الملك الكامل الأيوبي
الملك الكامل الأيوبى Al-Kamel al-Ayyoubi
سيرته
هوأبوالمعالى محمد بن محمد بن أيوب، ناصر الدين الملك الكامل، أحد سلاطين الدولة الأيوبية . ولد الملك الكامل في مصر سنة (576هـ) ست وسبعين وخمسمائة من الهجرة. وكان عارفًا بالأدب والشعر ، وسمع الحديث ورواه. ولاّه أبوه الديار المصرية سنة (615هـ) خمس عشرة وستمائة، وحسنُت سياسته فيها، واتجه إلى توسيع نطاق ملكه، فاستولى على "حرّان"، و"الرّها"، و"سروج"، و" الرقة"، و"آمد" ثم امتلك الديار الشامية. وله مواقف مشهورة في الجهاد بدمياط ضد الإفرنج، وكان حازمًا عفيفًا عن الدماء، مهيبًا، يباشر أمور الملك بنفسه، ومن أثاره المدرسة "الكاملية" بمصر. \
حياتة
نشأ فيها في كنف والده الملك العادل محمد بن أيوب. وقد اســتنابه العادل على حران والرها وسـميسـاط حين وليها ســنة 588هـ/1192م. ولما تملك العادل مصر سنة 596هـ/1200م استنادىه من هناك، وجعله نائباً له على مصر. واستمرت نيابته على مصر حتى سنة 615هـ/1218م حيث قدمت إلى شواطئ دمياط ما يعهد بالحملة الصليبية الخامسة، وكان هدفها الاستيلاء على مصر، فزحف الكامل من القاهرة شمالاً بقواته لصدها، وعسكر في بلدة العادلية.
تمكن الصليبيون في آخر جمادى الأولى سنة 615هـ/1218م من الاستيلاء على برج السلسلة ـ وهومؤذن بسقوط دمياط- فلم يتحمل العادل سقط الخبر -وكان قرب دمشق- فمات. انفرد الكامل بحكم مصر في أحرج الأوقات، وكان بعض أمراء الجيش يرغبون في تولية أخيه الفائز بن العادل، فلما أحس الكامل بدبيب المؤامرة عليه، رحل جنوباً من العادلية في ذي القعدة سنة 615هـ/1219م ونزل في موضع عهد فيما بعد بالمنصورة، واستغل الصليبيون انسحاب الكامل المفاجئ، فاحتلوا العادلية من دون قتال، وحاصروا دمياط.
وأبدى الكامل ـ وهوالحريص على مصر، والمتبع لسياسة أبيه العادل في مسالمة الصليبيين ـ استعداده لإعادة بيت المقدس لهم، ومعظم البلدان التي فتحها صلاح الدين لقاء حمل حصارهم عن دمياط، والجلاء عن مصر، إلا حتى عرضه السخي هذا قوبل بالرفض من قبل الصليبيين، بل إنهم تمكنوا من الاستيلاء على دمياط في شعبان سنة 616هـ/1219م، وآثروا البقاء فيها منتظرين قدوم حملة إضافية بقيادة الامبراطور فريدريك الثاني.
انجازاتة
استغل الكامل فترة الانتظار الطويلة هذه بتحصين معسكره الجديد. ولما طال الانتظار على الصليبيين، ولم تأتِ الحملة المنتظرة قرروا الزحف نحوالقاهرة، فاستولوا على فارسكور في جمادى الأولى سنة 618هـ/1221م، وتابعوا طريقهم جنوباً، غير أنهم غفلوا حتى وقت فيضان النيل قريب، فما إذا حلَّ الفيضان في جمادى الآخرة [618هـ]/آب 1221م، حتى صار من المتعذر عليهم اجتياز بحر أشموم، وكانت قوات الكامل قد حاصرتهم من الخلف، قاطعة عليهم طريق الرجعة إلى دمياط، فحوصروا بالماء من جميع جانب، وتبددت آمالهم، فما كان منهم إلا حتى طلبوا الاستسلام من دون قيد أوشرط على حتى يسـلموا دمياط، ويرحلوا عن مصر، ووافق الكامل، وسقط الصلــح بينهما في 19 رجب 618هـ/1221م وتسلم الكامل دمياط، وعقد هدنة مع الصليبيين مدتها ثماني ســنين، وكان أخــواه المعظــم عيسى والأشــرف موسـى قد وصلا لنجدتــه في ثلاثة رجب 618هـ/1221م، فشهدا عقد الصلح والهدنة.
وعاد المعظم إلى دمشق، وأقام الأشرف بمصر عند أخيه الكامل، وسرعان ما انفرط عقد التحالف بين الأخوة وقد زال الخطر، فتوجس المعظم من تحالف أخويه ضده، فأسرع إلى التحالف مع خصمهما السلطان جلال الدين الخوارزمي، فرد عليه الكامل بالتحالف مع الامبراطور فريدريك الثاني، طالباً منه القدوم إلى عكا، ليشغل أخاه المعظم به، واعداً إياه بتسليمه بيت المقدس وبعض البلاد التي فتحها صلاح الدين.
واهتبل فريدريك هذه الفرصة التي قد تحسن صورته في أوربا ـ وهوالامبراطور المحروم من البابا لتقاعسه عن الذهاب إلى الشرق على رأس حملة صليبية كما وعد مراراً ـــ فوصل إلى عكا فيخمسة شوال 625هـ/1228م، وكان المعظم قد توفي في أول ذي الحجة سنة 624هـ/1227م وولى ابنه الناصر داود، فشعر الكامل بحرج موقفه من قدوم الامبراطور وقد زالت مسببات قدومه، غير أنه رأى حتى لا بد من إتمام ما اتفق عليه خوفاً من قدوم حملة صليبية جديدة، وخاصة حتى هدنته مع الصليبيين قد شارفت على الانتهاء، فتم الاتفاق على حتى يسلم الكامل بيت المقدس للامبراطور من دون قراه، وأن يبقى سوره خراباً، ويبقى الحرم الشريف بما حواه من الصخرة المقدسة والمسجد الأقصى بأيدي المسلمين، ويتعهد الامبراطور لقاء ذلك بمحالفة الكامل ضد أعدائه ولوكانوا من الصليبيين، وعقدت هدنة بينهما مدتها عشر سنوات، وقد أُبرم هذا الصلح في يافا في 22 ربيع الآخر سـنة 626هـ/1229م وأثار هذا الاتفاق سخط المسلمين على الكامل، ولم يلتفتوا إلى ما أبداه من حجج.
وفيما كان الامبراطور يدخل القدس ألقى الكامل الحصار على دمشق، فتسلمها في أول شعبان 626هـ/1229م مخرجاً الناصر داود منها، ثم سلّم دمشق إلى أخيه الأشرف، وأخذ منه حران والرها وبلاد الشرق التي يتولاها.
وأمضى الكامل السنوات التالية وقد هدأ باله من جهة الصليبيين يتوسع في الشرق، فاستولى على آمد سنة 629هـ/1232م، مما أدى إلى وقوع نزاع بينه وبين سلاجقة الروم امتد حتى سنة 633هـ/1236م.
وكان الأشرف قد طلب من الكامل بلدة الرقة على الفرات، فامتنع الكامل من إعطائها له، فسقطت بين الأخوين جفوة، كادت تسقط الحرب بينهما، ولم تنته إلا بوفاة الأشرف في دمشق في أربعة محرم سنة 635هـ/1237م فتولاها بعهد منه أخوه الصالح إسماعيل، إلا حتى الكامل كانت عينه على دمشق، فزحف نحوها، حيث استولى عليها فيتسعة جمادى الأولى سنة 635هـ/1237م.
إلى غير ذلك استطاع الكامل أخيراً حتى يوحّد بلاد الشام ومصر مرة ثالثة بعد عمه صلاح الدين وأبيه العادل، غير حتى الموت عاجله، ولما يمضِ على إقامته في دمشق سوى شهرين ونصف، حيث دفن بقلعتها في اليوم التالي، ثم بنيت له تربة مجاورة لجامع دمشق، نقل إليها بعد سنتين من وفاته.
ومع ما قد ينطق عنه فقد كان ذكياً مهيباً، فطناً، محباً للفهم، مقرّباً للفهماء، لايكاد يخلومجلسه منهم، وكان يلقي عليهم المشكلات من المسائل طالباً منهم أجوبة عنها، وقد بنى في القاهرة بين القصرين داراً للحديث هي دار الحديث الكاملية، ولا يُنسى بناؤه مدينة المنصورة.
وفاته
توفى الملك الكامل في دمشق سنة (635هـ) خمس وثلاثين وستمائة من الهجرة، واستمر في الملك أربعين سنة.
المصادر
- John Tolan, St. Francis and the Sultan: The Curious History of a Christian-Muslim Encounter. Oxford: Oxford University Press, 2009.
- الموسوعة العربية
- موسوعة الحضارة الإسلامية
[
أنظر أيضاً
- List of rulers of Egypt
وصلات خارجية
سبقه Al-Adil I |
Sultan of Egypt 1218–1238 |
تبعه {{{after |
سبقه As-Salih Ismail |
Sultan of Damascus 1238 |