طائفة سرقسطة
Taifa of Zaragoza
| |||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
1013–1110 | |||||||||
Taifa Kingdom of Zaragoza, c. 1080.
| |||||||||
العاصمة | Zaragoza | ||||||||
اللغات الشائعة | Arabic, Mozarabic, Hebrew, Berber | ||||||||
الدين | Islam, Roman Catholicism, Judaism | ||||||||
الحكومة | Monarchy | ||||||||
الحقبة التاريخية | Middle Ages | ||||||||
• Downfall of Caliphate of Cordoba |
1013 | ||||||||
• Conquered by the Almoravids |
1110 | ||||||||
Currency | Dirham and Dinar | ||||||||
|
طائفة سرقسطة هي دويلة مستقلة تكونت أثناء فترة فتنة الأندلس عام 403 هـ/1013 م على أنقاض ولاية الثغر الأعلى إحدى ولايات الدولة الأموية في الأندلس، وظلت على استقلاليتها حتى ضمها المرابطون عام 503 هـ/1110 م. كان لسرقسطة دورها السياسي والثقافي البارز في تلك المنطقة في عهد حكامها المقتدر والمؤتمن والمستعين. ولا زال قصر الجعفرية يشهد على التقدم العمراني الذي وصلت إليه تلك الدويلة.
التسمية
قام المسلمون بتعريب اسمها بتحويله إلى (سرقسطة) مثلما قاموا بتعريب الكثير من الأسماء والمظاهر أيام فتحهم لشبه جزيرة إيبيريا، وقد أطلق العرب على هذه المدينة تسمية (المدينة البيضاء). يقول بعض المؤرخين لأنها كانت مبنية من الجص والمرمر والصخور البيضاء، ويقول الحمري في كتابه (روضة المعطار) لأنه كان ينبعث من قبرين لرجلين صالحين فيها هالة أودخان أبيض، وقد يحدث أطلقت عليها هذه التسمية لأنها دخلت الإسلام أوولج الإسلام إليها بلا إراقة دماء، ومن طبيعة العرب حتى يصفوا التحولات أوالثورات السلمية بالبيضاء. كما أسماها المسلمون أيضاً، ضمن التسميات العسكرية، بـ (الثغر الأعلى) حيث مسقطها الممثل للحدود الشمالية للدولة الأندلسية.
المسقط الجغرافي والأهمية العسكرية
تُعَدُّ مملكة سرقسطة من أهمِّ وأخطر الممالك الإسلامية في بلاد الأندلس؛ وخاصة في عصر ملوك الطوائف، واكتسبت الأهمية من أمرين:
الأول: اتساع المساحة الجغرافية لسَرَقُسْطَة؛ إذ هي تضم في الجغرافيا الأندلسية مدينة سَرَقُسْطَة وأعمالها، تُطِيلَة، ووَشْقَة، وبَرْبُشْتَ، ولارِدَة، وإِفْرَاغة، وطَرَّكُونة، وطُرْطُوشة، وتشغل المنطقة الواسعة الخصبة التي يخترقها نهر إبره، من مصبِّه عند مدينة طُرْطُوشة، حتى مدخله عند مدينة قَلَهُرَّة في ولاية نافار، ويخترقها فرعها الشمالي الكبير نهر سجري والأفرع الصغيرة الممتدة منه نحوبَرْبُشْتَر ووَشْقَة، وفرعه الجنوبي خالون حتى قلعة أيوبودَرَوْقَة، ففي هذه المنطقة الشاسعة التي تكثر فيها الوديان اليانعة والمواقع الإستراتيجية، كانت تقوم مملكة سَرَقُسْطَة.
ثانيًا: المسقط العسكري والسياسي الخطير؛ إذ هي حائط الصدِّ الأول والأهم لبلاد الأندلس من هجمات الممالك النصرانية الإسبانية؛ فهي تقع بين مملكة قطلونية من الشرق، ومملكة نافار أونبرة من الشمال الغربي، ومملكة قشتالة من الجنوب الغربي؛ لذلك فهي في جهاد دائم؛ إذ لم يَكُفُّ النصارى عن هجماتهم على بلاد الإسلام في الأندلس منذ الفتح الإسلامي لها؛ لذلك أَطلق عليها المسلمون (الثغر الأعلى).
التاريخ
عهد بني تجيب
استغل التجيبيون الصراع الدائر على السلطة بين الأمويين في قرطبة، وأسس زعيمهم المنذر بن يحيى التجيبي دويلتهم الجديدة في الثغر الأعلى التي قاعدتها سرقسطة عام 403 هـ/1013 م، والتي ضمت مدن مدينة سالم وقلهرة وأرنيط وتطيلة وبربشتر ولاردة ومنتشون. استطاع المنذر حتى يحافظ على استقلالية دويلته عن طريق عقد تحسين علاقاته مع الممالك المسيحية المجاورة، وهي السياسة التي لم يحافظ عليها ولده يحيى المظفر، ففقد بعض أراضيه لصالحهم. خلف المنذر بن يحيى بن المنذر أباه حتى عام 430 هـ، عندما اغتاله ابن عم له يدعى عبد الله بن الحكم وجلس محله، فاستغل سليمان بن هود الذي كان قد استقل بحكم لاردة الموقف، وخلع ابن الحكم، وأسس لحكم بني هود في سرقسطة.
عهد بني هود
لم تمض سوى أعوام قليلة على حكم سليمان بن هود لطائفة سرقسطة حتى ولج في صراع مع جيرانه بني ذي النون حكام طائفة طليطلة وأصهار بني تجيب الذين اقتلعهم ابن هود من حكم سرقسطة. استعان ابن هود بفرناندوالأول ملك ليون وقشتالة لقتال بني ذي النون، الذين تحالفوا بدورهم مع غارسيا سانشيز الثالث ملك نافارا. أجبر ذلك ابن هود وبني ذي النون على دفع جزية سنوية للملكين المسيحيين لضمان مساعدتهما على قتال جميع منهما للآخر، مما أضعف الطائفتين اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا أمام المملكتين المسيحيتين المجاورتين.
توفي سليمان بن هود عام 438 هـ، بعد حتى قسّم دويلته بين أبنائه الخمسة، لكن لم يمض الكثير حتى ابتلع ابنه أحمد المقتدر ملك ثلاثة من إخوته ليضمها إلى قاعدته سرقسطة، ولم يبق من ملك إخوته سوى لاردة التي كانت وبعض توابعها تحت حكم أخيه المظفر. ولج المقتدر حربًا طاحنة مع أخيه الذي استبسل لأكثر من ثلاثين عامًا في مقاومة أطماع المقتدر إلى حتى هزم المقتدر أخيه المظفر عام 472 هـ، وضم أراضيه لتوحّد الطائفة من حديث تحت لوائه. خلال تلك الفترة، استطاع المقتدر ضم طائفة طرطوشة من يد صاحبها نبيل الصقلبي عام 452 هـ، ومن بعدها انتزع دانية من يد صهره علي بن مجاهد العامري عام 468 هـ.
رغم تلك المكاسب، كان بنوهود في صراع دائم مع جيرانهم المسيحيين خاصة مملكة أراغون حيث حاصر راميروالأول ملك أراغون الكثير من المدن الحدودية بينهما مثل بربشتر وجرادوس مرات عدة إلى حتى قُتل راميرونفسه أمام جيش المقتدر وحلفائه القشتاليين وهويحاول غزوجرادوس عام 455 هـ/1063 م. وفي العام التالي 456 هـ، اجتاح النورمانديون بربشتر، وأسقطوا بأهلها مذابح عظيمة، مما كان له سقطه السيء على أمراء الطوائف، الذين تحالفوا مع المقتدر واستعادوا المدينة في جمادى الآخر 457 هـ. وبعد حتى نجح ألفونسوالسادس ملك ليون وقشتالة في توحيد المملكتين، أُجبر المقتدر على أداء الجزية لألفونسوحفاظًا على إمارته.
توفي المقتدر عام 474 هـ، وكأبيه قسّم إمارته بين ولديه يوسف المؤتمن الذي حكم سرقسطة ووشقة وتطيلة وقلعة أيوب، والمنذر الذي حكم لاردة وطرطوشة ودانية، وسرعان ما دبت الحرب بين الأخوين، حيث استعان فيها المؤتمن بالفارس القشتالي السيد الكمبيادور وجنوده المرتزقة، وتحالف المنذر مع مع سانشوراميرز ملك أراغون وبرانجيه ريموند الثاني كونت برشلونة. استخدم المؤتمن الكمبيادور للدفاع عن الحدود الشمالية لأراضيها أمام حملات سانشوراميريز ملك أراغون.
حاول المؤتمن حتى يستولي على بلنسية من يد صاحبها أبي بكر بن عبد العزيز بمعاونة من ألفونسوالسادس، إلا حتى المحاولة فشلت، فلجأ ابن عبد العزيز إلى حتى عرض على المؤتمن تزويج ابنته لأحمد المستعين بن المؤتمن، وهي المصاهرة التي تمت في عام 477 هـ، وكانت سببًا في إراتى أطماع بني هود في بلنسية. وفي 478 هـ، توفي المؤتمن وخلفه ابنه المستعين. تزامن ذلك مع استيلاء ألفونسوالسادس على طائفة طليطلة الدويلة المجاورة لسرقسطة في صفر 478 هـ. وما حتى انتهى ألفونسومن طليطلة، حتى توجه بصره إلى سرقسطة، فحاصرها في بداية فترة حكم المستعين، ولم يفك حصاره عنها إلا بعدما بلغته أخبار اجتياز المرابطين إلى الأندلس لنجدة المسلمين، مما حمله على فك حصاره، والتوجه جنوبًا مع قواته لقتالهم.
وفي عام 487 هـ، حاصر سانشوراميريز وشقة، فأوفد المستعين ابنه عبد الملك إلى المغرب للاستنجاد بيوسف بن تاشفين، فبعث ابن تاشفين إلى ولاته في شرق الأندلس ليمدوا المستعين بقوات تدافع عن وشقة، كما لجأ المستعين إلى ألفونسوالسادس فأمده ببعض قواته. وتوفي سانشوراميرز في جمادى الأولى 487 هـ، وهويحاصر وشقة، فخلفه ابنه بيدروالأول ملك أراغون ونافارا الذي واصل الحصار حاول المستعين فك الحصار، إلا أنه هزم أمام قوات بيدروفي ذي القعدة 489 هـ، فيأس أهل وشقة وسلّموا المدينة الذي اتخذها بيدروعاصمة جديدة لمملكة أراغون.. ثم حاصر ألفونسوالأول ملك أراغون تطيلة، فقاتله المستعين وقتل في المعركة التي سقطت في رجب 503 هـ في بلتيرة، فخلفه ابنه عبد الملك عماد الدولة الذي اشترط عليه أهل سرقسطة ألا يستعين بالمسيحيين، فلم يف بعهده معهم، مما نادى أهل سرقسطة لأن يبعثوا برسلهم إلى علي بن تاشفين أمير المرابطين يدعونه لحكم مدينتهم. فأوفد ابن تاشفين قائده محمد بن الحاج اللمتوني والي المرابطين على بلنسية بقوات دخلت المدينة في ذي القعدة 503 هـ، ففر عماد الدولة إلى حصن روطة لينتهي بذلك حكم بني هود لسرقسطة، وتنتهي استقلالية طائفة سرقسطة، لتغدوإحدى ولايات المرابطين.
حكم ابن الحاج المدينة لخمس سنوات قاوم فيها محاولات ألفونسوالأول ملك أراغون المتكررة لغزوالمدينة، ثم خلفه ابن تافلوت لعامين ثم توفي. وفي ذي الحجة 511 هـ/مارس 1118 م، بدأ ألفونسوحصاره الأخير للمدينة، إلى حتى استولى على المدينة بعد عدة أشهر من الحصار.
ازدهار العلوم
بعد اندلاع الفتنة في قرطبة والاستقرار الذي ساد سرقسطة في عصر بني تجيب، لجأ إلى سرقسطة شعراء وفهماء كابن الكتاني،وسليمان بن جبيرول. استمرت حالة الازدهار الفهمي في عهد بني هود الذين أولوا رعايتهم واهتمامهم للفهماء، فازدهر فهم الفلك والرياضيات بل واشتغل المؤتمن بن هود نفسه بها فوضع كتابه «الاستكمال»، وتوصل إلى مبرهنة سيفا قبل جيوفاني سيفا، كما ازدهرت البلاغة والأدب على أيدي الكثيرين كالوزير أبي الفضل بن حسداي وأبي الوليد الباجيوابن الحداد وأبوالحكم الكرماني.
ازدهرت سرقسطة أيام الحكم الإسلامي لها على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث كان العرب بارعين في استخدام المياه وشق القنوات والزراعة والتنظيم الإداري وأقاموا القلاع والمساجد ومدارس الفهم وعمروا الأسواق، وكان التسامح فيها نموذجياً من حيث تعايش المسلمين والمسيحين واليهود معاً بحيث وصل بعض أبناء الديانات الأخرى إلى مناصب مرموقة في الميدان الثقافي وحتى في إدارة الحكم.
وكان المثقفون يلجأون إلى سرقسطة هرباً من تحارب الطوائف والفتن التي راحت تدب في الجنوب الأندلسي، ويلجأ إليها النصارى واليهود والقوط من الشمال فيجدون فيها مستقراً آمناً للعيش فقد كان لها نوع من الاستقلالية. هذا وقد انتشرت الكثير من القرى الجديدة والبلدات العربية الإسلامية حول المدينة بفضل حسن التخطيط الإداري وشق قنوات المياه.
صارت سرقسطة من أوائل القرن الرابع مركزاً لسلاطين بني تجيب الذين حكموها إلى مابعد انهيار الخلافة . وقيام دول الطوائف بقليل حتى سنة 430هـ/1039م، ثم خلفهم في حكمها بنوهود .غدت سرقسطة في ظلهم قاعدة لمملكة قوية من ممالك الطوائف نحوثمانين عاماً، حتى سقوطها في يد الفونسوالأول ملك اراغون عام 512هـ/1118م.
كان لمسقط سرقسطة في الشمال الشرقي بعيداً عن قلب المملكة الإسلامية وقربها من المناطق المسيحية وسقوطها المبكر في ايدي القوات المسيحية تاثير واضح في اختفاء معالمها العربية الإسلامية.
كانت سرقسطة في عهد بني هود كغيرها من حواضر الفهم في الأندلس آنذاك؛ إذ تُساوي في مكانتها الفهمية إشبيلية حاضرة بني عباد، وبطليوس حاضرة بني الأفطس، وطليطلة حاضرة بني ذي النون؛ فقد نبغ فيها فهماء أجلاء؛ أمثال: ابن باجة الفيلسوف، والطرطوشي الفقيه، وإسماعيل بن خلف القارئ، فضلاً عن المكانة الفهمية التي تمتَّع بها كلٌّ من المقتدر أحمد بن هود وابنه المؤتمن يوسف؛ فقد نبغَا في الفلسفة والرياضيات والفلك.
مراجع
- ^ الحميري، تحقيق.. إ. لافي. بروفنسال (1988). صفة جزيرة الأندلس. دار الجيل .. بيروت.
- ^ محمد عبد الله عنان،]] (1997). دولة الإسلام في الأندلس. مخطة الخانجي .. القاهرة.
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 177
- ^ عنان ج2 1997, p. 268
- ^ العذري -, p. 48
- ^ عنان ج2 1997, p. 270
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 280
- ^ عنان ج2 1997, p. 99
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 222
- ^ عنان ج2 1997, p. 280
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 250
- ^ عنان ج2 1997, p. 208
- ^ عنان ج2 1997, p. 405
- ^ عنان ج2 1997, p. 275-277
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 227-228
- ^ عنان ج2 1997, p. 234
- ^ عنان ج2 1997, p. 285
- ^ عنان ج2 1997, p. 226
- ^ عنان ج2 1997, p. 284
- ^ عنان ج2 1997, p. 287
- ^ ابن عذاري ج4 1983, p. 145
- ^ عنان ج2 1997, p. 288
- ^ أشباخ 1996, p. 110
- ^ أشباخ 1996, p. 147
- ^ ابن الأبار ج2 1985, p. 248
- ^ ابن أبي أصيبعة ج2 1882, p. 45
- ^ سليمان بن جبيرول (1021-1056) موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، تاريخ الولوج 22 أكتوبر 2013
- ^ ابن خلدون ج4 1999, p. 351-352
- ^ Geometry: Our Cultural Heritage. Springer. p. 210.
- ^ عنان ج2 1997, p. 283
- ^ ابن أبي أصيبعة ج2 1882, p. 40-41
- ^ محمد عبد الله عنان،]] (1997). دولة الإسلام في الأندلس. مخطة الخانجي .. القاهرة.
مصادر
- البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب. دار الثقافة، بيروت.
- دولة الإسلام في الأندلس. مخطة الخانجي، القاهرة.
- نصوص عن الأندلس من كتاب ترصيع الأخبار وتنويع الآثار، والبستان في غرائب البلدان والمسالك إلى جميع الممالك. منشورات معهد الدراسات الأسلامية في مدريد.
- تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين. مخطة الخانجي، القاهرة.
- الحلة السيراء. دار المعارف، القاهرة.
- عيون الأنباء في طبقات الأطباء. المطبعة الوهابية.
- كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاونهم. دار الكتاب المصري، القاهرة - دار الكتاب اللبناني، بيروت.
مشاع الفهم فيه ميديا متعلقة بموضوع [[commons:خطأ لوا في وحدة:WikidataIB على السطر 496: attempt to index field 'wikibase' (a nil value).|خطأ لوا في وحدة:WikidataIB على السطر 496: attempt to index field 'wikibase' (a nil value).]]. |