سفر الى آخر الليل

عودة للموسوعة

سفر الى آخر الليل

Journey to the End of Night
المؤلف Louis-Ferdinand Céline
العنوان الأصلي Voyage au bout de la nuit
المترجم John H. P. Marks (1934), Ralph Manheim (1988)
البلد فرنسا
اللغة French
تاريخ النشر
1932

سفر الى آخر الليل هي الرواية الأولى للويس فرديناند سيلين. هذا العمل شبه سيرة ذاتية يصف الشخصية الرئيسية فرديناند باردامو.

المقدمة

ربما لم يهاجم احد فكر لويس - فرديناند سيلين، بقدر ما هاجمه ثلاثي دي بوفوار - سارتر - ألبير كامو. فهو، المفكر والمحرر الفوضوي اليميني- الذي لم يتورع عن مناصرة النازيين خلال الثلاثينات والاربعينات، في شكل اوفي آخر- كان يمثل بالنسبة الى الثلاثي التقدمي، اليساري الى حد ما، قمة التخلف الفكري في المواقف السياسية. ومع هذا كان سارتر يحب ان يقول انه كثيرا ما فكر بشخصية سيلينية، هي شخصية بارداموفيما كان منكبا على كتابة «الغثيان»، كما ان كامولم يخف ابدا تأثره بالشخصية نفسها حين خط «الغريب». اما سيمون دي بوفوار فحسبنا لتبين موقفها الحقيقي، الادبي بخاصة، من سيلين ان ننقل ما خطته في مذكراتها عنه: «... لقد كنا في ذلك الحين نقرأ جميع ما يصدر من خط: اما الكتاب الفرنسي الذي كان ذا القيمة الاكبر بالنسبة الينا فكان، خلال ذلك العام «سفر الى آخر الليل» لسيلين... حيث كنا نحفظ بعض مقاطع الكتاب غيبا. ذلك ان فوضى سيلين كانت تبدوبالنسبة الينا، شديدة القرب من نزعتنا الفوضوية... وهوايضا كان يهاجم الحرب والكولونيالية والتفاهة والافكار السائدة... كان يهاجم المجتمع بأسلوب وبنغمة يفتناننا. في ذلك الحين كان سيلين صاغ اداة جديدة: كتابة لها حيوية الكلام العادي (...). وهذه الكتابة هي التي جعلت سارتر يتخلى نهائيا عن اللغة المفخمة التي كان يستخدمها من قبل».

اذا، لئن كان كتّاب فرنسا التقدميون في ذلك الحين اوسعوا سيلين شتما ونقدا بسبب مواقفه السياسية، فإن هذا لم يمنعهم ابدا من ان يضعوا روايته «سفر الى آخر الليل»، وهي الرواية نفسها التي يشكل بارداموشخصيتها الرئيسة، في مكانها السليم، كرواية رائدة ينظر اليها الجميع على انها واحدة من اروع الروايات الفرنسية التي خطت خلال النصف الاول من القرن العشرين، بل واحدة من اكبر الروايات الاوروبية، الى جانب «يوليس» جويس، و«الرجل البلا مزايا» لروبرت موتسيل، وحتى «البحث عن الزمن الضائع» لبروست.


السيرة

ورواية «سفر الى آخر الليل»، كانت اول رواية طويلة نشرها سيلين خلال مساره المهني، وكان ذلك في العام 1932 حيث نالت على الفور جائزة «رينودو». وهواستوحاها، على رغم طابعها الروائي الخالص، من ذكريات حياته وبعض مغامراته، خلال الحرب العالمية الاولى مضيفا اليها معهدته بالقارة الافريقية حيث كان اكتشف مبكرا «مساوئ الكولونيالية»، اضافة الى نظرته المبكرة الى الولايات المتحدة التي رأى في مسيرتها فوزا كبيرا لقيمة العمل وللرأسمالية. ناهيك، أخيرا، بتجربته الخاصة كطبيب في الضواحي. ولم تكن «سفر الى آخر الليل» الرواية الوحيدة التي استعان سيلين، على كتابتها، بتجاربه اوذكرياته الشخصية، اذ تجمع الدراسات التي تتناول سيلين، كذلك، ان الاوساط التي امضى فيها طفولته ومراهقته (اوساط البورجوازية الصغيرة من تجّار وموظفين) شكلت خلفية روايته التالية "موت بالتقسيط"، كما ان «الأغطيـة الجميلة» تعالج هزيمة فرنسا في العام 1939 كما عاشها هوشخصيا، فيما نجد ان تجربته في العيش في لندن، حيث انتدب لفترة عاش خلالها بعض اكثر سنوات حياته مرحا خلال الاعوام الاولى للحرب العالمية الاولى، شكلت خلفية روايتيه «عصابة المهرج» و«جسر لندن».

إن هذا كله يؤكد - من طبيعة الحال - ذاتية سيلين في كتابته الروائية. غير ان هذا الجانب الذاتي يظل الاكثر طغيانا في « سفر الى آخر الليل»، اذ ان الرواية مبنية اصلا، وفي الجزء الاساس منها على تجربته حين عمل في القسم الطبي في مندوبية عصبة الأمم في المانيا فترة، هي التي قادته لاحقا بالتأكيد الى ذلك الموقف المهادن للنازيين، اوحتى، المناصر لهم، والذي ظل لعنة احاطت به في وطنه فرنسا، حتى رحيله. وهواذ عاد من المانيا - في حياته الخاصة كما في الرواية - عمل طبيبا في ضاحية كليشي، شمال غربي باريس، والتي كانت تعد في ذلك الحين، خلال الربع الاول من القرن العشرين، ضاحية البائسين. فهوهناك اكتشف البؤس والظلم الاجتماعيين ليجعل منهما موضوع روايته الاولى ليعير بطلها باردامو، تجاربه الشخصية، ما مكنه من ان يرسم «صورة لا رحمة فيها لمشهد عبثية الحياة»... تلك الحياة المكونة من «الاكاذيب الصغيرة وضروب قسوة الانسان على اخيه الانسان». ان العالم الذي صوره سيلين في هذا العمل، يظهر على الدوام لا مهرب منه ولا يحمل بارقة امل... ومع هذا ها هوسيلين نفسه يقول لنا: «ما هي خلفية هذه الحكاية كلها،يا ترى؟ لست ادري... اذ ما من احد فهم حقا هذه الخلفية... ومع هذا اقول لكم ببساطة انها الحب... الحب الذي لا نزال نجرؤ على التحدث عنه وسط هذا الجحيم».

قسم سيلين روايته هذه - وكان هذا التقسيم جديدا الى حد ما على الادب الفرنسي في ذلك الحين - الى مشاهد وفصول تتفاوت طولا وكثافة، من دون ان يعطيها ارقاما... وكأنه شاء للزمن العابر، لا للرقم، ان يحدد مسار احداث هذه الرواية. والفصل الاول منها يبدأ عشية اندلاع الحرب العالمية الاولى، لينتهي الفصل الاخير في العام 1928، اي بعد عشر سنوات من توقيع الهدنة التي انهت تلك الحرب. وكما يحدث في الروايات «البيكارية»، حيث لا وجود لحبكة واحدة، يدفع سيلين بطله (اي اناه - الآخر، بمعنى من المعاني) الى التجول في زوايا الارض الأربع، تقوده الصدف التي لا تخطيط مسبقا لها. إلى غير ذلك، في الفصل الاول نرانا نلاحق باردامو، في جبهة القتال، ثم نتبعه الى الجهات الخلفية في المستعمرات الفرنسية الافريقية (الكونغوخاصة) قبل ان ننتقل معه الى الولايات المتحدة الاميركية. ثم في قسم ثان من الرواية نعيش معه وقد انصرف الى ممارسة الطب في الضاحية الباريسية. لكن في الوقت نفسه نراه يقوم بأداء ادوار تافهة في صالة احد الملاهي في «الجادّات الكبرى» حيث كانت المسارح وأماكن اللهوتصخب في ذلك الحين، ثم نراه بعد ذلك ينضم الى عيادة للطب العقلي يديرها طبيب مخضرم هوالدكتور باريتون. وفي خضم ذلك كله، ابتكر سيلين لبطله، شخصية اخرى غارقة في بؤسها: روبنسون الذي لا يكف عن الالتقاء به في لحظات انعطافية من الرواية، ليتحول بين الحين والآخر الى شبيه اوقرين له، يرعبه مصيره ويبدوغير تواق الى عيشه بنفسه. وروبنسون هذا سيموت عند نهاية الرواية، ما يوفر على باردامو، الذي تتكوّن مسيرته كلها من هروب الى الامام، ان يموت، هو، ذلك الموت المأسوي الذي لولا وجود روبنسون لكان من نصيبه. ولا بد من ان نذكر هنا ان بارداموهوالذي يروي لنا احداث الرواية بنفسه، ما يعطينا الانطباع بأننا لن نعهد اكثر مما يعهد هو، ولن نعيش سوى اسلوبه في عيش حياته.

التأثير والتراث

تاريخ النشر

المؤلف

حين خط لويي - فردنياند سيلين هذه الرواية كان في الثامنة والثلاثين من عمره وكان جزء كبير من حياته اضحى وراءه. فهوولد العام 1894 في ضاحية كوربفوا، وكان اسمه الاصلي ديتوش، لكنه حين صار محررا استعار اسم سيلين من احدى قريباته ليجعله اسمه الادبي. وهوتفهم الطب، من دون انقد يكون في البداية كبير اهتمام بالأدب، ومارس الطب، حتى عثر يوما ان لديه من التجارب ما يحسن به ان يرويه. وهوعبّر في كتاباته دائما عن موقف فاشي، انما بؤسوي النزعة... وهوزاد من تعبيره عن هذا الموقف حين احتل الالمان فرنسا اوائل الحرب العالمية الثانية، فوقف بقوة الى جانب الالمـان، وضدّ ما كان يرى انه «خطر يهودي على فرنسا». إلى غير ذلك اذ انقضت الحرب، وسـم بالجنون ورذل، وعاش وحيدا في ضاحية باريسية حتى توفي في العام 1961... ولكن من دون ان يقلل هذا كله من قيمته الادبية الكبيرة.


انظر أيضاً

  • s 100 Books of the Century

المصادر

  • ابراهيم العريس (2010-11-12). "«سفر الى آخر الليل» لسيلين: بؤس العالم عبر نظرة فاشية". جريدة الحياة اللبنانية.
تاريخ النشر: 2020-06-07 09:33:23
التصنيفات: كتب بدون غلاف, No local image but image on Wikidata, Articles to be expanded from June 2008, Articles with invalid date parameter in template, All articles to be expanded, Portal templates with all redlinked portals, 1932 novels, Novels by Louis-Ferdinand Celine, روايات افتتاحية, World War I novels, France in fiction, كتب

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

«مزارعي الجزيرة»: إنهيار 85% من شبكات ري أكبر المشاريع السودانية

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:23:24
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:20
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 36%

دول الجوار المرحلة الأولى من عودة البرازيل برئاسة لولا إلى ا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:23:03
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

روسيا وأوكرانيا: روسي يختبئ في غابة متجمدة لتفادي المشاركة ف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:58
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 70%

استبعاد عبد الله السعيد من قائمة بيراميدز لمواجهة سموحة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:23
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 47%

برلين تدين حرق المصحف في ستوكهولم

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:37
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

كوفيد -19 بالصين: أكثر من 12 ألف وفاة في سبعة أيام

المصدر: MAP ANTI-CORONA - المغرب التصنيف: صحة
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:23:17
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 88%

الرئيس السيسي: واقع مصر وظروفها تحتم علينا تحقيق قفزات تنموية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:30
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 40%

مصطفى عسل يحافظ على صدارة التصنيف العالمى للاسكواش للأسبوع الثانى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:32
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 35%

انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في باكستان

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:45
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

دار الإفتاء توضح معانى 9 أسماء لشهر رجب.. اعرف التفاصيل

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:24
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 39%

نتنياهو وزوجته يدليان بشهادتهما أمام المحكمة في دعوى تشهير

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:54
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

لاتفيا تعلن عزمها تقليص مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع روسيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:40
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 68%

الساسة في متاهة.. حزب الأمة نموذجاً

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:23:21
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 51%

انخفاض أسعار الذهب فى مصر وعيار 21 بـ 1770 جنيها للجرام

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:31
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 35%

الرئيس السيسى: "نجحنا فى أننا ننزل طائرة بالعريش لأول مرة من 8 سنين"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:34
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 44%

إضراب جديد لطواقم فرق الإسعاف في بريطانيا ولا مخرج من الأزمة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-23 15:22:50
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 68%

تحميل تطبيق المنصة العربية