محمد نجيب
رئيس مصر الأول
في المنصب 18 يونيو1953 – 14 نوفمبر 1954
رئيس الوزراء	نفسه جمال عبد الناصر
سبقه	فؤاد الثاني (كملك لمصر والسودان)
خلفه	جمال عبد الناصر
رئيس وزراء مصر رقم 30
في المنصب 8 مارس 1954 – 18 أبريل 1954
الرئيس	نفسه
سبقه	رئيس مصر الأول
خلفه	جمال عبد الناصر
في المنصب 17 سبتمبر 1952 – 25 فبراير 1954
العاهل	فؤاد الثاني (حتى 18 يونيو1953)
الرئيس	نفسه (من 18 يونيو1953)
سبقه	علي ماهر
وزير الحربية والبحرية
في المنصب 17 سبتمبر 1952 – 18 يونيو1953
رئيس الوزراء	نفسه
سبقه	علي ماهر
خلفه	عبد اللطيف البغدادي
تفاصيل شخصية
وُلِد	(1901-02-19)19 فبراير 1901 الخرطوم، السودان المصري البريطاني
توفي	28 أغسطس 1984(1984-08-28) (عن عمر 83 عاماً) القاهرة، مصر
القومية	مصري
الحزب	عسكري/التحرر الليبرالي
الزوج	عزيزة لبيب (توفيت عام 1971)
التوقيع
الخدمة العسكرية
الولاء	مصر
الخدمة/الفرع	الجيش المصري
سنوات الخدمة	1918–1954
الرتبة	لواء
المعارك/الحروب	حرب 1948
الأوسمة	وسام النيل وسام الجمهورية

محمد نجيب (و. 19 فبراير 1901 - ت. 28 أغسطس 1984)، كان أول رئيس لمصر، خدم في المنصب منذ إعلان الجمهورية في 18 يونيو1953 حتى 14 نوفمبر 1954. مع جمال عبد الناصر، كان من أبرز زعماء ثورة 1952، التي أنهت حكم أسرة محمد علي في مصر والسودان. أعرب نجيب مباديء الثورة الستة وحدد الملكية الزراعية. وكان له شخصيته وشعبيته المحببة في صفوف الجيش والشعب المصري. حتي قبل الثورة لدوره البطولي في حرب فلسطين. وقد تقلد منصب رئاسة الوزراء ثلاث مرات. الأولى منسبعة سبتمبر 1952 حتى 18 يوليو1953 والثانية من 18 يوليو1953 حتى 25 فبراير 1954 والثالثة منثمانية مارس 1954 حتى 17 أبريل 1954.

نشأته

وُلد محمد نجيب بالسودان في ساقية أبوالعلا بالخرطوم، من أب مصري وأم مصرية سوادنية المنشأ، اسمه بالكامل محمد نجيب يوسف قطب القشلان، يوجد تضارب حول تاريخ ميلاده، حيث حتى التاريخ الرسمي لدى التسنين الذي قام به الجيش هو19 فبراير 1901، وعادة لاقد يكون دقيقا، أما في مذكراته، فقد ذكر حتى أحد كبار عائلته نطق له أنه ولد قبل أحد أقربائه بأربعين يوماً، وبالحساب عثر حتى تاريخه ميلاده هوسبعة يوليو1902.

بدأ والده يوسف نجيب حياته مزارعاً في قريته النحارية مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية في مصر، وهي بجوار قرية إبيارالشهيرة ثم التحق بالمدرسة الحربية وتفوق فيها، وبعد تخرجه شارك في حملات استرجاع السودان 1898، تزوج يوسف نجيب من سودانية وأنجب منها ابنه الأول عباس لكنها توفيت، فتزوج من السيدة "زهرة" ابنة الأميرالاي محمد بك عثمان في عام 1900، والأميرالاي محمد هوضابط مصري تعيش أسرته في أم درمان واستشهد في أحدي المعارك ضد الثورة المهدية، وقد أنجب يوسف من السيدة زهرة ثلاثة أبناء هم محمد نجيب وعلي نجيب ومحمود نجيب، وأنجب أيضاً ستة بنات. عندما بلغ محمد نجيب 13 عاماً توفي والده، تاركاً وراءه أسرة مكونة من عشرة أفراد، فشعر بالمسئولية مبكراً، ولم يكن أمامه إلا الاجتهاد في كلية جوردن حتي يتخرج سريعاً.

التعليم

تلقى محمد نجيب تعليمه بكتاب وادي مدني عام 1905 حيث حفظ القرآن الكريم وتفهم مبادئ القراءة والكتابة، انتقل والده إلى وادي حلفا عام 1908 فألتحق بالمدرسة الابتدائية هناك، ثم انتقل مع والده عام 1917 لضواحي بلدة وادي مدني بمديرية النيل الأزرق واكمل تعليمة الابتدائي وحصل على الشهادة الأبتدائية فيها، ثم التحق بكلية غردون عام 1913.

يقول محمد نجيب في مذكراته: " كنت طالباً في السنة الثانية بالكلية 1914 واتى المستر سمبسون، مدرس اللغة الإنگليزية، ليملي علينا بترة إملاء اتى فيها: حتى مصر يحكمها البريطانيون، فلم يعجبني ذلك. وتوقفت عن الكتابة. ونهضت واقفا وقلت له: لا يا سيدي مصر تحتلها بريطانيا فقط ولكنها مستقلة داخليا وتابعه لهجريا، فثار المدرس الانجليزي وغضب وأصر علي حتى امضى أمامه إلي مخطه وأمر بجلدي عشر جلدات علي ظهري واستسلمت للعقوبة المؤلمة دون حتى أتحرك أوافتح فمي".

مضى إلى مصر حيث حصل على الشهادة الابتدائية المصرية (أثناء دراسته في السنة النهائية بكلية جوردون) وعاد للخرطوم عام 1916.

بعد حتى تخرج من الكلية التحق بمعهد الأبحاث الاستوائية لكي يتدرب علي الآلة المحررة تمهيدا للعمل كمترجم براتب ثلاثة جنيهات شهرياً، وبعد التخرج لم يقتنع بما حققه وأصر علي دخول الكلية الحربية في القاهرة.

التحق بالكلية الحربية في مصر في أبريل عام 1917 وتخرج منها في 23 يناير 1918، ثم سافر إلى السودان في 19 فبراير 1918 والتحق بذات الكتيبة المصرية التي كان يعمل بها والده ليبدأ حياته كضابط في الجيش المصري بالكتيبة 17 مشاة، ومع قيام ثورة 1919 أصر علي المشاركة فيها علي الرغم من مخالفة ذلك لقواعد الجيش, فيسافر إلي القاهرة ويجلس علي سلالم بيت الأمة حاملاً فهم مصر وبجواره مجموعة من الضباط الصغار. ثم انتقل إلى سلاح الفرسان في شندي. وفد ألغيت الكتيبة التي يخدم فيها، فإنتقل إلى فرقة العربات الغربية بالقاهرة عام 1921.

حصل على شهادة الكفاءة، ودخل مدرسة البوليس لمدة شهرين، واحتك بمختلف فئات الشعب المصري، وتخرج وخدم في أقسام عابدين، مصر القديمة، بولاق، حلوان. عاد مرة أخرى إلى السودان عام 1922 مع الفرقة 13 السودانية وخدم في "واو" وفي بحر الغزال، ثم انتقل إلى وحدة مدافع الماكينة في ملكال.

انتقل بعد ذلك إلى الحرس الملكي بالقاهرة في 28 ابريل 1923، ثم انتقل إلى الفرقة الثامنة بالمعادي بسبب تأييده للمناضلين السودانيين. حصل على شهادة البكالوريا عام 1923، والتحق بكلية الحقوق، ورقي إلى رتبة ملازم أول عام 1924، وكان يجيد اللغات الإنگليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والعبرية، ورغم مسؤوليته فقد كان شغوفاً بالفهم.

في عام 1927 كان محمد نجيب أول ضابط في الجيش المصري يحصل على ليسانس الحقوق، ودبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي عام 1929 ودبلوم آخر في الدراسات العليا في القانون الخاص عام 1931 وبدأ في إعداد رسالة الدكتوراه ولكن طبيعه عمله العسكري، وكثرة تنقلاته حال دون إتمامها.

وفي عام 1929 تفهم محمد نجيب درساً من مصطفى النحاس، فقد أصدر الملك فؤاد قراره بحل البرلمان لأن أغلبية أعضائه كانوا من حزب الوفد الذي كان دائم الاصطدام بالملك فتخفى في ملابس خادم نوبي، وقفز فوق سطح منزل مصطفى النحاس، وعرض عليه تدخل الجيش لإجبار الملك على احترام رأي الشعب، لكن النحاس نطق له: أنا أفضل حتىقد يكون الجيش بعيداً عن السياسة، حتى تكون الأمة هي مصدر السلطات. كان درساً هاماً تفهم من خلاله الكثير حول ضرورة فصل السلطات واحترام الحياة النيابية الديمقراطية، وهوالدرس الذي أراد تطبيقه بعد ذلك عام 1954 .

رقي إلى رتبة اليوزباشي (نقيب) في ديسمبر 1931، ونقل إلى السلاح الحدود عام 1934، ثم انتقل إلى العريش. كان ضمن اللجنة التي أشرفت على تنظيم الجيش المصري في الخرطوم بعد معاهدة 1936 ورقي لرتبة الصاغ (رائد) فيستة مايو1938، ورفض في تلك العام القيام بتدريبات عسكرية مشهجرة مع الإنجليز في مرسى مطروح.

رقي إلى رتبة القائمقام (عقيد) في يونيو1944، وفي تلك السنة عين حاكما اقليميا لسيناء، وفي عام 1947 كان مسؤولاً عن مدافع الماكينه في العريش، ورقي لرتبة الأميرالاي (عميد) عام 1948.

مشاركته في حرب 1948

كانت بداية فهم محمد نجيب علي المستوي الشعبي, وعلي مستوي الجيش المصري، أثناء مشاركته في حرب 1948، ورغم رتبته الكبيرة (عميد) كان على رأس صفوف قواته، أصيب في هذه الحربسبعة مرات لم يسجل منها سوي ثلاثة إصابات خطيرة، وأخطرها الإصابة الثالثة الأخيرة في معركة التبة 86 في ديسمبر 1948 حيث أصيب برصاصات أثناء محاولته إنقاذ أحد جنوده الذي كانت قد تعطلت دباباته، كانت الإصابة شديدة حيث استقرت علي بعد عدة سنتيمترات من قلبه، وحينما اختبأ خلف شجرة عثر الدم يتفجر من صدره، وخط وصيه لأولاده نطق فيها " تذكروا يا أبنائي حتى أبيكم توفي بشرف .. وكانت رغبته الأخيرة حتى ينتقم من الهزيمة في فلسطين ويجاهد لوحدة وادي النيل".

وعندما تم نقله إلي المستشفى افترض الأطباء أنه استشهد، ودخل اليوزباشي صلاح الدين شريف لإلقاء نظرة الوادع علي جسده فنزع الغطاء وسقطت دمعة علي وجه محمد نجيب وتحققت المعجزة فقد تحركت عيناه فجأة فأدرك الأطباء أنه لا يزال علي قيد الحياة وأسرعوا بإسعافه، وحصل علي نجمة فؤاد العسكرية الأولي تقديراً لشجاعته في هذه الحرب فقد كان أول ضابط مصري يقود ما يربوعلي الفيلق.

إنضمامه لحركة الضباط الأحرار

بعد حرب 1948 عاد إلي القاهرة قائداً لمدرسة الضباط العظام، وتيقن حتى العدوالرئيسي ليس في فلسطين وإنما الفساد الذي ينخر كالسوس في مصر والذي كان يتمثل في الملك وكبار الضباط والحاشية والإقطاع، وكان يردد دائماً حتى المعركة الحقيقة في مصر وليست في فلسطين، ولا يتردد حتى يقول هذا الكلام أمام من يثق فيهم من الضباط، وفي فترة من الفترات كان الصاغ عبد الحكيم عامر أركان حرب للواء محمد نجيب، ويبدوحتى كلام نجيب عن الفساد في القاهرة قد أثر فيه فمضى إلي صديقه جمال عبد الناصر ونطق له كما روي عامر لنجيب بعد ذلك: لقد عثرت في اللواء محمد نجيب علي كنز عظيم.

كان جمال عبدالناصر قد شكل تنظيم الضباط الأحرار، وأراد حتى يقود التنظيم أحد الضباط الكبار لكي يحصل التنظيم علي تأييد باقي الضباط، وبالعمل عرض عبد الناصر الأمر علي محمد نجيب فوافق علي الفور. يقول ثروت عكاشة – أحد الضباط الأحرار - في كتابه "مذكراتي بين السياسة والثقافة": "كان اللواء محمد نجيب أحد قادة الجيش المرموقين لأسباب ثلاثة: أولها أخلاقياته الرفيعة، وثانيها ثقافته الواسعة فهوحاصل علي ليسانس الحقوق، وخريج كلية أركان الحرب ويجيد أكثر من لغة ويلم باللغة العبرية، وثالثها شجاعته في حرب فلسطين التي ضرب فيها القدوة لغيره وظفر بإعجاب الضباط كافة في ميدان القتال".

كان اختيار تنظيم الضباط الأحرار لمحمد نجيب سر نجاح التنظيم داخل الجيش، فكان ضباط التنظيم حينما يعرضون علي باقي ضباط الجيش الانضمام إلي الحركة كانوا يسألون من القائد، وعندما يعهدوا أنه اللواء محمد نجيب يسارعون بالانضمام.

ويقول مساعده اللواء جمال حماد ـ أحد الضباط الأحرار ـ حتى الحركة لم تكن لتنجح لولا انضمام اللواء محمد نجيب إليها لما كان له من سمعة طيبة في الجيش، ولما كان منصبه ذوأهمية إذ حتى باقي الضباط الأحرار كانوا ذوورتب صغيرة وغير معروفين.

ترشحه لإنتخابات نادي الضباط

يقول محمد نجيب في مذكراته: "انتخابات نادي الضباط كانت هي المستوى الفعالة الأولي في طريق ثورة يوليو.. فقبل أنتخابات النادي كانت اللجنة التطبيقية لتنظيم الضباط الأحرار تعتقد أنه ليس من الممكن القيام بالثورة قبل عام 1955... لكن بعد الانتخابات أحس الضباط بمدي قوتهم .. رشح محمد نجيب نفسه رئيسا لمجلس إدارة النادي لجس نبض الجيش واختبار مدي قوة الضباط الأحرار وتحديا للملك... وقبل الملك التحدي ..ورشح حسين سري عامر .. كانت الانتخابات أول اختبار حقيقي لشعبية اللواء محمد نجيب داخل الجيش".

ومع طلوع فجر اليوم الأول من يناير 1952 أعُلنت النتيجة وحصل محمد نجيب علي أغلبية ساحقة شبه جماعية ولم يحصل منافسيه سوي علي 58 صوتاً فقط، كانت النتيجة صدمة شديدة للملك فقرر حل مجلس إدارة النادي.

أدرك الملك الشعبية الطاغية لمحمد نجيب وسط الضباط، فرشحه وزيرا للحربية قبيل الثورة بأيام؛ في محاولة لامتصاص غضب الضباط، ولكن المحاولة تأخرت كثيرا فقد دارت عجلة الأحداث سريعا لتشهد مصر ميلاد عهد حديث صباح 23 يوليو1952.

ثورة 23 يوليو1952

في مساء 23 يوليوحينما خرج الجيش من ثكناته معلنا غضبه عما يحدث في البلاد .. وتصدرت صورة اللواء محمد نجيب الصفحة الأولي لجريدة "المصري" وفوقها مانشيت: اللواء نجيب يقوم بحركة تطهيرية في الجيش.

كانت ثورة يوليوفي بدايتها حركة، مجرد حركة عسكرية، لكنها لاقت قبول الشعب المصري واستقبلتها الجماهير بحفاوة بالغة وأطلقت عليها "ثورة".. فقد كان قائدها رجل شهد له الكل بالشجاعة وكان محمد نجيب سر نجاح الثورة.. فقد كان برتبة لواء ..أما باقي الضباط الأحرار فلم يتجاوز أكبرهم رتبة بكباشي... وبفضل نجيب تحولت الحركة إلي ثورة، وإذا كان قد قدر لثورة يوليوحتى تفشل لكان جزاء محمد نجيب الإعدام رمياً بالرصاص طبقاً لتنطقيد الجيش.

في ليلة 23 يوليولعب محمد نجيب أخطر دور في نجاح الحركة، فقد انكشف سر الثورة الساعة 9:30 مساءا، وعهد حتى مؤتمرا لرئيس الأركان الفريق حسين فريد سيعقد في الساعة العاشرة في مقر القيادة لترتيب القبض علي الضباط الأحرار، فقام علي الفور بإبلاغ يوسف صديق بالتحرك قبل ساعة الصفر بساعة، وبالعمل تحرك يوسف صديق ونجح في اقتحام مركز القيادة .. ولولا هذا التحرك لفشلت الثورة ولقضي عليها قبل حتى تبدأ.

بالرغم من خطورة الدور الذي قام به اللواء محمد نجيب في نجاح الثورة إلا حتى البعض حاول حتى يقلل من دوره ..وحاولوا حتى يصوروا انه لم يكن له فهم بالثورة وإنما هو"ركب الموجة" والبعض حاول انادىء حتى الضباط الأحرار استخدموا نجيب مجرد قابلة لإنجاح الثورة .. بل وصل الأمر ببعضهم حتى يدعي حتى محمد نجيب يوم الثورة كان مريضا في منزله وليس في ذهنه شئ عن أيه ثورة .. وربما كان أمله الوحيد في شهر يوليوحتى يغادر فراشه إلي عمله في سلاح الفرسان, حتي استيقظ علي تليفون من الضباط الأحرار يقولون له: تفضل لقد قمنا بثورة واخترناك زعيما لها ... وقد نتعجب حينما نفهم حتى قائل هذا الكلام هوأنور السادات في كتابه "سيرة الثورة كاملة" والذي خطه في عهد عبد الناصر.

وبينما كان جزء يقول حتى محمد نجيب هوالمحرك الرسمي للثورة لعلورتبته ومكانته لدى الجيش، إلا حتى هذا لا ينفي دوره الكبير في التخطيط والإعداد للثورة، وهومن حدد أهدافها الأساسية والتي تدرس في المدارس حتى الآن، بالرغم من استغلال رجال الثورة لتلك المبادئ لتحقيق مصالح شخصية في الخفاء، ونسب مفاضلها في العلن لأنفسهم.

وفي الواقع حتى نجيب أراد بالثورة حتى يطهر الجيش ونظام الحكم من المسؤلين الفاسدين، ثم إقامة حكومة مدنية برلمانية جديدة وإعادة الجيش لثكناته، ولكنه اضطر لتأجيل تلك المستوى مرارا تحت ضغوط زملاؤه في مجلس قيادة الثورة والذين أرادوا الاستمرار، حتى بات رفضه لهذا الوضع واضحا وعلنيا، فقاموا بعزله شيئا فشيئا من دائرة اتخاذ القرار، وحاولوا إنطقته مرة فبائت المحاولة بالفشل لغضب الشعب، ثم استنطق هوبنفسه لغضبه تجاه تصرفات رجال الثورة، فقاموا باعتنطقه وتحديد إقامته في فيلا بحي المرج.

في عدد سبتمبر 1952، وضعت مجلة تايم الأمريكية صورة محمد نجيب على غلافها بتعليق "رجل مصر نجيب" و"لقد حصلنا على كفايتنا من الفساد".

خلافة مع ضباط مجلس قيادة الثورة

بعد مرور عام على قيام الثورة هجرزت جميع الأضواء علي اللواء محمد نجيب باعتباره الرجل الذي قاد الثورة وطرد الملك وأنقذ مصر من عهد الظلم والطغيان وأصبح أمل البلاد في تخليصها من الاستعمار البريطاني الجاثم علي صدرها منذ 1882... كانت صوره وخطبه تتصدر الصفحات الأولي من الجرائد والمجلات المصرية والعربية والأجنبية.

وبعد فترة ليست بالقصيرة بدأ بعض الضباط يحاولون حتى يجنوا ثمار نجاح الحركة ولوعلي حساب المبادئ والأخلاق، حتي شاع بين الناس حتى الثورة طردت ملك واتىت بثلاثة عشر ملك.. يقول نجيب في كتابه "كنت رئيسا لمصر": لقد خرج الجيش من الثكنات ... وانتشر في جميع المصالح والوزارات المدنية فسقطت الكارثة التي لا نزال نعاني منها إلي الآن في مصر، كان جميع ضابط من ضباط القيادة يريد حتىقد يكون قويا ..فأصبح لكل منهم "شلة" وكانت هذه الشلة غالبا من المنافقين الذين لم يلعبوا دورا لا في التحضير للثورة ولا في القيام بها".

لاحظ محمد نجيب بعض السلوكيات الخاطئة التي يرتكبها بعض الضباط في حق الثورة وفي حق الشعب الذي وثق بهم . فكان أول شئ عمله ضباط القيادة أنهم غيروا سياراتهم الجيب وركبوا سيارات الصالون الفاخرة, وهجر أحدهم شقته المتواضعة واستولي علي قصر من قصور الأمراء حتيقد يكون قريبا من أحدي الأميرات التي كان قصرها قريبا من القصر الذي استولي عليه .. وصدمت هذه التصرفات باقي الضباط الأحرار الذين يتصفون بالمثالية فحمل بعضهم هذه الفضائح وقابلوا بها ضباط القيادة .. لكنهم سمعوهم وقرروا التخلص منهم مثلما وقع مع ضباط المدفعية.

كان أول خلاف بينه وبين ضباط القيادة حول محكمة الثورة التي تشكلت لمحاكمة زعماء العهد الملكي، ثم وقع خلاف ثاني بعد صدور نشرة باعتنطق بعض الزعماء السياسيين وكان من بينهم مصطفى النحاس، فرفض اعتنطق النحاس باشا، لكنه فوجئ بعد توقيع الكشف بإضافة اسم النحاس، وأصدرت محكمة الثورة قرارات ضاعفت من كراهية الناس للثورة منها مصدرة 322 فداناً من أملاك زينب الوكيل حرم النحاس باشا، كما حكمت علي أربعة من الصحفيين بالمؤبد وبمصادرة صحفهم بتهمة إفساد الحياة السياسية.

ويضاف إلي هذه القرارات قرارات أخرى صدرت رغم أنه رفض التوقيع عليها منها القرار الجمهوري بسحب الجنسية المصرية من ستة من المصريين من الأخوان المسلمين، وزاد الصدام بينه وبين مجلس القيادة عندما اكتشف أنهم ينقلون الضباط دون مشورته، ورفض زكريا محي الدين حتى يؤدي اليمين الدستورية أمامه بعد تعيينه وزيرا للداخلية وكذلك رفض جمال سالم.

وذكر في مذكراته أنه أكتشف حتى رجال الثورة كانوا قد عقدوا الكثير من الاجتماعات بدونه، جميع هذه الأمور دفعته لكي يفكر جدياً في تقديم استنطقته.

استنطقته من الرئاسة، فبراير 1954

"بسم الله الرحمن الرحيم"

السادة أعضاء مجلس قيادة الثورة ..

بعد تقديم وافر الاحترام، يحزنني حتى أعرب لأسباب لا يمكنني حتى أذكرها الآن أنني لا يمكن حتى أتحمل من الآن مسئوليتي في الحكم بالصورة المناسبة التي ترتضيها المصالح القومية ..

ولذلك فإني أطلب قبول استنطقتي من المهام التي أشغلها، وأني إذ أشكركم علي تعاونكم معي أسأل الله القدير حتى يوفقنا إلي خدمه بلدنا بروح التعاون والأخوة"

بهذه العبارات المختصرة قدم محمد نجيب استنطقته في 22 فبراير 1954 ..وفي 25 فبراير أصدر مجلس القيادة بيان أنطقه محمد نجيب، وحاول البيان الانتقاص من دوره وتشويه صورته أمام الجماهير فقد أكد البيان حتى محمد نجيب طلب سلطات أكبر من سلطات أعضاء المجلس وأنقد يكون له حق الاعتراض علي قرارات المجلس حتي ولوكانت هذه القرارات قد أخذت بالإجماع، وادعي البيان أنه اختير قائدا للثورة قبل قيامها بشهرين , وانه فهم بقيام الثورة ليلة 23 يوليومن مكالمة تليفونية من وزير الداخلية فتحرك إلي مبني القيادة وهناك تقابل مع عبد الناصر الذي وافق علي ضمه وتنازل له عن رئاسة المجلس .

اتخذ ضباط مجلس القيادة هذا القرار وكلهم ثقة في أنهم قد نجحوا في مخططهم بإزاحة محمد نجيب، المخطط الذي بدأ بإعلان الجمهورية حتيقد يكون محمد نجيب رئيسا رمزيا لها في حين يستحوذ ضباط مجلس القيادة علي مجلس الوزراء، وكان من ضمن المخطط إبعاد محمد نجيب عن الجيش عن طريق ترقيه الصاغ عبد الحكيم عامر الى رتبة لواء دفعة واحده وتعيينه قائداً عاماً للجيش وبالتالي تستحوذ ضباط مجلس القيادة علي السلطة المدنية والعسكرية.

وتصور مذكراته كيف من الممكن أن أنه حينما أذيع بيان إنطقته علي الملأ خرجت الجماهير تحتج عليه وانهالت البرقيات علي المجلس ودور الصحف ترفض الاستنطقة .. واندلعت المظاهرات التلقائية في القاهرة والأنطقيم لمدة ثلاثة أيام تؤيد نجيب وكانت الجماهير تهتف (محمد نجيب أوالثورة) وفي السودان اندلعت مظاهرات جارفة تهتف (لا وحدة بلا نجيب)، وانقسم الجيش بين مؤيد لعودة اللواء محمد نجيب وإقرار الحياة النيابية وبين المناصرين لمجلس قيادة الثورة.

وكان سلاح الفرسان أكثر أسلحة الجيش تعاطفا مع محمد نجيب, وأشرفت البلاد علي حرب أهلية وتداركا للموقف أصدر مجلس القيادة بيانا الساعة السادسة من مساء 27 فبراير 1954 اتى فيه " حفاظا علي وحدة الأمة يعلن مجلس قيادة الثورة عودة اللواء أركان حرب محمد نجيب رئيسا للجمهورية وقد وافق سيادته علي ذلك"... إلى غير ذلك عاد محمد نجيب إلي الحكم علي أكتاف الجماهير التي خرجت في مظاهرات شعبية لم تعدها مصر من قبل .

بعد عودته علي أكتاف الجماهير كان باستطاعته حتى يتخلص من ضباط القيادة الذين وجهوا له إساءات كثيرة وحاولوا أثناء الأزمة تشويه صورته أمام الشعب إلا حتى محمد نجيب عمل علي إزالة الخلاف بين أعضاء مجلس القيادة.

يقول اللواء جمال حماد المؤرخ العسكري أثناء ندوة كتاب "الأوراق السرية لمحمد نجيب " أي واحد كان يجي في هذا الموقف ويحرز هذا الفوز الباهر... معاه سلاح الفرسان والشعب كله معاه ... ومع ذلك أنا رأيته بعيني ماسك أيديهم " أعضاء مجلس قيادة الثورة" وحملها ونطق "إحنا يد واحدة"، وأن ضباط مجلس القيادة أرادوا التخلص منه في مارس بعد هدوء الأزمة!!

أزمة مارس 1954 والعودة للرئاسة

حددت هذه الأزمة تاريخ مصر إلي الآن، فلم تكن أزمة مارس مجرد صراع علني علي السلطة بين اللواء محمد نجيب وأعضاء مجلس قيادة الثورة بل كانت الأزمة أكثر عمقاً، كانت صراعا بين اتجاهين مختلفين اتجاه يطالب بالديمقراطية والحياة النيابية السليمة تطبيقا للمبدأ السادس للثورة (إقامة حياة ديمقراطية سليمة)، وكان الاتجاه الآخر يصر علي تكريس الحكم الفردي وإلغاء الأحزاب وفرض الرقابة علي الصحف.

كانت ضربة البداية في أزمة مارس من جانب محمد نجيب الذي بدء فور عودته إلي الحكم مشاوراته مع مجلس القيادة للتعجيل بعودة الحياة البرلمانية، وفي ليلةخمسة مارس صدرت قرارات ركزت على ضرورة عقد جمعية لمناقشة الدستور الجديد وإقراره، وإلغاء الأحكام العهدية والرقابة على الصحف والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين .

" كانت هذه القرارات في صالح عودة الحياة الديمقراطية، وهنا استوعب الفريق المناوئ للواء نجيب حتى جميع الخطط التي أعدت للإطاحة به مهددة بالفشل، فبدأ يدبر مخططات أخرى من شأنها الالتفاف علي قراراتخمسة مارس والعودة إلي الحكم الفردي.

في 25 مارس 1954 اجتمع مجلس قيادة الثورة كاملا وانتهي الاجتماع إلي إصدار القرارات التالية : السماح بقيام الأحزاب، مجلس قيادة الثورة لا يؤلف حزبا، لا حرمان من الحقوق السياسية حتي لاقد يكون هناك تأثير علي الانتخابات، تنتخب الجمعية التأسيسية انتخابا حرا مباشرا بدون تعيين أي فرد وتكون لها سلطة البرلمان كاملة والانتخابات حرة، حل مجلس الثورة في 24 يوليوالمقبل باعتبار الثورة قد انتهت وتسلم البلاد لممثلي الأمة، تنتخب الجمعية التأسيسية رئيس الجمهورية بمجرد انعقادها.

يقول محمد نجيب في كتابه "كنت رئيسا لمصر": "كانت هذه القرارات في ظاهرها ديمقراطية وفي باطنها فتنة وتوتر، فقد أثارت الناس الذين لم يرق لهم حتى تعود الأحزاب القديمة بكل ما توحي من فساد وتاريخ أسود، وبكل ما توحي لهم بنهاية الثورة التي عقدوا عليها جميع آمالهم في التطهر والخلاص، وأثارت هذه القرارات ضباط الجيش الذين أحسوا حتى نصيبهم من النفوذ والسلطة والمميزات الخاصة قد انتهي"

وقد ضاعف من قلة حيلة اللواء نجيب انشغاله مع الملك سعود بن عبد العزيز الذي كان يزور مصر وقتها، بينما كان معارضوه يدبرون لتوجيه الضربة القاضية إلي اللواء نجيب، فنشرت الصحف حتى هناك اتصالات سرية بين اللواء نجيب والوفد، وفي نفس الوقت عقد عبد الناصر اتفاقاً مع الإخوان المسلمين لكي يتخلصوا من الأحزاب السياسية ويخلوالجوللطرفان.. ووافق الأخوان.

في يوم 28 مارس 1954 خرجت أغرب مظاهرات في التاريخ تهتف بسقوط الديمقراطية والأحزاب والرجعية، ودارت المظاهرات حول البرلمان والقصر الجمهوري ومجلس الدولة وكررت هتافاتها ومنها "لا أحزاب ولا برلمان"، ووصلت الخطة السوداء ذروتها، عندما اشترت مجموعة عبد الناصر صاوي أحمد صاوي رئيس اتحاد عمال النقل ودفعوهم إلي عمل إضراب يشل الحياة وحركة المواصلات، وشاركهم فيها عدد كبير من النقابات العمالية وخرج المتظاهرون يهتفون" تسقط الديمقراطية..تسقط الحرية"، وقد اعترف الصاوي بأنه حصل علي مبلغ أربعة آلف جنية لقاء تدبير هذه المظاهرات.

كسب أعضاء مجلس قيادة الثورة المعركة ضد محمد نجيب وصدرت قرارات جديدة تلغي قرارات 25 مارس، وفي 26 أكتوبر سقطت حادثة المنشية والتي اتهم فيها الأخوان بمحاولة التخلص من عبد الناصر ليتم بعدها القبض علي قيادات الجماعة والزج بهم في السجن.

إعفائه من الرئاسة وتحديد إقامته

انهزم محمد نجيب في معركة مارس 1954 والواقع أنها لم تكن خسارته فقط وإنما كانت خسارة لمسيرة الديمقراطية في وادي النيل، أصر نجيب علي الاستنطقة لكن عبد الناصر عارض بشدة استنطقة نجيب خشية حتى تندلع مظاهرات مثلما وقع في فبراير 1954، ووافق محمد نجيب علي الاستمرار انقاذا للبلاد من حرب أهلية ومحاولة إتمام الوحدة مع السودان .

يوم 14 نوفمبر 1954 توجه محمد نجيب من بيته في شارع سعيد بحلمية الزيتون إلى مخطه بقصر عابدين لاحظ عدم أداء ضباط البوليس الحربي التحية العسكرية، وعندما هبط من سيارته داخل القصر فوجئ بالصاغ حسين عهدة من البوليس الحربي ومعه ضابطان و10 جنود يحملون الرشاشات يحيطون به، فصرخ في وجه حسين عهدة طالباً منه الابتعاد حتي لا يتعرض جنوده للقتال مع جنود الحرس الجمهوري، فاستجاب له ضباط وجنود البوليس الحربي.

لاحظ نجيب وجود ضابطين من البوليس الحربي يتبعانه أثناء صعوده إلي مخطه نهرهما فنطقا له إذا لديهما أوامر بالدخول من الأميرالاي حسن كمال، كبير الياوران، فاتصل هاتفياً بجمال عبدالناصر ليشرح له ما حدث، فأجابه عبدالناصر بأنه سيرسل عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة ليعالج الموقف بطريقته.

واتىه عبد الحكيم عامر ونطق له في خجل "أن مجلس قيادة الثورة قرر إعفاءكم من منصب رئاسة الجمهورية" فرد عليهم "أنا لا أستقيل الآن لأني بذلك سأصبح مسئولاً عن ضياع السودان أما أذا كان الأمر إنطقة فمرحباً" .. وأقسم اللواء عبد الحكيم عامر حتى إقامته في فيلا زينب الوكيل لن تزيد عن بضعة أيام ليعود بعدها إلي بيته، لكنه لم يخرج من الفيلا طوال 30 عاماً.

خرج محمد نجيب من مخطه في هدوء وصمت حاملاً المصحف مع حسن إبراهيم في سيارة إلي معتقل المرج. وحزن علي الكيفية التي خرج بها فلم تؤدي له التحية العسكرية ولم يطلق البروجي لتحيته، وقارن بين وداعه للملك فاروق الذي أطلق له 21 طلقة وبين طريقة وداعه.

فعندما وصل إلي فيلا زينب الوكيل بضاحية المرج بدأ يذوق من ألوان العذاب مما لا يستطيع حتى يوصف، فقد سارع الضباط والعساكر بقطف ثمار البرتنطق واليوسفي من الحديقة. وحملوا من داخل الفيلا جميع ما بها من أثاث وسجاجيد ولوحات وتحف وهجروها عارية الأرض والجدران، وكما صادروا أثاث فيلا زينب الوكيل صادروا أوراق اللواء نجيب وتحفه ونياشينه ونقوده التي كانت في بيته.. ومنعه تماماً من الخروج أومن لقاءة أياً من كان حتى عائلته.

وأقيمت حول الفيلا حراسة مشددة، كان علي من في البيت ألا يخرج منه من الغروب إلي الشروق، وكان عليهم حتى يغلقوا النوافذ في عز الصيف تجنباً للصداع الذي يسببه الجنود، اعتاد الجنود حتى يطلقوا الرصاص في منتصف الليل وفي الفجر، كانوا يؤخرون عربة نقل الأولاد إلي المدرسة فيصلون إليهم متأخرين ولا تصل العربة إليهم في المدرسة إلا بعد مدة طويلة من انصراف جميع من المدرسة فيعودون إلي المنزل مرهقين غير قادرين علي المذاكرة.

كانت غرفته في فيلا المرج مهملة بها سرير متواضع يكاد يختفي من كثرة الخط الموضوعة عليه، وكان يقضي معظم أوقاته في هذه الحجرة يداوم علي قراءة الخط المتنوعة في شتي أنواع العلوم، خاصة الطب والفلك والتاريخ، ويقول محمد نجيب: "هذا ما تبقي لي، فخلال الثلاثين سنة الماضية لم يكن أمامي إلا حتى أصلي أوأقرأ القرآن أوأتصفح الخط المتنوعة".

أثناء‏ العدوان الثلاثي ‏علي‏ مصر عام ‏1956 تم نقله ‏من‏ ‏معتقل‏ ‏المرج‏ ‏إلي‏ مدينة طما في سوهاج ‏بصعيد‏ مصر ‏وقيل‏ ‏إنه‏ ‏كان‏ ‏من‏ ‏المقرر‏ ‏قتله‏ ‏في‏ ‏حاله‏ ‏دخول‏ ‏الإنگليز‏ ‏القاهرة‏ ‏‏‏وذلك‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏سرت‏ ‏إشاعه‏ ‏قوية‏ ‏تقول‏ ‏إن‏ ‏إنگلترة‏ ‏ستسقط‏ ‏بعض‏ ‏جنود‏ ‏المظلات‏ ‏علي‏ ‏فيلا زينب‏ ‏الوكيل في‏ ‏المرج‏ ‏لاختطاف‏ ‏محمد نجيب‏ ‏وإعادة‏ ‏فرضه‏ ‏رئيساً ‏للجمهورية‏ ‏من‏ ‏جديد‏ ‏بدلاً‏ ‏من‏ ‏الرئيس‏ جمال عبدالناصر، ولكن بعد فشل العدوان تم إعادته إلى معتقل المرج. وجري التنكيل به حتي إذا أحد الحراس ضربه علي صدره في نفس مكان الإصابة التي تعرض لها في حرب 1948، خط الرئيس نجيب عن ذلك في مذكراته: "يومها هانت علي الدنيا.. فقررت حتى أضرب عن الطعام".

وأثناء نكسة 1967 أوفد برقية لجمال عبدالناصر يطلب منه السماح له بالخروج في صفوف الجيش باسم مستعار إلا أنه لم يتلق أى رد منه. وظل علي هذا الحال حتي تم إطلاق سراحه بواسطة الرئيس السادات في عام 1974 عقب الإنتصار الذي تحقق في حرب أكتوبر 1973. ورغم هذا ظل السادات يتجاهله تماماً كما تجاهله باقي أعضاء مجلس قيادة الثورة.

يقول محمد نجيب في مذكراته "نطق لي السادات: أنت حر طليق!! لم أصدق نفسي هل أستطيع حتى أخرج وأدخل بلا حراسة هل أستطيع حتى أتحدث في التلفون بلا تصنت،يا ترى؟ هل أستطيع حتى أستقبل الناس بلا رقيب!!

لم اصدق ذلك بسهولة .. فالسجين في حاجة لبعض الوقت ليتعود على سجنه، وفي حاجة لبعض الوقت ليعود الى حريته. وأنا لم اكن سجينا عاديا كنت سجينا يحصون انفاسه. ويتصنتون على حدثاته ويغرسون الميكرفونات والعدسات في حجرة معيشته. وكنت اخشى حتى اقترب من احد حتى لا يختفي. وأتحاشى زيارة الأهل والاصدقاء حتى لا يتعكر صفوحياتهم. وابتعد عن الاماكن العامة حتى لا يلتف الناس حولي، فيمضىون وراء الشمس، ولكن بعد فتره وبالتدريج عدت الى حريتي وعدت الى الناس وعدت الى الحياة العامة.

وياليتني ما عدت .. فالناس جميعاً كان في حلقها مرارة من الهزيمة والاحتلال. وحديثهم جميع شكوى وألم ويأس من طرد المحتل الإسرائيلي. وبجانب هذه الاحاسيس كانت هناك أنات ضحايا الثورة . الذين خرجوا من السجون والمعتقلات ضحايا القهر والتلفيق والتعذيب.

وحتى الذين لم يدخلوا السجون ولم يجربوا المعتقلات، ولم يذوقوا التعذيب والهوان كانوا يشعرون بالخوف، ويتحسبون الخطى والحدثات. وعهدت ساعتها كم كانت جريمة الثورة في حق الإنسان المصري بشعة. وعهدت ساعتها أي مستنقع القينا فيه الشعب المصري . فقد حريته .. فقد كرامته .. فقد أرضه .. وتضاعفت متاعبه .. المجاري طفحت .. المياة شحت .. الازمات اشتعلت .. الاخلاق انعدمت .. والانسان ضاع".

كانت سلوى محمد نجيب طوال سنوات الإقامة الجبرية في المرج تربية القطط والكلاب .. واعتبر القطط والكلاب أكثر وفاءاً من البشر واحتفظ نجيب بصورة نادرة لكلبه ترقد علي جنبها وترضع منها قطة فقدت أمها، وهذه الصورة كما نطق نجيب مرشد علي حتى الحيوانات أكثر ليونة ورقة في التخلص من شراستها من البشر. وحينما توفي أحد كلابه دفنه في الحديقة وخط علي شاهد القبر: هنا يرقد أعز أصدقائي.

يقول محمد نجيب : "لقد كان هؤلاء الأصدقاء الأوفياء سلوى وحدتي في سنوات الوحدة تلك السنوات المرة التي وصلت فيها درجة الإفتراء إلى حد إشاعة خبر وفاتي وقد سمعت هذا الخبر بأذني من إذاعات العالم .. وقرأته بعيني في كتاب ضباط الجيش في السياسة والمجتمع والذي وضعه محرر إسرائيلي يدعى اليزير بيير حتى محمد نجيب توفي عام 1966 !!!". فقد اكتوي من الثورة بينما لم يرتكب الرجل جريمة يستحق عليها حتى يعامل بمثل هذه المعاملة، وكثيرا ما كان يردد: ماذا جنيت لكي يعملوا بي جميع هذا؟.

بتاريخ 21 أبريل 1983 أمر الرئيس حسني مبارك تخصيص فيلا في حي القبة بمنطقة قصر القبة بالقاهرة لإقامة محمد نجيب، بعدما صار مهدداً بالطرد من قصر زينب الوكيل نتيجة لحكم المحكمة لمصلحة ورثتها الذين كانوا يطالبون بالقصر، وهوالقصر الذي عاش فيه لمدة 29 سنة منها 17 سنة وهومعتقل.

ونطق وقتها: "إلى أين أمضى بعد 30 سنة لم أخرج فيها إلى الحياة.. ليس لدي معارف أوأحد يهتم بي. أنا أعيش هنا وحدي بعد حتى توفي اثنان من أولادي ولم يبق غير واحد منهم، فإلى أين امضى"؟؟

وفاته

رحل محمد نجيب في هدوء عن عمر يناهز 82 عاما بتاريخ 28 أغسطس 1984 في مستشفى المعادي العسكري بالقاهرة، لم يكن يعاني من أمراض خطيرة، لكنها كانت أمراض الشيخوخة. بعد حتى خط مذكراته ضمها كتابه كنت رئيساً لمصر، ويشهد له حتى كتابه خلا من أي اتهام لأي ممن عزلوه.

رحل بعد حتى عاصر أبرز الأحداث التي مرت على تاريخ مصر الحديث من جلاء القوات البريطانية عن مصر عام 1954 وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي عام 1956 إلى الوحدة مع سوريا عام 1958، ومشاركة القوات المصرية في حرب اليمن عام 1962، ومروراً بالنكسة ووفاة عبد الحكيم عامر عام 1967، ووفاة الرئيس جمال عبد الناصر عام 1970، وحرب أكتوبر عام 1973، ومعاهدة كامب ديفيد عام 1978، وإغتيال الرئيس السادات عام 1981.

على الرغم من رغبة محمد نجيب في وصيته حتى يدفن في السودان بجانب أبيه، إلا أنه دفن في مصر في جنازة عسكرية مهيبة، وحمل جثمانه على عربة مدفع، وقد تقدم الجنازة الرئيس المصري حسني مبارك شخصيا وأعضاء مجلس قيادة الثورة الباقين على قيد الحياة لتطوى صفحة رجل قاد أبرز نقطة تحول في تاريخ مصر الحديث.

في عهد الرئيس حسني مبارك بدأ اسمه يظهر في الخط المدرسية على أنه أول رئيس لجمهورية مصر العربية كما أطلق أسمه على إحد الميادين في مدينة كفر الزيات وآخر في سيدي بشر بالإسكندرية. وأطلق أسمه على إحدى محطات القطارات في القاهرة (محطة محمد نجيب).

في 24 سبتمبر 2007 تم إفتتاح متحف خاص لمحمد نجيب في القرية الفرعونية تضم مقتنياته وعدد كبير من الصور. رئيس من مصر عنوان الفيلم المزمع تصويره عن سيرة حياة الرئيس محمد نجيب.

نص منطق للدكتور محمود نجيب عن شقيقه اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية

عندما توفى والدى بالسودان، كان شقيقى الأكبر محمد نجيب قد أتم علومه في كلية غردون بالخرطوم، فأرادت والدتنا حتى تقف به عند هذا الحد من التعليم، لكنه أصر على حتى يتم علومه، ويلتحق بالكلية الحربية في القاهرة، ليتخرج ضابطا في الجيش المصرى، مثل والدنا .. وكان مما نطقت له الوالدة: ولكن ماذا نعمل في السودان بمفردنا، وأنت ولدنا الأكبر، ورب الأسرة بعد وفاة والدك؟ فأجابها أخى : لا تحملى هما للحياة يا أماه .. ولسوف أقوم بواجبى نحوكم خير قيام، سواء كنت قريبا اوبعيدا، وثقى أننى أريد حتى أواصل الفهم من أجلك أنتى وإخوتى، وكل ما أرجوه حتى تساعدينى في تحقيق أمنيتى، لكى ألتحق بالكلية الحربية .

أجل ما زلت أذكر هذه الحدثات التى نطقها أخى الأكبر لأمنا، وكإنما هى تتردد في سمعى الآن، كما أذكر أيضا كيف من الممكن أن أشفقت والدتنا على " محمد " الصبى الذى يريد حتى يصارع الحياة بمفرده قبل حتى يشتد ساعده .. فأصرت على حتى يبقى معنا مكتفيا بشهادة الكلية التى حصل عليها، ولكنه كان قد وطد العزم على الذهاب إلى مصر، وسافر عملا بالرغم منها والتحق بالكلية الحربية.

ولم ينسنا أخى محمد أبدا، وأخذ " يلتهم " مواد الدراسة بالكلية الحربية إلتهاما، حتى تخرج، وعندما بلغه حتى شقيقنا " على " قد تخرج في كلية غردون بالخرطوم إستنادىه إلى القاهرة، وألحقه بالكلية الحربية مثله، وتخرج ضابطا كأخيه وأبيه من قبل .

وكان اخى محمد يعنى بتربيتنا عناية شديدة، وبخاصة بث الروح الدينية في نفوسنا، فكان يستيقظ في الفجر، ثم يؤذن للصلاة، ويطوف بفراش جميع منا، فيوقظنا لنتوضأ، والويل جميع الويل لمن يتلكأ في اليقظة أويتخلف عن الوضوء وتأدية الفريضة .. فقد كان محمد يقسوعلينا، حتى كان الواحد منا يرهبه رهبة شديدة.

وكما كان أخى محمد يعاقبنا إذا أخطأنا، كان يكافئنا إذا أجدنا، ولذلك فقد خصص لنا عدة جوائز، كان يخبئها في غرفته الخاصة، فإذا طالع كراساتنا وأعجبته إجابتنا فيها، ولمس رضاء المدرسين عنا، بادر بتقديم الجوائز إلى جميع منا، وكانت تتألف عادة من الحلوى والشوكولاتة، وكان يعد بمضاعفة الجوائز عند التفوق.

وكان أخى هومثلنا الأعلى الذى تفتحت أعيننا عليه، وأذكر أنه لم يتحدث إلينا قط عن عيوب أحد من الناس، ولم يتناول ذكر أعدائه بسوء، بل كان إذا عثر متسعا من وقته جمعنا حوله، وأخذ يحدثنا عن أمور الدنيا والدين، فكان لنا نعم الواعظ، وكان نعم الهادى الذى يقنع بالحجة، ويدعولله عن طريق الحكمة والموعظة الحسنة.

الدكتور محمود نجيب
المدرس بكلية الطب البيطري

زوجاته وأبنائه

تزوج من زينب أحمد وأنجب منها ابنته سميحة التي توفيت وهي بالسنة النهائية بكلية الحقوق عام 1950، وبعد طلاقه منها تزوج من عائشة محمد لبيب عام 1934 وأنجب منها ثلاث أبناء فاروق وعلي ويوسف.

حرمت ظروف الإقامة الجبرية الرئيس الأسبق محمد نجيب من اختيار عروس لأولاده فابنه فاروق (مات مؤخراً بالقلب) تزوج دون حتى يحضر والده من أبنة البنطق المجاور لهما وان رجلاً طيباً وكريماً ارتضى حتى يزوج ابنته لشاب فاشل دراسياً، وليست لديه مهنة أوصنعة يأكل بها عيش وكان والده الرئيس حبيساً في قصر زينب الوكيل بالمرج.

كان علي الابن الثاني لمحمد نجيب يفهم في ألمانيا وكان له نشاط واسع ضد الصهيونية هناك كان يقيم المهرجانات التي يدافع فيها عن مصر والثورة وعن حق الفلسطينيين ولم يعجب هذا الكلام، المخابرات المصرية الذين رأوا في نشاطه إحياء للكلام عن أبيه وفي ليلة كان يوصل زميلا له فإذا بعربة جيب بها ثلاثة رجال وامرأة تهجم عليه وتحاول قتله، وعندما هرب جرت وراءه السيارة وحشرته بينها وبين الحائط هبط الرجال الثلاث وأخذوا يضربونه حتي خارت قواه ونزف حتي الموت، ونقل جثمانه إلي مصر فطلب اللواء نجيب ان يخرج من معتقله ليستقبل نعش ابنه ويشارك في دفنه لكنهم رفضوا كان هذا في عام 1968 .

ولم يسلم فاروق الابن الأول من نفس المصير، فقد استفزه أحد المخبرين الذين كانوا يتابعونه ونطق له:

"ماذا عمل أبوك للثورة .. لا شيء .. أنه لم يكن أكثر من خيال مآتة ديكور قابلة لا أكثر ولا أقل".

فلم يتحمل فاروق هذا الكلام وضرب المخبر، ويومها لم ينم فاروق في البيت فقد ولج ليمان طره وبقي هناك خمسة أشهر ونصف خرج بعدها محطما منهاراً ومريضا بالقلب وبعد فترة قليلة مات.

أما الابن الثالث يوسف فقد كان أكثر حظا، فقد صدر قرار جمهوري بفصله من إحدي شركات الدولة فعمل سائقاً في شركة المقاولون العرب بالإسكندرية في الصباح وعلي تاكسي أجرة اشتراه بالتقسيط في المساء إلى حتى توفي.

رئاسته الوزارة الأولى

حكومته

رئاسته الوزارة الثانية

حكومته

رئاسته الوزارة الثالثة

حكومته

مؤلفاته

• رسالة عن السودان 1943.
• مصير مصر (بالإنگليزية) 1955.
• حدثتي للتاريخ 1975.
• (مذكرات محمد نجيب 1984)

معرض الصور

• محمد علي الطاهر مع اللواء محمد نجيب عام 1953.

• يرى اللواء أ ح محمد نحيب ويجانبه جمال عبدالناصر بصافح الأمير محمد على ولى العهد.

• قرار مجلس ادارة الثورة.

• محمد نجيب على غلاف مجلة التايم الأمريكية.

• جمال سالم ومحمد نجيب.

• بيان هام اعلان سقوط دستور 23.

• جمال عبد الناصر على غلاف مجلة التايم.

• اللواء محمد نجيب يترأس اجتماع الجمعية العمومية المنتخبة لنادي الضباط الذي صدر قرار بحله في 16 يوليو.

• اللواء محمد نجيب والمقدم جمال عبد الناصر عقب نجاح ثورة يوليو1952.

• من شرفة قصر عابدين وقف رئيس الجمهورية محمد نجيب يرد تحية الجماهير التي توافدت لتهنئته.

• مانشيت الأهرام عند إعلان الجمهورية.

المصادر

المراجع

• ويكيبيديا
• مذكرات محمد نجيب كنت رئيساُ لمصر
• السيد حامد (محمد نجيب .. حلم مصر الذي لم يكتمل)
• مسقط ذاكرة مصر المعاصرة
• متحف بالقاهرة لـ محمد نجيب أول رئيس لمصر

وصلات خارجية

• مبتر فيديوبيان من الرئيس محمد نجيب الى الشعب المصري من مسقط ذاكرة مصر المعاصرة
• قراءة في كتاب (محمد نجيب: زعيم ثورة أم قابلة حركة؟)

• جامع قمامة يعثر على أرشيف الرئيس محمد نجيب