الإمبراطور بطرس الأكبر

عودة للموسوعة

الإمبراطور بطرس الأكبر

بطرس الأول الأكبر
Peter I the Great
إمبراطور وأوتوقراط جميع الروسيات
الحكم 7 مايو1682–8 فبراير 1725 (&&&&&&&&&&&&&042.&&&&&042 سنة, &&&&&&&&&&&&0277.&&&&&0277 يوم)
التتويج 25 June 1682
سبقه فيودور الثالث
تبعه كاثرين الأول
Consort يودوكسيا لوپوخينا
مارثا سكاڤرونسكايا
الأنجال ألكسي پتروڤتش، تسارڤتش من روسيا
الدوق الأعظم ألكسندر
آنا، دوقة هولشتاين-گوتورپ
إليزابث من روسيا
الدوقة العظمى ناتاليا
البيت الملكي بيت رومانوڤ
الأب ألكسس من روسيا
الأم ناتاليا ناريشكينا
التوقيع
بطرس الأكبر

بطرس الأكبر أوبيتر العظيم أوبيتر الأول أوبيوتر ألكسييفيتش رومانوف (و. 1672 )-(وفاته 1725) (يسمى بالروسية: Пётр I Алексеевич Pyotr I Alekséyevich) ولد في الكرملين. وهوإبن القيصر الروسي ألكسي ميخايلوفيتش. عام 1682 حكم روسيا من عام 1682 خلفا لفيودر الثالث وحتى وفاته عام 1725. وقد كان يحكم روسيا بدايةً حتى 1696 مشاركاً لأخيه غير الشقيق إيفان الخامس في الحكم حيث حتى الأخير كان يعاني السقم.

صفاته

كان القيصر بطرس الأكبر طويلاً جداً بل ويصل طوله إلى حوالي المترين. وكان قوياً جداً من الناحية الجسدية. وكان بذيء اللسان على ما يظهر وكثير الجلبة والحركة. ولكنه كان يتمتع بارادة كبيرة لخدمة الدولة وتحقيق الانجازات الكثيرة. بالاضافة الى ضخامته الجسدية وشهيته التي لا تشبع وشهواته كان بطرس الاكبر معروفاً بتعطشه الى الفهم وقدرته الرهيبة على العمل.


الحياة

السنوات المبكرة

بطرس الأكبر في سن مبكرة.
بطرس الأول يتطلع نحوبحر البلطيق.

نطق عنه فردريك الثاني ملك بروسيا، يخط إلى فولتير: "لقد كان الملك الوحيد المتفهم حقاً. وإن لم يكن مشرع وطنه فحسب، بل كان يفهم جميع العلوم البحرية فهماً تاماً. وكان معمارياً، ومشرحاً، وجراحاً... وجندياً خبيراً، واقتصادياً بارعاً... ولم يعوزه إلا تعليم أقل همجية وضراوة ليكون المثل لجميع الملوك". ولقد لاحظنا ذلك التعليم الهمجي الضاري، وما اكتنف طفولة بطرس من عنف وسفك للدماء، مما هز جهازه العصبي وعوده الشراسة. وكان حتى في شبابه يعاني من تقلص عصبي لا إرادي في عضلاته من الممكن استفحل بعد ذلك بالإفراط في الخمر وبالسقم السري. خط بيرنيت بعد حتى زاره بإنجلترة في 1698 يقول: "إنه عرضة لتشنجات تصيب بدنه كله". ونطق روسي من أهل القرن الثامن عشر "من المشهور حتى هذا الملك. كان عرضة لنوبات مخية قصيرة متكررة من نوع عنيف بعض الشيء. وكان ضرب من التشنج يعتريه، يحدث به في فترة قد تمتد ساعات حالة من الاكتئاب تجعله لا يطيق النظر إلى إنسان ولوكان أقرب إلى أصحابه. وكان يسبق هذه النوبة دائماً التواء شديد في العنق نحوالجانب الأيسر، وتقلص عنيف في عضلات الوجه". ومع ذلك كان متين البناء قوي البدن. وروي أنه حين التقى بأغسطس الثاني تباريا في ثني الأطباق الفضية في أيديهما. وقد صوره نلر عام 1698 شاباً يتقلد السلاح وشعارات الملك، غاية في اللطف والبراءة، بعد ذلك نجده مصوراً تصويراً أكثر واقعية، فهوعملاق محدودب، طوله ستة أقدام وثماني بوصات ونصف، ذووجه تام الاستدارة، وعينين واسعتين وأنف كبير، وشعر بني يتساقط في خصل لا تقص إلا نادراً. ولا تكاد نظرته الآمرة الناهية تنسجم وثوبه المهمل المهوش، وجواربه الخشنة المرفوة، وحذاءه المرقع ترقيعاً بدائياً. ومع أنه نظم أمة بأسرها إلا أنه كان يهجر محيطة المباشر في فوضى أينما مضى. ذلك حتى الجهود الكبيرة استغرقته استغراقاً ضن معه على التوافه بأي وقت. وأما عادته فكانت كلباسه لا تعمل فيها ولا تأنق حتى لتحسبه فلاحاً لا ملكاً-لولا أنه كان خلواً من صبر الفلاحين الروس المتلبد. بل لقد كانت عاداته أحياناً أسوأ من عادات الفلاحين لأنه لم يكبحه خوف من سيد أوخشية من قانون. مرة رأى تمثالاً لآلة الذكر في مجموعة عاديات ببرلين، فأمر زوجته حتى تقبله، فلما رفضت كاترين هددها بضرب عنقها، ولكنها أصرت على الرفض، ولم يهدئ من ثائرته إلا تقديم التحفة هدية له ليزين بها حجرته الخاصة. وكان في أحاديثه ورسائله يبيح لنفسه استعمال أنكر الألفاظ وأفحشها. وكثيراً ما كان يعنف أخص أصدقائه بضربات من قبضته الهائلة، ومرة ضرب منشيكوف على أنفه فأسال دمه، ومرة ركل ليفور. وكان ولعه بـ "الموضوعب" يتخذ أحياناً صوراً قاسية، من ذلك أنه ألزم أحد مساعديه بأن يأكل السلاحف، وآخر بأن يشرب قارورة كاملة من الخل، وفتيات صغيرات بأن يبتلعن حصة جندي من البراندي. وكان يجد لذة شاذة في تطبيب الإنسان، وكان على المقربين منه حتى يحذروا من حتى تبدر منهم أقل شكوى من ألم في أسنانهم، فكلابته دائماً في متناوله. ولما شكا إليه تابعه من حتى زوجته تحتج بألم مزعوم في ضرسها لتحرمه من متع الزواج، أوفد في طلبها، وخلع لها ضرساً سليماً، ونطق لها حتى تنتظر المزيد إذا ظلت عزباء. ولقد جاوزت قسوته الفاجرة النقطة التي يمكن حتى يعتذر عنها بأنها طبيعية أوضرورية في زمانه أومكانه. حقاً لقد ألف الروس القسوة، ولعلهم كانوا أقل حساسية للألم من ذوي الأعصاب الأكثر رهافة، وربما كانوا في حاجة إلى تأديب صارم، بيد حتى قيام بطرس شخصياً تقريباً بذبح حامية موسكويوحي بلذة سادية بالقسوة، وشبق للدماء، وما كان هناك ضرورة من ضرورات الدولة تقتضي تقطيع اثنين من المتآمرين شرائح حتى يموتا.

لقد كان في بطرس مناعة ضد الرحمة أوالحنان، وأعوزه ذلك الإحساس بالعدالة الذي كبح نزوات لويس الرابع عشر أوفردريك الأكبر. أما انتهاكاته لوعوده القاطعة فكانت تنسجم تماماً وسنة العصر. وكان يرى ككل فلاح روسي حتى السكر استعفاء معقول من واقع الحياة. فلقد اضطلع بكل أعباء الدولة، وبمهمة أخطر بكثير هي مهمة تحويل شعب شرقي إلى الحضارة الغربية، ومن ثم بدا الشراب والقصف مع أصحابه تخففاً يستحقه. وكان يتقبل من جميع قلبه حكمة الفلاحين التي تزعم حتى الشراب فرحة الروسي. وكان مما يقيس به قدر الرجل قدرته على احتمال الشراب. وحين كان في باريس راهن على حتى كاهن اعترافه يستطيع حتى يشرب أكثر، ويظل أثبت جناناً، من الكاهن أمين سر الوزارة الفرنسية، ومضت المباراة ساعة، فلما تدحرج الأب الفرنسي تحت المائدة ضم بطرس كاهنه إليه لأنه "أنقذ شرف روسيا". وحوالي عام 1690 ألف بطرس وخلصاؤه فرقة سموها "جماعة المخمورين من الحمقى والمهرجين" (السوبور). وانتخب الأمير فيودور رومودانوفسكي قيصراً للسوبور، وقبل بطرس منصباً أدنى (كما عمل في الجيش والبحرية)، وكثيراً ما كان في الحياة الواقعية يتظاهر بأن رومودانوفسكي هوقيصر روسيا. وكان "سوبور" السكارى هذا مكرساً رسمياً لعبادة باخوس وڤينوس، وكانت له شعائر معقدة، تقلد في سوقية وفحش شعائر الكنيستين الأرثوذكسية الروسية والكاثوليكية الرومانية، والكثير من هذه الشعائر الساخرة كان من وضع بطرس نفسه. وشارك السوبور في كثير من احتفالات الدولة الرسمية. فلما تزوج بطريركه الهزلي نيكيتا زاتوف، البالغ من العمر أربعة وثمانين عاماً، عروساً في الستين، صمم بطرس ولف احتفالاً بذيئاً مزيناً (1715)، يشارك فيه نبلاء البلاط ونبيلاته جنباً إلى جنب مع الدببة والغزلان والتيوس، ويعزف السفراء على الناي أوالأرغن اليدوي، ويدق بطرس على الطبل.

كان حبه للفكاهة صخاباً لا يعهد القيود، وكثيراً ما أسف حتى استحال تهريجاً. وكان بلاطه يعج بالمهرجين والأقزام الذين كانوا عنصراً لا غنى عنه لكل احتفال. وذات مرة ركب القيصر، الذي ناهز سبعة أقدام طولاً وراح يلعب دور جليفر أمام الليليبوت، في موكب على رأس أربعة وعشرين قزماً راكبين. وكان يقتني في فترة من الفترات اثنين وسبعين قزماً في بلاطه، ويقدم بعضهم على المائدة في فطائر هائلة الحجم. كذلك كان عنده عمالقة، ولكن أكثرهم أوفدوا هدية لفردريك وليم ملك بروسيا لينخرطوا في جيش عمالقته "المسلات". وقد أهدى إلى بطرس عدة زنوج وكان يقدرهم تقديراً كبيراً، وبعث بعضهم إلى باريس ليتفهموا، وأصبح أحدهم قائداً روسياً، وهوالجد الأكبر للشاعر بوشكين. إلى الآن صورنا بطرس رجلاً ما زالت تغلب عليه الفطرة الهمجية، رجلاً من طراز ايفان الرهيب ولكنه مرح، تواقاً إلى التحضر ولكنه يحسد الغرب-لا على لطائفة وفنونه بل على جيوشه وأساطيله، وعلى تجارته وصناعته وثروته. وكانت فضائله موجهة إلى هذه الغايات باعتبارها مقومات الحضارة. ومن هنا فضوله الذي لا يشيع. فهويريد حتى يعهد عن جميع شيء كيف من الممكن أن يسير، ثم كيف من الممكن أن السبيل إلى تسييره سيراً أفضل. وقد أضنى مساعديه أثناء رحلاته بالجري هنا وهناك ليرى هذا وذاك حتى أثناء الليل. كان في غمرة من أفكاره، فأمضى بذلك ليبنتز، الذي كان في غمرة أخرى من أفكاره، ولكن أفكار بطرس كانت نفعية لا خفاء فيها. فقد كان له عقل مفتوح لأي شيء قد يعين وطنه على اللحاق بالغرب. وفي وسط أمة متدينة تديناً عابساً، معادية بتعصب للعقائد الغربية ولأساليب الحياة الدخيلة، كان مبرأ من التحيز كأنه الطفل أوالحكيم، يجرب الكاثوليكية، والبروتستنتية، وحتى الإلحاد. كان مقلداً أكثر منه مبتكراً، نقل الأفكار المجلوبة أكثر مما تصورها، ولكن في محاولته لحمل أمه إلى مستوى المنافسة مع الغرب، كان من الأحكم حتى تستوعب هذه الأمة خير ما يستطيع الغرب تعليمه أولاً، ثم تحاول التفوق عليه. إذا المحاكاة لم تكن قط بمثل هذه الأصالة. وقد حمله تفانيه الدءوب في سبيل هذا الهدف من الهمجية إلى العظمة. وإذا كان قد سخر وأفنى ملايين الروس لتحقيق غاياته فإنه أفنى نفسه أيضاً في محاولته إعطاء روسيا جيشاً عصرياً، وحكومة أكفأ، وصناعات أكثر تنوعاً وإنتاجاً، وتجارة أوسع، وثغور تستطيع حتى تتصل بالعالم. كان يتوخى القصد في جميع شيء إلا الحياة البشرية، التي كانت السلعة الوحيدة التي تزخر بها روسيا. وكان أول إجراء له تقريباً حين تقلد زمام الحكم أنه طرد جيش الخدم وموظفي القصر الذين غص بهم البيت المالك، وباع ثلاثة آلاف جواد من المرابط الملكية، وأطاح بثلاثمائة من الطهاة وصبيانهم، وخفض عدد الجالسين إلى مائدة الملك حتى في الأعياد إلى ستة عشر على الأكثر، واستغنى عن الاستقبالات والمراقص الرسمية، وحول إلى الدولة المبالغ التي كانت إلى ذلك الحين مخصصة لهذه الكماليات. وكان أبوه ألكسيس قد خلف له من الممتلكات الشخصية 10.734 ديسياتيناً (28.982 فداناً) من الأرض المزروعة وخمسين ألف بيت، تغل ريعاً قدره 200.000 روبل في العام. فنزل بطرس عن هذا كله تقريباً لخزانة الدولة، ولم يحتفظ لنفسه إلا بالميراث القديم لأسرة رومانوف-وهوثمانمائة "نفس" في إقليم نوفجورود. وعلى عكس لويس الرابع عشر، خفض أعظم قيصر تبوأ عرش روسيا حاشيته في الواقع إلى بضعة أصدقاء، مع احتفال بين الحين والحين، غير رسمي وأحياناً صاخب، ليضفي بعض الحيوية على جوموسكوالرتيب. وكثيراً ما استحال اقتصاده شحاً شديداً. فكان يبخس موظفي قصره أجورهم، ويقتر في حساب نفقة القصر اليومية من الطعام، ولا يدعوأصدقاءه لغداء أوعشاء بل لرحلات خلوية يدفع فيها جميع منهم نصيبه، ولما اشتكت البغايا اللاتي يرفهن عنه من ضآلة أتعابهن أجاب بأنه ينقدهن قدر ما ينقد رامي القنابل اليدوية، وهورجل تفوق خدماته خدماتهن قيمة. أما النساء فكن أحداثاً عارضة قليلة الخطر في حياته باستثناء واحد. ذلك أنه لم يكن مرهف الحس بالجمال. نعم كانت له حاجات جنسية، ولكنه أشبعها دون احتفال. ولم يكن يحب حتى ينام وحيداً، ولكن لا شأن لهذا بالجنس، وكان أحد الخدم يقاسمه فراشه عادة، ولعله كان يحتاج إلى إنسان قريب منه إذا دهمته تشنجاته في الليل. وحين بلغ السابعة عشرة، ورغبة في تهدئة أمه، تزوج يودوكسيا لوبوخينا، التي وصفت بأنها "جميلة غبية"، فلما عثر إحدى الصفتين أكثر دواماً من الأخرى أهملها، وعاد غلى أصحابه ومراكبه. واتخذ سلسلة من الخليلات العابرات، كن في الكثير الغالب وضيعات الأصل رقيقات الحال. ومرة كان فردريك الثاني ملك الدنمرك يمزح معه في أمر اتخاذه محظية فأجابه بطرس "يا أخي، إذا عاهراتي لا يكلفنني الكثير، أما عاهراتك فيكلفنك آلاف الكراونات التي لا تستطيع حتى تنفقها في وجوه أفضل". وقد عمل ليفور ومينشيكوف قوادين له، ونزل مينشيكوف عن خليلته لتكون زوجة بطرس الثانية. ولا بد حتى هذه المرأة أوتيت قدرة فذة حملتها-كما حملت تيودورا خليلة جستنيان من قبل-إلى عرش الإمبراطورية بعد حتى كانت مومساً. أمام هذه المرأة، التي ستصبح كاترين الأولى، فقد ولدت حوالي 1685 بليفونيا من أسرة وضيعة. ولما تيتمت رباها الراعي اللوثري جلوك خادمة في مارينبورج، وفهمها مبادئ المسيحية ولكنه لم يفهمها الأبجدية، ولم تتفهم القراءة قط. وفي 1702 حاصر جيش روسي يقوده شيريميتيف مارينبورج. فلما يئس قائد الحامية من الدفاع قرر حتى ينسف القلعة وهوفيها. ونمى إلى القس جلوك ما نوى القائد، فأخذ أسرته وخادمته وفر إلى المعسكر الروسي. فأوفد إلى موسكو، ولكن كاترين أبقيت لترفه عن الجنود. وارتقت منهم إلى شيريميتيف، فمينشيكوف، فبطرس. في تلك الحروب والأخطار كان على المرأة الفقيرة حتى تتلطف لتأكل. ويبدوحتى كاترين ظلت حيناً تخدم كلاً من مينشيكوف والقيصر. وقد أحباها لأنها كانت نظيفة، بشوشة، لطيفة، متفهمة، فهي مثلاً لم تصر على حتى تكون الخليلة الوحيدة، ووجد بطرس فيها ترفيهاً مرحاً بعد ضجيج السياسة أوالحرب وغضبات المحظيات الغيورات. ورافقته في حملاته، وعاشت عيشة الجنود، وقصت شعرها، وافترشت الأرض، ولم تجفل حين رأت الرجال يصرعهم الرصاص إلى جوارها. فإذا دهمت بطرس إحدى نوبات تشنجه وخاف الجميع حتى يلمسوه، كانت تتحدث إليه ملاطفة، وتربته، وتهدئ روعه، وتدعه ينام ورأسه على صدرها. وإذا افترقا خط إلى "كاترينوشكا" حبيبته رسائل تفيض حناناً معابثاً ولكنه مخلص. ثم غدت ضرورة لا غنى له عنها. ولم يحل عام 1710 حتى كانت زوجته في جميع شيء إلا شرعاً. وولدت له عدة أطفال. وفي 1711 عاونت على إنقاذه في البروث. وفي 1712 اعترف بها زوجة له علانية. وفي 1722 توجها إمبراطورة.

وكان تأثيرها عليه طيباً من نواح كثيرة. فهذه الصبية الفلاحة هذبت من طباع ذلك الملك الفظ. لقد حدت من ولعه بالمسكر، وفي عدة مناسبات كانت تدخل الحجرة التي يعاقر فيها الخمر ويقصف مع أصحابه وتأمره بهدوء قائلة: "عد إلى البيت أيها الأب الصغير" فيطيعها. وكانت تغض عن مغازلاته بعد الزواج. ولم تبذل محاولة للتأثير عليه في مجرى السياسة، ولكنها حرصت على حتى يدبر القيصر أمر مستقبلها، ومستقبل أقربائها، وأصدقائها. وتغلبت على الاستياء العام من جراء حملها من أصلها الوضيع بسلوكها مسلك ملاك الرحمة، ففي حالات عديدة أنقذت أشخاصاً من العقوبات التي أراد بطرس حتى ينزلها بهم، فإذا أصر على الصرامة كان عليه حتى يخفي الأمر عنها. وقد استغلت سلطانها عليه ببيع وساطتها، وبهذه الطريقة جمعت ثروة في الخفاء، استثمرت بعضها بحكم تحت أسماء مستعارة في هامبورج أوأمستردام. فهل نلومها لأنها نشدت شيئاً من الضمان في زمن جميع شيء في رهن بنزوة رجل واحد، وكل روسيا فيه في تقلب وتغير؟.


الطفولة

الاستيلاء على آزوڤ 1696

بداية عهده

تمثال بطرس الأكبر في تگانروگ من نحت مارك أنتوكولسكي
پورتريه بطرس الأكبر، بريشة گودفري نلر، 1698. هذا الپورتريه كان هدية بطرس إلى ملك إنگلترة.

يعتبر بيتر العظيم أحد أعظم من حكموا روسيا على مدار تاريخها. وقد قاد سياسة التغريب وسياسة التوسع التي غيرت روسيا القيصرية إلى الإمبراطورية الروسية والتي باتت إحدى أبرز القوى على مستوى أوروبا. وهومؤسس مدينة سانت بطرسبرغ، وسميت بهذا الإسم تكريمًا لبطرس الرسول حامي المدينة، والتي مثلت عاصمةً لروسيا على مدى أكثر من قرنين من تاريخها، خلفته في الكرسي كاثرين الأولى.كما أجرى عدة إصلاحات في الإدارة والمالية والصناعة والمجتمع. كما اسس جيشا حديثا وبنى اسطولا بحريا عظيما لروسيا.

وقد قاد سياسة الانفتاح على الغرب واوروبا، وقد تمكنت روسيا من خلالها ان تصبح إحدى أقوى الدول الأوروبية.

وطيلة حياته كلها عمل جاهداً لكي تصبح روسيا اكثر غنى وازدهاراً وقوة ومنعة ولذلك فإن الناس لا يزالون يتذكرونه حتى الآن وحتى قادة روسيا يعهدون بأنه كان النموذج الذي ينبغي احتذاؤه.

ورث بطرس السلطة المطلقة، وتقبلها قضية مسلمة، ولم يتطرق إليه شك في ضرورتها. فالحكم بمجلس تشريعي (دوما) من النبلاء (البويار) سيعيد الانفصالية الإقطاعية والفوضى القومية أوالركود، والحكم بمجلس ديمقراطي محال في بلد ما زال بدائياً من الناحيتين الفكرية والخلقية، ووافق بطرس كرومويل ولويس الرابع عشر على حتى هجريز السلطة والمسئولية هووحدة القادر على تنظيم الخليط البشري المتنافر ليؤلف منه دولة لها من القوة ما يمكنها من السيطرة على أهواء الشعب وصد هجمات الأعداء المتعطشين للأرض. ولم ينظر إلى نفسه نظرته إلى حكم مستبد بل إلى خادم للأمة ومستقبلها، وكان هذا إلى حد كبير غيماناً مخلصاً، نصف صادق على الأقل. ولقد عمل بهمة لا تقل عن همة أبسط الفلاحين في مملكته، فكان عادة يستيقظ في الخامسة صباحاً ويكد أربع عشرة ساعة في اليوم. لا ينام أكثر من ست ساعات في الليل، ولكنه يتقيل. ومثل هذا البرنامج لم يكن بالأمر غير العملي في صيف سانت بطرسبورج، حيث النهار يبزغ في الثالثة صباحاً ويستمر إلى العاشرة مساء، أما في الشتاء فكان لا بد من مواصلة الكثير من هذا البرنامج أثناء الليل الذي يبدأ حوالي الثالثة عصراً ويستمر إلى التاسعة من صباح الغد. وكانت سانت بطرسبورج الرمز ونقطة الارتكاز الأرخميدية لثورة لم تكن مسقطاً مثالياً لعاصمة دولة نظراً لشدة قربها من الساحل، ولكنها من هذا كانت تبعد خمسة وعشرين ميلاً من البحر، في نقطة يتفرع فيها نهر نيفا إلى فرعين، وكان بطرس يأمل حتى يحميها بقلعة كرونستاد التي شادها على جزيرة في مدخل الخليج.

أما المدينة نفسها فقد أسست في 1703 على غرار أمستردام. وإذ كان الكثير من هذا المسقط تغمره المستنقعات (وحدثة "نيڤا" باللغة السويدية معناها الوحل) فقد بنيت سانت بطرسبورج على نادىمات-أوفي تعبير روسية حزينة، على عظام آلاف العمال الذين جندوا قسراً لإرساء هذه الأسس وتشييد المدينة. ففي 1708 أوفد نحو40.000 رجلاً للقيام بهذا العمل، وفي 1709 أوفد 40.000 آخرون، وفي 1711 أوفد 46.000، وفي 1713 أوفد 40.000 فوق ما سبق. وكانوا ينقدون نصف روبل في الشهر، لم يكن بد من حتى يستكملوه بالتسول أوالسرقة. وكان أسرى الحرب السويديون الذين استخدموا في البناء يموتون بالآلاف. وإذ لم يكن هناك عجلات يدوية، فقد كان الرجال ينقلون المواد في قفاطينهم المرفوعة. كذلك صودر الحجر، فحرم مرسوم صدر في 1714 تشييد بيوت بالحجر في أي مكان بروسيا إلا في سانت بطرسبورج، أما في المدينة نفسها فقد أمر جميع شريف في البلاد بأن يبني له مسكناً من الحجر. وعمل الأشراف محتجين، إذ كرهوا مناخ المدينة ولم يشاركوا بطرس عشقه للبحر. أما بطرس فكلف بعض مهرة الصناع الهولنديين بأن يقيموا له كوخاً كالأكواخ التي رآها في زاندم، يحيطان من جذوع الشجر، وسقف من الحصباء، وحجرات صغيرة. وكان يكره القصور، ولكنه جاز ببناء ثلاثة منها للمناسبات الرسمية في بيترهوف (وهي الآن پترودڤوريتس) على المشارف الجنوبية لمدينة. وقد دمر هذا "القصر الصيفي" في الحرب العالمية الثانية. وفي ضاحية قريبة تدعى تسارسكوسيلو(وهي الآن بوشكين)، شاد كوخاً صيفياً لحبيبته كاتيرينوشكا. ولم يكن قصده أول الأمر حتى يجعل سانت بطرسبورج عاصمة بالإضافة إلى كونها ميناء، فقد كانت شديدة القرب إلى عدوته السويد.

ولكنه قرر إجراء هذا التغيير بعد فوزه على كارل الثاني عشر في بلطاوه. وكان تواقاً إلى الهرب من جوموسكوالكنسي القاتم وروحها القومية الضيقة، وأراد حتى يشعر النبلاء المحافظون برياح التقدم تهب عليهم من الغرب. وعليه فقد جعلها عاصمة له في 1712. وحزن أهل موسكو، وتنبأوا بأن الله مدمر عما قريب تلك المدينة نصف الوثنية. خط پوشكين يقول: "أن موسكوأحنت رأسها أمام العاصمة الجديدة، كما تنحني أرملة الإمبراطور أمام إمبراطورة شابة". لقد كان في بطرس من شدة الشوق إلى تغريب روسيا ما دفعه إلى تحويلها صوب البلطيق وكأنه يجرها إليه جراً، ثم أمرها حتى تتطلع من خلال نافذته على الغرب ". وفي سبيل هذا الهدف، وفي سبيل توفير قاعدة لأسطوله وميناء للتجارة الخارجية، ضحى بكل الاعتبارات الأخرى. سليم حتى الميناء سيحيط بها الجليد خمسة أشهر في السنة، ولكنها ستقابل الغرب وتلمس البحر. وكما حتى الدنيبر جعل روسيا بيزنطية، والفولجا جعلها آسيوية، فكذلك سيغريها النيفا بأن تكون أوربية. وكانت المستوى التالية بناء بحرية تحرس مسالك التجارة الروسية خلال البلطيق إلى الغرب. وحقق بطرس هذه الغاية فترة ببناء ألف سفينة كبيرة خلال حكمه، ولكنها كانت مبنية على عجل بناء سيئاً، فتلفت أخشابها، وتحطمت صواريها في الريح، وبعد موته استسلمت روسيا لقضائها الذي حكمت عليه به الجغرافيا، وهي حتى تكون بلداً حبيساً في اليابس مغلقاً دون الأطلنطي، منتظراً غزوالفضاء ليقفز متجاوزاً حواجزه إلى العالم. وبهذا المعنى كانت موسكوعلى حق: فقوة روسيا ودفاعها كان يجب حتىقد يكونا على اليابس، بجيوشه ورقعته الواسعة. وعليه فقد ثأرت موسكولنفسها في 1917 وأصبحت العاصمة من جديد. أما أعظم إصلاحات بطرس دواماً فهوإعادته تنظيم الجيش.

وكان قبله يعتمد على قوات مجندة من الفلاحين يقودهم سادتهم الإقطاعيون الذين لهم عليهم حق الولاء أولاً، وكانوا يفتقرون إلى النظام، ويعوزهم السلاح الجديد. وقد قوض بطرس سلطان النبلاء حين أنشأ جيشاً دائماً مدده من التجنيد الإجباري، وعتاده من أحدث أسلحة الغرب، وضباطه رجال ارتقوا من تحت السلاح ودربوا على الهدف الجديد، هدف خدمة روسيا في فخر لا خدمة إقليم ضيق وإقطاعي بغيض. والضرورة الحربية هي التي أملت على بطرس ثورته، فما كان من استطاعته تطوير روسيا دون حتى يفتح لها طريقاً إلى البلطيق أوالبحر المتوسط، وما كان في استطاعته حتى يعمل هذا بغير جيش عصري، ولا حتى يحتفظ بجيش كهذا دون حتى يغير اقتصاد روسيا وحكومتها، ولا حتى يغير هذين دون حتى يعيد خلق الشعب الروسي من حيث عاداته وأهدافه وروحه. لقد كان عملاً ينوء بحمله رجل واحد أوجيل واحد.وقد استهله على طريقاه المندفعة الهوائية بلحي الرجال المحيطين به وزيهم. ففي 1698، عقب عودته من الغرب، حلق لحيته الخفيفة، وأمر جميع الذين يريدون الاحتفاظ برضائه حتى يحذوا حذوه، باستثناء بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية، وبعد قليل أوفد مرسوم إلى جميع أراتى روسيا يقضي بأن يحلق جميع الفهمانيين لحاهم، ولهم حتى يبقوا على شواربهم. وكانت اللحية أشبه برمز ديني في روسيا، أطلقها الأنبياء والرسل من قبل، وقبل ثمانية أعوام فقط شجب البطريرك أوريان الجالس على كرسي البطريركية آنذاك حلق اللحي بوصفه عملاً مهرطقاً خارجاً على الدين. وقبل بطرس التحدي: فحلق اللحية سيكون رمزاً على الحداثة، وعلى الرغبة في دخول الحضارة الغربية. وأباح للفهمانيين الذين يشعرون بالحاجة الماسة إلى الاحتفاظ بعوارضهم حتى يحتفظوا بها لقاء ضريبة سنوية تبدأ من كوبك واحد للفلاح حتى تبلغ مائة روبل للتاجر الغني. يقول كتاب تاريخ قديم "كان الكثير من شيوخ الروس يحرصون على شعر لحاهم أشد الحرص بعد حلقه ليوضع في نعوشهم مخافة ألا يسمح لهم بدخول الجنة بدونه". وبعد اللحي اتى دور الزي الروسي. هنا أيضاً شعر بطرس حتى المقاومة الداخلية للتغريب ستخف بارتداء الزي الغربي. فبتر بنفسه الأكمام الطويلة التي يلبسها من يمثل أمامه من ضباط الجيش. ونطق لأحدهم "انظر، هذه الأمور تعوق حركتك. فلا أمان لك في أي مكان ما دمت تلبسها. تارة تقلب كوباً، وتارة أخرى تغمسها سهواً في الصلصة. أوبصنع غطاء لحذاءك منها. وعليه صدر أمر (يناير 1700) يقضي على جميع رجال الحاشية والموظفين في روسيا باتخاذ الزي الغربي. وكان الوافدين على موسكوأوالراحلين عنها حتى يختاروا بين قص قفاطينهم عند الركبة-وكانوا يرسلونها إلى الكاحل-وبين دفع غرامة. كذلك حثت النساء على ارتداء الزي الغربي، وكانت مقاومتهن أقل من مقاومة الرجال، فالنساء في عالم الأزياء نادىة للثورة في جميع عام. وقضى بطرس على حجاب المرأة السورية بقدوة أسرته أكثر مما قضي عليه بالقوانين. وكان أبوه ألكسيس وأمه ناتاليا سباقين في هذا الطريق، ثم وسعته أخته لأبيه صوفيا. أما بطرس فقد نادى النساء للقاءات اجتماعية وشجعهن على حتى ينزعن براقعهن، ويرقصن، ويعزفن، ويطلبن الفهم ولوعلى يد المفهمين الخصوصيين. ثم أصدر المراسيم التي تحظر على الآباء تزويج بنيهم وبناتهم على غير إرادتهم، وتشترط مضي ستة أسابيع بين الخطبة والزواج، وفي هذه الفترة ينبغي السماح للخطيبين باللقاء المتكرر، وبفسخ الخطبة إذا أرادا.

وابتهجت النساء بالخروج من الحريم "التيريم" وبدأن سباقاً في اتخاذ الأزياء الجديدة، وكان بعض الزيادة في ولادة الأطفال غير الشرعيين حجة تذرع بها رجال الدين ليقاوموا ثورة بطرس. ولقد كانت مقاومة الدين له العقبة الكؤود في سبيله. ذلك حتى رجال الأكليروس أدركوا حتى إصلاحاته ستنتقص من مكانتهم وسلطتهم. فناحوا وولولوا على تسامحه مع المذاهب الغربية في روسيا، وخامرتهم الظنون في إيمانه بأي عقيدة دينية. وسمعوا في اشمئزاز شديد بالتقليدات الساخرة التي كان هووخلصاؤه يهزأون فيها بالطقوس الأرثوذكسية. وكان بطرس من ناحيته يغيظه تحويل القوى البشرية إلى الأديار الشاسعة التي لا حصر لها، ويشتهي الموارد الهائلة التي تتمتع بها هذه المؤسسات. فلما توفي البطريرك أوريان (أكتوبر 1700)، امتنع بطرس عمداً عن تعيين خلف له، وأصبح هونفسه رئيساً للكنيسة على نحوما عمل هنري الثامن في إنجلترا، وتزعم حركة إصلاح ديني في روسيا. وظل منصب البطريرك شاغراً إحدى وعشرين سنة، فحرمت الكنيسة الأرثوذكسية زعيماً يتصدى لإصلاحات بطرس. وفي 1721 ألغى المنصب كله، وأحل مكانه "مجمعاً مقدساً" من رجال الكنيسة يعينه القيصر ويخضع لوكيل فهماني. وفي 1701 نقل إدارة الممتلكات الكنسية إلى إحدى مصالح الحكومة، واختزل اختصاص المحاكم الكنسية، وأخضع تعيين الأساقفة لتصديق الحكومة. ومنعت مراسيم أخرى رسامة المتصوفين أوالمتعصبين، وحدت من عدد مراكز خلق المعجزات. وقضي على الرجال ألا يبتروا على أنفسهم نذور الرهبنة قبل الثلاثين، وعلى النساء ألا ينذرن أنفسهن نهائياً للرهبنة قبل الخمسين(17). وتقرر إلزام الراهبان بالقيام بعمل نافع. وأجرت الحكومة تعداداً للممتلكات والإيرادات الديرية، وهجر بعض الإيراد للأديرة، وخصص الباقي لإنشاء المدارس والمستشفيات(18). واستسلم معظم الأكليروس لحركة الإصلاح الديني الروسي هذه، وهوإصلاح لم يمس العقيدة كما لم يمسها هنري الثامن. وندد بعض المخالفين ببطرس عدواً للمسيح، وأهابوا بالشعب حتى يرفضوا طاعته ودفع الضرائب له. فأمر بالقبض على زعماء هذا التمرد، وتصرف معهم بطريقته العادية. فجلد البعض ونفوا إلى سيبيريا، وسجن البعض مدى الحياة، ومات أحدهم من التعذيب، وأحرق اثنان منهم حرقاً بطيئاً حتى الموت. وفي غير هذا كان بطرس متمشياً مع الغرب في التسامح الديني. فحمى المخالفين من الاضطهاد ما داموا بعيدين عن السياسة. وفي سانت بطرسبورج، وبهدف تشجيع التجارة، جاز ببناء الكنائس الكلفنية واللوثرية والكاثوليكية على "نيڤسكي پروسپكت"، أصبح يلقب "مكان التسامح" وحمى الرهبان الكبوشيين الذين دخلوا روسيا، ولكنه نفى اليسوعيين (1710) لمثابرتهم الشديدة على الدعوة لكنيسة روما. وكانت إصلاحات بطرس الدينية بوجه عام أبقى إصلاحاته كلها، فقد أنهت العصور الوسطى في روسيا. ثم غيرت عملية ضخمة من الفهمنة حياة روسيا وروحها، من تحكم الكهنة وملاك الأراضي إلى حكم الدولة الذي كاد يصل إلى حد التنظيم العسكري الصارم. فقد أخضع بطرس النبلاء لإرادته، وأكرههم على خدمة الشعب، وأعاد تنظيم مراتب المجتمع حسب أهمية الخدمة الاجتماعية التي تؤدى. فنبتت أرستقراطية جديدة، تتألف من موظفي الجيش والبحرية ودواوين الدولة. ورأس الحكومة مجلس شيوخ من تسعة رجال (زيدوا بعد ذلك إلى عشرين) يعينهم القيصر، وكان يديرها تسع هيئات أو"كليات" تختص بالضرائب والدخل، والمصروفات، والحسابات، والرقابة، والتجارة، والصناعة، والعلاقات الخارجية، والحرب، والبحرية، والقضاء، وكان حكم الأنطقيم الأثنا عشر، أو"الجوبرنييا" والمجالس التي تحكم المدن، مسئولين أمام مجلس الشيوخ. وقسم سكان جميع مدينة إلى طبقات ثلاث: التجار الأغنياء والمهنيين، والمدرسين والحرفيين، والأجراء والعمال، والطبقة الأولى وحدها هي التي يجوز انتخابها للمجلس البلدي (الماجسترا)، والطبقتان الأوليتان وحدهما لهما حق التصويت، ولكن لكل دافعي الضرائب الذكور الحق في الاشتراك في اجتماعات المدينة.

وظهر "المير" أومجتمع القرية، لا بوصفه مؤسسة ديمقراطية، بل هيئة مسئولة بجملتها عن ضريبة الرءوس التي أدخلت في 1719. وحد الإشراف المركزي من الاستقلال المحلي، ولم يكن هناك أي تفكير في النظم الديمقراطية، لأن التغيير السريع الذي اختطه بطرس لا سبيل إلى تحقيقه-إن كان هناك سبيل على الإطلاق-إلا بالسلطة الدكتاتورية. ووجب حتى يضم ذلك التغيير الاقتصاد كما ضم السياسة، لأن مجتمعاً زراعياً خالصاً لا يمكن حتى يحتفظ باستقلاله طويلاً أمام دول أغنتها الصناعة وزودتها بالسلاح. وقد أورد اقتصاد ألماني عاصر ذلك العهد رأياً سيثبت صوابه القرنان التاليان له-وهوحتى الأمة التي لا تصدر في الأكثر غير الخامات والحاصلات الزراعية لن تلبث حتى تخضع للدول المنتجة والمصدرة للسلع المصنوعة أولاً(21). وعلى ذلك لم يوجه بطرس للزراعة إلا القليل من اهتمامه. وبدلاً من حتى يخفف من رق الأرض طبقة على الصناعة. وقد فهم الفلاحين بقدوته الشخصية كيف من الممكن أن يحصدون غلتهم وأمر بأن يستبدل بالمناجل ذات المقبض القصير sickles مناجل ذات مقبضين seuthes. وقد ألف الروس حرق أراضي الغابات للحصول على رماد مخصب للتربة، فحظر بطرس هذا العمل، لأنه احتاج ألواح الخشب لسفنه، وللأشجار لصواريه. وأدخل زراعة التبغ، والتوت، والكروم، وافتتح تربية الخيل والغنم في روسيا. على حتى هدفه الأهم كان التصنيع السريع. وكانت أولى مشاكله توفير الخامات. فشجع نشر التعدين، ومنح المكافآت الحافزة لرجال مثل نيكيتا ديميدوف والكسندر ستروجانوف أبدوا الجرأة والمهارة في التعدين وتشغيل المعادن، وحث ملاك الأراضي على حتى يشجعوا أويسمحوا باستخراج المعادن من أراضيهم، فإن قصروا في هذا فلغيرهم حتى يستخرجوها لقاء رسم اسمي فقد يؤدونه لهم. فما وافى عام 1710 حتى كفت روسيا عن استيراد الحديد، وقبل موت بطرس كانت تصدره(22). ثم استقدم مهرة الصناع ومديري الصناعة الأجانب، وحض الروس من جميع الطبقات على تفهم الفنون الصناعية. وافتتح إنجليزي بموسكومصنعاً لدبغ الجلود وصنع الأحذية، وأمر بطرس جميع مدينة في روسيا بأن تبعث وفداً من الحذاءين إلى موسكولتفهم أحدث طرق صناعة الأحذية بنوعيها الواطئ والعالي، وهدد المتمسكين بالأساليب العتيقة في هذه الصناعة بتشغيلهم في سفن العبيد. ورغبة في تشجيع صناعة النسيج الروسية لم يلبس غير المنسوجات الوطنية بعد حتى نشطت صناعتها، وحظر على المسكوفيين شراء الجوارب المستوردة. وما لبث الروس حتى صنعوا المنسوجات الجيدة. وروع أميرال بحري أصحاب التنطقيد، وأبهج القيصر، بصنعه المقصبات الحريرية. وصنع فلاح طلاء (لاكيه) يفوق أي نظير له في "أوربا" باستثناء الطلاء البندقي وقبل حتى ينتهي حكم بطرس كان في روسيا 223 مصنعاً، بعضها لا يستهان بحجمه، واستخدمت صناعة الحرير بموسكو1.162 عاملاً، واستخدم أحد مصانع النسيج 742 رجلاً، وآخر 730، ووظفت مؤسسة للتعدين 683 شخصاً(23). نعم كان في روسيا مصانع قبل بطرس، ولكن ليس على هذا النطاق. وكثير من المصانع الجديدة بدأته الحكومة ثم سلم للأهالي ليديروه، ولكنهم مع هذا كانوا يتلقون إعانات من الدولة، ويخضعون لإشراف دقيق من الحكومة. وكانت الرسوم الجمركية المرتفعة الحامية درعاً يقي الصناعة الوليدة من المنافسة الأجنبية. ولجأ بطرس إلى تجنيد الرجال قسراً ليزود بهم المصانع ولم يتوفر من العمال إلا القليل، فحول الفلاحين صناعاً طوعاً أوكرهاً. وخول لرجال الصناعة حتى يشتروا الأقنان من ملاك الأراضي ويشغلوهم في المصانع. وزودت المشاريع الكبرى بفلاحين منقولين من أراضي الدولة ومزارعها(24). وحدث ما يحدث في معظم المحاولات الحكومية للتصنيع السريع، إذ لم يستطع القادة الانتظار ريثما تغلب غريزة التملك على العادات والتنطقيد، وتقود العمال من ميادين وأساليب عتيقة إلى أعمال وأنظمة جديدة. فطورت قنية صناعية، على كره من بطرس بوجه عام، ومن عمد من خلفائه. واعتذر بطرس عنها في مرسوم 1723، فنطق: "ألا يصنع جميع شيء (أول الأمر) بالإكراه،يا ترى؟ أما حتى الراغبين في الاشتغال بالصناعة قلة فسليم، لأن شعبنا أشبه بالأطفال، يأبون البدء بتفهم الأبجدية ما لم يكرهها عليهم مفهموهم. ويبدولهم هذا التفهم غاية في الصعوبة أول الأمر، ولكنهم ما إذا يتفهموها حتى يحمدوا لمفهميهم صنيعهم، ونحن نسمع الكثير من آيات الحمد والشكر على الإصلاحات التي أتت أكلها عملاً... عملينا في مسائل الصناعة حتى نعمل ونلزم، ونعين بالتعليم(25)". ولكن الصناعة لا تتطور إلا بتجارة تبيع منتجاتها. ولكي يشجع بطرس التجارة حمل المكانة الاجتماعية لطبقة التجار. وفرض نموصناعة كبيرة لبناء السفن في أركانجل وسانت بطرسبورج. وحاول إنشاء بحرية تجارية تحمل السلع الروسية في سفن روسية ولكنه أخفق لأن الفلاح الروسي الذي ضربت جذوره في الأرض وانغلق فيها لم يقبل على البحر برغبة أوكفاية. وفي داخل روسيا نفسها كانت المسافات الشاسعة والطرق الوعرة تعوق التجارة. ولكن الأنهار كانت وفيرة، تغذيها ثلوج الشمال وأمطار الجنوب، فإذا تجمدت الأنهار ففي صلابة تتحمل بفضلها الأثنطق شأنها شأن الطرق المتجمدة. وكانت الحاجة ماسة لربط هذه الأنهار بقنوات-تصل النيفا والدوينا بالفولجا، والفولجا بالدون، فيرتبط البلطيق بالبحر الأبيض بالبحر الأسود وبحر قزوين. وأرسى بطرس الأساس لهذه المجموعة الكبيرة، وافتتح في 1708 القناة الموصلة بين النيڤا والڤولگا، ولكن كان لا بد حتى تنقضي عهود ملكية عديدة قبل حتى تكتمل هذه الشبكة، وقد لقي الألوف من العمال حتفهم في هذه المحاولة. وأكرهت الحرب والمشروعات المتنوعة بطرس على جمع رأس المال بمقادير لم يسبق لها نظير في روسيا. وقد حصل على بعضه بإعطاء الحكومة احتكار إنتاج وبيع الملح، والتبغ، والقار، والدهون، والبوتاس، والراتنج، والغراء، والراوند، والكافيار، وحتى التوابيت المصنوعة من البلوط. وكانت هذه التوابيت تباع بربح بلغ أربعمائة في المائة، أما الملح فتواضع ربحه إلى مائة في المائة، ولكن القيصر استوعب حتى الاحتكارات تعوق الصناعة والتجارة، فبعد حتى أبرم الصلح مع السويد ألغاها بجرة قلم وأطلق التجارة الداخلية من عنطقها. وبقيت التجارة الخارجية خاضعة لرسوم التوريد والتصدير، ولكنها كادت تبلغ عشرة أضعافها بين 1700 ومرت بطرس في 1725. وكان أكثرها تنقله سفن أجنبية، وما بقي منها ما أيد روسية كانت تعرقله الرشوة التي استشرت بحيث لم تجد فيها حتى عقوبات بطرس الوحشية. أما نظام الضرائب فكان شاملاً. فقد كلفت هيئة خاصة عينتها الحكومة بوضع نظام لضرائب جديدة وإدارته. ففرضت الضرائب على القبعات والأحذية، وخلايا النحل، والحجرات، وأقبار الخمور والمؤن، والمداخن، والمواليد، والزيجات، واللحي. أما الضريبة على الأسر فقد عطلتها الهجرات الجماعية غير المنظمة، فاستبدل بها بطرس ضريبة على "الأنفس" أينما وجدت، ولم تطبق هذه الضريبة على النبلاء أوالأكليروس. وارتفعت إيرادات الدولة من 1.400.000 روبل في 1680 إلى 8.500.000 في 1724-خصص خمسة وسبعون في المائة منها للجيش والبحرية. ونصف هذه الزيادة كانت غير واقعية بسبب انخفاض قيمة العملة بمقدار النصف في عهد بطرس، لأنه لم يستطع مقاومة إغراء الربح المؤقت بغش العملة. وكان افتقار الجميع-من الملك إلى الفلاح-للنزاهة معطلاً لسير الاقتصاد، وجمع الضرائب، وأحكام القضاء، وتطبيق القوانين. وقد قرر بطرس الحكم بالإعدام على جميع الموظفين الذين يقبلون "الهدايا" ولكن أحد مساعديه نبهه إلى أنه إذا نفذ هذا القانون فلن يجد بعد حين غير موظفين أمواتاً. ومع ذلك اغتال بعضهم. من ذلك حتى الأمير ماتڤي گاگارين، حاكم سيبيريا، أثري ثراءً خاصاً، فزين تمثاله المصنوع للعذراء بمجوهرات بلغت قيمتها 130.000 روبل، وأراد بطرس حتى يعهد كيف من الممكن أن حصلت عليها العذراء، فلما عهد شنق گاگارين. وفي 1714 قبض على عدد من كبار الموظفين بتهمة سرقة الحكومة والشعب، وكان من بينهم نائب حاكم سانت بطرسبورج، ورئيس تموين الدولة، ورئيس الأميرالية، وحاكما نارڤا وريفيل، وعدد من أعضاء السناتو. وشنق بعضهم، وحكم على بعضهم بالسجن مدى الحياة، وجدعت أنوف البعض، وجلد البعض بالعصي. ولما أمر بطرس بوقف الجلد توسل إليه الجنود الذين كانوا يقومون به قائلين "اسمح لنا يا أبتاه حتى نجلدهم أكثر قليلاً لأن هؤلاء اللصوص سرقوا جميع شيء حتى خبزنا(26)". واستشرى الفساد، وزعم مثل روسي حتى المسيح نفسه كان من الجائز حتى يسرق لولا حتى يديه شدتا إلى الصليب.

وفي وسط هذا النضال، نضال إرادة واحدة ترغب تغيير الحياة الاقتصادية والسياسية لنصف قارة، عثر بطرس وقتاً حاول فيه إحداث ثورة ثقافية أيضاً. لقد كان يكره الخرافة، ويتوق إلى حتى يحل محلها التعليم والفهم. وكان الروس إلى عهده يؤرخون من خلق العالم كما افترضوه، ويبدأون السنين بشهر سبتمبر. ففي 1699 جعل بطرس التقويم الروسي يتفق مع التقويم اليولياني، كما تستعمله الدول البروتستانتية، فتقرر حتى تبدأ السنة بعد ذلك بيناير، وتؤرخ من مولد المسيح. وتذمر الشعب، فكيف يختار الله منتصف الشتاء زماناً للخليقة،يا ترى؟ وأنفذ بطرس ما أراد، ولكنه لم يجرؤ على تطبيق التقويم الجريجوري، الذي قبلته أوربا الكاثوليكية في 1582، فحذف عشرة أيام كما اقتضته تلك "الحيلة البابوية" كان يسلب عدة قديسين أرثوذكس أعيادهم المقدسة. ووفق القيصر الذي لم يهدأ له بال في مشروع آخر لا يقل عنتاً، هوإصلاح الأبجدية. ذلك حتى الكنيسة الأرثوذكسية كانت تستعمل الأبجدية السلاڤونية القديمة، ولكن الطبقات الصناعية والتجارية اقتبست أبجدية أساسها الحروف اليونانية. فأمر بطرس بأن تطبع بها جميع الخط غير الدينية. واستورد المطابع واستقدم الطباعين من الأراضي المنخفضة، وبدأ (1703) أول جريدة روسية، وهي "جازيتة سانت بطرسبورج"، وأمر بنشر خط في التكنولوجيا والعلوم، ومول النشر، وأسس مخطة سانت بطرسبورج، وأنشأ المحفوظات الروسية بأن جمع في المخطة مخطوطات الأديار وسجلاتها وأخبارها. وفتح عدة معاهد تقنية وأمر بأن يلتحق بها أبناء الطبقة الأرستقراطية. وحاول حتى ينشئ في جميع إقليم "مدرسة للرياضيات"، وفي موسكوأنشأ مدرسة ثانوية "جمنازيوم" على غرار المدارس الألمانية لتعليم اللغات والأدب، والفلسفة، ولكن هذه المدارس لم يخط لها طول البقاء. وفي 1724 نظم أكاديمية سانت پطرسبورگ، وجلب إليها فهماء أفذاذاً كجوزيف مرشد ليفهم الفلك، ودانيال برنولي ليفهم الرياضيات. وبالحال من ليبنتز كلف (1724) فيتوس برنگ، الملاح الدنمركي، بأن يرأس بعثة إلى كمشاتكا ليتبين هل آسيا وأمريكا متصلتان طبيعياً. وقد أقلع برنگ بعد وفاة بطرس. أما المسرح الروسي فكان على عهد ألكسيس لا يقدم غير الحفلات الخاصة. فرخص بطرس مسرحاً على الميدان الأحمر وفتحه للجمهور، واستقدم الممثلين الألمان، فمثلوا خمس عشرة مأساة وملهاة، منها بعض ملاهي موليير. وجلب الموسيقيين الأجانب لتأليف الأوركسترات. وأدخلت فيه روسيا السوناتا والكونشرتو، واتخذت الموسيقى الفهمانية الروسية أشكالاً أوربية من تآلف الألحان وامتزاجها. وأوصي بطرس بشراء اللوحات والتماثيل، ولا سيما الإيطالية منها، وجمعها هي وغيرها من الآثار الفنية في متحف للفن في سانت بطرسبورج فتحه لجميع الزائري مجاناً، وأمر بتقديم المشروبات الخفيفة لهم. ووفد المصورون الأجانب ليرسموا لوحات الأشخاص بأسلوب الغرب. وبنيت بعض الكنائس أيام ألكسيس، ولكن قل منها ما بني أيام بطرس. ووجد المعماريون الآن أنه أربح لهم حتى يبنوا القصور. ولم يزدهر أدب عظيم خلال هذه الثورة التي اقتلعت القديم من جذوره، فلا بد من انقضاء وقت حتى يمكن الإحساس بدفعة بطرس في الشعر. وقد صدر كتاب جريء قبل وفاته بعد عام، وهو"كتاب الفقر والغنى" بقلم إيڤان بوسوشكوڤ الذي وبخ الروس على همجيتهم وأميتهم، وظاهر بقوة إصلاحات القيصر. وقد اتى في الكتاب "من سوء الحظ حتى مليكنا العظيم يكاد يقف وحده، ومعه عشرة أشخاص، في محاولة حمل الأمة في حين يحاول الملايين خفضها(28)". وندد ايفان بظلم الفلاحين، وطالب بقضاء نزيه تجريه محاكم متحررة من السيطرة الطبقية، وصدم القيصر بأن طلب جمع ممثلين لجميع الطبقات ليخطوا دستوراً جديداً ومدونة قوانين لروسيا. وقبض على بوسوشكوف بعد موت بطرس ببضعة شهور، ومات في السجن في 1726.

ازدادت المقاومة لإصلاحات بطرس من سنة إلى سنة. ذلك حتى الروس ألفوا الفقر، والعذاب، والاستبداد، ولكنهم لم يسبق لهم قط- حتى تحت حكم ايفان الرهيب- حتى أثقلوا بمثل هذه الأعباء، أودفعوا مثل هذه الضرائب، أوماتوا بمثل هذه الكثرة لا في ساحة القتال فحسب بل في أشغال السخرة جوعاً وبرداً وأعياءً سقماً. خط ليفور صديق بطرس المحبوب في 1723 يقول "إن الشقاء يشتد من يوم إلى يوم، والشوارع تمتلئ بناس يحاولون بيع أطفالهم... والحكومة لا تدفع مالاً للجنود، ولا لرجال البحرية، ولا لموظفي الإدارات الحكومية، ولا لأحد(29)". وحير القيصر ازدياد الفقر وسط إصلاحاته، فجعل التسول أوالتصدق على المتسولين جريمة، وأقام ستين منظمة لتوزيع الصدقات. ولكن التسول استمر، والجريمة انتشرت. وكاد يسيطر على الطرق الأقنان الآبقون من الرق، والجنود والعمال المسخرون الذين هجروا معسكراتهم معرضين أنفسهم للموت. ونظموا أنفسهم أحياناً أفواجاً عدتها مئات حاصرن المدن واستولت عليها. ذكر قائد في 1718 "إن موسكومباءة للسطو، وكل شيء فيها خرب، وعدد الخارجين على القانون يتضاعف، وإعدام المذنبين لا يتوقف أبداً". وأقام المواطنون المتاريس في بعض شوارع موسكو، وأحاطوا بعض البيوت بأسوار عالية اتقاء اللصوص. وحاول بطرس منع السرقة بالعقاب الصارم، فأمر بأن يشنق قطاع الطرق الذين يقبض عليهم، وأن تجدع أنوف الساطين على المنازل، الخ. ولكن هذه العقوبات لم تردع المجرمين. فقد شقت الحياة على الفقراء حتى لم يصبح هناك فرق يذكر في نظرهم بين عقوبة الإعدام وبين السجن المؤبد الذي يقضونه راسفين في أغلال القنية أوالسخرة، واحتملوا أبشع ضروب العذاب بتجلد من ماتت أعصابهم. واشتد كره الناس لبطرس حتى لقد أحب الكثيرون حتى أحداً لم يقتله. كرهه النبلاء لأنه أرغمهم على خدمة الدولة، ولأنه حمل الطبقات الصناعية والتجارية مقاماً وثراءً، وكرهه الفلاحون لأنه سخره في عمل اقتلعهم من أوطانهم، ومن أسرهم في كثير من الحالات، وكرهه رجال الكنيسة لأنه الوحش الوارد ذكره في سفر الرؤيا، والذي جعل المسيح ذاته خادماً للحكومة، وارتاب فيه جميع الروس تقريباً لاختلاطه بالأجانب واستيراده الأفكار "الوثنية"، وخافت روسيا كلها بأسه لعنفه ولعقوباتها الوحشية. إذا روسيا لم ترد هذا التغريب، إنها تمقت الغرب مقتاً شديداً، والاحتفاظ بروحها القومية كان يقتضيها حتى تكون "سلافية الميول" ونشبت حركات تمرد يائسة بموسكو1698، وبأستراخان في 1705، وعلى طول الفولجا في 1707، وفي أوقات متفرقة في أراتى الإمبراطورية وخلال العهد كله. أما بطرس فقد رمز إلى الصراع وزاده حدة بالعودة إلى الغرب مرتين. ففي خريف 1711 مضى إلى ألمانيا ليرأس في تورجومراسيم زواج ابنه. وهناك استقبل ليبنتز، الذي اقترح عليه إنشاء أكاديمية روسية كان يرجوالفيلسوف المتعدد المواهب حتى يرأسها.


الحرب الشمالية الكبرى

بطرس الأول من روسيا يشكم قواته المروِّعة بعد استيلائها نارڤا في 1704 بريشة نيقوسيا زاورڤايد, 1859
بطرس الأول في معركة پولتاڤا (فسيفساء من ميخائيل لومونوسوڤ)

خاض بطرس الاكبر حروباً عديدة كانت أهمها حرب مع السويد التي دامت حوالي العشرين سنة «1700-1721» وقد خرج منها منتصراً واصبحت بلاده أبرز قوة اوروبية في الشرق. بل وبدءاً من عهده ابتدأت روسيا تصبح قوة عظمى بالاضافة الى الدولة العثمانية، وفرنسا، وانجلترا، وبروسيا، والنمسا... وقد زار بطرس الاكبر اوروبا في بداية عهده عندما كان لا يزال شخصاً مغموراً.

وكان يقول بأنه اتى الى هانوفر، وامستردام ولندن وپراگ وفيينا وباريس، لكي يرى ويتفهم من الحضارة. وكان ذلك بين عامي 1697-1698. ولكنه بعد عشرين سنة من ذلك التاريخ ظهر على العالم بصفته احد كبار الاباطرة. ثم اسس مدينة باسمه تدعى سان بطرسبورج لكي تصبح عاصمته. ومعلوم حتى الشيوعيين غيروا اسمها فاصبح لنين‌گراد. ولكن بعد سقوط الشيوعية عادت الى اسمها الحقيقي من جديد.

وكان بطرس الاكبر يقول: لا معنى لاي امبراطور ان لم يكن يمتلك جيشاً ارضياً واسطولاً بحرياً. والواقع ان تجربته مع السويد اثبتت له صحة ذلك. فقد هزمته اثناء المعارك الاولى بسبب ضعف الاسطول الروسي آنذاك.

وعاد القيصر إلى سانت بطرسبورج في يناير 1712، ولكنه في أكتوبر، وسط حملة شنها إلى السويد، استشفى بمياه كرلسبارد، وزار فتنبرگ. وأخذه بعض القساوسة اللوثريين إلى البيت الذي قذف فيه لوثر محبرة على الشيطان، وأروه الحبر على الحائط، وطلبوا إليه حتى يخط تعليقاً عليه، فخط "إن الحبر حديث تماماً، فواضح إذن حتى السيرة غير سليمة(30)". وعاد بطرس إلى عاصمته الجديدة في أبريل 1713. وفي فبراير 1716 انطلق إلى الغرب مرة أخرى، فزار ألمانيا وهولندة، وفي مايو1717 بلغ باريس آملاً حتى يزوج ابنته اليزابيث للويس الخامس عشر. ولما التقى بطرس بالملك الصبي ذي السبعة الأعوام، حمله ليقبله، وبعد أيام، حين كان لويس يستقبله أمام القصر الملكي، حمله بطرس كأنه طفل وحمله صاعداً السلم مما جعل أفراد الحاشية يرتعدون. وأنفق في باريس ستة أسابيع متفرجاً، مستوعباً جميع جوانب الحياة في المدينة- السياسية، والاقتصادية، والثقافية. وصوره الرسامان ريجووناتييه. وزار مدام دمانتنون العجوز في سان-سير. ومن باريس مضى إلى منتجع، وظل خمسة أسابيع يشرب المياه هناك، لأنه كان إذ ذاك يشكوعللاً كثيرة- ولحقت به زوجته كاترين في برلين. واكتشفت حتى له خليلة، ولكنها اغتفرت ذلك جرياً على أرقى تنطقيد البيوت المالكة الأوربية.

فلما وصل إلى سانت بطرسبورج (20 أكتوبر 1716) قابل أزمة من أسوأ الأزمات في حياته. ذلك حتى ابنه ألكسيس، الذي كان يرجوحتى يورثه ملكه ويهجر له المضي قدماً في إصلاحاته، انتهى إلى كره الكثير من تلك البدع، وكره الأساليب التي كانت تفرض بها فرضاً. وكان في بدنه وعقله ابن يودوكسيا أكثر منه ابن بطرس. وكان ضئيل الجسم، هياباً، ضعيفاً، ولوعاً بالخط، مخلصاً للكنيسة الأرثوذكسية، لأنه ربي على التقوى بينما كان بطرس منطلقاً إلى الحرب والغرب. وحين بلغ ألكسيس التاسعة رأى أمه تقصي إلى الدير (1699)، فلما بلغ الحادية عشرة سمع الكهنة يتحسرون على صهر أجراس الكنيسة لصنع المدافع، وسأل أباه لم يمضى الروس خارج روسيا للقتال في سبيل مدينة نائية كنازفا، واشمأز بطرس حين عثر حتى وريثه لا يستطيب سفك الدماء. وبينما كان بطرس مشغولاً ببناء سانت بطرسبورج، مكث ألكسيس بموسكو، وأحب كنائسها وأساليب حياتها القديمة. وقد كره تمزيق البطريركية ومصادرة الدولة للممتلكات الديرية. وفهمه كاهن اعترافه حتى يدافع عن الكنيسة دائماً أياً كان الثمن. وغدا ألكسيس المعبود ومعقد الآمال للجماعات الكنسية والأرستقراطية التي أبغضت فهمنة بطرس لروسيا وتغريبها، وانتظرت بفارغ الصبر الوقت الذي يجلس فيه على العرش ذلك الفتى المتدين المطواع. وكان بطرس لا يراه إلا لماماً، فإذا رآه وبخه عادة، وضربه أحياناً، كما عمل حين اكتشف القيصر حتى الصبي زار أمه خفية في ديرها. وأوشك استياء الفتى حتىقد يكون كرهاً. واعتراف لكاهنه اجناتيف أنه يتمنى لوتوفي أبوه. ولم ير اجناتيف في هذا إثماً، فنطق لألكسيس "إن الله سيغفر لك فكلنا نتمنى موته، لأنه حمل الشعب أحمالاً ثقيلة(31)". وفي 1708 بعث بطرس ابنه إلى درسدن ليدرس الهندسة وفن التحصين. وفي 1711 تزوج ألكسيس بمدينة تورجوشارلوت كرستينا صوفيا، أميرة برونزيك- فولنفبوتل. ولم يستطع حتى يغتفر لها رفضها التخلي عن ممضىها اللوثري واعتناق الممضى الأرثوذكسي الروسي. واتخذ الخليلات حتى من المواخير، وأفرط في الشراب. وعقب حتى ولدت له شارلوت طفلاً زارها بصحبة مومس(32). وبعد عام ماتت زوجته وهي تلد (1715). واستنادىه بطرس إلى سانت بطرسبورج بخطاب غاضب حوى عبارات تنذر بالويل والثبور

"إنني لا أضن بحياتي، ولا بحياة أحد من رعاياي، ولن أستثنيك من هذه القاعدة. عمليك حتى تصلح من حالك، وأن تجعل نفسك نافعاً للدولة، فإن لم تعمل حرمتك من الميراث".

وحاول ألكسيس تهدئة ثائرة أبيه بالتخلي عن حقوقه في العرش، ونطق إنه سيقنع بالعيش عيشة هادئة في الريف. وشعر بطرس بأن هذا ليس حلاً. ففي 30 يناير 1716 خط إلى ألكسيس يقول:

"لا أستطيع تصديق يمينك... لقد نطق داود إذا جميع البشر كذابون، فحتى لوشئت الوفاء بها لثناك عن ذلك ذواللحي الطويلة.. .. فكل الناس يعهدون أنك تكره أعمالي التي أعملها في سبيل هذه الأمة، غير ضنين بصحتي، وأنك بعد موتي ستقضي عليها، ولهذا السبب فإن بقاءك كما ترغب حتى تبقى، بغير وجهة محددة، ضرب من المحال. وعليه فأما حتى تغير من خلقك، وتصبح دون نفاق خلفي الكفء، أوتصبح راهباً. فأجبني فوراً.. .. فإن لم تعمل عاملتك كما أعامل المجرمين".

وأشار عليه أصدقاؤه بالرهبانية، ونطق أحدهم، "إن قلنسوة الراهب لا تسمر فوق إنسان، ففي الإمكان خلعها" وخط ألكسيس لأبيه بأنه راغب في الرهبانية. ولانت قناة بطرس، وأمهله نصف سنة ليستقر على رأي. ووصل القيصر إلى الغرب (فبراير 1716). وفي 29 يونيونصحت ناتاليا، أخت بطرس، ألكسيس بأن يرحل عن روسيا ويضع نفسه في حمى الإمبراطور. وفي سبتمبر خط بطرس لابنه من كوبنهاجن يقول حتى نصف العام قد انتهى، وإن على ألكسيس حتى يدخل الدير فوراً، أويلحق بأبيه في الدنمرك مستعداً للخدمة العسكرية. وتظاهر ألكسيس بأنه ذاهب إلى أبيه، وحصل على المال من منشيكوف ومجلس الشيوخ، ثم انطلق لا إلى كوبنهاجن بل إلى فيينا (10 نوفمبر). وهناك التمس من نائب المستشار الإمبراطوري حتى يحصل له على حماية الإمبراطور شارل السادس قائلاً "إن أبي غضوب محب للثأر إلى حد لا يصدق، وهولا يرحم أحداً، ولوردني الإمبراطور إلى أبي لكان هذا في حتفي(35)". وأوفده نائب المستشار إلى قلعة إرنبرگ بالتيرول. وهناك ظل مختبئاً متنكراً، تحت الرقابة ولكنه مزود بكل مسببات الراحة، وسمح له بالاحتفاظ بخليلته أفروسينيا مرتدية ثياب الوصيف. وتعقبه جواسيس بطرس إلى مخبئه، وأنذر ألكسيس فنفي إلى نابلي حيث كان تحت الحراسة في "كاستيل سانتيلمو". وعثر عليه عملاء بطرس وألحوا عليه في العودة إلى روسيا واثقاً من رأفة أبيه به. فقبل شريطة حتى يأذن له بطرس بالعيش مع أفروسينا معتزلاً في الريف. ووعد بطرس بهذا في خطاب بتاريخ 28 نوفمبر 1717. ورتب ألكسيس حتى تظل أفروسينا بإيطاليا حتى تضع مولودها. وكان أثناء رحلته الطويلة إلى روسيا يبعث لها بأرق الرسائل. ووصل موسكوفي آخر يناير. وفي ثلاثة فبراير استقبله بطرس في اجتماع مهيب ضم كبار رجال الدولة والكنيسة. والتمس ألكسيس العفومن أبيه وهوجاث ودموعه تسيل. ومنحه بطرس العفو، ولكنه حرمه من وراثة العرش، وأعرب ابن كاترين، بطرس بتروفتش، البالغ من العمر ثلاث سنين، وريثاً للعرش. وأقسم ألكسيس يمين الولاء لولي العهد الجديد. وعلق بطرس عفوه الآن على شرط، هواعتراف ألكسيس بشركائه في مقاومة إصلاحات أبيه. وورط ألكسيس الكثيرين، فقبض عليهم وعذبوا لانتزاع المزيد من التفاصيل منهم، ونفى عديدون إلى سيبيريا، وأعدم البعض بعد حتى عذبوا أبشع تعذيب. أما ألكسيس، الذي هجر حراً في الظاهر، فقد أسكن بيتاً قريباً من قصر القيصر في سانت بطرسبورج، ومنح معاشاً سنوياً قدره أربعون ألف روبل. وخط إلى افروسينيا يقول حتى أباه يحسن معاملته وأنه نادىه إلى مائدته، وكان يتطلع إلى مجيئها، وإلى الحياة السعيدة معها في هدوء الريف. ووصلت في أبريل، فقبض عليها فوراً، ولم تعذب ولكنها امتحنت امتحاناً صارماً، فانهارت، واعترفت بأن ألكسيس اغتبط لنبأ حركات التمرد على أبيه، وأنه أعرب عن نيته يعتلي العرش في هجران سانت بطرسبورج والبحرية، وخفض عدد الجيش إلى ضرورات الدفاع. ولم يكن هذا شراً مما كان بطرس يفهمه من قبل، فهجر ألكسيس طليقاً شهرين آخرين. ثم أثارته مفاجآن جديدة لا فهم لنا بها، فأعرب أنه سحب عفوه عن ألكسيس، لأن هذا العفوافترض اعترافه الكامل، وقد توافر لديه الدليل الآن على حتى الاعتراف كان غير مخلص وغير كامل. وفي 14 يونيوقبض على ألكسيس وسجن في قلعة القديسين بطرس وبولس. وفي 19 يونيو1718، وبعد حتى فحصته محكمة القضاء العليا، عذب لأول مرة، فجلد خمساً وعشرين جلدة. واعترف بأنه تمنى موت أبيه، وبأن كاهنه نطق له "إننا جميعاً نتمنى موته". ثم ووجه بأفروسينيا، التي أعادت ما نطقته للقيصر من قبل، ومع ذلك أقسم أنه سيحبها حتى الموت. ونطق معترفاً "شيئاً فشيئاً أصبح إنسان أبى ذاته، لا جميع شيء عنه فحسب، بغيضاً في عيني" واعترف بأنه لواقتضاه الأمر لاستعان بالإمبراطور "في قهر التاج بالقوة(36)". وفي 24 يونيوعذب مرة أخرى بجلده خمس عشرة جلدة لم تنتزع منه مزيداً من الاعترافات. وقضت المحكمة العليا بأنه مذنب بالخيانة وحكمت عليه بالإعدام. والتمس ألكسيس السماح له بمعانقة خليلته قبل إعدامه، ولا فهم لنا هل أجيب إلى طلبه. ولم يسقط بطرس على الحكم. ثم أعيد استجواب ألكسيس مرتين (25 و26 يونيو) وهويعذب، وفي المرة الثانية بحضور القيصر والحاشية، ونطق ليفور فيما بعد "أكدوا لي حتى أباه جلده الجلدات الأولى بنفسه، وإن كنت غير واثق من صدق هذا القول(37)". في ذلك المساء توفي ألكسيس في سجنه، والظاهر حتى موته كان من آثار تعذيبه. وزعمت رواية حتى كاترين أمرت الأطباء بأن يبتروا أوردته، ولا نستطيع الحكم على هذا العمل، أهومن أعمال الرأفة به أم الطمع في سبيل مصلحة ولدها. أما أفروسينيا فنالت نصيباً من ثروة ألكسيس، وتزوجت ضابطاً في الحرس، وعاشت حياة مريحة ثلاثين سنة أخرى في سانت بطرسبورج. وكان بطرس يأمل حتى يربي ابنه من كاترين ليخلفه، ولكن الصبي توفي في 1719. وأنجبت كاترين ولدين آخرين، بطرس وبولس، ولكنهما ماتا قبل القيصر. وعزى نفسه بالألقاب الفخمة التي خلعت عليه بعد صلحه مع السويد. وفي ذلك العام، (1721)، خلع مجلس الشيوخ والمجمع المقدس لقب الإمبراطورة على كاترين.


في السنوات الاحقة

Diamond order of Peter the Great
Peter I interrogating his son Alexei, a painting by Nikolai Ge (1871)

لجأ بعد هزيمته من السويد الى تقويته وادخال الصناعة الى البلاد. وبعدئذ استطاع ان يحقق الفوز. والواقع انه قام بجملة من الاصلاحات.

وبعد حتى أمهل بطرس روسيا سنة سلامها الوحيدة منذ بداية حكمه النشيط، وجه قواته شطر فارس. وكان يرجوحتى يستخلص طريق قوافل إلى وسط آسيا، وأخيراً إلى الهند، ويسيطر عليه، وأبلغه مبلغوه حتى في الإمكان العثور على المضى في الطريق، وكان سباقاً إلى تسقط الإمكانات الصناعية لزيت القوقاز والشرق الأوسط(38). وفي 1722 جرد أسطولاً على قزوين لمهاجمة فارس، فاستولى على باكووبعض سواحل قزوين الفارسية، غير حتى العواصف دمرت معظم سفنه، وأتى السقم على جزء من جيشه.

الوفاة

بطرس الأكبر على فراش موته
أشهر تمثال (1782) لبطرس الأكبر في سانت پطرسبورگ، ويُعهد بشكل غير رسمي باسم الفارس البرونزي

عاد بطرس من حملة 1724 مرهقاً، متشائماً، مشرفاً على الموت. ذلك أنه كان يشكوسقم الزهري سنوات طويلة(39)، ويعاني من العقاقير التي تعاطاها للعلاج منه. وزاد إدمانه السكر الطين بلة، واجتمعت عليه انفعالات الحرب، والثورة، وحركات التمرد، وعنف الإرهاب، لتنهك جسمه العملاق في النهاية. وفي نوفمبر 1724 قفز إلى نهر نيڤا المتجمد ليساعد على إنقاذ ملاحين على سفينة جانحة. وظل يعمل طوال الليل في مياه غمرته حتى خصره. وفي الغد أصيب بحمى، ولكنه شفي منها، واستأنف برنامجاً حافلاً بألوان النشاط. وفي 25 يناير لزم فراشه أثر التهاب مؤلم في المثانة. وأبى حتى يسلم بأن منيته دنت حتى 2 فبراير، فاعترف ببعض ذنوبه، وتناول الأسرار المقدسة. وفي السادس من الشهر سقط إعلاناً بتحرير جميع السجناء فيما خلا المحكوم عليهم لجرائم القتل أولجرائم ضد الدولة. وقد روع أتباعه بصرخات الألم. وطلب لوحاً يخط عليه وصيته، ولكن ما إذا خط هاتين الحدثتين "أعطوا جميع" حتى سقط القلم من يده. وسرعان ما انتابته غيبوبة دامت ستاً وثلاثين ساعة، ولم يفق منها قط. وأذيع نبأ موته فيثمانية فبراير 1725، وكان يومها في الثانية والخمسين.

وقيل حتى زوجته كاثرين تحالفت مع بروسيا فقد سجن في بيت حتى قتله أتباع زوجته كاثرين. فتوفي بطرس الاكبر في مدينة سانت بطرسبورگ عام 1725.

وتنفست روسيا الصعداء كأن كابوساً طويلاً رهيباً قد أنجب عن صدرها آخر الأمر. وابتهج ملكا السويد وبولندة، وتسقطا حتى تتردى روسيا في مهاوي الفوضى، وتكف عن حتى تكون خطراً يهدد الغرب. وحملت روسيا القديمة، روسيا العصور الوسطى، عقيرتها وطلبت عوداً إلى الماضي. لقد دفعت الأمة دفعاً مفرطاً في العنف، وأؤذيت في روحها وكبريائها بهذا التقليد الأعمى للغرب. وانتشرت الرجعية انتشاراً واسعاً وانتصرت، وهجر الكثير من الإصلاحات ليموت من افتقاره إلى التأييد. واختزلت البيروقراطية الإدارية، ولكن إطارها احتفظ بحياته حتى 1917، واستعاد النبلاء الكثير من سلطانهم القديم، واستردوا حقوقهم فيما تحويه وأراضيه من أخشاب ومعادن. أما الطبقة الصناعية والتجارية التي طفر بها بطرس فقد عادت إلى خضوعها الماضي. وأنهار الكثير من الصناعات الجديدة بسبب النقص في الآلات، أوالعجز في العمال أوالإدارة. واضمحلت الرأسمالية الوليدة، وظلت روسيا الاقتصادية مائتي عام أخرى كما كانت أساساً قبل الثورة البطرسية. أما الإصلاحات التجارية فكانت أوفر حظاً، فاستمرت التجارة مع الغرب في ازدياد مطرد، وأثمرت الاتصالات بأوربا شيئاً من التهذيب في السلوك، ولكن الأزياء الوطنية القديمة عادت في عهد كاترين الثانية (1762- 96)، وعاد الناس يطلقون لحاهم في عهد الاسكندر الثاني (1855- 81). واستمر الفساد، ولم يبد على الأخلاق أنها جنت شيئاً من وراء العهد، ولعل ما ضربه بطرس لشعبه من مثال في السكر، والإباحية، والتوحش، خلف الشعب أسوأ خلقاً من ذي قبل. ولم يبق من التغييرات إلا ما ضرب جذوره في الزمن. لقد كان بطرس أحد شخصيات التاريخ الحديث الأقل ظفراً بحب الناس، ومع ذلك كان إنجازه هائلاً. واخفاقاته تنهض شاهداً على قيود العبقرية وحدودها عاملاً من العوامل المؤثرة في التاريخ، ولكن في البصمة التي هجرها على روسيا ما يشيد بقوة الشخصية. فلقد منح روسيا جيشاً وبحرية، وفتح الثغور التي أتاحت لها الاتجاه مع الغرب في السلع والأفكار، وأرسي صناعة التعدين وتشغيل المعادن، وأنشأ للمدارس وأسس أكاديمية. وبجذبة وحشية واحدة انتزع روسيا من براثن آسيا وأدخلها أوربا، وجعلها عاملاً مؤثراً في الشئون الأوربية. فمنذ الآن ستضطر أوربا لأن تحسب حساباً أكثر فأكثر لقلب القارة الشاسع ذاك، ولتلك الجماهير الصلبة، الصابرة، المتجلدة، ومصيرها المحتوم.

اصلاحات الطرقات

كانت الطرقات معدومة وسيئة في روسيا. ولذلك امر بشق الطرقات وتحسينها.

اصلاحات المصانع

كانت المصانع معدومة ايضاً فأمر بانشائها من اجل تلبية الحاجيات المدنية والعسكرية ولم يكن يتردد في جلب المهندسين والخبراء من اوروبا ودفع الاموال الباهظة لهم لكي يقدموا خبرتهم وخدمتهم الى روسيا. وهذا ما عمله محمد علي بعد قرن من ذلك التاريخ في مصر.

اصلاحات الكنيسة الارثوذكسية

قام الامبراطور بطرس الاكبر بإلغاء البطريركية جاعلا الكنيسة احدى مؤسسات الدولة يدير شؤونها مجلس مكون من مراتب دينية عليا. فأدخل بعض الاصلاحات على الكنيسة الارثوذكسية ذاتها. وكان يتهم رجال الدين بالكسل والبطالة. ولذلك وضع على رأس الكنيسة شخصاً فهمانياً مقرباً منه. وكان ينقل اليه جميع ما يقوله كبار رجال الدين عن الملك.

ثم قضى على استقلالية الكنيسة واجبر جميع اعضاء المجمع الكنسي على ان يقسموا اليمين امامه. وكان منزعجاً من غنى طبقة رجال الدين ولذلك نادىهم الى تقليص نفقاتهم.

اصلاحات التعليم

راح بطرس الاكبر يصلح نظام التعليم لكي يخرج روسيا من جهلها الكبير بالقياس الى الامم الاوروبية المتحضرة كالمانيا «بروسيا»، اوفرنسا، اوانجلتر...

ولكي يسرع من العملية فانه راح يرسل البعثات الى الخارج. وكانت جميع بعثة فهمية تضم «150» طالبا روسيا. والبعض كان يمضى الى مصانع هولندا وجامعاتها، والبعض الآخر الى مصانع انجلترا وجامعاتها، والبعض الآخر الى برلين لتفهم اللغة الالمانية، والبعض الآخر الى مشارف آسيا والشرق الاوسط من اجل تفهم العربية.

واما ايطاليا وفرنسا فقد استقبلتا طلاب البحرية وفن العمارة. ثم بعد عودة البعثات من الخارج كان اعضاؤها ينجزون مخططات القيصر ويخدمون الدولة بصفتهم عسكريين، ومهندسين فهميين، اوصناعيين، اومهندسي عمارة وبناء، الخ،

وكان القيصر يحلم قائلاً: في يوم من الايام يفترض أن استغني كلياً عن الخبراء الاجانب بعد ان يتفهم ابناء شعبي جميع العلوم والصناعات والحرف. فالواقع انه كان دائماً يوظف الاجانب فيما يخص بعض المجالات الدقيقة والصعبة التي تخص صناعة الاسلحة مثلاً، اوبناء المشاريع الضخمة.

الترجمة

لكي يسرع حركة الافكار ويخرج روسيا من جهلها المزمن فان بطرس الاكبر امر بترجمة الف كتاب فهمي، وتكنولوجي، وتاريخي والغريب والعجيب هوانه اعطى نصائحة في الترجمة الى رئيس المشروع قائلاً: لا ينبغي ان تترجموا النص حرفياً اي حدثة، حدثة، وانما ينبغي ان تترجموا فحواه بشكل يصبح مفهوماً في لغتنا بل وكأنه مكتوب بها مباشرة. وهذه هي اكبر نصيحة يمكن ان تقدم لمترجمه. وكل من مارس عملية الترجمة يعهد ان الترجمة الحرفية ضارة ولا تفيد في شيء.

اصلاحات اخرى

قام بطرس الاكبر باصلاحات اخرى عندما فتح مستشفى عسكرياً في موسكوواضاف اليه مدرسة للجراحة واشياء اخرى. ثم فتح الصيدليات في جميع المدن الكبرى في البلاد. واول جريدة روسية ظهرت في عهده، وكذلك اول مسرح.

ثم فرض على الرجال حلق لحاهم ولبس الزي الغربي، فانه راح يقلد اوروبا في جميع شيء لكي يلحق بركب الحضارة. فقد كان يحلم بتحويل بلاده الى جنة تشبه باريس التي رآها بأم عينيه اوتشبه امستردام، وبرلين، ولندن، وبقية العواصم الاوروبية.


موضوعات

الاسم الميلاد الوفاة هوامش
من يودوكسيا لوپوخينا
HIH Alexei Petrovich, Tsarevich of Russia 18 February 1690 26 June 1718 Married 1711, Princess Charlotte of Brunswick-Wolfenbüttel; had issue.
HIH Alexander Petrovich, Grand Duke of Russia 13 أكتوبر 1691 14 مايو1692  
HIH Pavel Petrovich, Grand Duke of Russia 1693 1693  
من كاترين الأولى
Pavel Petrovich 1704 1707 Born and died before the official marriage of his parents.
Peter Petrovich 1705 1707 Born and died before the official marriage of his parents.
Catherine Petrovna 7 February 1707 1708 Born and died before the official marriage of her parents.
HIH Anna Petrovna, Tsesarevna of Russia 27 January 1708 15 May 1728 Married 1725, Karl Friedrich, Duke of Holstein-Gottorp; had issue.
HIM Empress Elizabeth 29 December 1709 5 January 1762 Reputedly married 1742, Alexei Grigorievich, Count Razumovsky; no issue
HIH Maria Petrovna, Grand Duchess of Russia 20 March 1713 27 May 1715  
HIH Margarita Petrovna, Grand Duchess of Russia 19 September 1714 7 June 1715  
HIH Peter Petrovich, Grand Duke of Russia 15 November 1715 19 April 1719  
HIH Pavel Petrovich, Grand Duke of Russia 13 January 1717 14 January 1717  
HIH Natalia Petrovna, Grand Duchess of Russia 31 August 1718 15 March 1725  
Stillborn daughter 1720 1720  
HIH Peter Petrovich, Grand Duke of Russia 7 October 1723 7 October 1723  

الثقافة الشعبية

The tomb of Peter the Great in Peter and Paul Fortress
Monument to Peter the carpenter in St. Petersburg

انتهج بطرس الأكبر سياسة ثقافية جديدة للدولة وقد اراد تغيير اذواق الروس وتعريفيهم بالتراث الثقافي الاوروبي. كان هدف بطرس الأكبر انذاك جعل روسيا دولة اوروبية سياسيا وثقافيا. ورعى مهمة ارسال الطلبة الروس إلى الجامعات الاوروبية للدراسة.

الشئون الدينية

بالنسبة للشئون الدينية كان بطرس الاكبر انساناً ينتمي الى القرن الثامن عشر اكثر مما كان ينتمي الى القرن السابع عشر. لقد كان عقلانياً اكثر مما كان صوفياً. وكان مهتماً بتطوير التجارة والازدهار الوطني لروسيا اكثر مما كان مهتماً بالعقيدة الدينية اوشئون الكنيسة الارثوذكسية.

فقد كان تنويرياً قبل التنوير. وهذا لا يعني انه كان معمداً، بل كان يؤمن بالله ويرى ارادته في جميع شيء. ولكنه لم يخض اي حرب باسم الدنيا اودفاعاً عن المسيحية الارثوذكسية كما كان الاباطرة يعملون في القرون الوسطى.

بعد عودته من رحلته الى اوروبا

بعد عودت بطرس الاكبر من رحلته الى اوروبا قرر ان يغير الوضع من بدايته الى نهايته. فكان يطمح الى حمل مستوى حياة الشعب الروسي لكي تصبح في مستوى حياة الشعب الهولندي اوالانجليزي، اوالفرنسي.

الخطط الصناعية

ان الخطط الصناعية لبطرس الاكبر كانت تهدف الى زيادة ثروات البلاد فقد رأى ان جباة الضرائب يمصون دم الشعب الفقير وانه لا يمكنه ان يثقل كاهل الشعب بضرائب اخرى جديدة وبالتالي فلم يعد امامه من سبيل للحصول على المال الا الصناعة.

ولكن بعض مصانعه نجحت والبعض الآخر فشل ولم يكن من السهل عليه ان يلحق بأوروبا الغربية التي سبقت روسيا الى التصنيع والتقدم بفترة طويلة.

انظر أيضاً

  • Government reform of Peter I
  • History of the administrative division of Russia
  • إصلاحات بطرس الأكبر
  • Russian battlecruiser Pyotr Velikiy, a Russian Navy battlecruiser named after Peter the Great
  • Russian history, 1682-1796
  • Tsars of Russia family tree

ملاحظات

  1. ^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

المصادر

  • ديورانت، ول، سيرة الحضارة
  • روسيا اليوم
  • new-biography
  • albasalh

المراجع

  • Bushkovitch, Paul A. (1990). "The Epiphany Ceremony of the Russian Court in the Sixteenth and Seventeenth Centuries". Russian Review. Blackwell Publishing on behalf of The Editors and Board of Trustees of the Russian Review. 49 (1): 1–17. doi:10.2307/130080. Retrieved July 5, 2009. Unknown parameter |month= ignored (help)
  • Gordon, Alexander (1755). . لندن and Aberdeen: F. Douglass and W. Murray.
  • Graham, Stephen Peter the Great: A Life of Peter I of Russia called The Great Biographical work with 367 pages, plus Index. Not Illustrated, other than a black and white frontispiece portrait of Peter the Great.
  • Hughes, Lindsey. Russia in the Age of Peter the Great. New Haven, CT; London: Yale University Press, 1998 (hardcover, ISBN 0-300-07539-1; paperback, ISBN 0-300-08266-5).
  • Hughes, Lindsey. Peter the Great and the West: New Perspectives (Studies in Russian and Eastern European History). New York: Palgrave Macmillan, 2001 (hardcover, ISBN 0-333-92009-0).
  • Hughes, Lindsey. Peter the Great: A Biography. New Haven, CT; London: Yale University Press, 2002 (hardcover, ISBN 0-300-09426-4); 2004 (paperback, ISBN 0-300-10300-X).
  • Massie, Robert K. (1981). Peter the Great: His Life and World. مدينة نيويورك: Ballantine Books. ISBN . Unknown parameter |month= ignored (help)
  • Troyat, Henri. Peter the Great. New York: E.P. Dutton, 1987 (hardcover, ISBN 0525245472
ألقاب ملكية
سبقه
فيودور الثالث
قيصر روسيا
1682–1721
with إيڤان الخامس 1682–1696
تبعه
سبقه
{{{title
1721–1725
تبعه
كاترين الأولى
سبقه
فردريك الأول
{{{title
1721–1725
الملكية الروسية
سبقه
إيڤان الخامس من روسيا
وريث العرش الروسي
1682–1682
تبعه
ألكسي پتروڤتش
تاريخ النشر: 2020-06-06 12:28:49
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, سياسيون روس, مواليد 1672, وفيات 1725, بطرس الأكبر, قياصرة روس, أباطرة روس, بيت رومانوڤ, مؤسسي مدن, أشخاص من موسكو, مخترعون روس, مسيحيون أرثوذكس روس, مسيحيون أرثوذكس شرقيون من روسيا, شخصيات من الفولكلور الروسي, أشخاص في بيلينا, ملوك أرثوذكس, حكام أطفال معاصرون, مدفونون في كاتدرائية بطرس وبولس, حاصلون على مرتبة النسر الابيض (بولندا), حاصلون على مرتبة سانت أندرو, فرسان الفيل, عسكريون روس من الحرب الشمالية الكبري, أعضاء أكاديمية العلوم الفرنسية, قتل الأنجال, روس القرن 18, روس القرن 17, People of the Regency of Philippe d'Orléans

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أفغاني يقتل 9 من أفراد عائلته ويلوذ بالفرار

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:13
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

محافظ أسوان يكرم أوائل الإعدادية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:04
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 67%

بنسعيد يتحدث عن عدد زوار المعرض الدولي للكتاب بالرباط

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:18:28
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 72%

فنزويلا تعرب عن تضامنها مع روسيا في نضالها لضمان أمنها وسيادتها

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:14
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 52%

اعرف أفضل نوع سمك بالبحر الأحمر.. يصل سعر الكيلو منه 180 جنيها.. صور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:42
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 42%

بعد مد الفترة.. المطالبون بتسجيل رقم المحمول على البطاقات التموينية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:37
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 45%

هشام رشدي.. المهنة دكتور والهواية الغناء لعبد الحليم حافظ "بث مباشر"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:43
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 48%

امتحانات الثانوية العامة 2022.. المديريات تتأكد من تجهيز المدارس

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:39
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 50%

قتلى ومصابين في هجمات متفرقة وانتهاكات بإقليم دارفور

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:22:15
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 62%

تقرير أوروبى: مصر تتخذ خطواتها لتأمين احتياجاتها من القمح

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:20:54
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 62%

كوريا الشمالية تسجل أكثر من 36 ألف إصابة جديدة بكوفيد19-

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:14
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

مسؤول روسي: لن نترك سوق الغذاء العالمية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:20:56
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

سعر الحديد بالأسواق المصرية اليوم الإثنين 13- 6- 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:20:59
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 60%

مصطفى وزيرى: 12 موقعا أثريا على مستوى الجمهورية فقط تم رفع رسوم دخولها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:47
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 49%

بيع 65 ألف تذكرة لمباراة مصر وكوريا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:20:54
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 66%

حول اللقاء الذي جمع قوى الحرية والتغيير وقيادة القوات المسلحة

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:22:14
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 61%

هل يُمكن استخدام زيت القلى أكثر من مرة؟.. طبيبة بيطرية تُجيب

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-06-13 03:21:40
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 46%

تحميل تطبيق المنصة العربية