التوماوية

عودة للموسوعة

التوماوية

القديس توما الأكويني
(ح. 1225–1274)،
مؤسس الفلسفة التوماوية

التوماوية Thomism هي مدرسة فلسفية برزت كأثر لأعمال وأفكار توما الأكويني، الفيلسوف واللاهوتي ودكتور الكنيسة. وفي الفلسفة، فإن تعليقاته على أرسطوهي أكثر اسهاماته بقاءاً. وفي اللاهوت، فكتابه سوما ثيولوجيكا Summa Theologica كان أحد أكثر الوثائق تأثيراً في اللاهوت القروسطي ومازال يـُدرَس حتى اليوم في فصول اللاهوت والفلسفة. وفي المنشور الكنسي Doctoris Angelici حذر الپاپا پيوس العاشر حتى تعاليم الكنيسة لا يمكن فهمها بدون القاعدة الفلسفية الأساسية للأطروحات الكبرى لتوما الأكويني:

The capital theses in the philosophy of St. Thomas are not to be placed in the category of opinions capable of being debated one way or another, but are to be considered as the foundations upon which the whole science of natural and divine things is based; if such principles are once removed or in any way impaired, it must necessarily follow that students of the sacred sciences will ultimately fail to perceive so much as the meaning of the words in which the dogmas of divine revelation are proposed by the magistracy of the Church.

ويصف مجمع الڤاتيكان الثاني نظام التوماوية بأنه "الفلسفة دائمة الاخضرار".

الفلسفة التوماوية

المنطق

ما هي الفهم،يا ترى؟ هل هي نور الهي بعثه الله في الإنسان، وبغير هذا لا يمكن حتى تكون،يا ترى؟ يخالف تومس منذ البداية أوغسطين، والمتصوفة، والقائلين بممضى اللقانة : فالفهم في رأيه نتاج طبيعي، يحصل عليها الإنسان من حواس الجسم الخارجية، ومن الحاسة الداخلية المعروفة يا لشعور بالذات. وهي فهم محدودة غاية في القصور، فما من عالم قد عهد حتى وقتنا هذا حقيقة الذبابة(70). ولكن الفهم في داخل حدودها خليقة بان يوثق بها، ولا حاجة بنا لان يتولانا الغضب من حتى العالم الخارجي قد يحدث كله خداعاً في خداع. ويقبل تومس تعريف المدرسيين للحقيقة بأنها مطابقة الفكرة للشيءadequatio rei et intellectus، (71). وإذ كان العقل يستمد جميع معلوماته الطبيعية من الحواس(72) فان معهدته المباشرة للأشياء الخارجة عنه مقصورة على الأجسام- أي على عالم الحس والمحسوس، وليس في مقدوره حتى يعهد من طريق مباشر العالم الذي فوق المحسوس، عالم ما وراء الطبيعة، العقول التي في داخل الأجسام أوالله في خلقه؛ ولكن في وسعه عن طريق المقارنة والقياس حتى يستمد من تجارب الحس فهم غير مباشرة بالعقول الأخرى، وان يحصل بمثل هذه الطريقة على فهم مباشرة بالله(73). أما العالم الثالث عالم ما فوق الطبيعة - حيث يوجد الله- فليس في مقدور عقل الإنسان حتى يعهد عنه شيئاً ألا من طريق الوحي الإلهي. وفي وسعنا ان نعهد طريق الفهم الطبيعي لن الله موجود، وانه واحد، لان وجوده ووحدانيته تتلألآن في عجائب العالم وحسن تنظيمه؛ ولكننا لا نستطيع بعقلنا وحده حتى نعهد جوهرة أوحقيقة التثليث؛ وحتى فهم الملائكة أنفسهم قاصر ومحدود وإلا كانوا آلهة.

وقصور فهمنا في حد ذاته مرشد على وجود عالم فوق الطبيعي. ويكشف الله لنا عن هذا العالم في خطه المقدسة؛ وكما ان من الحمق ان يقول الفلاح إذا نظريات الفلسفة كاذبة لأنه يعجز عن فهمها، كذلكقد يكون من الحمق حتى يرفض الإنسان الإيمان بالوحي الإلهي بحجة انه يظهر له في بعض النقط مناقضاً لمعلومات الإنسان الطبيعية. وعلينا حتى نثق بأنه لوكانت معلوماتنا كاملة، لما كان ثمة تناقض بين الوحي والفلسفة؛ ومن الخطأ حتى نقول إذا قضية ما يمكن حتى تكون خاطئة في الفلسفة وسليمة في الدين؛ ذلك بأن الحقائق كلها تأتي من عند الله وهي واحدة. غير انه يحسن بنا حتى نفرق بين ما نفهمه عن طريق العقل وما نعتقده عن طريق الإيمان(74)، لان ميداني الفلسفة والتصور ميدانان منفصلان؛ ويجوز للفهماء ان يبحثوا فيما بينهم ما يعترض به على الدين، ولكن (لا يحسن بالسذج من الناس حتى يسمعوا إلى ما يقوله غير المؤمنين ضد الدين) لان العقول الساذجة ليس لها من الاستعداد ما تستطيع حتى ترد به على المعترضين(75). ويجب على الفهماء والفلاسفة، كما يجب على الفلاحين ان ينحنوا أمام قرارات الكنيسة؛ ومن واجبنا حتى نهتدي بهديها في جميع شيء(76)؛ لأنها هي المكان الذي أودع فيه الله الحكمة الإلهية؛ وقد منح البابا (الحق في ان يصدر أحكاماً نهائية في شؤون الدين حتى يأخذها الناس جميعاً بالإيمان لا يتزعزع) (77). وبغير هذا لا مفر من الفوضى العقلية، والأخلاقية، والاجتماعية.


ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا)

ميتافيزيقية تومس تعريفات معقدة عويصة وفروق دقيقة يقوم عليها كلها لاهوته. 1- الجوهر والوجود في الأمور المخلوقة مختلفان، فالجوهر هوما لا بد منه لإدراك الشيء؛ والوجود هوعملية الكينونة. فجوهر المثلث - أي انه ثلاثة خطوط مستقيمة تظم بينها فراغاً- واحد لا يتغير سواء عثر المثلث أوكان مجرد إدراك ذهني. أما في حالة الله فالجوهر والوجود شيء واحد؛ لان جوهرها هوانه العلة الأولى، والقوة التي يقوم عليها جميع الأمور (التي تقف تحت الأمور) كما يقول أسبنوزا. وتعريفه يحتم وجوده لكي يوجد جميع ما عداه من الأمور.

2- والله موجود بالحقيقة، وهوالكائن المكون لجميع الكائنات، وعلتها التي تستند إليها، وكل الكائنات الأخرى موجودة بالتصور لا غير، وبالاشتراك المحدد في حقيقة الله.

3- وكل الكائنات المخلوقة فاعلة ومنعملة معاً - أي أنها تعمل وتنعمل. وهي أيضاً مزيج من الكينونة والصيرورة: فلها صفات معينة قد تفقد بعضها وتكسب غيرها- فالماء مثلاً قد يدفأ. ويعبر تومس عن هذا التأثير بالعمل الخارجي أوالتبدل الداخلي بلفظ الإمكانية potentia. والله وحده هوالمنزه عن هذه الإمكانية، فهولا ينعمل ولا يتبدل، وهونشاط خالص، وحقيقة خالصة؛ وهومن بادئ الأمر جميع شيء يمكن حتىقد يكونه. ويمكن ترتيب الموجودات التي دون الله ترتيباً تنازلياً يقوم على عظم إمكانيتها في التأثر بما هوخارج عنها والتحدد به. وعلى هذاقد يكون الرجل أرقى من المرأة لان (الأب هوالمبدأ الفعال، على حين ان الأم هي المبدأ المنعمل أوالمادي؛ فهي تقدم مادة الجسم التي لا صورة لها، والتي تتلقى صورتها عن طريق القوة المكونة التي في منى الأب) (78).

4- جميع الكائنات ذات الأجسام تتكون من مادة وصورة، ولكن الصورة هنا (كما هي عند أرسطو) ليس معناها الشكل بل العنصر الفطري المنشط المميز. وحين تكون الصورة أوالعنصر الحيوي جوهر كائن ما فهي تكون صورة أساسية جوهرية، وبهذا تكون النفس العاقلة- أي القوة التي تهب الحياة والقادرة على التفكير- هي صورة الجسم الأساسية، والله هوصورة الكون الأساسية.

5- والحقائق كلها إما جوهر أوعرض: إما حتى تكون موجودات منفصلة كالحجر والانسان، اوانها لا توجد الا على هيئة صفات في شيء آخر كالبياض والكثافة. أما الله فهوجوهر محض، لأنه هوالحقيقة الكاملة الموجودة بذاتها.

6- والجواهر كلها فردية، ولا شيء غير الأفراد موجود إلا في الفكر، والفكرة القائلة بان الفردية خداع هي نفسها خداع.

7- وفي الكائنات المكونة من مادة وصورةقد يكون العنصر الأساسي أومبدأ الانفراد- أي تضاعف عدد الأفراد في النوع أوالصنف - هوالمادة. أما الصورة أوالمبدأ الحيوي في النوع بأكمله فهي في جوهرها واحدة. وهذا المبدأ يستخدم لكل فرد، مقداراً معيناً وشكلاً من المادة، ويستحوذ عليه، ويعطيه شكلاً؛ وهذه المادة التي تعينت بكميتها هي مبدأ الانفرادية- وليست الانفرادية هي الفردية بل الذاتية المنفصلة.


اللاهوت

المحور الذي تدور حوله فلسفة وموضوع بحثها هوالله لا الانسان، وقد خط في ذلك يقول: (أن أرقى ما نستطيع تحصيله من فهم عنه في هذه الحياة حتى نعهد انه فوق جميع ما يمكن حتى يدور. بخلدنا عنه)(79). وهويرفض حجج أنسلم الكونية، ولكنه يقترب منها حين يقول حتى وجوده وجوهره شيء واحد، فالله عنده هوالوجود نفسه: (أنا من أنا).

ويقول تومس انه يمكن البرهنة على وجود الله بعلل طبيعية (1) فالحركات حدثا تنشأ من حركات سابقة، وهذه تنشأ من أخرى قبلها اسبق منها رجوعاً لا نهاية له وهذا محال (2) كذلك يحتاج تسلسل العلل علة أولى (3) والعرضي، وهوما قد يحدث ولكن لا يتحتم حتىقد يكون، يعتمد على الضروري الذي لا بد حتىقد يكون؛ ويعتمد الممكن على الواقع، وهذا التسلسل يرجع بنا الى كائن ضروري هوالحقيقة الخالصة (4) والأمور طيبة، وحقه، وسامية، بدرجات مختلفة، ولا بد حتىقد يكون هناك اصل أومصدر لهذه الفضائل الناسيرة يبلغ حد الكمال في الطيبة والحقيقة والسمو(5) في العالم آلاف من الشواهد الدالة على ما فيه من نظام، وحتى الجمادات نفسها تتحرك بطريقة منظمة، وكيف يمكن وجود هذا إلا إذا كانت هناك قوة عاقلة هي التي خلقت هذه الأمور؟

وإذا ما استثنينا مسالة وجود الله قلنا حتى تومس يكادقد يكون لا إداريا في اللاهوت الطبيعي (لا نستطيع حتى نعهد ما الله، بل نعهد فقط ما لا يمكن حتىقد يكونه) (82)- انه لا يهجر، ولا يتعدد، ولا يتحول، ولا يحيط به زمان ولم ترغب العقول المتناهية في الصغر ان تزيد فهمها بما لا نهاية له،يا ترى؟ ويقول تومس حتى من الصعب علينا حتى نتصور الروح غير المادية (وهويسبق برجسون في قوله هذا) لان العقل يعتمد على الحواس، ولان تجاربنا الخارجية كلها مقصورة على الأمور المادية؛ وعلى هذا (لا نعهد الأمور المجردة من الأجسام، والتي لا صور لها، إلا بمقارنتها بالأجسام المحسوسة التي لها صور) (83). وليس في مقدورنا حتى نعهد الله (كما يقول ابن ميمون) إلا عن طريق المجاز والتشبيه، فستدل عليه من أنفسنا ومن تجاربنا؛ وعلى هذا فإذا كان في الناس خير، وحب، وحق، وعقل، وقدرة، وحرية، أوأي ميزة اخرى، فلا بد ان تكون هذه أيضاً في خالق الإنسان، وان تكون فيه بدرجة أعلى تتفق مع النسبة الموجودة بين اللانهائية وبيننا نحن. وإذا ما استخدمنا ضمائر المذكر حين نتحدث عن الله فليس ذلك إلا من قبيل التيسير، أما الحقيقة فليس ثمة ذكر وأنثى في الله ولا في الملائكة. والله واحد لأنه حسب تعريفه هوالوجود ذاته، وان السير العالم الموحد ليكشف عن عقل واحد وقانون واحد. وان القول بوجود ثلاثة أقانيم في هذه الوحدة الإلهية له سر غامض لا يدركه العقل، ولا بد حتى تعتقده بإيمان الواثقين.

وليس في مقدورنا كذلك حتى نعهد هل خلق العالم في وقت بعينه، وبذلكقد يكون قد خلق من لاشيء، أوهل هوأزلي كما يظن أرسطووابن رشد،يا ترى؟ ومن رأيه حتى الحجج التي يدلى بها رجال الدين ليثبتوا بها خلق العالم في زمن بعينه حجج واهية يجب رفضها (حتى لا تبدوالعقيدة السمحة بأنها قائمة على أسانيد منطقية جوفاء) (84). ويستنتج تومس من هذا حتى علينا حتى تعتقد بالاستناد إلى إيماننا وحده بخلق العالم في وقت معين؛ إذ ليس ثمة وقت بلا تغيير، ولا مادة تتحرك. وهويحاول بأقصى جهده ان يشرح كيف من الممكن أن ينتقل الله من لا خلق إلى خلق دون حتى يعتريه تغير. وعملية الخلق في رأيه أزلية، ولكنها تضم في إرادة القيام بها تحديد الوقت الذي يتطلبه ظهور نتائجها(85)- وتلك طريقة ظريفة يروغ بها هذا الرجل العنيد من المشكلة التي يقابلها.

والملائكة في رأيه هم أرقى طبقات الخلق، وهم عقول بلا أجسام، غير قابلين للفساد، مخلدون. وهم رسل الله في حكم العالم بهم تهجر الأجرام السماوية وبهم تهتدي(86)؛ ولكل إنسان ملك يحرسه وكبار الملائكة يعنون بجماعات كبيرة كم الناس. وإذ كان من الملائكة عقولاً بلا مادة فان بمقدورهم حتى ينتقلوا من أحد أطراف العالم إلى الطرف الآخر من غير حتى يتجاوزا ما بينهما من فضاء. ويملأ تومس ثلاثاً وتسعين صفحة في طبقات الملائكة، وحركاتهم، وحبهم، وفهمهم، وارادتهم، وكلامهم، وعاداتهم - وهذا هواكثر أجزاء الخلاصة الطويلة تحدثاً واكثر استعصاء على التطبيق.

وكما حتى هناك ملائكة فكذلك يوجد عفاريت، وهم أبالسة صغار يأتمرون بأمر الشيطان؛ وليس هؤلاء مجرد خيالات تخلقها عقول، العوام بل هم كائنات حقيقية يسيبون ما لا حصر له من الأذى؛ وفي وسعهم حتى يجعلوا الرجل عاجزاً عن القيام بالوظيفة الجنسية بأن يثيروا فيه كره المرأة(87)، ويقومون بضروب مختلفة من السحر؛ فقد يرقد العفريت تحت الرجل، ويتلقى منيه، ويحمله مسرعاً في الفضاء؛ ويجامع أمرأة، فتحمل من منى رجل غائب(88). وفي وسع العفاريت حتى يمكنوا السحرة من حتى يتنبئوا بالحوادث التي لا تعتمد على إرادة الإنسان الحرة. وفي وسعهم حتى يبلغوا الناس معلومات بأن يطيعوها في خيالهم، أوبأن يظهروا أمام عيونهم، أويتحدثوا لهم بصوت مسموع؛ وقد يتعاونون مع الساحرات، ويساعدونهن على إيذاء الأطفال، عن طريق الحسد(89).

وكان توماس يعتقد بصدقى التنجيم في كثير من الأمور، شأنه في ذلك شأن كثيرين من معاصريه، وكثيرين من معاصرينا نحن: يجب حتى نربط بين حركات الأجسام... على هذه الأرض وحركات الأجرام السماوية وهي علتها... وثمة طريقتان يستطاع بهما تفسير قدرة المنجمين في كثير من الأحيان على التنبؤ بالحقائق برصد النجوم: أولاهما إذا عدداً كبيراً من الناس يسيرون وراء انفعالاتهم الجسمية، وبذلك تتجه أعمالهم في معظم الأحيان حسب ميل الأجرام السماوية، على حين إذا هناك قلة منهم -وهم العقلاء وحدهم- يهدؤون ميولهم بعقولهم... وثانيتهما ناشئة من تدخل العفاريت(90).

بيد إذا (أعمال البشر لا تخضع لعمل الأجرام السماوية إلا خضوعاً عارضاً وبطريق غير مباشر) (91)؛ وفيها مجال كبير لحرية الآدميين.


فهم النفس

يعنى تومس ببحث المشاكل الفلسفية التي يتضمنها فهم النفس، والصفحات التي يخصصها لهذا الموضوع من أحسن ما في كتابه من تحليل وهويبدأ بفكرة إذا الكائن الحي عضوي معارضاً في ذلك فكرة إنه آلي: فالآلة تتكون من أجزاء تضم بعضها إلى بعض من الخارج، أما الكائن الحي فيكون أجزاءه بنفسه ويحرك نفسه بما فيه من قوة داخلية(92). وهذه القوة الداخلية المكونة هي النفس، ويعبر تومس عن هذه الفكرة بمصطلحات من خط أرسطو: فالنفس عنده (صورة هيولية) للجسم - أي إنها هي المبدأ الحيوي والطاقة التي تعطي الكائن الحي وجوداً وشكلاً: (النفس هي المبدأ الأول لغذائنا، وإحساسنا، وحركتنا وفهمنا)(93). والنفس ثلاث درجات النفس الثابتة - أي القدرة على النماء، والنفس الحساسة - أي القدرة على الشعور، والنفس العاقلة - أي القدرة على التعقل والاستدلال. والأولى موجودة في جميع ما حي، أما الثانية فلا توجد إلا في الحيوانات والآدميين، وأما الثالثة فلا توجد إلا في بني الإنسان. غير إذا الكائنات الحية العليا تمر في نمائها الجسمي والفردي بالمراحل التي تظل فيها للكائنات السفلى؛ و(حدثا علت الصورة في سلم المخلوقات... زاد عدد الأشكال الوسطى التي تمر بها قبل حتى تصل إلى صورتها الكاملة) (94) -ويشبه هذا القول نظرية (الإعادة) التي ظهرت في القرن التاسع عشر والتي تقول إذا جنين الإنسان يمر بالمراحل التي مر فيها النوع أثناء نموه.

وبينما كان أفلاطون، وأوغسطين، والرهبان الفرنسيس يظنون إذا النفس سجينة في الجسم، ويقولون إذا الإنسان هوالنفس لا غير، كان تومس جريئاً في قبول فكرة أرسطو، وهويعهد الإنسان - بل يعهد الشخصية نفسها- بأنه مزيج من الجسم والنفس ومن المادة والصورة(95). فالنفس وهي الطاقة الداخلية التي تبعث الحياة، وتخلق الصورة، توجد في جميع جزء من أجزاء الجسم كاملة غير قابلة للانقسام(96) وهي ترتبط بالجسم بألف طريقة. فهي بوصفها نفساً نباتية تعتمد على الطعام، وبوصفها نفساً حاسة تعتمد على الإحساس، وبوصفها نفساً عاقلة بحاجة إلى الصور التي تنتج أوتهجرب من الاحساسات. وحتى المقدرة العقلية والمدركات الأخلاقية تعتمد على وجود جسم سليم إلى حد معقول. فالجلد السميك يشير على النفس عديمة الإحساس(97)؛ وللأحلام، والانفعالات، والأمراض العقلية، والأمزجة أسس في وظائف الأعضاء(98). ويتحدث تومس في بعض الأحيان كما لوكان الجسم والنفس حقيقة واحدة موحدة، أي الطاقة الداخلية والصورة الخارجية لكل لا يتجزأ. ومع هذا فقد كان يظهر له واضحاً جميع الوضوح ان النفس العاقلة- المجردة، المعممة، المستدلة، المصورة للكون،- حقيقة غير جسمية؛ وإننا مهما حاولنا، وعلى الرغم من ميلنا الى التفكير في جميع الأمور بمصطلحات مادية، لا نستطيع ان نجد شيئاً مادياً في الإدراك؛ فهوحقيقة تختلف جميع الاختلاف عن جميع الأمور المادية أوالمكانية؛ ويجب ان نصف هذه النفس العاقلة بأنها روحية، شيء يبعثه فينا الله وهوالقوة النفسية القائمة وراء جميع الظواهر المادية. والقوة غير المادية وحدها هي التي تستطيع ان تكون فكرة كلية، أوتقفز إلى الإمام والى الخلف في الزمان، اوتدرك الكبير والصغير بدرجة واحدة من السهولة(99). وفي مقدور العقل حتى يدرك نفسه، ولكن من المحال ان نتصور كائناً مادياً يدرك نفسه.

ولهذا فلا حرج علينا إذا اعتقدنا إذا هذه القوة الروحية الموجودة فينا تظل بعد موت الجسم؛ ولكن النفس التي تفارق الجسم على هذا النحوليست ذات شخصية؛ فهي لا تقدر ان تحس أوتريد، أوتفكر، بل هي طيف لا قوة له ولا يستطيع حتى يقوم بعمل بغير الجسم(100)،ولا تكون مع الجسم شخصية منفردة لا يجوز عليها الموت إلا إذا عادت إلى الاتحاد مع الجسم، أي مع الإطار الجسدي الذي كانت هي حياته الداخلية. ولقد كان السبب الذي دفع ابن رشد واتباعه إلى النظرية القائلة بأن (لا خلود إلا للعقل الفاعل) وحده، أونفس الكون، أونفس النوع، هوعدم إيمانهم ببعث الجسم. أما تومس فيسخر جميع ما وهب من قوة الجدل ليدحض هذه النظرية؛ وعنده ان اختلافه عن ابن رشد في مسألة الخلود هم أبرز المشاكل القائمة في القرن الذي يعيش فيه، وان ما ينشأ عن الوقائع الحربية من تبديل في الحدود وتغيير في الألقاب يظهر إلى جانبها عبثا وجنودنا لا أكثر.

ويقول تومس إذا للنفس خمس صور أوقوى: النفس النباتية وبها نطعم، وننمو، ونتكاثر؛ والنفس الحاسة وبها نستقبل التنبيهات من العالم الخارجي؛ والنفس المشتهية، وبها نرغب ونريد، والنفس المحركة وبها تحدث الحركة، والنفس العاقلة وبها نفكر(101). والمعلومات كلها تبدأ بالحواس، ولكن التنبيهات لا تسقط على سطح فارغ أملس؛ بل يتلقاها بناء معقد هومركز الإحساس المشهجر، الذي يصوغ هذه التنبيهات أوالأحاسيس فيؤلف منها أفكاراً. ويتفق تومس مع أرسطوولُك Locke في انه "لا شيء في العقل لم يكن له من قبل وجود في الحواس"، ولكنه يضيف إلى ذلك كما يضيف كانت وليبنتز قوله:

"إلا العقل نفسه"- وهوقوة منظمة تستطيع تنبيهات التنبيهات إلى الأفكار، وأخيراً الى تلك الكليات والأفكار المجردة التي هي أدوات الاستدلال، والميزة التي اختص بها الإنسان على هذه الأرض.

والإرادة أوالرغبة هي الموهبة التي تستطيع بها النفس أوالقوة الحيوية حتى تتحرك نحوما يرى العقل انه خير. ويعهد تومس الخير كما يعهده أرسطوبأنه "هوالشيء المرغوب فيه"(102). والجمال شكل من أشكال الخير، لأنه هوالذي تسر رؤيته. ولم كانت رؤيته سارة،يا ترى؟ إنها تسر لما بين أجزائها من تناسب وتناسق يجعل منها كلا منظما. والعقل خاضع للإرادة لان الرغبة تستطيع حتى تحدد اتجاه الفكر؛ ولكن الإرادة نفسها خاضعة للعقل لان رغباتنا تحددها الكيفية التي تدرك بها الأمور، والآراء التي تكونها عنها (مقلدين في ذلك غيرنا عادة). وليست الحرية مستقرة حقيقة في الإرادة التي "يحركها بالضرورة" فهمنا للمادة كما يعرضها علينا العقل(103). بل هي مستقرة في التمييز(arbitrium) : ولهذا تتناسب الحرية تناسباً مطرداً مع درجات الفهم، والقدرة على الاستدلال، والحكمة، وعلى قدرة العقل ان يعرض صورة سليمة للحالة القائمة على الإرادة؛ ومن ذلك يرى حتى الحكماء وحدهم هم الأحرار حقاً(104). وليس الذكاء خير مواهب النفس وأسماء فحسب بل هوأيضاً أعظمها قوة: "وطلب الحكمة هومن بين مطالب الإنسان كلها أكملها، واسماها، وأعظمها نفعاً، واجلبها للسرور"(105): "وعمل الإنسان الخليق به هوحتى يفهم"(106).


فهم الاخلاق

وإذن فغاية الإنسان الحقة هي حتى يصل إلى الحقيقة في الحياة الدنيا، وان يشهد هذه الحقيقة في الله في الحياة الآخرة؛ ذلك إننا إذا سلمنا مع أرسطوبان ما يسعى إليه الإنسان هوالسعادة، فأين يجد أحسنها،يا ترى؟ انه لا يجدها في الملاذ الجسمية، ولا في الشرف، ولا في الثروة، ولا في السلطان. بل انه لا يجدها في الأعمال الصادرة عن الفضيلة الخلقية، وان حصل من هذه كلها على البهجة. ولنسم كذلك بان (النظام الكامل للجسم ضروري... للسعادة الكاملة) (107). ولكن ليس في هذه الطيبات كلها ما يضارع السعادة الهادئة الكاملة المتصلة الناشئة من الفهم. ولعل تومس كان يذكر وقتئذ قول فرجيل: (ما اسعد من استطاع حتى يعهد علل الأمور!) فاعتقد إذا أسمى عمل تقوم به النفس واعظم ما تغتبط به - أي الذروة الطبيعية لعقليتها الخاصة - هي (أن ينقش عليها النظام الكامل للكون وأسبابه) (108). وان السلام الذي يعلوعلى الفهم لينشأ من الفهم.

ولكن هذه السعادة الدنيوية العليا نفسها لا تهجر لإنسان راضياً جميع الرضا قانعاً جميع القناعة، فهويعهد فهم غامضة ان (السعادة الكاملة الحقة لا يمكن حتى تنال في هذه الحياة). وان في داخله صوتاً لا يمكن إسكاته يجعله يتوق على الدوام ولفهم لا يتأثران بما يتعرض له الآدميون الفانون من تغيرات ومن صرف الزمان. وقد تجد غير هذه الشهوات ما يشبعها في الطيبات الوسطى، أما عقل الإنسان الكامل فلن يستريح إلا إذا وصل الى ذروة الحق وجماعة وهوالله(109). ففي الله وحده الخير الأسمى لأنه مصدر جميع الطيبات الاخرى، ولانه علة سائر العلل، وحقيقة جميع الحقائق، والهدف الأخير للإنسان هونور النعيم الباهر- الرؤيا التي تهب السعادة .

وعلى هذاقد يكون فهم الأخلاق هوالفن والفهم اللذين يعدان الإنسان لبلوغ هذه السعادة النهائية السرمدية؛ ويمكن تعريف الطيبة الخلقية أوالفضيلة بأنها السلوك المؤدي إلى غاية الإنسان الحقة وهي حتى يرى الله. والإنسان بطبعه ميال الى الخير- المرغوب فيه: ولكن ما يراه هوخيراً ليس في جميع الأحوال خيراً من الناحية الأخلاقية؛ وقد عصى الإنسان الله بسبب خطأ حواء في الحكم على ما خير، وهويحمل الآن في جميع جيل وزر هذه الخطيئة الأولى . وإذا ما سأل إنسان عند هذه النقطة لم خلق الله، الذي يعهد جميع شيء قبل حدوثه، رجلاً وامرأة قدر عليهما حتىقد يكونا مشغوفين بالفهم، وخلق جيلاً قدر عليه انقد يكون ملوثاً بهذا الأثم الموروث، أجابه تومس ان المحال على أي مخلوق بمقتضى قوانين ما وراء الطبيعة انقد يكون كاملاً، وان حرية الإنسان في حتى يأثم هي الثمن الذي يجب عليه ان يؤديه نظير حريته في الاختيار. وإذ سلب الإنسان حرية الإرادة واصبح مجرد آلة ذات حركة ذاتية لا تسموعلى الخير والشر بل تنحط دونهما، ولا تكون لها كرامة اكثر من إنها آلة.

وإذا كان تومس قد انغمس في عقيدة الخطيئة الاولى، وانغمس في مبادئ أرسطو، وفي الخوف من النساء واعتزلهن اعتزالاً ناشئاً من حياة الأديرة، فقد كان لابد من انقد يكون سيء الظن بالنساء، وان يتحدث عنهن حديث الرجال، وليس عليه في هذا لوم. وهويحذوحذوأرسطوفي أنانيته البالغة الخطورة حين يظن حتى الطبيعة كبطارقة العصور الوسطى ترغب على الدوام في ان تخرج ذكوراً، وان المرأة مخلوق عاجز عارض، اوانها ذكر أخطائه التوفيق(mas occasisnatum)، وأكبر الظن - على حد قوله - إنها نتيجة لضعف قوة التلقيح عند الأب، أولعامل آخر خارجي مثل كسب جنوبية رطبة(111). وكان يظن بالاعتماد على آراء أرسطووبعض معاصريه في فهم الأحياء إذا المرأة ليس لها إلا المادة المنعملة في الذرية، أما الرجل فهوالذي يعطى الصورة الفاعلة؛ وان المرأة هي فوز المادة على الصورة؛ وهي من ثم اضعف الأوعية في الجسم، والعقل، والإرادة. وشأنها مع الإنسان شأن الحواس مع العقل. وفيها تسود الشهوة الجنسية؛ أما الإنسان فهوالمعبر عن العنصر الأكثر ثباتاً. والرجل والمرأة كلاهما صوراً في صورة الله، ولكن الرجل أشبه به من المرأة. والرجل هومبدأ المرأة وغايتها، كما حتى الله هومبدأ الكون وغايته، وهي بحاجة الى الرجل في جميع شيء، أما هوفلا يحتاج إلا للتناسل؛ والرجل قادر على ان يؤدي جميع الواجبات احسن من أداء المرأة - لا يستثنى من هذا العناية بالبيت(112)، فهي لا تصلح لان تشغل أي منصب هام في الكنيسة اوالدولة؛ وهي جزء من الرجل وان شئت الدقة الحرفية فهي ضلع من ضلوعه(113)؛ وعليها حتى تنظر إلى الرجل نظرتها إلى سيدها الطبيعي، وان تقبل ارشاده، وتخضع لتقويمه وتأديبه، وبهذه الكيفية تؤدي رسالتها وتحظى بسعادتها.

هذا هوما يقوله تومس عن المرأة؛ أما الشر فيبذل غاية جهده ليثبت انه في نظر فهم ما وراء الطبيعة لا وجود له؛ ويقول ان الشر ليس موجوداً إيجابياً، لان جميع حقيقة بوصفها حقيقة خير(114)؛ وليس الشر إلا غياب صفة أومقدرة يجب حتى تكون موجودة في الكائن بطبيعته، أوهي الحرمان من هذه الصفة أوالمقدرة. فليس شراً في الرجل ألاقد يكون له جناحان، لكن شراً إلا تكون له يدان، مع انه ليس من الشر في الطائر إلا تكون له يدان. وكل شيء طيب كما خلقه الله، ولكن الله نفسه لا يستطيع ان ينقل كماله اللانهائي إلى مخلوقاته. والله يجيز بعض الشرور بقصد الوصول الى بعض الغايات الخيرة أولمنع شرور اشد منها كما (تجيز بعض الحكومات... بحق بعض الشرور- كالعهر مثلاً- خشية.. حتى يؤدي منعها إضرار اشد منها) (115).

والخطيئة عمل من أعمال الإرادة الحرة حين تخرق نظام العقل الذي هوأيضاً نظام الكون. ونظام العقل هوالتوفيق السليم بين الوسائل والغايات، وهوفيما يختص بالإنسان تكييف السلوك بحيث يؤدي إلى السعادة السرمدية. والله يهبنا حرية ارتكاب الخطأ، ولكنه يهبنا ايضاً، بوحيه الإلهي، الشعور بالصواب والخطأ. وهذا الضمير الغريزي ذوسلطان مطلق يجب حتى يطاع مهما تكن النتيجة؛ فإذا أمرت الكنيسة إنساناً بشيء يخالف ضميره وجب عليه ان يعصى أمرها، وإذا حدثه ضميره بان الإيمان بالمسيح شر، وجب عليه حتى ينفر من ذلك الدين(116). والضمير في الأحوال العادية لا يميل بنا إلى الفضائل الطبيعية وحدها كالعدالة، والفطنة، والجلد، بل يميل بنا أيضاً الى الفضائل التي يأمرنا بها الدين كالإيمان، والأمل، والصدقات. وهذه الثلاث الصفات الأخيرة هي الصفات الخلقية التي يمتاز بها الدين المسيحي، وهي أيضاً سبب مجده. والإيمان واجب أخلاقي على الإنسان لان العقل البشري قاصر محدود؛ عملى الإنسان حتى يصدق تصديقاً قائماً على الإيمان عقائد الكنيسة التي تعلوعلى إدراك العقل وعقائدها التي يستطيع حتى يعهدها بطريق العقل. وإذا كان الخطأ في شؤون الدين قد يؤدي بالإنسان إلى الجحيم، فان من الواجب ألا يتسامح في عدم الإيمان إلا إذا قصد بذلك تجنب شر أكبر؛ (فالكنيسة قد أجازت في بعض الأحيان شعائر الملحدين والوثنيين أنفسهم، حين كان غير المؤمنين كثيري العدد)(117). ويجب الا يسمح لغير المؤمنين بأنقد يكون لهم السيطرة أوالسلطان على المؤمنين(118)؛ ويمكن التسامح بوجه خاص مع اليهود لان شعائرهم ترمز إلى شعائر الدين المسيحي قبل ظهوره، فتشهد بذلك على صحة هذا الدين(119). ويجب الا يرغم اليهود غير المعمدين على اعتناق الدين المسيحي(120)، ولكن الملحدين- وهم الذين تخلوعن إيمانهم بعقائد الكنيسة- يجوز إرغامهم دون انقد يكون ذلك حرج على من يرغمهم(121). ويجب حتى لا يعد أي إنسان ملحداً إلا إذا أصر على خطئه بعد حتى تبينه له سلطة كهنويته؛ والذين يرجعون عن إلحادهم يمكن حتى يسمح لهم بالتفكير عن ذنوبهم، بل يمكن فوق ذلك حتى تعادلهم كرامتهم الأولى؛ فإذا عادوا إلى إلحادهم (جاز حتى يسمح لهم بالتفكير عن ذنوبهم، ولكنهم لا ينجون من الآم الموت) (122).


فهم السياسة

خط تومس في الفلسفة السياسية ثلاث مرات: في شرحه لكتاب السياسة لأرسطو، وفي الخلاصة في اللاهوت، وفي رسالة قصيرة تسمى: في حكم الأمراءDe regimine principum ويبدولأول ولهة حتى تومس يعيد أقوال أرسطو، ولكننا إذا واصلنا القراءة أدهشتنا كثرة ما في كتاباته من أفكار أصلية قاطعة.

فهويقول إذا التنظيم الاجتماعي أداة أوجدها الإنسان بدلاً من أعضاء الجسم للحصول على مطالبه والدفاع عن نفسه، وان المجتمع والدولة قد وجدا للفرد، ولم يوجد الفرد للمجتمع والدولة، وان السيادة تأتي من عند الله وهي حق للشعب؛ ولكن الشعب كثير العدد، مشتت، متقلب، جاهل، وهولذلك عاجز حتى يمارس حقوق السيادة بنفسه وبحكمة؛ ولهذا فانه يكل هذه السيادة إلى أمير أوزعيم آخر. وتوكيل الشعب من ينوب عنه على هذا النحويستطاع إلغاؤه على الدوام، و(لا يحتفظ الأمير بسلطة التشريع إلا من حيث هوممثل لإرادة الشعب) (123).

ويمكن حتى ينيب الشعب عنه في ممارسة سيادته عدداً كبيراً من الناس أوعدداً قليلاً منهم أوفرداً واحداً. وتصلح الديمقراطية، والأرستقراطية، والملكية إذا صلحت القوانين وحسن تطبيقها. ويمكن القول بوجه عام حتى خير أنواع الحكومات هوالحكومة الملكية الدستورية، لأنها تمكن للوحدة، والاستمرار، والاستقرار. (وحكم الجماهير) كما يقول هوميروس (على يد الفرد خير من حكمهم على أيدي الكثيرين) (124). غير حتى الأمير أوالملك يجب حتى يختاره الشعب من أية طبقة حرة من السكان(125)؛ وإذا استبد الملك وجب خلعه بعمل منظم يقوم بع الشعب(126)، ويجب حتى يظل على الدوام خادم القانون لا سيده.

والقانون ثلاثة أنواع: قانون طبيعي مثل (القوانين الطبيعية للكون)؛ والهي كالقوانين الواردة في الكتاب المقدس، وبشري أووضعي كالقوانين التي تسنها الدولة. وقد اصبح النوع الثالث منها ضرورياً بسبب ما في طباع الناس من انفعالات، وبسبب قيام الدولة. ومن اجل هذا كان آباء الكنيسة يعتقدون ان الملكية الفردية تتعارض مع الشريعتين الطبيعية والإلهية، وإنها نتيجة لنزعة الإنسان في ارتكاب الآثام. لكن تومس لا يعترف بان الملكية تتعارض مع القوانين الطبيعية؛ فهويبحث عن حجج الشيوعيين في أيامه ويرد عليهم كما يرد أرسطوبأنه إذا كان جميع واحد من الناس يملك جميع شيء فان أحداً من الناس لا يعنى بأي شيء(127). غير حتى الملكية الفردية - في رأيه - وديعة عامة، (فالإنسان يجب إلا يمتلك الأمور الخارجية على إنها ملكه الخاص بل على إنها ملك عام، وبذلكقد يكون على استعداد لان ينقلها الى غيره من الناس إذا ما احتاجوا إليها)(128). وإذا ما اشتهى الإنسان الكثير الزائد من الثروة، أوسعى إلى اكثر مما يحتاجه منها لحفظ مركزه في الحياة، كان طامعاً أثيما(129). (وكل ما يمتلكه بعض الناس اكثر من حاجتهم إنما يقصد به حسب القانون الطبيعي مساعدة الفقراء) و(إذا لم يوجد علاج آخر فان من حق الإنسان حتى يسد حاجته من ملك غيره، بالاستيلاء عليه سراً أوجهراً)(130).

ولم يكن تومس الرجل الذي يجعل الاقتصاد فهماً مملا غير شيق بفصله عن الأخلاق. فكان يؤمن بحق الجماعة في تنظيم أعمال الزراعة، والصناعة، والتجارة، والإشراف على الربا، وبلغ منه حتى طالب بتحديد (ثمن عادل) للخدمات والسلع. وكان ينظر بعين الريبة الى عملية الشراء بثمن منخفض والبيع بثمن مرتفع. ويندد اشد التنديد بجميع أنواع المضاربة في التجارة، وبكل المحاولات التي تبذل للحصول على الكسب بالمهارة في الاستفادة من السوق(131). وكان يعارض من الإقراض بفائدة، ولكنه لا يرى إثماً في الاقتراض (لغرض طيب) من مقرض محترف(132). ولم يكن أرقى من أهل زمانه في نظرته الى الاسترقاق، فقد كان الفقهاء السوفسطائيون، والراقيون، والرومان، يفهمون ان الناس (بطبيعتهم) أحرار؛ وكان آباء الكنيسة يوافقون على الرق ويفسرونه كما يفسرون الملك بأنه ناشئ من نزعة الإنسان الآثمة التي كسبها نتيجة لسقوط آدم. وبرر أرسطوصديق الأقوياء الرق بزعمه ان نتيجة عدم المساواة الطبيعية في الإنسان، وحاول تومس حتى يوفق بين هذه الآراء المتعارضة: فنطق أنه لم يكن ثمة رق في حالة البراءة، أما سقوط آدم فقد عثر حتى من الخير إخضاع السذج للعقلاء، لان من لهم أجسام قوية وعقول ضعيفة فقد أريد لهم بحكم الطبيعة حتىقد يكونوا أرقاء(133). لكن العبد ليس ملكاً لسيده إلا بجسمه لا بروحه؛ وليس العبد مرغماً على قبول الاتصال الجنسي بالسيد، ويجب حتى تتبع قواعد الأخلاق المسيحية بأجمعها في معاملة العبد.


الدين/اللاهوت

سوما ثيولوجيكا Summa Theologiæ, Pars secunda, prima pars. (نسخة پيتر شوفر، 1471)

وبدا لتوماس أنه ما دامت المسائل الاقتصادية والسياسية في آخر الأمر مسائل اخلاقية، فان من العدل حتى يوضع الدين في مرتبة أعلى من مرتبة السياسة والصناعة، وان تخضع الدولة في مسائل الأخلاق لرقابة الكنيسة وإرشادها.

وحدثا سمت أغراض السلطة ازداد نبلها؛ ويجب حتى يخضع ملوك الأرض، الذين يهدون الناس إلى السعادة الدنيوية، لسلطان البابا الذي يهدي الناس إلى السعادة الأبدية. على انه يجب حتى تظل الدولة صاحبة السلطان في الشئون الدنيوية، غير حتى من حق البابا في هذه الشئون نفسها حتى يتدخل إذا خالف الحكام قواعد الأخلاق الصالحة أوتسببوا في الأضرار بشعوبهم إضراراً كان يستطاع تجنبه. ولهذا فمن حق البابا حتى يعاقب الملك المسيء أويعفي رعاياه من يمين الولاء له؛ وفوق هذا فان من واجب الدولة إذا تحمي الدين، وتؤيد الكنيسة، وتنفذ قراراتها(134).

والمهمة العليا للكنيسة حتى تهدي الناس إلى سبيل النجاة؛ وليس الإنسان مواطناً في هذه الدولة الأرضية وحدها، بل هوفوق ذلك مواطن في مملكة روحية اعظم إلى ابعد حد من أية دولة أخرى. وحقائق التاريخ الكبرى تنبئ إذا الإنسان قد ارتكب جرماً لا حد له بعصيان الله، فاستحق بهذا العصيان عقاباً لا حد له، وان الله الابن قد اصبح إنساناً وقاسى العار والموت، وانه قد خلق رصيداً من البركة المنجية يستطيع الإنسان حتى ينجوبه رغم خطيئته الاولى؛ والله يهب من يشاء من هذه البركة ما يشاء؛ وليس في مقدورنا ان نتبين مسببات اختياره، ولكن (ما من أحد من الناس قد بلغ من الجنون حداً يقول معه إذا الجدارة هي سبب الاختبار الإلهي)(135). وتتردد عقيد بولس وأوغسطين الرهيبة في أقوال تومس الرفيق الظريف:

(من الخير حتى يسير الله الإنسان بقضائه وقدره، لان الأمور جميعاً خاضعة لمشيئته... وإذا كان الناس قد هيئوا للحياة السرمدية بمشيئة الله، فان من مشيئة الله أيضاً حتى يسمح لبعضهم حتى يعجزوا عن بلوغ هذه الغاية، وهذا هوما يسمى (الشقاء)... وإذا كان قضاء الله وقدره يضم إرادته في حتى يهب البركة والمجد، فان الشقاء أيضاً يضم إرادته في حتى يسمح لشخص ما ان يقع في الخطيئة، وان يعاقب على تلك الخطيئة بعذاب الجحيم.. (اختارنا فيه قبل تأسيس العالم)(136).

ويبذل تومس ما وسعه من جهد ليوفق بين قضاء الله وقدره وبين حرية البشر، ويبين لم يجب على الإنسان الذي قدر له مصيره حتى يعمل لكسب الفضيلة، وكيف تستطيع الصلوات حتى تؤثر في الله الذي لا يتغير ولا يتحول، وماذاقد يكون عمل الكنيسة في مجتمع قسم أفراده من قبل إلى ناجين ومعذبين،يا ترى؟ وهويجيب عن هذا بان جميع ما هنالك حتى الله قد عهد من قبل ما يفترض أن يختاره جميع إنسان بحريته؛ وهويفترض حتى الوثنيين جميعهم من المعذبين مع جواز استثناء عدد قليل منهم بعث الله إليهم بوحي شخصي خاص .

واعظم ما يناله الناجون من السعادة هوفي رأيه رؤية الله؛ وليس معنى هذا انهم سيفعمونه؛ إذ لا يفهم اللانهائي غير اللانهائي؛ بيد حتى المنعمين بما ينفخ فيهم من النعمة الإلهية يفترض أن يشهدون جوهر الله(139). وبما حتى الخليقة كلها قد نشأت من الله فأنها ستعود الى الله، والنفس البشرية التي هي منحة من كرمه لا تستريح حتى تعود فتنضم الى مصدرها. إلى غير ذلك تتم الدورة المقدسة دورة الخلق والعودة، وتختتم فلسفة تومس كما بدأت بالله.

كيف استقبلت فلسفة تومس؟

لقد رأت الكثرة الغالبة من معاصريه إنها تكديس فضيع للاستدلالات الوثنية شديدة الخطر على الدين المسيحي؛ وصدمت مشاعر الرهبان الفرنسيس الذين كانوا يسلكون لفهم الله طريق الحب الصوفي الذي يقول به أوغسطين (نزعة) تومس (العقلية)، وحملة العقل فوق الارادة، والفهم فوق الحب. وعجب الكثيرون كيف من الممكن أن يمكن النادىء والصلاة لإله فاتر، سلبي، يُعبد كالإله الموصوفي في كتاب الخلاصة،يا ترى؟ وكيف يمكن حتىقد يكون عيسى جزءاً من هذا المعنى المجرد،يا ترى؟ وماذا كان يقول القديس فرانسس عن الله أوبأي شيء كان يتحدث إليه،يا ترى؟ وبدا لهم قوله حتى الجسم والنفسقد يكونان وحدة سيقضى على عقيدة خلود النفس وعدم فسادها، وقوله حتى المادة والصورة وحدة ستؤدي، رغم إنكار تومس المتكرر، إلى الانحدار إلى نظرية ابن رشد القائلة بان العالم أزلي، وإن المادة، لا الصورة، هي مبدأ الانفرادية سيحول دون التفرقة بين نفس ونفس، وينحدر بنا إلى نظرية ابن رشد القائلة بوحدة النفس وخلودها اللاشخصي. وشر من هذا كله حتى غلبة أرسطوعلى أوغسطين في فلسفة تومس قد بدت للرهبان الفرنسيس كأنها فوز للوثنية على المسيحية. ألا يوجد من الآن في جامعة باريس مفهمون وطلاب يحملون خط أرسطوفوق الأناجيل،يا ترى؟

ودافعت المسيحية (السنية) عن نفسها في الربع الثالث من القرن الثاني عشر من فلسفة تومس الأرسطوطيلية، كما قاوم أهل السنة المسلمون ابن رشد لاعتناقه فلسفة أرسطوونفوه، وكما حرق اليهود السنيون في بداية القرن الثالث عشر خط ابن ميمون لنزعته الأرسطوطيلية. فقد وقع في عام 1277 حتى اصدر أسقف باريس بإيعاز البابا يوحنا الحادي والعشرين مرسوماً باعتبار 219 قضية من قضايا تومس خروجا على الدين. وكان من بين هذه القضايا ثلاث (بنوع خاص) اتهم بها الأخ تومس، وهي قوله ان الملائكة لا أجسام لها، وان جميع واحد منهمقد يكون بمفرده نوعاً منفصلاً عن غيره؛ وان المادة أساس الانفرادية؛ وان الله لا يستطيع مضاعفة الأفراد في نوع ما من غير المادة. ونطق الأسقف حتى جميع من يعتنق هذه العقائد يعد بهذا العمل وحده محروما من الدين. وبعد أيام قلائل من صدور هذا المرسوم اقنع ربرت كلواردبي Robert Kilwardby أحد كبار الرهبان الدمنيك أساتذة جامعة أكسفورد بان ينددوا ببعض عقائد تومس ومنها وحدة النفس والجسد في الإنسان.

وكان قد مضى على وفاة تومس في ذلك الوقت ثلاث سنين، ولم يكن في وسعه حتى يدافع عن نفسه، ولكن ألبرت أستاذه القديم اندفع من كولوني الى باريس واقنع رهبان فرنسا الدمنيك بان يشدوا أزر زميلهم وأخيهم. ودخل راهب فرنسيسي يدعى وليم ده لا مارWilliam de la Mare في المعركة برسالة سماها:Correctorium fratris Thomae يقول فيها ان تومس على حق في 118 نقطة، فقام راهب فرنسيسي آخر يدعى يوحنا بكنهام، كبير أساقفة كنتر برى يندد رسمياً بفلسفة تومس وينادي بالعودة الى بونا فنتورا والقديس فرانسس. وانضم دانتي الى المتنازعين فصاغ من فلسفة تومس فلسفة معدلة كانت الإطار العام الذي وضع فيه الملهاة المقدسة، واختار تومس ليقوده على السلم الموصل إلى أعلى سماء. ودامت الحرب مائة عام اقنع بعدها الرهبان الدمنيك البابا يوحنا الثاني والعشرين ان تومس من القديسين، وكان تقديسه (1323) فوزاً لفلسفته. ووجد المتصوفة من ذلك الوقت في كتاب الخلاصة(140). اعمق واوضح عرض للحياة الصوفية الفكرية. ولما عقد مجلس ترنت (1545- 1563) وضع كتاب الخلاصة على المذبح إلى جانب الكتاب المقدس وكتاب القوانين الكنسية(141). وفرض إجناتيوس ليولاIgnatius Loyola على اليسوعيين حتى يفهموا فلسفة تومس، وقرر البابا ليوالثالث عشر في عام 1879، والبابا بندكت الخامس عشر في عام 1921 حتى تكون مؤلفات تومس الفلسفة الرسمية للكنيسة الكاثوليكية، وان لم يعلنا حتى هذه المؤلفات سليمة من الأخطاء؛ وهذه الفلسفة تدرس الان في جميع كليات الروم الكاثوليكية؛ وقد كسبت لها فوزاً جدداً في وقتنا الحاضر، وان كان لها نقاد من بين فهماء الدين الكاثوليك، وهي الآن من أقوى أنظمة التفكير الفلسفي تأثيراً وأبقاها على الزمن، لا تقل في ذلك عن الأفلاطونية والأرسطوطيلية.

وبعد فان من السهل على من يقف الآن على كتفي السبعمائة العام الأخيرة حتى يشير في مؤلفات أكوناس إلى بعض العناصر التي لم تثبت الأيام صحتها. وان مما يعيبه ويشرفه معاً انه كان كثير الاعتماد على ارسطو، وبقدر هذا الاعتماد كان يعوزه الابتكار ويظهر من الشجاعة ما أثار السبل للعقول في العصور الوسطى. وعنى تومس بالحصول على تراجم دقيقة لأرسطومنقولة عن اللغة اليونانية مباشرة، فكان لهذا يجيد فهم مؤلفاته الفلسفية (لا الفهمية) اكثر مما يجيد معهدتها أي مفكر آخر في العصور الوسطى عدا ابن رشد. ولم يكن يستكشف حتى يأخذ الفهم عن المسلمين واليهود، ويعامل فلاسفتهم باحترام صادر عن وثوقه بنفسه. وإنا لنجد في نظامه الفلسفي قدراً كبيراً من السخف والأباطيل التي نجد مثلها في جميع الفلسفات التي لا تتفق مع فلسفتنا؛ وان من اعجب الأمور حتى يخط هذا الرجل المتواضع بمثل ما خط من الطول عن الكيفية التي يعهد بها الملائكة ما يعهدون، وعما كان عليه الإنسان قبل سقوطه، وعما كان يؤول إليه أمر الجنس البشري لولا رغبة حواء في الفهم. ولعلنا نخطئ إذ نفكر فيه على انه فيلسوف، فقد كان هونفسه أميناً إذ سمى مؤلفه كتاباً في فهم الدين، ولم يدع انه يسير وراء العقل الى حيث يقوده، ويعترف انه يبدأ بنتائجه، وهوعمل يسمه معظم الفلاسفة بأنه خيانة للفلسفة وان كانت كثرتهم تعمله. وقد كان مجال بحثه أوسع مما جرؤ عليه مفكر بعده عدا سبنسر، وكان في جميع ميدان واضحاً هادئ المزاج بعيداً عن المغالاة يبحث عن الطريقة الوسطى المعتدلة، ومن أقواله في هذا المعنى (أن الرجل العاقل يخلق النظام) (142). ولم يفلح في التوفيق بين أرسطووالمسيحية، ولكنه وهويحاول هذا التوفيق كسب للعقل نصراً مؤزراً سيدوم على مدى الأيام، فقد قاد العقل أسيراً إلى قلعة الدين؛ ولكنه قضى بفوزه على عصر الإيمان.

خلفاء توماس

يسرف المؤرخ على الدوام في التبسيط، ويتعجل فيعمد إلى حشد كبير من الأنفس والحوادث لا يستطيع قط ان يلم بها جميع الإلمام أويفهمها جميع الفهم، ويختار من بينها عدداً قليلاً من الحقائق والوجوه يراها أطوع بقلمه من غيرها. وليس من حقنا حتى نظن حتى الفلسفة المدرسية معاني مجردة أزيلت منها آلاف الحقائق الغريبة؛ بل علينا حتى ننظر إليها على إنها اسم غامض غير دقيق يطلق على مئات الفلسفات المتناقضة والنظريات اللاهوتية التي كانت تفهم في مدارس العصور الوسطى من أيام السلم في القرن الحادي عشر إلى أيام أوكام Occam في القرن الرابع عشر. والمؤرخ يخضع اشد الخضوع وأثقله على نفسه بقصر الوقت ونفاذ الصبر الذي هومن طبيعة بني الإنسان؛ ويخط سطراً واحداً يحط به من قدر رجال خلدوا أسمائهم في أحد الأيام ولكنهم اختفوا الآن في طيات التاريخ. وكان من اعجب الشخصيات في القرن الثالث عشر المليء بذوي المواهب المتعددة من الرجال رامون لول Ramon Lull أوريموند للي Raymond Lully (1232؟- 1315). ولقد وُلد في بالما لأسرة قطاليةCatalan وشق طريقه إلى بلاط جيمس الثاني في برشلونة، واستمتع بشاب صاخب، ثم اخذ يضيق نطاق عشقه حتى اكتفى بزوج واحدة. ولما بلغ سن الثلاثين نبذ على حين غفلة ملاذ العالم، والجسم، والشيطان، ووهب نشاطه المتعدد النواحي للتصوف والمعارف الخفية، وحب الانسانية، والتبشير بالدين، والسعي للاستشهاد. ثم تفهم اللغة العربية، وانشأ كلية للدراسات العربية في ميورقة، وطلب من مجلس ڤيينا حتى ينشئ مدارس للغات والآداب الشرقية تعد الناس للتبشير بين المسلمين واليهود. واستجاب المجلس لرغبته وأنشأ خمس مدارس من هذا النوع- في رومة، وبولونيا، وباريس، وأكسفورد، وسلمنقة- كان فيها كراسي للغات العبرية، والكلدانية، والعربية. ولعل إلى نفسه تفهم اللغة العبرية لأنه اصبح عالماً متبحراً في القبالة.

ويستحيل علينا حتى نقسم مؤلفاته البالغ عددها 150 أصنافاً. وحسبنا حتى نسجلها هنا فنقول إنه شبابه أنشأ الأدب القطالي بأن خط عدة مجلدات من الشعر الغزلي؛ ثم ألف بالغة العربية كتاباً ترجمه فيما بعد إلى اللغة القطالية "كتاب في التفكير في الله". وليس هذا الكتاب مجرد حلم صوفي بل هوموسوعة في علوم الدين من ألف ألف حدثة (1272). وبعد عامين من ذلك الوقت، وكأنما بدل نفسه ألّف كتاباً في حرب الفروسية، وألف في الوقت عينه تقريباً كتاباً في حرب الفروسية، وألّف في الوقت عينه تقريباً كتاباً في التربية سماه "كتاب في عقائد الشباب"، ثم جرّب حظه في الحوار الفلسفي ونشر فيه ثلاثة خط يعرض فيها وجهات النظر الإسلامية، واليهودية، والمسيحية اليونانية، والمسيحية الرومانية، والتتارية، بتسامح ونزاهة، ورفق، تثير الدهشة. وألّف حوالي عام 1283 رواية دينية طويلة سمّاها بلانكيرنا Blanquerna حكم الخبراء الذين أوتوا الصبر على قراءتها بأنها "من روائع آداب العصور الوسطى المسيحية". ثم أصدر في رومة عام 1295 موسوعة أخرى سماها شجرة الفهم Arbre de sciencia حوت أربعة آلاف سؤال في ستة عشر فهماً مع أجوبة عنها موثوق بها. وحارب أثناء مقامه في باريس (1309-1311) فلسفة ابن رشد التي كانت لا تزال باقية فيها، وذلك في عدة مؤلفات دينية صغرى سقطها بإمضاء دقيق دقة لم يعتدها وهوPhantasticus "الواهم" وظل خلال حياته الطويلة يصدر مجلدات في العلوم والفلسفة بلغت من الكثرة جداً يصعب معه حصرها.

وافتتن في أثناء هذه المشاغل كلها بفكرة استهوت عقول العباقرة في هذه الأيام- وهي حتى جميع قوانين المنطق وعملياته يمكن ردها إلى صور رياضية أورمزية. فيقول ريموند إذا "الفن العظيم"- فن المنطق- هوكتابة المدركات الأساسية للفكر البشري على مربعات متحركة، ثم جمع هذه المربعات في أوضاع مختلفة ليس القصد منها رد جميع الأفكار الفلسفية إلى معادلات وأشكال فحسب،بل يقصد بها كذلك حتى تثبت بالمتساويات الرياضية حقائق الدين المسيحي. وكان ريموند يتصف بما يتصف به بعض سقمى العقول من دعة ولطف، فيأمل حتى يرد المسلمين عن دينهم إلى الدين المسيحي بتأثير فنه المقنع. ورحبت الكنيسة بهذه الثقة، ولكنها لم ترض عما أقترحه من جميع أصول الدين إلى العقل ووضع التثليث والتجسد على مشرحة منطقه(144).

واعتزم في عام 1292 حتى يستعيض عن استيلاء المسلمين على فلسطين بتحويل أفريقية الشمالية إلى بلاد مسيحية، فعبَر البحر إلى تونس، ونظم فيها سراً جالية مسيحية صغيرة؛ ثم قبض عليه في عام 1307 أثناء رحلة تبشيرية إلى تلك البلاد وجيء به أمام قاضي القضاة. وعقد القاضي مناقشة علنية بين ريموند وبعض فهماء الدين المسلمين. ويقول صاحب سيرة ريموند إنه انتصر فيما دار من نقاش وأنه ألقى في السجن، ولكن بعض التجار المسيحيين أفلحوا في إنقاذه وإعادته إلى أوربا. ويلوح أنه كان يتوق إلى الاستشهاد فعبر البحر مرة أخرى إلى بوجي في عام 1314، وأخذ يدعوللمسيحية علناً فرجمه الغوغاء المسلمون بالحجارة حتى توفي (1315).

وإذا انتقلنا من ريموند إلى جون دنز اسكوتس John Duns Scotus كنا كمن ينتقل من كارمن إلى كلاڤيكورد الصافية المزاج . واشتق اسما جون الثاني والثالث من مسقط رأسه في دنز Duns من أعمال بروكشير Berwick-shire (؟) ولما بلغ الحادية عشرة من عمره أوفد إلى دير للرهبان الفرنسيس في دنفريز Dunfries، وانضم إلى طائفة الرهبان رسمياً بعد أربع سنين من دخول الدير. وتلقى الفهم في جامعتي أكسفورد وباريس ثم علّم في أكسفورد، وباريس، وكولوني، ومات وهوكهل في الثانية والأربعين من عمره (1308)، بعد حتى خلف وراءه عدداً جماً من المؤلفات معظمها فيما وراء الطبيعة تمتاز كلها بالغموض والخفاء بدرجة يندر حتى تظهر مرة أخرى في الفلسفة إلا إذا ظهر اسكوتس جديد. والحق حتى عمل دنز اسكوتس ليشبه إلى حد كبير عمل كانت الذي اتى بعده بخمسة قرون- فهويقول إذا العقائد الدينية يجب حتى يدافع عنها بأنها لا غنى عنها من الوجهة الأخلاقية الفهمية لا يتماسكها المنطقي. ورضى الرهبان الفرنسيس حتى ينبذوا الفلسفة لينقذوا أوغسطين من تومس الدمنيكي فاتخذوا دكتورهم الشاب بطلاً لهم ونصيراً، وانضموا تحت لوائه، في حياته وبعد مماته، طوال عدة أجيال من الحرب الفلسفية.

وكان دنز هذا ذا عقل من أشد العقول توقداً وذكاء في تاريخ العصور الوسطى، فقد تفهم الرياضة وغيرها من العلوم، وتأثر في أكسفورد بجروستستى وروجر بيكين، فتكونت لديه فكرة صارمة عما يجب حتىقد يكون الرهبان السليم، وطبق هذا الاختبار على فلسفة تومس فقضى بذلك على تهوره في اقتران الدين والفلسفة، ولما يكد هذا الاقتران يتم شهر العسل. وكان دنز يفهم الطريقة الاستقرائية في المنطق ولكنه كان يقول عكس ما يقوله فرانسس بيكن بالضبط، وهوحتى جميع استقراء، أي برهان- من النتيجة إلى العلة- برهان غير موثوق به، وإن البرهان الحقيقي الوحيد هوالبرهان الاستنتاجي أي إظهار حتى نتائج معينة لابد حتى تحدث من طبيعة العلة ذاتها. مثال هذا أننا إذا أردنا حتى نثبت وجود الله فإن علينا حتى ندرس أولاً فهم ما وراء الطبيعة- أي حتى ندرس "الكائن بوصفه كائناً"، ثم نصل عن طريق المنطق الدقيق إلى الصفات الجوهرية للعالم. وفي عالم الجواهر لابد حتىقد يكون هناك جوهر هومصدر جميع ما عداه منها وهوالكائن الأول؛ وهذا الكائن الأول هوالله. ويتفق دنز مع تومس في حتى الله هوالحقيقة الخالصة ولكنه لا يفهم تلك العبارة على أنها الواقعية الخالصة بل يفهم منها أنها الفاعلية الخالصة. فالله هوأولاً إرادة لا عقل، وهوعلة العلل جميعها، وهوأزلى، ولكن هذا هوجميع ما نستطيع حتى نعهده عنه بطريق العقل. أما إنه إله الرحمة، وأنه ثلاثة في واحد، وأنه خلق العالم في وقت، وأنه يسيطر على جميع الأمور بقدرته- هذه وجميع عقائد الدين المسيحي كلها تقريباً يجب حتى نؤمن بها أي حتى نصدقها اعتماداً على الخط المقدسة والكنيسة ولكنا لا نستطيع إثباتها بالعمل. والحق أننا في الساعة التي نبدأ فيها باستخدام العقل في إثبات وجود الله نقع في متناقضات تحيرنا (وهي التي يسميها كانت "متناقضات العقل الخالص"). وإذا كان الله قادراً على جميع شيء، فهوعلة جميع النقائض، ومنها جميع الشرور؛ وإذن تكون العلل الثانوية ومنها الإرادة البشرية، وهماً لا حقيقة. ولكي نتلافى هذه النتائج الهدامة، ولما كانت العقيدة الدينية لازمة للحياة الأخلاقية (وهوما يسميه كانت " العقل العملي" فإن من الحكمة ألا نلجأ إلى فلسفة تومس التي تحاول حتى تثبت الديّن بالفلسفة، وأن نقبل عقائد الدين بالرجوع إلى الكتاب المقدس وإلى الكنيسة(145). وليس في مقدورنا حتى نعهد الله ولكننا قادرون على حتى نحبه، وهذا الحب خير من الفهم(146).

ودنز في فهم النفس "واقعي" من الطراز الدقيق الخاص به: فالكليات عنده حقيقة موضوعية بمعنى حتى تلك المظاهر الموحدة التي يجرّدها العقل من الأجسام المتماثلة ليكون منها فكرة عامة، لابد حتى تكون موجودة في الأجسام، وإلا لما استطعنا حتى ندركها ونجردها. وهويتفق مع تومس في حتى جميع الفهم الطبيعية مستمدة من الحواس، أما فيما عدا هذا فإنه يخالفه في جميع آرائه الفلسفية. فهويقول إذا أساس الانفرادية ليس هوالمادة بل الصورة، والصورة بمعناها الضيق الدقيق التي نستطيع حتى نقول عنها "هذه" haecceitas -أي الصفات الخاصة والعلامات المميزة للشخص أوالشيء الفردي. وليست من النفس ذاتها. وليست موهبة النفس الأساسية هي الفهم بل هي الإرادة، فالإرادة هي التي تعين إحساس أوالقصد الذي يجب حتى يتجه إليه العقل؛ والإرادة voluntas وحدها لا قوة الحكم (arbitrium) هي الحرة؛ ومن رأيه حتى قول مبالغ فيه لأنه يمكن تطبيقه على جميع حيوان في الحقول، وليس في مقدورنا حتى نثبت الخلود الشخصي، بل علينا حتى نؤمن به لا أكثر. وكان في وسع الرهبان الدمنيك حتى يروا في دنز فوز الفلسفة الغربية على الفلسفة الإسلامية، كما كان الرهبان الفرنسيس يدعون إنهم يرون في تومس فوز أرسطوعلى الأناجيل، ففلسفة ما وراء الطبيعة عنده هي فلسفة ابن رشد، وفلسفة شرائع الكون هي فلسفة ابن جبيرول، ولكن الحقيقة الأساسية الداعية إلى الأسى في اسكوتس هي تخليه عن محاولته إثبات العقائد المسيحية الأساسية بالالتاتى إلى العقل. واشتط أتباعه فمضىوا في هذه المسألة إلى أبعد من هذا، وأخرجوا عقائد الدين واحدة بعد واحدة من ميدان العقل، وضاعفوا بذلك ما وضعه من الفروق والمميزات الدقيقة إلى حد جعل لفظ "الدنزى" في إنجلترا يعني الأبله المولع بالتقسيم الشّعري، والسوفسطائي: البليد والغبي. وأبى الذين يحبون الفلسفة حتى يخضعوا لفهماء اللاهوت الذين نبذوا الفلسفة. وتنازعت الدراستان وافترقتا؛ وأدى رفض الدين للعقل إلى رفض العقل للدين، وانتهت بذلك المغامرة الجريئة الكبرى التي قامت في عصر الإيمان.

وبعد فقد كانت الفلسفة المدرسية مأساة يونانية تكمن في جوهرها الأسباب التي قضت عليها.ذلك حتى في محاولتها إثبات الدين عن طريق العقل اعترافاً ضمنياً بسلطان العقل، وأن اعتراف دنز أسكوتس وغيره بأن الدين في القرن الرابع عشر إضعافاً أدى إلى نشوب الثورة على طول جبهة العقائد الكنسية. لقد كانت فلسفة أرسطوهدية يونانية للمسيحية اللاتينية، وكانت أشبه بجواد طروادة يخفي في باطنه ألف عنصر من العناصر المعادية لهذا الدين. ولم تكن هذه البذور التي نبتت منها النهضة والاستنارة هي "انتقام الوثنية" من المسيحية فحسب، بل كانت فوق ذلك انتقاماً للإسلام على غير فهم منه. فقد غزت المسيحية بلاد فلسطين، وأخرجت المسلمين من أسبانيا كلها تقريباً، فنقلوا علومهم وفلسفتهم إلى أوربا الغربية، وكانت هذه العلوم والفلسفة قوة من القوى العاملة على تفكك المسيحية وتفرقها، وكان ابن سينا وابن رشد، كما كان أرسطو، هما اللذين بثّا جراثيم النزعة العقلية في أوربا المسيحية.

ولكن مهما يكن من عيوب المغامرة المدرسية فإن شيئاً منها لا يمكن حتى يغشى تلألؤها الساطع. لقد كانت مغامرة جريئة متهورة جرأة الشباب من إفراط في الثقة وإسراف في الجدل؛ وكانت صوت أوربا الجديدة الناقهة التي كشفت من حديث قوة العقل المثيرة. ولقد استمتعت الفلسفة المدرسية في خلال القرنين اللذين سمت فيهما إلى عليائها بحرية في البحث، والتفكير، والتعليم، لانكاد نجد ما يفوقها في جامعات أوربا في هذه الأيام، وذلك على الرغم من المجالس التي كانت تطارد الإلحاد وبالرغم من محاكم التفتيش؛ واستطاعت بمعونة فقهاء القانون في القرنين الثاني عشر والثالث عشر حتى تشحذ عقول الغربيين بما صاغته من أدوات المنطق ومصطلحاته، وبالاستدلال الدقيق المتقن الذي لا يفوقه في الفلسفة الوثنية شيء. وما من شك في حتى هذه السهولة في الجدل قد أسرف فيها إسرافاً كبيراً، وأنها ولدت الجدل المفعم بالجشوولغوالكلام "والتفتيت المدرسي" الذي لم يثر عليه روجر بيكن وفرانسس بيكن وحدهما، بل ثارت عليه أيضاً العصور الوسطى نفسها. ومع هذا فإن كفة الخير في هذا التراث ترجح كفة الشر. ذلك حتى "المنطق، وفهم الأخلاق، وما وراء الطبيعة" على حد قول كوندورسيه Condorcet "مدينة للفلسفة المدرسية بما فيها من دقة لا يعهدها الأقدمون أنفسهم "، كما يقول سير وليام هاملتون إذا (اللغات الفهمية مدينة للفلسفة المدرسية بما فيها من إحكام ودقة تحليلية"(149)، وإن أكثر ما في العقل الفرنسي من صفات خاصة ينفرد بها عما عداه - وهي حبه المنطق، ووضوحه، ودقته - قد كوّنه المنطق أيام مجده في مدارس فرنسا أثناء العصور الوسطى.

وكانت الفلسفة المدرسية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر تقدماً ثورياً في التفكير البشري أوفي إعادته إلى سابق عهده. ذلك حتى التفكير " الحديث " يبدأ بنزعه أبلار العقلية، ويسموإلى ذروته الأولى في وضوح تومس أكوناس ومغامراته، ويصاب بهزيمة مؤقتة على يد دنز أسكوتس، يفيق منها على يد أكاّم، ويستحوذ على البابوية حين يخضع ليوالعاشر لسلطانه، وعلى المسيحية حين يقبض على إرزمس Erasmus، ويضحك بأعلى صوته في ربليه، ويبتسم في منتاني، ويصخب في فلنير، وينتصر متهكماً في هيوم، ويحزن على ما فاته من نصر في أناتول فرانس. ولقد كان الاندفاع وراء العقل في العصور الوسطى هوالذي أقام هذه الطائفة من الفلاسفة المتهورين ذوي الأسماء اللامعة والعقول الباهرة.

سقط التوماوية

تأثيرها على الفكر اليهودي

الصلة بالفكر اليهودي

Thomas did not disdain to draw upon Jewish philosophical sources. His main work, the Summa Theologica, shows a profound knowledge not only of the writings of Avicebron (Ibn Gabirol), whose name he mentions, but also of most Jewish philosophical works then existing.


المدارس والتفاسير

الفيلسوف التوماوي المعاصر، إدوارد فسر، يلخص المدارس والتفسيرات المتنوعة للتوماوية في التصنيفات التالية.

التوماوية المدرسية الحديثة

التوماوية الوجودية

توماوية ريڤر فورست

التوماوية المتعالية

توماوية لوبلن

التوماوية التحليلية

طالع أيضاً

General
  • التوماوية التحليلية
  • Aquinas and the Sacraments
  • List of Thomist writers (13C. to 18C.)
  • Neo-Scholasticism
  • الفلسفة في كندا
  • Rule According to Higher Law
  • حكم القانون
  • School of Salamanca
  • Thought of Thomas Aquinas
Thomists
  • Alasdair MacIntyre
  • Benedict Ashley
  • Étienne Gilson
  • Jacques Maritain
  • John F. X. Knasas
  • Charles De Koninck

الهامش

  1. ^ http://maritain.nd.edu/jmc/etext/doctoris.htm Accessed October 25, 2012
  2. ^ الپاپا پيوس العاشر, Doctoris Angelici, 29 June 1914.
  3. ^ مجمع الڤاتيكان الثاني، Optatam Totius (28 October 1965) 15.

وصلات خارجية

  • (إنگليزية)(Latin) Complete works of St. Thomas Aquinas
  • (Latin) Corpus Thomisticum – his complete works
  • Bibliographia Thomistica
  • , a scholarly journal on Thomism
  • Introductory chapter by Craig Paterson and Matthew Pugh on the development of Thomism
  • The XXIV Theses of Thomistic Philosophy and commentary by P. Lumbreras, O.P.
  • Electronic Resources for Medieval Philosophy
Books
  • by Reginald Garrigou-Lagrange
  • by Richard Percival Phillips, a good introduction on the Thomistic philosophy of nature for students
تاريخ النشر: 2020-06-04 21:30:36
التصنيفات: Articles which use infobox templates with no data rows, إلهيات, Catholic theology and doctrine, Christian theological movements, حركات فلسفية, المدارس والتقاليد الفلسفية, الپاپا ليو الثالث عشر, Philosophy of religion, توماوية, مصطلحات مسيحية, الفلسفة المدرسية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 25 يناير 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:17
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

عرض فيلم «اتنين للإيجار» لبيومى فؤاد ومحمد ثروت اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:36
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

«فرانس24»: مصر تهدف إلى جذب 30 مليون سائح سنويًا بحلول 2028

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:42
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

سويسرا تتخلى عن الحياد التاريخي وتوافق على تصدير أسلحة لأوكرانيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:41
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

أعوان التعاضدية المركزية للبذور دون أجر للشهر الرابع

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:23
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 69%

ارتفاع أسعار النفط عالميًا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:41
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 70%

رجال المرور يوزعون الورود علي المواطنين في صباح ٢٥ يناير

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:27
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

طرح فيلم «المطاريد» لـ أحمد حاتم بدور العرض اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:36
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

في انتظار تحديد جلسة اخرى للنظر في مطالب رفع الحصانة

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:31
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

برنامج الجولة الافتتاحية لدور مجموعات كاس رابطة الأبطال الإفريقية

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:29
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 69%

تداول 17 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:24
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 67%

وفاة والد المطربة مى فاروق بعد صراع مع المرض: «أبويا مشى وسابنى»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:35
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

استعدادًا للكتيبة 101.. آسر ياسين فى جلسات عمل مكثفة للحاق برمضان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:35
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 55%

مصرع شخص وإصابة 2 فى انقلاب سيارة بأسوان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-25 09:21:24
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 52%

تحميل تطبيق المنصة العربية