سلطنة المماليك

عودة للموسوعة

سلطنة المماليك

سلطنة المماليك

1250–1517
الفهم المملوكي
شرق المتوسط، سنة 1450
العاصمة القاهرة
اللغات الشائعة العربية, قپچاق التوركية
الدين الإسلام
الحكومة ملكية
التاريخ  
• بموت السلطان أيوب
1250
• مسقطة الريدانية
1517
Preceded by
Succeeded by
العصر الأيوبي
الإمبراطورية العثمانية
Today part of  مصر
 السعودية
سوريا
 فلسطين
 لبنان
الأردن
 هجريا
 ليبيا
جزء من عن

التاريخ القديم
ما قبل الأسرات
عصر نشأة الأسرات
عصر الأسر المبكرة
الدولة القديمة
الفترة الإنتنطقية الأولى
الدولة الوسطى
الفترة الإنتنطقية الثانية
الدولة الحديثة
الفترة الإنتنطقية الثالثة
مصر الفارسية
العصر المتأخر
الفترة الفارسية الثانية
مصر الإغريقية والرومانية
الإسكندر الأكبر
مصر البطلمية
مصر البيزنطية والرومانية
مصر المسيحية
مصر البيزنطية
الاحتلال الفارسي
مصر الإسلامية
مصر الطولونية
مصر الفاطمية
مصر الأيوبية
مصر المملوكية
مصر العثمانية
مصر الحديثة
الحملة الفرنسية
أسرة محمد علي
خديوية مصر
سلطنة مصر
المملكة المصرية
الجمهورية
ثورة 25 يناير
بوابة مصر

سلطنة مماليك مصر، كانت آخر دولة مصرية مستقلة قبل تأسيس أسرة محمد علي عام 1805. تأسست السلطنة بعد سقوط الأسرة الأيوبية واستمرت حتى غزوالعثمانيين لمصر عام 1517.


التاريخ

صعودهم للسلطة

أسس المماليك في مصر والشام دولتين متعاقبتين كان مركزها (عاصمتها) القاهرة، الأولى: دولة المماليك البحرية، ومن أشهرهم عز الدين أيبك وقطز وبيبرس البندقداري وقلاوون ومحمد بن قلاوون، ثم تلتها مباشرة وبانقلاب عسكري قام به السلطان الشركسي برقوق الذي تصدى فيما بعد لتيمورلنك واستعاد ما احتله المنغول في بلاد الشام والعراق ومنها بغداد.

فبدأت دولة المماليك البرجيين الشراكسة التي عهد في عهدهم أقصى اتساع لدولة المماليك في القرن التاسع الهجري. وكان من أبرز سلاطينهم السلطان برقوق وابنه فرج واينال والأشرف بارسباي فاتح قبرص وقنصوه الغوري وطومان باي، وكان المقر الرئيسي للحكم في القاهرة.

كان هؤلاء المماليك عبيدا استقدمهم الأيوبيون، زاد نفوذهم حتى تمكنوا من الاستيلاء على السلطة سنة 1250 م. كان خطة هؤلاء القادة تقوم استقدام المماليك من بلدان غير اسلامية، وكانوا في الأغلب أطفالاً يتم تربيتهم وفق قواعد صارمة في ثكنات عسكرية معزولة عن العالم الخارجي، حتى يتم ضمان ولاؤهم التام للحاكم. بفضل هذا النظام تمتعت دولة الممليك بنوع من الاستقرار كان نادرا آنذاك.


بعد وفاة السلطان الصالح أيوب في المنصورة، وكانت الحرب مشتعلة في مصر ضد الفرنجة . بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا الذي غزا دمياط وكان ينوي الهجوم على القاهرة، اغتال مماليك الصالح أيوب ابنه توران شاه بعد حتى أتوا به من حصن كيفا بعد وفاة والده ليمسك العرش ويقود الجيش، وبعد انتهاء الحرب وأسر لويس التاسع، تكبر على مماليكه وعلى زوجة أبيه شجرة الدر فقتلوه في فارسكور وبقت مصر بدون سلطان. فاتفق المماليك على تسليم الحكم لشجرة الدر أرملة الصالح أيوب ونصبوها سلطنة بصفتها زوجة السلطان المتوفى وأم ابنه خليل، وكان قد توفي أيضاً، ولقدرتها على حماية مصر وتسييرها في تلك الظروف الصعبة. لم يعجب أيوبيوالشام ما وقع في مصر حيث كانوا يتطلعون لعرش مصر، فاتصلوا بالخليفة العباسي المستعصم بالله في بغداد فأوفد رسالة لمصر يسأل شعبها كيف من الممكن أن ينصبون سيدة سلطانة عليكم،يا ترى؟ إذا كنتم بحاجة لرجال نرسل لكم من عندنا. ومن العجيب حتى شجرة الدر حكمت مصر وكانت البلاد تمر بظروف حرجة واستطاعت هزيمة الفرنجة وحماية مصر بكفاءتها وذكائها، ولم يستطع المستعصم بالله حتى يحمي بغداد من المغول وكان يرسل لهم هدايا وأموال ليكسب رضاهم إلى حتى دخلوا بغداد وقبضوا عليه وأعدموه ورجاله.

كان المماليك لا يزالوا بحاجة لتأييد الخليفة ورضاه، فهداهم تفكيرهم إلى حتى تتزوج شجرة الدر أحدهم وتتنازل له عن العرش. فاختاروا الأمير عز الدين أيبك فتزوجها وأصبح سلطان مصر، ويعتبره المؤرخون بذلك أول سلطان مملوكي على مصر. بعد فترة عثر أيبك نفسه سلطان بلا سلطات وليس له أي تدخل في حكم مصر وكانت زوجته شجرة الدر هي الحاكم العملي لمصر والمماليك البحرية مستحوذين على البلاد، فأطاح بالكثير منهم وقاتل زعميهم فارس الدين أقطاي الجمدار، فهربوا على الشام والكرك، وكان من ضمنهم بيبرس البندقدارى اللى بقى سلطان سنة 1260 وقلاوون الألفي الذي كان قائد للماليك البحرية بعد بيبرس وأولاده السعيد بكرة وسلامش.

في عصر الدولة المملوكية تطور نظام المماليك في مصر وأصبح من يتولى إمارة منهم أميراً يمكن حتى يشتري مماليك جدد لحسابه الشخصي وينسبهم إليه، لكن بشرط حتى يصبح هوومماليكه الجدد موالين للسلطان. لكن ولائهم للأمير صاحبهم كان أبرز لديهم من ولائهم للسلطان بحيث إنه اذا انقلب الأمير على السلطان ظلوا موالين للأمير وانقلبوا هم أيضاً على السلطان.

كان المماليك يتميزون بالشجاعة والمهارة والولاء، وكان الحرس السلطاني (المماليك السلطانية) من أعلى طبقات المماليك، وكانوا قريبين من السلطان، وكان ذوي سلطة ومرشحون للوظائف الكبيرة، وحتى لوظفة السلطان نفسها بعد موته أوخلعه.

كانت حالة الرخاء في مصر تشجع الناس على بيع أولادها للسلطان والأمراء ليتمتعوا بالحياة في مصر. وأصبحت التجارة مربحة وكان التجار يترددون على مصر من بلاد الشام والشرق الأوسط يوردون المماليك ويقبضون الأموال، وكان هناك تجار من أوروبا عهدوا هذا النوع من التجارة المربحة فراحوا يوردون العبيد من الأوروبيين، وكان بابا الكاثوليك معارضاً لهذا فطلب التصدي لتجار العبيد الأوروبيين.

وأصبح المماليك القدامى يعينون المماليك الجدد في الجيش ويعينون أولادهم في الوظائف الكتابية والادارية في الدواوين. وتكونت من المماليك طبقة أرستقراطية منقسمة بين الأمراء، وأصحاب الوظائف العليا ويجمعهم النظام الأرستقراطي الذي كان مقصوراً عليهم.

سلاطين مصر الذين اتىوا بعد الجيل الأول مثل أولاد الظاهر بيبرس وقلاوون وأحفاده مثل الأشرف خليل والناصر محمد كانوا قد وُلدوا في مصر وتمصروا وكانوا يتحدثون اللهجة المصرية ومتشبعون بالعادات والثقافة المصرية. ونفس الأمر كان لأولاد الأمراء المماليك الذين لم يكن لهم وطن غير مصر. وفي أقوات الحروب والمعارك كان الأعداء يسمونهم مصريون، وكان هذا نفس موقف المؤرخون الغربيون في التعامل مع المماليك بعكس الكتابات العربية غير المصرية التي كانت تحاول الفصل بين المماليك والمصريين وفصلهم عن ثقافتها وتاريخها لتصوير فوزاتهم على انها لم تكن مصرية على الرغم من حتى عدد المماليك كان صغير في الجيش المصري وعلى الرغم من حتى المماليك كانوا مصريين لغة وثقافة .


الحروب مع المغول والصليبين

قام المماليك في أول عهد دولتهم بصد الغزوالمغولي على بلاد الشام ومصر وكانت قمة التصدي في مسقطة عين جالوت. بعدها وفي عهد السلطان بيبيرس (1260-1277 م) والسلاطين من بعده، ركز المماليك جهودهم على الإمارات الصليبية في الشام. قضوا سنة 1290 م على آخر معاقل الصليبيين في بلاد الشام (عكا).


تغير النظام

جندي مملوكي سنة 1810

أصبحت القاهرة مركزا رئيسا للتبادل التجاري بين الشرق والغرب، وازدهرت التجارة ومعها اقتصاد الدولة. قام السلطان برقوق (1382-1399 م) بقيادة حملات ناجحة ضد تيمورلنك وأعاد تنظيم الدولة من جديد. حاول السلطان برسباي (1422-1438 م) حتى يسيطر على المعاملات التجارية في مملكته، كان للعملية تأثير سيء على حركة هذه النشاطات. قام برسباي بعدها بشن حملات بحرية ناجحة نحوقبرص.

العثمانيون ونهاية حكم المماليك

منذ العام 1450 م بدأت دولة الممليك تفقد سيطرتها على النشاطات التجارية. أخذت الحالة الاقتصادية للدولة تتدهور. ثم زاد الأمر سوءا التقدم الذي أحرزته الدول الأخرى على حسابهم في مجال تصنيع الآلات الحربية.

سنة 1517 يتمكن السلطان العثماني سليم الأول من القضاء على دولتهم. ضمت مصر، الشام والحجاز إلى أراض الدولة العثمانية.

تمتع الممليك خلال دولتهم بشرعية دينية في العالم الإسلامي وهذا لسبيبن، تمكلهم لأراضي الحجاز والحرمين، ثم استضافتهم للخلفاء العباسيين في القاهرة منذ 1260.

استقلال المماليك عن العثمانيين

رسم لمملوك عام 1779.

نهاية سلطة المماليك في مصر

نظام الدولة المملوكية

الدولة المملوكية في أقصى اتساعها

بدأ الحكم المملوكي في عهد السلطانة شجرة الدر، وكان تولي سلطانة على مصر سابقة لم تحدث في مصر منذ عهد الملكة كليوباتر السابعة التي توفت عام 30 ق.م. ومن جهة أخرى تطور نظام الحكم في مصر تطوراً كبيراً في عهد المماليك حيث أصبح نظام الحكم قائم على النظام لم يكن قائماً على التوريث، لكن على اختيار الحاكم وكانت هذا شيئاً جديداً على مستوى مصر والشرق الأوسط بل والعالم أجمع في العصور الوسطى.

كانت الدولة المملوكية منظمة جداً. واستحدث المماليك أساليب جديدة للادارة ومصطلحات لم تكن موجودة في مصر من قبل. وكان على قمة رأس الدولة السلطان، والذي كان متربع على العرش بتفويض من الخليفة العباسي. ولما أحرق المغول بغداد واحتلوها وقتلوا الخليفة المستعصم، عُين الظاهر بيبرس خليفة بدلاً منه في القاهرة لاعطاء الشرعية لحكم المماليك. . وبتفويض الخليفة أصبح السلطان يسيطر على جميع السلطات التشريعية والتطبيقية والقضائية. وكان السلطان معتمد على قوة مماليكه وولائهم له وقدرتهم على كبح جماح مماليك الأمراء. ولذلك كان تاريخ الدولة المملوكية مليئاً بسلطان نصبوا أنفسهم على العرش بعدما تمكنوا من السلطة العملية وأصبح السلطان دمية في يديهم حتى يستطيعوا خلعه، إما بنفيه أوقتله. مثل ما وقع من السلطان السعيد بركة، ابن الظاهر بيبريس الذي عزله السلطان قلاوون وعين مكانه شقيقه الصغير سلامش، حتى استطاع وهوومماليك حتى يعزلوه، وجلس السلطان قلاوون على العرش. وحدث ذلك أيضاً للسلطان الناصر محمد من خطغا وبيبرس الجاشنكير. وسقطت حوادث مماثلة في ذلك العهد وليس فقط في سلطنة المماليك. ولم يكن نظام الحكم المملوكي وراثياً، سليم حتى بعد أولاد السلاطين المماليك قد ورثوا الحكم مثل السعيد بركة وسلامش أولاد الظاهر بيبرس وبعدهم أولاد وأحفاد السلطان قلاوون، لكن كانت العادة حتى أولاد السلاطين كانوا يوضعون على العرش حتى تهدأ الأمور، ثم يخلعوا ويجلس مكانهم أمير قوي، والذي كان في الأصل هوالحاكم الحقيقي المسيطر على الدولة قبل توليه الحكم. ولم يكن أيضاً اختيار الحاكم خاضع لارادة الشعب لكنه في حقيقة الأمر كان صراع بين الأمراء على عرش السلطنة حيث كان الأمراء يجتمعون ويتفقون على تنصيب السلطان، وبطبيعة الحال كان الأمير الذي يقع الاختيار عليه هوالأقوى وصاحب العدد الأكبر من الأتباع، أوالأضعف الذي يجلس على العرش ويتحكمون هم في شئون البلاد.

كان الحرس السلطاني أوالمماليك السلطانية أوالخاصكية، أبرز طوائف الممليك بالنسبة للدولة السلطانية. وكان السلطان يهتم بهم وكانوا ينفذون جميع أوامره، وكان يمنحهم الهدايات والاقطاعيات ليكسب رضائهم وولائهم، لأن سلطنته وحياته نفسها كانت متوقفة عليهم. وكان رئيس الحرس السلطاني يعتبر حاكم حقيقي وله مماليكه وقواده الذين كانوا يعينوا في وظائف هامة مثل وظيفة الدوادار، وهوالمسئول عن نقل الرسائل السلطانية بين جهات الولة، وكان يشرف على مراكز البريد والحمام الزاجل وكان معه ختم السلطان يسقط به على الرسائل والمستندات السلطانية، وفي غياب السلطان عن مصر كان يمسك الحكم، وكان المؤرخ الكبير بيبرس الدوادار واحد منهم. وفي بعض الأحيان كان رئيس الحرس السلطاني دواداراً. وكان الدوادار يتبع ديوان "أمير القلم" وكان هذا القلم تحت "ديوان الإنشا" الذي كان مسئولاً عن علاقات مصر بالدول الأخرى، وعن كتابة الرسائل لحلفائه المسلمين والمسيحيين خارج مصر، وكان جميع رسالة لها صيغة معينة تخط على أساس مكانة الملك أوالأمير الموجهة له. والمؤرخ محيي الدين بن عدب الظاهر كان من أبرز من ترأسوا ديوان الانشاء، واخترع صيغ كتابة لم تكن تستعمل من قبل.

وفي حالة عدم تولي رئيس الحرس السلطاني منصب الدوادار كان عادة يتولى إمارة الجيش ويأخذ لقب أتابك العسكر أوالأمير الكبير. وكان للقصر رئيس يشرف عليه اسمه "الأستدار" والمشرف على مخازن السلاح كان اسمه "السلحدار" ورئيس الإصطبلات كان يقلب "أمير آخور".

كان لكل طبقة من المماليك زي معين مصنوع من أقمشة غالية ومظرة بالمضى والفضة، وكانوا يصاحبون السلطان في المواكب الفخمة جميع جماعة مع أميرها وكان عامة الشعب يجتمعون لمشاهدة الموكب السلطاني.

في العصر المملوكي كانت مصر مقسمة إلى عشرين قسم، جميع قسم يتولاه والي. وكان الوالي هومندوب السلطان في القسم الذي يرأسه. وأهم والي كان والي القاهرة وكان أمير كبير يحكم القاهرة وضواحيها وكان اسمه والي الشرطة ووالي الحرب. بعد معركة الإسكندرية 1365 عُين في الإسكندرية نائب كبير للسلطان وأصبح بها كرسي سلطنة. وكانت أبواب قلعة الجبل، التي يعيش فيها السلطان وفيها مقر الحكم، لها والي أيضاً، فكان هناك والي القلعة وكان يشرف على باب المدرج أكبر أبواب القلعة، وكان هناك والي باب القلة.

بعد توسع الدولة المملوية خارج مصر كان السلطان يرسل أمراء للشام والكرك وغيرها، وكان اسمهم نواب السلطان. وكانوا يختلفون عن نائب السلطان المباشر في القاهرة الذي كان يلقب بكافل الممالك الشريفة، ومركزهم كان أقل منه بكثير ولا يملكون الصلاحيات التي كان يملكها، وكانت تقارب صلاحيات السلطان نفسه، وكان من حق كافل المماليك الشريفة حتى يسقط على مستندات السلطنة ويحرك الجيش من غير أمرس السلطان.

بقت الدولة المملوكية في مصر من 1250 حتى 1517، والماليك البحرية، ومعظمهم من أصل توركي، حكموا حتى 1382. أما المماليك البرجية، وكان معظمهم من أصل شركسي، حكموا من عهد السلطان برقوق حتى 1517. وكان طومان باي آخر سلاطين الدولة المملوكية حتى ولج العثمانيون مصر وبدأت عصر الدولة العثمانية وأصبحت مصر ولاية عثمانية. ويوم انتهى عصر المماليك خط المؤرخ ابن إياس قصيدة شعر بدايتها تقول.:

نوحوا على مصر لأمر قد جرى من حادث عمت مصيبته الورى


المماليك البحريون

مسجد السلطان حسن وجامع الرفاعي - القاهرة
  • 1250 شجرة الدر (بحكم أنها أرملة الصالح أيوب، سلطان مصر حتى وفاته)
  • 1250 المعز عز الدين أيبك
  • 1257 المنصور نور الدين علي بن أيبك
  • 1259 المظفر سيف الدين قطز
  • 1260 الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري
  • 1277 السعيد ناصر الدين أبوالمعالي محمد بركة خان (ابن الظاهر بيبرس)
  • 1280 العادل بدر الدين سلامش (بن الظاهر بيبرس)
  • 1280 المنصور سيف الدين قلاوون الألفى
  • 1290 الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون
  • 1294 الناصر محمد بن قلاوون فترة أولى
  • 1295 العادل زين الدين خطغا المنصور
  • 1297 المنصور حسام الدين لاجين
  • 1299 الناصر محمد بن قلاوون فترة ثانية
  • 1309 المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير
  • 1310 الناصر محمد بن قلاوون فترة ثالثة
  • 1340 المنصور سيف الدين أبوبكر بن الناصر محمد بن قلاوون
  • 1341 الأشرف علاء الدين كوجك بن الناصر محمد
  • 1342 الناصر شهاب الدين أحمد بن الناصر محمد
  • 1342 الصالح عماد الدين إسماعيل بن الناصر محمد
  • 1345 الكامل سيف الدين شعبان بن الناصر محمد
  • 1346 المظفر زين الدين حاجي بن الناصر محمد
  • 1347 الناصر بدر الدين أبوالمعالي الحسن بن الناصر محمد فترة أولى
  • 1351 الصالح صلاح الدين صالح بن الناصر محمد
  • 1354 الناصر بدر الدين أبوالمعالي الحسن بن الناصر محمد فترة ثانية
  • 1361 المنصور صلاح الدين محمد بن حاجي بن قلاوون
  • 1363 الأشرف زين الدين شعبان بن حسن بن محمد بن قلاوون
  • 1376 المنصور علاء الدين علي بن شعبان
  • 1382 الصالح زين الدين حاجى فترة أولى

المماليك البرجية

  • 1382 الظاهر سيف الدين برقوق بن أنس اليبغاوي، فترة أولى
  • 1389 الصالح زين الدين حاجي فترة ثانية (وكان لقبه الفخري المظفر أوالمنصور) - فترة مؤقتة عاد فيها حكم المماليك البحرية
  • 1390 الظاهر سيف الدين برقوق بن أنس اليبغاوي، فترة ثانية
  • 1399 الناصر فرج بن برقوق
  • 1405 المنصور عبد العزيز بن برقوق
  • 1405 الناصر فرج بن برقوق (فترة ثانية)
  • 1412 المستعين باللّه أبوالفضل العباسي (خليفة عباسي، ادعى بأحقيته بعرش السلطنة)
  • 1412 المؤيد أبوالنصر شيخ المحمودي
  • 1421 المظفر أحمد بن الشيخ
  • 1421 الظاهر سيف الدين ططر
  • 1421 الصالح ناصر الدين محمد بن ططر
  • 1422 الأشرف سيف الدين برسباي
  • 1438 العزيز جمال الدين يوسف بن برسباي
  • 1438 الظاهر سيف الدين جقمق
  • 1453 المنصور فخر الدين عثمان بن جقمق
  • 1453 الأشرف سيف الدين إينال العلائي
  • 1461 المؤيد شهاب الدين أحمد بن إينال
  • 1461 الظاهر سيف الدين خُشقدم
  • 1467 الظاهر سيف الدين بلباي المؤيدي
  • 1468 الظاهر تمر بغا الرومي
  • 1468 الأشرف سيف الدين قايتباي
  • 1496 الناصر محمد بن قايتباي
  • 1498 الظاهر قانصوه الأشرفي
  • 1500 البلال أيوب
  • 1509
  • 1500 الأشرف جنبلاط
  • 1501 العادل طومان باي
  • 1501 الأشرف قانصوه الغوري
  • 1517 العادل طومان باي

حروب مصر في عهد السلطنة المملوكية

كانت الحملة الصليبية السابعة عام 1249، بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا. بعدها دخلت مصر حروب بعيدة عن أراضيها ضد المغول والصليبيين. سقطت معارك كبيرة ضد المغول مثل معركة عين جالوت عام 1260 في عهد السلطان قطزر، ومعركة الأبلستين (1277) في عهد الظاهر بيبرس، ومعارك وادي الخزندار ومرج الصفر في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وأخذ طرابلس من الصليبيين وفتح عكا وساحل الشام في عهد السلطان المنصور قلاوون الالفى وابنه السلطان الأشرف خليل. بعدما انتهت الحروب وخفت المخاطر مصر عاشت مستقرة وبقت دولة غنية متطورة لها علاقات جيدة ومعاهدات مع الدول الأخرى.

نص كتاب سياسه المغول الايلخانيين تجاه دوله المماليك في مصر والشام (716-736هـ. 1316-1335 م.) انقر على الصورة للمطالعة

حملات الدولة المملوكية ضد العربان

المماليك في حملاتهم على العربان

داخل مصر خاضت الدولة المملوكية حملات ضد العناصر العربية اللي دخلت مصر وبقت فيها وأصبحت مصدر قلق وارهاب وخروج على الأمن والنظام وبتر الطريق ونهب المصريين في الصعيد على وجه الخصوص. وكان في مصر قبائل عربية تسللت واستقرت في الصعيد ومناطق الوجه البحري.

لعب العربان أدوار سيئة أثناء الحملة الصليبية السابعة 1249-1250، وتسببوا في سقوط دمياط بسهولة في أيدي الصليبيين بعد حتى وثق بهم الصالح أيوب ووضعهم بها لحمايها فهربوا وهجروها، فغضل الصالح عليهم بعدما خانوا الأمانة وأعدم عدد كبير منهن. وعند تقدم الصليبيون للمنصورة دلهم أحد العربان على مخاضةة في بحر أشموم عبروا عليها ليقوموا بهجوم مفاجئ على المعسكر المصري ، حيث اغتال فخر الدين يوسف القائد العام للجيوش المصرية، وكان يمكن حتى تقع مصر كلها في أيدي الصليبنيين لولا ظهور المماليك في المنصورة ومعهم الأهالي وتصديهم بنجاح للقوات الصليبية المهاجمة.

فى عهد السلطان عز الدين أيبك (1250 - 1257) كانت العناصر العربية في مصر مصدر تهديد وإرهاب للمصريين واستقرار مصر وأمنها، لكن أيبك أوفد لهم حملات تتبعتهم في مديريات الوجه البحري وقضى على قوادهم وسيطر عليهم وحد من جرائمهم وأعمالهم الفوضوية. ويحكي المقريزي: " وأمر المعز بزيادة القطيعة على العرب، وبزيادة القود المأخوذ منهم، ومعاملتهم بالعسف والقهر فذلوا وقلوا".

من أشهر حملات الدولة المملوكية ضد العربان كانت الحملة اللي قام بها الأمراء في عهد السلطان الناصر محمد عندما خرج العربان عن النظام وأشاعوا الفوضى في الصعيد وبتروا الطريق وفرضوا اتاوات على المصريين ونهبوهم، فادعى الأمراء أنفسهم أنهم مسافرين خارج مصر وقاموا بمناورة ذكية وأحاطوا بالعربان من جميع جهة وانقضوا عليهم بأربع فرق، وأحس العربان بالهجوم المفاجئ للعسكر، فلجأوا للجبال والكهوف لكن العسكر تتبعوهم وقتلوا جميع ما قابلوا منهم، واستطاعت بذلك الدولة حتى تسيطر عليهم، وتخلص المصريين من شرورهم..

يصف المؤرخ بدر الدين العيني حال العربان بعد تلك الحملة التي حمت مصر من العربان فيقول: "فانطفأت جمراتهم، وزالت مضراتهم، وتمهدت الأعمال تمهيداً واضحاً، وعاد من مفسدى العرب فقيراً صالحاً، وحمل أكثرهم السواك والسبحة، عوضاً عن حمل الرماح والأسلحة".

حياة المماليك

لم يكن المماليك عبيد بمعنى الحدثة وبمفهومها المعروف. ففي العصر المملوكي كان هناك مماليك وعبيد. ولم يكن المماليك يعملون في حفر الترع وحمل الطوب وخلاف مثل العبيد، إنما كانوا إما عسكر أوموظفين في الدولة. ولم يكن باستطاعة أحد امتلاك مملوك. فالمملوك يملكه أمير مملوكي بدرجة أعلى. وأحياناً كانت هناك مشاجرات بين المماليك والعبيد في مصر وقتها. وكانت العلاقات بين المماليك والسلطان أوالأمير علاقة أستاذية بمعنى حتى السلطان أوالأمير كان مفهماً لمماليكه، وكانت علاقة قوية ومتينة.

عندما يأتي المماليك المستجدين كان السلطان يرسلهوإلى الأطباء للكشف عليهم، وبعد الكشف الطبي كان يتسلمهم الطواشي ويسكنهن قلعة الجبر في معسكرات تسمى "الطباق"، ويتم تقسيمهم حسب جنسية جميع منهم والمكان الذي أتى منه. وفي الطباق كانوا يتلقون دروس في الدين واللغة وبعد فترة يبدأ تدريبهم على رمي الرماح واستعمال النبال وركوب الخيل.

كان السلطان يحدد لكل مستجد راتب نقدي يسمى "جامكية"، وكان يأخذ تموين شهري (لحم، خبز، زيت، ومستلزمات غذائية أخرى)، وبعد دخول المملوك في خدمة الأمير كان يمنح اقطاع، وهوريع من أرض زراعية، وكان اقطاع المملوك يزيد مع جميع ترقية. وبعد صعوده في الرتب يصبح أمير كبير ويُعين والي أونائب أوموظف دولة كبير، ويصبح من حقه حتى يتملك مماليك، ويكون جيش صغير يمكن حتى يصل لألف مملوك. جيوش الأمراء كانت تشكل جزء من جيش مصر، وكانوا عادة يعسكرون خارج القاهرة، بعكس مماليك السلطان الذين كانوا يعسكرون داخل القاهرة. كان مماليك الأمراء غير "أجناد الحلقة" الذين كانوا يمثلون الجزء الثالث من الجيش المصري وكانوا مماليك أحرار وُلدوا في مصر ومن عامة الناس.

أعلى درجة إمارة لمملوك كانت "أمير مية مقدمة ألف" وبعدها "أمير طبلخاناه" (وتعني أمير يُضرب له الطبل على بابه). وكان هناك أيضاً "أمير عشرة" و"أمير خمسة" وكانت درجات أقل. كان جميع أمير يعتبر بمثابة سلطان في إمارته، وكان الفرق بينه وبين السلطان في حجم الامتيازات التي يحصل عليها، وطبعاً كان الأمير يخضع للسلطان. وكان هناك الكثير من المصريين في الجيش وخاصة في أجناد الحلقة. ووقت الحروب كان المماليك يعلنون حالة الطوارئ وتسمى "النفير العام" وكان عامة الشعب يتطوع في الجيش ويمضىون للجبهة. وكان هناك مسيحيون ويهود مصريون كثيرون يعملون في الدواوين والادارات، وكان لهم نفوذ كبير ويمتلكون ثروات كبيرة.

المماليك الأحرار الذين وُلدوا في مصر كانوا مندمجين في المجتمع المصري ويتحدثون اللهجة المصرية، وعادة لم يكن لهم أي نشاط سياسي أوعسكري، وخرج من بينهم مثقفون وكتاب ومؤرخون كبار أمثال ابن أيبك الدواداري وخليل بن شاهين الظاهري وصارم الدين دقماق وابن تغري" وابن إياس وغيرهم كثير. تمصر المماليك وأصبحوا مصريين ولم يكن لهم وطن آخر غير مصر يعيشون فيه وينتمون اليه.


الثقافة

الإحتفالات والترفيه

الرحالة ابن بطوطة زار مصر في عصر السلطان الناصر محمد ووصف القاهرة بإنها أم البلاد.

كانت القاهرة في عصر المماليك أكبر بلد في العالم من حيث المساحة وعدد السكان. وصل عدد سكان القاهرة في القرن الرابع عشر إلى حوالي ثلاثة مليون نسمة . زار الرحالة ابن بطوطة القاهرة سنة 1324 في عهد السلطان الناصر محمد ونطق عنها:

«هي أم البلاد.. المتناهية في كثرة العمارة، المتباهية بالحسن والنضارة.»

عهد المماليك - مثل جميع العصور - كان للنيل دوراً كبيراً في الترفيه عن القاهريين، وكان الناس يخرجون للتمشية على شاطئ النيل ولشراء الفاكهة والحلويات وورد النرجس والبنفسك من الباعة، ويأجرون المراكب للنزهة. وكانت جزيرة الروضة من الأماكن التي يفضلها المصريين للنزهات. . وكانت هناك مناسبات يخرج فيها المماليك مرتدين أزيائهم الملونة الجميلة ويركبون المراكب والحراريق المتزينة، ويعزفون الموسيقى ويدقون الطبول وكانت الناس تمضى لمشاهدتهم وتقف على شاطئ النيل لمشاهدة الاستعراضات التي يقيمونها. وكان السلطان والأمراء كثيراً ما يخرجون لركوب المضىية والحراريق في القاهرة وكان العامة يتابعون موكب السلطان. وصف بن إياس ليلة من ليالي القاهرة المملوكية التي خرجت فيها مضىية السلطان وعامت من بولاق متزينة بالورود والأ‘لام واستقبلوها الأمراء بالطبل والزمامير عند المقياس بجزيرة الروضة، فنطق:

«بر مصر ومقياس يقابله ... كان التقابل بين النور والنور»

فى العصر المملوكى كان في مصر تلات إحتفالات كبيرة مرتبطين بالنيل، وهما عيد وفاء النيل، عيد الشهيد]]، عيد النيروز.

عيد وفاء النيل

المماليك يحتفلون بوفاء النيل

كان عيد وفاء النيل يبدأ يوم 26 بؤونة بقياس إرتفاع منسوب مية النيل، ثم يقاس المنسوب جميع يوم لفهم مقدار زيادة المياه بسبب الفيضان. وكان هناك منادي يسير في الشوارع ليطلع الناس على التطورات. وعند وصول مستوى المياه الى 16 ذراع، وهي علامة وفاء النيل، كانت الناس تستبشر وتفرح ويبدأ مهرجان شعبي كبير، وكان الناس تضئ القناديل والشموع ليلاً وتظل القاهرة كلها مضاءة والرقص والغناء في جميع مكان. وفي الصباح تنصب الموائد وعليها ما لذ وطاب من مشروبات ومأكولات وحلوى وفواكه، ويجئ السلطان أويرسل نائبه وتأكل الناس منها كما تشاء. وبعد انتهاء الطعام كان يبدأ احتفال وفاء النيل، ويركب الأمراء والمماليك المراكب المزينة بالأعلام والورود وتدق الطبول وتضرب الألعاب النارية في الهناء، ويركب السلطان مضىيته، ومن حوله مراكب الأمراء ومن خلفهم يخرج الناس بالمراكب والفلوكات، ويتجه الموكب إلى فم الخليج. وهناك كان السلطان يمسك معول من المضى وينقر به سد الخليج ثلاث مرات، وبعدها كان الناس يحفرون في السد إلى حتى تجري المياه في الخليج، ثم يعود السلطان لقلعة الجبل وتظل الاحتفالات مقامة في القاهرة.

عيد الشهيد

كان عيد الشهيد عيد قبطي له خلفية دينية لكنه كان يأخذ شكل مهرجان كبير لكل المصريين، حيث كانوا يشاركون فيه بغض النظر عن ديانتهم. وكان يقام هذا العيد على شاطئ النيل في شبرا الخيمة يومثمانية بشنس، وكانت شبرا الخيمة تعهد في ذلك الوقت بشبرا الشهيد وشبرا البلد. ويقول الأقباط حتى سبب المهرجان هوحتى مياه النيل لا يمكن حتى تفيض بدون حتى يأتوا باصبح أحد القديسيين، وكان يوضع في علبة بداخل كنيسة بشبرا، ويغسلوه في النيل. وفي يوم العيد كان المسيحيين يأتون إلى القاهرة ويخرج معهم سكان القاهرة ويتجمعون وينصبون الخيام على شاطئ النيل في شبرا، وبسبب تلك الخيام سميت شبرا الخيمة. . وأتي المغنون والراقصون والعربان ويدقون الطبول وتسهر الناس للاحتفال. في سنة 1301، منع السلطان بيبرس الجاشنكير الاحتفال بعيد الشهيد، لكن السلطان الناصر محمد كان معروف بحبه للمهرجانات والاحتفالات فأمر بعودة الاحتفال بالعيد مرة أخرى سنة 1337، ثم مُنع الاحتفال به نهائياً سنة 1353.

عيد النيروز

كان عيد النيروز هوعيد السنة القبطية في أول شهر توت. ويعتقد المؤرخون أنه عيد متوارث منذ أيام الفراعنة الذين كانوا يحتفلون به تكريماً للنيل. وبالتالي فكان عيد النيروز القبطي عيد لكل المصريين. وفي يوم العيد كانت الشوارح تكتظ بالناس وكان يقام كرنفال كبير يلف القاهرة حول إنسان يسموه "أمير النيروز"، كان يجلس على حمار ووجه مطلي بالجير أوالدقيق وعلى رأسه طرطور كبير. وكانت الناس تسير حوله ممسكة بالجريد الأخضر وسعف النخل وشماريخ البلح. وكان الكرنفال يلف على البيوت والدكاكين ويطلب أمير النيروز المال من أصحابها. وكانت الناس تجتمع في الشوارع تتقاذف البيض ويرشون المياه. وفي يوم العيد تصنع الحلوى مثل البسبوسة ولقمة القاضي ويتبادلها الناس كهدايا، وكانوا يأكلون فواكه معينة مثل البطيخ والخوخ والبلح. في عصر المماليك كان في مثلا ثلاثة وخمسين نوع من الحلويات على أقل تقدير.. مع مرور الأيام وتنقل مصر من عصر لعصر اختفى عيد النيروز.

كان هناك أعياد ومناسبات قبطية يشارك فيها المسلمون مثل عيد الميلاد في 29 كيهك. وكان يومها تدق أجراس الكنائس وتزين بالقناديل والفوانيس وكانت الناس تشتري الفوانيس والشمع الملون وتتفنن في تزيينه ويعلقونه في الأسواق وعلى الدكاكين. وكذلك عيد الغطاس في 11 طوبة، وكان المسلمون يشاركون في تغطيس الأطفال في المياه الباردة..

دوران المحمل

المحمل المصري في أوائل القرن 20.

كان لقب خادم الحرمين الشريفين من ألقاب سلاطين مصر في العصر المملوكي وكانت مصر ترسل كسوة الكعبة إلى مكة. وكان المحمل المصري يخرج حاملاً كسوة الكعبة من مصر للجزيرة العربية في وسط احتفال كبير اسمه دوران المحمل. كان لقب من ألقاب سلاطين مصر في العصر المملوكى وكات مصر بتكسى الكعبه في مكه. خروج الكسوه (المحمل المصري) من مصر للجزيره العربيه كان بيتم في إحتفال كبير إسمه دوران المحمل. كات الكسوه توضع على جمل متزين بالحرير الملون والفضه ويجوب المحمل لمدة ثلاثة ايام في شوراع وميادين القاهره والفسطاط مع أصوات الطبول أمامها فرسان مماليك في ملابس الأبهه على الخيل، وكان صغار الفرسان يخرجون لعمل الإستعراضات. وكانت الشوارع والدكاكين تتزين والناس تتابع المحمل. وكان المحمل بعد الإحتفالات ينطلق للحجاز يتقدمه الأمراء ويتبعه الحجاج والأطباءالمرافقين للمحمل . اول بدأ تقليد المحمل كانت شجر الدر، اخدته معاها تكسى الكعبه وهى في ذاهبة للحج. واول مره ينظم أحتفالية للمحمل كانت في عهد السلطان الظاهر بيبرس.

الترفيه والألعاب

سماع الحواديت ع القهاوى كان وسيلة ترفيه.

زائد الترفيه ومشاهدة استعراضات المماليك على النيل. وكانت الناس تقضي وقتها أيضاً على المقاهي ومسارح خيال الظل.

مقاهي السير والحكايات

كان في مصر مقاهي بها حكاواتية محترفون يحكوا الحكايات. وكان هناك مقاهي متخصصة في سرد حكايات الظاهر بيبرس السلطان المملوكي صاحب السيرة المشهورة. وكان اسمها مقاهي "الظاهرية"، وكان هناك مقاهي أخرى متخصصة في سرد حكايات أبوزيد الهلالي وكانت تسمى مقاهي الهلالية. وهناك مقاهي ألف ليلة وليلة وسيف بن ذي يزن وغيرها. . وضحت الدراسات حتى هناك جزء على الأقل من قصص ألف ليلة وليلة خط في مصر في العصر المملوكي. وكان الناس يمضىون للمقاهي ويستمعون للحكايات والسير التي تتخللها الموسيقى لساعات طويلة وينبهرون ببطل السيرة وانجازاته الخيالية.

خيال الضل

كان هناك وسيلة ترفيه أخرى هامة وهي خيال الظل أوطيف الخيال. وكان تعبير عن عرض بالعرائس المربوطة بحبال في طرفها عصى يحركها رجل محترف يسمى "المخايلي"، من وراء ستارة بيضاء مشدودة ومسلط عليها نور لمبة من الخلف. وكان الناس يشاهدون خيال العرائس وهي تتحرك. وكان خيال الظل من أبرز الفنون الشعبية وطريقة مفضلة للتسلية. وكانت تمثيلياته تعبر عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتاريخية بأسلوب سهل كوميدي. أشهر محرر لتلك التمثيليات كان ابن دانيال، وكان ممن هربوا وقت غزوالمغول لبغداد، واتى من الموصل إلى مصر سنة 1267 في عهد السلطان بيبرس. وكانت تلك التمثيلية تسمى "بابات"، وكان بها شخصيات شهيرة لدى الناس مثل عجيب الدين الواغظ، عواد الشرماط، ناتوالسوداني، مبارك الفيال، وأبوالعجيب صاحب الجدي، وغيرهم. وكان يظهر فيها حيوانات وطيور مثل الخرفان، الثيران، والديوك.. وبجانب خيال الظل كانت تقام عروض للأراجوز.

ورق لعب من العصر المملوكي.

وكان في الشوارع أشخاص يصطحبون حيوانت مدربة لتقديم العروض الترفيهية مثل القرادتية والدبابتية، وكان هناك البهلوانات وكانت تقام مبارايت مناطحة كباش ومناقرة ديوك وكانت الناس تحتشد لمشاهدة تلك العروض، وفي الليل كانت هناك عروض مفتوحة للغناء والرقص.

مجالس الفهم

بالنسبة للمثقفين والفهماء كانت هناك مجالس الفهم وكانت تعبير عن اجتماعات يناقشون فيها الدين والسياسة وأحوال البلاد. وكانت تلك المجالس مزدهرة في العصر المملوكي لأن سلاطين المماليك بوجه عام كانوا من محبي الفهم والأدب ومن مشجعوه. ومن المماليك أنفسهم خرج فهماء ومؤرخون كبار مثل ابن تغري. مدح ابن خلدون الدولة الدولة المملوكية من تلك الجهة، ونطق انها كانت من محاسنها وآثاراها الجميلة الخالدة. .

كان الأقباط يشاركون في الحياة الثقافية وخرج منهم مؤرخون كبار مثل ابن العميد، والمفضل ابن أبي الفضائل، وابن الدهيري وغيرهم. وكان هناك عائلة مثقفون اسمها "ولاد العسال وخرج منها أبواسحق بن فخر الدولة العسال، ومن مؤلفاته كتاب عن قواعد اللغة القبطية.

مجالس الطرب

كانت تقام مجالس للشرب والطرب تعزف فيها الموسيقى وتنشد الاغاني ويأتي الناس لمشاهداتها ولشرب القمز (لبن خيل حامض)، والبوظة والمزر (مشروب من الذرة أوالقمح) . كان المصريون في العصر المملوكي يحبون الموسيقى والغناء، وكانوا يمضىوللأماكن التي تقام فيها، وحتى عند خروجهم بالمراكب في النيل كانوا يأخذون معهم الآلات الموسيقية والمغني. وكانت الأفراح صاخبة ومليئة بالغناء والرقص وكانت هناك قاعات مخصصة لهذا الغرض تأجر لاقامة الأفراح. . خط الرحالة ابن بطوطة عند زيارته لمصر في العصر المملوكي عن المصريين أنهم: "ذووطرب وسرور ولهو".

كانت مصر المملوكية متفتحة ومستنيرة وفيها توليرانسيه وخاصة في أوقام الاستقرار مثل عهد السلطان الناصر محمد الذي عمر مصر بمباني وحدائق وأصحبت من أجمل بقاع العالم، وكان عهده مليئاً بالاحتفالات والمواكب والاستعراضات.


الألعاب

كان في مصر المملوكية ألعاب مثل الزهر، الشطرندج وأوراق اللعب. وكان المماليك يحبون رياضة الرماية والسباحة والفروسية وكان لديهم رياضة اسمها الكوره تشبه رياضة الپولوالمعاصرة، وكانت تقام مبارياتها في الميدان تحت قلعة الجبل. في سنة 1218 افتتح السلطان الناصر محمد في القاهرة الميدان الناصري، وكان ميدان واسع تقام فيه عروض الخيل. وكان ذلك الميدان موجود في حي جاردن سيتي المعاصر.

الآداب والفنون

الآداب

نص كتاب الادب العربي وتاريخه في عصر المماليك والعثمانيين والعصر الحديث. انقر على الصورة للمطالعة.

ازدهرت الحركة الأدبية في العصر المملوكي ازدهاراً كبيراً. فقد نشأت مدرسة مصرية شهيرة اختصت بتأليف الموسوعات في شتى النواحي الأدبية والسياسية والتاريخية والاجتماعية والإنسانية.

ورأس هذه المدرسة في مصر، شهاب الدين النويري، صاحب الموسوعة الشهيرة باسم نهاية الإرب في فنون الأدب. وقد بلغ من قيمتها وموسوعاتها حتى ترجمت للغة اللاتينية منذ القرن الثامن عشر. ويعد بن دانيال، الأديب والطبيب القبطي، من أشهر أدباء مصر في العصر المملوكي، (توفى عام 710هـ / 1310م)، وهوصاحب أول محاولة لمسرحيات خيال الظل في العصور الوسطى. حيث جمعت مثل هذه المسرحيات بين الشعر والنثر الفني. كما حتى قصص ألف ليلة وليلة قد احتوت على مواد مصرية قصصية كثيرة يمكن تحديد تاريخها بالقرنثمانية هـ/ 14 م.

وفي العصر المملوكي كان السلاطين والأمراء وكبار الجاه يرون تقريب الفهماء والشعراء مظهراً من مظاهر الشرف والنبل. فكانت منازلهم وقصورهم موئلاً للأدباء والشعراء.

وازدهر النثر الفني والشعر، حيث تم الاحتياج إلى الكتاب في ديوان الإنشاء، وبرع في ذلك الأديب بن عبد الظاهر (توفي 692 هـ/ 1293 م)، حيث عينه بيبرس محرراً للسر بديوان الإنشاء.

ويعكس شعر العصر المملوكي كافة جوانب المجتمع المملوكي السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية المتنوعة.

كما ازدهرت المناظرات الأدبية والشعرية المتنوعة، ومن أشهر شعراء العصر المملوكي بن الجزار وبن الوراق والمناوي المصري. واشتهر الصلاح الصفدي كأحد أبرز مؤلفي الموشحات في العصر المملوكي.

اللغة

اتى المماليك إلَى البلاد العربية أطفالاً ويافعيْن، وتفهموا من العربية – العامية – ما يُيسِّرُ لهم أداء واجباتِهم (الدينية خصوصاً)، وغالباً ما استُخدموا متُرجميْنَ لَهم، وكان لِجهلهم دورٌ في لجوء الأدباء إلَى العامية وابتعاد الشعراء عن البلاط، لذا كان الشعراء المحترفون قلةً، وتراجعتِ اللغة العربية على صعيد الاستخدام الأدبِي لمخالطة اللغات الأعجمية لها، فاللغة الفارسية سيْطرتْ على العراق وفارس، وظهر مع المماليك الأدب التُّركي الذي لَم يكن مكتوباً فأخذ من الأدب العربي والفارسي، فأثَّرت هذه العوامل على اللغة العربية، فالأتراك يتحدثون الهجرية المتعددة اللهجات كلغة (الغُز)، وبم يعفروا من العربية إلاَّ ما يَخدم واجباتِهمُ الدينية، وحاولوا الكتابة بالعربية فكان لهم تأثيْرٌ سلبِيٌّ عليها، وكذا كان شأن الفرس.

الشعر

ارتبطت المناسبات التاريخية وآثار مصر في العصر المملوكي ارتباطاً وثيقاً بالشعر. فقد مدح السلطان بيبرس البندقداري عند افتتاح المدرسة الظاهرية، ومدح السلطان برقوق شعراً عندما تم افتتاح مدرسته في بين القصرين. ونطق ابن إياس شعراً في السلطان الغوري بعد فراغه من بناء مصطبة وان لم يخل الشعر حول الغوري من هاتى.

وعندما سقطت إحدى منارات مسجد السلطان حسن (762 هـ / 1361 م) واعتبر الناس ذلك نذيراً بزوال الدولة، حتى سارع الشاعر بهاء الدين السبكي (توفى 773 هـ / 1372 م) ليجعل من ذلك بشير سعد للسلطان والدولة إذا ما سقطت المئذنة إلا إجلالاً للقرآن الذي يقرأ تحتها.

أمَّا البلاط فلم يعدِ الشعراء يتكسبونَ من الشعر، لعدم فهم الحكَّام الشعر فأُغلق الباب في وجههم، وكانَ الأعيان الأغنياء كذلك، فانكفأ الشعراء على أنفسهم، وامتهنوا المهن والحرف كالكحَّال والجزَّار والورَّاق وغيْر ذلك، فأضحى الأدب هوايةً يُمارسونَها أحياناً، فأنتجتْ أدباً مختلفاً عن العصور السابقة، فلم يعد في قصائدهمُ المقدمة الطلليةُ والنسيبُ مثلاً، وكثُرتِ المبترات لأنَّها استجابةٌ لدفقةٍ شعوريَّةٍ سريعةٍ، وكان الشاعر يضع نصب عينيهِ المتلقِّي الجاهل لقلة الثقافة حتَّى ولوكان المتلقِّي وزيراً، ولذا شاع في شعرهم السهولة والوضوح وامتزاج العامية بالفصحى، وانتشرت الصنعةُ والمبالغةُ والتكلُّفُ، وهي موجودة في العصر العباسي ولكنَّ أدباء هذا العصر بالغوا فيها لمحاولة مجاراة الأقدميْن، فاستخدموا جميع المحسنات البديعية والصنعة البيانية، وصارت الألفاظ قريبةً من العامة، واستمرتِ الأجناسُ الأدبيةُ السابقة كالغزل والمدح (الذي قلَّ لعدم وجود الحكَّام العرب) والرثاء وغيْر ذلك.

كان الشعراءُ المحتَرفونَ قلةً حينها، فلم يعودوا يتكسبونَ بالشِّعْرِ لعدم فهْمِ الحكَّامِ والنبلاءِ (الأغنياءِ – الأعيانِ) الشعرَ، فأُغلقَ البابُ أمام الشعراءِ، وأوَّل من أحسَ بِهذا التغييْرِ الشعراء الذيْنَ استشعرُوا أنَّهمْ محاصرونَ فالبلاطُ مغلقٌ في وجوههِم لكونِ الحاكمِ غريباً لا يفهمُ العربيَّةَ فلا يَهتزُّ للمدحِ ويُغدقُ العطايا، كما وجدوا الجمهورَ جاهلاً غارقاً في الأميَّةِ، فتقسقطُوا وصاروا يخطونَ شعرَهم في مناسباتٍ كهوايةٍ، ويكرِّرونَ أنفسَهمْ في الأغراض التقليدية بِما حفظوهُ من التُّراثِ، وحاولُوا تفسيْرَ قصور إنتاجِهمُ الأدبِيُّ عند مقارنتهِ بأدبِ الازدهارِ، وكانوا مقتنعيْنَ بِما نسميِّهِ الدوافعَ والأسباب، وهذا الدافعُ إمَّا خارجِيٌّ وإمَّا داخلِيٌّ، نطق أحد الشعراء:

أنَـا فِي جيْـلٍ خسـيْسِ وقَـبِـيْـلٍ وزمـانِ
أمـدَحُ السلطانَ كَيْ يصـْـبِـحَ مَـالِي فِي أَمـانِ
أكـذا كـانَ أبُـوتَمَّـا مٍ قَبْـلِي وابْـنَ هانِي

فيلقي باللائِمةِ على أبناءِ عصرهِ، ويَمدحُ السلطان ولَمْ يَجِدْ كأبِي تَمَّامٍ وابنِ هانِئٍ من يتبنَّاهُ ويُغدقٌ عليهِ العطاءَ، فيمدحهُ خوفاً على مالهِ وحسب.

شاعَ حينذاكَ ما يُسمَّى بالمصادرةِ، حيثُ يأمرُ السلطانُ بأخذِ أموال الناسِ وتَجريدِهمْ منها، كما كانَ الْمُصادَرُ يُعذَّبُ بِما خبَّأهُ من أموالٍ عن عيونِ السلطانِ، وكانتِ المصادرةُ تضمُ العوامَّ والشعراء والأمراء وأصحاب المناصب، يقولُ أحد الشعراءِ:

لِمَنْ أبوحُ بشعري حيْنَ أنظمُهُ أمْ من أخِصُّ بِما فيهِ مِنَ الزَّبـَدِ
إمَّا جَهُولٌ فلا يدري مواقعَـهُ أوفاضلٌ فهْولا يَخلُومِنَ الحسدِ

فعامةُ الناسِ جاهلةٌ لا تعهدُ قيمة الشعرِ، والعارفُ بهِ يقف ضد الشعرِ حسداً، فلا يَجدُ من يَفهمُهُ ففضَّلَ السكوتَ. وهناكَ هوَّةُ ثقافيَّةٌ بيْنَ طرفيِنِ لَم يعودا متفاهِميْنِ، ولوكانَ تقصيْرٌ في الشعرِ فلأنَّ الظروفَ لا تساعدهُ، يقولُ الشاعرُ عن قلَّةِ الإنصافِ:

نطقوا:

رفضْتَ كلامَ الشِّعْرِ مطَّرِحاً فقلتُ : من قلَّةِ الإنصافِ في زمنِي
لا المدْحُ يورثُـنِي مالاً أُسَـرُّ بهِ ولا الْهِاتىُ إلَـى مولَـىً يقرِّبُنِي

وتكلَّمَ آخرونَ عن نظريَّةِ الدوافعِ والأسبابِ، فلا ثوابَ على المدحِ ولا اعتذارٌ فماتتْ موهبتُهمْ لعدم وجود الأسباب، يقولُ السرَّاجُ الورَّاقُ:

وكانَ النَّاسُ إنْ مُـدِحُوا أثَـابُوا ولِلْكُـرماءِ بِالْمَـدحِ افْتِـخارُ
وكانَ العذرُ منْ وقْـتٍ لـوقْتٍ فَصِرْنَـا لا عَطـاءٌ ولا اعتِذارُ

ويسخرُ الشاعرُ أبوالحسيْنِ الجزَّارُ في النصفِ الثانِي من القرن السابع للهجرةِ من ممدوحٍ هجرِيٍّ لا يفهمُ العربيَّةَ، مجسداً الهوة الثقافيةَ :

وكَمْ قابلْـتُ هجرياً بِمدحِـي فكادَ لِما أُحاولُ منـهُ يَحنقْ
ويلطِمُنِي إذا ما قلْتُ ( ألطِنْ ) ويرمقنِي إذا ما قلْتُ (يرمِقْ)

وتسقطُ حُـرمتِي أبَداً لديْـهِ|فلوأنِّيْ عطسْتُ لنطقَ (يَمشِقْ)

استخدمَ حدثاتٍ هجريَّةٍ لبيانِ مدى الهوَّةِ الثقافيَّةِ بيْنَ الطرفيْنِ، فليسَ لأبياتِهِ قيْمةٌ فنيَّةٌ سوى تَجسيْدِ ما كانَ يَحصلُ بيْنَ الطبقةِ الحاكمةِ والمحكومةِ.

فالشعرُ أصبحَ هوايةً لا احتِرافاً وصارَ لكلِّ شاعرٍ مهنةٌ، فالسرَّاجُ الورَّاقُ كان ينسخُ الخطِ، والبوصيْري افتـتحَ كتَّاباً لتعليْمِ الصبيانِ، وأبوالحسيْنِ الجزَّار كانتْ مهنتهُ الجزارةَ وبيَّنَ أنَّهُ بعملهِ الجديد أصبحتِ الكلابُ ترجوهُ لتأكلَ، بينَما كان بالشعرِ يقصدُ الكلابَ وهي توريةٌ للأغنياءِ، فيقولُ:

لا تلمنِي يا سيِّـدي شرفَ الدينِ إذا ما رأيتنِي قَـصَّابـا
كيفَ لا أشكرُ الْجزارةَ ماعشْـتُ حِفاظاً وأرفضُ الآدابا
وبِها أضحَتِ الكلابُ تَرجينِى وبالشعرِ كنْتُ أرجوالكلابا {{{2

هنا استخدمَ حدثاتٍ من معجمهِ الخاصِّ كاستخدام (ترجينِي) بدل (ترجونِي).

ونلحظُ التكلفَ عندَ الشعراءِ، فالشاعرُ شهاب الديْنِ أحْمد بن عبد الله الدمشقِي المعروف بابن عرب شاه، خط سيْرة (عجائب المقدور في سيْرة تيْمور)، وكانَ الشاعرُ من رهائنِ تيْمور في حملتهِ على الصيْنِ وعاد بعد وفاتهِ، وأرَّخ الأحداث في الكتاب بلغة السجعِ وفيهِ تكلُّفٌ زائدٌ، ويَخلطُ بيْنَ الفصحَى والعاميَّةِ والتُّركيَّةِ والفارسيَّةِ، ويسوِّغُ في خاتِمةِ الكتابِ هذا الأسلوب، فنطقَ: (قلْتُ مضمِّناً شعراً:

والفكْرُ كالبحْرِ يبدي لِي جواهرَهُ *** مع الصَّفاءِ ويُخفيها معَ الكَدَرِ {{{2

ويقولُ: (هذا وإنَّ الكلامَ لهُ مقاماتٌ، ولكلٍّ من الفصاحةِ والبلاغةِ درجاتٌ) وقدْ قيلَ:

إذا أحسسْتَ في لفظِي قصوراً وخطِّي والبَرَاعَـةِ والبَـيانِ
فلا ترتبْ لِفهمِي إنَّ رقصـي على مقْـدارِ إيقاعِ الزَّمـانِ

ويقولُمنها أنَّ الأفهامَ كانتْ مدركةً، وكذلك كانتْ قريْحةُ المتكلِّمِ متحرِّكةً، لقدْ صارتِ الأفهامُ جامدةً، والقرائِحُ خامدةً)، فهوَ على تأخُّرهِ يُدركُ قواعد الفصاحةِ والبلاغةِ ويطبِّقُها، ويشيْرُ أنَّهُ لواتىَ بغيْرِ طريقِ السجعِ لرُفضَ كتابهُ، ويعترفُ بأنَّ العجزَ ليسَ من الآخرِ وإنَّما من الطرفيْنِ معاً.

وخرقَ الشعراءُ قواعد القصيدةِ التقليديَّةِ علَى عدَّةِ مستوياتٍ: هيكل القصيدةِ، والمعجم اللغوي، والموضوعات، فالبوصيْري صاحب المدائِحِ النبويَّةِ كانَ فقيْراً اشتغلَ مدرساً في مجلسٍ أقامهُ، ثُمَّ عرض عليهِ صديقٌ وظيفة الحِسبة وهي دينيَّةٌ فرفضها لأنَّهُ لا يفهمُ فيها ولا يريدُ دخول عالمَ الفسادِ فنطقَ:

لاتظلمونِي وتظْـلِموا الحسبةْ فليسَ بينِي وبينها نِـسبةْ
غيْريَ في البَيْعِ وَالشِّرَا دَرِبٌ وَليس في الْحالتيْنِ لِي دُرْبَةْ
ما سِـوى حرفةِ الكتابةِ لِي مِـنْ وَطَرٍ أبتغِي ولا إربةْ
وَالشِّعْرُ مِيزَانُـهُ أُقَـوِّمُـهُ وليس تَنْقامُ مِنْه لِي حَدْبَةْ

خرقَ القواعد الشعريَّةِ بِمزجِ العاميِّ بالفصيْحِ، وخرقَ التراكيبَ حيْنَ جعلها عاميَّةً، وقدَّمَ وأخَّرَ كيفما اتفقَ، ونطق أبياتُهُ عند الانفعال بالموقفِ كمعظم الشعرِ في عصرهِ، وأدركَ هؤلاء الشعراءُ قاعدة (لكلِّ مقامٍ منطقٌ) واستغلُّوها فدخلَ موضوعه مباشرةً، وتدنَّى المعجمُ اللفظيُّ كثيْراً فخلطهُ بالألفاظِ العاميَّةِ ليوصلَ كلامه لكلِّ الناسِ فالمقامُ يقتضي ذلكَ، كما استخدمَ التراكيبَ العاميَّةَ بألفاظٍ فصيحةٍ مثل (فليسَ بينِي وبينَها نسبةْ). ولَمْ تكنْ قصائِدهُمْ مبتراتٍ فقطْ بل هناك قصائد طويلةٌ، كقصيدة البوصيْري عشيةَ العيدِ ولَمْ يكنْ لأولادهِ ثيابٌ وطعامٌ فقصدَ أحد المتنفذِّيْنَ قائلاً:

يا أيها المَوْلَى الوزِيرُ الذي أيَّامُـه طَـائـعَـة ٌ أمْـرَهْ
ومنْ لهُ منـزلة ٌ في العُلا تَكِلُّ عَنْ أوْصافِـها الفِكْرَةْ
إليكَ نَشْكُوحَـالَنا إنَّـنا حاشاكَ من قومٍ أُولِي عسْرةْ
في قِـلةٍ نَحنُ ولكـن لنا عَـائلة ٌ فِي غَـايةِ الكَثْرَةْ

وتَقعُ القصيدة بيْنَ ستيْنَ إلَى سبعيْن بيتاً، يستجديْ المولَى الوزير العربِي ويشكوفقر عيالهِ فبعدَ المقدمةِ يشرحُ أحوالَ أبنائِهِ في العيِدِ وليسَ عندهمْ شيءٌ:

وأقبَلَ العيْـدُ ومـا عِنْدَهُم قَمْـحٌ ولا خـبْزٌ ولا فِطْرةْ

وينتقلُ من الدراما المحزنةِ إلَى المواقفِ المضحكةِ لينالَ مطلبَهُ، في مشهدٍ مسرحيٍّ فأخت زوجتهِ الميسورة تُحرِّضُ زوجتهُ عليهِ، فيقولُ على لسان الأخت:

قومِي اطلبِي حقَّكِ منهُ بِلا تَخلُّفٌ مِـنْكِ ولا فَـتْـرَةْ
وإنْ تأبَّى فخُـذي ذقْـنَهُ ثُمَّ انتفِـيها شعْـرةً شعْـرةْ
فهَـوَّنَتْ قدري فِي نفسِها فاتىتِ الزَّوجَةُ مُحْـتَـرَّةْ
فاستقبلتْـنِي فهـدَّدْتُهـا مِـنْ أوَّلِ الليلِ إلَى بكْـرَةْ

تُمثِّلُ القصيدةُ نفساً شعرياً خاصاً، فلجأ للمبالغة المحببة كشعراء عصرهِ على طريقة الكاريكاتيْر في عصرنا، فهمْ يبالغونَ في الأمرِ إلَى حدِّ السخريةِ، واستخدمَ المعجمَ اللغويَّ الذي يَجمعُ العاميَّ والفصيْحَ لأنَّ المقامَ يقتضي هذا الموضوعَ، وعندما يستخدمُ تعبيْراً فصيحاً يَختارهُ من أدنَى التعبيْراتِ إلَى العاميَّةِ، لأنَّ المرسِلَ يتوجَّهُ إلَى متلقٍ (مُرسَل إليهِ) أقربُ إلَى الجاهل ولتصلَ إليهِ الفكرةُ اعتمدَ على قواعدِ الرسالةِ. والتقاطعُ بيْنَ شعراءِ هذا العصرِ واضحاً، ليسَ في أسلوبِ القولِ وطريقتهِ في المعجمِ اللغويِّ وحسب ولكن أيضاً في الموضوعات، فالمحورُ الأساسيُّ في حياتِهمُ الفقْرُ المدقعُ والجهلُ المطبقُ للجمهورِ، عملى مستوى الموضوعاتِ نذكرُ على سبيل المقارنة الجزَّار والورَّاق، فأبوالحسيْن الجزَّار يتحدَّثُ عن نصفيةٍ (ستْرة) ولفقرهِ يغسلُها بالنشاء الذي يقوِّي نسيْجَ الثوبِ، مستخدماً التعابيْر والألفاظ العامية فيقولُ:

لِي (نصفيّةٌ) تُـعَـدُّ مـنَ الـعُـْمـ ـر سنيناً، غسلتُها ألفَ غسلةْ
لا تسلنِي عنْ مُـشْتَـراها فـفـيهـا منذُ فصَّلتُها نشـاءً بِجُـملةْ
كـلّ يَـومٍ تُـكَـابِـدُ الـعـَصْـر والـدقَّ مراراً ولا تُقِرُّ بِـعـمْلةْ

هذا الموضوعُ نَجدهُ عند الورَّاق حيثُ التقاطعُ المدهشُ بينهما فيشكوالجوخة لباس الفقراءِ وعبَّرَ بأسلوبٍ ساخرٍ على لسانِها عن حال النفاقَ في عصرهِ:

هـذَا وجُـوخَتِي الزرقاءُ تَحسبُهـا مِنْ نسـجِ داودَ في سَرْدٍ وإتقانِ
قلَّبْـتُـها فغَـدتْ إذْ ذاكَ قائِـلَةً سُبْحـانَ قلبِي بَـلاَ قلبِي وأبلانِي
إنَّ النِّفـاقَ لَشـيءٌ لسْتُ أعـرفُهُ فكيفَ يُطـلَبُ منِّيَ الآنَ وَجْـهانِ

وهناكَ تقاطعٌ في المسكنِ، فصاحبُهما ابنُ دانيال الكحَّال كان يشارِكُهُما في كلِّ شيءٍ، واهتمَّ بتأليف تَمثيلياتٍ بسيطةً كوميديَّةً عن خيال الظلِّ، فيصفُ بيتَهُ في قصيدةٍ طويلةٍ فوصفَ بيتهُ وأثاثهُ ليدلَّ على فقرهِ، فتناولَ الموضوعَ على طريقة الشعراء الظرفاء، ويَختـتمُ بوصفِ ثوبِهِ المرقَّعِ، ومنها:

أصبحْتُ أفقرَ من يروح ويغتدي ما في يدي من فاقةٍ إلاَّ يـدي
في منـزلٍ لم يَحْوِ غيْري قاعِداً فإذا رقدْتُ رقدْتُ غيْرَ مُمدَّدِ
لَمْ يبقَ فيه سِوى رسومِ حصيْرةٍ ومِخَدَّةٍ كانَـتْ لأمِّ الْمُهتدي
ملقىً على طرَّاحَةٍ فِي حشْـوها قَمْلٌ كمثلِ السُّمـسم ِالمتبدِّدِ
والفأر يَركضُ كالخيولِ تسابقتْ منْ كلِّ جرداءِ الأديمِ وأجرَد
هذا ولِي ثوبٌ تَــراهُ مرقَّعـاً مِنْ كلِّ لونٍ مثل ريشِ الهدهدِ

ولغتهُ فصحى سليمةٌ مع استخدام بعض الألفاظ العاميَّةِ، وتقاطعَ معه في موضوع السكنِ ابن الأعمَى المتخصص بوصف الأماكن والأثاث، فيقولُ:

دارٌ سكنْـتُ بِهَا أقـلُّ صفاتِها أنْ تكثُرَ الحشراتُ في جَنباتِها
الْخيْرُ عنْها نَـازِحٌ مُـتَـبَاعِدٌ والشرُّ دانٍ مِنْ جَميْعِ جِهاتِها

وبعد المقدمةِ الاستهلاليَّةِ يتابعُ على طريقةِ الشعراء الظرفاء تضخيْمَ العيوبِ ويسهبُ في وصفِ الحشراتِ ويَختمُ ببيتٍ كالمطلعِ في حسن الختام، ومنها:

من بعضِ ما فيها البعوضُ عدمته كم أعدمَ الأجفان طيبَ سباتِها
وتبيْتُ تسندُها بَـراغيْـثُ متَى غنَّتْ لَها رقصتْ على نغماتِها
وبِها ذبابٌ كالضبابِ يسدُّ عيْــنَ الشَّمسِ ما طربِي سوى غنَّاتِها
وبِها منَ الْجرذانِ ما قَدْ قصَّرَتْ عنهُ العِـتاقُ الجرْدُ في حملاتِـها
دارٌ تبيْتُ الْجِـنُّ تَحرسُ نفسَها فيها وتندِبُ على اختِلافِ لغاتِها

ففي قصيدتهِ الطويلةِ ثلاثة أمورٍ اهتمَّ بِها النقَّادُ في العصرِ المملوكي، وهيَ: المطلعُ والمبترُ وحسنُ الختامِ، وشاعريتهُ في اختياره بَحْرٌ متناغِمٌ هوالكاملُ والقافيةُ وبراعتهُ في التصويرِ، ويتقاطع مع ابن الأعمى في وصفِ الجرذانِ التِي تَمرُّ مسرعةً لعدم وجود أثاثٍ يعيقُ حركتها، وفي بيت الختام يلخِّصُ الموضوع فالجنُّ تَخشى السكنَ في دارهِ فكيفَ هو؟

وأضافوا موضوع السخرية وهي ليستْ هاتىً كالأدبِ القديْمِ بل سخريةٌ من أنفسِهمْ، وخاصةً السخريةُ المرَّةُ في أحلكِ المواقفِ، فالبوصيْري عمل مرَّةً في ديوان الحسابات الذي يتطلَّبُ إجراء بعض العمليات الحسابيَّةِ، وكانَ غالباً بيْنَ يدي أهلِ الذمَّةِ وكانُوا لا يرغبونَ بهِ فهجرهمْ ساخراً منهم:

يغالِطُنِي بعضُ النصارى جَهالةً إذا أُوْجِبَ الْمُلغَى وألغى الْموجِبا
وما كانَ مَنْ عدَّ الثلاثةَ واحِداً بأعلَمَ منِّيْ في الحسابِ وأكْـَتَبَـا

فطعنَ في عقيدتِهم ساخراً من معهدتِهم بالحسابِ لأنَّهم يعتبِرون الثلاثةَ (الأب والابن وروح القدس) واحداً رغم اختلافِها، من قبيل الفكاهةِ لاالتعصبِ. ولهُ قصيْدةٌ مشهورةٌ نال من مسؤولِيْ مصرَ عندما عاقبَ حاكمُ صنعاء بعض الشيوخِ بِحلقِ أنصاف لُحاهمْ، وهوعقابٌ نفسيٌّ فنطق مستهزئاً ساخراً:

إنَّ حلقَ الذقنِ خيْرٌ للفتَى يا بنِي الأعْـمامِ منْ أنْ تنتفا
وَالذي حَلَقَ أنصافَ اللِّحى كانَ في الأَحكامِ عَدْلاً مُنصِفا
حَلَّقَ النصفَ بذنبٍ حاضرٍ وعَـفا بالنِّـصفِ عمَّا سلفا

وموطنُ السخريةِ أنَّ هجر اللحى علامةً على التُّقَى، وحلقها علامةً على الذنبِ والإساءةِ، فهولَم يكن متعصباً دينياً بل ناقماً على المسؤوليْن المذنبيْنَ.

والمطيةُ عندهم دلالةٌ على المكانة الاجتِماعيَّةِ فِي عصرِهمْ، وكانت الخيولُ حكراً على الطبقةِ الحاكمةِ، وكانتْ هناك اسطبلاتٌ مشهورةٌ للسلطان تَهتمٌّ بالخيول، وأقل الأمراء مرتبةً يركبُ جواداً واحداً، وعامة الناسِ لهمُ الحميْرُ أولا شيْءَ، وللقضاةِ والشيوخِ وموظفيْ الديوان ُ البِرْذونُ –كالبغلِ- وكانتْ المطيَّةُ عند الشعراءِ انعكاساً لحالتِهم، فيسخرُ ابن دانيال من مطيتِهِ ليصفَ الأحوال الاجتِماعيَّةِ والاقتصاديَّةِ لعصرهِ:

قدْ كمَّلَ اللهُ برذونِي بِمنْـسيرةٍ وشانَهُ بعدما أعْماهُ بالـعَرَجِ
أسيْرُ مثلَ أسيْرٍ وهوَ يعرجَ بِي كأنَّهُ ماشياً يَنْـحطُّ من دَرَجِ

واشتهرَ الجزَّارُ بِحمارهِ من خلال وصفهِ لهُ، فكانتْ قصتهُ طريفةً حيْنَ رثاهُ بقصيدةٍ طويلةٍ وشاركهُ زملاؤهُ في التعزيةِ، وذكرض علاء الدينِ الصفدي أنَّهُ اطَلعَ على خمسيْن صفحةً في حمار الجزَّار، وأراد الشعراء النيلَ من ظروف حياتِهمُ الاجتِماعيَّةِ، فيقولُ الجزَّارُ:

هذا حِمارٌ فِي الحميْرِ حِمارُ فِي كلِّ خَطْوٍ كَبْوَةٌ وعثارُ
قنطارُ تبْنٍ في حَشاهُ شعِيْرةٌ وشعيْرةٌ فِي ظهـرهِ قِنطارُ

وبراعتهُ في جعله لحماره مرتبةً بيْنَ الحميْرِ كالمراتبِ بيْنَ الناسِ، والسخريةُ في تعثرهِ الدائِم وعدم شبعه وعجزه عن حَمْلِ شيءٍ، وبدوأنَّهُ نطق ذلك قبلَ حتى ينفقَ فلمّا توفي رثاهُ كرثاء السلاطيْن وشاركه الناس في تعزيتِهِ، وأراد برثائِهِ أنَّه أفضلُ من رثاء أمراء عصرهِ، وبدأ ببَراعةِ الاستهلالِ قائلاً:

ما كـلُّ حـيْنٍ تنجحُ الأسفارُ نفقَ الْحمارُ وبارتِ الأشعارُ
خَرجي على كتفي وها أنا دائرٌ بـيْنَ البيوتِ كأنـَّنِي عطَّارُ
ويعرضُ محاسنَ حمارهِ كرثاءِ الأعيانِ: لَمْ أنسَ حـدَّةَ نفسه وكـأنَّهُ مِنْ حتى تسابـِقُه الرياحُ يغارُ
وتَخـاله في القَـفْرِ جنًّا طائراً مـَا كلُّ جنٍّ مثـْلهُ طـيَّار

ويَختمُ قصيدتهُ الطويلةَ بقولهِ:

لَمْ أدرِ عـيباً فِـيـهِ إلا أنَّـه مَعَ ذا الذكاءِ ينطقُ عنه حِمارُ

ولَمْ يتخلَّ الشاعرُ عن الخطاب الشعري المعروفِ في عصرهِ، فيَخلطُ بيْنَ العاميَّةِ والفصحى في المفرداتِ والتراكيبِ، وغرابة الموضوع حمارٌ لهُ جميع هذا الرثاء والمديح، لكنَّ المقام وظروف الشاعر وأصحابه دفعتهم لِهذا، ونراهمْ يشاركونَه رثاء الحمار فيْرسلُ البوصيْري إليهِ ساخراً بِمعنَى يكفينا وجودكَ:

فلا تأسَ يا أيُّهذا الأديـْبُ عليهِ فللموتِ ما يُولَدْ
إذا أنْتَ عشْتَ لنا بعْـدَهُ كفانا وُجودَكَ ما يُفقدْ

والسخريةُ أنَّ الجزار يُجيبُهُ قائلاً:

مَنْ ماتَ في عزَّةٍ استراحَ ومَنْ خلَّفَ مثلَ الأديبِ ما ماتا

فالسخريةُ كانتْ مناسبةً لَهم لتفريغِ طاقاتٍ كامنةً، وكانتِ الموضوعات البسيطةُ هيَ التِي تثيْرُ اهتِمامهم، ومن الموضوعاتِ التِي كانوا يتخيَّرونَها الشكوى والهاتى ولكن بِخلاف الشعر القديْمِ، فابن دانيال شكتْهُ زوجتهُ للقاضِي فحكمَ عليهِ، فراحَ يشتمُ القاضي ويشرح حالهُ مع زوجهِ، فنطقَ:

قلْ لقاضي الفسوقِ والأدبارِ عضــدِ البُـلهِ عمدةِ الفجَّارِ
والذي قد غدا سفينةَ جهلٍ ولـه مِـنْ قُـرونِهِ كالصَّواري
بكَ أشكومن زوجةٍ صيَّرتنِي غَـائباً بيْنَ سَـائرِ الْحضَّـارِ
غبْتُ حتَّى لوأنَّهُمْ صفعونِي قلتُ باللهِ كفُّوا عن صفْعِ جاري

وهذه الأبياتُ تُمثِّلُ حالة الشرودِ عندهُ، فلا يشعرُ بالصفعِ ويَحسبهُ لجارهِ، وينتقلُ لتصوير مشهدٍ مختلفٍ في هاتىِ نفسهِ وهنا تقاطعَ مع الحطيئة، فنطقَ:

ولكمْ قد رأيْتُ في الماءِ شيْخـاً وهوَ جَـاثٍ في الجبِّ كالعيَّـارِ
شيْخُ سوءٍ كالثَّلْجِ ذقْـناً ولكنْ وجـهُـهُ في سـوادِهِ كالقَـارِ
أشبـَهُ النَّاسِ بِي وقدْ يُشبِهُ التَّـ يْـسُ أخـاهُ فِي حَـوْمـةِ الجـزَّارِ
فاعترانِي رعبٌ وناديْتُ ما كنْـــتُ إخالُ اللصُـوصَ فِي الأزيارِ
ثُمَّ أثخنْتُ ذلكَ الزيْرَ ضـربـاً بِحُسامِي حتَّى هـوَى لانْكِسـارِ

يذكِّرنا بِهجومِهِ على الزيرِ محارباً صورته برواية دون كيشوت ومحاربة طواحيْن الهواء وبتران الماشية، كما تقاطعَ مع الحطيئة في هجائهِ لنفسِهِ عندما نظرَ لصورتهِ في الماءِ، ويبالغُ في الصور لتتفرغَ طاقاتهُ الشعريَّةُ ليظهرَ براعتهُ الشعريَّة، وكانت السخرية كشعراء عصرهِ للقاءةِ أحوال المجتمع وأعوانه. إذاً في شعر هذه الفتْرةِ النصف الثانِي من القرن السابعِ للهجرةِ، تعامل الشعراء بنَمطٍ مخالفٍ للقواعد الشعرية التقليدية، فتعاملوا مع القصيدة البسيطة التِي يدلُّ مطلعها على مضمونِها، والمعجمُ اللفظيُّ فصيْحٌ يَحتوي ألفاظاً عاميةً وأنزلُوا الفصحى منْزلة العاميَّةِ، وكانتْ موضوعاتُهم جديدةً غريبةً كالثياب والسكن والمطية، عبَّروا من خلالِها عن الوضع الاجْتِماعي والسياسي وانتَهى هذا الأسلوبُ بوفاتِهم، وتقاطعوا فيما بينَهم في الطريقةِ وكأنَّهم تَخرجُّوا من مدرسةٍ واحدةٍ، فكانَ خطابُهم الشعريُّ واحداً كأنَّه لرجلٍ واحدٍ، وتوخوا البساطةَ والصور الطريفةَ، والمبالغة المحببة في بعض صورهم، ومن منظورنا الحديث فقد صرفوا اهتِمامهم إلَى الرسالةِ لتصل المتلقِّي في عصرهم ذي الثقافة المتواضعةِ أوالجاهلِ، واختفى هذا التيار بعدهم. أمَّا شعر القرن الثامنِ للهجرةِ فلَمْ يتغيَّرْ حال الشعر والشعراء والذي تكرَّرَ طريقةُ الخطاب، فالشاعر المصري ابن نباتة المعاصر لصفي الدين الحلي وجدَ بلاطاً كبلاط سيف الدولة الحمدانِي للمتنبِّي، وهوبلاط أبي الفداء الأيوبِّي حاكم حَماة وكان بدوره أديباً وشاعراً ومحرراً، فكان ابن نباتة يَمدحهُ ويمدح ابنه الأفضل من بعده ويرثي أقاربه، وكانَ يشعرُ أنَّه في غيْر عصره، فنطقَ يشكو:

فكفَى من وضـوحِ حالِي أنِّي فِي زمانِي هذا من الأدباءِ
ضاعَ فيهِ لفظي الْجهيْرِ وفضلِي ضيعة السيفِ في يدٍ شلاَّءِ

يشكوضياعَ أدبِهِ بيْنَ معاصريهِ ويرى الزمانَ غيْر زمانهِ أي حتىقد يكونَ في عصر الازدهارِ، ويؤمنُ بِما آمنَ بِهِ أسلافهُ كشاعرٍ محترفٍ فيخاطبُ أبا الفداء:

ولَمَّا بعثْتَ المالَ عـفْواً مهنِّئاً تزيَّدَ هذا الشعرُ حسناً مُجدَّدا

وبعد وفاةِ أبِي الفداءِ ينتقلُ ابن نباتة إلَى الاستجداءِ والتكسب بشعره، ولا يَختلفُ استَجداؤهُ عن غيْرهُ، فيقولُ في قصيدةٍ طويلةٍ:

يا صـاحبَ السرِّ وفِي ذكرِهِ لِلْمسكِ سرٌّ غيْرُ مكتومِ
عطفاً على ميتٍ من الفقْرِ قدْ أصبَحَ فِي حالَـةِ مرحُومِ

وصاحب السر من ألقاب صاحب ديوان الإنشاء وكان عربياً حصراً فاستجداؤهُ للعرب لا للتُّرك، فموضوعاتهُ لا تَختلفُ عن سابقيهِ من حيثُ الاستجداء وشكوى الفقرِ، ولَم يَخرجْ في خطابه الشعري عن الأسلوب التقليدي للقصيدةِ لأنَّهُ ملتزمٌ، وتَختفي من شعره الظرافةُ فيستجدي بِجفاءٍ وإلْحاحٍ ويدخل موضوعه بأسلوبٍ فَجٍّ مباشرٍ وهذا فرقٌ كبيْرٌ بينه وبيْن أسلافهِ، وخطابه موجَّهٌ لفردٍ لا لعامة الناسِ لذا كان الممدوح يَملُّ من الطلبِ دونَ تقديْمِ شيءٍ مُميَّزٍ، ويعرِّضُ بالأثرياء الأشحَّاء الذيْن يدَّعونَ كرههم لنظمهِ وهم في الحقيقة يكرهونَ استجداءهُ، فيقولُ:

نطقوا كرهْنا منهُ مدَّ لسانِـهِ واللهِ ما كرهُوا سوى مدِّ اليدِ

وفي القرن التاسعِ الهجريِّ نَجدُ الشاعرَ ابن مليكٍ الحمويِّ وهوأقربُ لسابقيِهِ من الشعراء في موضوعاتِهم فيقولُ عن خصومهِ الذيْنَ يَحطونَ من قيمتهِ:

إلَى متَى تَخفضُ الشعراءُ قدري وتـحملُ السُّها من كانَ دونِي
ومَـاذا تبتغي الشـعراءُ منِّي وقـدْ جاوزْتُ حدَّ الأربعيْـنِ

وكانَ على اطلاعٍ واسعٍ في الثقافة العربيةِ، فبيته الثانِي لشاعرٍ مخضرمٍ فقط بدَّل (تبتغي) إلَى (تدري)، ويشكوالفقر على أسلوبِ الشعراء الظرفاء قائلاً:

قد كانَ لِي صوفٌ عتيْقٌ طالَما قدْ كنْتُ ألبسُهُ بغيْـرِ تكلُّفِ
اليومَ لِي قد نطقَ حيْنَ قلبتُـهُ قلبِي يُحدِّثُنِي بأنَّكَ مُتْـلِـفِي

هنا يتقاطعُ مع الشعراء الظرفاء، فيشكوفقره بصوفته التِي يلبسها دائماً مضمناً أبياتاً لابنِ الفارضِ ليثبتَ موهبتهُ وزيادة الطرافة في قصيدتهِ، ولا تَختلفُ بقيةُ أشعارهِ عن أسلافِهِ في موضوع الاستجداء، فنطق بلغةٍ فصيحةٍ تشهد تراجع العاميَّةَ يستجدي مولَىً شاكياً جوعه وأنَّ الأدب لا ينفعهُ:

مولايَ عزَّ الطلبُ وبِي أضرَّ السَّغبُ
ولَم يكنْ لشقوتِي عـنِّي يُغنِي الأدبُ

وهنا تناصٌّ (تقاطعٌ) مع الأدباء، ويقولُ مستجدياً على طريقة الجزَّار وعصره في قصيدةٍ طويلةٍ بلغةٍ فصيحةٍ لم تكنْ مستعملةً في عصرهِ، فيقولُ:

إليْكَ جئْتُ قـاصِداً يا غايتِي ويا قصـدِي
بِالبِرِّ قدْ أوعـدتِنِي فَـأوفِ لِي بالوعـدِ
فَمـا ببـتِي سبدَةٌ ولـبْـدةٌ ما عنـدي
كلاَّ ولا مـنْ فارةٍ بـهِ ولا مِـنْ جَـردِ

في البيتِ الأخيْرِ يتقاطعُ مع أسلافهِ فالسابقونَ كَان الفأرُ يسرح عندهم وهوليس عنده فأرٌ، ويَختلفُ مع أقرانهِ في اللغةِ والتصويرِ الفنِّي لكنَّ الموقف نفسه فلا يستجدي ولا يَمدح ولكن وفاءً بالوعدِ ما يطلبه، واختلف الخطابُ الشعريُّ باستخدام أسلوب الشعراء القدماء وعاد للتراث في المثل العربِي (ما عنده سبدة ولا لبدة)، وفي سيرة امرأة اشتكت للأميْرِ (أشكوإليكَ قلة الفأر في بيتِي) فملأَ بيتها طعاماً، فهويستجدي لا يَمدحُ لأنَّهُ كانَ من الهجَّائيْنَ عندما لا يِجدُ من يعطيهِ فيهجوالناسَ بِمثل هذا المعجمِ:

أذمُّ إلَى الزمـانِ أُهيـلَ سوءٍ يرونَ الغيَّ من سُبُـلِ الرشادِ
تراهمْ من أشدِّ الناسِ حـرصاً على الشيءِ الملفَّفِ بالبِجادِ
يبيْتُ نزيْلُهمْ غرثانَ يطـوي ومُضطجعاً على شوكِ القَتادِ
فأكْـرمُهُم وأنـداهمْ بغـاثٌ جَـمادٌ فِي جَـمادٍ فِي جَمادِ

فالرسالةُ موجَّهةٌ لأديبٍ مثقفٍ لا للعوامِّ لكون المعجمِ جاهلياً فصيْحاً يبتعدُ عن العاميَّةِ ولا يتناسبُ مع العصرِ، ويستعيدُ من التراثِ سيرة الأحنف بن قيسٍ سيد بني تَميمٍ حيْنَ مازحهُ معاوية بسؤالهِ عنِ البجاد الذي تُعيَّرُ بهِ تَميمٌ، فأجابهُ (السخينة) وهوطعامٌ لقريش تأكله في المجاعاتِ وتُعيَّرُ بهِ، فالشاعر رغم كون المقام لا يقتضي ذلك يستعرض ثقافته التراثية، ويُمكنُ عدُّ ابن مليكِ في المنطقة الوسطى بيْنَ ابن نباتة والقرن التاسع للهجرة، باستخدام ألفاظٍ متخيَّرةٍ من الجاهليةِ والإسلام، فاختار رسالةً للمثقفيْنَ بالثقافةِ الإسلاميَّةِ، وكانَ يبْرعُ في البحرِ المجزوءِ ليكسبَ شعره الموسيقى والروح البسيطة.

النثر وفن الكتابة

كان النثر في العصر المملوكي على قسميْنِ: مسجوع (مقيد) ومرسل (مطلق)، وقد يُنسبُ التكلفُ والتصنُّعُ إلَى العصر المملوكي، وهذا ظلمٌ فقد ظهر قبل ذلكَ بوقتٍ طويلٍ في كتابات المعري كرسالة الغفران، وبلغت قمة التصنع في مقامات بديع الزمان الهمذانِي وتابعه الحريري في مطلع القرن السادس الهجري، وهذه المقاماتُ أشدُّ تكلفاً مِما نعهده من النثر في العصر المملوكي.

أسلوب القاضي الفاضل: كان محررَ ديوانِ الإنشاء ِ عند صلاح الدين الأيوبِي، وكان أسلوبه في الكتابة هوأسلوب العصر خاصةً الكتابة الديوانية (دواوين الدولة)، ويتسمُ بالتصنُّعِ باستخدام التورية وأنواع البديع الأُخرى، وأثَّر في كتَّاب عصره كثيْراً في طريقته وأسلوبه، وكان له تلامذةٌ أشهرههم:

1- العماد الأصفهانِي أوالمحرر (ت597هـ): بيَّن أسلوبه في رسالةٍ وجهها إلَى القاضِي الفاضل منها: (وأنا موردٌ رسالةً جامعةً، مانعةً ناصعةً، وقدْ وفيتها حقها من التجنيسِ والتطبيقِ والترصيعِ، واللقاءةِ والتوشيْعِ)، كأسلوبِ أستاذهِ، وهويَهتمُّ بِموضوعِ البديعِ وهونوعانِ: معنوي يتعلق بِمعنَى الكلامِ كالطباقِ، ولفظي يتعلقُ بِموسيقا الكلامِ كالجناسِ، والبديع لا علاقة له بفصاحةِ الكلامِ، وإنَّما يزيدهُ حسناً إذا سقطَ في مسقطهِ، والتطبيق التناقض بالمعنَى، والترصيع أشبه بالطباقِ ولكنه في غيْر نقيضيْنِ مثل (الرحيق والحريق)، واللقاءة أكثر من طباقٍ في الفقرة الواحدةِ، والموازنةُ تساوي الفاصلتيْنِ كقوله تعالَى: (وَنَمارِقُ مصفوفةٌ*وَزَرَابِيُّ مبثُوثةٌ)، والتوشيع الذي كثر في العصر المملوكي هوإيرادُ لفظِ تثنيةٍ يتلوه مفردانِ يدلانِ عليهِ مثل (الأصفرانِ المضى والفضةِ، والأبيضانِ الملح والسكر)، وكان العمادُ المحررُ يسيْرُ على جوادٍ جوار أستاذهِ القاضِي نطق لأستاذهِ: (سرْ فلا كبا بكَ الفرسُ) فردَّ عليهِ القاضِي: (دام علا العماد)، والعبارتانِ تُقرأانِ طرداً وعكساً، وهذا يدلُّ على كلفِ الكتَّابِ بالصنعةِ التِي لا تَخدمُ النص الأدبِيَّ.

2- ضياء الدين بن الأثيْر الجزري (ت637هـ): عربِي من جزيرة ابن عمر في الفرات، من أبرز كتَّاب العصر وأدبائهِ، تتلمذ على يد القاضي الفاضل، ولكنه تَمرد عليهِ ورفض أسلوبه ونطق فيهِ: (إنه من التكلفِ، والتكلفُ يضرُّ الكتابةَ)، وكان حاد الطباع وسبَّب مشاكل سياسيةٍ في ديوان ابن صلاح الدين في دمشق، وكان يتقنُ عدة لغاتٍ كالفارسيةِ واليونانيةِ والسريانيةِ وله (المثل السائر،في أدب المحرر والشاعر)، يَهدفُ فيهِ لِهداية الكتّاب إلَى أفضل طريقٍ للكتابة الفنيةِ والأدبيةِ، ويتألف من مقدمةٍ ومنطقتيْنِ، وضع في مقدمته آراءً نقديةً خرجتْ عن آراءِ عصرهِ، ومنها:

أولاً- أصل اللغةِ: كان يُقدس العربية ورآها وضعيةً؛ هناك من وضعها جُملةً واحدةً وانْتَهَى، وبالغَ في تعصبهِ للعربيةِ ورأى أنَّ واضع العربيةِ نظر في جميعِ اللغاتِ واختار أفضل الألفاظِ وأجملها وجعلها في العربيةِ فكانتْ زبدة اللغاتِ في جودتِها وفصاحتِها، فلفظة (جمل) مثلاً في العبرية (كوميل) حذف واضع العربيةِ الثقيل المستبشع ونطق (جمل) فصار خفيفاً حسناً، إلى غير ذلك يقيس بيْن العربية واليونانيةِ وانتقد الفارسية، ورأى حتى النحوالعربِيَّ ليس ضرورياً في معظم الأحيان: (إذا نظرنا إلى ضرورته وأقسامه المدونة وجدنا أكثَرها غيْر محتاجٍ إليهِ في إفهام المعانِي)، وطالبَ بتخفيف تعقيداتِ النحوِ.

ثانياً- بالنسبةِ للنثْرِ: انتقدَ الأساليب التِي تقيِّدُ الناثر، فالشاعرُ مقيدٌ على عكس الناثرِ بسبب قيود القافية والعروض، وانتقد أسلوب أستاذه والمقامات ونطق: (إنَّها من غاية التكلفِ)، ورأى أنَّ هناك في اللغةِ ألفاظاً مَمجوجةً غريبةً فمثلاً (الغصن والعوسج) لهما المعنَى نفسه ومن يَختار الغريب عاجزٌ بالكتابة العربيةِ، وانتقد كتَّاب عصرهِ ونصحهم حتى يتزودوا بأدوات الكتابة وحفظ القرآن والحديث الشريف وأخبار العرب ودواوين بعض فحول الشعراء، وتحدث عن تَجربتهِ الشخصيةِ: (وقدِ اكتفيْتُ في هذا بشعر أبِي تَمام حبيب بن أوس، وأبِي عبادة بن الوليد وأبي الطيب المتنبِّي) لبراعتِهم.

ثالثاً-بالنسبةِ للشعرِ: رأى حتى نظم الشعر عند الفرس مثلاً أيسر منه عند العرب، لخلوالنظم عندهم من القافية والروي والبحر.

رابعاً- عندَ المفاضلةِ بيْنَ الشعراءِ: رأى الشعراء المحدثيْن أكثَر ابتداعاً للمعانِي وألطف مأخذاً وأدق نظراً لأنَّهم رأوا ما لَم يرهُ المتقدمونَ.

خامساً- في موضوع السجعِ (في الناحيةِ الكتابيةِ): انتقدَ السجعَ ورأى التصريعَ في الكلام المنظوم (لأنه في الكلامِ المنظوم كالسجع في الكلام المنثور) ورآهُ مقبولاً على ألاَّ يُكثَر منهُ، وشرط السجعِ حتى تكونَ كلُّ عبارةٍ تَحملُ معنَىً جديداً وإلاَّ صار من الإسهاب والتكلُّفِ، والألفاظ المسجوعة يَجبُ (أن تكونَ حلوةً طنانةً، حادةً رنانةً، لاغثةً باردةً)، وأنقد يكونَ اللفظُ خادماً للمعنَى، وفرَّقَ بيْنَ التكلفِ والصنعةِ.

كتابهُ نوعٌ من الثورةِ على موضوعاتٍ كثيْرةٍ في الكتابةِ، واستدعَى سلسلةً من ردود الأفعال تَمثلتْ في سبعةِ خطٍ اتىتْ بعده، أشهرها (الفلك الدائر، على المثل السائر) لابنِ أبِي حديدٍ المعتزلِي ألفهُ بإيْحاء من ابن العلقمي وزير المستعصم آخر خلفاء العباسييْن، وآخر الردود عليهِ في العصر المملوكي لصلاح الدين الصفدي (نصرة الثائر، على المثل السائر) وكانَ رداً عنيفاً ضد ابن الأثيْرِ، ثُمَّ ينتقلُ من المقدمة إلَى منطقتيهِ الأولَى والثانية:

الموضوعة الأولَى: اختصتْ باللفظِ المفردِ أي تناول اللفظ خارج السياق من حيثُ قبحهُ وحسنهُ، وحاولَ حتى يفسر استخدام لفظٍ وهجر آخر مع أنَّهما بِمعنَى واحدٍ، وتطرقَ إلَى التنافر اللفظي حيث حروفٌ يَحسنُ اجتِماعها وأخرى يَحسنُ تباعدها، وتطرق إلَى الألفاظِ عندما تُركَّبُ فتناول نظرية الألفاظ الحسنة والألفاظ القبيحة، ودخل في موضوعاتٍ لسانيةٍ وصوتيةٍ، وانتقل إلَى المعاظلة اللفظية وهوأمرٌ ينتجُ عن بناء الألفاظِ وتكرار الحروف على نَحوٍ لَم تعهده العرب مثل قول امرئ القيس (مستشزراتٍ)، وتَحدثَ عن المعاظلة المعنوية الناتجة عن هجريب الجملة كالتقديْم والتأخيْر.

الموضوعة الثانية: بعنوان (في الصناعة المعنوية) وهي موضوع البلاغة والفصاحة، وتناول اللفظ المركَّب وكتابه مبنِيٌّ على ثنائية اللفظِ والمعنَى، وتناول أكثَر من ثلاثيْنَ نوعاً بيانياً، لينتهيَ الكتاب بِموضوع السرقات الشعرية، ويقارن بيْنَ القديْمِ والحديث ويرى المحدثيْنَ أوسع آفاقاً من القدماء. الشهاب محمود (ت725هـ): أشهر كتَّاب العصر المملوكي وكان مخلصاً لأسلوب القاضي، وألَّف (حسن التوسل، إلَى صناعة الترسل) وما يهمنا منه (النثر الديوانِي) والذي يتعاملُ بهِ ديوان الإنشاء وهوالممحررات والمراسلات الرسمية من الديوان إلَى الأنطقيْم، وكانتْ لها قواعد صارمة لا يَتجاوزها المحرر وغالباً هي في الشكل لا المضمون، فهناك: 1) التواقيع: جمع توقيع ويَخص الأميْر أوالضابط أوالعامل يصدر في السلطان أمراً معيناً. 2)المناشيْر: جمع منشورٍ ويكون للعامة أويوزع على الولايات. 3)التنطقيد: جمع تقليد وهوتكليفٌ بِعملٍ ما كتقليد ولايةٍ أوأمرة الجيش... وصياغة الرسالة (التوقيع أوالمنشور أوالتقليد) كما يلي: 1) البسملة: في سطرٍ واحدٍ أعلى الكتاب. 2) الحمدلة: أي الحمد لله وهنا يبالغون ويطيلون. 3)وأضافوا في العصر المملوكي الشهدلة: أشهد أنْ لا إلهَ إلاَّ الله. وهذه الأمور تقيد المحرر وله الإسهاب فيها. 4) تعبير التخلص: أما بعد، وربَماقد يكون المحررُ قد خط صفحاتٍ قبل بلوغها ثُمَّ يعرض القضية وقد تكون في صفحاتٍ. 5) العرض: موضوع الكتاب الرئيسي وعليهِ خلط رسالتهِ بِما شاءَ من قرآنِ ونَحوهِ يناسب الموضوع ويشيْر إلَى ثقافتهِ. 6) الختام: وهوختْمٌ لكلامهِ ويلخص فحوى الرسالة ويشيْرُ إلَى أنَّ الكلام انتهى، وفرض أصحاب النقدِ والبلاغةِ شيئاً من هذا على القصيدةِ على الشعر، ورأى أنَّ المحررَ قد يطيلُ ما شاءَ في خطِ التهانِي والبشائر، وعليهِ الاختصار في نوعٍ واحدٍ وهوالأوامر العسكرية لأن الأمر لا يَحتمل التطويل واشترط فيها شرطيْنِ متناقضيْنِ: الإيجاز والألفاظ البليغة، وهذا أمرٌ مخالفٌ للمعتاد لأنَّ الكتَّاب كانوا جهّالاً، ومن ذلكَ كتابٌ صدر عن ديوان الإنشاء لأميْر بترةٍ عسكريةٍ للقاءةِ المتمردين (أصدرناها إليهِ نَحثهُ على الركوبِ، بطليعةٍ أعجلَ من السيلِ، وأهولَ من الليلِ، وأيْمن من نواصي الخيلِ، وليكن كالنجمِ في سُراه، وبُعدِ ذراه، إنْ جرى فَكَسْهمٍ، وإنْ خَطَرَ فكَوهْمٍ، وإن طلبَ فكالليلِ الذي هومدركٌ، وإن طلبَ فكالجنةِ التِي لا يَجدُ ريحها مشركٌ) المفروض الاختصار والقول: تحرك لللقاءة، لكنه نسي هذه القاعدة ليخطَ على سجيتهِ، ويتبعُ الأسلوبَ المسجوع بِجملٍ كلها تقريباً متوازنةٍ، وما يبْرزُ هنا التناص مع بيت النابغة:

فإنَّك كالليلِ الذي هوَ مدركي وإنْ خلْتُ أنَّ المنتأى عنكَ واسعُ

وفي قوله (وأيْمن من نواصي الخيلِ) مع الحديث الشريف (الخيل معقودٌ بنواصيها الخيْر)، وغيْر ذلكَ مما يدلُّ على ما وصلتِ الكتابةُ الديوانيةُ إلَى الجمودِ، والنصُّ موجهٌ لأميْرٍ جاهلٍ وكذا جنوده فنحن كمن يقبض على الماءِ، ولكن ذلكَ ما كانَ مطلوباً آنذاكَ وهوالتفنن في كتاباته لإظهار قدراتهِ.

ألفتْ في هذا العصرِ خطٌ منها (جواهر الكلامِ) لمؤلفٍ مغمورٍ في صياغة الخطِ، فللسلطانِ ألقابٌ وصيغ خطابٍ لا نتعداها، وكذا للأميْرِ والشيخ والوزير، وهناك كتاب (زبدة كشف المماليك) لخليل الدين الظاهري في دواوين الدولة وأفرد باباً للألقاب التِي يُخاطبُ فيها الكتَّابُ جميع وظيفةٍ، مثل (أعز الله تعالَى أنصار المقر الشريف العالِي المولوي السلطانِي الملكي المنصوري) وهوكتاب تَهنئةٍ خطه محي الدين بن عبد الظاهر من ديوان الإنشاء حيث استغنَى عن البسملة والحمدلة والشهدلة ودخل في نصه مباشرةً، وحافظ على مبدأ الخطاب بالألقاب واستغنَى عن عبارات الاقتضاب، وجوهر الخطاب على ما يقومُ في القصيدة الحماسية (ثنائية الكفر والإيْمان) فيقول: (اعتاضوا عن الصحةِ بالسقمِ، وعن الجوهرِ بالعرضِ، وقدْ أرختِ الغفلة زمامهم، وقاد الشيطانُ خطامهم، وعاد كيدهم في نُحورهم)، والمعجم اللفظي هومعجم القصيدة الحماسية ويخلطه بالمعجم الدينِي، كما استشهد بالشعرِ في قولهِ (مِنء كلِّ مَنْ لولا تسعُّرُ بأسهِ*لاخضرَّ في يُمنَى يديهِ الأسمرُ) في تناصٍ مع بيت بشار (كأنَّ مثار النقعِ فوق رؤوسنا)، كما اقتبسَ من القرآنِ الكريْمِ ونلحظُ عدم توفيقه بذلك، وكثَر السجع عنده (السقم*العرض)، وهومن الأسلوب المقيد كما يظهر في النصِّ، وأورد صوراً بيانيةً مثل (أذن الدهرِ) لإبراز مقدرته، وهذه الرسالة وإن وصلتْ إلَى صاحبها دونَ تعقيدٍ أومللٍ لكنَّها لا تَخلومن الإطالة التِي لا مسوغ لها.

البلاغة في العصرِ المملوكي

كانتِ البلاغة في العصر المملوكي امتداداً لِما كانَ في العصور السابقةِ، وقدِ ازدهرتْ علوم البلاغة العربية نتيجةً لأمريْنِ: الترجمات عن الإغريق وخاصةً أرسطو، والخوض في موضوع إعجاز القرآنِ الكريْمِ، وقد مرتِ البلاغة العربية في ثلاثِ مراحلَ:

الفترة الأولَى- ثنائية اللفظ والمعنَى والنِّزاع بينهما: انطلقت من تعبير الجاحظ (المعانِي مطروحةٌ في الطريقِ)، ومنهم من رأى الفضل يعودُ إلَى المعانِي، ومنهم من رأى أنه للفظ وتَخير اللفظ، ومع كتاب (البديع) لابن المعتز ظهر الاهتمام بتنويع المسنات اللفظية والبلاغية.

الفترة الثانية وهي الذروةُ- فترةُ نظرية النظمِ: تَمثلت في الجرجاني بكتابيه (أسرار البلاغة*ودلائل الإعجاز)، وتوصل لنظرية الصياغة وأنَّ السر في إعجاز القرآنِ هوصياغته ليس للفظ وحده ولا للمعنَى وحده بل للصياغة، وتُمثل النظرية روح الأدب والإبداع في البلاغةِ.

الفترة الأولَى- ما بعد الجرجانِي: حيثُ شهدتِ البلاغة نوعاً من التقلص والتحجر.

ونقف في البلاغة فِي العصر المملوكي عند تيارينِ: البديع وتنظيم البلاغة، وأهل البديع أخذوا مفهوم البديع بِمعنَى التجديد والإبداع ولم يدخلوا في تفاصيل فهم البلاغة بل عددوا أنواع البديع، وأشهر الخط (البديع) لابن المعتز و(البديع) لابن منقذ و(الصناعتيْنِ) لأبِي هلال العسكري، وقدامة بن جعفر الذي نُسب إليهِ كثيءر من الاختراعات في كتابه (نقد الشعر) والكتاب المنسوب إليهِ (نقد النثر)، وفي تنظيمِ البلاغةِ ظهر محررانِ في الربعِ الأول من القرن السابعِ كان لهما أثرٌ فيمن اتىَ بعدهما:

الأول: ابن الأثيْر الجزري: في كتابهِ (المثل السائر،في أدب المحرر والشاعر) تناول البلاغة في منطقتيْنِ:الموضوعة الأولَى: تطرق إلَى اللفظِ المفردِ، وتطرق إلَى الألفاظِ عندما تُركَّبُ فتناول نظرية الألفاظ الحسنة والألفاظ القبيحة، ودخل في موضوعاتٍ لسانيةٍ وصوتيةٍ، وفي الموضوعة الثانية: تناول اللفظ المركَّب وتناول أكثَر من ثلاثيْنَ نوعاً بيانياً وبديعياً، لينتهيَ الكتاب بِموضوع السرقات الشعرية.

الثانِي: أبويعقوب السكاكي (ت626هـ): في كتابهِ (مفتاح العلوم) الذي ارتكز عليهِ التيار الثانِي إلَى القرن العشرين، وفي الجزء الثالث تناول أنواع البلاغة، وكان الكتابُ خطوةً جريئةً في موضوع البلاغة، وكان من الفلاسفة الذين يدرسون الأدبَ وكتابه في خمسة علومٍ (الصرف، والاشتقاق والنحووالبلاغة وختمه بفهم العروض)، وقسم البلاغة قسميْنِ: فهم المعانِي وفهم البيان.

فهم المعانِي: ويدرسُ طرق الإسنادِ في الجملةِ العربيةِ وما يتعلقُ بهِ، فالمسندُ هوالعملُ أوِ الخبَرُ، والمسندُ إليهِ الفاعلُ أونائبهُ أوالمبتدأُ،وهذان الركنانِ في هجريبِ الجملةِ العربيةِ يعتَريْهما كثيْرٌ من التحولِ والحذفِ والإضمارِ، وكذلك التقديْم والتأخيْر والإطناب.

فهم البيانِ: ويدرسُ الصورة الفنيةَ في اللغة العربيةِ وضمَ المجازَ بأنواعه: المرسل والعقلي، والتشبيه والاستعارة والكناية.

ورأى أنَّ البلاغة تنحصرُ في هذيْنِ الفهميْنِ، وأفردَ أخيْراً فصلاً لِمحسنات الكلام ويُقصد بِها فهم البديع أي أنَّه لاحقٌ بِهما وهوبالنسبة للفهميْنِ السابقيْنِ كالزينةِ للمرأةِ، وفهمُ البديع يدرسُ أساليب التحسيْن اللفظي والمعنوي للعبارات، وقُسم إلَى قسميْنِ:

1- المحسنات المعنوية: وتتناولُ المعنَى كالطباق واللقاءة والتربوية.

2- المحسنات اللفظية: جميع ما يَخدمُ موسيقا العبارة كالجناس والترصيع والتكرار.

هذا التقسيْمُ التزمتْ بهِ خط الأدبِ، والمشكلة في كتاب السكاكي أنَّه كان فيلسوفاً متحدثاً فكان يصعب على المتلقي العادي فهمه، وفي العصر المملوكي أُعيدَ إحياء هذا الكتاب في جزئهِ الثالثِ، وأول من تناولهُ ابن مالك في القرن السابع الهجري صاحب الألفية المشهورة، واتى جلال الدينِ القزوينِي (ت739هـ) فأخذَ ما في الجزء الثالث من كتاب السكاكي ولخصه في كتاب (التلخيص في علوم البلاغة) وفيهِ تعقيدٌ كبيْرٌ لكثْرة الاختصارات، وهذا التلخيص طمس الكتاب الأصلِي لأن القزوينِي بأسلوبه وأعاد تبويبه وقدَّمَ وأخَّرَ وأضافَ، ثُمَّ اتىَ بَهاء الدين السبكي فخط (عروس الأفراح، في تلخيص المفتاح)، إلى غير ذلك تابع الأدباء بتلخيص المفتاح إلَى العصر العثْمانِي وبلغت واحداً وعشرين تلخيصاً.

وعلى كيفية التأليف في العصر المملوكي عثر القزوينِي نفسهُ في التلخيص بِحاجةٍ لشرحهِ في كتاب (الإيضاح في علوم البلاغة) وأهميةُ هذا التلخيص أنَّه أعادَ تبويب البابيْنِ السابقيْنِ وأضاف عليهما وخطواته:

1- من أسلوب السكاكي الفلسفي.

2-إعادة تبويب الكتاب.

3- جعل فهم البلاغة ثلاثة: المعانِي والبيان والبديع. 4)إضافات القزوينِي: لم يأخذ آراء السكاكي على الثقةِ بل حاججه فيها وأخذ برأي الزمخشري وغيْره، فقد أضافَ:

1- السرقات الشعرية: أخذها على الأرجح من ابن الأثيْر وصنفها تصنيفه وأهم ما يتعلقُ بِها وبأنواعِها الكثيْرة أنَّ المبدأ واحدٌ، والأخذُ لاقد يكونُ إلاَّ بالمعانِي الخاصة وليس العامة، والسرقةُ تكونُ في صورةٍ تَختصُّ بشاعرٍ أومحررٍ معيَّنٍ ونلحظُ: أ)إذا حسن الآخذ الصورة فالفضل له حتى يسبق صاحب المعنَى الأساسي. ب) إذا ساواهُقد يكونُ الفضلُ للأولِ. ج) إذا شوه الصورةقد يكونُ الفضلُ للأولِ. هذا تقسيْمٌ يَحكمهُ منطق الفلاسفةِ وفهمُ الأنواعِ.

2- ما يَلحقُ بالسرقةِ: ألحقها بِها لأنَّ الأقدميْنَ لَم يعتَرِفوا بِها على أنَّها من السرقةِ وهي خمسة أنواعٍ:

أ- الاقتباس: وهوَ تضميْن شيءٍ من القرآن الكريْم أوالحديث الشريف، وحكم عليهِ النقاد حكميْنِ لا يتعلقُ بالأمور الفنية والأدبية فجعلوه نوعيْنِ:

أ-نوع مقبول: في الموضوعات الجادة كالأمور الدينية والوعظ والإرشاد.

ب- نوع مرفوض: عندما يُدرجُ النص القرآنِي أوالحديثِي في أمورٍ هزليةٍ.

ب= التضميْن: السطوعلى أعمال الآخرين وألحقه بالسرقات ولم يختلف النقاد حوله في المبدأ الأساسي فهوالأخذ من شعر الآخرين لكنَّهمِ اختلفوا حوله في الكمية، شرط حتى يذكر المضمن حتى البيت ليس له إلاَّ إذا كانَ مشهوراً، والتضميْنُ نوعٌ من الاجتِرار إذا وُضع في موضوعه الأساسي أي غزلٌ يبقى غزلاً، وهناك تضميْن الحوار وهوتبديل الموضوع وهذا النوع سموه الإيداع ويكون بأخذ البيت في المديحِ وجعله في الهاتى.

ج- العقد: وهوحتى ينظمَ الأديبُ كلاماً منثوراً لا اقتباساً ولكن حتى تأخذ معنَىً موجوداً منثوراً وتَصوغهُ شعراً.

د- الحل: وهوعكس العقد، وهوحتى تأخذ بيتاً من الشعرِ ويُنثرُ معناهُ فنياً، وتشيْرُ في النثرِ الفنِّي إلَى أنَّه مأخوذٌ من نصٍّ شعريٍّ.

هـ- التلميح: أوِ الإشارة وأدخله البلاغيونَ في الكنايةِ، كأن يشيْرَ الشاعرُ في فحوى الكلامِ إلَى حادثةٍ مشهورةٍ أوآيةٍ، وألحقهُ القزوينِي بالسرقات.

وختَم كتابهُ بأمرٍ مهمٍّ شغل النقَّاد بقولهِ: (ينبغي للمتحدثِ حتى يتأنَّقَ للمتحدثِ في ثلاثة مواضعَ من كلامهِ: الابتداء والتخلص وحسن الختام) كما يلي:

1- حسن المطلع: وهوحسن الابتداء وبراعة الاستهلال، فالمطلع مفتاح قلب المتلقي إذا أجاده الشاعر دفع المتلقي لمتابعة القصيدة لآخرها، واشترطوا دلالة المطلع على مضمون القصيدة فاستبعدوا القصيدة المركبة أي الدخول في الموضوع مباشرةً، وإذا أحسن الشاعر المطلع سمَّوهُ براعة الاستهلال وكان المتنبِّي مشهوراً بذلكَ، مثل قول أبِي تمَّام: (السيف أصدق أنباءً من الخط ** في حدّه الحدُّ بين الجد واللعب)، ويقابل حسن المطلع سوء المطلع كما عمل ابن مقاتل الضرير مهنئاً الداعي العلوي في طبَرستان يبشره بيوم المهرجان: (لا تقلْ بشرى ولكن بشريانِ*غرَّهُ الداعي ويوم المهرجان) فغضب الداعي منه وأمر بِجلده خمسيْنَ جلدةً، ونطق: (إصلاحُ أدبهِ أفضلُ من إثابتهِ) والسبب أنه أخطأ فأساء المطلع.

2- التخلص (حسن الانتنطق): يَخص القصيدة المركبة حيثُ يبدأً الشاعرُ بِمقدمةٍ طلليةٍ أوغيْرها لينتقل لغرضٍ آخر ثُمَّ الغرض الأساسي، ويَجبُ حتىقد يكونَ الانتنطقُ مناسباً دون حتى يشعرَ المتلقي بالانتنطق والبترِ بيْنَ الأغراضِ، ويأتِي أيضاً في النثرِ لأنَّ البترَ يعدُّ عجزاً لدى الأديبِ ونَجد البترَ في العصر الجاهلي باسمِ الاقتضاب بعبارة (دعْ ذا) وفي النثرِ (أما بعدُ، وبعدُ)، وفي العصر الأموي والعباسي صار الأديبُ يُخصص وقتاً للانتنطق دون إشعار المتلقي بالانقطاعِ، وكانَ بيتُ حسن التخلص يُسمَّى بيت الوصلِ وهومن علاماتِ براعةِ الشاعرِ.

3- حسن الختام أوحسن الانتهاء: حيثُ يشيْرُ المحررُ إلى أنَّ الكلامَ في موضوعهِ انتهَى وكذا في النثرِ، وكان بعض الشعراء يَهتمون بهِ ويتقنونه.

الفضلُ في هذا الكتابِ للتبويبِ الذي جعله سهلاً عند المتلقي، ونال شهرةً كبيْرةً وأطفأ جميع الخط التِي خاضت تلخيصَ المفتاحِ.

بعض المؤلفيْنَ لَم يلتزموا هذا التأليفَ لتأثره بأسلوب أهل المشرق والأعاجم، فظهرتْ خطٌ موازيةٌ مثل (بديع القرآن) لابْنِ أبِي الإصبعِ المصري، ثُمَّ (البرهان في علوم القرآن) لبدر الدين الزركشي وفي نِهاية العصر المملوكي (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي (ت911هـ)، وهذه الخط لَم تلتزم بتقسيمات السكاكي، بل تناولتِ البديعَ بِمفهومه الواسعِ مرادفاً لفهم البلاغةِ فجعلوا جميع أصنافِ البلاغةِ أنواعاً بديعيةً، ولكنَّها جعلتِ المتلقي في وادٍ لا يستطيعُ الخروجَ منهُ فليسَ هناكَ تصنيفات، وأشهر خط العصر المملوكي (خزانة الأدب) لابن حجة الحموي حيث تناول أنواع البديعِ مع الشواهدِ، ولئِنْ كانتِ الأنواعُ البديعية عند السكاكي والقزوينِي 33 نوعاً فقد بلغت عند الحموي الذروةَ، وقد سبقهُ صفي الدين الحلي بالبديعية وهي قصيدةٌ في مدح النبي الكريْمِ من البحر البسيط بروي الميم المكسورةِ، يتعاقبُ فيها جميع بيتٍ بنوعٍ من البديعِ غيْر الذي قبلهُ والبيتُ شاهدٌ عليهِ وكل ذلكَ خرج من عباءة بردةِ البوصيْري، وأبيت البديعية 145 بيتاً، سبعةٌ للجناس وأنواعهِ والبقية للأنواع البديعيةِ المتنوعةِ، وبعدهُ اتى ابن جابر الأندلسي- الأعمَى في بديعيتهِ (الحلةُ السيْرا، في مدحِ خيْرِ الورى)، وكذا عز الدين الموصلي وابن حجة الحموي، وهذه البديعيات الأربع السبب في تأليف (خزانة الأدب)، حيث قارن ابن حجة بينها وهي مقارنةٌ للأنواع البديعية التِي لم يتفقْ عليها أصحاب البديعيات، وكان الأساس (بديع القرآن) لابْنِ أبِي الإصبعِ الذي ذكر الأنواع البديعية (130نوعاً) في القرآنِ حصراً ويؤرخُ لأنواع البديعِ، واخترع ابن حجةٍ أنواعاً مشابِهةٌ لأخرى في البديعِ كَالإرصاد، وتَمكيْن القافية والتوشيْح، وكلها تشيْرُ لمعنَىً واحدٍ وهي أنَّ المتلقي يدرك لفظ القافيةِ قبل الانتهاْءِ من البيتِ، بل وُجدَ المشوش وهواحتمال اللفظِ أكثَر من نوعٍ بديعيٍّ، لذا نَجدُ ابن حجة يقول: (وفي بيتِي عشرة أنواعٍ من البديعِ) ولا نَجدُ غيْر ثَمانية ألفاظٍ، وهذا عقَّدَ البديعَ في العصر المملوكي.

وكمثالٍ على (جوهرة البديعِ) في العصر المملوكي نأخذ (التورية)، وهيَ استخدامِ لفظٍ له معنييْنِ يُقصدُ البعيدُ منهما لا القريب والسياقُ يُحدِّدُ ذلكَ، وهذا التعريفُ تكرَّر في بيتيْنِ نطق ابن حجة – متوهماً- إنَّهما أول شاهدٍ على التوريةِ هُما في قول المتنبِّي:

«برغم شبيبٍ فارقَ السيفُ كفَّه ُ* وكانا على العلاَّتِ يصطحبانِ // كأنَّ رقابَ الناسِ نطقت لسيفهِ* رفيقُك قيسيٌّ وأنتَ يَمانِي»

التورية في (يَمانِي) يقصد السيفَ المصنوعَ في اليمنِ، والمعنَى الآخر يشيْرُ إلى نزاعات القيسية واليمانية، وهذه هيَ التورية في أبسطِ أشكالِها، ويسميها ابن الأثيْر (المغالطة المعنوية) وبعضهم سمَّاها (الإيْهام)، ومن التوريةِ في القرآنِ الكريْمِ: (والسَّماءِ بنيناها بأيدٍ وإنَّا لمُوسعونَ) حدثة (أيدٍ) جمع اليدِ وهوالمعنَى القريب وعلى الترشيْح ذكر (بنيناها)، وتَحتمل القدرة وهوالمعنَى البعيد تَنْزيهاً للخالقِ عن المعنَى الأول، وبعد اختلافِهم في الشواهدِ والتعريفِ جعلوا لها أنواعاً:

1- المرشحة: وهي أقواها وهي حتى تذكر في البيتِ لفظاً يشيْرُ إلَى المعنَى القريبِ غيْر مقصودٍ ويقصدُ معنَىً آخر كما نَجدُ عند المتنبِّي.

2- المجردة: وهيَ لا تَحوي أي لفظٍ يشيْرُ إلَى أحدِ المعنييْنِ.

3- المبيِّنة: وهي ذكْرُ لفظٍ يشيْرُ إلَى المعنَى البعيدِ.

4- المهيأَة: ويتوقفُ وقوع التورية فيها على لفظٍ قبلهُ أوبعدهُ، أوالتِيقد يكونُ فيها لفظانِ يهيِّئُ جميع منهما التورية في الآخر. وهي تقسيماتٌ عقدتِ التوريةَ والمتلقِّي معاً وعقدتِ البلاغةَ.

الاستعارةُ: تشبيهٌ حُذفَ أحدُ طرفيهِ، وهي للمبالغة في التشبيهِ، ودرسها ابن الأثيْر الجزري لكونه رجلَ أدبٍ ووجدها نوعاً واحداً وهي التصريْحية حيثُ حذف المشبهُ كقولهِ تعالَى (ألمَ ترَ أنَّهمْ في كلِّ وادٍ يَهيْمونَ)، وركَّزَ على موضوع المناسبةِ بيْنَ المشبهِ والمشبهِ بهِ ففي الآيةِ المناسبةُ بيْنَ الفنونِ والديانِ في عمقهما وصعوبة الغوصِ إلَى قاعِهما إلاَّ لخبيْرٍ، وأمَّا الاستعارة المكنيةُ حيثُ حذف المشبه بهِ فقد جعلها ابن الأثيْر توسعاً في الكلامِ وهذا يَحملُ عدة معانٍ لأنه رفضها كاستعارةٍ ففي الحديثِ الشريفِ (هذا جبلٌ يُحبنا ونُحبهُ) يراها توسعاً في الكلامِ لأنَّهُ لا مناسبةَ بيْنَ الجبلِ والحبِّ، ولكنَّ النقاد وسعوا فيها كالتورية ورأوا أقسامها من حيث طرفاها أي حذف المشبه والمشبه بهِ (مكنية وتصريْحية)، والتصريْحية نوعانِ: تخييليةٌ لا تُوجدُ في الواقعِ كقولِ الشاعر: (وإذا المنيةُ أنشبتْ أظفارها*ألفيْتَ كلَّ تَميمةٍ لا تنفعُ) وهي نوعانِ: تبعيةٌ في الاسم المشتق وأصليةٌ في الاسمِ الجامد، وتتالتِ التقسيمات فهناك استعارةٌ ترشيْحيةٌ ومجردةٌ ومطلقةٌ، وهذا تقسيْمٌ اقتضاهُ المنطقُ ولا قيمة للبلاغة أوالفن فيهِ، وتدلُّ على خللٍ في فهمِ الأدبِ وثقافتهِ.

السير الشعبية

سيرة سيف بن ذي يزن هي سيرة شعبية خيالية تروي حكاية سيف بن ذي يزن الملك اليمني الذي طرد الأحباش من اليمن.

لا تتردد سيرة سيف بن ذي يزن - منذ صفحاتها الأولى- عن الإشارة إلى حتى المهمة الأولى لبطلها هي إحضار كتاب النيل، الذي هوفي بلاد الأحباش، لأنه باستيلاء هؤلاء على هذا الكتاب فقد حجزوا النيل عن مصر!. ورغم حتى الملك سيف هومن أواخر ملوك حمير التاريخيين في اليمن قبل الإسلام فقد استغل الراوي الشعبي دلالة صراعاته في حروب اليمنيين مع الأحباش، ليجعله رمزاً للقلق المصري في القرن الرابع عشر من رسالة ملك الأحباش إلى سلطان مصر المملوكي قائلًا "إن" نيل مصر الذي هوقوام أمرها وصلاح أحوال سكانها، ومجراه من بلادي، وأنا أسدُها..."! مؤكدا لغة التهديد التي ردت عليها السيرة الشعبية الطويلة بذكر حروب استمرت لبضع عقود بقيادة سيف بن ذي يزن...، ولم يكن سيف نفسه مصرياً من طبيعة الحال لكنه عين ابنه "مصر" سلطاناً على بلاد النيل وسماها باسمه على عادة علاقة "الخلافة" بالأنطقيم في ذلك العصر المملوكي. أوكما يسميها بعض الباحثين بعولمتنا المبكرة لها. ها هي المشاعر المصرية تعود إلى حدتها في التوتر حول مياه النيل وكأننا في رحاب سيرة "بن ذي يزن".

لم تكن السيرة عند إنشائها بعيدة عن عصر "التصارع الصليبي" بين الغرب والمنطقة؛ في إطار تلك العولمة المبكرة، وها نحن في شبه حروب ننكر عليها الصليبية بالطبع، لكنها ليست بعيدة عن تلك العولمة المبكرة، مع فارق واضح، حتى الحروب تلك انتجت صلاح الدين، وجعلت شخصية سيف بن ذي يزن تصول وتجول على شواطئ البحر الأحمر، وتحمل أخبار التوحيد ورؤاه في اليمن وخارجها؛ حيث "مصر" "وادي النيل" "ودامر" أو"تدمر" في الشام ، وهما في السيرة اسمان لولدي ملك واحد هوسيف بن ذي يزن.


والسيرة مليئة بآفاق الإحساس بالحبش الأفارقة، وبأهل مصر المسلمين، ولا أدري كيف من الممكن أن نصف ذلك الآن في نزاع ستمتد آثاره إلى مجمل الجماعة "الأفريقية" و"العربية" بالتأكيد، وعلى نحويختلف أويتفق مع ما تحفظه الذاكرة الشعبية.

وإذا كان "سلطان المحروسة" المملوكي قديماً قد أقلقته توسعات سيف رعد الإثيوبي في بلاد اليمن زمن السيرة الصليبية، أفلا يقلق سلاطين العرب الحاليين جميعا، امتدادات الإثيوبيين مثلًا، ومنذ مدة تجاه جنوب السودان، ثم تدخلهم العسكري المباشر في الصومال "العربية" وحربهم الضروس مع إريتريا وعدم تطبيقهم لقرارات الأمم المتحدة بشأن الحدود معها، وما بدأ مؤخراً من جاذبية المياه الإثيوبية والأراضي السودانية معاً لاستثمارات البنك الدولي، والصين وهجريا وكل من هب ودب في أراضي "كتاب النيل" الذي كلف الضمير الشعبي سلطانه من أول صفحات السيرة الشعبية ليمضى ويستعيده من الأحباش،يا ترى؟ إنني لا أشارك في صيحات الحرب بالتأكيد، ولكني أشير إلى أهمية دراسة منضبطة لعناصر الموقف داخلياً وخارجياً بالنسبة لوضع المياه في استراتيجية التنمية، والتي يصل البعض إلى إمكان تجاوزها بالتصنيع وإعادة التخطيط دون هذا الضجيج! والرواية الشعبية لسيرة سيف بن ذي يزن، تقول إذا هذا السلطان حاصر الموقف بوجوده القوي في مصر والشام واليمن، فهل ثمة تفهم من هذه الرواية،يا ترى؟ إذا أثيوبيا الآن مركز الاتحاد الأفريقي مثلما مصر مقر الجامعة العربية، وأثيوبيا عضوتجمع يضم السودان واليمن، وجماعة كوميسا، فكيف تهرب "بكتاب النيل" في ظل عجز سياسي دبلوماسي بهذا الشكل وعلى ساحة عربية وأفريقية واسعة،يا ترى؟ ألا تتأثر مشاعر المسؤولين في هذه المنطقة لقدرة الدبلوماسية الأفريقية على الحركة بمواقف منسقة بهذا الشكل في كنشاسا وعنتيبي وشرم الشيخ دون لقاء عربي.

العمارة والبناء

جامع ومدرسة السلطان حسن من تحف مصر المملوكيه.
سطل زجاجي مذهـَّب ومطلي بالمينا من الشام المملوكية في منتصف القرن الرابع عشر.

في وصف للرحالة ابن بطوطة للقاهرة التي زارها في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون: "المتناهية في كثرة العمارة، المتباهية بالحسن والنضارة ". وشهدت مصر نهضة عمرانية كبيرة في العصر المملوكي. وكان الطراز المعماري المملوكي يعتمد على التراث المصري المحلي وطغت عليه الروح المصرية الصميمة، ولم يظهر فيه تأثيرات خارجية إلا بعض الزخارف والنقوش من الفن المغولي نتيجة لاتصال مصر بالمغول في تلك الفترة. وتميز العصر المملوكي بمصر ببناء الجوامع والمدارس والحمامات والقلاع وغيرها من المباني التي تميزت بالجمال والزخارف البديعة والرسوخ والمداخل العالية. شهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون (1285-1341) نهضة معمارية متميزة، حيث أمر ببناء الكثير من المباني الضخمة والمليئة بالنقوش والزخارف. ويعتبر جامعة السلطان حسن والذي كان بناؤه بناء على أمر السلطان ناصر الدين حسن بن قلاوون سنة 1257 من أشهر مباني الدولة المملوكية ومن طرز العمارة الإسلامية. وصفه المستشرق جاستون فييت بأنه: "أبدع آثار القاهرة وأكثرها تجانس وتماسك وكمال ووحدة، وأجدرها حتىقد يكون مع الآثار الرائعة التي بنتها حضارة مصر الفرعونية" وأنه "أهم وأعظم من قصر الحمراء في غرناطة".


كان في مصر حمامات مخصصة للرجال وأخرى للسيدات، وكانت جدرانها مزينة بالمناظر الجميلة وكان يستخدم بها المياه الساخنة. ولايزال بقايا من هذه الحمامات موجود بالقاهرة القديمة.

تتميز جوامع العصر المملوكي بمآذنها الرفيعة الرشيقة والجدران العالية المزركشة والمآذن ذات الرؤوس المزدودة مثل مآذن الغوري في الأزهر التي بنيت في القرن الخامس عشر. ويمتلئ شارع المعز لدين الله بالكثير من المباني المملوكية وهومن ضمن مواقع التراث العالمي.

الدين في الدولة المملوكية

المسيحيون

كانت مصر مليئة بالكنائس في العصر المملوكي.

شهد تأسيس الدولة المملوكية في مصر تعيين أول وزير قبطي منذ الفتح الإسلامي لمصر، وهوشرف الدين أبوسعيد هبة الله صاعد الفازئ، الذي كان وزيراً للسلطان عز الدين أيبك.

وكان المسيحيون المصريون في الدولة المملوكية مقسمون إلى طائفتين؛ أتباع الممضى الملكاني (الروم الأرثوذكس)، واليعاقبة (المونوفيزيتيين) . وكان الملكانيون عددهم صغير من المسيحيين ذوي الأصول البيزنطية، والمصريين الذين اعتنقوا المضى الملكاني وكان لديهم بطريرك يعينه رجال الإكليروس وكان يشرف على الكنائس والأديرة التابعة لممضىه.. وكان للملكانيين عدد صغير من الكنائس في مصر منها كنيسة غبريال الملاك وكنيسة السيدة وكنيسة مار يوحنا في الفسطاط وكنيسة مار نقولا في خط البندقانيين. وكان لديهم عدد قليل من الأديرة. أما اليعاقبة أوالأقباط الأرثوذكس فكانوا يشكلون غالبية المسيحيين في العصر المملوكي بمصر، وكانوا من أصول مصرية ولديهم بطريرك ينتخبوه عادة، وكانت مهمته تنظيم العلاقة فيما بينهم وبين أنفسهم وبين الدولة المملوكية. أغلبية الأقباط الأرثوذكس كانوا يقيمون في الصعيد ويعمل غالبيتهم في الزراعة، وكان لديهم هناك 82 كنيسة في القاهرة وحوالي 19 كنيسة في القاهرة وحوالي 19 كنيسة في وجه بحرية. وكان لديهم ما يقارب 86 دير.

كانت رسائل سلطان مصر بتكليف بطريرك اليعاقبة تبين مدى احترام الدولة المملوكية له: "ولما كانت الحضرة السامية، الشيخ، الرئيس المبجل، المكرم، الفاضل، الكافي، الثقة، عماد بني المعمودية.. أطال الله بقاءه، وأدام على أهل طائفته ارتقاءه...". و"الحضرة السامية، القديس، المبجل، الجليل، المكرم، الموقر، الكبير، الديان، الرئيس، الروحانى، الفاضل، الكافى، المؤتمن، عماد بنى المعموديه، كنز الأمة المسيحية.. أطال الله تعالى بهجته، وأعلى على أهل طائفته درجته، قد حاز من فضائل ملته أسماها..." .

كان المسيحيون المصريون جزءاً لا يتجزأ من المجتمع المصري في عهد المماليك، وكانوا بصفة عامة مندمجين في الحياة المصرية ولا يميزهم أي شيئ عن المسلمين المصريين إلا الديانة. وكان سلاطين المماليك يعتبرونهم جزء من الرعية، وكانوا بوجه عام يحرصوا على معاملتهم معاملة عادلة.. كان الأقباط يشاركون في احتفالات مواكب واستقبالات السلطان وهم رافعين الأناجيل وماسكين الشموع. وكان هناك الكثير من المسيحيين في أجهزة الدولة وفي الدواويين وكانوا يمارسون نفس مهن المصريين المصريين بدون تفرقة، وكان للمسيحيين والمسلمين حق تملك الأراضي والعقارات. وكان هناك أغنياء من المسيحيين يمتلكون الجواري والعبيد. وتبين وثائق الجنيزا اليهودية التي خطت بأيدي مصريين مسيحيين ومسلمين. يحكي المقريزي انه في سنة 1214 استادن المسيحيون قناديل وأثاثات من جامع عمروبن العاص ليستخدموها في اجتماع بالكنيسة المعلقة في مصر القديمة. . وكانت كذلك احتفالات المسيحيين في مصر يشارك فيها المسلمون.

كانت للحروب الصليبية التي شنت ضد المسلمين والتي ربطها الأوروبيون بالمسيحية، لها في بعض الأحيان آثار سيئة على حالة الوئام بين المسيحيين والمسلمين في مصر، هذا بالإضافة إلى ظهور بعض حالات التطرف الديني من وقت لآخر في مصر. ولكن بوجه عام لم تستطع الحروب الصليبية ضم مسيحيومصر لصفها ضد المسلمين. أطلق المسلمون لقب الفرنجة على الصليبيين لتفرتهم عن المسيحيين المصريين وخاصة الملكانيين، الذين كانوا في الغالب من أصول غير مصرية. أغلب المشكلات والمشاحنات بين الطرفين كانت حالات فردية محدودة. . لكن في عصر السلطان الناصر محمد، مع أنه كان عصر متفتح، إلا أنه قامت اشتباكات كبيرة في فبراير 1214 بين مسلمين ومسيحيين ملكانيين بعد احتراق كنائس وجوامع ومباني وتطور الموضوع بشكل مخيف حتى حتى القاهرة كلها كادت حتى تحترق. لكن الناصر محمد والبطريرك استطاعوا التدخل وانهاء الأزمة واعتنطق المتسبيين من الطرفين. خط المؤرخ القبطي منسي يوحنا في كتابه تاريخ الكنيسة القبطي، عن مشكلات حدثت في عصر الدولة المملوكية، لكنها كانت مشاكل محدود جداً وحوادث قليلة على مسافات متباعدة، وكانت الدولة عادة ما تعاقب المسئولين عنها بغض النظر عن كونهم مسلمين أومسيحيين.

إرث الدولة المملوكية

السيف المملوكي رمز لظباط مشاة البحرية الأمريكية

لم يكن العصر المملوكي في مصر عصر حروب ومعارك فقط، لكنه كان عصر تحضر وفهم وثقافة راقية وادارة متقدمة، وكان هذا سبب تفوق المماليك العسري وقدرتهم على صد الاعتداءات الخارجية. لكن في نهاية العصر المملوكي ضعفت دولتهم بسبب صغر سن السلاطين والصراعات بين الأمراء. انتهت الدولة المملوكية سنة 1517 بعد دخول العثمانيون مصر وأصبحت مصر ولاية عثمانية. دخلت مصر في عصر ضبابي اختفت فيه مظاهر التقدم الثقافي الذي سادها في عصر المماليك. وكان المماليك الذين عاصروا الحملة الفرنسية (1798-1801) ومحمد علي باشا (1769-1849) ليسوا هم مماليك 1250 - 1517، لكنهم مماليك وخيالات ظل للدولة العثمانية وليس الدولة المملويكة، مماليد ما بعد 1517 ومماليك عهد محمد علي كانوا مماليك العصر العثماني، والتمييز بينهم هام جداً.

لم يبالغ المؤرخ ابن إياس حينما نعى وفاة الدولة المملوكية المصرية سنة 1517 بقصيدة طويلة خطها شاعر، اتى في مطلعها .:

نوحوا على مصر لأمر قد جرى من حادث عمت مصيبته الورى

وجه من ضمن أبياتها:

أين الملوك بمصر من طلعاتها مثل البدور تضىء وكانت أنوارا
يا لهف قلبى للمواكب كيف من الممكن أن لم نلقى بقلعتها الحزينة عسكرا
لهفى على ذاك النظام وحسنه ما كان في الترتيب منه أفخرا

ومنها أيضاً:

زالت محاسن مصر من أشياء قد كانت بها تزهوعلى جميع القرى

حكم المماليك مصر فترة طويلة من 1250 حتى 1517، واستطاعوا حتى يحافظوا عليها من الأخطار التي كانت تحيط بها من الشرق المغول ومن الغرب الصليبيون، ومن الأخطار الداخلية من العربان الذين حاولوا فرض ثقافتهم على المصريين بالعنف والتأليب، وبقت مصر في عصرهم دولة مستقلة قوية ومتقدمة.

اشتهر الكثير من سلاطين المماليك وكان لهم بصمات خلدها التاريخ. في عصر المماليك تطورت الفنون والثقافة وفن البناء وازدهرت الحركة الصوفية وحركة التأريخ التي لم يكن لها مثير ولم تتكرر في مصر. بنى المماليك وشيدوفي مصر الكثير من المباني الخالدة. في سنة 1282 افتتح السلطان قلاوون في القاهرة المستشفى الضخمة التي كانت تسمى البيمارستان المنصوري، وكان هذا البيمارستان من مفاخر العصر المملوكي في مصر. ابنه الناصر محمد، الذي كانت مصر في عهده دولة كبرى، هوأكثر سلطان بني في عصره مباني وآثار معمارية مملوكية، ومنها جامع السلطان حسن. وكانت العمارة المملوكية تعبر بدقة عن الروح المصرية . ولازال هناك عادات وتنطقيد وألفاظ وحدثات وأمثال شعبية ورثها المصريون المعاصرون عن أجدادهم الذين عاصروا مصر المملوكية، والتي خرج منها ملحمة الظاهر بيبرس، وحواديت ألف ليلة وليلة، واتخذ مشاة البحرية الأمريكية السيف المملوكي شعاراً لهم.

نقد

تعرض عصر الدولة المملوكية لعمليات تشويه في تاريخ مصر الحديثة. في عصر أسرة محمد علي تشوه تاريخ الدولة المملوكية بسبب ارتباطها باسم المماليك المصرية التي غدر بهم محمد علي في مذبحة القلعة واستمر النظام الملكي في مصر يعادي تاريخ الدولة المملوكية بسبب عمل جدهم الأكبر وارتباط النظام بالدولة العثمانية. أثناء الاحتلال البريطاني لمصر تحول جامع الظاهر بيبرس في القاهرة لاصطبل خيل بغرض القضاء على المشاعر الوطنية المصرية التي كانت تعادي الاستعمار في مصر. بعد عام 1951 استمرت عمليات التشويه لأسباب سياسي ولاخفاء انجازات مصر في العصور الوسطى، وقبل عام 1952 وللترويج لمشروع القومية العربية.

يقول الباحث التاريخي نور الدين خليل في فصل من كتابه ماذا نعهد عن الماليك؟، حتى في هذه الأيام كثيراً ما يأنفون ذكر المماليك ويزدرونهم ويتباكون على مصر أيام حكم المماليك، ثم منح أمثلة عن جهل الناس بتاريخ مصر المملوكي وأضاف: "هذه مجرد أمثلة على ما لحق بالمماليك من ظلم الجهالة والجهال"..

انظر أيضاً

  • مماليك
  • الدولة الأيوبية
  • الدولة العثمانية
  • الإمبراطورية العثمانية
  • مماليك شركسية
  • نهاية دولة المماليك
  • المماليك في الهند

هوامش

  1. ^ Kennedy, Hugh N. The Historiography of Islamic Egypt (C. 950-1800). Brill Academic Publishers, 2001. [1]
  2. ^ الفرنجة هوالإسم الذي كان يستخدمه المصريون والمؤرخون وقت الحملات الصليبية، وكان يميزهم عن الوطنيين المسيحيين في مصر والشرق الأوسط. الصليبيون اسم مستحدث منقول من الاسم بالانجليزي، والذي يستخدمه الأوروبيون.
  3. ^ الكتاب العرب من غير المصريين يتعمدون في بعض الأحيان عدم التمييز بين المماليك والعثمانيين، ويخلطون بين المماليك الهجر والعثمانيون الأتراك. كانت مصر في العصر المملوكي دولة مستقلة قوية تحكم الشام ومناطق أخرى، لكن في العصر العثماني كانت ولاية مستعمرة تابعة للدولة العثمانية.
  4. ^ علاء طه رزق، 49
  5. ^ علاء طه رزق، 54
  6. ^ عبده قاسم، 264
  7. ^ ابن إياس، ج5/198
  8. ^ المقريزى، ج1/439
  9. ^ Joinville's Chronicle, p.163
  10. ^ الشيال، 2/100
  11. ^ الشيال، ج2/118
  12. ^ الشيال، ج2/182
  13. ^ العينى، ج4/174
  14. ^ السعداوى، 78
  15. ^ ابن بطوطة، 55
  16. ^ السعداوى،62
  17. ^ ابن تغرى، ج8/202
  18. ^ جاستون ڤييت، 93
  19. ^ عبده قاسم،320
  20. ^ عبده قاسم،301
  21. ^ عبده قاسم،296-297
  22. ^ السعداوى، 69
  23. ^ جمال الغيطاني، 6-7
  24. ^ نصار، 333-345
  25. ^ السعداوى، 62 و78
  26. ^ نصار، 21-24
  27. ^ عبده قاسم، 284
  28. ^ نصار، 113-115
  29. ^ عبه قاسم، 337-336
  30. ^ ابن بطوطه،65
  31. ^ "الأدب المملوكي". موسوعة مصر الخالدة. Retrieved 2012-08-10.
  32. ^ "الأدب في العصر المملوكي - دراسة تفصيلية". منتدى اللغة العربية. Retrieved 2012-08-10.
  33. ^ "النيل... وملحمة سيف بن ذي يزن". عنبسا. 2012-07-01. Retrieved 2012-08-09.
  34. ^ الممضى الملكانى بيتبع رأى الامبراطور البيزنطى مركيانوس اللى أخد بيه مجمع خلقدونيه سنة 451 ضد رأى البطريرك المصرى ديوسقورس بخصوص أحادية (مونوفيزيه) طبيعة المسيح
  35. ^ القلقشندى، ج11/387
  36. ^ عبده قاسم، 355
  37. ^ المقريزى، الخطط، ج2/518
  38. ^ القلقشندى، ج11/397
  39. ^ القلقشندى، ج11/393
  40. ^ عبده قاسم، 264
  41. ^ عبده قاسم، 265
  42. ^ ابن تغرى، ج7/109
  43. ^ عبده قاسم، 268
  44. ^ المقريزى، السلوك، ج4/410
  45. ^ عبده قاسم، 272
  46. ^ Riley-Smith, p. 242
  47. ^ عبده قاسم، 264
  48. ^ في سنة 1301 وصل وزير مغربي القاهرة ورأى المسيحيون يعيشون في ترف ويركبون الخيل المتزينة فراح للأمراء المصريين يلح عليهم لمدة طويلة حتى هذا لا يصح إلا حتى صدرت فتوى بمنع المسيحيين من ركوب الخيل في الشوارع وتسبب هذا الموضوع في أزمة كبيرة إلى حتى تدخل ملك نيقيا البيزنطي لتهدئة الأوضاع -(المقريزى، 2/337-339). وركوب الخيل كان ممنوع على الناس العاديه مسيحيين أومسلمين.
  49. ^ المقريزى، السلوك ج2/36-45
  50. ^ ابن إياس، ج5/199-198
  51. ^ ابن إياس، ج5/198
  52. ^ جمال الغيطانى، تجليات مصرية
  53. ^ نور الدين خليل، شجرة الدر، 7

المصادر

المراجع

  • ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور (5 أجزاء)، تحقيق محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.
  • ابن أيبك الدواداري: كنز الدرر وجامع الغرر، مصادر تأريخ مصر الإسلامية (9 اجزاء)،المعهد الألمانى للآثار الإسلامية، القاهرة 1971.
  • ابن بطوطه: رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، دار الخط الفهمية، بيروت 1992.
  • ابن تغري: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (16 جزء)، دار الخط والوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، القاهرة 2005
  • ابن كثير، البداية والنهاية (14 جزء)، تحقيق سهيل زكار، دار صادر، بيروت 2005
  • أبوالفداء: المختصر في أخبار البشر، المطبعة الحسينية، القاهرة 1325هـ.
  • بدر الدين العينى: عقائد الجمان في تاريخ أهل الزمان، تحقيق د. محمد محمد أمين، مركز تحقيق التراث،الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1987.
  • بيبرس الدوادار: زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة، جمعية المستشرقين الألمانية، الشركة المتحدة للتوزيع، بيروت 1998.
  • جاستون ڤييت، القاهرة مدينة الفن والتجارة، عين للدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية، القاهرة2008
  • جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي): تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1966.
  • جمال الغيطانى: سيرة الظاهر بيبرس، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1996.
  • جمال الغيطانى: تجليات مصرية.. مآذن القاهرة،المصرى اليوم، مؤسسة المصرى اليوم للصحافة والنشر، عدد 1917، 12 سبتمبر 2009.
  • حمدى السعداوى، المماليك، المركز العربى للنشر، معروف أخوان للنشر والتوزيع، الأسكندرية.
  • حسين فوزى:سندباد مصرى، جولات في رحاب التاريخ، دار المعارف، القاهرة 1990
  • لطفى أحمد نصار: وسائل الترفيه في عصر سلاطين المماليك، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1999.
  • محيي الدين بن عبد الظاهر: الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، تحقيق ونشر عبد العزيز الخويطر 1976.
  • محيى الدين بن عبد الظاهر: تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور، تحقيق د. مراد كامل، الشركة العربية للطباعة والنشر، القاهرة 1961.
  • المقريزى: السلوك لفهم دول الملوك (9أجزاء)، دار الخط، القاهرة 1996.
  • المقريزى: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4 أجزاء)، مطبعة الأدب، القاهرة 1968.
  • منسى يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية، مخطة المحبه، القاهره 1983.
  • نور الدين خليل: شجرة الدر، حورس للنشر والتوزيع، الإسكندرية 2005، ISBN 977-5245-43-5
  • شفيق مهدى (دكتور): مماليك مصر والشام، الدار العربية للموسوعات، بيروت 2008.
  • عز الدين بن شداد: تاريخ الملك الظاهر، دار نشر فرانز شتاينر، فيسبادن 1983.
  • علاء طه رزق، دراسات في تاريخ عصر سلاطين المماليك،عين للدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية، القاهرة2008
  • على مبارك، الخطط التوفيقية الجديدة لمصر والقاهرة، المطبعه الاميريه، بولاق 1306هـ
  • قاسم عبده قاسم (دكتور): عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسى والاجتماعى، عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2007.
  • القلقشندى: صبح الأعشى في صناعة الإنشا (15 جزء)، دار الفكر، بيروت.
  • Chronicles of the Crusades, Villehardouin and de Joinville, translated by Sir F. Marzials, Dover Publications 2007, ISBN 0-486-45436-3.
  • Doris Behrens, Cairo of the Mamluks, I.B. Tauris, London, New York 2007 ISBN 978-1 84511-549-4
  • Rieley-Smith,Jonathan, The Oxford Illustrated history of The crusades,Oxford University Press 2001 ISBN 0-19-285428-3
  • Abu al-Fida, The Concise History of Humanity
  • Al-Maqrizi, Al Selouk Leme'refatt Dewall al-Melouk, Dar al-kotob, 1997.
  • Idem in English: Bohn, Henry G., The Road to Knowledge of the Return of Kings, Chronicles of the Crusades, AMS Press, 1969.
  • Al-Maqrizi, al-Mawaiz wa al-'i'tibar bi dhikr al-khitat wa al-'athar, Matabat aladab, Cairo 1996, ISBN 977-241-175-X
  • Idem in French: Bouriant, Urbain, Description topographique et historique de l'Egypte, Paris 1895.
  • Ibn Taghribirdi, al-Nujum al-Zahirah Fi Milook Misr wa al-Qahirah, al-Hay'ah al-Misreyah 1968
  • Idem in English: History of Egypt, by Yusef. William Popper, translator Abu L-Mahasin ibn Taghri Birdi, University of California Press 1954.

دراسات

  • Ayalon, David: The Mamluk Military Society. London, 1979.
  • Shayyal, Jamal, Prof. of Islamic history, Tarikh Misr al-Islamiyah (History of Islamic Egypt), dar al-Maref, Cairo 1266, ISBN 977-02-5975-6

وصلات خارجية

  • متحف الأثار الإسلامية - القاهرة - أثار المماليك ...
  1. ^ "الدوله المملوكيه". ويكيبديا مصري. Retrieved 2012-08-10.
تاريخ النشر: 2020-06-05 20:03:36
التصنيفات: Pages using infobox country with unknown parameters, Pages using infobox country or infobox former country with the flag caption or type parameters, سلطنة المماليك, مصر في العصور الوسطى, أسر مسلمة, تاريخ الإسلام, دول وأراضي تأسست في 1250, انحلالات 1517, القاهرة في العصور الوسطى, سوريا في العصور الوسطى, دول توركية تاريخية, أسر عربية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

 بطريرك الكاثوليك يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:17:57
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

حزب أبناء مصر: ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من براثن الضياع

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:17:55
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 64%

الأهلي مدعما الشناوي: «فرس رهان» يحافظ على قيم النادي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:17:44
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 43%

أيام تفصل أكرم توفيق عن العودة للملاعب

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:17:46
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 44%

الهلال يمدد عقد الكوري الجنوبي هيون سو

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:17:24
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 97%

إيران تعزي الأردن بضحايا تسرب الغاز في ميناء العقبة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:16:31
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 97%

الخبز يبحث عن بديل للقمح.. وخبراء: توسيع نطاق التجارب ضروري

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:17:58
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 50%

كواليس حسم موعد عودة أكرم توفيق للملاعب.. ودور بايرن ميونيخ

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:17:45
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 44%

لحظة النطق بالحكم على قاتل نيرة.. القاضي يوجه كلمة مؤثرة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:16:54
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 98%

لصوص يفسدون إجازة فيراتي في منزل مملوك لرونالدو

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:16:34
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 98%

انتخاب أول امرأة لرئاسة مجلس النواب الفرنسي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:16:43
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 95%

بايدن يعلن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:16:30
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 95%

تركيا توافق على دعم عضوية فنلندا والسويد بالناتو

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:16:43
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 100%

«الكلورين» .. الغاز الأصفر المرعب في حادث ميناء العقبة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:17:55
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 55%

بورصة الدار البيضاء: تداولات الإغلاق على وقع ارتفاع طفيف

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-28 21:17:37
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

تحميل تطبيق المنصة العربية