الغذاء الروحي ومن الألفاظ القوية التي تأخذ بمجامع القلوب ولعل سر نفوذه وسلطانه على الأجيال التالية انه ألف بين العناصر الفلسفية والصوفية في الديانة المسيحية، وبعث فيها قوة لم تكن لها من قبل، فمهد بذلك الطريق لتومس أكوناس ولنومس أكمبيس Thomas ( Kempis أيضاً.

وكانت عباراته القوية العاطفية التي لا يلجأ بها إلى العقل بل إلى الشعور، إيذاناً بانتهاء الأدب القديم، وفوز أدب العصور الوسطى. وإذا شئنا حتى نفهم العصور الوسطى على حقيقتها وجب علينا حتى ننسى نزعتنا العقلية الحديثة، وثقتنا التي نفخر بها بالعقل والفهم، ودأبنا في البحث عن الثروة والسلطان والجنة الرضية، ثم يجب علينا بعدئذ حتى ندرك مزاج أولئك الرجال الذين كانت آمالهم في هذه المطالب، والذين وقفوا عند نهاية ألف عام من أعوام النزعة العقلية ووجدوا حتى جميع ما كانوا يحلمون به من قيام دولة فاضلة خالية من جميع الآلام والآثام قد حطمنها الحرب والفقر والبربرية، فأخذوا يبحثون عن عزاء لهم فيما يؤملونه من سعادة في الدار الآخرة، ووجدوا لهم سلوى وراحة وإلهاماً في سيرة المسيح وفي شخصيته، فألقوا بأنفسهم تحت رحمة الله ورضوانه، وعاشوا حياتهم يفكرون في وجوده السرمدي، وفي حسابه الذي لا مفر منه، وفي موت ابنه الذي كفر به عن خطاياهم. ويكشف أوغسطين أكثر من غيره، حتى في ايام سيماخوس، وكلوديان، وأوسُنيوس عن هذه النزعة ويعبر عنها أحسن تعبير. وبهذا كان أقوى وأصدق وأفصح صوت ارتفع في المسيحية في عصر الإيمان.

تأثيره في اللاهوت والفكر

إن أوغسطين شخصية مركزية في المسيحية وتاريخ الفكر الغربي على حد السواء، يعتبره المؤرخ توماس كاهيل أول إنسان من العصور الوسطى وآخر إنسان من العصر الكلاسيكي. تأثر بفكره اللاهوتي والفلسفي بالرواقية، الأفلاطونية والأفلاطونية المحدثة وخصوصا فكر أفلوطين مؤلف الإنيادة

وفاته

توفي أوغسطين في 18 آب 430 في عمر 75 بينما كان الفاندال يحاصرون هيبو. يُزعم أنه شجع أهل المدينة على مقاومة الفاندال وذلك لاعتناقهم الاريوسية. يُنطق أيضا حتى توفي في اللحظات التي كان الفاندال يقتحمون أسوار المدينة.

الهوامش

  1. ^ بحسب ج. فرسوسون وغاري ويلز فإن أديودادوس هوترجمة لاتينية للاسم القرطاجي حن بعل (أي عطية الإله).
  2. ^ سيرة الحضارة

وصلات خارجية


  • عامة:
    • At UPenn: Texts, translations, introductions, commentaries...
    • EarlyChurch.org.uk Extensive bibliography and on-line articles.
    • Life of St. Augustine of Hippo, from the Catholic Encyclopedia
    • Augstine of Hippo , at Centropian
  • نصوص من أوگستين:
    • أعمال من Augustine of Hippo في مشروع گوتنبرگ
    • In Latin, at The Latin Library: books and letters by Augustine
    • At "Christian Classics Ethereal Library" Translations of several works by Augustine, incl. introductions
    • The Enchiridion by Augustine
    • Augustinus.it (Latin and Italian text resource)
    • At "IntraText Digital Library": Works by Augustine in several languages, with concordance and frequency list
    • St. Augustine's Multilingual Opera Omnia
  • نصوص عن أوگستين:
    • St. Augustine: Between Two Worlds
    • Augustine and 'other Catholics'
    • Stanford Encyclopedia of Philosophy entry
    • (1989)
    • Augustine's Heavenly City and the Western MindPgs 22-24
  • في الموسيقى
    • Augustine on Hymns
  • On Original Sin
    • Augustine and Pelagius
    • Augustine and Thomas Aquinas on Original Sin
    • Original sin: a disputation
    • The Cambridge Companion to Augustine; ثلاثة Augustine on evil and original sin
  • Links to the Augustinian Order
    • Augustine's writings
  • خط صوتية
    • City of God, Confessions, Enchiridion, Doctrine
  • أوگستين والارثوذكسية
    • Blessed Augustine of Hippo: His Place in the Orthodox Church
    • St. Augustine in the Greek Orthodox Tradition
    • St Augustine the Bishop of Hippo Orthodox icon and synaxarion

المصادر

  • ويكيبيديا الإنجليزية بتاريخ 25/3/2007. راجعها لرؤية الهوامش ومصادر المعلومات.
تاريخ النشر: 2020-06-04 20:34:31
التصنيفات: آباء الكنيسة, مصلحون دينيون مسيحيون, مواليد 354, وفيات 430, Augustinian Order, آباء كنيسة, أطباء الكنيسة, لاهوتيون مسيحيون, نباتيون مسيحيون, أفلاطونيون جدد, كتاب القدم المتأخر, كتاب أدب لاتيني, أساطين البلاغة الرومان, Systematic theologians, كتابة لاتينية القدم المتأخر, كتاب سيرة ذاتية, رومان القرن 4, رومان القرن 5, قديسون مسيحيون من القرن 5, أشخاص من سوق أهراس, فلاسفة جزائريون, قديسون رومان كاثوليك جزائريون, قديسون جزائريون, رومان أفارقة, قديسون أنجليكانيون, الهيلينية والمسيحية, وجوديون, وجوديون دينيون, Roman Catholic Mariology, Amillennialism, مناهضة الغنوصية, Converts to Chalcedonian Christianity, أخلاقيون مسيحيون, Christian mystics

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

«العصلوجي» تبدأ التوعية بقضية التغيرات المناخية ومخاطرها

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:29
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

نتيجة للتغيرات المناخية.. مهندس مصرى يخترع «روبوت» لإخماد الحرائق

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:01
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

كيف ساهم اقتحام منزل «ترامب» فى تعزيز شعبيته ودعم حزبه الجمهورى؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:10
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 70%

النائب العام يأمر بإحالة قاتل فتاة الشرقية إلى محاكمة جنائية عاجلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:39
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 49%

وزير الأوقاف يهنئ مفتى الجمهورية على تجديد الثقة به بقرار رئاسى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:21
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 58%

إحالة عاطل للجنايات بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة بأكتوبر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:20:59
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

«مياه الفيوم» تشارك فى حملات التوعية بقرى حياة كريمة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:20:57
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 52%

تنسيق الدبلومات الفنية التجارية 2022.. تفاصيل

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:02
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 56%

أوكرانيا تستأنف ضخ النفط الروسى للمجر وسلوفاكيا عبر خط دروجبا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:08
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

«نائب التنسيقية» يتابع تجهيز أول مكتب شهر عقارى ببولاق الدكرور

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:11
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 51%

حبس عامل طعن شابًا عاكس خطيبته فى الجيزة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:20:59
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

معدل التضخم فى الأرجنتين يتجاوز 70%

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:09
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

التحقيق مع متهمة بقتل ابنتها طعنا بسلاح أبيض فى الهرم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-12 00:21:00
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

تحميل تطبيق المنصة العربية