أبوسعيد أبوالخير
أبوسعيد بن أبي الخير (7 ديسمبر 967- 12 يناير 1049) شاعر وصوفي فارسي أسهم بشكل بارز في تطور الصوفية.
ولد هذا الرجل في ميهنة من أعمال خراسان، اليوم بالقرب من تربة حيدرية، خراسان رضوي. وكان أبوه عشاباً طبيباً ذا اهتمام بالصوفية. واتصل بابن سينا؛ ويروى عنه أنه نطق في هذا الفيلسوف إذا ما يراه ابن سينا يعهده هو(88). وقد أولع في صباه بالأدب البذيء، ويقول عن نفسهِ إنه حفظ عن ظهر قلب ثلاثين ألف بيت لشعراء الجاهلية. ولما بلغ السادسة والعشرين من عمرهِ سمع في يوم من الأيام درساً لأبي عليّ يدور حول قوله تعالى "قل الله، ثم ذرهم في خوضهم يلعبون". ويقول أبوسعيد إنه ما كاد يسمع هذه الآية حتى فُتح في قلبهِ باب الإيمان وكأنما انتزع من نفسهِ فجمع خطهُ كلها وأحرقها ثم آوى إلى ركن في بيتهِ، وجلس فيهِ سبع سنين يذكر فيها اسم الله. ولقد كان تكرار لفظ الجلالة عند الصوفية المسلمين سبيلاً محببة إلى "الفناء" ويقصدون بهِ انتنطق الصوفي عن نفسهِ طالما وجده. وزاد أبوسعيد على هذا عدة أساليب من الزهد والتقشف، فلم يلبس إلا قميصاً واحداً، ولم يتحدث إلا عند الضرورة القصوى، ولم يذق الطعام إلا وقت الغروب. ولم يكن طعامهُ إلا كسرة من الخبز، ولم يرقد على فراش لينام، وحفر في جدار بيتهِ حفرة، لا تزيد حين يقف فيها على طولهِ وعرضهِ، وكثيراً ما كان يحبس نفسهُ فيها. ويسد أذنيه لكيلا تصل إليهما أصوات من الخارج. وكان في بعض الليالي يربط نفسه بحبل ويتدلى برأسهِ في بئر، ويتلوالقرآن كله قبل حتى يخرج إلى سطح الأرض-هذا إذا صدقنا قول أبيه عنه. وقد عكف على خدمة غيره من الصوفية، فكان يتسول لهم، وينظف لهم خلواتهم وفضلاتهم. ويقول عن نفسهِ إذا امرأة صعدت إلى سقف المسجد وهوفيه وألقت عليه الأقذار، ولكنه مع ذلك ظل يسمع صوتاً يناديه "أليس الله بكافٍ عبدهُ؟". ولما بلغ الأربعين من عمرهِ وصل إلى مرتبة الإشراف الكامل وبدا يخطب الناس، والتف حوله كثيرون من الأتقياء المخلصين، ويؤكد لنا هوحتى بعض مستمعيه كانوا يلطخون وجوههم بروث حماره لتحل عليهم بركته. وقد هجر أثره في التصوف بأن أنشأ خانقاه للدراويش ووضع لها طائفة من قواعد جعلتها نموذجاً لأبناء الطائفة في القرن الذي بعده.
وكان أبوسعيد يفهم الناس، كما فهمهم القديس أوغسطين، حتى رحمة الله، لا أعمال العبد الصالحة، هي سبيل النجاة؛ ولكنه كان يعني بالنجاة، التحرر الروحي، ولم يفهمها على أنها دخول الجنة، ويقول إذا الله يفتح للإنسان باباً بعد باب التوبة ثم يأتي بعدها باب اليقين فإذا بلغه تقبل السباب والتحقير وفهم فهم اليقين مصدره... ثم يفتح له الله بعدئذ باب الحب، ولكنه لا ينفك يقول في نفسهِ "أحب"... ثم يفتح له باب التوحيد... وعنده يدرك حتى الله جميع شيء منه وإليه... ويعهد أنه غير محق في قوله "أنا" أو"لي"... لأن الرغبات تتساقط عنه فيتخلى عنها ويهدأ باله... لأن الإنسان لا يفر من نفسهِ إلا إذا قتلها. إذا نفسكَ تبعدك عن الله، وتقول إذا فلاناً وفلاناً يتوعداني في الشر... وهذا قد أحسن إليَّ-كل هذا شرك بالله، فليس شيء يعتمد على المخلوقات، بل يعتمد جميع شيء على الخالق. إذا عليكَ حتى تعهد هذا، فإذا قلته فاثبت عليهِ... والثبات معناه أنكَ إذا قلتَ "واحداً" فلا تقل "اثنين" أبداً... قل الله واثبت على هذا القول.
وتظهر هذه العقيدة الهندية-الإمرسونية في بعض الأقوال المنسوبة إلى أبي سعيد وإن كانت نسبتها إليه مشكوكاً فيها! وسألته: "لمنقد يكون جمالك؟" فنطق: "لي" لأنه لا موجود سواي؛ أنا الحب، والمحبوب، والحب كلها في واحد، أنا الجمال، والمرأة، والعينان اللتان تريان(91).
المصادر
ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors=
ignored (|author=
suggested) (help)
المراجع
- E.G. Browne. Literary History of Persia. (Four volumes, 2,256 pages, and twenty-five years in the writing). 1998. ISBN 0-7007-0406-X
- Jan Rypka, History of Iranian Literature. Reidel Publishing Company. ASIN B-000-6BXVT-K
انظر أيضاً
- List of Persian poets and authors
- الأدب الفارسي
- الشعر الصوفي
نطقب:Persian scholars from Khorasan