اتفاقية كوتاهية
عسكرية الدولة العثمانية |
---|
القوات المسلحة |
|
النزاعات |
|
انظر أيضاً |
|
اتفاقية كوتاهية (8 أبريل 1833) هي معاهدة بين الدولة العثمانية ومصر تحت ولاية محمد علي باشا.
الحملة على الشام
اجتاحت جيوش إبراهيم باشا بن محمد بلاد الشام عام =1831م ، وتساقطت مدنه واحدة تلوالأخرى دون مقاومة تُذكر، حتى مدينة عكا التي استعصت على نابليون بونابرت ولم يفلح في اقتحامها، نجح إبراهيم باشا في فتحها، وكان لسقوطها دوي عظيم، ونال فاتحها ما يستحقه من تقدير وإعجاب.
ومضى الفاتح في طريقه حتى بلغ قونيه ، وكان العثمانيون قد هجروها حين ترامت الأنباء بقدوم إبراهيم باشا وجنوده، ولم يبق بها سوى الجيش العثماني بقيادة رشيد باشا، وكان قائدًا ماهرًا يثق فيه السلطان العثماني ويطمئن إلى قدرته وكفاءته، ولم يكن هناك مفر من القتال، فدارت رحى الحرب بين الفريقين في (27 من جمادى الآخرة 1248هـ= 21 من نوفمبر 1832م) عند قونيه، ولقي العثمانيون هزيمة كبيرة، وأُسر القائد العثماني، وأصبح الطريق مفتوحًا إلى القسطنطينية.
أسباب الحملة على الشام
كان السبب المعلن لقيام محمد علي بحملته على الشام هواشتعال النزاع بينه وبين عبد الله باشا والي عكا، الذي رفض إمداد محمد علي بالأخشاب اللازمة لبناء أسطوله، وآوى عنده بعض المصريين الفارين من الخدمة العسكرية ودفع الضرائب، ورفض إعادتهم إلى مصر، وكان الخليفة العثماني محمود الثاني يقف وراء النزاع، ويُعضِّد والي عكا في معارضته محمد علي، ولم تكن العلاقة بين الخليفة العثماني وواليه في مصر على ما يرام. غير حتى الذي جعل محمد علي يقدم على هذه المستوى هوأنه كان يرى حتى سوريا جزء متمّم لمصر، ولا يتحقق الأمن بمصر ويأمن غائلة العدوإلا إذا كانت سوريا تحت سيطرته وسلطانه، وأن حدود مصر الطبيعية في جهة الشرق هي جبال طوروس، وليست صحراء العرب، ومن ثم كان يتحين الفرصة لتحقيق هدفه، حتى إذا ما لاحت انتهزها، وجرّد حملته إلى الشام.
تدخل دول اوروبا وتوقيع الاتفاقية
فزع السلطان محمود الثاني من الفوزات التي حققها ابراهيم باشا على الجيوش العثمانية بالرغم من القيادة الألمانية للجيوش العثمانية. فوجود أشهر قائد ألماني في القرن التاسع عشر فون مولتكه على رأس الجيش العثماني ومعه نحوألف من الجنود الألمان لم يفلح في صد الجيش المصري.
فلجأ السلطان محمود الثاني إلى الدول الأوروبية الأخرى لمساعدته والوقوف إلى جانبه، لكنها لم تُجبه؛ورأت في النزاع القائم مسألة داخلية يحلها السلطان وواليه، عند ذلك لجأ السلطان إلى روسيا –العدواللدود للدولة العثمانية- لتسانده وتساعده، فاستجاب نيكولاس الأول، قيصر روسيا على الفور، ولم يتلكأ، ووجد في محنة الدولة فرصة لزيادة نفوذ روسيا في منطقة المضايق، فأوفد قوة بحرية رست في البسفور، وهوما أقلق فرنسا وإنجلترا، وتوجستا من تدخل روسيا وانفرادها بالعمل، والتظاهر بحماية الدولة العثمانية، وكانت الدولتان تتمسكان بالمحافظة على كيان رجل اوروبا المريض، الدولة العثمانية؛ خشية من روسيا التي لم تكن تُخفي أطماعها في جارتها المسلمة.
تحركت الدولتان لفض النزاع وإعادة الأمن بين الخليفة وواليه الطموح، ولم يكن أمام السلطان العثماني سوى الرضوخ لشروط محمد علي في الصلح، فلا فائدة من حرب نتائجها غير مضمونة لصالحه، في الوقت الذي يسيطر فيه إبراهيم باشا على الشام، ويلقى ترحيباً وتأييدًا من أهله.
بذلت فرنسا جهدها لحسم الخلاف بين محمد علي وهجريا، وجددت مسعاها بين الفريقين. وكان ابراهيم باشا يهدد هجريا بالزحف على الأستانة إذا لم تجب مطالبه. فاضطر الباب العالي إلى الإذعان ، وأوفد إلى كوتاهية، حيث كان ابراهيم باشا يقيم بها، مندوباً عنه هورشيد بك يصحبه البارون دي فارين، سرتير السفارة الفرنسية ليقوم بالوساطة بين الطرفين. وبعد مفازضة دامت أربعة أيام تم الاتفاق على الصلح فيثمانية أبريل 1833، وهوالمعروف باتفاق كوتاهية.
عُقد الصلح في كوتاهية في (18 من ذي القعدة 1249هـ=ثمانية أبريل 1833)،
شروط الاتفاقية
يقضي اتفاق كوتاهية بأن يتخلى السلطان لمحمد علي عن سوريا وإقليم أضنة مع تثبيته على مصر وجزيرة كريت والحجاز، في لقاء جلاء الجيش المصري عن باقي بلاد الأناضول. بفحوى هذه التوجيهات، وفيها إسناد ولاية سورية إليه وإلحاقها بولاية مصر وكريت.
ولكن هذه التوجيهات كان ينقصها إقليم أضنة، فبان من ذلك حتى الباب العالي أراد الرجوع عن اتفاق كوتاهية بالنسبة لهذا الإقليم، وقد بقيت المسألة موضع خلاف بين الطرفين وأوقف ابراهيم باشا جلاء الجيش حتى ينفذ الباب العالي ما تم الاتفاق عليه. فلم يسع السلطان إلا حتى يسلم بالتنازل عن أضنة، وأصدر فرماناً فيستة مايو1833 بمضمون الاتفاق بتمامه، أعرب فيه تثبيت محمد عليى على مصر وكريت وإسناد ولايات سورية إليه، وتجديد ولاية ابراهيم باشا على جدة مع مشيخة الحرم المكي ، أي إسناد إدارة الحجاز إلى عهدته، وتخويله إدارة إقليم أضنة.
وبمقتضى اتفاق كوتاهية صارت حدود مصر الشمالية تنتهي عند مضيق كولك بجبال طوروس، ويسمى بالهجرية بوغاز كولك (انظر الخريطة).
وبذلك انتهت الحرب السورية بتوسيع نطاق الدولة المصرية وبسط نفوذها على سورية وأضنة وتأييد سلطتها على كريت وجزيرة العرب.
ولا يغرب عن البال حتى السلطان لم يقبل اتفاق كوتاهية إلا مرغماً، وكان يضمر السعي لنقضه إذا تهيأت الفرصة في المستقبل. ودليل ذلك أنه لم يكد يقر صلح كوتاهية حتى عقد سراً مع روسيا معاهدة هنكار أسكله سي فيثمانية يوليو1833 وهي معاهدة دفاعية هجومية التزمت جميع دولة بمقتضاها حتى تساعد الدولة الأخرى إذا استهدفت بخطر خارجي أوداخلي.
وتعهدت هجريا بأن تأذن للأسطول الروسي بالمرور من البحر الأسود إلى البحر المتوسط، وتسد البواغيز في وجه جميع السفن التابعة للدول الأخرى. ومؤدى هذه المعاهدة تخويل روسيا أعطى يدها في شؤون هجريا وبسط حمايتها العملية عليها. وهذه المعاهدة لم يبرمها السلطان على ما فيها من مهانة لهجريا إلا ليسعى في نقض اتفاق كوتاهية، لأن هجريا لم تكن مهددة في ذلك الوقت بخطر خارجي أوداخلي إلا من ناحية مصر. فإبرام معاهدة هنكار اسكله سي معناه حتى هجريا لم تكن خالصة النية في إبرام هذا الاتفاق ولا في إقراره.
المصادر
- ^ اسلام أونلاين
- ^ رشيد بك هوالذي أصبح فيما بعد الصدر الأعظم مصطفى رشيد باشا صاحب الإصلاحات الشهيرة في عهد السلطان عبد المجيد.
- ^ منشورة صورتها الفوتوغرافية ياللغة الهجرية في كتاب "خلاصة الوثائق الهجرية في مصر" للمسيوجان دني Deny، لوحة نمرة 23.
- ^ في الفرمان أنه خول تحصيل أموال الجباية فيها، ومعنى هذا إدارة الولاية عملاً كما يستفاد من المخابرات الدولية التي تبودلت في هذا الصدد، فقد أورد البارون دي تستا في كتابه ("مجموعة معاهدات الباب العالي" ج 2 ص 377) رسالة المستر ماندفيل سفير إنگلترة في الأستانة إلى اللورد پالمرستون وزير خارجيتها بتاريخ أربعة مايوسنة 1833 ينبئه فيها "بأن السلطان خول ابراهيم باشا ادارة ولاية أضنة بإسناد "تحصيل أموال الجباية فيها إلى عهدته"، وكذلك رسالة ابراهيم باشا إلى السلطان يشكره فيها على إسناد حكومة أضنة إليه، ولذلك كان الحكم المصري في إقليم أضنة لا يختلف في حدوده ومظاهره عن مثيله في الأنطقيم السورية."