الجينوم اللامرئي: ما بعد الدنا

عودة للموسوعة

الجينوم اللامرئي: ما بعد الدنا

لقد كان يعتقد حتى الدنا هوالمستودع الوحيد للمعلومات الوراثية

إلا حتى البيولوجيين بدؤوا باستكشاف طبقة منفصلةٍ أكثر طواعية(1)، من المعلومات المكودة داخل الصبغيات. والآن يفسح فهم الوراثة(2) الطريق أمام فهم الوراثة اللاجينية(3).

في الشهر 10/2003، نشرت جريدة نيويورك تايمز تحت العنوان التالي: «الجينوم البشري على شيپة» حتى ثلاث شركات للتقانات الحيوية قد صنعت أدوات بحجم ظفر الإبهام يمكنها حتى تسجل فعالية جميع الجينات في عينة من النسيج البشري. إلى غير ذلكقد يكون قد تحقق أحد وعود مشروع الجينوم البشري. فقد صار بإمكان الفهماء ـ عن طريق إجراء مسح لتسلسل الدنا البشري ـ حتى يخمنوا أي البتر تمثل الجينات التي تنتسخ إلى رسائل رنا RNA، ومن ثم تترجم إلى پروتينات وظيفية.

يتألف الساتل المكروي (الجزء الأوسط الداكن) في هذا المثال من تسلسل نوعي من وحدات الدنا (أي القواعد bases) ـ وهي CAAT (سيتوزين ـ أدنين ـ أدنين ـ ثيمين) ـ متكررا خمس مرات؛ ويتزاوج جميع تسلسل من CAAT بالتسلسل التتامي GTTA (گوانين ـ ثيمين ـ ثيمين ـ أدنين) على الشريطة اللقاءة من «سلم» الدنا. ويمكن للتسلسلات التكرارية في السواتل المكروية حتى تتألف من قواعد قد يصل عددها إلى ست، ويمكن لكل تسلسل حتى يتكرر بنسخ عديدة


لدى نشر «المسودَّة النهائية» لتسلسل الدنا في الشهر 4/2003، نطق الكثيرون بأن الخيط المؤلف من ثلاثة بلايين قاعدة ـ من الگوانين (G) والثايمين (T) والأدينين (A) والسيتوزين (C) ـ في الدنا البشري يمثل (يمكنك اختيار المجاز الذي يلائمك): كتاب الوراثة، أومصدر كود الخلايا، أوالمخطط الأساسي (الطبعة الزرقاء) blueprint للحياة. إلا حتى جميع هذه المجازات في الحقيقة مضللة.

نظرة إجمالية فهم الوراثة اللاجينية(**)

تنتقل معظم الخلات الوراثية بوساطة الجينات الموجودة بالدنا والتي تكود للپروتينات، إلا حتى هناك كودا مستقلا مكتوبا بعَلامات كيميائية تقع خارج تسلسل الدنا، وله تأثيرات مهمة في صحة الكائنات الحية ومظهرها.

يمكن للكود اللاجيني حتى يفسر سبب تخطي بعض الأمراض أجيالا كاملة وسبب تأثيرها في واحد فقط من زوج التوائم المتماثلة. يظهر حتى الأخطاء اللاجينية لها دور في الإصابة بالسرطان.

يعمل الجينوم كآلة لها بضعة أجزاء معقدة تتآثر فيما بينها. وقد يحدث تعديل الجزء اللاجيني بوساطة الأدوية أسهل من تعديل تسلسل الدنا.

إن الجينوم، الذي هومجموع المعلومات الوراثية المحتواة في الصبغيات والتي تهيمن على كيفية تنامي الكائن، ليس نصا ثابتا يمرر من جيل إلى الجيل الذي يليه، بل هوآلة كيميائية حيوية ذات تعقيد هائل. ويعمل الجينوم ـ شأنه شأن جميع الآلات ـ في حيز ثلاثي الأبعاد ويملك أجزاء متميزة وديناميكية تتآثر فيما بينها.


تشكل الجينات المكودة للپروتينات جزءا واحدا فقط من تلك الأجزاء، غالبا ما يمثل أقل من 2% من مجمل الدنا في جميع خلية بشرية. إلا أنه على مدار الجزء الأكبر من العقود الخمسة الماضية ووفقا للدُّگْمة(4) dogma المركزية للبيولوجيا الجزيئية، رسخت فكرة حتى هذه الجينات هي مستودع الخلات الموروثة. ومن هنا اتى الاعتقاد بأن الجينوم يمثل المخطط الأساسي (الطبعة الزرقاء).

كان الباحثون في الستينات من القرن الماضي قد اكتشفوا معلومات مهمة مختبئة في مواضع أخرى من الصبغيات. كان بعضها مدسوسا وسط الدنا غير المكوِّد non-coding DNA، في حين كان بعضها الآخر متوضعا خارج تسلسل الدنا تماما. وكانت أدوات الهندسة الوراثية تحقق أفضل النتائج حينما تتعامل مع الجينات والپروتينات التقليدية، ومن ثم كان الفهماء يركزون نظرهم أكثر حيثما كان الضوء أكثر سطوعا.

للتوائم المتطابقة تسلسلات متماثلة من الدنا. ومع ذلك وفي معظم الحالات التى يصاب فيها أحد التوأمين بسقم معقد ذي مكون جيني، مثل الفصام schizophrenia أوالاضطراب ثنائي القطب bipolar disorder أوالداء السكري الطفولي، نجد حتى التوأم الآخر لا يصاب به. ويمكن حتىقد يكون للعوامل البيئية دور ما في هذا الشأن، إلا حتى البيولوجيين يدركون بشكل متزايد حتى ثمة خلات مهمة يمكن حتى تنتقل لاجينياً epigenetically من خلال الصبغيات ولكن خارج الدنا


ردفان ضخمان يميزان نعجة كاليپيج callipyge ewe (في أقصى اليسار) والكبش ram (في يمين الوسط) من أشقائهما الأسوياء. لا يمكن تفسير نمط الوراثة الغريب لخلة الكاليپيج إلا عن طريق تآثر ثلاث طبقات مستقلة من المعلومات في الجينوم


نظرة تاريخية

وفي الأعوام الأخيرة، قام فهماء الوراثة بتقصي الأجزاء الأقل وضوحا من الجينوم بشكل أكثر دقة، وذلك بغية الكشف عن تفاسير للشذوذات التي تخالف الدُّگمة المركزية، مثل: الأمراض التي تصيب بعض العائلات ولكنها تظهر بشكل فجائي وقد تختلف حتى ما بين التوائم المتماثلة، والجينات التي تعمل أوتتوقف عن العمل في حالات السرطان ولا تحمل مع ذلك أي طفرات، والنسائل clones التي عادة ما تموت في الرحم. لقد وجدوا حتى هاتين الطبقتين ـ الثانية والثالثة ـ من المعلومات، خلافا للجينات المكودة للپروتين، ترتبط ارتباطا مدهشا ووثيقا بالوراثة والتنامي والسقم.

الجينوم غير المرئي

فيها وصف الطبقة الثانية من المعلومات، التي تتألف من عدد لا يحصى من جينات لا تنتج إلا الرنا RNA-only genes توجد معزولة ضمن امتدادات stretches شاسعة من الدنا غير المكوِّد. كان الفهماء قد أهملوا مثل هذا الدنا باعتباره حطاما عديم الجدوى نتج من عملية التطور؛ ذلك لأنه لا ينتج پروتينات. لكن ظهر حتى هذه الجينات غير التقليدية تنتج بالعمل رناوات ناشطة، يمكن من خلالها تعديل سلوك الجينات السوية تعديلا بالغا. ومن الممكن حتى يؤدي وجود خلل في جينات الرنا فقط (الجينات التي لا تنتج إلا الرنا) إلى إحداث أضرار وخيمة.

للتوائم المتطابقة تسلسلات متماثلة من الدنا. ومع ذلك وفي معظم الحالات التى يصاب فيها أحد التوأمين بسقم معقد ذي مكون جيني، مثل الفصام schizophrenia أوالاضطراب الثنائي القطب bipolar disorder أوالداء السكري الطفولي نجد حتى التوأم الآخر لا يصاب به. ويمكن حتىقد يكون للعوامل البيئية دور ما في هذا الشأن، إلا حتى البيولوجيين يدركون بشكل متزايد حتى ثمة خلات مهمة يمكن حتى تنتقل لاجينيا epigenetically من خلال الصبغيات ولكن خارج الدنا.


المعلومات الوراثية اللاجينية

أما القسم الثالث في آلة الجينوم ـ والذي هومذهل مثل جينات الرنا الفعالة، بل قد يحدث أكثر أهمية ـ فهوطبقة المعلومات اللاجينية epigenetic layer المختزنة في الپروتينات والكيماويات التي تحيط بالدنا وتلتصق به. وقد أطلق عليها عَلامات لاجينية epigenetic marks، ذلك أنها تؤثر بشكل كبير في صحة الكائن وخصائصه ـ حتى إذا بعضها ينتقل من الوالدين إلى الطفل ـ وهي مع ذلك لا تُحْدث تغييرا في تسلسل الدنا المعني.

ومازال على فهماء الوراثة حتى يكتشفوا الكود المعقد الذى يمكن بوساطته حتى تتآثر العَلامات اللاجينية مع المكونات الأخرى للجينوم. إلا حتى الباحثين لاحظوا لدى شرحهم بعض الآليات الحرجة حتى القسم اللاجيني من الجينوم يقوم على ما يظهر بأدوار حاسمة في النمووتقدم العمر aging والإصابة بالسرطان. كما يعتقد بأن حدوث ما يسمى ما بعد الطفرات epimutations يسهم في الإصابة بالداء السكري والفصام والاضطراب الثنائي القطب(5) والكثير من الاعتلالات الجسدية المعقدة الأخرى.

يمكن لفهم الوراثة اللاجينية حتى يسهم في إيجاد طرق جديدة لمعالجة هذه الأمراض. ففي حين حتى الخلايا تتفانى في حماية الدنا الموجود فيها من حدوث الطفرات، فإنها تقوم بشكل روتيني بإضافة علامات لاجينية أوحذفها. ويمكن للأدوية، من حيث المبدأ، حتى تتلاعب بالكود اللاجيني بهدف إخماد مجموعات كاملة من الجينات المؤذية أوتفعيلها. كما يمكن للأدوية الجديدة حتى تبطل بعض التلف الجيني الذي يصاحب التقدم في العمر ويسبق السرطان.

كبش مكتنز اللحم

تتبين سيرة سولِدْ گولد Solid gold كيف من الممكن أن يمكن للأجزاء الثلاثة للجينوم حتى تتآثر فيما بينها لتدحض النظريات التقليدية للوراثة. ففي عام 1983، وُلِد في مربى ماشية بأوكلاهوما كبش صغير أطلق عليه اسم سُولِدْ گولد، أي المضى الخالص، وذلك بعد حتى نمت مؤخرته واكتنزت لحما بصورة غير عادية. وقد استوعب صاحب مربى الماشية أنه أمام طفرة مربحة، لذا عمد فورا إلى استيلاد هذا الكبش. تم إجراء تزاوج بين أبناء سولِدْ گولد كبيرة الأرداف ونعجات سوية. كانت نصف ذريتها (الإناث منها والذكور) مثل الأب. أطلق الباحثون عليها اسم كاليپيج callipyge ، وهي حدثة يونانية تعني «أردافا جميلة». إذا انقساما بنحو50-50 هي ما يتسقطه المرء تماما من وجود الطفرة في جينة سائدة. إلاّ حتى الأمور بدأت تصبح أكثر إثارة بحسب قول M. جورج الباحث في جامعة لييج Liege ببلجيكا، والذي تم استنادىؤه بصفته مستشارا.

ردفان ضخمان يميزان نعجة كاليپيج callipyge ewe (في أقصى اليسار) والكبش ram (في يمين الوسط) من أشقائهما الأسوياء. لا يمكن تفسير نمط الوراثة الغريب لخلة الكاليپيج إلا عن طريق تآثر ثلاث طبقات مستقلة من المعلومات في الجينوم.

عند إجراء التزاوج بين نعجات كاليپيج وذكور سوية، لم يكن لأي من الذرية من كلا الجنسين الأَلْية(6) الضخمة التي هي من خصائص الأم، مع حتى بعضها ورث الطفرة عملا. وبدا الأمر وكأن صفة الكاليپيج تحولت بشكل فجائي من صفة سائدة إلى صفة متنحية.

حاول فهماء الوراثة بعد ذلك إجراء تزاوج بين الكباش ذات المظهر الطبيعي والتي تحمل الطفرة وبين نعجات سوية تماما. وياللدهشة، كانت نصف الحملان من النوع كاليپيج. إذًا، كانت السمة تظهر فقط عندما ترث النعاج الطفرة من الأب.

وكما يقول جورج «أصبحت الأمور عجيبة وغريبة جدا،» وذلك عندما أدى التزاوج إلى إنتاج أغنام تحمل أليلين two alleles لكاليپيج (أي وجود نفس الطفرة في نسختي الصبغي). فلوكانت كاليپيج جينة تقليدية فإن الحيوانات التي ورثت الطفرة من كلا الأبوين كان يجب حتى تكون ذات أفخاذ ضخمة. ومع ذلك كانت جميع الأغنام المزدوجة الطفرة تبدوسوية تماما (انظر الشكل في الصفحة اللقاءة). ماذا كان يحدث؟

أخيرا، أجابت تجارب عشر سنوات عن هذا التساؤل. فقد نشر جورج ومساعدوه في الشهر 5/2003 وَصْفة لخلة الكاليپيج ومنشئها، تتضمن جينة قياسية تصنع الپروتين، وواحدة أوأكثر من جينات الرنا فقط RNA-only genes، إضافة إلى تأثيرين لاجينيين. والمكون الأخير هوطفرة بالغة الصغر أدت إلى وجود قاعدة الگوانين(G) مكان قاعدة الأدينين(A) ، وذلك «في موضع معين وسط بيداء الجينات وعلى بعد 000 30 قاعدة من أقرب جينة معروفة،» بحسب قول <جورج>. وبطريقة ما، يقوم الدنا في ذلك الموضع بضبط فعالية الجينات المكودة للپروتين وتلك الخاصة بإنتاج الرنا فقط على الصبغي نفسه.


التواءات والتفافات في شجرة النسب

قبل عشرين عاما ولد خروف، اسمه سولِدْ گولد Solid Gold، كان يحمل طفرة في الكروموزوم 18 أدت إلى نموردفيه إلى درجة ضخمة غير عادية. وقد نقل سولِدْ گولد هذه الخلة إلى نصف عدد نسله (أخضر)، وذلك هونمط الوراثة التقليدي المميز لجينة سائدة. إلا حتى الأجيال اللاحقة أظهرت ان الأغنام التي ترث الطفرة من الأم كانت تبدوطبيعية (أزرق)، حتى لوحصلت على نسخة ثانية من الجينة من الأب (بنفسجي). ونتيجة للتأثيرات اللاجينية كانت الخراف التي تتميز بأرداف كبيرة هي فقط تلك التي تتلقى نسخة واحدة فحسب من الطفرة من الأب (برتنطقي).

حدثت الطفرة الأولى التي أنتجت ردفين جميلين في كبش يدعى سولِدْ گولد تم تزاوجه بنعجات سوية.

يبدوحتى الجيل الأول أظهر خلة معيارية سائدة (جميع هذه التي ورثت الطفرة كانت لديها أرداف كبيرة) ...

إلا حتى الأكباش فقط هي التي مررت الخلة إلى الجيل الثاني ...

وفي الجيل الثالث كان نمط الوراثة يظهر محيرا حقا.

تتخطى الخلة أحد الأجيال (أزرق) عند انتنطقها عن طريق نعجة

إلا حتى الخلة كانت تظهر في جميع الأنسال (برتنطقي) حينما نقلت عن طريق كبش يحمل الطفرة في نسختي الصبغي 18

إن جميع خلية من خلايا الجسم تحوي مئات الميتوكوندريات، التي تُعد بحق مصانع لتوليد طاقة الخلايا. وتوجد في جميع ميتوكوندريا كثرة من عرى الدنا DNA، تضم جميع عروة منها 37 جينا ذا علاقة بتوليد الطاقة. وتورث طفرات جينات الميتوكوندريات من قبل الأم فقط. وغالبا ما يرتبط حدوث هذه الطفرات باضطرابات تنكسية، تكون أحيانا مدمرة وتصيب الدماغ والعضلات خاصة. ويُظهر تفرّس (مسح) الدماغ brain scan (في اليسار) نمطا شائعا من أنماط الأمراض التي يسببها دنا الميتوكوندريات: ويُحدث تنكسًا في العقد القاعدية (الناحية المؤطرة بالأحمر)، وهي باحات (مناطق) دماغية مهمة في تنسيق الحركات.


المفتاح key

كبش ذومؤخرة ضخمة (اليمين) أونعجة ذات مؤخرة ضخمة (اليسار)

زوجان سويان ليس لهما صلة قرابة بسولِدْ گولد

سليلان(7) سويّان لسولِدْ گولد

التهجين (التزاوج)

الصبغي 18 من الأب (اليمين) ومن الأم (اليسار) صبغي طافر

إن تغيير قاعدة الأدينين(A) إلى الگوانين(G) يمكن حتى يجعل تلك الجينات مفرطة النشاط، حيث تقوم بتصنيع پروتين أورنا فعال، أكثر جدا مما ينبغي في خلايا العضلات. إذا وجود پروتين فائض يفسر المؤخرة الضخمة للحيوانات، إلا أنه لا يفسر نمط الوراثة الغريب. يرى جورج وآخرون حتى ثمة ظاهرة لاجينية epigenetic phenomenon تدعى الدمغ imprinting تحدث في شجرة النسب.

في معظم الجينات يعمل جميع من الأليلات الأمومية والأبوية، أولا يعمل، في الوقت نفسه. ويؤدي الدمغ إلى الإخلال بهذا التوازن. ففي حالة بعض الجينات المدموغة يتم التعبير عن النسخة القادمة من الأب فقط، فيما يجري إسكات الأليل القادم من الأم. وفي حالة الكاليپيج، تعمل الجينة الصانعة للپروتين والمسمِّنة للأرداف وفق هذه الطريقة. وهذا هوسبب ظهور الأغنام، التي تلقت الطفرة التي تغير A إلى G من الأم، بمظهر سوي؛ إذ لم تستطع الطفرة التغلب على الرقابة الانتقائية التي فرضها الدمغ.

ويؤثر الشكل المعاكس من الدمغ في جينة (أوجينات) الكاليپيج التي تصنع الرناوات الفعالة. إذا تلك الرناوات لا ينتجها إلا الأليل الموجود على الصبغي الأمومي. وهذا الجزء الثاني من السحر اللاجيني يساعد على فهم سبب اختفاء الخلة في الحيوانات التي تحمل أليلين للكاليپيج.

وفي تلك الأغنام المزدوجة الطفرة، كانت الطفرة في صبغِي الأب تقوم بدفع الجينة المصنعة للپروتين إلى مضاعفة الجهد. وفي الوقت ذاته تدعم نسخةُ الطفرةA إلى G في صبغي الأم إنتاج مستوياتٍ مرتفعة من الرناوات الفعالة من الجينات التي لا تنتج إلا الرنا. وتقوم الرناوات المضخَّمة، بطريقة ما، بحجب إشارة النموالمضخَّمة، لذا يظهر الحَمَل نحيلا رشيقا.

يبدوحتى مثل هذه التأثيرات التي تعود إلى «السيادة المفرطة» overdominance نادرة. ومع ذلك، يشيع الدمغ وبخاصة في النباتات الزهرية. ويحتفظ L .R.جيرتل [من جامعة ديوك] بقائمة ـ تتزايد دائما ـ للجينات البشرية المدموغة؛ وقد وصل العدد حاليا إلى 75. وقد يحدث الكثير غيرها في انتظار حتى تكتشف. وفي الشهر 8/2003 نشر P .M. لي [من المعهد القومي للسرطان] تقريرا يفيد بأن إجراء مسح لعدد 602 جينة من سبعة أشخاص أسفر عن وجود ألّيل أكثر فعالية بدرجة كبيرة من نظيره في نصف عدد الجينات. وكان الاختلاف بين تعبير الأليلات يزيد على أربعة أضعاف في 170 جينة من تلك الجينات.

ويُزال الدمغ جميعه تقريبا من الصبغيات في الأيام القليلة الأولى من الحمل. أما كيف من الممكن أن يحدث ذلك فهوسر غامض. ولكن في بعض الأحيان تحدث إعادة ترسيخ الحالة اللاجينية ما بين بداية الحمل ومنتصفه، وذلك حسبما تقول E. وايتلو[من جامعة سيدني]. ومع ذلك، تحدث إعادة برمجة الأخطاء.

وعلى سبيل المثال عادة ما تُدمغ الجينة البشرية لعامل النموالشبيه بالأنسولين IGF -2؛ حيث تكون النسخة الأمومية غير فعالة. ومع ذلك هناك إنسان تقريبا من جميع عشرة أشخاص لا يحدث عندهم دمغ للجينة IGF-2. وكما يقول . ساپينزا [من جامعة تمپل] «لدى ذهابنا إلى العيادة نجد ذاك الخلل في 40% من الأشخاص الذين يعانون سرطان القولون المتبتر sporadic colon cancer. ويضيف: «إن هذا مجرد ارتباط لكنه مثير جدا.» ويتم حاليا تقييم فحص للدم يكشف عن عدم حدوث دمغ الجينة IGF-2، وذلك كوسيلة للتنبؤ بمخاطر سرطان القولون. والدمغ المعيب هوأيضا متهم رئيسي في الكثير من الأمراض الجينية الأكثر ندرة مثل متلازمة پرادر-ويلّي Prader-Willi ومتلازمة أنجلمان Angelman ومتلازمة بيكويث-ويدمان Beckwith-Wiedmann. والأخير منها يسبب تشوهات في الوجه وزيادة في مخاطر التعرض للإصابة بالسرطان في الطفولة.

تقترح وايتلوحتى التنوعات اللاجينية يمكنها حتى تفسر التضارب في الإصابة بالأمراض التي تصيب التوائم المتطابقة. فهذه التوائم تشهجر في تسلسلات متماثلة من الدنا، ولكن لدى إصابة أحد التوأمين بسقم له مكون جيني مثل الفصام أوالاضطراب الثنائي القطب أوالداء السكري الطفولي، نجد حتى التوأم الآخر لا يصاب به. قامت مجموعة تقودها R. وكسبرج [من مستشفى الأطفال السقمي في تورنتو] في العام 2002 بمقارنة التوائم التي أبدت نتائج متضاربة فيما يخص الإصابة بمتلازمة بيكويث-ويدمان، وقد وجدت أنه في جميع حالة يفقد التوأم المصاب الدمغ ضمن منطقة حرجة من الصبغي 11، في حين حتى التوأم السليم لا يفقده.

يقول F. كولينز [مدير المعهد القومي لأبحاث الجينوم البشري]: «من الواضح أنها ظاهرة مهمة جدا من أجل السرطان والتنامي والتشوهات الولادية.» أما طريقة عمل الدمغ فمازالت غير مفهومة تماما. إلا أنه يظهر بأن مَيْثَلة الدنا DNA methylation تؤدي دورا مهما جدا.


مَيْثلة الدنا DNA methylation

يتألف الميثيل من كربون وثلاث ذرات من الهدروجين ولديه ميل شديد للارتباط بشيء آخر (أيْ مَيْثَلَته). ولمجموعة الميثيل ألفة خاصة لقواعد السيتوزين C في الدنا. تقوم إنزيمات خاصة بأخذ جزيئات الميثيل المشتقة من المغذيات الأساسية، مثل حمض الفوليك folic acid والڤيتامين B12 وإلصاقها بقواعد معينة في الجينوم.

بشكل عام، حدثا ازدادت ميثلة بترة معينة من الدنا قلت فرصة انتساخها إلى رنا، وقيامها بوظيفتها. عملى سبيل المثال، غالبا ماقد يكون الأليل الصامت من الجينة المدموغة شديد الميثلة، إلا حتى الدمغ قد يشكل وظيفة ثانوية لميثلة الدنا، حيث يظهر حتى دوره الأساسي هوالدفاع عن الجينوم ضد العناصر الجينية المتطفلة التي تدعى الجينات القافزة (ترانزپوزونات) transposons .

ويقول H .. بيستور [من جامعة كولومبيا] «يحلولنا حتى ننظر إلى الجينوم على أنه تلك الهبة الأصلية المحتفظة بنقائها. ولكن على الرغم من حتى ذلك يبعث على الاشمئزاز، فإن دنانا our DNA مليء بالطفيليات الجينية؛» إذ يتألف نحو45% من تسلسل الدنا البشري من جينات ڤيروسية (أوشظايا جينية) نسخت نفسها ضمن الجينوم أثناء مراحل التطور. ومن حسن حظنا حتىقد يكون معظم هذا الدنا الأناني قد حدثت له ميثلة شديدة highly methylated، ومن ثم فهوغير فعال.

وفي صيف العام 2003، أوضح مختبر جيرتل في ديوك الارتباط القوي بين مجموعات الميثيل والترانزپوزونات، وذلك بتجربة مذهلة على فئران أگوتي agouti، التي يتراوح لون شعرها بين الأصفر والأسود، بتأثير تحكُّم عنصر متطفل. لقد تمت تغذية مجموعة من فئران أگوتي الحوامل غذاء طبيعيا؛ وكان نتاج 60% من نسلها ذا شعر أصفر. إلا أنه عندما جرت تغذية مجموعة أخرى من الفئران الحوامل بغذاء مدعم بالفيتامين B12 وحمض الفوليك ومصادر أخرى غنية بالميثيل، تسبب هذا الغذاء الغني بالميثيل في تغيير لون شعر النسل الناتج، حيث أصبح 60% من النسل ذا شعر بني. يظهر حتى هذا التحول نتج بشكل تام من زيادة ميثلة (ونقص تعبير) دنا الترانزپوزن الأگوتي.

عندما يعمل الدواء يختفي ابيضاض الدم لقد اختفى 99.9% من الخلايا السرطانية

ولكن ماذا يحدث لوضعف دفاع الميثيل،يا ترى؟ قبل خمسة أعوام قام إخصائيوالهندسة الوراثية في تجربة شهيرة بتعطيل أحد الإنزيمات التي تقوم بإضافة الميثيل إلى الخلايا الجذعية الجنينية. وبسبب نقص الحماية التي يشكلها الميثيل، أصبح الكثير من الترانزپوزونات فعالا، وارتفع معدل حدوث طفرات الدنا في الخلايا بمقدار عشرة أضعاف. وقد أبرزت مثل هذه التجارب احتمالا مثيرا للاهتمام: هل تستطيع الشذوذات اللاجينية حتى تسرع ـ أوحتى حتى تبتدئ ـ الفوضى الجينية التي تقود إلى السرطان؟

وعلى الرغم من جميع شيء، غالبا ما تحوي خلايا الأورام ميثلة قليلة جدا في الجينوم ككل، كما تضم ـ وهذا منادىة للإرباك ـ جزيئات ميثيل كثيرة جدا متصلة بجينات معينة تمنع، بطريقة طبيعية، الخلايا المشوشة من حتى تصبح خبيثة. ويقول [من جامعة جونز هوپكنز]: «نستطيع حتى نشاهد في سلائل (پوليپات) القولون (وهي نموحميد، غالبا ما ينشأ عنه الورم) نقصانا واضحا في ميثلة الدنا على امتداد الجينوم،» وهذا يحدث حتى قبل حتى تقوم الطفرات بتعطيل الجينات الأساسية المضادة للنموفي الطريق إلى السرطان.

لا أحد يفهم سبب تساقط مجموعات الميثيل من الدنا أصلا، إذ لم يتم تعرُّف أي من الإنزيمات النازعة للميثيل. لكن الباحثين يعتقدون حتى الصبغيات الفقيرة الميثيل ستكون أكثر عرضة للخلل الوظيفي أثناء الانقسام الخلوي، مما يجعلها تتقدم خطوة باتجاه الخباثة.

وقد دعم العمل الذي قام به <R. جانيش> [من معهد وايتهد Whitehead في M.I.T] ذاك الاعتقاد. لقد أنتجت مجموعته فئرانا ذات عوز خلقي في أحد إنزيمات الميثلة. وفي معظم الفئران أصبح واحد على الأقل من الصبغيات الناسيرة الميثيل غير مستقر. وتراكمت الطفرات بشكل سريع ومات 80% من الفئران بسبب السرطان خلال تسعة أشهر.


مفاتيح التحكم في الجينات

إن تسلسل الدنا ليس هوالكود الوحيد المختزن في الصبغيات. يمكن لما يدعى بالظواهر اللاجينية بمختلف أنواعها حتى تقوم بدور مفاتيح التحكم لتضخيم أوإخماد تأثير الجينات. يتم تكويد المعلومات اللاجينية كملحقات كيميائية للدنا أوپروتينات الهستونات التي تنظم هيئتها داخل الصبغي. ومن بين وظائفها الكثيرة، تقوم مفاتيح التحكم اللاجينية بإخماد العناصر الجينية المتطفلة التي تشوه الجينوم والتي تدعى ترانزپوزونات (جينات قافزة).

تُبنى الصبغيات من الكروماتين، الذي هومزيج من الدنا والپروتينات ومركبات كيميائية أخرى. يلتف الحلزون المزدوج من الدنا داخل الصبغي حول بكرات پروتينات الهستون الثمانية ليشكل سلسلة النوكليوزومات nucleosomes الشبيهة بالمسبحة.

يمكن للتغيرات الكيميائية التي تحدث في صبغيٍّ ما حتى ترغم بعض أجزائه على حتى تنضغط وتتكثف مشكِّلةً كتلة يتعذر الولوج فيها، أوحتى تستقطب بعض الپروتينات الكاظمة repressor proteins. ويؤدي ذلك في كلتا الحالتين إلى توقف عمل الجينات الواقعة في ذلك الموضع من الدنا بشكل مؤقت.

إن كود هستون معقدا مدونا بعُلامات كيميائية متصلة بنهايات (ذيول) tails الهستونات (في الأعلى) يتحكم في التعبير الجيني. وعادة ما تقوم عُلامات الأستيل acetyl tags بتضخيم الجينات القريبة، في حين تقوم الإنزيمات النازعة للأستيل بإخمادها. إلا حتى الغموض مازال يكتنف بقية الكود.

من الممكن أيضا كبت الجينات بوساطة عُلامات الميثيل التي تلتصق مباشرة بالدنا، حيث توجد عادة القاعدة C متبوعة بالقاعدة .G أما الإجابة عن السؤال «هل تقوم مَيْثَلة الدنا بمفردها بإيقاف عمل الجينات، أم حتى الأمر يحتاج التضافر مع العلامات الهستونية؟» فمازالت سرا غامضا.

ويمكن للترانزپوزونات التي تدعى أيضا الجينات القافزة حتى تنسخ نفسها، وأن تدس نسخها في أمكنة بعيدة من الجينوم، مؤدية في بعض الأحيان إلى تعطيل الجينات أوإلى فرط تفعيلها. يظهر حتى إحدى الوظائف الأساسية للمَيْثلة تكمن في كبت الترانزپوزونات التي تشكل نصف الجينوم البشري تقريبا.

إن فكرة حتى نقص الميثيل على الدنا قد يقود إلى الإصابة بالسرطان لدى البشر مازالت مجرد فرضية. وعلى أي حال، لا يوجد لدى فهماء الأورام أدوية يمكنها حتى تصحح نقص ميثلة الجينوم ككل. ويختبر الأطباء عدة أدوية مضادة للسرطان، يمكنها حتى تعالج المشكلة الأخرى للميثلة، وهي التصاق كمية زائدة (فائضة) منها ببعض الجينات المرتبطة بالسرطان. لقد ساد الاعتقاد لدى الكثير من الفهماء حتى وقت قريب بأن الورم لا يمكن حتى يتمكن من الفرد إلا بعد حتى تكون الطفرات قد عطَّلت الجينات الكابحة للورم. ومع ذلك، تمتلك الجينات التي تكافح السرطان في الكثير من خلايا الورم تسلسل دنا طبيعيا تماما. إذا الأخطاء التي تحدث في الميثلة، وليس الطفرات، هي ما يعرقل هذه الجينات.

يبدوحتى بعض الأدوية، مثل المخدِّر الموضعي پروكين procaine وحمض الڤالپرويك valproic acid وعقار المعالجة الكيميائية ديسيتابينdecitabine ، تعمل جميعها إما من خلال نزع مجموعات الميثيل من الدنا أومن خلال منع عُلاّمات (واسمات) tags الميثيل من الارتباط بالخلايا الحديثة التكوين. ومنذ فترة، يقوم P .. عيسى باختبار تأثير الديسيتابين في المصابين ب ابيضاض الدم leukemia المتقدم، وذلك في عيادته بمركز سرطان أندرسون في جامعة تكساس. إذا هذا المركب سام جدا كما هي الحال في معظم أدوية المعالجة الكيماوية. ويقول عيسى «لكن عندما يعمل الدواء يختفي ابيضاض الدم (اللوكيميا). لقد اختفى 99.9% من الخلايا السرطانية». لقد نشر عيسى نتائج تجاربه في الشهر 8/2003، حيث عثر حتى ثمانية من 130 مريضا كان لهم حظ وافر بالنجاة، في حين أنه في 22 مريضا آخر أدى استخدام الدواء النازع للميثيل إلى تراجع السقم عندهم إلى وضع الهجوع(8) partial remission الجزئي.

ثمة كون تام جديد، لم نبصره من قبل...

وهذا مثير للغاية... «هذه الأدوية واعدة جدا،» هذا ما تؤكده S. مائير [من أپيجينوميكس Epigenomics، وهي شركة تقانة حيوية في برلين تعمل مع الشركة روش Roche في بازل Basel (سويسرا) على تطوير وسائل تشخيصية للسرطان مبنية على الميثلة]. وتضيف مائير: «إلا حتى هناك معضلة واحدة وهي حتى هذه الأدوية تقود جميعا إلى نزع ميثيل الجينوم بالكامل. وهذه المشكلة قد تسبب آثارا جانبية.»

وتكمن المشكلة الأخرى في كون ذلك التأثير مؤقتا، إذ تبدأ عُلاّمات الميثيل بالظهور ثانية، مما يؤدي إلى إعادة تعطيل الجينات الكابحة للورم. ويضيف عيسى «إن التغير في التعبير الجيني المحرَّض بالدواء قد لاقد يكون دائما. لكن إذا وقع التغير بكيفية تقود الجهاز المناعي إلى تعرُّف الخلية السرطانية، أوبطريقة قد تحفز الموت الخلوي المبرمج apoptosis (أي الانتحار الخلوي) فالخلية ستكون ميتة في جميع الأحوال.»

حل الكود

إن عودة ظهور نمط ميثلة متميز للدنا بعد حتى تكون الأدوية قد مسحته تماما، تحاكي بشكل غريب إعادة برمجة علامات الدمغ لدى الجنين بعد حدوث الحمل بوقت قصير. فما الذي يوجه عودة إنزيمات إضافة مجموعة الميثيل إلى تلك الجينات الكابحة للورم أوإلى تلك الأليلات القليلة التى يجب دمغها،يا ترى؟ لا بد من الإجابة عن هذا السؤال عندما يصبح الاستنساخ cloning عملا روتينيا. إذا إعادة البرمجة اللاجينية epigenetic reprogramming تأخذ حاليا منحى مرعبا جدا في النسائل clones التي تتكون بالاستعاضة عن دنا بيضة مخصبة بدنا خلية بالغة. ويقول D. ويلز [خبير الاستنساخ في الشركة AgResearch في هاملتون ـ نيوزيلندا]: «يبدي معظم تلك المستنسخات أنماطا شاذة من الميثلة والتعبير الجيني.» وعلى الرغم من كون تسلسل الدنا لدى الحيوانات المستنسخة طبيعيا فإن 90% من الحيوانات تموت قبل الولادة، ونصف عدد الحيوانات التي تولد حية يموت قبل البلوغ، والقليل الذي يعيش حتى البلوغ يعاني سمنة وأمراضا في الجهاز المناعي. ولمنع الوقوع في أخطاء الميثلة الشائعة الحدوث في النسائل والأورام واضطرابات الدمغ منعا دائما أوالرجوع عنها، على الباحثين حتى يحلوا لغز الكود اللاجيني epigenetic code ذي العلاقة والذي هومنفصل تماما عن الدنا. ويقول باي لين Baylin [من جونز هوپكنز]: «إن الميثلة وحدها لا تُصمت الجينات ولكنها تحافظ على حالة الصمت فيها.» ويبدوحتى إنزيمات إضافة الميثيل تأخذ توجيهاتها من مكان آخر. إذا فحصنا بدقة بنية الصبغي، سنجد أنه ليس كتلة عشوائية متشابكة من الدنا (كما يُرسم غالبا) أوأنه بنية مفردة، بل هوهجريبة ديناميكية تتألف من الدنا والپروتين ومواد كيميائية أخرى. إذا هذه الهجريبة شبه الخيطية، التي تدعى كروماتين، تقوم بما هوأكثر من وظيفة حمل الدنا؛ إنها تتحكم أيضا في الوصول إليه. يحتوي الكروماتين على كمية من الدنا تعادل نصف ما يحويه من الپروتين الذيقد يكون معظمه على هيئة هستونات histones. والهستونات هي إجابة الطبيعة عن السؤال: كيف من الممكن أن تتمكن الخلية من احتواء 1.8 متر من الدنا في نواتها،يا ترى؟ باختصار شديد: بالتعبئة الذكية. يلتف الدنا حول بَكَرات الهستونات histone spools ليشكل سلسلة شبيهة بالمسبحة، تلتوي بشكل حزمة . ويمكن لمقاطع من الكروماتين حتى تتكثف وتتمدد بشكل مستقل، حاجبة بذلك رقعًا كاملة من الدنا، في حين تكشف عن مقاطع أخرى منه من أجل الانتساخ. تبدأ الإناث حياتها، على سبيل المثال، بصبِغيّي X فعالين، في حين يرث الذكور صبغيا واحدا فقط.قد يكون على الجنين الأنثى إخماد صبغي X الزائد، كي لا تحتوي خلاياه على جرعة مضاعفة من جينات الصبغي X. وللقيام بذلك يتآمر قسمان من آلة الجينوم لتعطيل القسم الثالث. تقوم جينة غير مكوِّدة تدعى Xist بإنتاج رنا فعال يعمل على تغليف الصبغي X غير الضروري، في حين يقوم الصبغي X الذي نحن في حاجة إليه بإنتاج الرنا المضاد الدلالة antisense RNA الذي يعمل كترياق لحماية نفسه من عمل الجينة Xist. ينتشر تفاعل تسلسلي على طول الصبغي غير المطلوب: تَسِمُ مجموعاتُ الميثيل الكثيرَ من الدنا، وتطلق الهستونات مجموعات الأستيل الكيميائية من ذيولها، وينضغط الكروماتين ليشكل كتلة مغلَّفة بالرنا يتعذر الدخول إليها. ينتقل الصبغي X بشكله غير الفعال إلى جميع خلية حاملة للجينوم أثناء نموالمرأة. إن دور الهستونات في هذه الدراما غير واضح، إلا حتى الدراسات الأخيرة أوضحت حتى النهايات (الذيول) الپروتينية التي تتدلى من بَكَرات الهستونات يمكنها حتى تتلاعب بمجموعة كبيرة من الإضافات الكيميائية. فحيثما ترصع مجموعات الأستيل مواضع معينة من الهستون مثلا،قد يكون الكروماتين مستعدا للعمل، متيحا الفرصة لآلة الانتساخ في الخلية بأن تقرأ الدنا في ذلك الجزء من الصبغي. عادة لا يحتوي الكروماتين المضغوط الصامت على مجموعات الأستيل في المواضع المحددة لذلك، ولكنه كثيرا ما يحتوي بدلا من ذلك على مجموعات من الميثيل تلتصق في مواضع مختلفة من الذيول الهستونية. تقوم الهستونات أيضا بدور العائل (الثوي) لمجموعة الفسفات وللپپتيد يوبِكْويتين upiquitin، وتظهر جميع هذه العُلامات بتنوع غريب من حيث المواضع والارتباطات. ولنقد يكون من السهل أبدا حل لغز كود الهستونات. وخلافا للكود الوراثي الثابت للدنا،قد يكون الكثير من العَلامات اللاجينية epigenetic marks في تدفق ثابت. فعندما ينضغط أحد أجزاء الكروماتين يمكن للإسكات حتى ينتشر على طول الصبغي إلى حتى يصادف عائقا. وقد تعرّف <X. باي> من [جامعة روشستر] مؤخرا عناصرَ حد boundary elements تقوم بجلب إنزيمات إضافة الأستيل إلى الهستونات، لتضمن بقاءها بشكل فعال. ويقول <باي> في بعض الأحيان يمكن لفضوة فيزيائية، حيثما يطفوالدنا متحررا من أي هستونات، حتى توقف هذا الانتشار، في حين أنه قد لاقد يكون هناك حد في أمكنة أخرى، بلقد يكون هناك صراع ما بين المناطق الفعالة والمناطق الصامتة من الصبغي.

إن الأجزاء الخفية من الجينوم مازالت غامضة. ويؤكد ساپينزا أنه «من الواضح حتى مشروع الجينوم البشري لم يكن إلا بداية العمل فقط. ونحن الآن بحاجة إلى إنتاج وصف مماثل، يختص بالصورة اللاجينية العامة epigenetic landscape.» وهذا هوتماما ما عَزَمت على حتى تقوم به جميع من شركة Epigenomics ومعهد ويلكوم ترسْت سانجر Wellcome Trust Sanger في المملكة المتحدة، حيث أطلقا في الشهر 10/2003 مشروع الإپيجينوم البشري Human Epigenome Project ومدته خمس سنوات ويستهدف وضع خريطة لجميع مواضع الميثلة في الدنا. وقد أعربت المجموعة عن انتهائها من وضع خريطة لأكثر من 000 100 من عُلامات الميثيل المرتبطة بمعقد التوافق النسيجي الكبير major histocompatibility complex الذي يشكل جزءًا من الصبغي 6، الذي يرتبط بالكثير من الأمراض.

إن النظرة الجديدة لآلة الجينوم تدعوإلى النشاط والتفاؤل، ذلك أنها تفتح آفاقا أمام الهندسة الجينومية. ولا تُعَدُّ الجيناتُ المكودة للپروتين ـ والبالغ عددها نحو000 30، والتي هي من الأهمية، بحيث إنها غير قابلة للتغيير ـ مجموعةَ الإرشادات الوحيدة التي تلجأ إليها الخلية. فالدنا غير المكوِّد له شأن، والارتباطات الكيميائية المتعلقة بالدنا والهستونات لها شأن، وشكل الكروماتين له شأن أيضا. وجميع هؤلاء عرضة للمنابلة. وفي هذا الصدد يقول <بستور>: «أمامنا كون تام جديد، لم نبصره من قبل، وهذا مثير جدا.»


مراجع للاستزادة

The Epigenome: Molecular Hide and Seek. Edited by Stephan Beck and Alexander Olek. Wiley, 2003.

Controlling the Double Helix. Gary Felsenfeld and Mark Groudine in Nature, Vol. 421, pages 448-453; January 23, 2003. The Callipyge Locus: Evidence for the Trans Interaction of Reciprocally Imprinted Genes. Michel Georges, Carole Charlier and Noelle Cockett in Trends in Genetics, Vol. 19, No. 5, pages 248-252; May 2003.

Summaries of recent research, lists of imprinted genes, and other information on epigenetics are available online at geneimprint.com

Scientific American, December 2003





(1) separate and more malleable layer

(2) genetics

(3) epigenetics

(4) التسليم بمبدأ من دون مرشد ثابت. (التحرير)

(5) manic depressive illness bipolar disorder: أحد الأمراض النفسية التي تتميز باضطراب وظيفي في كيمياء المخ، يؤدي إلى نوبات اكتئابية وأخرى انبساطية، ويسمى أيضا الاكتئاب الثنائي القطب أوالاكتئاب الذهاني الثنائي القطب.

(6) gluteus، وجمعها ألايا. (التحرير)

(7) مثنى سليل.

(8) تحسن كبير أوشفاء ظاهري في سير السقم لا يلبث حتى يتلوه نكس أوفوعة جديدة. (التحرير)


  • المصدر مجلة العلوم الأميريكية فبراير - مارس2004 / المجلد 20
تاريخ النشر: 2020-06-06 14:45:55
التصنيفات:

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

فى ذكرى ميلاد ملك العود.. سر حب الرئيس عبد الناصر لفريد الأطرش

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:21:12
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 65%

العنانى: غلق أى شركة سياحة تتحايل على بوابة العمرة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:20:52
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 67%

إخلاء مبنى الكابيتول بسبب «تهديد جوى»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:21:06
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 60%

بايدن يجتمع مع مسؤولى وزارة الدفاع الأمريكية حول الحرب فى أوكرانيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:20:50
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

«العربى» تطرح رواية «جريمة الملهى الليلى»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:21:12
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

القبض على المتهم بحمل طفل وطرحه أرضا في منشأة القناطر - حوادث

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:20:33
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 55%

عصبة الدار البيضاء تنظم حفل إفطار جماعي

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:17:33
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 64%

حقيقة صدور قرار إعادة مباراة مصر والسنغال بتصفيات كأس العالم

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:17:31
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 65%

دينا الشربينى تكشف حقيقة ارتباطها بـ حسن أبو الروس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:21:02
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

إصابة 6 أشخاص فيى مشاجرة بالأسلحة النارية بالقليوبية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:20:57
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

الاحتلال الإسرائيلى يشن غارات على مناطق بقطاع غزة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:21:06
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

بينها ليلة القدر.. مواعيد الليالى الوترية فى العشر الأواخر من رمضان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:20:51
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 53%

مصرع معاون مباحث قسم العامرية أول بالإسكندرية وشقيقه فى حادث مرورى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:20:51
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

السفارة الأمريكية تصدر تحذيرًا لرعاياها فى القدس

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:20:51
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

التحريات تكشف ملابسات فيديو حمل شخص لطفل وإلقائه أرضا بالجيزة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:20:50
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

زمامة يتوقع سيناريو مباراة الرجاء والأهلي

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-04-21 06:17:32
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية