هكتور برليوز

عودة للموسوعة

هكتور برليوز

Lithograph of Berlioz by August Prinzhofer, Vienna, 1845. Berlioz considered this to be a good likeness.
هكتور برليوز

لوي هيكتور برليوز (Louis Hector Berlioz) (و.11 ديسمبر 1803 - باريسثمانية مارس 1869 م) هومؤلف موسيقى فرنسي. تميزت أعماله بقوة الحس الدراماتيكي وثراء النص الأوركسترالي. خلف الكثير من الكتابات الموسيقية.

سيرته

ولد الموسيقار هكتور برليوز في سانت اندريه في قسم إيسـِر, بالقرب من ليون في 11 ديسمبر 1803.



حياته كطالب

باريس

Drawing of Harriet Smithson as Ophelia in Shakespeare's Hamlet

التحق بكلية الطب في باريس لمدة عامين رغبة لوالده ولكنه هجرها ودرس في المعهد الموسيقي في باريس وعندما بلغ السابعة والعشرين من العمر حاز على جائزة روما في التلحين اتسمت معظم أعماله بالطابع المسرحي أوالأوبرالي

وافتتاحياته أقرب للأشعار السمفونية ونال شهرة في أوربا توفي في باريس في الثامن من آذار عام 1869.

كان لويس برليوز ذاته شخصية غريبة، فقد كان طبيباً ناجحاً.

ألَّف في عام 1810 أطروحة عن طرق المعالجة والتداوي الحديث، حازت على الجائزة الأولى للجمعية الطبية في مونتبليه Montpellier، وكان على فهم بجميع العلوم الإنسانية بما فيها الموسيقى، وكان يجيد، على ما يبدو، العزف على الفلوت وقراءة النوتات الموسيقية.

والظاهر أنه، إضافةً إلى جميع ذلك، كان إنساناً صبوراً أيضاً لأنه عثر في نفسه القدرة على قضاء عدة ساعات جميع يوم مع برليوز الصغير الصعب المراس. ووجد في النهاية أسلوباً لا بأس به لإقناع هكتور بالمثابرة على دروسه، خاصةً بعد حتى عثر هكتور ذات يوم، في درج مخط أبيه، على مزمار بستة ثقوب "فلاجوليه" (Flageolet).

حاول بصعوبةٍ حتى يعزف عليه دون جدوى، إلى حتى وعده والده، الذي أزعجته النشازات التي كان يصدرها من المزمار طوال النهار، حتى يفهمه العزف عليه إذا ما ثابر على قراءة دروسه. ثم أحضر له بعد عدة أيامٍ آلة نفخٍ أخرى هي Flute "الفلوت". ولما كان الأب طبيباً ورجلاً أكاديمياً، فإنه لم يهجره يلعب بمفاتيح الآلتين على هواه، وأصَّر على حتى يفهم المبادئ الموسيقية الأساسية وأن يتفهم قراءة النوتات.

وما هي إلا أيام قليلة حتى كان هكتور يعزف على الفلوت بمهارة أدهشت والده. ويقول برليوز حتى مهارته في الكتابة لآلآت النفخ (وهي التي تظهر واضحة في السيمفوني فانتاستيك) وحبه لهذه المجموعة من الآلآت، تعود في حقيقتها إلى تلك العلاقة الأولى التي نمت بينه وبين الفلوت الذي لم يفارق يده طوال طفولته.

وقد اضطر والده عندما رأى التقدم السريع الذي حققه على "الكلارينيت" إلى تلقينه دروساً نظاميةً في العلوم الموسيقية الأولى. ولم يكن هذا الأستاذ ومسماه "إيمبرت" ضليعاً جداً في العلوم الموسيقية ولكنه هجر أثراً تربوياً عليه.

وعقد هكتور في الوقت نفسه صداقة ًمتينةً مع ابنه الذي كان يحضر دروس الموسيقى معه. وفي أحد الأيام اضطر إيمبرت الصغير حتى يسافر مع والده، فودع هكتور بحدثات شاعرية وأضاف..." أعتقد بأننا لن نرى بعضنا بعض بعد اليوم"... ولم يفهم هكتور السبب الذي نادى صديقه لوداعه بهذه الطريقة المؤثرة، وفوجئ بعد ذلك عندما فهم أنه أقدم على شنق نفسه.

هجرت هذه الحادثة عليه أثراً لم يستطع حتى يتخلص منه بسهولة، وحركت، كما يبدو، مشاعره العاطفية الرومانتيكية الكامنة، واضطر بعد ذلك حتى يتابع دراسته الموسيقية وحيداً، لأن إيمبرت الأب لم يستطيع بعد موت ابنه متابعة دروس الموسيقى معه من جديد.

برليوز

ولما لم تكن عند والده الرغبة في حتى يجعل منه موسيقياً، وكان يريد إعداده لدراسة الطب، فقد هجره يبحث عن المبادئ الموسيقية وهويعتقد بأنه سييأس بعد قليل، عندما لن يجد من يساعده. والظاهر أنه لم يعهد بأن ابنه ورث عنه التصميم الذي أتصف به، لذلك فوجئ به عندما اتىه ذات يوم يحمل خماسية للفلوت كان قد ألفها بعد حتى قرأ كتاب "رامو" عن الهارموني،

والذي عثر عليه، بطريق الصدفة، بين الخط القديمة في مخطة المنزل. سر والده كثيراً بما حققه، ولكنه كان يرجوحتى يبدأ اهتمامه بالتحول نحوالعلوم الرياضية والبيولوجية، ولكن هذا التحول لم يحدث لأن هكتور كان أكثر إرادةً وإصراراً مما افترض والده، وكانت لديه رغبة دائمة في توسيع معلوماته الموسيقية. ونجح بعد شهرين من تأليف الخماسية الأولى بتأليف خماسية ثانية للفلوت (2) أفضل من الأولى.

وأضطر والده رغماً عنه إلى تهنئته عليها، وكان ينصت حدثا سنحت له الفرصة إلى الدروس التي كانت شقيقته تتلقاها على القيثارة من أستاذ للموسيقى يدعى "دورانت". وما هي إلا أيام حتى كان اللعب على القيثارة من هوايات "الإزعاج" الممتعة له والتي كان يخترعها لوالده، والي سيخترعها في المستقبل لأساتذته وأصدقائه وجيرانه ولجميع قادة الأوركسترا والعازفين والمؤلفين الذين سيقفون عمدا أوبالصدفة في طريقه. وأضطر والده هنا، وللمرة الثانية، حتى يوافق على حتى يقوم "دورانت" بإعطائه دروساً على القيثارة.

ولكن دورانت اتى إليه بعد أسبوع قائلاً: "أعتذر يا سيدي عن تلبية رغبتكم بتعليم إبنكم العزف على القيثارة" فأستغرب لويس قائلاً.. "هل أساء الأدب،يا ترى؟ هل أزعجكم بشئ؟" فأجاب دورانت: "لا أبدا، ولكن من المضحك يا سيدي حتى أقوم بتعليم إنسان يعهد تماماً جميع ما أعهده أنا؟؟"

ومانع والده بعد ذلك بقليل حتى يتفهم العزف على البيانوخوفاً من حتى يجرفه نهائياً عن طريق الطب ويفتح له طريق الموسيقى. إلى غير ذلك فإن فرصة الدراسة على البيانولم تُتَحْ له أبداً في حياته، وكان المؤلف الوحيد، في العصر الرومانتيكي، الذي لم يعزف على البيانو، وقد استغرب بعد ذلك، عندما كان يخط مذكراته، بأن أساتذة الموسيقى المعاصرين له لا يستطيعون تأليف شئ إذا لم يكن البيانوإلى جانبهم ليستمعوا إلى ما يخطونه. ومهما يكن فإنه عندما منع والده البيانوعنه، عثر طنبوراً صغيراً بدأ بالضرب عليه ليلاً نهاراً وكأنه يعاقبه على حرمانه البيانو، ولا نعهد إذا كانت هذه الطريقة من الطرق التي لجأ إليها لإزعاجه.

وفي جميع الأحوال فإن الصدمة الكبرى اتىته بعد قليل من بلوغه التاسعة عشرة من عمره، عندما أفهمه والده بأن عليه حتى يبدأ بأعداد نفسه لدراسة الطب، واتىه بكتاب عن فهم العظام وآخر عن فهم النسج وطلب منه حتى يفهم الكتابين ويسأله عما لا يفهمه،

ووعده حتى يحضر له فلوتاً جديداً من أفضل الأنواع إذا ما ثابر على دروسه. ثم أوفده أبوه بعد ذلك بقليل إلى كلية الطب في باريس مع قريب له أسمه "روبرت" كان أكثر منه جداً ونشاطاً في هذا المجال، إلى غير ذلك بدأ عام 1822 بإعداد نفسه لنيل الشهادة في العلوم الطبية وهولا يفهم بأنه بعد ثماني سنوات فقط سيتوج قائداً للحركة الرومانتيكية في فرنساوسيحقق النصر في مكان مختلف تماماً عن المكان الذي بدأ منه.


كانت المحاضرات الأولى في فهمي النسج والعظام محاضرات قاسية على فتى حالم لم يكن مقتنعاً بما يقوم به، وحاول قريبه "روبرت" تشجيعه، ولكنه لم يفلح لأنه أصيب بالغثيان بعد حتى جاء درساً في التشريح للتعهد على أعضاء الجسم البشري. وبدأ شيئاً فشيئاً بالابتعاد عن كلية الطب، والتردد على المسرح لحضور الأعمال الغنائية، وسرَّ سروراً كبيراً عندما فهم بأن مخطة الكونسرفتوار مفتوحة للجميع وأن باستطاعته قراءة ودراسة المؤلفات التي تحتفظ بها المخطة،

فبدأ عند ذلك بدراسة أعمال "جلوك" الأوبرالية، وكان أمله حتى يستطيع ذات يوم الاستماع إلى أحد أعمال الأستاذ الألماني الذي قرأ كتاباً عن حياته في مخطة والده قبل سنوات. واتىته الفرصة أخيراً عندما أدرجت دار الأوبرا ضمن عروضها عمل جلوك "ايفجيني في توريد" الذي هجر فيه أثراً مذهلاً، واتخذ، مباشرةً، بعد خروجه من المسرح وفي طريق عودته إلى المنزل قراراً نهائياً بدراسة الموسيقى، وأوفد إلى والده رسالة يفهمه فيها بقراره، فأوفد والده إليه رسالة شديدة اللهجة يهدده فيها ببتر راتبه وإعادته إلى القرية، وكانت هذه بداية الشجار بين الأستاذ والتلميذ (الأب والابن) الذي انتهى إلى القطيعة الكاملة بينهما بعد ذلك بقليل.


لم يكن بإمكان برليوز حتى ينتسب مباشرةً إلى كونسرفتوار باريس، خاصةً وأن الكثير من المعلومات الموسيقية التي يعهدها طلاب المدارس العادية كانت تنقصه، إضافةً إلى ذلك فإن أساتذة الكونسرفتوار كانوا يفضلون دائماً التلاميذ الذين يجيدون العزف على البيانوأوالكمان، كما حتى معظم أساتذة الكونسرفتوار كانوا من الأكاديميين الذين لا يعترفون كثيراً بالموهبة ويتعاملون مع الموسيقى مثل تعامل أساتذة الفيزياء مع الرياضيات، ولوأنهم كانوا يعهدون كيف من الممكن أن سيقلب برليوز التاريخ فوق رؤوسهم لأسرعوا بتغيير أسلوبهم، ولم يخطئ "شيروبيني" الذي سخر منه برليوز، فيما بعد،

وأطلق عليه لقب "أكاديمي الأكاديميين" عندما نطق له أنه "أكثر التلاميذ نكراناً لجميل أساتذته" لأن برليوز لم يوفر واحداً منهم وطال نقده في وقت متأخر جان فرانسوا لوسور (1760-1837) وهوالأستاذ الذي ساعده للوصول إلى الكونسرفتوار بعد شجاره مع والده وتخليه عن كلية الطب. وكان برليوز قد أوفد إليه مع أحد طلابه الذين تعهد عليهم في مخطة الكونسرفتوار كانتاتا تحت عنوان "الحصان العربي"،

فأوفد إليه "لوسور" رسالةً يقول له فيها بأنه لا يمكنه حتى يدله على أخطائه لأنها كثيرة، وخاصةً في مجال الهارموني، وعرض عليه حتى يقوم تلميذه "جيرونو" بتقديم النصائح له في هذا المجال، وأضاف بأنه يتقن المبادئ الأولى لفن الهارموني فسيسعده حتى يقبل بين تلاميذه، إلى غير ذلك بدا "جيرونو" بتقديم النصائح له. وما هي إلا أسابيع قليلة حتى كان بإمكانه حتى يصححح لجيرونوأخطاءه،

فقبل به "لوسور" بين طلابه، ولكن أبواب الكونسرفتوار بقيت مغلقةً في وجهه. ولم يمنعه هذا الأمر من تأليف قداس كبير لجوقة وأوركسترا بناءً على طلب "ماسون" مدير فرقة كنيسة القديس- روش، إلا حتى تقديم العمل ارتبط بمتاعب كبيرة كان أهمها أنه لم يكن يملك المال اللازم له. فأوفد رسالة إلى شاتوبريان يطلب فيها مبلغ ألف ومائتي فرنك فرنسي، ولكن شاتوبريان اعتذر بلطف مدعياً بأنه لا يملك هذا المبلغ.

وساعده أخيراً أستاذ متواضع للموسيقى إسمه "أوغسطين دوبون"، فاستدان منه مبلغ ألف ومائتي فرنك فرنسي دفع منها أجور الفرقة الموسيقية وقائد الاوركسترا، وحقق القداس لدى تقديمه نجاحاً لابأس به، ولكنه دل على شخصيته الصعبة، وطباعه العنيفة، إذ اصطدم أكثر من مرة أثناء التجارب مع المغنين والعازفين وقائد الأوركسترا والمنظمين والمشاركين في التجارب، حتى لم يبق إنسان واحد لم يتشاجر معه خلال وقت قصير..

ومع ذلك كان نجاح القداس في النهاية هوالذي فتح له أبواب الكونسرفتوار، ولحسن حظه فإن "شيروبيني" مدير الكونسرفتوار الذي قبل به بوساطة "لوسور" الذي شهد بموهبته لم يعهد أولم يهمه حتى يعهد من هوالطالب الذي قبل به لأن ذلك الأمر كان من الشكليات البيروقراطية التي يتولاها أشخاص آخرون في الكونسرفتوار، ولوأنه كلف نفسه ومضى ليرى الطالب الجديد الذي أقسم له ذات يوم بأنه سيسمع به،

لفوجئ بأنه كان قد تشرف بالتعهد عليه عندما كان برليوز يتردد على مخطة الكونسرفتوار التي كان لها مدخلين، أحدهما للنساء والثاني للرجال، وقد خالف برليوز تعليمات "شيروبيني" فدخل المخطة من المدخل المخصص للنساء، وعندما حاول الحاجب منعه لم يأبه برليوز له واستمر في طريقه، فهرع الحاجب إلى "شيروبيني" الذي اتى على عجل والشرر يتطاير من عينيه وسأله عما يعمله في المخطة، فأجابه برليوز قائلاً بأنه يقرأ أعمال "جلوك" فنطق له شيروبيني: "ماذا،يا ترى؟ وما علاقتك أنت بأعمال جلوك؟" فأجابه برليوز قائلاً: "أعمال جلوك هي أجمل الأعمال الموسيقية المكتوبة للمسرح". فرد عليه "شيروبيني" بأنه يمنعه من دخول الكونسرفتوار،

فنطق له برليوز: "ومع ذلك فسأعود إلى المخطة وعندما سأله "شيروبيني" مهدداً: ما اسمك،يا ترى؟ أعطني اسمك؟، أجابه برليوز وهويحمل أوراقه منصرفاً: سيدي إسمي ستسمع به بالتأكيد ذات يوم.. أما الآن فلن أبوح لك به.. وسأعود إليكم بالتأكيد."..


لم تكن عودة برليوز للكونسرفتوار احتفاليةً، لأنه رسب في أول فحص تجريبي له في مسابقة التأليف التي كانت أكاديمية الفنون الجميلة تنظمها جميع عام– ولم يرحم الأكاديمية بعد هذا الفشل– وسمع والده الذي كان قد فقد صبره منه بفشله، فبتر عنه جميع مساعدة مادية، مما اضطره للسفر إلى قريته لإقناعه بأن الأكاديميين الذين "يحكمون" الأكاديمية لا يعهدون شيئاً عن الموسيقى(3)، ولكن والده لم يكن مستعداً،

بعد سنتين من الشجار المستمر بينهما، لأن يسمع منه شيئاً، وضغط عليه بجميع الوسائل ليعود إلى كلية الطب أوليختار فرعاً آخر غير الموسيقى ولكنه لم ينجح بثنيه عن عزمه. وفي صباح أحد الأيام طلب منه حتى يحضر إلى مخطه في المنزل، وعندما اتى إليه نطق له بلهجة حادة وحازمة وكأنه يطلب منه ألا يخيب أمله:

"بعد ليال من القلق وتقليب الأمر قررت... حتى اسمح لك بأن تدرس الموسيقى في باريس، على شرط واحد وهوأنك إذا لم تثبت في امتحاناتك بأنك أهل لهذا الفرع فتعدني بأنك ستبدأ بدراسة شيء آخر... أنت لا تعهد ما هي نهاية فنان أوشاعر متوسط القدرات أومجهول، أنت لا تعهد كيف من الممكن أن يعيش مثل هؤلاء، سيكون صعباً علي حتى أراك فاشلاً وسيكون من الأسهل علي حتى أموت على حتى أراك فناناً فاشلا ً."... ثم عانقه والدموع في عينيه...

لم يكن يفصل هذه الحادثة عن السيمفوني فانتاستيك سوى ست سنوات، ولكن برليوز لم يكن قد أصبح موسيقياً بعد، وعدا عن ذلك فإن أمه الكاثوليكية المتعصبة كانت ترى بأن جميع الفنانين والموسيقيين هم أشخاص ملعونون، ولذلك فإنها لم تهبه بركتها، بل على العكس ففي اللقاء الأخير بينهما، قبل عودته إلى باريس، لعنته ورفضت حتى تقبله، أما أصدقاؤه في باريس وأساتذته في الكونسرفتوار فلمقد يكونوا مسرورين بعودته كثيراً وكان معظمهم يرى فيه شخصاً ناقداً بلسانٍ ساخرٍ لاذعٍ لا يرحم أحداً، إضافةً إلى ذلك كله،

فقد كان عليه حتى يدفع الدين الذي سقط فيه بعد تقديم القداس، ولذلك فقد اضطر لإعطاء دروس خاصة لبعض الطلاب المبتدئين، وحاول حتى يقدم بعض الأعمال التي خطها للمسرح والأوركسترا، ولكن إدارة الكونسرفتوار رفضت مساعدته في هذا المجال، بحجة عبّر عنها أحد أساتذة الكونسرفتوار بصراحة قائلاً: "ما الذي سيحل بنا نحن إذا ما شجعنا هؤلاء الشباب"، وأقسم برليوز هنا حتى يرد على جميع أساتذته عندما تسنح له الفرصة. وقد وفى بوعده فيما بعد إلى حد أنه عندما أصبح مؤلفاً مشهوراً ومعروفاً لم تقبل به لا الأكاديمية ولا الكونسرفتوار مديراً لهما. وفي جميع الأحوال، فإنه بعد حتى نجح بسداد ديونه داوم،

كما يقول، على حضور محاضرات التشيكي أنطونين ريخا (1770-1836) في الكونسرفتوار، والظاهر أنه هجر فيه أثراً لا بأس به، لأن برليوز لم يتعرض له أبداً في مذكراته. ومهما يكن فإن اهتمامه لم يكن ذات يوم منصبّاً على العلوم النظرية. وبعد فشله في مسابقة أكاديمية الفنون الجميلة، عاد للاشتراك في المسابقة للمرة الثانية، ولم يكن مصير مشاركته في هذه المرة أفضل، ويقول برليوز: إذا أساتذة الأكاديمية كان لديهم طريقة غريبة في فحص الأعمال الجيدة وتحويلها إلى أعمال سيئة، فقد كانوا غالباً ما يجلبون عازفاً سيئاً للبيانوليعزف عملاً خطه مؤلفه للأوركسترا،

وكان هذا برأي برليوز "مسخاً" مقصوداً للأعمال الجيدة لأن البيانويمضى بالأصوات الجميلة والمدروسة الموضوعة للفلوت والأوبرا والكمان والكور. إضافةً إلى ذلك فإن اللجنة الفاحصة كانت مؤلفة في معظمها من المهندسين المعماريين والنحاتين والرسامين، أما الموسيقيون فلم يكن لهم رأي مقرر لأن الأكاديمية كانت تخشى حتى يتأثر الأستاذ بتلميذه الذي يعهده من الكونسرفتوار، فيقوم بمساعدته، إلى غير ذلك فإن أساتذة الموسيقى، كما يقول برليوز: كانوا يتكرمون فيردون الجميل لزملائهم النحاتين والرسامين والمعماريين، فيحكمون على أعمال تلاميذهم، فيما كان النحاتون والرسامون يحكمون على الموسيقيين،يا ترى؟ وكان من نتائج هذه الطريقة الغريبة حتى برليوز فشل أربع مرات متتالية في الفوز بجائزة الأكاديمية التي كان يتوق إليها من أجل حتى يمضى في منحة دراسية إلى روما،

ووجد هنا، بين سقطاته الكثيرة ونجاحاته الضئيلة، الوقت للتردد على المسرح، ومضى في أحد أيام عام 1827 ليحضر عرضاً لفرقة المسرح الانكليزي التي اتىت إلى باريس لتقديم أعمال شكسبير التي لم يكن الجمهور الفرنسي على فهم كبيرة بها، فسقط في حب الممثلة الأولى للفرقة "هارييت سميسون Harriet Smithson" التي كانت تقوم بدور "أوفيلي" في مسرحية شكسبير "هملت"، وعاد في اليوم الثاني إلى المسرح ذاته ليشاهدها وهي تلعب دور "جوليت" في مسرحية "روميووجولييت"، فخرج من المسرح كما يقول وهو"مصصم على الزواج منها وكتابة سيمفونية كبيرة على هذه الدراما". ولكنه عندما استوعب "كم هي جميلة وشهيرة، وكم هوصغير ومجهول" قرر حتى ينسى الأمر وحاول ألا يعود إلى المسرح أبداً.

إلا حتى صورتها هاجمته في جميع مكان، وبدأ يتوه بين الحقول والبساتين والغابات، ويقضي فترات طويلة على أفكاره، لتتجه أحلامه إلى تنظيم حفل كبير يقدم فيه الأعمال التي كان قد ألفها حتى ذلك الوقت وتحضره هارييت لتصفق له، وحمل فكرته التي لم يكن يعيبها في الظاهر إلا شيء واحد، وهوحتى تحضر هارييت الحفل وتصفق له، إلى "شيروبيني" من أجل حتى يوافق عليها، ولكن الأستاذ الإيطالي ما حتى سمع بالفكرة حتى تبدل لونه وكاد حتى يصاب بصدمة قلبية، فأبرز برليوز له موافقةً مسبقةً لإقامة الحفل في الكونسرفتوار،

كان قد حصل عليها من المفتش الأعلى للفنون الجميلة، الذي كان أعلى مركزاً من "شيروبيني". ويصف برليوز في واحد من أجمل فصول مذكراته وأكثرها سخريةً كيف من الممكن أن اضطرب "شيروبيني" وامتقع لونه عندما رأى موافقة المفتش الأعلى السيد "لاروشفوكولت" واضطر رغم أنفه على الموافقة على إقامة الحفل. ومضى برليوز في تحديه إلى أبعد مما افترض "شيروبيني" أو"لاروشفوكولت" نفسه، عندما قدم مع فرقة متواضعة "غضب عليها غضباً شديداً "كانتاتا موتاورفيا"، التي كانت أكاديمية الفنون الجميلة قد حكمت بعدم صلاحيتها للعزف يوم تقدم بها إلى المسابقة لنيل جائزة روما، واستقبل النقاد العمل استقبالاً لا بأس به.

أما هارييت فلم تسمع بالحفل ولا ببرليوز ولا بالكانتاتا، ومضىت أحلامه هنا أدراج الرياح، فعاد إلى الغابات والوديان يفكر مجدداً كيف من الممكن أن يصبح موسيقياً شهيراً، ليحظى بحبها. وشاء القدر حتى ينتقل ذات يوم من المنزل الذي كان يسكن فيه إلى منزل آخر يقع تماماً في لقاءة المنزل الذي كانت هارييت تسكن فيه، وبدأ عشقه يعذبه أكثر عندما فهم بأن فرقة المسرح الانكليزي ومعها هارييت ستقيم في هولندا فترة طويلة، فأهمل الكونسرفتوار والأكاديمية والتأليف، ووهبه بتهوفن، الذي لم يكن قد انصت إلى أعماله بعد والذي تعهد عليه في باريس عام 1828 عن طريق فرقة الكونسرفتوار التي شكلها هابنك Habeneck، القوة،

وتبدلت أفكاره بعد حتى انصت إلى السيمفونية الخامسة "القدر يقرع الباب" وخرج من القاعة وهوممتلئ بالحماسة، وعندما شاهد أستاذه "لوسور" سأله عن رأيه، فأجابه لوسور: "ما هذا،يا ترى؟ مثل هذه الموسيقى لم يكن لها حتى تُخط." فرد برليوز عليه قائلاً: "هدئ من روعك أيها الأستاذ فمثلها لن يخط الكثيرون؟؟". كانت هذه هي نقطة التحول في حياته، لأنه عاد بتأثير بتهوفن للاهتمام بدراسته أكثر، وهويردد دائماً: "الأستاذ، الأستاذ(4)، والظاهر بأنه توقف عن البحث عن أعداء له وبذل جهده عام 1830، بعد أربع سنوات من قبوله في الكونسرفتوار، للفوز أخيراً بجائزة أكاديمية الفنون الجميلة. وبدأ في الوقت نفسه، بالعمل على موضوع أوركسترالي سيمفوني ببرنامج، كانت وليدةَ عشقه المعذب لهارييت. واحتفل في نهاية آب من العام 1830،

قبل أشهر قليلة من تقديمه لسيمفونيته "الخيالية"، بفوزه بجائزة الأكاديمية الأولى عن كانتاتا "ساردانابال Sardanapal"، ومضى ليستلم جائزته في جواحتفالي كان الحاضرون فيه جميعهم من أقرباء الفائزين بالجوائز الأولى في مختلف الفنون. أما هو، كما نطق، فلم يكن والده أووالدته أوأقرباؤه أوالمرأة التي أحبها بين الحاضرين، إلى غير ذلك خرج من الحفل حزيناً، وعاد إلى منزله ليتم عمله في السيمفونية الخيالية... سيمفوني فانتاستيك.

Painting of Berlioz by Émile Signol, 1832. Owned by the French Academy, Rome. Also in a reproduction by Paul Siffert, 1907. Owned by Musée Hector Berlioz


عقد من الانتاج

تعود الأفكار الأولى للسيمفوني "فانتاستيك" إلى تاريخ أبكر بثلاث سنوات من التاريخ الذي بدأ فيه برليوز في كانون الثاني عام 1830 بصياغة العمل بصورته النهائية، فالسيمفوني نمت مع تسلط "هارييت" على خياله، وأخذت تتطور مع جميع خطوة خطاها تجاهها، ومع جميع إحباط أصيب به. إلى غير ذلك بدأ يتصور نفسه بدور بطل شكسبيري، يقوده قدره للقاء امرأة أشبه ب"فينوس" تسيطر على أفكاره وعواطفه وترفض حبه، ويقوده عشقه المجنون في النهاية إلى موت تراجيدي شبيه بموت أبطال شكسبير الكبار. وأخذت هذه الدراما طريقها إلى "السيمفوني فانتاستيك" بخمس حركات حملت عناوين الأفكار الكبرى لدراما البطل الشكسبيري وهي:

1- أحلام وعواطف. 2- الحفل الراقص. 3- مشهد في الريف. 4- السير للإعدام. 5- ليلة سبت السحرة.

وقد أعاد برليوز في جميع حركة من الحركات الأربعة الأولى "اللحن المميز" للبطل العاشق الذي يصور فيه أحلامه وعواطفه. وأخذ هذا اللحن إسم "الفكرة الثابتة أوالمتسلطة". ويغيب "لحن– الأفكار المتسلطة" في نهاية الحركة الرابعة بعد إعدام البطل العاشق. أما في الحركة الخامسة، فتقوم جموع السحرة والشياطين في "ليلة سبت السحرة" بحمل نعش البطل على لحن صاخب تطغى فيه أصوات آلات النفخ والآلات النحاسية على الآلات الوترية .

كان على برليوز، بعد حتى أنهى كتابة العمل، حتى يجد فرقة تستطع تقديمه، وأتاح له فوزه بجائزة الأكاديمية فرصة مضىية، لأن "هابنك" قائد فرقة الكونسرفتوار والذي كان يشجع الموسيقيين الشباب عرض عليه تقديم السيمفونية في صالة الكونسرفتوار، فوافق برليوز على الفور، ولكن العازفين في الفرقة اعترضوا على العمل، وادعى معظمهم بأن هناك مقاطع غير قابلة للعزف أبداً، ألا حتى "هابنك"، الذي أصبح بعد سنوات قليلة أحد أعداء برليوز في قائمة طويلة لا يمكن حصر الأسماء فيها، كان مقتنعاً بالعمل، لذلك أصرّ على إتمام التجارب وصم آذانه فلم يسمع أصوات النقد من العازفين،

وأخيراً تمّ تقديم العمل في كانون الأول 1830 أمام جمهور كبير يتقدمه الكثير من الموسيقيين، من بينهم الشاب "فرانز ليست"، الذي درس عن برليوز قبل ساعات من تقديم السيمفونية وقدم له نفسه، وبقي طوال حياته صديقاً له ومدافعاً عن أعماله. وانتهى العمل إلى فوز كبير وصفه برليوز في مذكراته بأنه كان "عارماً، مدمراً، هادراً، شكسبيرياً، عاصفاًَ، بركانياً، شيطانياً"، وحده شيروبيني "يبدوكقط أُجبر على ابتلاع الخردل.. فهولا يتحدث أبداً، إنه يعطس فقط... (5).

أما هارييت "فينوس" التي أحبها والتي كُتبت من أجلها، كانت في هولندا، وجعله هذا الأمر يرى فوزه كابياً لا معنى له. ولكنه لم يكن يملك الوقت ليرثي ذاته كما كانت عادته، فقد كان عليه الالتحاق بدراسته في روما بعد فوزه بجائزة الأكاديمية، لذلك فقد حزم حقائبه وسافر إلى قريته ليودع ذويه. واستقبله والده استقبالاً احتفالياً، وقبّلته والدته التي كانت قد سمعت بنجاحه وسامحته ومنحته بركتها، إلى غير ذلك كان بإمكانه حتى يسافر إلى ايطاليا ليبحث عن مجد آخر؟؟

لم تكن الحياة في فيلا "ميديتشي" في روما ممتعة لرجل تفهم في باريس وتفهم حتىقد يكون ليبرالياً غير متحفظ مثل برليوز، ومع أنه زار معظم المدن الايطالية، فقد كان لديه شعور دائم بعدم الرضا لأسباب تتعلق بطباعه الشخصية الصعبة. وقد التقى في روما ب"مندلسون" الطيب، ولكنه لم يستطع حتى يتجنب إزعاجه، وهوإزعاج عاد بعد عشر سنوات للإعتذار عنه في رسالة شهيرة وجهها للأستاذ الألماني نُشرت بعد وفاته فقط، وقد حاول في إيطاليا أيضاً حتى يلتقي ب "باغانيني" ملهم الرومانتيكيين الكبار (شوبان، ليست، شومان)، ولكن هذا اللقاء تأجل بضع سنوات، والظاهر بأنه فقد في الأجواء الايطالية المتعصبة ملكة الإبداع،

لأنه لم يؤلف سوى أربعة أعمال صغيرة كان أهمها افتتاحية "روب_روي Rob-Roy" للأوركسترا. ومهما يكن، فإنه في أيار من عام 1832، وبعد اقل من عام ونصف قضاها في إيطاليا، بتر دراسته نهائياً وعاد إلى فرنسا ولديه رغبة جديدة في تقديم السيمفوني "فانتاستيك"، ولكنه قبل ذلك مضى إلى الشارع الذي كانت تقطن به "هارييت" قبل سفرها إلى هولندا، وعهد بأنها عادت إلى باريس، فخفق قلبه من حديث ولكنه لم يعهد كيف من الممكن أن يصل إليها ليدعوها للحفل الذي تقرر تقديم السيمفوني فانتاستيك فيه، تحت قيادته يومتسعة كانون الأول 1832.

وحدث قبل يومين تماماً من الحفل، حتى كان مع أحد أصدقائه الذين يعهدون سيرة حبه المعذب ل"هارييت"، فدخلا محلاً تجارياً ليشاهدا فيه أحد الصحفيين الذين كانوا يعملون لصالح فرقة المسرح الإنكليزي التي كانت "هارييت" تمثل فيه، فأخذ صديقه منه بطاقتين ومضى إلى الصحفي ونادىه إلى الحفل مع الممثلة الأولى للفرقة، وقبل الصحفي الذي كان يدعى "شوتر" الدعوة. وبعد يومين عندما صعد برليوز إلى المقصورة التي كان من المفروض حتى تجلس هارييت فيها، أصيب بالوجوم عندما رآها تحدق فيه وقد تذكرت (كما نطقت له فيما بعد) الشاب المجنون الذي قطن قبل سنوات في لقاءة منزلها ولم يكفَّ عن إزعاجها، أما هوفقد اضطرب للحظات ثم تذكر بأن عليه حتى يقود الأوركسترا العملاقة خلفه، التي عزفت السيمفوني "فانتاستيك" لأول مرة تحت قيادته أمام جمهور هجر فيه العمل تأثيراً كبيراً. واضطره لإعادة عزف حركات السيمفوني عدة مرات، خاصةً الحركة الرابعة "السير للإعدام" والخامسة "سبت السحرة".

وانتهى هذا كله إلى لقائه أخيراً بالمرأة التي ألهمته العمل الذي أصبح إنجيلاً لعدد كبير من أساتذة الموسيقى، ودرساً في التأليف الأوركسترالي لأن الكثير من الآلات التي استخدمها لم تكن تستعمل سابقاً في التأليف السيمفوني، كما حتى الموسيقى ذات البرنامج، التي عهدت معارضين كثيرين منذ حتى قدم بتهوفن سيمفونيته الريفية، شهدت هنا فجأةً ذروتها التي قادت إلى ظهور فن القصيد السيمفوني، بعد عقد من الزمن،

على يد "فرانز ليست". ولكن هذا النجاح، على الصعيد المهني، ارتبط بمتاعب لم يكن يتسقطها على الصعيد الاجتماعي، لأن ذويه استاءوا من علاقته التي نمت مع "الممثلة الانكليزية البروتستانتية" التي أعرب لهم أنه سيتزوجها ليكمل "دراماه السيمفونية التي أقسم قبل خمس سنوات على إتمامها." وزاد من متاعبه حتى "هارييت" سقطت ذات يوم وهي تنزل من عربتها فكسرت قدمها كسراً مضاعفاً سبب لها عرجاً خفيفاً طوال حياتها ومنعها من الظهور على المسرح نهائياً، فاضطر لدفع ديونها وجميع التزاماتها الأخرى، بحيث لم يبقَ معه في النهاية من ريع حفله الشهير، سوى ثلاثمائة فرانك عقد زقابل بها على "جوليا، أوفيلي" التي أحبها.

كان على برليوز بعد حتى عقد زقابل على "هارييت" حتى يحل مشاكله المالية التي بدأت بالتفاقم ولم يجد في النهاية حلاً سوى إعادة تقديم السيمفوني "فانتاستيك" التي كان جميع إعلان عن إعادة تقديمها، يجلب له مزيداً من الشهرة والناس إلى المسرح. ولكن هذا الأمر لم يكن ليستمر إلى ما لا نهاية. وحدث في نهاية عام 1833، بعد تقديم ناجح آخر للسيمفوني "فانتاستيك"، حتى اتىه (نيكولوباغانيني) الذي لم يكن يعهده سابقاً وربت على كتفه مهنئاً ثم عرض عليه حتى يخط له كونشرتوللفيولا والأوركسترا(6)، فاعتذر برليوز بأنه لا يستطيع كتابة كونشرتوللفيولا أوالكمان، لأنه لا يعهد شيئاً عن تكنيك الآلتين، وأضاف بأن الأستاذ الوحيد الجدير بتأليف كونشرتوللفيولا هوباغانيني ذاته؟؟

فلماذا يطلب منه ذلك؟. فأجاب باغانيني بأنه لا يريد حتى يؤلف شيئاً، وأنه منذ فترة هجر مهمة التأليف للموسيقيين الشباب، وأصر على حتى يقوم برليوز بالمهمة الصعبة، ووعده بأن يساعده فيها، ويضع ملاحظاته على العمل. اقتنع برليوز أخيراً وبدأ بكتابة الحركة الأولى، وعندما زاره باغانيني بعد فترة، اعترض بسرعة على الأسلوب الذي يعمل به، وبدا له بأن برليوز يخط عملاً للأوركسترا وليس للفيولا، ونطق له حتى الفيولا تصمت كثيراً وأن الأوركسترا تأخذ دورها، فأجابه برليوز بشيء من العصبية...

قلت لك منذ البداية، إذا كنت ترغب كونشرتوللفيولا فأنت الوحيد الذي يستطيع حتى يخطه..."، وانتهى الحوار بينهما إلى شيء من عدم الاتفاق وهوأمر لم يكن من الصعب على برليوز حتى يقوم به. ولكنه مع ذلك لم يتخلَّ عن إتمام عمله الذي بدأ يحظى بإعجابه وأراد، كما يقول، حتى يخط عملاً للأوركسترا مؤلفاً من مناظر تلعب فيه الفيولا دوراً درامياً مرافقاً. وحاول، بما كان يملكه من طبيعة الحال من مشاعر رومانتيكية، حتى يجعل من رحلاته التي قام بها في إيطاليا موضوعاً لعمله، وتخيل نفسه هنا بدور "شيلد هارولد" في عمل "بايرون" الشهير، فأطلق على "السيمفوني_ كونشرتو" للفيولا والأوركسترا إسم "هارولد في ايطاليا"، التي أصبحت ثاني أشهر أعماله الأوركسترالية بعد السيمفوني "فانتاستيك". نجح العمل نجاحاً كبيراً لدى تقديمه في صالة الكونسرفتوار عام 1834، ولكنه لم يحلّ له أزمته المالية، وعدا عن ذلك فقد أزعجه أسلوب قائد الأوركسترا الذي قدم العمل، وقرر بعد ذلك حتى يقدم جميع أعماله بنفسه،

وهوما جعله يصطدم فيما بعد مع "هابنك" الذي خشي على مركزه في دار الأوبرا وفي الكونسرفتوار. واتىه عام 1836 وزير الداخلية "دوجاسبارين" بعرض لتأليف ركويم (قداس للموتى) في ذكرى ضحايا ثورة عام 1830 على "شارل العاشر"، فوافق على الفكرة وانهمك بالعمل الذي قُدِّر له حتىقد يكون "أكبر" قداس للموتى في تاريخ الموسيقى، لأنه استخدم فيه أوركسترا عملاقة لم يستطع أحد بعده حتى يتجرأ ويخط عملاً لفرقة في حجمها. إلا حتى تقديم العمل في الإنفاليد عام 1837، ارتبط بمتاعب كبيرة خاصة بعد حتى هدد برليوز مدير مخط الوزير،

الذي حاول التملص من دفع تكاليف الحفل والفرقة، بفضيحة "لم تشهد فرنسا مثلها"، وخشي الوزير ومدير مخطه والعاملون في الوزارة، اللسان السليط والقلم الناقد الذي كان يجيد الكتابة على صفحات المجلات والصحف، فأسرعوا بدفع المبلغ الذي كانوا قد وعدوه به طالما نجاح العمل. وتقدم بعد ذلك إلى الكونسرفتوار ليشغل منصب أستاذ مادة الهارموني. إلا حتى "شيروبيني" اعترض على مؤهلاته، وذكره بأن أستاذ مادة الهارموني يجب حتى يجيد بالدرجة الأولى العزف على البيانو، فاعتذر برليوز عن المنصب لأنه لم يكن يجيد العزف على البيانو. وسمع بعد فترة حتى الكونسرفتوار اختار أستاذاً لمادة الهارموني، كان يجيد، كما يقول برليوز ذاته، "العزف على البيانوكما أجيده أنا"،

Cellini التي سقطت سقوطاً مريعاً وزادت من متاعبه المالية، واضطر هنا للعمل أميناً لمخطة الكونسرفتوار براتب متواضع جداً هومئة وثمانية عشر فرنكاً فرنسياً. ولذلك سعى مرة أخرى لإعادة تقديم السيمفوني "فانتاستيك" و"هارولد في ايطاليا"، وجرى تقديم العملين أمام باگانيني ذاته، الذي لم يكن قد انصت بعد إلى "هارولد"، والذي كان قد فقد صوته في ذلك الوقت. بعد انتهاء العزف، وعندما كان برليوز يحيي الجمهور من على منصة القيادة، صعد الأستاذ الإيطالي إليه وقبَّل يديه أمام الجمهور.

أعادت هذه الحركة الدرامية من الأستاذ الطاعن في السن والذي كان الجميع يعتبرونه أكبر أساتذة الكمان في جميع العصور ثقة الجمهور ببرليوز بعد فشل "بنفنتوشيلليني"، وتلقى بعد يومين من هذا الحفل رسالةً قصيرة ًمن "باگانيني" الذي أبدى شكه في "هارولد" قبل سنوات نطق له فيها: "بتهوفن بإمكانه حتى يعيش مجدداً في برليوز فقط... لذلك فمن واجبي حتى أساعدكم وأرجوحتى تقبلوا مني مساعدةً صغيرةً مقدارها عشرون ألف فرنك"... عندما قرأ برليوز الرسالة أصيب بالوجوم،

وأسرعت زوجته فأيقظت إبنها الصغير لويس لتفهمه النبأ السعيد "باگانيني تبرع لنا بمبلغ كبير من المال، لم نعد فقراء، يجب حتى نصلي للرب". وحاول برليوز بسرعة حتى يرد على جميل "باغانيني" فأسرع بكتابة عمل سيمفوني كبير مع جوقة ومغنين وأخذ إسم "السيمفوني الدراماتيكية" أو"روميووجوليت" وعمل جاهداً على إنهاء العمل بسرعة ليستمع إليه باغانيني.

ولكن الأستاذ الإيطالي توفي قبل أيام من تقديم السيمفوني عام 1840. وطلب منه، في العام نفسه، وزير الداخلية الجديد /دوريموسات/ تأليف عمل حديث في الذكرى العاشرة لضحايا ثورة عام 1830، فخط السيمفوني "الجنائزية الاحتفالية-Sympkonie Funebre et triomphale"، وقرر في العام نفسه أيضاً القيام بأول جولة في أوروبا لتقديم أعماله. فأصطدم هنا مع زوجته التي أصيبت كما يقول "بجنون الغيرة رغم أنه لم يكن لديها سبب لذلك"، وحاولت حتى تمنعه، بمختلف الأساليب، عن السفر وحيداً، لكنها لم تفلح. وانتهى شجارهما إلى ما يشبه الانفصال، لأنه لم يعد يتردد على المنزل بعد هذا الخلاف، وعاشا بعيدين عن بعضهما البعض حتى نهاية حياتهما.


منتصف العمر

Painting of Berlioz by Gustave Courbet, 1850. Owned by Musée d’Orsay in باريس (incorrectly shaded scan: colours faded)

وقام في السنوات التالية برحلات متعددة في أوروبا، وقدم في ألمانيا خمسة عشر حفلاً، والتقى ب"مندلسون" في لايبزيغ، واستغرب كيف من الممكن أن يعامل موسيقي كبير مثله العازفين المتعجرفين في فرقته برقّةٍ بدت له غايةً في التطرف، في لقاء الأسلوب القاسي الذي كان هويستعمله مع العازفين، والذي لامه "مندلسون" عليه بدوره. إلا حتى هذا لم يمنع الأستاذ الألماني عن تقديم أعماله في لايبزيگ بأسلوب أثنى عليه 1842.

وعندما مضى إلى درسدن، التقى ب"ڤاگنر" الذي لم يكن قد خط شيئاً بعد من أعماله الكبيرة، ولكنه انصت إلى أوبرا "الهولندي الطائر" وأعجب بها، أما فاجنر ذاته والذي أبدى إعجابه بأعمال الأستاذ الفرنسي، فلم يكن من الأشخاص الذين من الممكن حتى تقوم بينه وبين برليوز صداقة، خاصةً وأنهما كانا يشهجران بصفات واحدة تتعلق بخلقهما الشخصي وطبيعتهما القتالية. وعندما عاد أخيراً إلى باريس، كان قد هجر خلفه إسماً كبيراً في جميع أوروبا، وشجعه ذلك فعكف على تأليف عمل درامي تحت عنوان "لعنة فاوست - La Damnation de Faust"،

الذي قدمه على مسرح الأوبرا ـ الكوميدية في باريس عام 1846 وسقط سقوطاً مذهلاً، مما اضطره لأن يخط قائلاً: "لم أُصَبْ في حياتي الفنية كلها بجرح أعمق من هذا الذي سببته اللامبالاة التي استُقبل بها عملي". وعاد هنا ليعاني مجدداً من بعض المصاعب المالية، فقرر حتى يقوم برحلة إلى روسيا قُدِّر لها حتى تهجر أثراً كبيراً على تاريخ الموسيقى لأن أساتذة الموسيقى الروسية تأثروا بأعماله كثيراً، وخاصةً بمؤلفاته الأوركسترالية.


أعوامه الأخيرة

Last photograph of Berlioz, 1868


ونقلوا أسلوبه إلى أساتذة الجيل التالي من المؤلفين الروس، وبالذات إلى "ريمسكي كورساركوف" و"موسوورجسكي" الذي هجر تحت وسادته في المشفى الذي توفي به، مصنف برليوز الشهير "الموضوعات الكبرى في الآلات والاوركسترا الحديثة Le Grand Traite d’instrumentation et d’orchtration modernes". غير حتى النصر الذي حققه في روسيا والاستقبال الذي أستُقبل به في "موسكو" و"سانت بطرسبرج" لم يحلّ له مشاكله المالية. وفوجئ لدى عودته إلى فرنسا بوفاة والده، وكانت والدته قد توفيت قبل عشر سنوات، ثم توفيت شقيقته بالسرطان، وتبعتها أخيراً زوجته هارييت عام 1854 التي هجر موتها عليه أثراً كبيراً، وأنّبه ضميره حتى نهاية حياته، لأنه تخلى عنها بعد "الدراما" الكبيرة التي خلقها لنفسه بحبه لها،

وكانت هارييت قد فقدت الكثير من جمالها بتأثير الأمراض التي تكاثرت عليها بعد حتى كسرت قدمها، وعانت خلال عشر سنوات من نزوات زوجها الكثيرة، ومن ثورات غضبه التي لا ترحم، وأصيبت قبل وفاتها بالشلل وماتت لحسن حظها أولسوئه بين يديه في إحدى زياراته القصيرة لها. وأوفد إليه "ليست" رسالة تعزية بليغة، حزناً عليها، ثم نادىه إلى "فايمار" وأقام تكريماً له أسبوعاً لموسيقاه أسماه "أسبوع موسيقى برليوز 1855"، وقدم الإثنان بهذه المناسبة عمل "ليست" الجديد "كونشرتوالبيانووالأوركسترا من مقام مي بيمول الكبير(7)".

وانهمك خلال عام 1855 بإنهاء أوراتوريو"طفولة المسيح" وتزوج في الوقت نفسه من "ماريا ريتشيو" وهي مغنية سيئة كان قد تعهد عليها في وقت سابق، وانشغل في السنوات التالية بتأليف عملين دراميين كبيرين أولهما هوأوبرا "بياتريس وبندكت Beatrice et Benedict" التي قدمها في "بادن ـ بادن" عام 1862، بحضور عدد كبير من الموسيقيين والفنانين، وبقيت أفضل أعماله الدرامية، وثانيهما هوأوبرا "الطرواديون Les Troyens"، وهوعمل عملاق مؤلف من جزأين كبيرين(8)، عاق تقديمهما سويةً بعض الصعوبات الفنية والتكنيكية. وتوفيت في هذه الأثناء زوجته الثانية "ماريا ريتشيو" 1862، وأبلغه القائمون على المقبرة التي دفن فيها زوجته في أحد الأيام، بأن عليه حتى يقوم بنقل زوجته إلى مكان آخر، لأن المقبرة ستلغى، فمضى إلى المقبرة في يوم ماطر وطلب من أحد العمال حتى يقوم بإخراج هارييت أولاً،

Photograph of Berlioz by Nadar, January 1857

وأخطأ العامل هنا في أحد ضربات رفشه فأصاب التابوت الرطب بضربة قوية تناثرت على أثرها بقايا هارييت في وجهه ثم غرزت في الوحل، وأسرع أحد موظفي المحافظة الكبار فحاول إخراجه من المقبرة، ولكنه لم ينجح بذلك لأنه أصر على حتى يجمع عظام زوجته بنفسه، في مشهد مفزع، بدا فيه وكأنه أصيب بالجنون، ثم حمل العظام على ظهر عربة نقلته إلى مقبرة "مونمارتر" حيث أشرف على دفنها بنفسه وعاد إلى المنزل منهكاً، وبدأت صحته بالتردي بعد هذا الحادث. وأشتكى من حتى ابنه الوحيد "لويس" من زوجته الأولى لا يزوره أبدا، واتىته الصدمة الكبرى عام 1870 بوفاته ففقد شجاعته نهائياً وأصبح عدوانياً متشككاً، ثم فقد سمعه فأنتقل إلى "نيس" عام 1867 وفرض على نفسه وحدةً صارمةً قاسية، وعلى كلٍ، فإن أحداً لم يغامر بزيارته. وعانى في النهاية من آلام رهيبة في الرأس وأصيب أخيراً بالشلل نتيجة جلطة دماغية، وتوفي فيثمانية آذار 1869. يحكى بأن الجياد المربوطة على عربة الموتى التي نقلت برليوز في رحلته الأخيرة، جمحت في طريقها إلى مقبرة "مونتمارتر" حيث دفن.. نهاية شكسبيرية لبطل شكسبيري لم يكن باستطاعته حتى يتخيل لنفسه نهاية أفضل، ولنتذكر هنا نعش البطل المحمول في "ليلة سبت السحرة".


Berlioz as a conductor

Drawing of Berlioz conducting a choir by Gustave Doré, published in Journal pour rire, 27 June, 1850

يقول "رولاند دوكانديه" في كتابه الموسيقى... "أن هوجوودولاكروا وبرليوز هم ثالوث الرومانتيكية الفرنسية إذا كانت الرومانتيكية حالة تعبير عن الذات.. أما في فن السيمفوني فإن الفانتاستيك هي أكثر السيمفونيات رومانتيكية"... ولأن برليوز هوأكثر الفنانين ذاتيةً، فإن أعماله هي أكثر رومانتيكيةً، ومعظمها هوترجمة لسيرة حياته، ولنتذكر بأنه خط الفانتاستيك عندما أحب هارييت، "وهارولد" عندما عاد من إيطاليا، "وروميووجولييت" ويعتبر واحد من أكثر أعماله إشراقاً عندما كانت علاقته مع زوجته تمر بالأزمة التي أدت إلى انفصالهما فيما بعد. أما مؤلفاته الدرامية مثل "بنفنتوشيلليني" و"بياتريس وبندكت" التي انتُقِدَت كثيراً، فهي الأعمال الرومانتيكية الأولى في تاريخ المسرح الغنائي الفرنسي،

وتختلف عن الأعمال الأوركسترالية الواسعة بأنها أقل ذاتيةً من "الفانتاستيك" و"هارولد"، وأكثر دقةً وعنايةً فيما يتعلق بالتفاصيل التي لم يكن يوليها دائماً إهتمامه. وتقف أعماله الدينية الكبيرة مثل "الركويم Requiem" وأوراتوريو"طفولة المسيح" على طرفي نقيض من مؤلفاته الأوركسترالية والدرامية، لأنها مكتوبة بالتنطقيد الكاثوليكية القديمة، وهذا على الأقل فيما يتعلق بالركويم، ولكنه حتى في هذا المكان لم يستطع حتى يتخلص من مشاعره الرومانتيكية، لأن حجم الأوركسترا العملاقة التي استخدمها، وبالذات فرقة آلات النفخ النحاسية، تظهر اهتمامه بروح العمل أكثر من نفوس المؤمنين وأرواح الموتى الذي كان من الفروض حتى يخط لهم الركويم.

أما من الوجهة التكنيكية، فقد كان برليوز الأستاذ الأول للأوركسترا العملاقة الحديثة التي وجدت لنفسها امتداداً في أعمال "ماهلر" و"شوستاكوڤيتش"، ومن أعماله وُلِد جيل طويل من مؤلفي السيمفوني الرومانتيكية "ذات البرنامج" وتأثر به معاصروه وخاصةً "ليست" و"فاجنر"، وكان من تلامذته الروحيين "موسوورجسكي" و"رمسكي ـ كورساكوف".

ولم ينجُ من تأثيره فيما بعد "تشايكوفسكي" وأساتذة المدرسة الرومانتيكية المتأخرة وبالذات "ريتشارد شتراوس". أما في وطنه فرنسا فلم يجد مؤيدين له إلا بعد جيل أوجيلين من الزمن، لأن الفرنسيين لم يجدوا في نزعة الموسيقى الرومانتيكية القادمة من فيينا والشمال الألماني ما يرضي غرورهم، ومع ذلك فإنه من الخطأ حتى نعتبره إبناً للموسيقى الرومانتيكية الألمانية، لأنه كان أكثر أصالةً وتحرراً من حتى يرضي لنفسه هذا الشرف. كما أنه من الصعب حتى نحدد من هم الذين أثّروا في أفكاره الأولى (باغانيني، بتهوفن؟؟) تأثيرات طفيفة، لأنه كان من البداية إلى النهاية أستاذ ذاته، حتى حتى ما انتزعه من جميع الذين سبقوه لا يمثل أكثر مما لدى أديب كبير، تفهمه القراءة والكتابة في طفولته. أما الكونسرفتوار وأستاذيه "ريخا" و"لوسور"، فلم يضيفا إلى موهبته وأسلوبه أكثر مما تعمله امرأة جميلة عندما تطلي شفتيها بحمرة الشفاه لتبدوأكثر لمعاناً وإشراقاً.

وتبقى "الفانتاستيك" أعجوبةً في تاريخ فن السيمفوني لأن هذا العمل الكبير كان يُفترض، موسيقياً، حتىقد يكون أكثر إعداداً ونضجاً مما كان عندما ألفه، ومع ذلك فقد تجاوز بها الأعمال التي ألفها في السنوات التي نضج فيها فنه وأصبح فناً للفكر وليس للروح. وعلينا ألا ننسى في غمرة حديثنا عن الفانتاستيك مؤلفاته الأخرى التي يتضمن بعضها صفحات أكثر إشراقاً من الفانتاستيك ذاتها، مثل الحركة الرابعة في "هارولد في ايطاليا" وأوراتوريو"طفولة المسيح" والسيمفوني الدراماتيكية بطولها المرهق، والجميل، والتي يتنبأ فيها ب"ماهلر" وفن السيمفوني ذات الفصول، والافتتاحيات الأوركسترالية المتعددة مثل "القرصان، الملك لير، روب ـروي، الكارنفال الروماني"، إضافةً إلى مئات من الموضوعات النقدية، والأبحاث النظرية، التي تبين مقدرته في الكتابة للأوركسترا، ومعهدته الواسعة بمختلف الآلات، والاستطاعة الصوتية لكل آلة، حتى تلك التي لم يتفهم العزف عليها في طفولته.

برليوز، ليست، فاجنر، هم أساتذة الرومانتيكية الحديثة، جميع واحد منهم أصيل إلى أبعد الحدود، وكل واحد منهم أيضاً مبدع وصاحب مدرسة مستقلة، يجمعهم في النهاية شيء واحد، هوالسيرة الذاتية التي صنعت فنهم بطريقة يصعب فيها تميزه عن حياتهم،. وإذا كان ما يميز "ليست" في هذا المجال هوتفانيه في خدمة الآخرين، و"فاجنر" أنانيته المبالغ بها، فإن ما يميز برليوز هوأنه وضع لهما الدالة التي استخدمت فيما بعد إلى أقصاها في المجالين الفني والاجتماعي وعند جميع الرومانتيكين.


Legacy

Pencil drawing of Berlioz, by Alphonse Legros, c.1860


أعماله للمسرح

  • بنڤنتوشيليني Benvenuto Cellini" _ أوبرا باريس 1963.
  • لعنة فاوست La damnation de Faust" - عمل إلقائي قُدِّم للمرة الأولى على مسرح الأوبرا الكوميدية عام 1846.
  • الطرواديون- أوبرا عملاقة مؤلفة من قسمين، القسم الأول تحت عنوان "سقوط طروادة" وقُدِّم للمرة الأولى في "كارلسروهه" عام 1890،

والقسم الثاني تحت عنوان "الطرواديون في قرطاجة" وقدم على المسرح الغنائي في باريس عام 1863.

  • بياتريس وبندكت Beatrice et Benedict" أوبرا بادن - بادن 1862.

موسيقى دينية:

  • قداس الموتى (ركويم ) لصوت تينور وجوقة وفرقة عملاقة إضافةً إلى آلات النفخ النحاسية (باريس 1837).
  • "إلى الرب Te Deum" لصوت تينور وثلاث جوقات غنائية وأوركسترا كبيرة مع فرقة آلات نفخ نحاسية وأورغ.
  • أوراتوريور "طفولة السيد المسيح" _ ثلاثية دينية لأصوات منفردة وجوقة وأوركسترا.

موسيقى سيمفونية: 8 السيمفوني فانتاستيك.

  • السيمفوني الدراماتيكية (روميووجولييت).
  • هارولد في إيطاليا (لفيولا وأوركسترا).
  • السيمفونية الجنائزية الاحتفالية (لجوقة مع أوركسترا عملاقة وفرقة عسكرية).

إفتتاحيات أوركسترالية متعددة أهمها:

  • الملك لير.
  • الكارنفال الروماني.
  • القرصان.
  • فافيرلي.
  • روب ـ روي Rob – Roy.

أعمال أدبية ونقدية كبيرة:

  • المذكرات.
  • أمسيات الأوركسترا.
  • غرائب الموسيقى.
  • الموضوعات الكبرى في الآلات والاوركسترا الحديثة.

من أعماله

السمفونية الفانتازية, المهرجان الروماني , سيمفونية هارولد في ايطاليا عن بايرون , سيمفونية روميو وجولييت عن شكسبير , سيمفونية الموت والنصر التي ألفها لشهداء الثورة الفرنسية ، بالية لعنة فاوست عن غوتيه .

سيمفونية هارولد في ايطاليا (Harold in Italy )

الحركة الآولى:

تصور رولد وحيدا بين أحضان الطبيعة ، حيث الهدوء والسكينة ، فالسحب تتجمع وتتفرق ، والرياح الباردة تهب فوق الجبال الثلجية. وها هوهارولد يرتاد التلال والوديان ، يحس تارة بسعادة الحب والأمل ، وتارة يرزح تحت كاهل الحسرة والهجران .


تبدأ الحركة بموسيقى هادئة ، مشيدة على فكرة رومانتيكية ، تزداد حدتها عندما تصور لنا هارولد يتسلق القمم العالية . فالألحان تتصاعد رويدا رويدا حتى تبلغ شدتها ، وقد تبطىء وتخف حينما يشعر هارولد بالتعب والفتور . وقد نفاجأ في بعض الأحيان بنوطات قوية قصيرة ، وكأنها تحذر هارولد من ا لسقوط في الهاوية .

ثم يتبدل اللحن بآ خر يصف لنا تلبد السماء بالغيوم القاتمة التي تنذر بعاصفة هواتى ، تعقبها لحظات من الهدوء والطمأنينة ، تؤكدها لنا ألحان الفيولا بمرافقة الة الهارب في نوطات زخرفية وفي كوردات أربيجية ، تتنوع في المقامات المتقاربة والمتباعدة . وفي القسم الأخير من الحركة الأولى تراودنا نفس الجملة الموسيقية الهادئة الباسمة، التي تمثل الطمأنينة في أجمل صورها . وقد نحس في بعض مقاطعها بنوطات رهيبة تمثل قسوة القدر على الإنسان .

الحركة الثانية:

موسيقى تصف سير الحجاج متجهين نحوروما طلبا للتوبة والغفران. فيتحرك الموكب في خطوات هادئة كالنسيم، حيث تصور لنا آلة الكورنواقتراب القوم من الأفق البعيد. وهاهي القافلة تقترب، يتوسطها هارولد ، متكئا على عصاه . وتستمر القافلة ببتر المسافات الشائكة على إقدامها ، حتى يسدل الليل ستاره على صوت الموسيقى الهادىء الناعم .

وما أ ن تظهر خيوط الفجر حتى يترجل الحجاج من حديث صوب مكان البركات، نستمع فيه إلى محادثة موسيقى بين الفلوت والآلات الوترية ، وكأنها أناشيد صوفية تبعث في ا لنفس الرهبة والخشوع . وقد نلمس في نهاية الحركة نوطات زخرفية تؤديها آلة الفيولا بمصاحبة آلة الفلوت مصورة عودة القافلة مع هارولد ، بعد حتى قامت بتأدية الفريضة المقدسة .

الحركة الثالثة

هولحن خفيف ، مشيد على إيقاع ثلاثي راقص ، يصور فرح هارولد بعد عودته من روما . تبدأ الحركة بمناظرة موسيقية بهيجة ، بين آ لتي الكلارينيت والكونو، وما أ ن تنتهي المداعبة الفنية حتى نلمس لحنا حيويا آ خر ، مشيدا على إ يقاع رسيرة إيطالية تسمى ( الترنتيلا ) ، يليه فكرة هادئة تعزفها الفيولا بمصاحبة الشيلوفي نوطات خا فتة عميقة . ويستمر هذا الحوار حتى تنتهي الحركة بجملة متهادية تؤكد الغبطة والارتياح .

الحركة الرابعة

موسيقى سريعة صاخبة ، تمثل هارولد وقد ضل ا لطريق بين الاحراش والادغا ل . فتبدأ بجملة رهيبة تفصح عن الخطر المحدق بالمكان ، تعقبها نغمات هادئة تنفذها آلات ا لفيولنسل والكونترباص مصورة السكينة والانتظار . إلى غير ذلك تتنوع الأ لحان من اللين إ لى الصخب تمثل صراع الفنان بين سعادة الحياة ، من حب وصفاء ، وغضب وجفاء ، وتختم الحركة بألحان الفوز والفوز .

ها هي بعض من ا لتعبيرا ت ا للحنية في ا لقصيدة السيمفونية للموسيقار برليوز هكتور.


(1) حتى معظم المعلومات الواردة هنا مأخوذة عن مذكرات برليوز ذاته والتي نشرت في فرنسا عام 1870 بعد سنة واحدة من وفاته، وهي مذكرات قيمة جداً يصف فيها برليوز بكثير من النادىبة والسخرية حياته والعصر الذي عاش فيه. (2) مزق برليوز الخماسيتين بعد ذلك كما يذكر في مذكراته. (3) حتى الفصول التي يصف فيها برليوز في مذكراته أساتذة الكونسرفتوار ورجال الأكاديمية هي من أمتع ما خط في حياته من مؤلفات في المجال النقدي وأكثرها سخرية وقوة. (4) يقصد بالأستاذ "بيتهوفن". (5) يروي برليوز في مذكراته بأن بعض أساتذة الكونسرفتوار شاهدوا شيروبيني قبل الحفل وهويقف على باب الصالة، فسألوه قائلين "لن تحضر عمل السيد برليوز الجديد؟" فأجاب شيروبيني "لست بحاجة لأن أتفهم كيف من الممكن أن علي حتى لا أخط موسيقى". (6) كان باغانيني يملك فيولا من خلق الإيطالي الشهير "أنطونيوستراديفاري" (1644 – 1737)، ولهذه الآلة بالذات أراد حتى يؤلف برليوز كونشرتوللفيولا. (7) ليست على البيانوبرليوز قائد الاوركسترا؟؟. (8) قدم الجزء الثاني من هذا العمل في باريس عام 1863، أما الجزء الأول فلم يقدم حتى عام 1890.


أهم أعماله

  • لعنة فاوست الأبدية (مقتبسة عن سيرة للمحرر الألماني گوته)؛
  • السيمفونية الخيالية؛
  • قُداس الموتى الكبير؛
  • روميووجولييت (عن الرواية المشهورة للروائي المسرحي الإنكليزي وليام شكسبير)؛
  • طفولة المسيح؛
  • الطراوديون (نسبة إلى طراودة)؛
  • هارولد في إيطاليا (عن عمل للشاعر البريطاني لورد بايرون).

المصادر

http://www.doroob.com/?p=945

http://www.mudarris.com/show/cul_music/article.asp?cat=4&id=41 http://www.mudarris.com/show/cul_music/article.asp?cat=4&id=41 الشريف، زيد -أعلام الموسيقى الغربية، منشورات وزارة الثقافة- دمشق، 1994

  1. ^ Matthew B. Tepper
  2. ^ Internet Public Library
  3. ^ Cairns - Berlioz vol.1 p.542

وصلات خارجية

  • The Hector Berlioz Website Comprehensive Berlioz reference site, including scores, analysis and libretti
  • Association Nationale Hector Berlioz The French National Berlioz Society
  • Festival Berlioz Held in the birthplace of the famous classical composer Hector Berlioz, this festival commemorates the man and his work
  • The Complete Berlioz List of works by Berlioz @ UC Davis
  • The Berlioz Song Site Scores and texts of Berlioz songs for voice and piano
  • Free scores by Berlioz at the International Music Score Library Project
  • Berlioz cylinder recordings, from the Cylinder Preservation and Digitization Project at the University of California, Santa Barbara library
  • Completely Berlioz A forum and wealth of information
  • Berlioz's Percussion Repertoire, from Bell Percussion's Composer Repertoire resource
تاريخ النشر: 2020-06-07 13:19:53
التصنيفات: هكتور برليوز, موسيقيون عالميون, مؤلفون موسيقيون كلاسيكيون في القرن 19, People from Isère, French agnostics, French atheists, مؤلفون موسيقيون كلاسيكيون, مؤلفو اوبرا, مؤلفون موسيقيون فرنسيون, مواليد 1803, وفيات 1869, French opera librettists, قادة أوركسترا فرنسيون, French music critics, Opera critics, جائزة روما للتأليف الموسيقي, أعضاء شرف في الجمعية الفيلهارمونية الملكية, خريجو كونسرڤاتوار پاريس, مدفونون في مقبرة مونمارتر

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

إلغاء تسجيل 226 منصباً قيادياً في شركات كويتية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:10
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 98%

4 كتب لا تفوتها إذا أردت أن تصبح مليونيرا.. هذا ما ستتعلمه!

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:11
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 100%

السويداء ترفع سقف المطالب.. ودعوات لتظاهرات جديدة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:34
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 93%

الخلافات كثيرة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:38
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 96%

"ليست أرض أسلافهم".. ما مصير جنود فرنسا في النيجر؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:02
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 94%

"الزامل للصناعة" تعلن بلوغ خسائرها المتراكمة 28.2% من رأس المال

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:07
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 93%

البنتاغون يحاول استرضاء متمردي النيجر

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:40
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 93%

الدفاع الروسية: إسقاط مسيرتين أوكرانيتين فوق بريانسك وكورسك

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:25
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 86%

دعوة السعودية للانضمام إلى "بريكس".. من بحاجة ماسة للآخر؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:09:09
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 92%

دراسة: لا يوجد حل حقيقي للارتفاع الحاد في أعباء الدين العام

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:13
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 88%

نبني عالما جديدا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:40
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 95%

"سيرا القابضة" تعلن نية شركتها "لومي" طرح 30% من أسهمها للاكتتاب

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:59
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 93%

آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /27.08.2023/

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:24
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 100%

هل يوقف حاكم مصرف لبنان ويكبّل.. قاضية شهيرة توضح

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:58
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 87%

موسكو تغير على كييف بالصواريخ.. وحرب المسيرات تتواصل

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:08
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 98%

تمديد عقدين للغاز الحر في الكويت بنحو 33 مليون دولار

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:03
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 89%

قانون جديد في الكويت لتأسيس شركات إنشاء المدن الإسكانية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:58
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 100%

بقيمة 200 مليون يورو.. دولة أوروبية تقرر التخلص من النبيذ!

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:20
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 92%

الصين تواصل شراء أراض زراعية في أميركا.. بعضها في مواقع حساسة!

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:14
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 97%

إصابات بتحطم مروحية للجيش الأمريكي خلال تدريبات في أستراليا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:07:27
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 98%

"إس تي سي": "توال" تحصل على موافقات للاستحواذ على 3 شركات أبراج

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-27 09:08:06
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 90%

تحميل تطبيق المنصة العربية