إڤلين بارنگ، أول إيرل كرومر Evelyn Baring, 1st Earl of Cromer (و. 26 فبراير 1841- 29 يناير 1917 كان رجل دولة ودبلوماسي وإداري مستعمرات بريطاني.

وكان من كبار نادىة التغريب والاستعماريين في العالم الإسلامي وواحد من الذين وضعوا مخطط السياسة التي جرى عليها الاستعمار ولا يزال, في محاولة القضاء على مقومات العالم الإسلامي والأمة العربية.

وتمثل كتاباته في تقاريره وفي كتابه مصر الحديثة خطة عمل كاملة وأيدلوجيا شاملة للقضاء على مقومات الفكر العربي الإسلامي وتمزيق وحدة العالم الإسلامي, ومقاومة القيم والمفاهيم العربية والإسلامية.

ولقد أمضى لورد كرومر في مصر ما لا يقل عن ربع قرن قابضًا على زمام السلطات (1882-1906) وأتيح له قبل حتى يقضي وقتًا في الهند, تفهم في خلالها مناهج الاستعمار البريطاني هناك, وقد عمل أول مرة في مصر مندوبًا لصندوق الدين المصري 1877, ثم ما لبث حتى عين بعد الاحتلال البريطاني مباشرة مندوبًا ساميًا, ومعتمدًا لبريطانيا.

الحياة المبكرة والعمل العسكري

ولد كرومر في 26 فبراير 1841، وهوالابن التاسع لهنري بارنگ عضومجلس العموم، من زوجته الثانية سسيليا. بدأ إڤلين حياته الوظيفية ضابطاً سنة 1858، ثم مرافقاً للمندوب السامي البريطاني على الجزر الإيونية سنة 1861، بعد ذلك أميناً خاصاً لحاكم الهند البريطاني (1872 ـ 1876).

الحاكم البريطاني العام لمصر

أوفد كرومر إلى مصر لشغل منصب المندوب البريطاني في صندوق الدين الذي أحدثه الخديوي إسماعيل في مصر للعمل على وفاء الدين الذي تراكم على الحكومة المصرية للدول الأجنبية من جراء مشروع قناة السويس، وذلك ليطمئن الأجانب على أموالهم وأنها ستعود إليهم، ثم أصبح عضواً في لجنة المراقبة المالية المصرية سنة 1879 ومن مصر إلى الهند حيث عين وزيراً للمالية (1880 ـ 1883)، وقام بإصلاحات مالية عديدة، اختارته الحكومة البريطانية سنة 1883 عقب احتلالها مصر (1882) ليكون «الوكيل البريطاني والقنصل العام» بدرجة وزير مفوض في السلك الدبلوماسي واستمر في منصبه حتى استنطقته عام 1907.

القنصل البريطاني العام لمصر

كان اللورد كرومر الحاكم الحقيقي لمصر، وكان تاريخ مصر إبان هذه الفترة هوتاريخ السياسة التي انتهجها، يؤرخ له أنه كان عظيم الكفاية في الشؤون المالية، فوازن الميزانية المصرية وخفض فوائد الديون العامة، واعتنى بالري والشؤون الإدارية.

عين مستشارين من الإنگليز مسؤولين أمامه في جميع وزارة من الوزارت المصرية، كما عين مفتشين من الإنگليز في جميع مديرية من مديريات البلاد. ولم يكن رئيس وزراء مصر يعين في مصر إلا بعد استشارته وموافقته.

اضطرت الحكومة المصرية إلى الانصياع لمشورته بالانسحاب من السودان في عهد الخديوي توفيق؛ إثر إخفاق الحملة التي قادها هكس Hicks (1883) للقضاء على الحركة المهدية، ولكن سرعان ما جرد حملة أعادت احتلال السودان بقيادة كتشنر Kitchener (1896-1898) وتحملت مصر نفقاتها فكان الغرم على مصر والغنم لبريطانيا.

وقف في وجه الدولة العثمانية حينما حاولت تعديل الحدود المصرية من الشرق، إذ عدّ كرومر هذا التعديل تهديداً لقناة السويس.

سحب من الخديوي عباس حلمي الثاني الذي اتى بعد توفيق جميع سلطة عملية، وتجاهل النظام النيابي، وقيّد سلطة مجلس شورى القوانين الذي أحدث إبان الاحتلال البريطاني لمصر بدلاً من الجمعية التشريعية (المجلس النيابي)، وقصر التعليم في المدارس على مهمة تخريج صغار الموظفين في الحكومة المصرية، وكافأته الحكومة الإنگليزية بمنحه لقب «إيرل» عام 1901. ارتكب أكبر خطأ في حياته السياسية حينما أيد الأحكام الصادرة بحق المصريين المتهمين في حادثة دنشواي (يونيو1906) والبالغ عددهم 52 متهماً والذين نفذت فيهم أحكام تراوحت من الإعدام إلى الجلد.

إثر هذه الحادثة طلب رئيس الوزراة البريطانية من كرومر حتى يغير سياسته في مصر أوحتى يستقيل، فآثر الاستنطقة، وأقيم له حفل وداع في شهر أيار من سنة 1907 بدار الأوبرا المصرية من قبل الحكومة في مصر، تمّ فيها تبادل الخطب والثناء بين الحكومة وكرومر نفسه، الذي ألقى حدثته الأولى بالفرنسية وكانت قصيرة والأخرى بالإنكليزية تحدث فيها عن رقي مصر الأدبي والمادي وتقدم التعليم فيها، وفي ثنايا الحدثة هاجم المجلس النيابي ونادى أصحاب الثياب (الجلاليب) الزرقاء (الفلاحين) إلى العمل من أجل تقدم بلادهم.

عينته الحكومة الإنگليزية سنة 1917 رئيساً للّجنة التي ألفتها لبحث مسببات إخفاق حملة الدردنيل في أثناء الحرب العالمية الأولى، لكنه توفي في العام نفسه قبل حتى تنجز اللجنة عملها.

أواخر أيامه

العائلة

شقيقه كان إدوارد بارنگ، أول بارون رڤلستوك. ونجله كان إڤلين بارنگ، أول بارون هاويك من گلنديل.

تقارير اللورد كرومر السنوية

"في هذه التقارير، سجل كرومر الخطوط العامة لتهديم جميع عوامل الإيمان الوطني والاعتزاز العربيّ الإسلاميّ.. وكان أوّل من ساق الأكذوبة الضخمة، التي تقول إذا المصريين كانوا خاضعين أكثرَ زمانهم.. فقد حكمتهم دولة الفرس فاليونان فالرومان فعرب جزيرة العرب، وبغداد، فالجراكسة، فالهجر".

هذا بالضبط ما خطه اللورد كرومر عام 1906، ومازال كبار مثقفينا الرسميين الذين تفرضهم حكوماتنا علينا يرددونه حتى اليوم.. متجاهلين حتى صلة (مصر) بالعرب لم تكن صلة استعمار، وأن الرابطة بين العرب وبين الدولة العثمانية لم تكن رابطة احتلال.

لقد تحدّث كرومر أيضا على حتى مصر ليست جزءا من أفريقيا ولا من الشرق، وكان يهدف إلى نزع (مصر) من دورها وجذورها.. وما يزال صبيته يردّدون هذا حتى اليوم.. إذا الأفارقة متخلفون والعرب أجلاف وهجريا بلد احتلال فمال (مصر) وكل هذا؟؟؟!!!!

وليت نخبة مثقفينا ـ حتى بمفهومهم الغبي الخائن ـ فكروا ما الثمن الذي سنحصل عليه عندما نبتر جذورنا.. هل سنلتحق بأوروبا مثلا؟!

كان كرومر أيضا هوأول من هاجم الحكومة الإسلامية، ووصفها بأنها الحكومة الثيوقراطية.

نقد

اللورد كرومر وتغريب الفكر الإسلامي

آثاره في مجال الفكر العربي الإسلامي ومخططه الذي سار عليه من بعده جميع نادىة التغريب والذي اتخذته منظمات التبشير ومعاهد الإرساليات وكل من اشهجر في مخطط العمل دستورًا من أجل تأكيد النفوذ الأجنبي عن طريق الفكر.

وقد تبلورت حملات كرومر في نقاط هامة:

1- إثارة الشبهات حول الإسلام, وذلك بالانادىء بأنه دين مناف للمدنية ولم يكن صالحًا إلا للبيئة والزمان اللذين عثر فيهما.

2- حتى المسلمين لا يمكنهم حتى يرقوا في سلم الحضارة والتمدن إلا بعد حتى يهجروا دينهم وينبذوا القرآن وأوامره ظهريًا لأنه يأمرهم بالخمول والتعصب ويبث فيهم روح البغض لمن يخالفهم والشقاق وحب الانتقام وأن المانع الأعظم والعقبة الكئود في سبيل رقي الأمة هو: القرآن والإسلام.

3- إذا الإسلام يناقض مدنية هذا العصر من حيث المرأة والرقيق وأن الإسلام يجعل المرأة في مركز منحط.

4- الطعن في شريعة الإسلام وسياسته ومعاملاته.

5- حتى الشاب المصري المسلم أثناء ممارسته التعليم الأوربي يفقد إسلامه وأن الشبان الذين يتفهمون في أوروبا يفقدون صلتهم الثقافية والروحية بوطنهم, ولا يستطيعون الإلتاتى في نفس الوقت لثقافة أوروبا, فيتأرجحون في الوسط ويتحولون إلى مخلوقات شاذة ممزقة نفسيًا.

6- هاجم القرآن ونطق إنه ينافي العمران وهاجم الإسلام لأنه أباح الطلاق وأنه حرم الربا والخمر.

7- نادى إلى إطلاق الحرية للإرساليات والمبشرين في مصر والسودان وأن ينشئوا مدارسهم.

8- نادى إلى خلق طبقة من المتفرنجين المستغربين من الوجهة الأوربية والمدنية الحديثة ونطق: "إن هؤلاء هم حلفاء الأوربي المصلح, وسوف يجد محبوالوطنية أحسن مثل في ترقي أتباع الشيخ محمد عبده للحصول على مصر مستقلة بالتدريج.

وقد استهدفت هذه الحملة أساسًا اغتال روح المقاومة والحملة على الاستعمار وخلق روح تدعوإلى تقبله والرضا به والاستسلام له, على أساس أنه لا يمكن مقاومته, ومن المصلحة الانتفاع بالمستعمرين وقبول فكرهم وحضارتهم, وتقبل الحرية والاستقلال على مراحل.

وهذا التيار الذي عهد بعد بتيار التعقيل أوالالتقاء مع الإنجليز في منتصف الطريق, وحاول خلق فلسفة قوامها تقبل الاستعمار وصداقته وعدم معارضته, وذلك بتصوير الاحتلال على أنه حقيقة واقعة، وكانت حجة نادىة هذه الحركة التي تعد خطوات التغريب والشعوبية القائمة في العالم الإسلامي امتدادًا لها.

كانت حجة هذه الحركة في الاعتدال, أوالتعقيل على أساس فهم سلبي قوامه حتى التخلص من الاستعمار يحتاج إلى قوة ليست موجودة لدى المصريين, وأن الدعوة إلى مقاومة الاستعمار هوإنفاق للوقت فيما لا طائل تحته، ومادام الإنجليز هم الذين يمسكون زمام الأمور وحدهم فلا سبيل إلى الإصلاح إلا بمصادقتهم والتفاهم معهم وقبول ما يتنازلون عنه، وقد أشاد كرومر بهذه الدعوة التي حمل لواءها أحمد لطفي السيد.

ثم كان حتى اتجه المخطط إلى نهايته في ظل الحركة وكانت الدعوة إلى:

1- الإقليمية الضيقة, مصر للمصريين, نحن لسنا عربًا وليس لنا بالمسلمين أي روابط ولا يجوز لنا حتى نشارك في معارك طرابلس التي سقطت مع إيطاليا في سبيل مقاومة الاستعمار.

2- التعليم لاقد يكون إلا لطبقة معينة من الأمة هي الطبقة الثرية التي تتأهل لولاية الحكم، وأبناء الفقراء لا يجوز حتى يتفهموا إلا فك الخط.

3- اللغة العربية الفصحى هي مصدر التخلف ولذلك لابد من تحسين اللغة العامية حتى تصبح لغة الكلام والكتابة.

4- الإنجليز يعملون لتمديننا وحمايتنا.

5- الوطنية لا تكون اندفاعا عاطفيًا ولا ينبغي حتى يتعلق بأوهام الإسلامية أوالرابطة العربية, وإنما تقوم على سياسة المصالح فمصر أولاً وقبل جميع شيء.

وبذلك حقق كرومر هدفه في خلق تيار واضح في تعميق دعوته ونشر سمومه وقبول آرائه في ازدراء الفكر العربي الإسلامي واحتقار الإسلام والعروبة واللغة العربية والتشكيك في صلاحية هذه المقومات لبناء أمة.

وقد نشر هذه الآراء في جريدتين هما المقطم والجريدة، وقد مضى إلى آخر المدى في تطبيق مخططه الاستعماري الذي يهجرز على عدة أعمال أساسية:

1- الحملة على مركز الرابطة التي تجمع العالم الإسلامي وهي السلطنة العثمانية والخلافة وتأييد خصومها وفتح أبواب مصر لهم وإتاحة الفرصة لهم للحملة على الخلافة والإسلام.

2- الحملة على الإسلام باعتباره هجريًا وباعتبار حتى الكيان القائم في هجريا بكل أخطائه ومساوئه هوالإسلام.

3- الاتفاق مع فرنسا وتوقيع الاتفاق الودي وذلك حتى لا يجد المصريون مجالاً للحملة على بريطانيا ومقاومتها.

4- نشر اللغة الإنجليزية والثقافة الإنجليزية على حساب اللغة العربية في محاولة القضاء على الفكر الإسلامي العربي.

5- خلق روح الإقليمية بعد حتى كانت إسلامية وذلك لعزل جميع قطر عن القطر الآخر وأقام حدود فكرية بين أجزاء الوطن العربي والعالم الإسلامي.

ومن مؤلفاته التي هاجم فيها الإسلام ونادى إلى التغريب كتاب (مصر الحديثة).

وقد انبرى له فريد وجدي ومصطفى الغلاييني والشيخ رشيد رضا رحمهم الله في الرد التفصيلي على كتابه.

وعندما صدر كتاب مصر الحديثة (مارس 1908) نشرت اللواء والمؤيد ردودًا تفصيلية مما اتى فيها رد المؤيد: "لم يكن اللورد كرومر من رجال الفهم والفلسفة ولا من رجال التأليف، إنما كان جنديًا يؤمن بمجد الإمبراطورية، تعود بحكم وظيفته حتى يخط، ونظرته استعمارية تنبع من وجهة نظر سيطرة بريطانيا، وهي قائمة على كراهية الشرق والعرب والمسلمين واحتقارهم والإيمان بأن الرجل الأبيض له حق تمدينهم".

مؤلفاته

ألف خطاً منها:

• مصر الحديثة (1908)
• الاستعمار القديم والحديث (1910).

المصادر

المراجع

• Cromer, Evelyn Baring, Earl of (1908). Modern Egypt, by the Earl of Cromer. New York, The Macmillan Company. نطقب:ASIN. ISBN 1402183399 (2001 reprint, vol 1.) ISBN 1402178301 (vol 2.)
• Owen, Roger (2004). Lord Cromer: Victorian Imperialist, Edwardian Proconsul. Oxford: Oxford University Press. ISBN 0199253382.
• Meyer, Karl E. and Shareen Blair Brysac "Kingmakers: the Invention of the Modern Middle East." New York, London, W.W. Norton 2008. ISBN 978-0-393-06199-4
• تقرير عن الماليه والاداريه والحاله العموميه في مصر وفي السودان سنه 1906م
• http://www.ebnmasr.net/forum/t77368.html
• http://www.khayma.com/alhkikh/arab/taghreeb/7kayah.htm
• http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=89593
• http://www.sudanesehome.com/forum/showthread.php?t=39012
• http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=450867&issueno=10617
• http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=2860

وصلات خارجية

مشاع الفهم فيه ميديا متعلقة بموضوع Evelyn Baring, 1st Earl of Cromer.

• Hansard 1803–2005: contributions in Parliament by the Earl of Cromer
• أعمال من Evelyn Baring, 1st Earl of Cromer في مشروع گوتنبرگ
• Evelyn Baring Cromer (1903). . Macmillan.
• Evelyn Baring Cromer (1908). . The Macmillan Company. (available to read online)
• Evelyn Baring Cromer (1915). . The Macmillan Company. (available to read online)
• Archival material relating to اللورد كرومر listed at the UK National Register of Archives