غينيا (منطقة)

عودة للموسوعة

غينيا (منطقة)

خريطة غرب أفريقيا، ح. 1736, "explaining what belongs to England, Holland, Denmark, etc."

غينيا Guinea هوالاسم التقليدي لمنطقة في أفريقيا تطل على خليج غينيا. وتمتد شمالاً عبر المناطق المدارية الداغلة وتنتهي عند منطقة الساحل.

التاريخ

أحوال ساحل غينيا السياسية في منتصف القرن 19

ممالك ساحل غينيا الوثنية

في منطقة ساحل غينيا يقابلنا مملتكين على جانب كبير من الأهمية هما مملكة داهومي ومملكة الموسى، وقد تكونت داهومي منذ القرن السابع عشر وارتبطت بعلاقات تجارية مع الاوروبييين ، أما مملكة الموسى فقد تم اكتشافها في أواخر القرن التاسع عشر، وقد اختلفت المملكتان عن الممالك الاسلامية السابقة من حيث النظام الديني والسياسي والاجتماعي.

1- مملكة داهومي

ضمت داهومي في القرن التاسع عشر ثلث الجزء الجنوبي من بنين الحالية (داهومي سابقا) وقد امتدت الحدود الشرقية للملكة بحذاء مجرى اويمه، أما الحدود الغربية فامتدت على طول مجرى نهر كوفوبينما ضمت الحدود الشمالي الأراضي الواقعة بين النهرين السابقين وامتدت حدود داهومي الجنوبية من جران بوبوفي الغرب حتى كونونوفي الشرق. وقد اتخذ ملوك داهومي من ابومي عاصمة لهم واختيرت لمسقطها البعدين وصعوبة الوصول اليها حتى في موسم الجفاف (1).

وقد ظهرت قوة داهومي في القرن السابع عشر عندما أسس المملكة جماعة من الأدجا الذين قدموا من توجوالحالية، ونجحوفي السيطرة على القبائل التي تعيش في المنطقة، وأسسوا ثلاث ممالك واحدة في أبومي، والثانية في بورتونوفو، والثالثة في الاده، وبفضل جهود وجبدجا ملك ابومي قويت مملكة ابومي وتوارثت أسرته الحكم، ونجحت ابومي في فرض سيطرتها على الاده واستمرت في التوسع والنموالسريع وفرض ملوكها الضرائب على الممالك الصغيرة بينما ظلت بوتونفوالخصم العنيد لابومي حتى مجئ الفرنسيين فاستغلوا هذا العداء لمد سيطرتهم في المنطقة (2).

عمل ملك ابومي على توسيع نفوذهم على حساب جيرانهم فدخلوا في حروب مع ملوك اويو، وكانوا من قبل تابعين لهم ويدفعون لهم الضرائب رمزا لهذه التبعية. ولكن بعد تزايد قوة داهومي رفض ملوكها هذه التبعية فأغاروا على أراضي اوبو. واسروا عددا كبيرا من سكانها وذلك في عهد الملك جيزو(1).

وفي القرن التاسع عشر امتدت مملكة داهومي وسيطرت على كوتونووأجوني وويده وظهرت دولة قوى نجحت في جمع الفون في مملكة واحدة. كذلك نجحت في ضم بوتونوفولتصبح تابعة لها منذ 1820 (2).

اذا ألقينا نظرة عل النظام الاجتماعي في داهومي نجد حتى الملك على راس السلم الاجتماعي، وقد تكون المجتمع الداهومي من أربع طبقات رئيسية الطبقة الأولى هي طبقة الملوك وأبنائهم والمنتسبين لسلالته، والطبقة الثانية من الموظفين، والثالثة من العامة والرابعة من العبيد، الذين تم أسرهم أثناء الحروب وهم الطبقة العاملة (3).

وقد اعتمدت المملكة في اقتصادها على تجارة الرقيق لتدبير الأموال اللازمة لشراء الأسلحة، وكان للملك مندوب في المنطقة الساحلية مهمته ادارة حرية التجارة الخارجية مع الاوروبيين (4).

وكان للملك في داهومي الحق في اختيار خليفته من أبنائه، وغالبا ماقد يكون الابن الأكبر، وعند تقلد الملك الجديد لمهام منصبه فانه يحصل على قصر أبيه وخدمه وعبيده، ونسائه أيضا، ولملك داهومي سلطات مطلقة لا يستطيع أحد مناقشته فيها. وقد لاحظ جميع من زار المملكة من الرحالة والمكتشفين طاعة الشعب للأسرة المالكة وقبول مواطني داهومي أي عمل يسند لهم من قبل الملك مهما بلغت مشقته، فالولاء التام للملك كان المظهر الأساسي للعلاقة بين الطرفين ولا يستطيع أي فرد مخالفة أوامر الملك فقد افترض الناس بأن أرواحهم ملك للملك له الحق في التصرف فيها (1).

وكان الملك هوصاحب النفوذ السياسي والعسكري في البلاد وهوالذي يتولى تعيين الحكام والوزراء والموظفين حتى الكهنة كن يتولى بنفسه الاشراف على تعيينهم كما كان يتولى أمور القضاء يعاونه زعماء القرى والانطقيم، وكانت وظيفة زعماء القرى هي النظر في النزاعات بين الأفراد دون حتىقد يكون لهم الحق في تطبيق العقوبات بينما زعماء الانطقيم كانت سلطتهم القضائية أوسع، وكان من حقهم فرض العقوبات على الناس مثل الجلد أوالسجن أما توقيع عقوبة الموت فكانت من حق الملك وحده، وكانت الأحكام تنفذ في السوق العام في ابومي (2).

أقام ملك داهومي في العاصمة أبومي مع نسائه وأطفاله وبقية أفراد الأسرة المالكة وقد عهد الى نساء الأمازون بحماية الملك ولذلك دربن على مختلف فنون القتال تدريبا قاسيا (3).

وكان من العادات المتبعة بعد وفاة الملك حتى يتم دفن عدة أشخاص معه من النساء والرجال والأطفال غالبا ما يتم اختيارهم من أسرى الحرب فكان يقام احتفال كبير يتم فيه بتر رؤوس الأسرى وعدد من العبيد بحجة ارسالهم الى العالم الآخر لخدمة الملك والملوك السابقين (4).

وقد تمسك أهل داهومي بعادة تقديم القرابين البشرية إلى الآلهة ولذلك اكتسبت المملكة سمعة سيئة لدى الاوروبيين وقد بالغ الرحالة الاوروبيين في وصف مشاهدة من تقديم هذه القرايبن، ولكن يرجع السبب في الواقع الى أهل داهومي في اضفاء الصورة الوحشية عن بلادهم لإرادةهم على عدم التخلي عن هذه العادة فاستمروا في ذبح الاسرى ومعاملتهم بوحشية شديدة (5).

ولكن ينبغي حتى نذكر حتى عادة تقديم القرابين البشرية لم تقتصر على داهومي وحدها، وانما عهدت أيضا في مملكة بدبين الواقعة غربي المجرى الأوسط لنهر النيجر والتي يحدها من الغرب شعب اليوربا ومن الشرق شعب الايبو، وقد خضعت هذه المملكة لبريطانيا ومورست فيها هذه العادة. وقد خط الرحالة البريطانيون عما شاهدوه فخصص بيرتون جزءا كبيرا من كتاباته لوصف الفظائع التي شاهدها عند زيارته لبنين عام 1862 وذكر بأن جثث الضحايا كانت تلقى خارج المدينة مقطوعة الراس عند مدخل الطرق التجارية لارهاب التجار الاوروبيين ومنعهم من الاقتراب من المناطق الداخلية (1).

كان المورد الرئيسي للاقتصاد تجارة الرقيق وعندما شرعت بريطانيا في محاربة هذه التجارة فرضت حصارا على سواحل داهومي لمنع هذه التجارة حتى عام 1830، فاضطر ملك داهومي الى البحث عن مورد آخر وعملوا على التوسع في زراعة النخيل بكميات كبيرة واقاموا مزارع خاصة للنخيل في المناطق الداخلية من البلاد وشجعوا السكان على الاقبال على هذه الزراعة.

وقد انتعشت هذه التجارة بسبب اقبال الاوروبيين عليها (2).

أما عن التنظيم العسكري في داهومي فنلاحظ اعتماد ملوك داهومي على جيش الأمازون لحمايتهم وتقد تألف من فرتقين الأولى وهي الفرقة الاساسية والثانية هي الفرقة الخاصة بحماية العاصمة والقصر الملكي في زمن الحرب (3) وكانت نساء الأمازون يعيشن في القصر الملكي وقد منعت من الزواج الا بعد منتصف العمر وكان لهن شعارات خاصة بهن وقد سلحت بأحدث الاسلحة كما حتى البعض منهم تدخلن في السياسة وقد تميزن بضخامة أجسامهم واشتهرن بالقسوة والضراوة في النطق وحرم عليهم الاختلاط بالرجال (4).

عنى ملوك داهومي بتسليح الجيش فقد كانوا يخشون من قبائل اليوروبا المجاورة لهم فقد كانت الحروب لا تنبتر بين الطرفين وقد قدر فوريز عام 1845، الجيش الداهومي بحوالي 12 ألف جندي خمسة آلاف من نساء الأمازون كما كان لداهومي جيشان الجيش الأول تألف من نساء الأمازون والرجال المحاربين والثاني جيش احتياطي تألف من الرجال والنساء القادرين على حمل السلاح (1).

وأخيرا لقد كانت سياسة ملوك داهومي سياسة عدائية وكثيرا ما كانوا يغيرون على جيرانهم للحصول على الرقيق وقد سبب هذا الجيش الرعب لجيرانه واستمرت حروب الفون منذ عام 1818 أي منذ تولي الملك جيزوحتى عام 1889 عند وفاة الملك جليجيلية اي أكثر من سبعين عاما دامت فيه الحروب في ظل ملكين فقط (2) لقد ساعد ملوك داهومي في تحقيق أحلامهم التوسعية لما كانوا يتمتعون به من سلطات مطلقة ولا نقابل هذه الصورة من الملكية المطلقة في أي جزء من غرب أفريقيا سوى في داهومي (3).


2- امبراطورية موسي

أما عن امبراطورية الموسي Mossi Kingdoms في أراضي فولتا العليا أوالاراضي الداخلية لساحل العاج وهوالتعبير الذي كان سائدا على هذه المنطقة قبل التقسيم السياسي وقد اكتشفت مملكة الموسي (4) في آواخر القرن التاسع عشر على يد الفرنسي بنجر الذي قام باستكشاف المنطقة عام 1889 وقد صحبه في رحلته جميع من الدكتور كروزا ومونيه (5).

وكان للملكة الموسي تنظيم خاص بها من الناحية السياسية، الملك على رأس السلطة يليه طبقة المنحدرين من سلالة الحكم والنبلاء وتتكون الطبقة الثانية من موظفي الدولة والطبقة الثالثة هي طبقة العاملين.

ويرجع تاسيس امبراطورية الموسي الى القرن الحادي عشر أوالثالث عشر وفقا للروايات الشعبية فان ابنة ملك داجومبا وتدعى ينينجا تزوجت من أحد الصياديين وانجبت منه ولدا هويوديراوجومؤسس مملكة الموسي (1).

تمتع ملك الموسي بحقوق كثيرة وكان من عادته تلقي الهدايا من الرعايا وقد كون ملوك الموسي ثروات طائلة منها وكانت تقام احتفالات سنوية اطلق عليها فيليجا في أول العام الجديد ويقوم النبلاء وزعماء القرى باحضار الهدايا للقصر الملكي ولكن عند موت حاكم أي اقليم كان الملك يقوم بمصادرة ممتلكاته وضمها اليه (2).

واذا كان أغلبية الموسي وثنيين إلا حتى البعض منهم اعتنق الاسلام فانشترت بعض المساجد في واجادوجو، ومن الملاحظ بأن الاسلام لم يتغلغل في هذه المنطقة نظرا لوجود الغابات الكثيفة التي شكلت حاجزا طبيعيا حال دون التوغل في المنطقة (3).

أما النشاط الاقتصادي فقد كانت الزراعة هي الحرفة الرئيسية للسكان وكانت جميع أسرة تنتج ما يكفيها من غذاء وفي بعض الأحياء مجموعة من الأسر تتحد فيما بينهما وتنشئ مزارع جماعية ويطلق عليها اسم نام.

وكان للموسي أسواق لبيع منتجاتهم الزراعية وقبل قدوم الفرنسيين كان لهم في ياتنجا ستة اسواق وعندما زار المحرر نويه المنطقة عثر بأن عدد الأسواق تضاعف عما كان عليه وربما تعليل هذه الظاهرة حتى البلاد قبل قدوم الفرنسيين تمتعت بالسلم فنشطت فيها التجارة وبالتالي ازداد عدد الأسواق وقد تولى الكهنة الاشراف على هذه الاسواق (1). وتعتبر كونج من أبرز المراكز التجارية.

النشاط الفرنسي في ساحل غينيا

توطدت الصلة بين سودجي ووكالة ريجي الفرنسية فسمح لها ببناء المراكز التجارية اللازمة لتجارة زيت النخيل في لقاء دفع مبلغ سنوي له أبدى استعداده لقبول الحماية الفرنسية على أراضيه. وقد اطلع ريجي وزارة الخارجية الفرنسية ووزارة البحرية عام 1862 على ضرورة تدعيم السيطرة الفرنسية على پورتونوڤووأبدى مخاوفه من وقوعها في يد بريطانيا. وقد استجابت الحكومة الفرنسية للالحاح وكالة ريجي، وأوفدت بعثة برئاسة الألب بلانك وكان مسئولا عن جمعية البعثات الأفريقية في ليون لاستطلاع الموقف وأوفدت بعثة أخرى الى ميناء ويده، وفي 18 فبراير 1863 عين دوماس قنصلا فرنسا في ويده، فسقط مع سودجي اتفاقا في 23 فبراير 1863 نص على السماح للرعايا الفرنسيين بالتجارة في پورتونوڤوكما سقط اتفاقا ثانيا في 25 فبراير 1863 وضع بمقتضاه سودجي أراضيه تحت الحماية الفرنسية كذلك منح لفرنسا من خلال هذا الاتفاق الحق في ادارة الشئون الخارجية لپورتونوڤو(2).

وقد تبع اعلان الحماية على پورتونوڤوضرورة استكشاف المنطقة، فأوفدت وزارة البحرية الفرنسية عدة ضباط الى پورتونوڤومنهم بروساردي كومبيني الذي ارسل في عام 1863 الى منطقة ادوفي پورتونوڤووهي بحيرة تصلها منتجات الشمال والشرق (3).

ولكن رغم توقيع الحماية مع پورتونوڤو، لم يستقر الأمر للفرنسيين بسبب سياسة العداء التي أبداها الملك جليجليه ملك أبومي فقد اعتبر بأن جميع من پورتونوڤووكوتونومناطق تابعة له، ولا حق لفرنسا في عقد معاهدة حماية مع پورتونوڤوومع حاكمها سودجي، ورغم محاولات فرنسا التقرب من جليجليه وارضائه، الا أنه رفض الاعتراف بالمعاهدة فزار أبومي Abomey القنصل دوماسي، وحاول تأكيد حسن نوايا فرنسا، ولكن جليجليه رفض الاعتراف بالمعاهدة، ولم يكتف بهذا الرفض، وانما اتخذه موقفا عدائيا تجاه الفرنسيين، كنوع من العقاب لهم، فهجام التجار الاوروبيين في الساحل عام 1864 وآثار المتاعب في جميع من پورتونوڤووكوتونو(1).

ونتيجة لاضطرار الموقف حذر القائد البحري لافون دي لاديبه من تصرفات ملك أبومي وخاصة وان البحرية الفرنسية عجزت في ذلك الوقت عن الدفاع عن پورتونوڤووكوتونووكذلك فشلت في صد غارات جليليه Glèlè على ميناء ويده Whydah .

وفي الواقع حتى سبب تفوق جليليه في ذلك الوقت يرجع الى قوة جيشه وتنظميه، وخاصة فرق نساء الأمازون اللاتي عهدن بالشراسة في القتال كذلك رجحت كفة ملك أبومي اثناء اغارته على الساحل بسبب عجز فرنسا خلال هذه الفترة في ارسال حملات عسكرية كبيرة . وقد حاولت فرنسا تهديد جليجليه بانسحاب التجار الاوروبيين من الساحل مما يترتب عليه انهيار تجارته. ولكنه لم يهتم ، وذلك لأن هذا التهديد من الفرنسيين أكثر منه، ومن مصالح التجار الاوروبيين بصفة عامة فلجأت السلطات الفرنسية الى محاولة التفاوض معه وأوفدت له بعثة برئاسة الكابتن ديفوفي محاولة لاقناعه بوقف اغاراته ونشاطه العدواني ولكن رغم بقاء ديفوأكثر من شهرين في أبومي، الا انه فشل في تحقيق أي نجاح، ولذلك بدأت فرنسا تفكر في الانسحاب من المنطقة (3)، ومما زاد الموقف حرجا خلال هذه الفترة حتى الملك ميكبون الذي خلف سودجي في پورتونوڤورفض الاعتراف بالمعاهدة التي عقدها سلفه مع الفرنسيين، وبذلك لم يعد أمام فرنسا سوى الانسحاب وأصدر لافون دي لاييه أوامره بالانسحاب من پورتونوڤوفي عام 1864، وأعرب بأن فرنسا أخطأت في توقيع معاهدة الحماية مع سودجي دون حتى تؤمن القوات العسكرية الكافية للدفاع عن المنطقة (1).

وجدير بالذكر أنه بعد انسحاب فرنسا من المنطقة انتهزت السلطات البريطانية الفرصة فحاولت أعطى نفوذها من لاجوس صوب پورتونوڤووكوتونووعللت ذلك بأنه لمنع ملك أبومي من الاستمرار في تجارة الرقيق، وتصديرها من الساحل ومنعه أيضا من تقديم القرابين البشرية، إلا حتى محاولات لاجوس فشلت بسبب تصدي وكالة ريجي الفرنسية لها. حيث بقيت هذا الوكالة تمارس نشاطها في المنطقة حتى بعد انسحاب الفرق الفرنسية عنها (2).

والواقع حتى فرنسا رأت بعد انسحابها ضرورة العودة الى المنطقة مرة أخرى ومهادنة جليجليه خوفا من اتساع نفوذ بريطانيا، كذلك كان لتقارير ريجي ودعوته الدائمة للحكومة باعادة السيطرة على المنطقة دورا في الرجوع مرة ثانية اليها وفي عام 1868 سقط الملازم البحري الفرنسي جان باتيست ارنومعاهدة حماية ملك كوتونو(3)، واعترف جليجليه بهذه المعاهدة وقبل تسليم كوتونوللفرنسيين في لقاء تعهدهم بدفع مبلغ سنوي له، كما تعهد باحترام الحدود بينه وبين كوتونووالبلاد الواقعة جنوب أبومي، كذلك تعهد باحترام الحدود بين بلاده، وبين پورتونوڤوالواقعة شرقا (4).

يلاحظ بأن ملك أبومي جليجليه وافق على معاهدة الحماية التي تمت بين الفرنسيين وكوتونو، وذلك لأنها تمت عن طريقه وليس كالمعاهدة السابقة التي تمت بين الفرنسيين وپورتونوڤودون الرجوع اليه فهويؤكد بذلك سيطرته على الساحل وبأن هذه المناطق تابعه له، وقد قوبل هذا الاتفاق بالارتياح من قبل السلطات الفرنسية، كذلك من قبل حكام كوتونو، ولكن رغم عودة نشاط فرنسا الى المنطقة عام 1686 الا أنها اضطرت لهجر مراكزها مرة ثانية بسبب قيام الحرب السبعينية (5).

بعد انتهاء الحرب السبعينية عادت فرنسا الى المنطقة وأعربت سريان معاهدة 1868 التي سقطت مع كوتونو، كما أعربت أيضا بان كلا من ليتل بوبو، وبورتوسيجورو، وأجوبه الواقعة شرق كوتونو، تقع تحت النفوذ الفرنسي حسب معاهدة عام 1868 فاعترفت بريطانيا على ذلك لأن هذه الأراضي لم تكن تابعة لداهومي، وسوف تتنازل فرنسا عن هذه الأراضي فيما بعد، لتشكل جزءا من مستعمرة توجوالألمانية (1).

والاقع ان الاهتمام بمنطقة كوتونولم يكن محط أنظار الفرنسيين فقط وانما التجار الألمان وتجار البرازيل وترجع أهمية المنطقة الى حتى كوتونواعتبرت مدخل لپورتونوڤو. ولذلك سعت فرنسا الى المنطقة مرة ثانية والى توقيع معاهدة مع ملك أبومي لتأكيد نفوذ فرنسا في كوتونوبمقتضى معاهدة 1868 فسقط الكابت دي فرجات فيتسعة أبريل 1878 معاهدة مع ملك داهومي وأخرى مع ملك كوتونوللفرنسيين وتم تقبول تعيين نائب فرنسي في جميع من ويده وكوتونو(2).

وقد نصت المادة الأولى من المعاهدة حتى يستمر السلام والصداقة بين فرنسا وداهومي، تلك الصداقة التي دامت منذ معاهدة 1868 وان الغرض الرئيسي لهذا الاتفاق هواستمرار الصداقة بين البلدين.

المادة الثانية: رعايا فرنسا لهم الحق في الاستقرار والتجارة في الموانئ والمدن الواقعة تحت نفوذ جليجليه، ولهم حق امتلاك الوكالات والمحلات التجارية من أجل تجارتهم وصماعاتهم وسوف يتمتعون بالحرية التامة والأمان من قبل ملك داهومي.

المادة الثالثة: يتمتع رعايا فرنسا – التجار والمندوبون في داهومي بحماية خاصة يوفرها لهم أهالي داهومي ، ويعلن الملك جليجليه لرعاياه بأن رعايا فرنسا لهم وضع مميز، ولابد من احترامهم.

المادة الرابعة: يتمتع رعايا فرنسا بحرية التجارة، ولهم حق ادخال بضائعم الى داهومي.

المادة الخامسة: يتم الافراج عن الأسرى في داهومي وويده.

المادة السادسة: يسلم الملك جليجليه جميع حقوقه في أراضي كوتونوالى فرنسا بدون شرط، وعليه احترام الحدود بين من الجنوب ومن الغرب لمسافةستة كم من وكالة ريجي (1).

بعد توقيع المعاهدة عاد الفهم الفرنسي يرفرف من حديث على كوتونوفي أربعة فبراير 1879، وعين مندوب فرنسي في المنطقة، ولكن رغم ذلك لم يستقر الأمر للفرنسيين بسبب تذبذب موقف الملك جليجليه تجاههم (2).

وجدير بالذكر أنه ظهرت لفرنسا معضلة أثناء تدعيم سيطرتها على ساحل العبيد، فبالاضافة الى منافسة بريطانيا لها من لاجوس، بدأت البرتغال في المطالبة بميناء ويده باعتباره جزءا من ممتلكاتها، واعتبرت بأن لها حقوقا تاريخية في المنطقة كما استندت على حتى التاجر البرتغالي جوليانوداسوزا عقد في 1885 معاهدة مع ملك أبومي جاز له بحمل الاعلام البرتغالية في كوتونو، والواقع حتى نصوص المعاهدة اختلف فيها النص البرتغالي عن نص المعاهدة الخاص بداهومي فالنص البرتغالي ذكر بأنه معاهدة حماية بينما في النص الخاص بأبومي ذكر بأنها معاهدة للتجارة فقط، وقد قام القائد البرتغالي سيلفا داكورودا بزيارة جليجليه ملك أبومي تأكيدا للصداقة بين البلدين، وقد اعترض الملازم البحري الفرنسي روجيه على حمل الفهم البرتغالي في كوتونو(3).

وسرعان ما حلت هذه المشكلة بين الدولتين ففي 21 يناير 1889 أعرب الوزير البرتغالي في لندن عن عزم بلاده على الانسحاب من الخط الساحلي لمملكة داهومي، وفي 22 ديسمبر 1887 أعربت البرتغال انسحابها نهائية من المنطقة الساحلية (1). ولكن بريطانيا لم ترحب بانسحاب البرتغال من المنطقة وقد فهمت وزارة الخارجية البريطانية بأن هناك مفاوضات بين البرتغال وفرنسا للانسحاب من ويده، وتخوفت الخارجية البريطانية من قيام أبومي بالاغارة على ميناء ويده فطلبت من حاكم ساحل المضى صموئيل روي ارسال مبعوث الى أبومي لكي يوضح للملك رغبة الحكومة البريطانية لتوطيد الصداقة معه، وأنها على استعداد لتحل محل البرتغال بعد انسحابها من المنطقة (2).

واذا كانت فرنسا قد بدأت في حل مشاكلها مع الدول الاوروبية المجاورة فحددت الحدود مع مستعمرة لاجوس البريطانية ، واتفقت مع البرتغال على الانسحاب من المنطقة وأعربت حمايتها على كوتونو1878 ، إلا أنها واجعت من حديث عداء ملك أبومي لها ذلك العداء الذي كلف الفرنسيين الكثير من الجهد واستمر لعدة سنوات حتى تسنى لهم اخضاع المنطقة. وقد تفاقهم هذا العداء بين الطرفين خاصة بعد اعتلاء الملك نوفا حكم پورتونوڤوفقد اعتبره جليجليه عدوه اللدود فهاجم أراضيه، واضطر توفا في احدى هذا الغارات الى الفرار واللجوء الى لاجزس. مما سبب ارتباكا للادارة البريطانية فيها وقد أوفد مدير لاجوس دانتون الى حكومته بأن داهومي مازالت تشن اغاراتها على پورتونوڤو، وأن الملك نوفا اتجاه في أول ابريل 1889 ومعه اربعمائة من قواته الى لاجوس طالبا الخبرة كذلك القى جليجليه القبض على عدد من التجار الاوروبيين (3).

وجدير بالذكر حتى جليجليه شعر بخطورة وأثر غزواته، وما ترتب عليها من ابتعاد الاوروبيين عن التجارة معه فحاول تحسين علاقته مع الادارة البريطانية في لاجوس، وارسل في 26 يناير 1889 الى مدير لاجوس دانتون يعلن ترحيبه لقدوم التجار البريطانيين من لاجوس للتجارة مع أبومي، مؤكدا حسن نواياه كما طالبه بعدم الاستماع الى النادىيات الكاذبة ضده (1). وقد رد دانتون على جليجليه طالبا منه التخلي عن سياسة العنف، وذلك من أجل فتح طرق جديدة للتجارة، وطالبه بالامتنع عن الاغارة على پورتونوڤو، كما أبلغه بأن الملك نوفا فر الى لاجوس وهوفي حماية البريطانيين (2).

ولكن جليجليه استمر في اغاراته على البلاد، وعلى المناطق الداخلية في پورتونوڤومما سبب ازعاجا للسلطات البريطنية وكان لدانتون مدير لاجوس رأي خاص وهوضرورة خلع توفا ملك پورتونوڤو، لأن اغارات جليجليه لن تنتهي ما دام نوفا في الحكم (3). وقد ازدادت حدة هذه الاغارات بعد اعلان الحماية الفرنسية على پورتونوڤو1888 (4).

أما من وجهة نظر الحكومة الفرنسية فقد راى اوجدين ايتيان وكيل وزارة المستعمرات، ضرورة ارسال بعثة سلمية الى أبومي لبحث اعتداءات جليجليه المتكررة على پورتونوڤو(5). وكذلك أوفدت بعثة الدكتور بايول حاكم أنهار الجنوب، وقد شرح ايتيان لاعضاء البرلمان الفرنسي الهدف من البعثة وأوضح بأن لبايول خبرة طويلة في العمل في أفريقيا ، وقد زود بايول بعدة تعليمات منها:

  1. تحديد حدود كوتونو
  2. منع الاغارات السنوية التي يقوم بها ملك انومي على الأراضي الخاضعة للحماية الفرنيسة، والمقصوبها پورتونوڤو.
  3. الامتناع عن تقديم القرابين البشرية.

كما زود بايول بمجموعة من الهدايا الثمنية لتقديمها الى جليليه، ولكن فور وصوله الى أبومي عومل معاملة سيئة من جانب السلطات فيها، فلم يحسن الملك استقباله وأعربه له عدم اعترافه بمعاهدة 1878 مع كوتونو، كما أعرب له رفضه اجتياز السفن الفرنيسة في نهر اويميه. وظل بايول فترة طويلة في أبومي وفشلت بعثته في تحقيق هدفها وكان لهذا الفشل اثر كبير لدى ايتيان الذي رأى تدهور الوضع في داهومي، مما هدد المصالح الفرنسية وكرامة فرنسا (1). فقد رفض ولي العهد الأمير كوندولقاءة بايول لمدة خمسين يوما كما أبلغه بأن الأشخاص الذين سقطوا معاهدة 1878 تم اعدامهم لأن بلاده لا تسمح لتسلم أراضيها الى قوة خارجية (2).

وقد خط بايول بأنه لا جدوى من المفاوضات مع داهومي لأن الملك جليليه متمسك بحقه في پورتونوڤووأن المحادثات بين الطرفين، وخلال هذه الفترة توفى جليليه Glèlè، فخلفه ولي العهد في داهوكوندوالذي عهد فيما بعد باسم بيهانزن Béhanzin، وانتج سياسة أكثر تشددا مع الفرنسيين من سلفه (3).

3- بيهانزن والمقاومة ضد الفرنسيين 1889-1894:

تولى بيهانزن الحكم 1889-1894 واستمر في سياسته العدائية تجاه پورتونوڤو، وقد بدأ حكمه بالقاء القبض على التجار الفرنسيين 1890 في ميناء ويده، كذلك استولت قواته على كوتونوفدخلها فرق نساء الأمازون ونكلت بالأهالي (4). ولكن الملازم الفرنسي تريلون نجح في استعادة كوتونو، وصد هجمات قوات داهومي وفي 15 فبراير 1890 أوفد بيهانزن انذارا شديد اللهجة الى البعثات الكاثوليكية في ويده يطلب منها الرحيل وإلا ألقى بها في البحر، فاحتمى رجال الدين المسيحيين مع خمسة من الرعايا الفرنسيين باحدى الوكالات التجارية، ولكن قوات بيهانزن ألقت القبض عليهم جميعا وأوفدوا مكبلين بالأغلال الى أبومي، وأعرب بيهانزن بأنهم أصبحوا أسرى لديه. ولم يقتصر بيهانزن على مهاجمة كوتونووويده، وانما هاجم أيضا پورتونوڤو، وفشل الملازم تريلون في صد هجمات قوات نساء الأمازون، واضطر الى التراجع بعد حتى تكبد خسائر فادحة (1).

والواقع حتى هجوم بيهانزن على جميع من ويده وكنونووپورتونوڤو، انما يعني أنه قرر شن الحرب على الفرنسيين كذلك لاظهار هيبته وقوته أمامهم فور توليه العرش وكأنما بهذه الهجمات هوينبههم الى قوته وسلطاته، ولكن كان لأسر أعضاء البعثة المسيحية، رد عمل كبير لدى الفرنسيين، وقد طلب القائد الفرنسي فرونيه من وزير بيهانزن في ويده ضرورة الافراج عن أفراد البعثة ولكنه ماطل في الرد وأوفد رسالة الى رئيس الجمهورية الفرنسية نطق فيها حتى البيض لا يتورعون عن شن الحروب من أجل التجارة، وأكد حتى كوتونوتابعة له ولن يتنازل عنها، ولكنه أبدى استعداده لاثبات حسن نواياه واطلاق سراح البعثة الكاثوليكية. وازاء مهادنة بيهانزن للفرنسيين رأت السلطات ايفاد بعثة الى بيهانزن لمحاولة تحسين العلاقة معه (2).

أوفدت البعثة الى بيهانزن برئاسة آلان دورجير وكان من ضمن أسرى ويده الذين أفرج عنهم بيهانزن ونجح دورجير في توقيع معاهدة مع بيهانزن في ويده في 30 اكتوبر 1890.

نصت المادة الأولى من المعاهدة بأن يحترم ملك داهومي الحماية الفرنسية على پورتونوڤوباحتلال فرنسا في كوتونو.

المادة الثانية: تباشر فرنسا سلطاتها على ملك پورتونوڤوبحيث تتعهد لبيهانزن بأنه لن يشكومن تصرفاته. وتعهدت فرنسا بدفعت عشرين ألف فرنك لبيهانزن بعد اعترافه بالحماية الفرنسية على كوتونو(1).

وتبع توقيع المعاهدة ارسال بعثة سلمية الى أبومي، فقد أوفد القائد الفرنسي دي كوفرفيل الكابتن اوديود إلى بيهانزن جميع الغرض منها جمع المعلومات أم هي مجرد بعثة لارسال الهدايا الى بيهانزن. وجدير بالذكر حتى الحكومة الفرنسية ارادت انتهاز فرصة تقديم الهدايا الى بيهانزن وطلبت من مختلف ضباط البعثة كتابة تقرير عما شاهدوه في أبومي، فخط الملازم شاسل تقريرا عن طبوغرافية داهومي وعزز تقريره بالرسوم والصور وخط اوديود عن الناحية العسكرية وأوضح مدى قوة الجيش الداهومي كذلك خط عن النظم السياسية السائدة في البلاد، كما صاحب البعثة ضباط من البحرية الفنسية منهم هيكار ودوكير وقد شكا بيهانزن لأفراد البعثة من تصرفات بايول عندما زار أبومي لأنه زعم له بأن لديه سلطات تماثل سلطات ملك فرنسا وأعرب بيهانزن أنه يريد العيش في سلام مع الفرنسيين (2).

وكان من أبرز نتائج هذه البعثة التعهد على داهومي والنظم السياسية فيها ووضعها العسكري .

وجدير بالذكر أنه رغم التأكيدات لأفراد البعثة عن رغبته في العيش في سلام مع الفرنسيين إلا أنه اتصل بالتجارة الألمان في الكاميرون للحصول على الأسلحة الحديثة والمتطورة (4). وكذلك استأنف اغارته على البلاد ولكن على البلاد الواقعة غرب أبومي فهاجم اوتشي في سبتمبر 1891 وأسر عددا كبيرا من أهلها وأجبرهم على العمل في المزارع الجماعية كما هاجم كلا من أفوماي وكينكبودون والقرى الواعة على الضفة اليمنى لنهر اويميه وامتدت هجماته حتى وصلت على مقربة من پورتونوڤو(1).

وفي 15 فبراير 1892 تولى بالوحكم وادارة المنطقة وكان أول حاكم فرنسي في المنطقة بعد انفصالها عن أنهار الجنوب فقد صدر مرسوم في 17 ديسمبر 1891 انفصلت بمقتضاه منشآت فرنسا في خريج بدين عن منطقة أنهار الجنوب. وقد قانم بالوبتفقد المناطق التي أغار عليها بيهانزن وأوفد له في 28 مارس 1892 رسالة احتجاج ولكن بيهانزن رد عليها قائلا: "أني مندهش من غضبمك نتيجة هجومي على القرى وأنا اتسائل هل أعربت الحرب على فرنسا، أنا مذهول من العودة لهذا الأسلوب وأنا على استعداد لملاقاتك ، وهذا الاحتجاج اعتبره سخرية مني ولا أحب حتى يسخر أحد مني أنا الملك، ثم قام بيهانزن بتجميع اربعة آلاف رجل أمام پورتونوڤووكوتونووحشد الفين بين ويده وسافي والفا أمام الاده وأعرب بأنه ملك السود البيض معا وليس لأحد التدخل في أعماله (2).

وزاء تطور الموقف اجمع البرلمان الفرنسي في ابريل 1892 على ضرورة اعلان الحرب في داهومي وتم رصد ثلاثة مليون فرنك لهذا الغرض ولعل هذا يدلنا على مدى خطورة وتزايد قوة بيهانزن الذي هدد وجود الفرنسيين في داهومي، وعندما فهم بيهانزن باعلان فرنسا الحرب عليه خط رسالة في اقبريل 1892 ذكر فيها:

"أنا أفهم بأن الحكومة الفرنسية أعربت الحرب على داهومي وأن الأمر قد تقرر في البرلمان الفرنسي وأنا أنذركم اذا بدأتهم الحرب فسوف أعربها أنا الآخر واذا دمرت أي قريبة بنيران مدافعكم فسوف اتجه مباشرة لسحق پورتونوڤووأنا مستعد للحرب ولن أخدمها ولوبعد مائة عام (3)".

بدأت الاستعدادات لارسال حملة عسكرية الى أبومي وقد وكل الى الكولونيل دودز (1) قيادة الحملة فوصل في 20 مايو1892 الى كوتونوبتعليمات صريحة باستخدام القوة العسكرية في مختلف المناطق. وقد استغرف في تجميع القوات العسكرية وتدريبها ثلاثة أشهر، واتخذ دودز من پورتونوڤوقاعدة ومركزا للهجوم على العصامة أبومي (2). كما فرض حصارا على الساحل ومنع بيهانزن من التجارة وفي يونيو1892 هاجمت قوات بيهانزن السفن الفرنسية المتجهة عند نهر اويمة فبدأ دودز في الزحف على أبومي وأبحر في النهر حتى بلغ رادفه زووضرب كلا من أبومي وجودوني وكفالي بالمدافع، ثم تحركت فرق المشاة مصحوبة بست فرق من الرماة السنغاليين والهوسا متجة شمالا نحوأبومي ولكن قوات داهومي فاجأت معسكر الفرنسين في دوجبا فتلت عددا كبيرا منهم (3) ولذلك أسرع دودز بتنظيم قواته واحتل كانا وأصبحت داهومي على وشك السقوط ما أبدا الجيش الداهومي من سالة في القتال وما ابدته فرق الأمازون من شجاعة (4) ولذلك أوفد بيهانزن الى دود طالبا منه التفاوض فاشترط عليه الأخير تسليم أسلحت والتنازل عن الأراضي الساحلية الواقعة على الضفة اليسرة لنهر اويمه وحتى اقليم زجناندووقد حمل هذه الشروط الى بيهانزن المندوب الفرنسي بالموت والذي كان على عداء معه. كما طلب منه دودز ثلاثة وزراء كرهائن (5).

وقد حاول بيهانزن لفط أنظار الدول الاوروبية له لمساعدته ولكن جميع من انجلترا وألمانيا رفضتا التفاوض معه (6) فلجأ الى الاتصال المباشر مع الحكومة الفرنسية وكلف صحفيا يرجع أصله لليوريا ويدعى هنري كاجادون للسفر الى باريس لعرض قضيته على الحكومة الفرنسية، ولكنه لم يتكمن من لقاءة أحد من المسئولين فنشر في انجلترا رسالة موجهة من بيهانزن إلى الأمم الكبرى المتحضرة في العالم طالبا عدم السماح لدولة تملك الأسلحة الحديثة مثل فرنسا حتى تقضي على شعب داهومي الذي لم يقترف أي جرم سوى أنه ضعيف وجاهل. ولكن لم تنجح محاولات بيهانزن ولم تعر نداءاته اهتمام أي دولة اوروبية. ولذلك حاول التفاوض مع الفرنسيين وارسل الى الكولونيل لامبينيه عارضا عليه الصلح في 29 أبريل 1893 واستعداده للاستسلام ولكن وفقا لعدة شروط:

  1. ألا تهاجم جماعات ناجوأهالي داهومي.
  2. أن يمتنع الملك نوفا ملك پورتونوڤوعن مهاجمة بيهانزن ونشر النادىيات السيئة عنه وترديد الأكاذيب.
  3. يعلن عن رغبته في السلام مع فرنسا ويتعهد بعدم شن الحرب علهيا.
  4. الاقامة في أبومي مرة ثانية والتخلي عن المراكز التي تحصن بها في شمال بلاده في لاما (1).

ولم يتلق بيهانزن أي رد من المسئولين الفرنسيين، في المنطقة ويلاحظ من عرضه السابق حتى بيهانزن استوعب مدى ضعفه أمام القوات العسكرية الفرنسية، وأنه لا قبل له بمحاربتها ولذلك جنح الى السلم. وحاولا الاحتفاظ بماء وجهه وكبريائه فاشترط على الفرنسيين عدة شروط لهذا السلم. ومنها بقاءه مرة ثانية في بلاطه في أبومي. مع تعهده بعدم شن أي حرب ضد فرنسا. ولكن العسكريون الفرنسيون قرروا القضاء عليه، ولم يعد هناك مجال لأية مفاوضات (2).

وبجد بيهانزن أنه لا مفر أمامه سوى الحرب مرة ثانية فنداؤه الى العالم لم يأت بالفائدة المرجوة، ولم ينتبه اليه أحد. كذلك عروضه من أجل الصلح لم تلق اهتماما من أي مسئول ومرد ذلك حتى الحكومة الفرنسية كانت قد اتخذت قرارا لا رجعة فيه ألا وهواعلان الحرب وضرورة القاء القبض عليه لاقرار الأمن في المنطقة (3).

وفي 30 أغسطس 1893 جمع دودز قواته في كوتونوثم اتجه الى انشربيه حيث تمركز بيهانزن وعندما فهم الأخير بذلك ارسل الى دودز وفدا من خمس وعشرين من الزعماء لكي يعرضوا عليه الصلح ولكنه رفض ثم تقدم دودز الى انشربيه فوجدها خالية وفر بيهانزن منها الى ماهي (1). وقد اتخذ دودز عدة اجراءات هامة في المنطقة.

  1. أعرب ضم اقليم الاده الى أبومي كما أعرب فيخمسة يناير 1894 بأنه يقبل خضوع أمراء وزعماء وأهالي داهومي. كذلك أعرب ضم ماهي – داسا – ناجووالبلاد الواقعة على الضفة اليسرة لنهر اويمه، وأعرب بأن هذه المناطق أصبحت تابعة لفرنسا.
  2. قسمت داهومي الى مملكتين أبومي – والاده ، وتكونت الأولى من البلاد الواقعة بين كوفوفي الغرب واقليم ماهي في الشمال واويمه في الشرق ولاما في الجنوب. وتكونت مملكة الاده في البلاد الواقعة بين كوفوفي الغرب ومملكة أبومي في الشمال واويمة في الشرق بالاضافة الى الأراضي التي تم ضمها في الجنوب.
  3. أعرب بأن تعيين ملوك أبومي والاده باختيار زعماء البلاد بعد اجتماعهم في مجلس عام ولكن تحت اشراف الادارة الفرنسية.
  4. وضعت الاده وأبومي تحت الحماية الفرنسية.
  5. تعقد معاهدات سياسية وتجارية بين حكام داهومي الجدد وممثلي الحكومة الفرنسية (2).

في أوائل 1894 نصب جوتشلي شقيق بيهانزن ملكا في داهومي خلفا لشقيقه، الذي أعرب على الفور قبول الحماية الفرنسية على أراضيه (3). وحسب تنطقيد داهومي تلقب الملك الجديد باسم اجولي اجبوأما بيهانزن فقد عثر أنه لا أمل له في استمرار نضاله ضد الفرنسيين فوصل الى اوميجانيه قرب أبومي حيث سلم نفسه 1894 ، وتم ترحليه الى داكار ومنها الى مارتينك ثم الجزائر ثم بليده من جزر الهند الغربية حيث توفى بها عام 1909 (1).

وقد حاول بيهانزن (2) في عام 1905 قبل وفاته لفت نظر الدول الاوروبية اليه فنشر في جريدة ديموكراتيك التي تصدر في جواديلوب رسالة وجهها على فرنسيس دي برنسيسه رئيس جمعية حقوق الانسان طالبه فيها بعودته الى داهومي. وانتقد السياسة الفرنسية وألقى اللوم على المسئولين الفرنسيين الذين دأبوا على الاساءة اليه ونصرة ملك پورتونوڤوعليه وبرر حروبه ضد الفرنسيين بأنها كانت نتيجة لاعتداءاتهم عليه. وانه اضطر للرد عليهم حتى لا يلحقه العار أمام القبائل الأفريقية، وأعرب بيهانزن أنه على الرغم من نفيه الا حتى الفرنسيين مازالوا ينكلون بأهالي داهومي. ولكن رغم جهود جمعية حقوق الانسان الا حتى السلطات الفرنسية رفضت عودة بيهانزن الى داهومي، في عام 1928 ثم نقل رفات بيهانزن الى داهومي (3).

إلى غير ذلك نجحت فرنسا في بسط سيطرتها على داهومي ولكن بعد حتى تكبدت هي الأخرى خسائر فادحة. ولقد حاول الفرنسيون تعليل قوة المقاومة والاستقلال ورفض الشعب الداهومي للخضوع للقوى الخارجية. كذلك اغفل الفرنسيون الدافع الوطني وهوالدافع الرئيسي لمقاومة الاستعمار الاوروبي في أفريقيا كلها (4).

وأخيرا فقد تسببت عدة عوامل في هزيمة بيهانزن رغم عدم كفاءة قواته العالية في القتال، وحسن تدريبها من هذه العوامل حتى بيهانزن لم يجمع قواته ضد الفرنسيين، ولم يركز هجماته ضدهم. ففرقه العسكرية كانت مشتتة لقتال البوروبا من جهة، كذلك انشغلت بشن الغارات على بورتوفونوحيث عدوه اللدود توفا حليف الفرنسيين، هذا بالاضافة الى كثافة الحملات العسكرية الفرنسية التي زودت بالمدافع وبأحدث الأسلحة وبرفق مدربة تدريبا عاليا من الرماة السنغاليين والهوسا (1). وفي عام 1894 أعربت الحماية الفرنسية على داهومي (2).


Countries in Guinea

  • Benin
  • Côte d'Ivoire
  • Equatorial Guinea (formerly Spanish Guinea)
  • The Gambia
  • Ghana (formerly Danish Guinea and Dutch Guinea)
  • Guinea (formerly French Guinea)
  • Guinea-Bissau (formerly Portuguese Guinea)
  • Liberia
  • Senegal
  • Sierra Leone
  • Togo (formerly German Guinea)
  • Southern Nigeria
  • Western Cameroon (formerly German Guinea)

انظر أيضاً

  • Lower Guinean forests
  • Upper Guinean forests
  • West Africa

Notes


الهامش

خط

  • DIFFIE, Bailey W. and WINIUS, George D. - , Volume 1, University of Minnesota Press, 1977.
  • NEWITT, Malyn- , Routledge, New York, 2005.
تاريخ النشر: 2020-06-06 13:09:59
التصنيفات: مناطق أفريقيا, مناطق مقسمة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

«الأزرق» يتصدر ممتاز السلة

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:45:19
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 77%

الحل يعتمد على تقنية "الفار" في حل ألغاز "غرفة الهروب" بـ"كومبات فيلد"

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:45:35
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 76%

جماهير الهلال دعم الفريق في حائل

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:45:21
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 81%

عام / البرازيل تسجل 87471 إصابة جديدة بكوفيد 19

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:49:36
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

فيصل بن بندر يلتقي سفير البحرين ووزير الشؤون الإسلامية

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:45:14
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 85%

الرياض تحتضن أسرة كرة القدم الآسيوية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:47:03
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

الريال يجدد تفوقه على البرشا وينتظر الفائز من مباراة أتلتكو وبلباو

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:45:10
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 80%

رئيس الحكومة يطلق برنامج ''أوراش'' الرامي لإحداث 250 ألف فرصة شغل

المصدر: الوظيفة مروك - المغرب التصنيف: وظائف وأعمال
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:48:08
مستوى الصحة: 97% الأهمية: 96%

لجان مقاومة الخرطوم تعلن مسارات مليونية 13 يناير المتوجهة للقصر الرئاسي

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:39:34
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 51%

الهلال يضم «سعود» لقائمة مونديال أندية العالم - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:47:01
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

عام / تونس تسجل 6323 إصابة جديدة بكوفيد 19

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:49:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 70%

الصياهد تودع الهجانة السلطانية العمانية

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:45:30
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 71%

أمير الرياض يفتتح مشروع واحة الملك سلمان بن عبدالعزيز للعلوم

المصدر: جريدة الرياض - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-12 23:45:24
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 74%

تحميل تطبيق المنصة العربية