بريطانيا الحديثة المبكرة

عودة للموسوعة

بريطانيا الحديثة المبكرة

تاريخ الجزر البريطانية
     

حسب التأريخ

  • قبل التاريخ
    • بريطانيا العصر البرونزي
    • العصر الحديدي البريطاني
    • اسكتلندة قبل التاريخ
    • ويلز قبل التاريخ
    • بريطانيا الرومانية
    • بريطانيا تحت الرومانية
    • إنگلترة الأنگلو-ساكسونية
    • England in the High Middle Ages
    • England in the Late Middle Ages
  • اسكتلندة العصور الوسطى
    • Scotland in the Early Middle Ages
    • Scotland in the High Middle Ages
    • Scotland in the Late Middle Ages
  • ويلز العصور الوسطى
    • ويلز الرومانية
    • الغزوالنورماني لويلز
    • Wales in the Late Middle Ages
  • أيرلندة العصور الوسطى
    • أيرلندة المبكرة
    • Early-Medieval Ireland
    • الگيلية
    • النورمانية
  • أيرلندة المعاصرة
    • أيرلندة 1691–1801
    • Early-modern: Britain, Ireland

حسب البلد

  • تاريخ إنگلترة
  • تاريخ أيرلندة
    • تاريخ أيرلندة (1801–1922)
    • تاريخ أيرلندا الشمالية
    • تاريخ جمهورية أيرلندا
      • الدولة الأيرلندية الحرة
  • تاريخ اسكتلندة
  • تاريخ ويلز
    • تاريخ گرنسي
    • تاريخ جزيرة مان
    • تاريخ جرسي
    • History of the Orkney Islands

حسب الموضوع

  • استيطان بريطانيا العظمى وأيرلندا
  • تاريخ المجتمع الإنگليزي
  • التاريخ البحري للملكة المتحدة


القرن السابع عشر

مرجل الديانة 1624-1649

إن الملك الجديد الذي ارتقى العرش في ظل النظام الإقطاعي والاجتماعي العتيق المعتمد على الأرض، والذي أحس باليأس والضياع في لندن بتجارها والبيوريتانيين فيها، نقول إذا هذا الملك لقي من التعب والنصب فوق ما يحتمل من الصبر، من جراء تعدد المعتقدات الدينية وحدتها. إذا عملية الاجتهاد أوتكوين الرأي الفردي التي نادى إليها جميع رأي حديث حتى سادت وسيطرت، تضافرت مع انتشار الكتاب المقدس، على تشجيع اختلاف الشيع والطوائف، حتى لقد أحصى منها أحد المؤلفين 29 طائفة في 1641، وأحصى آخر منها في 1649. وفضلاً عن الانقسام بين الكاثوليك والبروتستانت، كان هناك الانقسام الحاد بين البروتستانت إلى أنجليكانيين ومسيحيين وبيوريتانيين، وانقسام البيوريتانيين إلى المستقلين الذين كانوا يحلمون بالجمهورية، والكويكرز الذين يعارضون الحرب والعنف وحلف الأيمان، والمؤمنين بالعصر الألفي السعيد-أوطائفة الملكية الخامسة-الذين كانوا يعتقدون حتى السيد المسيح يفترض أن يعود سريعاً ليقيم حكمه على الأرض، والأنتيوميين (طائفة تقول بأن الإيمان وحده-لا الامتثال للقانون الأخلاقي-ضروري للخلاص) الذين كانوا يحاجون بأن المصطفين من عند الله مستثنون من القوانين الإنسانية، والانفصاليين أتباع براون، والباحثين Seekers، والمشاغبين Ranters. وشكا أحد أعضاء البرلمان من حتى "الرجال الميكانيكيين" (الحرفيين) كانوا يقيمون المنابر ويبشرون بألوان عقائدهم المتحمسة، وكان كثيرون منهم يكسون مطالبهم الاقتصادية أوالسياسية بنصوص من الكتاب المقدس، وكان هناك الذين يقولون بتعميد البالغين فقط Anabaptists، والمعمدانيون الذين انشقوا عن الانفصاليين (1606) وانقسموا (1633) إلى معمدانيين عامين رفضوا النظرية الكلفنية في القضاء والقدر، ومعمدانيين خاصين قبلوها.

إن تعدد الطوائف والشيع، ومساجلاتها الحادة الجريئة، أدت بنفر من الناس إلى الشك في جميع صيغ المسيحية وأشكالها. ورثى الأسقف Fotherby، (1622) "لأن الخط المقدسة فقدت سلطانها على كثير من الناس، وظن أنها لا تصلح إلا للجهلة والحمقى(5)"-وفي 1646 تحدث الحبر الجليل جيمس جرانفورد عن "الجماهير التي غيرت عقيدتها إما إلى التشكك... أوالإلحاد، ولم يؤمنوا بشيء(6)." وفي كتيب عنوانه Hell Broke Loose "انفتحت الجحيم على مصراعيها" :بيان بالأخطاء السائدة، والهرطقة والتجديف في هذا العصر، (1646) وكان على رأس قائمة الهرطقات، الرأي القائل بأن الكتاب المقدس سواء كان مخطوطاً حقيقياً (نصاً موثوقاً) أم لم يكن... فإنه لا يعدوحتىقد يكون من خلق الإنسان، وأنه عجز عن حتى يكشف عن إله في السماء(7)"، وجهرت هرطقة أخرى "بأن العقل السليم هوالحكم في العقيدة، أوقاعدة الإيمان... ويجدر ألا نصدق بالخط المقدسة ونظريات التثليث والتجسد والبعث إلا بقدر موافقتها للعقل، وليس إلا(8)". وأنكر عدد كبير من المتشككين وجود الجحيم وألوهية المسيح. وسعى نفر متزايد من المفكرين الذين أطلق عليهم اسم "البوبيين" إلى التوفيق بين ممضى التشكك والدين باقتراح مسيحية تقتصر على الإيمان بالله والخلود. وهيأ إدوارد، لورد هربرت شربري لهذا "الطريق الوسط، أساساً فلسفياً في درس رائع عن "الحقيقة 1624). نطق هربرت إذا الحقيقة مستقلة عن الخط المقدسة، ولا يمكن حتى تقررها كنيسة أوأية سلطة أخرى، وإن أفضل اختبار للحقيقة هوموافقة الناس جميعاً عليها، وتبعاً لذلك تكون أحكم ديانة هي ديانة "طبيعية"، ولا ديانة "موحى بها"، تحصر نفسها في النظريات التي تتقبلها جميع المذاهب: وهي حتى هناك "كائناً"، وأنه تجب عبادته بالحياة الفاضلة المستقيمة أساساً، وأن السلوك المستقيم، يثاب؟، وأن السلوك السيئ يعاقب عليه، إما عنا في الحياة الدنيا، أوهناك في الحياة الآخرة. ويقول أوبري إذا هربرت توفي "في هدوء" بعد حتى أبوا عليه الأسرار المقدسة(9).

وكان البرلمان أشد قلقاً وانشغالاً بالكاثوليكية منه بالهرطقة. ففي 1634 قارب الكاثوليك في إنجلترا حتى يشكلوا ربع السكان(10)، على الرغم من جميع القوانين والأهوال التي كان يقاسيها نحو335 من الجزويت، واعتنق النبلاء البارزون الممضى القديم، وفي 1625 أعرب جورج كلفرت، لورد بلتيمور تحوله إلى الكثلكة، وفي 1632 منحه شارل مرسوماً بإنشاء المستعمرة التي عهدت باسم ماريلاند. وفي 1633 أوفدت الملكة الكاثوليكية هنريتا ماريا إلى روما مبعوثاً يستجدي منصب الكاردينال لأحد الرعايا البريطانيين. وعرض الملك الإنجليكاني حتى يسمح بإقامة أسقف كاثوليكي في إنجلترا إذا أيد إربان الثامن خطة شارل في عقد بعض زيجات دبلوماسية (1634) ولكن البابا رفض. وطالب الكاثوليك بالتسامح الديني. ولكن البرلمان-الذي يعي في ذاكرته تعصب الكاثوليك، ومذبحة سانت برتلميو، ومؤامرة البارود، والاشمئزاز من إجراء تحقيق في مستندات ممتلكات بروتستانتية كانت يوماً كاثوليكية-طالب، بدلاً من ذلك، بالتطبيق الكامل للقوانين التي صدرت ضد الكاثوليكية. وساد شعور قوي شعاره "لا كثلكة"، وخاصة بين طبقة صغار الملاك والطبقة الوسطى، يعارض بالمثل، تدفق القساوسة الكاثوليك إلى إنجلترا، كما يقاوم ازدياد التقريب بين الفكر والطقوس الأنجليكانية والكاثوليكية.

وتمتعت الكنيسة الرسمية بحماية الدولة لها حماية كاملة. وكانت العقيدة والعبادة الأنجليكانية إجباريتين قانوناً، وجعلت المواد التسع والثلاثون قانوناً من قوانين البلاد 1628. وادعى الأساقفة الأنجليكانيون "الخلافة الرسولية"-أي أنهم كانوا قد رسموا بواسطة الرسول، ورفضوا توكيد المشيخيين والبيوريتانيين حتى يرسموا الكاهن شرعاً، وكان كثير من رجال الدين الأنجليكانيين في ذاك العصر، رجالاً يتحلون بفهم واسع وشعور كريم. وكان جيمس أشر Usher رئيس أساقفة أرماج Armagh عالماً حقاً، برغم حسابه المشهور (في كتابه Annales Veteris Testamenti، 1650) حتى الله خلق العالم في 22 أكتوبر سنة 4004 ق.م.-وهذه غلطة في الحساب الزمني جعلت شبه رسمية في طبعات الكتاب المقدس(12). ونادى جون هيلز، قسيس السفارة الإنجليزية في هولندا-إلى الشك والعقل والتسامح:

إن الطرق التي توصلنا إلى.... أي فهم أوفهم ليست إلا اثنتين، أولاهما الاختبار وثانيتهما الاستدلال المنطقي، إذا الذين يأتونك ليلقوا إليك بم يجب حتى تؤمن وماذا يجب حتى تعمل، دون حتى يذكروا لك السبب في هذا أوذاك، ليسوا أطباء بل إنهم متطفلون دجالون... إذا أبرز مصدر وقوة للحكمة ليس من السهل التصديق بهما... إذا تلك الأمور التي نجلها لقدمها، ماذا كانت في بداية نشوئها،يا ترى؟ هل كانت زائفة،يا ترى؟ إذا الزمن لا يستطيع حتى يضفي عليها حقيقة وصدقاً. إذا عامل الزمن... مجرد شيء خارج عن موضوع البحث... وليس تعدد الآراء، ولكن إرادتنا الفاسدة الشريرة-التي تظن أنه من الملائم حتى نتخيل جميع شيء (من نفس الفكر) كما نتصوره نحن نفسنا-هي التي أزعجت الكنيسة إلى هذا الحد. ألم نكن مستعدين لأن يلعن بعضنا بعضاً حين لم نكن متفقين في الرأي،يا ترى؟ ويمكن حتى تكون قلوبنا متحدة... هناك شيئان يصنعان رجلاً مسيحياً كاملاً-إيمان صادق وسلوك قويم. ولوحتى الثاني يظهر أجدر بالاعتبار، ويخلع علينا اسم المسيحيين، ولكن الثاني في النهاية، سيثبت أنه الأقوى والأرسخ، وليس ثمة رجل... حتى ولوكان همجياً أووثنياً، لا تصل إليه أنسام الشفقة المسيحية(13).

ولم يستجب بعض "عبدة الأصنام" لكرم هليز. وخط جزويتي بتوقيع "إدوارد نوت نبذة عنوانها Charit Mistaken (1630) نطق فيها إنه لن يخط الخلاص لأي بروتستانتي، إلا بمحض الصدفة(14). ولكن أعاد الطمأنينة إلى قلوب البروتستانت الذين أدانهم الموضوع السابق، وليم تشلنجورث، Chillingworth الذي كان كتابه "العقيدة البروتستانتية هي الطريق المأمون للخلاص، 1637" أشهر درس لاهوتي في ذاك، العصر، لقد عهد تشلنجورث الفريقين كليهما، فقد كان قد ارتد إلى الكاثوليكية، ثم عاد إلى البروتستانتية، وما زالت لديه تحفظاته، ونطق عنه كلارندون "إنه تعود الشك حتى أصبح شيئاً فشيئاً لا يثق في شيء قط، ومتشككاً على الأقل في أعظم الأسرار الدينية(15)".

وكان جرمي تيلور أفصح الأنجليكانيين في عهد شارل، ولا تزال عظاته تقرأ؟، كما أنها أشد تأثيراً من عظات بوسويه، حتى أنها هزت مشاعر أحد الفرنسيين(16). وكان تيلور ملكياً متحمساً، وقسيساً في جيش شارل الأول. وعندما سيطر المشيخيون والبيوريتانيون على البرلمان، وأساءوا، في التعصب الشديد، معاملة الأنجليكانيين الذين كانوا يوماً متعصبين، أصدر تيلور كتاب "حرية الوعظ" (1646) وهودعوة حذرة إلى التسامح: إذا أي مسيحي قبل عقيدة الرسل يجب حتى تتلقاه الكنيسة بين أحضانها، ويجب حتى يهجر الكاثوليك أحراراً، إلا إذا أصروا على سيادة إنجلترا وعلى الملوك ، وقبض حزب البرلمان على تيلور وأودع السجن في الحرب الأهلية، ولكن بعد عودة الملكية، انضم إلى حكومة الأساقفة في الكنيسة، وخف تحمسه للتسامح.

وظهر أثر الكاثوليكية المتزايد في الرجل الأنجليكاني البارز ذي النفوذ في عصره، وهووليم لود، الذي كان رجل فكر وإرادة، ولد ليسيطر ويحكم أويموت. وكان متمسكاً بأهداب الفضيلة أشد تمسك، متزمتاً أشد التزمت، وطيد العزم إلى حد العناد مع سرعة الغضب، ورأى لود-كأي رجل صالح من رجال الكنيسة، أنه من القضايا المسلم بها حتى المعتقد الديني الموحد أمر لا غنى عنه للحكومة الناجحة وأن الشعائر المعقدة ضرورية لكل عقيدة مهدئة مؤثرة، وما كان أشد حزن المسيحيين والبيوريتانيين وأسفهم عندما اقترح لود إعادة الفنون إلى خدمة الكنيسة، لتجميل المذبح والمنبر وجرن التعميد، وإعادة الصليب المقدس، والمدرعة (الرداء الكهنوتي الأبيض) إلى الكهنة. وعلى هيئة جبل خاص للخطايا، أمر بوضع مائدة العشاء الرباني التي كانت توضع حتى الآن وسط الهيكل (وكانت تستخدم في بعض الأحيان لوضع القبعات عليها)، نقول أمر لود بوضع هذه المائدة خلف حاجز في الطرف الشرقي من كنيسة، وكانت هذه التغييرات في معظمها إحياء لأعراف إليزابث وقوانينها، ولكنها في نظر البيوريتانيين الذين أحبوا البساطة، كانت تمثل ارتداداً إلى الكاثوليكية، وتجديداً للفصل الطبقي بين القسيس وجمهور المصلين. ويبدوحتى لود أحس بأن الكنيسة الكاثوليكية كانت على حق في إحاطة الديانة بالمراسم والشعائر، وإضفاء هالة من القداسة على القسيس(17). وقدرت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية أراءه إلى حد أنها قدمت إليه منصب الكاردينال(18). ولكنه رفض رفضاً مهذباً. ولكن يظهر حتى هذه العروض أيد لوم البيوريتانيين وتأنيبهم، وأطلقوا عليه النذير بقدوم المسيح. وعينه شارل 1633 رئيساً لأساقفة كنتربري وعضواً في وزارة الخزانة. وعين رئيس أساقفة آخر قاضياً للقضاة في إسكتلندة فشكا الناس من حتى رجال الكنيسة يعودون إلى السلطة، كما كانت الكنيسة في أوج عظمتها في العصور الوسطى.

وشرع كبير أساقفة إنجلترا، من قصره في لامبث Lambeth في إعادة تشكيل الطقوس والأخلاقيات الإنجليزية، وخلق مائة عدوحديث حين فرض عن طريق "محكمة اللجنة العليا" (وهي هيئة قضائية أقامتها إليزابث، وهي الآن كنيسة بشكل واضح): فرض غرامات فادحة على المتهمين بالزنى، ولم تطلب نفوس الضحايا باستخدامه الغرامات في إصلاح كاتدرائية سانت بول المتهدمة، وطرد المحامين والبائعين المتجولين والمثرثرين من أبهائها(19)وحرم الكهنة الذين رفضوا الطقوس الجديدة من رواتبهم، أما الكتاب والخطباء الذين نقدوها مراراً وتكراراً، أوارتابوا في العقيدة المسيحية، أوالذين عارضوا نظام الأساقفة فكانوا يحرمون من الكنيسة ويوضعون في آلة تعذيب خشبية ذات ثقوب تقيد فيها رجلا المذنب ويداه، أوتبتر أذناه.

ويجب حتى نتخيل بشاعة ووحشية العقوبات التي فرضت في عهد لود، حتى ندرك مصيره. فان الكاهن البيوريتاني اسكندر ليتون Leighton، حوكم أمام محكمة قاعة النجم لأنه المؤلف المعترف به لكتاب يقول بأن نظام الأساقفة، نظام شيطاني معاد للمسيحية. فقيد في الأغلال وسجن في مكان موحش لمدة خمسة أسابيع في زنزانة شديدة البرد "مليئة بالجرذان والفيران، معرضة للثلوج والأمطار"، فتساقط شعر رأسه، وتقشر جلده، وربط إلى خازوق، وتلقى ستاً وثلاثين جلدة بحبل سميك على ظهره العاري، ووضع في المشهرة (آلة تعذيب) لمدة ساعتين في صقيع نوفمبر وجليده، ودمغ بسمة العار في وجهه، وشق أنفه وبترت أذناه، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة(20). وفي 1633 فرضت على لودويك بوير Ludowyc Bowyer، الذي كان قد اتهم لود بأنه كاثوليكي في دخيلة نفسه، غرامة، ودمغ بسمة العار، وبترت أطرافه، وشوه جسمه، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة(21). واتهم وليم برين، وهومن غلاة النادىة البيوريتانيين في "أنباء من أبسوبك" (1636)، اتهم أساقفة لود بأنهم خدم للبابا وللشيطان(22)، وأوصى بشنق الأساقفة. فدمغ بسمة العار على خديه كليهما وبترت أذناه، وأودع السجن حتى أفرج عنه البرلمان الطويل (1640)(23). وسجنت لمدة أحد عشر عاماً امرأة أصرت على اعتبار السبت يوم راحة وعبادة(24).

واتفق ألد أعداء لود، وهم البيوريتانيون، ومعه على ضرورة التعصب أوعدم التسامح. ومضىوا إلى أنه حكم نهائي معقول من أصل السماوي للمسيحية والخط المقدسة، فان أي فرد يعارض عقيدة قامت على هذا الأساس، لا بد حتىقد يكون مجرماً أومعتوهاً، وتجب حماية المجتمع من كثير من الخطايا واللعنات التي قد تنصب على المجتمع من جراء تعاليمه. وناشد المشيخيون البرلمان-(1648) حتى يشرع عقوبة السجن مدى الحياة لمن يستمرون على نشر تعاليم الكاثوليك والمعمدانيين والأرمينيين والكويكرز، وعقوبة الإعدام للذين ينكرون نظريات الثالوث الأقدس، أوالتجسد. ولكن المستقلين أتباع كرومويل، على أية حال، عرضوا التسامح مع جميع من يقبل أساسيات المسيحية، ولكنهم استبعدوا الكاثوليك والموحدين والمدافعين عن حكومة الأساقفة(25).

وكان في البيوريتانيين شيع كثيرة إلى حد يصعب معه جمعهم في تعميم واحد ينطبق عليهم جميعاً. وتمسك معظمهم بكلفنية صارمة، وبحرية سياسية فردية، ويحق جمهور جميع كنيسة في إدارة شئونها دون إشراف الأساقفة، وبعبادة غير موسومة بالمراسم والشعائر، متسمة بالمساواة، وتخلوا عن الفن الديني الذي يلهي المصلين ويشتت أفكارهم، واتفقوا مع المشيخيين في اللاهوت ولكنهم رفضوا مجامعهم الكنسية، لأنها تنزع إلى ممارسة سلطة الأساقفة، وأصروا على تفسير حرفي للخط المقدسة، واستنكروا القول بحكم العقل على الحق الموحى به، وكانوا يجلون العهد الجديد والعهد القديم بقدر سواء، وطبقوا على أنفسهم الفكرة اليهودية "شعب الله المختار"، وعمدوا أطفالهم بأسماء بطارقة "العهد القديم" وأبطاله، وفكروا في الرب على أساس "يهوه" الصارم القاسي، وأضافوا إلى ذلك إيمان الكلفنية بأن معظم الناس هم "أبناء العقاب الإلهي" قضت عليهم الإرادة المتحكمة من لدن إله لا يرحم بالخلود في الجحيم، وعزوا خلاص القلة "المختارة"، لا إلى صالح الأعمال، بل إلى نعمة إلهية ينعم الله بها على من يشاء متى شاء. ومضى بعضهم إلى أنه وقع الله، وظن بعضهم أنهم ملعونون فهاموا في الشوارع يئنون ويتأوهون، استباقاً لخلودهم في العذاب. وبدا حتى الله يسلط الصواعق دوماً على رؤوس الناس.

وفي وسط هذا "الإرهاب" الذي فرضته البلاد على نفسها كادت "إنجلترا المرحة" حتى يتقلص ظلها واستسلمت "إنسانية عصر النهضة" و"طبيعية" عصر إليزابث المفعمة بالحيوية إلى شعور بالذنب وخوف من الانتقام الإلهي. وبهذا الخوف وذلك الشعور نظر الناس إلى مسرات الحياة وكأنها أرجاس من عمل الشيطان أوتحديات للإله. وعاودت قسماً أكبر من الناس لم يعهد له مثيل من قبل في التاريخ المعروف، نقوعاودتهم المخاوف من الطبيعة البشرية والجسد، التي كانت سائدة بين الرهبان في الديار. وأعرب بريم Pryme حتى جميع عناق "نادىرة"، وكل رقص مشهجر "فسق وفجور(26)". وفي نظر معظم البيوريتانيين كانت الموسيقى والزجاج الملون والصور الزيتية والأردية الكهنوتية البيضاء والكهنة الممسوحون بالزيت-كلها أمور تحول دون الاتصال بالله والاتجاه إليه. ودرسوا الكتاب المقدس بعناية فائقة، واقتبسوا عباراته في جميع حديث وفي جميع فقرة تقريباً، وطرز بعض المتحمسين المتعصبين ثيابهم بنصوص مقدسة، وأضاف المغالون في التقى والورع لفظة "حقاً" إشهاد على إخلاصهم أوصدقهم. وحرم البيوريتانيون الصالحون استخدام مستحضرات التجميل وترتيب الشعر، على أنهما ضرب من الزهووالغرور والتفاهة. وحظوا بالاسم المستعار "ذوي الرءوس المستديرة Roundheads لأنهم قصوا شعورهم بشكل قصير جداً. ونددوا بالمسرح على أنه مخز (إلى غير ذلك كان)، وبمطاردة الدببة والثيران على أنها عمل وحشي، وبأخلاق البلاط على أنها وثنية. كما استنكروا الاحتفالات والأعياد الصاخبة، ودق النواقيس، والتجمع حول عمود أول مايوالمزدان بالأشرطة والأزهار والرقص حوله، وشرب الأنخاب، ولعب الورق. وحرموا جميع الألعاب أياً كانت في يوم الراحة، ونطقوا أنه يوم الرب، ويجب ألا يسمى بعد الآن بالاسم الوثني "الأحد". ورددوا صيحات الغضب-ومن بينهم ملتون-حين أصدر شارل الأول ولود-تجديداً لمرسوم جيمس الأول-"إعلان الألعاب" 1633، أجاز فيه الألعاب في يوم الأحد بعد تأدية الصلوات. ومد البيوريتانيون تشددهم في تحريم الألعاب والملاهي وفي الانقطاع إلى العبادة والراحة في أيام الآحاد (قوانين الأحد الزرقاء)، إلى يوم عيد الميلاد، ورثوا لأسلوب الاحتفال بمولد المسيح بالمرح والرقص والألعاب، وكانوا على حق في أنهم نسبوا معظم تنطقيد عيد الميلاد إلى أصول وثنية، وطالبوا بأنقد يكون عيد الميلاد يوماً مهيباً للصوم والكفارة، وفي 1644 أقنعوا البرلمان بعد لأي، بإقرار هذه الفكرة بمقتضى القانون.

وكما أكدت البروتستانتية على العظة أكثر مما عملت الكثلكة، فان البيوريتانيين كذلك توسعوا فيها حتى إلى أبعد مما جرى عليه البروتستانت. ومزق التعطش إلى المواعظ بعض القلوب، وانتقل عمدة نوروك إلى لندن ليستمع إلى مزيد من الوعظ، واستنطق بزاز من الأبرشية لأنها لا تقدم إلا عظة واحدة جميع يوم أحد، وقام "محاضرون" خاصون لإطفاء هذا الظمأ-وهؤلاء تعبير عن رجال عاديين تستأجرهم الأبرشية لإلقاء عظة يوم الأحد، بالإضافة إلى ما يلقيه الكاهن المعتاد. ونهض معظم الوعاظ البيوريتانيين بمهمتهم في جدية بالغة فأرهبوا مستمعيهم بأوصاف الجحيم، واتهم بعضهم الآثمين علناً بالاسم، وأفصح واحد منهم عن مدمني الخمر في شعب الكنيسة، وضرب، وهويتحدث عن البغايا، مثلاً بزوجة أحد أهالي الأبرشية المشهورين، ونطق آخر لمستمعيه إنه إذا كان الزنى والحلف والغش وإغفال طقوس يوم الراحة، إذا كانت هذه كلها تؤدي بالإنسان إلى الجنة، فسيخط الخلاص للأبرشية بأسرها(17). وأحس القساوسة البيوريتانيون حتى من واجبهم حتى يصفوا الناس-أويحرموا عليهم-قواعد السلوك، وأنواع اللباس ووسائل التسلية، فحرموا الاحتفال بأيام العطلة أوالأعياد في الأعراف الوثنية أوالكنيسة الكاثوليكية، وبذلك أضافوا نحوخمسين يوم عمل إلى السنة(28). ودوت صيحة الواجب في الخلق البيوريتاني، مقترنة بغرس الشجاعة والاعتماد على النفس والحزم والاقتصاد والعمل في النفوس، وكان هذا نظاماً أخلاقياً يلتئم مع الطبقة الوسطى، فأنه حث على العمل الجاد النشيط، وأجاز من الوجهة الدينية المشروعات والمغامرات التجارية والملكية الخاصة. وكان الفقر، لا الغنى، في نظرهم، هوالخطيئة، لأنه ينم على الافتقار إلى الخلق الشخصي وإلى نعمة الله(29).

وكان البيوريتانيون، من الناحية السياسية، يتوقون إلى حكومة دينية ديمقراطية، لاقد يكون فيها بين الناس إلا فروق أخلاقية ودينية، ولاقد يكون فيها حاكم غير المسيح. ولا قانون سوى حدثة الله. وكرهوا الضرائب الباهظة التي تعول الكنيسة الأنجليكانية. وشعر رجال الأعمال منهم حتى هذه الكنيسة الرسمية العليا الباهظة النفقات تحلبهم وتستنزف أموالهم. ونطق أحد المؤلفين "إن هذه الهاوية الأسقفية تلتهم تجارة الأمة"(30). ودافع البيوريتانيون عن الثراء، ولكنهم احتقروا الترف الخامل الذي كان يرفل فيه النبلاء، وتمسكوا بالأخلاقيات إلى حد التطرف، كما عملت الأجيال التالية بالحرية. ولكن من الممكن كانت مبادئهم القاسية تسليماً ضرورياً للانحلال الخلقي في عصر إليزابث. وأنجبوا بعضاً من أقوى الشخصيات في التاريخ-كرومل وملتون، والرجال الذين فتحوا الفيافي والقفار الأمريكية.

ودافعوا عن الحكومة البريطانية ونظام المحلفين ونقلوهما إلينا، وإن إنجلترا لمدينة لهم، بشكل جزئي، بالرصانة الحقة في الخلق الإنجليزي، واستقرار الأسرة البريطانية، ونزاهة الحياة الرسمية في بريطانيا. ولم تفقد شيئاً.


References

للاستزادة

  • Black, J. B. The Reign of Elizabeth, 1558–1603 (Oxford History of England) (1959) excerpt and text search
  • Clark, George Norman. The Later Stuarts, 1660–1714 (Oxford History of England) (1956), standard scholarly survey
  • Davies, Godfrey. The Early Stuarts, 1603–1660 (Oxford History of England) (1959)
  • Guy, John. Tudor England (1988)
  • Hoppit, Julian. A Land of Liberty?: England 1689–1727 (New Oxford History of England) (2002), standard scholarly survey; excerpt and text search
  • Kishlansky, Mark A. A Monarchy Transformed: Britain, 1603–1714 (Penguin History of Britain) (1997), standard scholarly survey; excerpt and text search
  • Langford, Paul. A Polite and Commercial People: England 1727–1783 (New Oxford History of England) (1994), standard scholarly survey; 803pp
  • Mackie, J. D. The Earlier Tudors: 1485–1558 (The Oxford History of England) (1957)
  • Palliser, D. M. The Age of Elizabeth: England Under the Later Tudors, 1547–1603 (2nd ed. 1992), primarily social & economic history
  • William, Basil and C. H. Stuart. The Whig Supremacy, 1714–1760 (Oxford History of England) (1962), older scholarly survey
  • Watson, J. Steven, and Sir George Clark. The Reign of George III, 1760–1815 (Oxford History of England) (1960), standard scholarly survey
  • Williams, Penry. The Later Tudors: England, 1547–1603 (New Oxford History of England) (1995)

انظر أيضاً

  • Early Modern English
  • Early Modern English literature
  • Early Modern period
  • تطور الامبراطورية البريطانية
  • الاستعمار البريطاني للأمريكتين
  • British Society for Eighteenth-Century Studies
  • Company rule in India
  • تاريخ اسكتلندة
تاريخ النشر: 2020-06-06 11:02:34
التصنيفات: التاريخ الحديث المبكر حسب البلد, بريطانيا الحديثة المبكرة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بيبي أنهى مباراة المغرب بكسر في ذراعه

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:18:29
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 99%

الاقتصاد السعودي يحقق أفضل أداء ربعي له منذ 2010

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:18:25
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 91%

وزير الطاقة: مستهدفات المملكة في قطاع الكهرباء ضعف الاستهلاك المحلي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:18:27
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 93%

لاعبو كرواتيا: ليس لدينا خطة محددة لإيقاف ميسي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:18:31
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 97%

منشأها إيران.. الأمن اليمني يضبط كميات من الحشيش المخدر 

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:18:04
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 88%

الأرصاد تكشف مناطق سقوط الأمطار على المحافظات.. غدًا

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:19:13
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 54%

اعتداء على قاصر يشعل تركيا.. والمعارضة تتهم الحكومة بالتقاعس

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:18:33
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 88%

فيديو.. ضابط إيراني يعتدي بالركل على امرأة وسط طهران

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:18:00
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 89%

25 حرفيا يقدمون تراث الأحساء للسيّاح من خلال "عين نجم"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:18:19
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 94%

تخوفاً من استهداف إسرائيلي.. حزب الله يعيد تموضع قواته بسوريا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:17:51
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 93%

"ذا جروفز" .. تجربة المطاعم الفاخرة ضمن موسم الرياض

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:18:22
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 96%

وزير الإسكان: من لم يخالف في البناء له حق برقبتنا

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:19:15
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

المفتي: رصدنا 33 ألف تدوينة صادرة عن «داعش» موجهه لشبابنا

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:19:22
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

مقتل قياديين من داعش في غارة أميركية بشرق سوريا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-11 18:17:49
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 100%

تحميل تطبيق المنصة العربية