ديوكلتيانوس

عودة للموسوعة

ديوكلتيانوس

ديوكلتيانوس Diocletian
امبراطور الامبراطورية الرومانية
ديوكلتيانوس
العهد 20 نوفمبر 284 - 286 (بمفرده);
286 - 1 مايو305 (بلقب أغسطس الشرق, مع ماكسيميان بلقب أغسطس الغرب)
سبقه نومريان
تبعه Constantius Chlorus and Galerius
Full name
گايوس أورليوس ڤالريوس ديوكلتيانوس
Gaius Aurelius Valerius Diocletianus

ولد دقلديانوس بالإنگليزية: Diocletian عام 245 م في مدينة سالونا salona بولاية دالماشيا باقليم ايليريا المطل على البحر الادرياتى شرق ايطاليا ، وكان ابواه فقيرين, انضم إلى طبقة الفرسان ووصل إلى رتبة دوق (اى قائد الفرسان ) في ولاية ميسيا ، ثم اصبح قائد قوات الحرس الامبراطورى الخاص وهى من الوظائف الخطيرة ، وتجلت كفاءته العسكرية في حرب فارس, وبعد موت الامبراطور نوريانوس ( 283 – 284 م ) اعترف به بانه أجدر إنسان بعرش الامبراطورية.

كان اسم دقلديانوس الحقيقى (ديوقليز ) وقد اختار اسم دقلديانوس بعد ان اعتلى العرش واتخذ دقلديانوس لنفسه تاجا (عصابة عريضة مرصعة بالآلئ ) واثوابا من الحرير والمضى ، واحذية مرصعة بالحجارة الكريمة . وابتعد عن اعين الناس في قصره ، وحتى على زائره ان يمروا بين صفين من الخصيان والحجاب وامناء القصر ذوى الالقاب والرتب ، وان يركعوا ويقبلوا اطراف ثيابه.

وكان عصر " دقلديانوس" نقطة تحول في التاريخ القديم من عصر الامبراطورية الرومانية إلى العصرالبيزنطي عندما أعتلى "' دقلديانوس "' عرش الأمبراطورية الرومانية في سنة 284 ميلادية حاول إدخال بعض الأصلاحات بإدماج ولايات وتقسيم ولايات أخرى. وقسمت مصر التى كانت حتى ذلك الوقت ولاية واحده إلى ثلاثة أقسام يحكم جميع قسم حاكم مدني أما السلطة العسكرية فقد وضعت في يد قائد يسمي دوق مصر.

وكان مكسيميانوس شريك دقلديانوس في حكم الغرب

عملة عليها دقلديانوس.
Palace of Diocletian in Nicomedia (İzmit)

النشأة

كان ديوكلتيانوس ابن معتوق دلماشي. وكان ديوقليشيان أودقلديانوس - وهوالاسم الذي اختاره بعد ذلك لنفسه - قد ارتقى بمواهبه الفذة ومبادئه الأخلاقية المرنة حتى عين، وحاكما في بعض الولايات، وقائداً لحرس القصر. وكان رجلاً عبقرياً أكثر دراية بشئون الحكم منه بالحرب. وقد جلس على العرش بعد عهد من الفوضى أشد من الفوضى التي عمت البلاد من أيام ابني جراكس إلى أيام أنطونيوس، ولكنه هدأ جميع الأحزاب الثائرة المتنافرة، وصد الأعداء عن جميع الحدود، وبسط سلطان الحكومة وقواه، وأقام حكمه على تأييد الدين ورضاء رجاله. وكان ثالث ثلاثة تدين لهم الإمبراطوريّة بالشيء الكثير - أغسطس وأورليان؛ ودقلديانوس. وأما أغسطس فقد أنشأها، وأما أورليان فقد أنقذها، وأما دقلديانوس فقد نظمها تنظيماً جديداً.


الامبراطورية الرومانية تحت ديوكلتيانوس
خريطة الامبراطورية الرومانية, ح. 395, showing the dioceses and the praetorian prefectures of Gaul, Italy, Illyricum and Oriens, roughly analogous to the four Tetrarchs' zones of influence after Diocletian's reforms. However, in 395, the western part of the Praetorian prefecture of Illyricum was attached to the Praetorian prefecture of Italy. This map shows only eastern part of Illyricum, though in the time of Tetrachy the Illyricum was not divided.

وكان أول قراراته الحاسمة قراراً كشف عن المستور من أحوال الدولة وعن أفول نجم رومة، فقد هجر المدينة ولم يتخذها عاصمة لملكه، واتخذ مقامه في نيقوميديا وهي مدينة في آسية الصغرى تبعد عن بيزنطية بقليل من الأميال جهة الجنوب، وظل مجلس الشيوخ يعقد جلساته في روما كما كان يعقدها قبل، وظل القناصل يقومون بمراسمهم المألوفة، وظلت الألعاب الصاخبة تدور كسابق عهدها والشوارع تموج بمن فيها من الناس على اختلاف أجناسهم؛ ولكن السلطة والقيادة قد انتقلتا من هذه المدينة التي أضحت مركز الانحلال الاقتصادي والأخلاقي. وكان الذي دفع دقلديانوس إلى هذا العمل هوالضرورة الحربية. ذلك أنه كان لا بد من الدفاع عن أوربا وآسية، ولم يكن الدفاع عنهما مستطاعاً من مدينة في جنوب جبال الألب وتبعد عن تلك الجبال هذا البعد الشاسع. ولهذا أشرك معه في الحكم قائداً محنكاً يدعى مكسميان (286)، وعهد إليه الدفاع عن الغرب؛ ولم يتخذ مكسميان روما عاصمة له بل اتخذ بدلاً منها مدينة ميلان. وبعد ست سنين من ذلك العام اتخذ كلا الأغسطسين Augusyi "قيصراً" ليساعده في أعباء الحكم وليكون خليفة له من بعده. فاختار دبوقليشان جليريوس Galerius واتخذ هذا عاصمته مدينة سرميوم Sirmium وهي متروفيكا Mitrovica على نهر الساف Save، وعهد إليه حكم ولايات الدانوب؛ وعين مكسميان قنسطنطيوس طلورس Constantius Chlorus (الأصغر) خلفاً له. واتخذ هذا حاضرته مدينة أوغسطا ترفرورم Augusta Trevirorum (تريف Treves). وتعهد جميع أغسطس حتى يعتزل الملك بعد عشرين عاماً ليخلفه قيصره؛ وكان من حق هذا القيصر حتى يعين هوالآخر "قيصراً" يعاونه ويخلفه. وزوج جميع أغسطس ابنته "بقيصره" فأضاف بذلك رابطة الدم إلى رابطة القانون. وكان دقلديانوس يرجوبذلك حتى يسد الطريق على حروب الوراثة، وأن يعيد إلى الحكومة استقرارها ودوامها، وسلطانها، وأن تكون الإمبراطوريّة متأهبة لملاقاة الأخطار في أربع نقاط هامة، سواء أكانت هذه الأخطار ناشئة من الثورات الداخلية، أم من الغزوالخارجي. لقد كان تنظيماً باهراً، جمع جميع الفضائل إذا استثنينا فضيلتي الوحدة والحرية. فقد انقسمت الملكية، ولكنها كانت ملكية مطلقة، وكان جميع قانون يصدره جميع حاكم من الحكام الأربعة يصدر باسمهم جميعا، ويطبق في أنحاء الدولة، وكان قرار الحكام يصبح قانوناً ساعة صدوره، من غير حاجة إلى تصديق مجلس الشيوخ في روما. وكان الحكام هم الذين يعينون جميع موظفي الدولة، ومدت أداة بيروقراطية ضخمة فروعها في جميع أنحاء الدولة. وأراد دقلديانوس حتى يزيد من قوة هذا النظم فحول عبادة عبقرية الإمبراطور إلى عبادة شخصه بوصفه تجسيداً لجوبتر، وتواضع لكسمليان فرضي حتىقد يكون هوهرقول؛ إلى غير ذلك هبطت الحكمة والقوة من السماء لتعيدا النظام والسلم إلى الأرض، واتخذ دقلديانوس لنفسه تاجاً - عصّابة عريضة مرصعة باللآلئ - وأثواباً من الحرير والمضى؛ وأحذية مرصعة بالحجارة الكريمة، وابتعد عن أعين الناس في قصره، وحتم على زائريه حتى يمروا بين صفين من خصيان التشريفات والحجاب وأمناء القصر ذوي الألقاب والرتب، وأن يركعوا ويقبلوا أطراف ثيابه. لقد كان في الحق رجلاً يعهد العالم حق الفهم. وما من شك في أنه كان يضحك في السر من هذه الخرافات والأشكال ولكن عرشه كان يعوزه ما يخلعه الزمان عليه من شرعية، وكان يأمل حتى يدعمه وأن يقمع اضطراب العامة وعصيان الجيش بأن يخلع على نفسه مظاهر الألوهية والرهبة. وفي ذلك يقول أورليوس فكتور: "واتخذ لنفسه لقب السيد Dominus، ولكنه كان يسير في الناس سيرة الأب"(40) وكان معنى إقامة هذا الطراز الشرقي من الحكم الاستبدادي على يد ابن عبد رقيق، وهذا الجمع بين الإله والملك في إنسان واحد، كان معنى هذا عجز الأنظمة الجمهورية في العهود القديمة، والتخلي عن ثمار معركة مرثون، والعودة إلى مظاهر بلاط الملوك الأخمينيين، والمصريين، والبطالمة، والبارثيين، والملوك الساسانيين، وإلى النظريات التي كان يقوم عليها حكم هؤلاء الملوك كما عاد الاسكندر إليها من قبل. ومن هذه الملكية الشرقية الصبغة اتى نظام الملكيات البيزنطية والأوربية، وهوالنظام الذي طل قائماً إلى أيام الثورة الفرنسية. ولم يبقَ بعد هذا إلا حتى يتحالف الملك الشرقي في عاصمة شرقية مع دين شرقي. ولقد بدأت الخواص البيزنطية في الظهور أيام دقلديانوس.

Diocese Territories
الشرق
Oriens ليبيا, مصر, فلسطين, سوريا, وقيليقيا
Pontus Cappadocia, أرمنيا الصغرى, Galatia, Bithynia
Asia (Asiana) Asia, Phrygia, Pisidia, Lycia, Lydia, Caria
Thrace Moesia Inferior, Thrace
Moesia Moesia Superior, Dacia, Epirus, Macedonia, Thessaly,

Achaea, Dardania

الغرب
Africa Africa Proconsularis, Byzacena, Tripolitana, Numidia, part of

Mauretania

Hispania Mauretania Tingitana, Baetica, Lusitania,

Tarraconensis

Prov. Viennensis Narbonensis, Aquitania, Viennensis, Alpes

Maritimae

غاليا Lugdunensis, Germania Superior, جرمانيا

Inferior, Belgica

بريطانيا بريطانيا, Caesariensis
Italia Venetia et Histria, Aemilia et Liguria, Flaminia et Picenum, Raetia, Alpes Cottiae, Tuscia et Umbria, Valeria, Campania et Samnium, Apulia et Calabria, Sicilia, Sardinia et Corsica
Pannonia Pannonia Inferior, Pannonia Superior, Noricum,

دلماتيا


اشتراكية دقلديانوس

وسار دقلديانوس في عمله بنشاط لا يقل عن نشاط قيصر، فأخذ يعيد تنظيم جميع فرع من فروع الإدارة الحكومية. وبدل أحوال الأشراف بأن حمل إلى طبقتهم كثيرين من الموظفين المدنيين أوالعسكريين، وبأن جعلها طبقة وراثية ذات مراتب مختلفة على النظام الشرقي، وألقاب كثيرة، ومراسم معقدة متعددة. وقسم هووزملاؤه الإمبراطوريّة إلى ست وتسعين ولاية تتألف منها اثنتان وسبعون أبرشية، وأربع مقاطعات، وعين لكل قسم حاكم مدني وآخر عسكري، وأصبحت الدولة بذلك ذات حكومة مركزية صريحة، ترى حتى الاستقلال الذاتي المحلي، وأن الديمقراطية نفسها، ترف لا يصلح إلا لأوقات الأمن والسلم، وتبرر سلطانها المطلق بحاجات الحرب القائمة أوالمتسقطة. ودارت رحى الحرب في تلك الأيام عملاً وأحرزت الدولة فيها فوزات باهرة؛ فاستعاد قنسطنطيوس بريطانيا التي ثارت عليه، وأسقط جليريوس بالفرس هزيمة منكرة حاسمة أسلموا بعدها أرض النهرين وخمس ولايات وراء نهر دجلة، وصد أعداء رومت عن حدودها جيلاً من الزمان.

دقلديانوس مع ماكسيميان، اثنان من الحكم الرباعي، وهذا تمثال جرانيتي من نحت پورفيري، حوالي سنة 300م.

وقابل دقلديانوس وأعوانه في زمن السلم المشاكل الناشئة من الانحلال الاقتصادي، فأحل محل قانون العرض والطلب نظاماً اقتصادياً تسيطر عليه الدولة ليتغلب بذلك على الكساد ويمنع نشوب الثورات. ووضع نظاماً نقدياً سليماً بأن عين للعملة المضىية وزناً وعياراً محددين، احتفظت بهما الإمبراطوريّة الشرقية حتى عام 1453، ووزع الطعام على الفقراء بنص ثمنه في السوق أوبغير ثمن على الإطلاق، وشرع يقيم كثيراً من المنشآت العامة ليوجد بذلك عملاً للمتعطلين، ووضع عدداً كبيراً من فروع الصناعة والتجارة تحت سيطرة الدولة ليضمن بذلك حاجات المُدن والجيش؛ وبدأ هذه السيطرة الكاملة باستيراد الحبوب فأقنع أصحاب السفن والتجار والبحارة المشتغلين بهذه التجارة حتى يقبلوا أشراف الدولة عليها نظير ضمان الحكومة لعدم تعطلهم ولأرباحهم. وكانت الدولة من زمن قديم تمتلك معظم منطقع الحجارة، ورواسب الملح، والمناجم، ولكنها خطت في ذلك الوقت خطوة أخرى فحرمت تصدير الملح، والحديد، والمضى، والخمر، والحبوب، والزيت، من إيطاليا، وفرضت نظاماً دقيقاً صارماً على استيراد هذه المواد. ثم انتقلت بعد ذلك إلى السيطرة على المؤسسات الصناعية التي تنتج حاجيات الجيش، وموظفي الدولة وبلاط الأباطرة، وحتمت على مصانع الذخيرة، والنسيج، والمخابز ألا يقل إنتاجها عن قدر معين، واشترت هذا القدر بالأثمان التي حددتها هي له، وألقت على جمعيات الصناع تبعات تطبيق أوامرها ومواصفات منتجاتها، فإذا تبينت حتى هذه الخطة لم تؤدِ إلى الغرض المقصود منها أممت هذه المصانع، وجهزتها بعمال فرضت عليهم حتى يعملوا فيها. وبهذا وضعت الكثرة الغالبة من المؤسسات الصناعية والنقابات الطائفية في إيطاليا شيئاً فشيئاً تحت سيطرة الدولة المتحدة في عهد أورليان ودقلديانوس. وخضع القصابون والخبازون، والبناءون، وصناع الزجاج، والحديد، والحفارون خضع هؤلاء جميعاً لنظم مفصلة وضعتها لهم الحكومة. ويقول رستوفتزف إذا الهيئات الصناعية المتنوعة كانت أشبه بمراقبات صغرى على مؤسساتها تقوم بهذا العمل نيابة عن الدولة وكانت أشبه بهذه المراقبات منها بمالكة المؤسسات. وكانت خاضعة لسلطان موظفي المصالح الحكومية المتنوعة، ولقواد الوحدات العسكرية المتباينة.

وحصلت جمعيات التجار والصناع من الحكومة على مزايا كثير متنوعة، وكثيراً ما كانت تؤثر تأثيراً كبيراً في خططها؛ وكانت في نظير هذه المزايا وهذا التأثير تعمل كأنها أعضاء في الإدارة القومية، فكانت تساعد الحكومة على وسائل من الإشراف الحكومي شبيهة بهذه الوسائل في القرن الثالث وأوائل القرن الرابع إلى مصانع الأسلحة القائمة في الولايات، وإلى صناعة الأطعمة والملابس. وفي ذلك يقول بول-لوي: "وكان جميع ولاية رقيب خاص يشرف على نواحي النشاط الصناعي، وأصبحت الدولة في جميع مدينة كبيرة صاحب عمل وذات قوة كبيرة... تسيطر على جميع المصانع الخاصة التي كانت ترزح تحت أعباء الضرائب الفادحة".

ولم يكن مستطاعاً حتى يسيطر هذا النظام إلا إذا سيطرت الدولة على أثمان السلع، ولهذا أصدر دقلديانوس وزملاؤه في عام 301 قانون الأثمان الذي حددت به أقل الأثمان والإجور التي يجيزها القانون لجميع السلع أوالخدمات العامة في جميع أنحاء الإمبراطوري. وهاجم القرار في مقدمته الاحتكارات التي منعت البضائع من السوق في الوقت الذي "قلت فيه السلع" لكي ترتفع أثمانها.

"ومَن ذا الذي... خلا قلبه من العاطفة الإنسانية فلا يرى حتى ازدياد الأسعار ظاهرة عامة في أسواق مُدننا، وأن شهوة الكسب لا يحد منها وفرة السلع ولا أعوام الرخاء؟- ولهذا... يرى أشرار الناس أنهم يخسرون إذا ما توافرت الحاجات... إذا من الناس مَن يجعلون همهم الوقوف في وجه الرخاء العام... والجري وراء الأرباح الباهظة القاتلة... لقد عم الشره جميع الجشعون الأثمان، ولم يكتفوا بالحصول على سبعة أضعاف الثمن المعتاد أوثمانية أضعافه، بل زادوه إلى الحد الذي تعجز الألفاظ عن وصفه، حتى لقد يضطر الجندي إلى دفه مرتبه كله وإعانة الحرب في شراء سلعة واحدة، وبذلك يمضى جميع ما يقدمه العالم كله لإمداد الجيش بحاجته في جيوب أولئك اللصوص الجشعين .

ولقد ظل هذا المرسوم حتى وقتنا الحاضر أعظم محاولة في التاريخ كله لاستبدال القرارات الحكومية بالقوانين الاقتصادية. ولكن التجربة أخفقت إخفاقاً عاجلاً كاملاً، فقد أخفى التجار ما عندهم من السلع وشحت البضائع أكثر من ذي قبل، واتهم دقلديانوس نفسه بالتغاضي عن ازدياد الأسعار. وحدثت عدة اضطرابات؛ واضطرت الحكومة إلى التراخي في تطبيق المرسوم لإعادة الإنتاج والتوزيع إلى حالتهما الطبيعية، وانتهى الأمر بإلغائه على يد قسطنطين.

وكانت علة ضعف هذا النظام الاقتصادي الخاضع للسيطرة الحكومية هي ما تطلّبه تطبيقه من نفقات. فقد بلغت البيروقراطية التي تطلّبها تطبيقه من الاتساع درجة وصفها لكتنيوس بأنها احتاجت إلى نصف السكان؛ ولا شك في أنه بالغ في هذا التقدير مبالغة كان الباعث عليها ميوله السياسية، ووجد الموظفون آخر الأمر حتى عملهم هذا مما تنوء به العدالة الإنسانية، وكانت رقابتهم متباعدة يستطيع الناس حتى يقتلوا منها بما أوتوا من مكر ودهاء. وارتفعت الضرائب ارتفاعاً لم يكن له مثيل من قبل، وفرضت على جميع شيء لأداء أجور الموظفين، ونفقات البلاط، والجيش، وبرنامج المنشآت العامة، وإعالة العجزة والمتعطلين، ولكن الدولة قد كشفت بعد طريقة الاستدانة لتخفي بها إسرافها وتؤجل يوم حسابها، فقد كانت أعمال جميع عام ينفق عليها من إيراد العام نفسه، وأراد دقلديانوس حتى يحتاط لما عساه حتى يحدث من أداء الضريبة بعملة مخفضة، فأمر بأن تؤدى الضرائب عيناً حدثا كان ذلك مستطاعاً، وحتم على دافعي الضرائب حتى يؤدوا ما عليهم إلى مخازن حكومية، ووضع نظاماً شاقاً لنقل هذه الضرائب العينية من هذه المخازن إلى مقرها الأخير، وجعل موظفي البلديات في جميع بلدية مسئولين من الوجهة المالية عن جميع تقصير في تحصيل الضرائب المفروضة على إقليمهم.

وإذ كان من طبيعة جميع ممول حتى يحاول الهروب من أداء ما عليه من الضرائب، فقد أنشأت الدولة قوة خاصة من الشرطة للفحص عن أملاك جميع إنسان ودخله؛ واستخدمت وسائل التعذيب مع الزوجات، والأطفال، والعبيد لإرغامهم على الكشف عن ثروة بيوتهم أومكاسبها، وفرضت عقوبات صارمة على مَن يحاولون الهرب من أداء ما عليهم. ومع هذا كله فقد كاد الفرار من الضرائب حتى يصبح وباء متفشياً في الإمبراطوريّة كلها في القرن الثالث، وأضحى أكثر تفشياً في القرن الرابع؛ فكان الأغنياء يخفون ثروتهم، وبدل الأشراف طبقتهم ووضعوا أنفسهم في عداد الطبقة الدنيا حتى لا يُختاروا للوظائف البلدية، وهجر الصناع حرفهم، وهجر الزراع أرضهم المثقلة بالضرائب ليصبحوا أجراء عند غيرهم، وأقفرت كثير من القرى وبعض البلدان الكبيرة (مثل طبرية في فلسطين) من أهلها لفدح الضرائب المفروضة عليها، فلما كان القرن الرابع اجتاز عدد كبير من الأهلين حدود الإمبراطوريّة ولجأوا إلى البرابرة فوراً من الضرائب الفادحة.

وأكبر الظن حتى الذي حمل دقلديانوس على الالتاتى إلى تلك الأعمال، التي أوجدت واقع الأمر نظام الاسترقاق الإقطاعي في الحقول، والمصانع، والنقابات الطائفية، هوحرصه على منع هذه الهجرة التي تكلف الدولة كثيراً من النفقة، وعلى ضمان ورود العام بانتظام للجيش والمُدن، والضرائب لبيت المال. وبعد حتى جعلت الحكومة مالك الأرض بما فرضته عليه من الضرائب النوعية مسئولاً عن حسن استغلال مزارعيه لأرضه، قررت حتى يبقى الزارع في أرضه حتى يؤدي جميع المتأخر عليه من الديون أوالعشور. ولسنا نعهد متى صدر هذا القرار التاريخي، ولكنا نعهد حتى قسطنطين سن في عام 332 قانوناً يفترض وجود هذا القرار ويؤكده؛ ويجعل المستأجر "يرتبط كتابة" بالأرض التي يغرسها، لا يستطيع هجرها إلا برضاء مالكها، فإذا بيعت الأرض بيع هووأسرته معها(60). وليس فيما وصل إلينا من المعلومات ما يشير على حتى الزّراع قد احتجوا على هذه القيود؛ ولعل هذا القانون قد قدّم إليه ضماناً لأمنه وسلامته، كما هوحادث في ألمانيا في هذه الأيام. وبهذه الطريقة وأمثالها انتقلت الزراعة في القرن الثالث من الاسترقاق إلى الحرية ثم الاسترقاق الإقطاعي، وبهذا النظام استقبلت العصور الوسطى.

واتبعت الصناعة وسائل من هذا النوع ليضمن بذلك استقرارها. فحرم على العمال تغيير عملهم، أوالانتنطق من مصنع إلى مصنع إلا بموافقة الحكومة؛ وقصرت جميع نقابة طائفية على حرفتها والعمل المقرر لها، وحرم على أي إنسان حتى يغادر النقابة التي سجل اسمه فيها. وألزم كم مَن يعمل في الصناعة أوالتجارة بأن ينضم إلى نقابة من هذه النقابات الطائفية، وحتم على الابن حتى يشتغل بحرفة أبيه، فإذا رغب إنسان في حتى يستبدل بمكانه أوحرفته مكاناً آخر أوحرفة أخرى ذكرته الدولة بأن إيطاليا يحاصرها البرابرة وأن على جميع رجل أوابن يشتغل بحرفة حتى يبقى حيث هو.

ولما استهل عام 305 هبط دقلديانوس ومكسيميان عن سلطتهما باحتفالين مهيبين أقيما في نيقوميديا وميلان، وأصبح جالريوس، وقنسطنطيوس أغسطسين إمبراطورين أولهما للشرق وثانيهما للغرب. ولم يكن دقلديانوس قد تجاوز وقتئذ الخامسة والخمسين من عمره، ولكنه اختفى في قصره الواسع القائم في أسبلاتا، وقضى فيه الثمانية الأعوام الباقية من حياته. وشهد بعينيه انهيار حكومته الرباعية في غمار الحرب الأهلية. ولما حتى ألحّ عليه مكسميان حتى يستولي على أزمة الحكم مرة أخرى، ويقضي على الشقاق والحب، نطق إنه لورأى مكسميان الكرنب الجيد الذي يغرسه في حديقته لما طلب إليه حتى يضحي بهذه المتعة جرياً وراء متاعب السلطان.

والحق أنه كان قميناً بكرنبه وراحته، فقد قضى على الفوضى التي دامت خمسين عاماً وأقر من حديث سلطان الحكومة والقانون، أعاد الاستقرار إلى الصناعة، ورد الأمن إلى التجارة، وأذل فارس، وخضد شوكة البرابرة، وكان بوجه عام مشترعاً أميناً مخلصاً، وحاكماً عادلاً إذا ضربنا صفحاً عن بحض الاغتيالات القليلة التي جرت على يديه.

ولسنا ننكر أنه أقام بيروقراطية باهظة الأكلاف، وقضى على الاستقلال الذاتي للولايات، وعاقب معارضيه أشد العقاب، واضطهد الكنيسة التي كان في وسعه حتى يتخذها حليفة له فيما بذل من الجهود لإصلاح أحوال الدولة، وجعل سكان الإمبراطوريّة مجتمعاً من الطبقات، في أحد طرفيه زرّاع جهلاء وفي طرفه الآخر ملك مستبد مطلق السلطان، ولكن الظروف التي قابلتها روما لم تكن تسمح بانتهاج سياسة تقوم على مبادئ الحرية؛ وقد جرب ماركس أورليوس والكسندر سفيرس هذه السياسة وأخفقا فيها، ورأت الدولة الرومانية نفسها محاطة بالأعداء من جميع جانب، فعملت ما لابد حتى تعمله الأمم جميعها في أوقات الحروب التي يتقرر فيها مصيرها، وقبلت طغيان زعيم قوي، ورضيت حتى يفرض عليها ما لا تكاد تطيقه من الضرائب، وتخلت عن الحرية الفردية إلى حتى تنال الحرية الجماعية، ولقد قام دقلديانوس بالأعمال التي قام بها أغسطس، وإن كانت قد كلفت أولهما أكثر مما كلفت الآخر، ولكنه والحق ينطق قام بها في ظروف أقسى من ظروفه، وقد استوعب معاصروه ومَن اتىوا بعده الأخطار التي نجوا منها بفضل جهوده فلقبوه "أبا العصر المضىي"، وسكن قسطنطين البيت الذي شاده له دقلديانوس.


موقف دقلديانوس من المسيحية والمسيحيين

حرص دقلديانوس معظم سنوات حكمه على اتباع سياسة تسامح دينى مع المسيحيين ، ثم تحولت سياسته ضد المسيحيين في اواخر حكمه ، فاصدر دقلديانوس اربعة مراسيم فيما بين سنتى 302-305 م تحث على اضهاد المسيحيين ، وقد شهدت هذه المراسيم حرق الاناجيل والخط الدينية ومنع المسيحيين من التجمع وتحريم القيام باى صلوات اوطقوس دينية ، واغتال جميع الرجال والنساء والاولاد الذين يرفضون تقديم القرابين للالة الوثنية .

أصدر في مارس عام 303م منشورين متلاحقين بسجن رؤساء الكنائس وتعذيبهم بقصد إجبارهم علي هجر الإيمان .

كان سقط الاضطهاد شديدا على الاقباط في مصر لدرجة انهم اتخذوا من سنة 284 م وهوتاريخ تولية دقلديانوس الحكم بداية للتقويم القبطى

اعتزال دقلديانوس ومكسيميانوس الحكم

قصر الامبراطور الروماني ديوكلتيانوس, والذي حوله نشأت مدينة سپليت الكرواتية


فى أول مايوسنة 305 م تنازل دقليديانوس عن العرش هوومكسيميان، أي بعد سنتين من تاريخ إصدار أول اوامره .

تربي قسطنطين في بلاط دقلديانوس وهرب إلي بريطانيا وهناك نودي به إمبراطورا علي گاليا وإسبانيا وبريطانيا في عام 306م خلفا لوالده. عبر جبال الألب وانتصر علي منافسه مكسنتيوس بن مكسيميانوس شريك دقلديانوس في حكم الغرب عند قنطرة ملفيا علي بعد ميل واحد من روما، وباد هذا الطاغية هووجيشه في مياه نهر التيبر في أكتوبر عام 312م .

ديوكلتيانوس أثناء تقاعده.

مواضيع مرتبطة

  • الأمبراطورية الرومانية
  • قائمة الاباطره الرومان


مصادر

  • ويكيبيديا

{{#if: |<div

  1. ^ http://www.sis.gov.eg/Ar/History/ruler/080900000000000017.htm
  2. ^ http://www.al3ez.net/vb/printthread.php?t=6528
  3. ^ http://www.coptichistory.org/new_page_1179.htm
  4. ^ http://www.copticchurch.org/ArabicArticles/martyrdom_christianity.htm

قراءات اضافية

  • Roger Rees, Diocletian and the Tetrarchy, Edinburgh University Press, 2004. ISBN 0-7486-1661-6
  • Pat Southern, The Roman Empire from Severus to Constantine, Routledge, 2001. ISBN 0-415-23944-3
  • Michael Rostovtzeff: The social and economic history of the Roman Empire. Oxford 1966

وصلات خارجية

  • وسائط متعلقة بـDiocletian من مشاع الفهم.
  • Diocletian by Ralph W. Mathisen, University of South Carolina.
  • Diocletian from the Catholic Encyclopedia.
  • 12 Byzantine Rulers, by Lars Brownworth. 15 minute audio lecture on Diocletian.
  • Diocletian Palace in Split
  • Ruins of the Palace of the Emperor Diocletian at Spalatro in Dalmatia By Robert Adam, 1764. Wonderful plates made available worldwide by the University of Wisconsin Digital Collections Center. (N.B. "Spalatro" was a less used alternative form of "Spalato", the Italian name for Croatian "Split").


سبقه
نومريان و كارينوس
إمبراطور روماني
284-305
مع ماكسيميان (286-305)
تبعه
كونستانتيوس خلوروس
و
جالريوس
تاريخ النشر: 2020-06-04 20:48:32
التصنيفات: Pages using deprecated image syntax, Pages using infobox royalty with unknown parameters, الأسرة القسطنطينية, أزمة القرن الثالث, Late Antiquity, أباطرة رومان مؤلهون, Ancient Roman adoptive parents, مواليد 245, وفيات 316, أباطرة رومان, رومان

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

500 زيارة تفتيشية للشركات: مقاضاة 41 مؤسسة لم تحترم قواعد العمل بالطارف

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:25:07
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 68%

غياب التأمين يلغي ترخيص سفن النزهة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:24:14
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

تحذيرات ونصائح لتجاوز آلام المعدة والأمعاء

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:25:39
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 59%

بن ناصر بعد عودته إلى المنافسة: مشاركـتي في «الكـان» تعـود لبلمـاضي

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:25:18
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

الدوري الفرنسي.. عز الدين أوناحي يسجل هدفا ضد رين

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:26:05
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

تمسك بالصدارة بعد تخطي سوبر سبورت بثنائية

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:25:24
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 55%

خنشلة: تسليــم 70 تجهيـــــزا لــذوي الاحتياجـــات الخاصـــة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:25:05
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

%82 من الصناعات اليدوية إنتاج نسائي السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:24:15
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

آل القاضي يتلقون التعازي في فقيدتهم - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:24:10
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 55%

مرور سنتين على الانفصال شرط الدعم السكني للمطلقات ! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:24:08
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 56%

جامعة الوادي: طالبان يبتكران عصا ونظارة ذكية للمكفوفين

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-04 00:24:38
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

تحميل تطبيق المنصة العربية