دنگ شياوپنگ
دنگ شياوپنگ | |
---|---|
ثالث للحزب الشيوعي الصيني | |
في المنصب 1981–1989 | |
سبقه | هوا گووفنگ |
خلفه | جيانگ زمين |
ثالث رئيس للمؤتمر الشعبي | |
في المنصب مارس 1978 – يونيو1983 | |
سبقه |
ژوإنلاي شاغر (1976-1978) |
خلفه | دنگ ينگچاو |
ثالث نائب أول لرئيس وزراء لجمهورية الصين الشعبية | |
في المنصب 1975–1983 | |
الوزير الأول |
هوا گووفنگ ژاوزييانگ |
سبقه | لين بياو |
خلفه | وان لي |
الأمين العام لأمانة الحزب الشيوعي | |
في المنصب 1956–1967 | |
سبقه | ژانگ ونتيان في 1945 |
خلفه | هوياوبانگ |
تفاصيل شخصية | |
وُلِد |
گوانگآن, سيچوان، أسرة تشينگ |
22 أغسطس 1904
توفي | 19 فبراير 1997 بـِيْجينگ، جمهورية الصين الشعبية |
(عن عمر 92 عاماً)
القومية | صيني |
الحزب | الحزب الشيوعي الصيني |
الدين | لا ديانة |
التوقيع |
دِنْگ شياوْپنْگ استمع (صينية مبسطة: 邓小平; صينية تقليدية: 鄧小平; پنين: Dèng Xiǎopíng; ويد-گايلز: Teng Hsiao-p'ing؛ 22 أغسطس 1904 – 19 فبراير 1997) كان أكثر الزعماء نفوذًا في الصين في نهاية سبعينيات القرن العشرين. ومع حتى الأمين العام للحزب الشيوعي هوأقوى مسؤول في الصين، إلا حتى الزعماء الرسميين للصين كانوا يستشيرون دِنْجْ في جميع القضايا والقرارات المهمة وهوزعيم يتمتع بثقة كبيرة. وقد مكَّنَهُ نفوذه من إحداث تغييرات كبيرة في الصين. ولما لم يعد دنج يحتل منصبًا في الحكومة الصينية، إلا أنه كان ذا نفوذ.
حياته
وُلِدَ دِنج باسم دنگ شيانشنگ (الصينية المبسطة: 邓先圣; الصينية التقليدية: 鄧先聖; پنين: Dèng Xiānshèng) في مقاطعة سيچوان في أسرة من مُلاك الأراضي. ولج المدرسة الابتدائية في عام 1911، وهونفس العام الذي أطيح فيه بآخر إمبراطور في تاريخ الصين، الإمبراطور بويي من أسرة تشينگ، في الثورة التي قادها صن يات صن.
التعليم وحياته المبكرة
تدرّج في مدارس المقاطعة حتى الثانوية العامة ثم سافر إلى فرنسا في مطلع العشرينات، في برنامج للعمل والدراسة وهوفتى في 16 من عمره. وفي فرنسا، أحسّ بالتيارات الفكرية السياسية الرئيسية المتصارعة آنذاك، الثورة الصناعية والثورة البلشفية، وانجرف لتلك التيارات، وتعرّف على الأفكار اليسارية، خاصة الماركسية، وتأثر بها. ومن فرنسا، وفي عام 1921، عام تأسيس الحزب الشيوعي الصيني، انضم إلى رابطة الشباب الشيوعيين الصينيين في أوروبا، بقيادة الزعيم الصيني المعروف الراحل تشوإذا لاي، وفي عام 1924 انضم للحزب الشيوعي الصيني. غادر باريس عام 1926، وأخذه الطريق نحوموسكو، حيث تعرّف أكثر على الأفكار اليسارية، وتعززت روحه الثورية، ثم طلبت منه الأممية الشيوعية (الكومنترن) التي استقبلته في موسكو، حتى يعود للصين نهاية عام 1926.
من سلسلة سياسة شيوعية |
تاريخ الشيوعية |
مدارس الشيوعية |
' |
مواضيع متعلقة |
شيوعيون مشهورون |
بوابة السياسة |
خلال خمس سنوات في فرنسا، وبسبب برنامجه المكثف للعمل والدراسة وسحنته المُوحية بأصله الشرقيّ وكونه من الصين المتهمة بالشيوعية، لم يكن لديه الوقت الكافي ولا الفرصة ليتقرب أكثر من الحياة الفرنسية، لكنه شعر بالحياة الثقافية الغربية من فن وأدب وفلسفة وسياسة وحقوق، وأشدّ ما جذب اهتمامه هوالتطور التكنولوجي الذي تمنّاه لبلده الفقير المتخلف.
العودة للصين
لمّا عاد إلى الصين في مطلع عام 1927، غيّر اسمه من دنگ سيانشينگ إلى دنگ شياوپنگ (شياوپنگ تعني السلام الفتيّ)، في إشارة إلى بداية فترة جديدة هامة في حياته، والتأكيد على انتمائه الوطني بجانب ماركسيته. ثم عزّز ارتباطه بالحزب الشيوعي الصيني الذي لم يمض على تأسيسه آنذاك سوىستة سنوات، في فترة كانت الصين خلالها ضعيفة تحت حكم أمراء حرب مصلحيّين يتقاسمون النفوذ على مناطقها، ويتنازلون كثيرا للأجانب، حتى باتت الصين شبه مُستعمَرة، والناس يعانون تحت وطأة ظروف صعبة ومعقدة شتى مُخلّفة من القرن التاسع عشر، ويئنّون تحت جراح اجتماعية وسياسية وفوضى نزاعات خطيرة، والبلاد تقابل ضغوطا داخلية وخارجية تفرضها التطورات التي يشهدها العالم في حينه.
صعوده السياسي
استقر دنگ في شمال الصين أولا، لكنه أضطر للانتنطق جنوبا بسبب الحملة القوية لحزب الكومينتانگ بزعامة تشيانگ كاي شيك، ضد الشيوعيين. في الجنوب التقى مرة أخرى برفيقه جوإذا لاي بمدينة ووهان التي أصبح سكرتير الحزب الشيوعي الصيني فيها.
النشاط في شانغهاي ووهان
في تلك الفترة، كان يسهم أيضا في تأجيج الاحتجاجات الشعبية في شانغهاي ضد الكومينتانگ، ثم ساهم بقيادة انتفاضة شعبية غير موفقة في مقاطعة گوانگشي في عام 1929 ضد حكومة الكومينتانگ هناك، حتى اشتعلت الحرب الأهلية بين الحزب الشيوعي الصيني وحزب الكومينتانگ (1927- 1949)، واستعر أوارها وتلظى بنارها وويلاتها جميع الصينيين، لا سيّما الشيوعيين.
رغم قصر قامته، كان مميزا ببنية جسدية قوية وحضور مؤثر، وتعليم وثقافة وميول ماركسية ووطنية واضحة أهلته لعضوية متميزة في الحزب الذي رشّحه أولا للعمل في مناطق ريفية للدعوة إلى سياسات الحزب وتثوير الأرياف، وإنقاذ البلاد من محنتها. شارك منذ عام 1929 في حملات عسكرية ضد الكومينتانگ وفي حملات إصلاحية داخل الحزب.
الحملة العسكرية في گوانگشي
في جيانگ شي السوڤيتية
المسيرة الكبرى
شارك بالمسيرة الكبرى (8 آلاف ميل) للجيش الأحمر عامي 1934-1935، وهي مسيرة نزوح اضطراري بظروف صعبة وتضاريس معقدة لمئات آلاف الشيوعيين استمرت أكثر من 375 يوما، من مقاطعة گوانگشي بوسط شرقي الصين إلى مناطق الصين الداخلية شمالا وصولا إلى شانگسي، تفاديا لهجمات حزب الكومنتانگ. وساهم بشكل فعّال في قيادة فصائل ووحدات عسكرية من الجيش الأحمر خلال الحرب الأهلية التي أطاحت بحزب الكومنتانگ، ومن ثم التمهيد لتأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949. وأظهر شجاعة وحكمة تنظيمية وسياسية خلال حرب مقاومة الصين للغزوالياباني الذي بدأ عام 1937. تلك التجارب التنظيمية والعسكرية الميدانية، منحته الخبرة والصبر والتحمل والعلاقات الطيبة أيضا، وكانت خيرَ مُعين له في حياته السياسية اللاحقة بحلوها ومرّها. نقول حلوها ومرها لأنه عانى كثيرا من التآمر والإبعاد القسري عن الحياة السياسية والحكومية، بسبب خلافاته مع الكثير من السياسيين الذين عاصرهم.
الغزوالياباني
تمّ تعيينه لمهمة مدير القسم السياسي للحزب خلال حملة المسيرة الكبرى. وخلال حرب مقاومة الغزوالياباني، تولى مهمة المفوض السياسي الحزبي للكتيبة 129 من جيش الطريق الثامن، التي نمت وتطورت لتصبح واحدة من أكبر الوحدات العسكرية خلال تلك الحرب. وبعد انتهاء الحرب الأهلية وتأسيس الجمهورية عام 1949، ظلّ يمارس مهامَ حزبية هامة في مقاطعات البلاد إلى حتى عاد لبكين في عام 1952 ليتدرج سريعا في سُلم المناصب والمهام الحزبية، فتسلم عدة مناصب كنائب لرئيس مجلس الدولة ونائب رئيس لجنة الشئون المالية، ثم وزيرا للمالية ومديرا لمخط الاتصالات للحزب، إلى حتى تفرغ من جميع هذه المناصب، عدا نائب رئيس مجلس الدولة، ليتبوأ منصب الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني عام 1954، ثم عضوا في المخط السياسي للحزب. وخلال المؤتمر الوطني الثامن للحزب عام 1956، ترسخت جهوده ودوره كأمين عام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ومديرا لقسم التنظيم بالحزب، ونائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية.
استئناف الحرب ضد الوطنيين
العمل السياسي في عهد ماو
في الحقيقة، حتى أدواره السياسية بدأت بالظهور منذ مطلع الثلاثينات للقرن العشرين، ولكن بصماته المميزة اتضحت أكثر في السبعينات. في عام 1973، ظهر هذا الرجل القصير القامة الأنيق المظهر، خلال حفل استقبال لرئيس وزراء كمبوديا آنذاك نوردوم سيهانوك. وعلى ضوء سمعته كرجل براگماتي، كان واضحا حتى قيادة الحزب الشيوعي الصيني، وعلى رأسها ماوتسي دونغ، قد دعته للإسهام في جهود الحكومة لتحريك الاقتصاد المتعثر، ثم الاستعداد ليحل محل رئيس مجلس الدولة في حينه جوإذا لاي، الذي بدت عليه علامات السقم الخطير. وخلال انعقاد أول دورة للمجلس الوطني الرابع لنواب الشعب في بكين عام 1975، تم تكليفه بتسيير شئون البلاد كنائب لرئيس مجلس الدولة (مجلس الوزراء)، بفضل ما يُعهد عنه من جرأة في تحمل المسئوليات والمهام الصعبة. وكان اختياره موفقا، لأن الاقتصاد الصيني حقق في تلك السنة أفضل معدلات نموه منذ الثورة الثقافية (1967-1977). وبسبب أفكاره الجريئة الخاصة، ظهرت الخلافات منذ الثلاثينات بينه وبين بعض زملائه الثوريين الذين اتهموه بمختلف التهم وأجبروه على التنحي من مناصبه بالحزب والدولة عدة مرات، لكنه كان يعود أقوى في جميع مرة.
عمدة تشونگچينگ
الصعود السياسي في بكين
كمؤيد لماوزهدونگ، عينه ماوفي الكثير من المناصب الهامة في الحكومة الجديدة.
الثورة الثقافية
نقد حملة دنگ
العودة فيما بعد الثورة الثقافية
عاد للحياة السياسية أخيرا في سبتمبر عام 1976، وذلك بفضل دعم أبداه رفاق له من أيام النضال العسكري. تعززت العودة السياسية لدنگ شياوپنگ واكتسبت زخما خلال الفترة بدءا من عام 1977 ثم تكللت بتبوءه في عام 1978 المكانة القيادية الأعلى بالصين، وهي رئيس اللجنة العسكرية المركزية.
الانفتاح
|
عد حتى مرّت الصين بفترة صعبة ومعقد، باتت الأوضاع مستقرة في نهاية السبعينات، الأمر الذي هيأ للقيادة السياسية للبلاد، وفي القلب منها دنگ شياوپنگ، حتى تتطلع لتحرير العقول وإطلاق المبادرات المبدعة لبناء صين جديدة. لذلك، كان لا بُدّ أولا من تحرير الاقتصاد المخطط شديد المركزية الذي تتولى الحكومة فيه التخطيط والتطبيق والتدبير والمسئولية عن جميع شيء تقريبا في هذا البلد الكثير السكان، خاصة مسئولية توفير الطعام فيما يُسمى بالصين في حينه "قدر الطعام الكبير الواحد" في إشارة إلى حتى الحكومة توفر الطعام للجميع على حد سواء؛ المنتجون وإن اختلفت درجات إنتاجهم، واللامنتجون وإن اختلفت درجات اعتمادهم على قِدر الأرز الذي توفره الحكومة. كانت الأرضية الفكرية جاهزة، والأفكار التحررية نحوالبناء والإبداع تلقى قبولا بين القيادة السياسية وبين أبناء الشعب، في وقت لم يألُ فيه دنغ شياوبينغ جهدا للدعوة والترويج لأفكاره الإصلاحية، مؤكدا حتى الظروف باتت مهيأة لإطلاق العنان للناس ليعملوا ويبدعوا وينتجوا كما يعمل العالم المتطور. في تلك الفترة، وفي نوفمبر 1978 تحديدا، تهيأت لدنغ شياوبينغ فرصة السفر وزيارة ثلاث دول آسيوية مجاورة هي تايلاند وماليزيا وسنغافورة، حيث تعزز إيمانه هناك، خاصة في سنغافورة، بضرورة التطوير والإصلاح والانفتاح من أجل إنهاض الصين من كبوتها مهما كلف الأمر، ورأى حتى الإصلاح والانفتاح هما السبيل الوحيد لضخ حيوية في الصين سياسيا واجتماعيا، وإنهاضها اقتصاديا. وفي ظل التجارب والخلافات والتناقضات التي ظهرت في دول اشتراكية أخرى، لا سيما الاتحاد السوفيتي السابق، كان حريصا وحذرا في خطواته، منتهجا سبيل الطرح والتشاور بحيث تكون الغلبة للأصلح أوالأكثر فائدة وملائمة لواقع وظروف الصين، مؤكدا على ضرورة انتهاج اشتراكية بخصائص صينية، ومعالجة المشكلات الآنية للصين، استنادا إلى أساس واقعها العملي، وليس على أساس قوالب تاريخية أوأيديولوجية جاهزة، مهما كان مصدرها. ولهذا كانت إصلاحات الصين بقيادته ودعمه، أكثر نجاحا من سياسة الإصلاح (البيرسترويكا) التي انتهجها الرئيس السوفيتي الأسبق غورباتشوف. لقد أشار بعض المحللين إلى حتى الاختلافات بين السياستين تكمن في حتى الأولى كانت من أرض واقع الصين، وتحتمل النقاش والرفض والقبول والتجربة وهي نابعة من الجذور، بينما الثانية كانت تنظيرية أكثر منها واقعية، ومن إنسان واحد هوغورباتشوف نفسه، الذي اهتم بقضايا في الأعلى نزولا للأسفل.
يجب ألا نخاف من اتباع طرق الادارة المتقدمة المطبقة في الدول الرأسمالية (...) فروح الإشتراكية هوتحرير وتطوير النظم الانتاجية (...) فالإشتراكية واقتصاد السوق ليسا متعارضين (...) يجب حتى نكون قلقين من انحرافات الجناح اليميني، ولكن أكثر من ذلك، يجب حتى نكون قلقين بدرجة أكبر من انحرافات الجناح اليساري.
عزّز دنگ شياوپنگ الدعوات إلى فكرة ماويّة مشهورة، وهي "ابحث عن الحقيقة من خلال الوقائع"، في إشارة مقصودة منه إلى أنه لا توجد خريطة طريق جاهزة للإصلاح والتنمية، وأنه "يتعين على الشعب الصيني حتى يعبر النهر بنفسه ليتحسس بأقدامه الحصى الموجود في قاع النهر". وأشهر ما يُذكر عنه استشهاده بمثل صيني قديم، معروف في مسقط رأسه بمقاطعة سيتشوان، أكثر من أي مكان آخر في الصين، وهو"لون القط لا يهم، سواء أكان أبيض أم أسود، طالما أنه يصطاد الفئران."
جاهر بخلافه مع الكثير من شعارات الثورة الثقافية، وكلفه ذلك الإبعاد القسري عن الحياة السياسية في مطلع السبعينات. كان رفيق نضال وموضع ثقة لماوتسي تونغ، مؤسس الصين الجديدة، لكن ذلك لم يكبح جرأته المعهودة فأعرب خلافه مع مقولة "من الأفضل حتى نبقى فقراء في ظل الاشتراكية، على حتى نغتني في ظل الرأسمالية." وأكد "أن الفقر ليس اشتراكية." وحتى تعليقه المشهور حول "لون القط لا يهم، طالما أنه يصطاد الفئران"، فقد اتى إثر خلاف فكري عام 1961 حول تطوير الإنتاج الزراعي.
وعلى ضوء الاقتصاد الصيني الضعيف المتعثر، بدأت مسيرته الإصلاحية بالكثير من المراحل، مثل تقليل الاستثمار في الصناعات الثقيلة من أجل تحقيق الموازنة لجميع القطاعات، وزيادة الأسعار التي تدفعها الحكومة لشراء محاصيل الفلاحين، الأمر الذي شجع الفلاحين كثيرا، وخصص سلسلة من العلاوات لزيادة عوائد العاملين الحكوميين في المدن.
ومن الطبيعي حتى يتشجع الجميع لممارسة أعمال خاصة تدرّ مزيدا من الدخل، الأمر الذي كان الأساس لسوق حرة للمنتجات الريفية. وسمح للمقاطعات بإلغاء نظام الكومونة الزراعية والحقول الجماعية التي أوجدها ماوتسي تونگ، والسماح للفلاحين بتقسيم الأراضي وزراعتها بأنفسهم بشكل فردي أوعائلي بأسلوب التأجير أوالمقاولة العائلية، الأمر الذي زاد الإنتاج الزراعي كثيرا. وليس ذلك فحسب، بل بدأ الريفيون بتربية المواشي والاستثمار في حقول الدواجن والأسماك والروبيان، والنهريّات والبحريّات الأخرى، وحتى استغلال المباني الجماعية السابقة لإنتاج مستلزمات حياتية تجارية يبيعونها بأنفسهم، الأمر الذي زاد عوائدهم، وساهم في تخفيف الآثار السلبية التي عاناها الفلاحون ومعظم الصينيين بعد حملة "قفزة كبرى للأمام" التي نادى إليها الزعيم ماوعام 1958. لقد كان للتغيرات الكبيرة في حياة ملايين الفلاحين أثر في تطوير أنماط حياتهم في بناء مساكن جديدة، وفي الاستهلاك اليومي، وهوما وفر فرصا هائلة للعمل وللأسواق، خاصة قطاعات صناعة المواد الإنشائية. وفي المدن، تبنى سياسات مؤاتية لزيادة فرص العمل خاصة للخريجين الشباب، وسمح بقيام أعمال خاصة صغيرة، وأخذ الناس العاديون يتبضعون السلع الاستهلاكية التي أخذت تزداد يوما بعد يوم، بعدما كانوا مُقيّدين ومُُحدّدين بكوبونات توزعها عليهم شهريا أوبالمناسبات، وحدات عملهم الحكومية، وتحمّس كثيرا لجذب الاستثمارات الأجنبية وكل ما متطور مفيد للصين. استشف أيضا حتى العالم آنذاك لا يحتمل حربا جديدة، وأن السلام سيكون التيار السائد، لذلك نادى الجيش للإسهام في الحملات المدنية لتحديث الاقتصاد، وطالت إصلاحاته حتى ميزانية الجيش، مُقترحا تقليل إنتاج الأسلحة، عدا الاستراتيجية منها. ونادى أيضا إلى تنظيم الأسر الصينية، أي تنظيم الإنجاب، باعتباره وسيلة هامة لكبح الزيادة المفرطة في عدد السكان. وحث على إنهاض التعليم وتجديده بعدما طالته الآثار السلبية لتجنيد الشباب خلال فترة الثورة الثقافية. وإيمانا منه بحاجة الصين المتأخرة كثيرا عن العالم المتقدم، شجع الطلاب الشباب على الدراسة في الخارج، ومنها بدأت موجة لتفهم اللغة الإنجليزية.
الاصلاحات الاقتصادية
كانت التحديات جسيمة أمام الصين عموما، شعبا وحزبا وحكومة، لكنه أيقن بأن مفتاح الحل يكمن في هجريز جميع الجهود على إصلاح الداخل والانفتاح على الخارج وتنمية الاقتصاد وتخليص البلاد والعِباد من الفقر والانغلاق، وجلب التكنولوجيا المفيدة من جميع مكان متقدم، خاصة من الغرب، ومنه فرنسا التي أمضى فيها خمس سنوات. كان حريصا على الحفاظ على الاشتراكية في الصين، لكنه نادى بصوت قوي ومسموع بفكرة حتى الاشتراكية هي الإسراع بتطوير وتنمية قوى الإنتاج، وبحث واكتساب وتفهم التكنولوجيا والاطلاع على تجارب الإدارة المتقدمة للدول الأجنبية والاستفادة منها، والتحلي بالشجاعة والجرأة لإصلاح نظام الإدارة الاقتصادية، وخلق اقتصاد السوق الاشتراكي. طرح الاستراتيجية التنموية الملائمة لواقع الصين، من ثلاث خطوات، ووضع فترة 70 سنة لتحقيق أهدافها، وركز على حتى يتم خلال المستوى الأولى توفير الغذاء والكساء للمواطنين خلالعشرة سنوات، وعملا تحقق الهدف قبل الموعد المحدد في نهاية الثمانينات. والمستوى الثانية هي زيادة إجمالي الناتج المحلي لعام 1980 بواقع أربعة أضعاف في نهاية القرن العشرين، وعملا تحقق الهدف في عام 1995 قبل الموعد المحدد. والمستوى الثالثة زيادة معدل ولج الفرد بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي ليصل عام 2050 إلى معدل الدول المتوسطة النمو. في حينه، أي عام 2050،قد يكون المواطن الصيني متمتعا بمستوى حياة رغيدة، وتكون التحديثات قد تحققت من حيث الأساس. ومن أجل ذلك، قام في عام 1978، عام انطلاق مسيرة الإصلاح والانفتاح بالصين، بجولته التفقدية للمقاطعات الثلاث بشمال شرق الصين، وهي جيلين ولياونينغ وهيلونغجيانغ، ليلتقي بمسئوليها ومواطنيها، داعيا في جميع مكان يصل إليه أويحل به إلى تعزيز الجهود من أجل تطبيق مهمة الحزب والدولة في التحديثات الأربعة للصين وهي الاقتصاد والزراعة والعلوم والتكنولوجيا والدفاع الوطني، مشيرا إلى حتى الظروف مهيأة لذلك من خلال المضي قدما بالإصلاح والتطوير ودعم ذلك بالانفتاح على جميع ما مفيد من الخارج. وشجع على فتح مناطق معينة لتطوير التصنيع والتصدير، واستقبال الاستثمار الخارجي، ووُلِدت أولا في مقاطعة قواندونغ منطقة شنتشن الاقتصادية الخاصة، ثم تلتها تشوهاي وشانتو، وكذلك منطقة شيامن الاقتصادية الخاصة في مقاطعة فوجيان، وتحولت لاحقا إلى مناطق اقتصادية خاصة توفرت فيها فرص تجارية برسوم تفضيلية جذبت أولا الكثير من رجال أعمال قطاع التصنيع في هونگ كونگ المجاورة لهذه المناطق. لقد كانت تلك المناطق التصديرية – الاقتصادية الخاصة، الشرارة التي ألهبت حماسة قطاع التصنيع في الصين، وزادت الصادرات بمستوى غير مسبوق بحيث يمكن رؤية آثار ذلك في يومنا هذا، حيث تتقدم الصين نحومركز الصدارة عالميا في مجال التصدير. تلك المناطق التي بدأت محدودة على سبيل التجربة الحَذِرة، تضاعف عددها وانتشرت في معظم المناطق الساحلية، وامتدت حتى للمدن التي ليس لديها سواحل.
ومن الثمار الأولى لأفكاره الانفتاحية والإصلاحية على الصعيد الخارجي، توقيع الصين لمعاهدة السلام والصداقة مع اليابان في عام 1978. وفي يناير عام 1979 وخلال زيارة للولايات المتحدة، تمكن من إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة وانتزاع اعترافها رسميا بالصين، بعد جهود دؤوبة مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، مبعوث الرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون لتطبيع العلاقات مع الصين، فيما يُسمى بـ"دبلوماسية كرة الطاولة" التي بدأت منذ مطلع السبعينات وتكللت بزيارة الرئيس نيكسون للصين عام 1972، وما تلاها من زيارات لكيسنجر لبكين، الأمر الذي ساعد أيضا على تحسين العلاقات مع الغرب. ثم أخذت العلاقات تتحسن تدريجيا مع الاتحاد السوفيتي بعد قطيعة طويلة بسبب خلافات فكرية حول المعسكر الاشتراكي، ثم حقق حلما طالما انتظره الصينيون وهوالتفاوض الناجح مع البريطانيين لإعادة هونغ كونغ للوطن الأم في عام 1997. وخلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في مطلع عام 1979 ولقائه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، تجوّل في عدة مناطق ذات طبيعة تجارية مثل شركة بوينغ وشركة كوكا كولا، ليقول للأمريكيين إذا الصين الجديدة عازمة على التطور والإصلاح والانفتاح.
الهجريز على التصدير
دوره في مظاهرات ميدان تيانآنمن
أحد عشر عاما كانت فترة ممارساته البناءة (1978- 1989) على رأس الحزب والحكومة ونواة الجيل الثاني للقيادة السياسية في الصين، التي شهدت تغيرات وتطورات كبيرة جدا، أوصلتها لما هي عليه الآن من تطور جيّاش ونمواقتصادي هوالأكثر حيوية في العالم. وبفضل سياسة الإصلاح والانفتاح التي بدأها هذا الزعيم، أصبحت الصين ثاني اقتصاد من حيث الحجم في العالم. وبفضل حكمة مهندس الإصلاح والانفتاح، كما يلقبه الصينيون، تخلص مئات الملايين من الفقر وتخلص الفلاحون من ظلم الإقطاع والتخلف وأصبحت أرياف الصين شكلا آخر. من الناحية الرمزية، قد يحدث عام 1984 تحديدا، عاما مميزا في حياة هذا الزعيم البارز. ففي ذلك العام، حققت الزراعة الصينية، خاصة محاصيل الحبوب، رقما قياسيا بلغ 400 مليون طن، محققة الاكتفاء الذاتي، بعد فترة طويلة من المعاناة. وفي العام نفسه، نجح في التفاوض مع الحكومة البريطانية حول إعادة هونگ كونگ للوطن الأم بحلول عام 1997، وكذلك التفاوض مع البرتغال لإعادة ماكاوللصين في عام 1999، الأمر الذي يعتبر ثمرة من ثمار سياسته الشهيرة المعروفة بـ "دولة واحدة ونظامان". الدولة الواحدة هي الصين بنظامها الاشتراكي، ونظامان تعني بقاء منطقتي هونگ كونگ وماكاوعلى نظامهما الرأسمالي.
في عام 1989، قرر الاستنطقة من منصب رئيس اللجنة العسكرية المركزية، ثم التقاعد عن العمل السياسي، مُقدّما بذلك نموذجا على ضرورة الانتنطق السلس للسلطة وفسح المجال أمام جيل حديث لقيادة المسيرة، ومواصلة العطاء والإسهام بشكل آخر. ورغم كبر سنه وتقاعده، لكنه ظل الشيخ السياسي المحنك الذي يُرجَع إليه عند الضرورة، خاصة فيما يتعلق بمسيرة الإصلاح الاقتصادي والتحديث الاشتراكي التي اعتبر مهندسها الرئيسي، وساعد في ذلك تلك الفكرة التقليدية الصينية المتوارثة باحترام كبار السن وتبجيلهم. في ربيع عام 1992، كانت جولته المعروفة في المناطق الاقتصادية الخاصة بجنوب الصين، حيث زار ووتشانگ، والمنطقتين الاقتصاديتين الخاصتين في شنتشن وتشوهاي، اللتين أصبحتا مدينتين برزتا للعيان بشكل رائع جدا، من الصِفر تقريبا، بفضل الانفتاح الاقتصادي على الخارج. ثم زار شانغهاي، التي يعود الفضل له أيضا في تعزيز مكانتها الاقتصادية والساحلية في الصين والعالم، بعد حتى شجع على تأسيس منطقة بودونغ الحديثة فيها.
بعد الإستنطقة والجولة الجنوبية 1992
في خضم هذه الإنجازات، هل كان الطريق سلسا أمام الصين، شعبا وقيادة، في هذه المسيرة الطويلة المحفوفة بالكثير من التحديات والتعقيدات والتطورات الداخلية والخارجية،يا ترى؟ يظهر من الطبيعي في بلد يضم عددا هائلا من السكان، واقتصاد ضعيف وبنية تحتية متخلفة حتى مطلع الثمانينات، حتى تكون التحديات قاسية والمهام أقسى، والتطبيق محفوف بالمخاطر، والنتائج دونها الجهد والعرق والتضحيات. فمع انفتاح وتطور الاقتصاد وتوسعه، برزت مشاكل عديدة منها مثلا الزيادة السكانية الكبيرة التي جعلت تعداد سكان البلاد يتجاوز المليار بكثير حسب التعداد العام للسكان في عام 1982، الأمر الذي حتم الاستمرار بسياسة تنظيم الأسرة. وفي جانب الموارد، من المعروف حتى الصين قليلة الموارد مقارنة بالمعدل العالمي وتعداد سكانها، لذلك عانت الموارد من الاستنزاف، الأمر الذي دفعت ثمنه البيئة في البلاد. وكان لتعزز دور اقتصاد السوق وحرية التجارة دور في ظهور فجوة تنموية وتطورية بين المناطق الصينية التي تعاني أصلا من اختلافات واضحة لأسباب جغرافية وتاريخية، وظهور فوارق اجتماعية بين المواطنين، وهي أمور تحظى باهتمام بالغ من الحكومة الصينية التي تبذل جهودا متواصلة لتعزيز التنمية المتوازنة والمستدامة والخضراء، التي تساعد في الحفاظ على موارد البلاد، والعمل أيضا على تضييق الفجوة في التنمية بين المناطق وكذلك بين المواطنين، بحيث يستفيد الجميع من ثمار التنمية، وصولا إلى هدف مجتمع رغيد متناغم.
وفاته وردود الأفعال
بعد حياة مليئة بالأحداث، وبعد إسهامات يُشار لها باحترام وتقدير بارزين، توفي هذا الزعيم الذي وصف بأنه "ماركسي عظيم، وثوري بروليتاري رائع، ورجل دولة محنك، واستراتيجي عسكري ودبلوماسي فذ" توفي في بكين في 19 فبراير عام 1997، عن عمر ناهز 93 عاما، مُخلفا إرثا سياسيا وإسهامات سيتذكرها الصينيون والعالم أجمع، كشاهد على نهضة بلد من التخلف إلى مكانة متقدمة في عالم اليوم. إذا مشاعر الصينيين تجاهه كانت وما زالت عظيمة جدا، ونستشهد هنا ببعض ما اتى في النعي الذي أصدرته قيادة الصين على لسان الرئيس الصيني في حينه جيانغ تسه مين، حيث نطق: "إن الشعب الصيني يشعر بالمحبة والامتنان والتقدير للرفيق دنغ، وسيبقى يتذكر ما بذله من جهود طوال حياته التي كرّسها من أجل الشعب، ومن أجل استقلال وتحرير وبناء الأمة."
النصب التذكارية
Deng Xiaoping billboard in Shenzhen, Guangdong
Deng Xiaoping billboard in Qingdao, Shandong
Deng Xiaoping billboard in Dujiangyan, Sichuan
Deng Xiaoping billboard in Lijiang, Yunnan
مأثورات شهيرة لدنگ شياوپنگ
|
انظر أيضاً
- نظرية دنگ شياوپنگ
المصادر
- "Fifth Plenary Session of 11th C.C.P. Central Chinese Committee", Beijing Review, No.عشرة (10 March 1980), pp. 3–22، التي تصف الإجراءات الرسمية لإعادة تأهيل ليووتبرئته.
الهامش
- ^ "دنغ شياوبينغ... مهندس نهضة الصين الحديثة". صحيفة الشعب اليومية أونلاين. 2012-02-23. Retrieved 2015-07-20.
- ^ Cited by António Caeiro in Pela China Dentro (translated), Dom Quixote, Lisboa, 2004. ISBN 972-20-2696-8
مصادر ببليوگرافية
- Yang, Benjamin and Yang, Bingzhang. Deng: A Political Biography.M.E. Sharpe, 1998. ISBN 1563247224, ISBN 9781563247224
- Spence, Jonathan D. "A Road is Made." In The Search for Modern China. 310. New York, NY: W.W. Norton & Company, 1999
- Spence, Jonathan D. "Century's End." In The Search for Modern China. 725. New York, NY: W.W. Norton & Company, 1999
وصلات خارجية
- Free searchable biography of Deng Xiaoping at China Vitae
- Obituary, NY Times, 20 February 1997
- Selected Works of Deng Xiaoping
- Life of Deng Xiaoping
- China's former 'first family' (from CNN)
- China officially mourns Deng Xiaoping (from CNN)
- Deng's Free Market Nightmare (Maoist criticism)
- China 2002: Building socialism with Chinese characteristics (Communist Party USA)
- China Daily Biography
- ڤيديو
- Documentary 52': China on the Catwalk
- 10th Anniversary of the death of Deng Xiaoping: SINA
مناصب سياسية | ||
---|---|---|
سبقه بوييبو |
وزير المالية 1953 – 1954 |
تبعه لي شياننيان |
سبقه Huang Yongsheng |
رأس قسم الأركان العامة بجيش التحرير الشعبي 1975 – 1976 |
تبعه نفسه في 1976 |
سبقه نفسه في 1975 |
رأس قسم الأركان العامة بجيش التحرير الشعبي 1976 – 1980 |
تبعه يانگ دژي |
سبقه ژوإنلاي |
رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي الشعبي الصيني 1978—1983 |
تبعه دنگ ينگچاو |
سبقه لا أحد |
رئيس للحزب الشيوعي الصيني 1983 – 1990 |
تبعه جيانگ زمين |
مناصب حزبية | ||
سبقه راوشوشي |
رأس قسم التنظيم في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني 1954 – 1956 |
تبعه آن زيون |
سبقه ژانگ ونتيان في 1945 |
الأمين العام لأمانة الحزب الشيوعي 1956 – 1967 |
تبعه هوياوبانگ في 1980 |
سبقه ژوإنلاي، Kang Sheng, لي دشنگ, يى جيانيينگ، Wang Hongwen |
نائب رئيس الحزب الشيوعي الصيني مع: ژوإنلاي, Kang Sheng, لي دشنگ, يى جيانيينگ، Wang Hongwen 1975 – 1976 |
تبعه لي دشنگ, يى جيانيينگ، Wang Hongwen |
سبقه لي دشنگ، يى جيانيينگ |
نائب رئيس الحزب الشيوعي الصيني مع: لي شياننيان، وانگ دونگشينگ، چن يون، يى جيانيينگ، ژاوزييانگ, هوا گووفنگ 1977 – 1982 |
تبعه لا أحد |
سبقه هوا گووفنگ |
رئيس للحزب الشيوعي الصيني 1981 – 1989 |
تبعه جيانگ زمين |
سبقه لا أحد |
رئيس المفوضية الاستشارية المركزية للحزب الشيوعي الصيني 1982 – 1987 |
تبعه چن يون |