أبوالفرج معافا بن زكريا النهرواني
المعافى بن زكريا هوأبوالفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريرى النهرواني وينطق له (ابن طرار)، (303 هـ - 390 هـ / 916 - 1000 م)، قاض، من الادباء الفقهاء، له شعر حسن. ولد وتوفي في النهروان بالعراق، ولي بالنيابة القضاء في بغداد.
حياته وفهمه
قيل له الجريرى لأنه كان على ممضى ابن جرير الطبري. له تصانيف ممتعة في الأدب وغيره، منها (تفسير) في ستة مجلدات، لعله (البيان الموجز عن علوم القرآن المعجز) و(الجليس والأنيس - خ) وللأستاذ محمد محمد مرسى الخولى بالقاهرة (رسالة دكتوراه) في صاحب الترجمة وكتابه (الجليس والأنيس) وعمله في تحقيقه.
نطق عنه الخطيب البغدادي: "كان من أفهم الناس في وقته بالفقه والنحوواللغة وأصناف الأدب"، ونقل عن أبي محمد الباقي قوله: "إذا جاء القاضي بثلث ماله حتى يدفع إلى أفهم الناس لوجب حتى يدفع إلى المعافى بن زكريا".
قصر المعافى حياته على الفهم والأدب، فلم يرغب في منصب ولم تستبد به محبة الجاه والسلطان، بل من الممكن كان يدفع المراتب عن نفسه عملاً بحديث رسول الله، وما أكثر ما حذر من السعي إلى أمارة وأنذر الساعي بسوء العاقبة ووبال المصير، وربما من أجل ذلك أحبه معاصروه، وصدقوا في وصفه بما هوأهله، نطق الخطيب البغدادي: "سألت البرقاني عن المعافى فنطق: كان أفهم الناس". وهذه العبارة يقولها البرقاني تدلنا على المكانة الكبيرة التي كان يحتلها المعافى في نفوس تلامذته ومعاصريه.
وتحدثنا أخباره أنه ولي القضاء بباب الطاق في الجانب الشرقي من بغداد نيابة عن القاضي ابن صير، ولا ندري متى كان ذلك ولاشك حتى مدة توليه هذا المنصب لم تطل، وظل شغله الشاغل في حياته التفسير والحديث والأدب وكل ما يمت إلى اللغة والدين بصلة، فلم يصب حظاً من الدنيا لأنه ما كان يهتم بأن يصيب. نطق المضىي: "وقيل: كان قليل الشيء متعففاً". وأظن حتى قارئ الجليس والأنيس يحس بما كان يتمتع به صاحبه في ثروة فهمية وخلقية عالية تعبر عنها تلك التعليقات الكثيرة المتناثرة عقب الأخبار.
كان المعافى أحد اثنين في القرن الرابع، فهوصنوأبي حيان التوحيدي معاصره، يذكرنا به في روعة الأسلوب وإشراق البيان وفصاحة المنطق، وقد نسرع إلى تفضيله على أبي حيان إذا كنا نميل إلى الأدب واللغة والفقه ولا نحب حتى نضيع في متاهات التصوف والفلسفة.
ويخيل إلي حتى نوعاً من التعاطف كان يربط بين الرجلين، من الممكن كان ذلك بسبب القاسم المشهجر الذي ألف بينهما ألا وهوالفقر، حدثنا ياقوت نطق : "نطق أبوحيان التوحيدي: رأيته –أي المعافى- في جامع الرصافة وقد نام مستدير الشمس في يوم شات وبه من أثر الفقر والبؤس والضر أمر عظيم، مع غزارة فهمه، واتساع أدبه، وفضله المشهور ومعهدته بأصناف العلوم ولا سيما فهم الأثر والأخبار وسير العرب وأيامها، فقلت له: مهلاً أيها الشيخ وصبراً فإنك بعين من الله ومرأى منه ومسمع"، هذه العبارات التي نقلها ياقوت، وأعادها المضىي بإيجاز، توحي لنا بشيء من الود كان يربط الأديبين الكبيرين، كما أنها تلقي ظلالاً شاحبة من البؤس على حياة المعافى.
وكأن حظه من الدنيا لم يكن أحسن من حظ أبي حيان، ولكنه لم ير شاكياً، ولا برماً ساخطاً، كان ذا نفس كريمة وروح راضية، إذا غضب لا يغضب لنفسه ولكنه يغضب لواقع يريد إصلاحه وأمور يراها معوجة فيسعى إلى تقويمها، ومن هنا يختلف طريقه عن طريق أبي حيان ذاك الذي أحس بمرارة الواقع، ونظر إلى مفاسد عصره فلم يأخذها ككل ولكنه صب سياط غضبه على أفراد استثاروا غضبه، وحركوا نيران نقمته.
وحكى أبوالفرج معافا بن زكريا النهرواني في كتاب الجليس والأنيس عن محمد السعدي نطق وجه إلى القاضي يحي بن أكثم قاضي المأمون رحمهما الله فصرت إليه فإذا عن يمينه قمطرة مجلدة فجلست فنطق افتح هذه القمطرة ففتحها فإذا بشيء قد خرج منها رأسه رأس إنسان وهومن أسفله إلى سرته زاغ في صدره سلعتان فكبرت وهللت وفزعت ويحي يضحك فنطق بلسان فصيح زلق
أنا الزاغ أبوعجوه | أنا ابن الليث واللبوة |
أحب الراح والريحا | ن والنشوة والقهوة |
فلا غدري بدا يخشى | ولا يحذر لي سطوة |
ولي أشياء تستظرف | يوم العرس والدعوة |
فمنها سلعة في الظه | ر لا تسترها الفروه |
وأما السلعة الأخرى | فلوكان لها عروه |
فلوكان لها عروه | س فيها أنها ركوة |
ثم نطق يا كهل أنشدني شعرا غزلا فنطق يحيى قد أنشدك فأنشده فأنشدته:
أغرك حتى أذنبت ثم تتابعت | ذنوب فلم أهجرك ثم ذنوب |
وأكثرت حتى قلت ليس بصارمي | وقد يصرم الإنسان وهوحبيب |
فصاح زاغ زاغ ثم طار وسقط في القمطر فقلت ليحي أعز الله القاضي وعاشق أيضا فقلت أيها القاضي ما هذا نطق هوما ترى وجه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين وما رآه بعد وخط كتابا لم أفضضه وأظنه ذكر فيه شأنه وحاله .
وفاته
امتدت حياة المعافى على القسم الأكبر من القرن الرابع فقد ولد سنة 305 على أصح الروايات التي نقلت عنه وتوفي بإجماع المراجع في النهروان سنة 390هـ.
خطه
- ذكرت المصادر أنه ألف كثيراً من الخط، وذكر له جميع من ابن النديم والمضىي تفسيراً في ستة مجلدات
- الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي وهوالوحيد الذي وصلنا من خطه.
مراجع
- ^ المخطة الكاملة - المعافى بن زكريا Archived 14 July 2017[Date mismatch] at the Wayback Machine.
- ^ الأعلام للزركلي
- ^ انظر تاريخ بغداد 13/230.
- ^ انظر المجلس الخمسين من كتابه "الصالح" ورقة 14 ب
- ^ انظر تذكرة الحفاظ 3/204.
- ^ انظر معجم الأدباء 19/151.
- ^ انظر سير الأعلام النبلاء 10/567.
- ^ انظر الجليس والأنيس المجلسخمسة ورقة 14 ب.
- ^ ابن العماد. شذرات المضى في أخبار من مضى.
- ^ انظر الفهرست 236 وتذكرة الحفّاظ 3/151.
- ^ المخطة الكاملة - الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي Archived 14 July 2017[Date mismatch] at the Wayback Machine.
معظم المعلومات مستقاة من موضوع نشر على هذا الرابط