محمد الشيخ المأمون بن أحمد

عودة للموسوعة

محمد الشيخ المأمون بن أحمد

محمد الشيخ المأمون
سلطان المغرب في فاس
العهد 1603 - 1608
1610 - 1613
تتويج ?
سبقه أحمد المنصور المضىي
Died 1020 هـ
العرائش
Full name
أبوعبد الله محمد الشيخ المأمون بن أحمد
الأسرة المالكة سلالة السعديين
الديانة الإسلام

أبوعبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ الملقب بالمأمون (توفي 1020 هـ) سلطان مغربي من السلالة السعدية، حكم فاس بين 1603-1608، بسلطة محلية فقط. هونجل أحمد المنصور المضىي وولي عهده، ومن أشقائه السلطان زيدان (خصمه) وأبوفارس عبد الله (حليفه). ثار على والده السلطان، وسلم العرائش للإسبان.

مسيرته

كانت أم محمد الشيخ تدعى الخيزران. بعد فوز والده في معركة وادي المخازن تربع على العرش، أصيب بعدها السلطان المنصور ب الحمى التيفية، وتبعا لاقتراح وزرائه ومستشاريه، عين ابنه الشيخ المأمون وليا للعهد وحاكما على فاس، في حفل البيعة الذي أقيم يوم 24 سبتمبر 1579م بمراكش، ولم يحضر الأمير المعني بالأمر، حيث كان متواجدا بفاس. وقد أدى هذا التعيين إلى ثورة ابن أخ المنصور الامير داود بن عبد المومن بن محمد المهدي الذي ساندته قبائل سكسيوة وهوزالة.

وَبعث السلطان لاحقا الباشا عزوز بن سعيد الوزكيتي ليَأْتِيه بولِي عَهده الشيخ المامون إلى حضور حفل للبيعة لإضفاء الطابع الرسمي على التعيين، فأقام معسكره بتامسنا لينتظر ابنه، في منتصف شهر مارس1581، وقدم المأمون في 1 يوليو1581 لحضور مراسم حلف اليمين وسط عرض عسكري. لكن في كلا الحفلين (1579 و1581) كان أشقاء المأمون حديثي عهد ولم يصلوا بعد إلى سن البلوغ، فكان على السلطان تكرار حلف اليمين في 2 نوفمبر 1584 بحضور جميع إخوته باستثناء زيدان، الذي أمره والده بعدم الحضور. فعين السلطان هؤلاء الأبناء على مختلف مناطق مملكته، أبي فارس على بلاد سوس؛ وأبوالحسن على مكناس وَمَا والاها، وزيدان على تادلة، وبعد مرور وقت من ذلك، جرى تبادل بين أبوالحسن وزيدان.

«وَحضر الْأَعْيَان وَأهل الْحل وَالْعقد وأحضر الْمُصحف الْكَرِيم الَّذِي هُوَ مصحف عقبَة بن نَافِع الفِهري رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ من ذخائر الْخُلَفَاء وأحضر السليمان لِلشَّيْخَيْنِ وَقُرِئَ ظهير الْبيعَة فَتَوَلّى قِرَاءَته الْكَاتِب أَبُوفَارس عبد الْعَزِيز الفشتالي وبجنبه القَاضِي أَبُوالْقَاسِم الشاطبي يُفَسر مَا أشكل من لفظ الظهير. وَلما أَخذ الْبيعَة أخر أَوْلَاده إِلَى غَد يَوْمهَا فَكَتَبُوا خطوطهم عَقبهَا بالموافقة على ذَلِك والالتزام لَهُ وَوَقع فِي رِسَالَة السُّلْطَان زَيْدَانَ لأبي زَكَرِيَّاء ابْن عبد الْمُنعم الإِمَام بِذكر هَذِه الْبيعَة فَقَالَ إِنِّي حضرت بيعَة مُحَمَّد الشَّيْخ صَاحب الْمغرب سامحه الله وَحضر أَوْلَاد السُّلْطَان فاستحلفهم لَهُ إِلَّا أَنا فَإِنَّهُ رَضِي الله عَنهُ قَالَ فلَان لَا يحلف لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِيمَا نأمره بِهِ ونعمله وَعظم ذَلِك على إخوتي وَظَهَرت فِي وُجُوههم لأَجله الْكَرَاهِيَة. الناصري، الاستقصا.»


ثورة الحاج قرقوش

في عهد السلطان أحمد المنصور قامت ثورة الحاج قرقوش المكناسي، وهي ثورة عنيفة شغلت بال أحمد المنصور المضىي وجهز جيوشا كبيرة لقمعها. وأسند السلطان أمر قمع هذه الثورة لولي العهد الشيخ المأمون، والقائد العسكري حموبجة، وكان القواد العسكريين، يرسمون الخطط الحربية لقمع الثورة من مدينة شفشاون ، واستمرت الحرب من أجل قمع ثورة قرقوش عدة شهور من سنة 996 هـ/1587م. واستطاعت جيوش أحمد المنصور بعد معارك طاحنة التغلب على قمع هذه الثورة التي كان من نتائجها حتى عهدت هذه المنطقة فترة حالكة من حياتها.

عصيانه وتمرده على والده السلطان

كانت للشيخ المأمون قوة عسكرية تعدادها اثنتان وعشرون ألفا، اهتم بها وأغدق عليها المال وكسا رجالها، فكسب ولائها، وأسرف في استعمالها في عداوته على الناس. فتدخل الفقهاء بالصلح بين ولي العهد ووالده في أحداث عديدة متعلقة بالسلطة، في معظمها ناشئة عن سوء سيرة ولي العهد وعن فسقه وفجوره وسوء تصرفه، حسب ما ذكر المؤرخ اليفرني:

«وَكَانَ فسيقا خَبِيث الطوية مُولَعا بالعبث بالصبيان مدمنا للخمر سفاكا للدماء غير مكترث بِأُمُور الدّين من الصَّلَاة وشرائطها وَلما ظهر فَسَاده وَبَان للنَّاس عواره نَهَاهُ وَزِير أَبِيه الْقَائِد أَبُوإِسْحَاق إِبْرَاهِيم السفياني عَن سوء عمله فَلم ينْتَه وَاسْتمرّ على قبح سيرته فَأَعَادَ عَلَيْهِ اللوم فلح فِي مذْهبه وَلما أَكثر عَلَيْهِ من التقريع سقَاهُ السم فَكَانَ فِيهِ حتف الْقَائِد الْمَذْكُور وَمِمَّا أنكر عَلَيْهِ أَنه قبض على كَاتب أَبِيه أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى وَهُوَ مؤلف كتاب الْمَمْدُود وَالْمَقْصُود من سناء السُّلْطَان الْمَنْصُور ووظف عَلَيْهِ أَمْوَالًا وابتزه ذخائره حَتَّى كَانَ مِمَّا أَخذ مِنْهُ ثَمَانُون حسكة ممضىَة...»

ولَمَّا كثرت الشكايات التي ترددت على أَبِيهِ، خط إِلَيْهِ محاولا زجره وكفَّه على أفعاله تلك، لكنه على ما يظهر لم يزده التحذير إِلَّا إغراء، فَلَمَّا رأى السلطان الْمَنْصُور أَن ابنه لم يكترث له، عزم على التَّوَجُّه إِلَى فاس بِقصد تأديبه ، فوصل الخبر إلى الشَّيْخ المأمون فجمع جيشه المكون من اثْنَيْنِ وَعشْرين ألفا، فزادهم في العطاء وكساهم كلهم الملف وَالْحَرِير. وعزم التوجه إلى تلمسان ليستجير بالعثمانيين، فَلَمَّا فهم السلطان بنية ابنه الذّهاب إِلَى تلمسان تراجع عَن الْخُرُوج من مراكش وَخط إِلَى ابنه الشَّيْخ يلاطفه ويأمره أَن لَا يعمل، وولاه سجلماسة ودرعة وتخلى لَهُ عَن خراجهما، جميع ذلك من أجل حتى يعود إلى طاعته ورشده، فتظاهر الشيخ بامْتِثَاله للْأَمر وَخرج متوجها إلى سجلماسة، لكن لم بيتعد في طريقه عَن فاس بِشَيْء يسير حَتَّى نَدم وَرجع إِلَيْهَا.

وفبعث إِلَيْهِ الْمَنْصُور أَعْيَان مراكش لينصحوه وفقهائها ليعظوه وخوفوه من سخط وَالِده وَحَذرُوهُ عَاقِبَة العقوق، فَرجع الْوَفْد إِلَى الْمَنْصُور وَقَالُوا لَهُ إِنَّه قد تَابَ وَحسنت حَاله. ويروي المؤرخون أنه في سنة 1007هـ بعث السلطان لولده المأمون بفاس هدية من مراكش فيها تحف وأموال عريضة من بينها فيلة صغيرة، فخرج للقاء ذلك أهل فاس بنحومائة ألف شخص، وسميت هذه السنة بالمغرب بعام الفيل. لكن الْمَنْصُور لم يطمئن لقَولهم، فصمم على الْمَكْر بابنه الشيخ، فَخط إِلَيْهِ في جُمَادَى الأولى 1011 هـ رسالة طَويلة كي يباغته على غَفلَة.

فبعث الْمَنْصُور إِلَى وَلَده زَيْدَانَ يَأْمُرهُ أَن يُرْسل مائَة من الفرسان على طَرِيق تاقبلات من أجل بتر الطريق على أي من وجدوه قَاصِدا للغرب من نَاحيَة مراكش، وَأرْسل مَوْلَاهُ مَسْعُود الدوري على طَرِيق سلا يعمل مثل ذَلِك وَخرج الْمَنْصُور من مراكش فِي جيش مكون من 12.000 أَوَائِل جُمَادَى الأولى 1011 هـ، فأحاط بفاس وفر ابنه إِلَى زَاوِيَة الشَّيْخ الصَّالح أبي الشتَاء من بِلَاد فشتالة قرب نهر ورغة. فَبعث إِلَيْهِ الباشا جودار مَعَ الْقَائِد مَنْصُور النبيلي، فاقتتلوا وقبضوا عَلَيْهِ وَأتوا بِهِ إِلَى الْمَنْصُور فَأمر بسجنه في مكناسة.

وبعثت الخيزران، وهي أم الشَّيْخ، إِلَى أَعْيَان مراكش ترغبهم في الشفاعة لولدها عِنْد أَبِيه. فوافق السلطان على ارسالهم إِلَى مكناسة ليختبروه وينظروا هَل تاب عن أفكاره، ويروي الناصري عن تقرير تلك البعثة: «فَلَمَّا أَتَوْهُ وجدوه أَخبث مِمَّا تَرَكُوهُ وعاينوا مِنْهُ من القبائح مَا يقصر عَن وَصفه اللِّسَان فَلَمَّا جَلَسُوا إِلَيْهِ فِي محبسه لم يسألهم إِلَّا عَن أَصْحَاب بطانته وقرناء السوء من أهل غيه وَلم يظْهر الأسف إِلَّا على تِلْكَ الْعِصَابَة ورآهم أهل الْإِصَابَة». فنطق لهم الْمَنْصُور افتوني فِي أَمر هَذَا الْوَلَد فَلم يجبهُ أحد إِلَّا الباشا عبد الْعَزِيز بن سعيد الوزكيتي الذي نصحه بقتله لأنه لَا ينجبر أمره وَلَا يُرْجَى صَلَاحه وَقد رَأَيْت مَا صنع، لكن المنصور فضل زيادة التضييق على الشَّيْخ في السجن. واستخلف ابنه زيدان على فاس وأعمالها.

اطلاق سراحه

بعد وفات السلطان أحمد المنصور، والىالفقهاء والأعيان المولى زيدان، لكنه قبل إعلان وفات والده كتم موته وبعث بجماعة للقبض على أخيه الشيخ المأمون المسجون بمكناس، فحافول منعهم من ذلك الباشا جودار، كبير قادة الفرع الأندلسي في الجيش المغربي، فنقل الشيخ المأمون موثقا إلى مراكش إِلَى أخوه الشقيق أبي فَارس.

ولما بَايع أهل مراكش أَبَا فَارس بن الْمَنْصُور جهز جَيْشًا كبيرا لقتال زيدان، وعلى رأس الجيش ولده عبد الْملك، لكن مستشاريه نبهوه بأن زيدان رجل خبير بالحرب وخدعها، وعبد الْملك لَا يقدر عليه، فنصحوه بإطلاق سراح الشَّيْخ المأمون لقتال زيدان، خصوصا وأن أهل الغرب لن يقاتلون الشيخ لِأَنَّهُ كَانَ خَليفَة عَلَيْهِم مُدَّة فهم آنس بِهِ من زَيْدَانَ. فأطلق أبوفارس أخاه الْمَأْمُون من السجْن وأخذ عليه العهود والمواثيق على النصح والطاعة. فأوفده على رأس 600 جندي لمحلة جودار على وادي أم الرّبيع، ولَمَّا فهم النَّاس بِالشيخ المأمون اسْتَبْشَرُوا بقدومه وانظموا في صفه، ثمَّ التقى بجيش السُّلْطَان زَيْدَانَ ففر عَن صفوف زَيْدَانَ أَكثر جَيْشه إِلَى الْمَأْمُون، فانهزم زيدان ورجع إلى فاس فتحصن بهَا.

وكان أبوفارس قد خطط مع قيادة جيشه أنه بعد انهزام زيدان، أمرهم بالْقَبْض على الشَّيْخ المأمون، لكنه الشَّيْخ امْتنع على أَصْحَاب أبي فَارس فبعد حتى انْضَمَّ إِلَيْهِ من جَيش أهل الغرب، فَلم يقدروا عليه، فانتعش أمره واشتدت شوكته فسَار إِلَى فاس وراء أثر السُّلْطَان زَيْدَانَ. وَلما وصل زيدان خبر مَجِيئه إِلَيْهِ طالب من أهل فاس الْقيام مَعَه والذب عَن، لكنهم امتنعوا وأعربوا بنصر الشَّيْخ وبيعته، فخرج زيدان من فاس إِلَى وجدة، لطلب المعونة من الأتراك بتلمسان. واستقبل أهل فاس الشَّيْخ بالْفَرح بمقدمه فَدَخلَهَا وأَمر جَيش أهل مراكش أَن يرجِعوا إِلَى بِلَادهمْ.

ولما انفرد بالسلطة دَعَا بالفقيهين قَاضِي الْجَمَاعَة أبي الْقَاسِم بن أبي النَّعيم ومفتيها أبي عبد الله مُحَمَّد بن قَاسم الْقصار ليلومهم على مبايعة زيدان وقولهما فيه وفي أخيه أبي فَارس إذا أولاد الإماء لا يتقدمون في الأمر على أولاد الحرائر، حيث كانت الخيزران أم أَبُوفَارس وَالشَّيْخ، بينما كانت أم زيدان امرأة حرَّة من قبيلة الشبانات، فعزم أَن ينتقم منهما فبعث بهما مَعَ جَيش مراكش إِلَى أَخِيه أبي فَارس ليرى فيهمَا رَأْيه، فتوفي الشَّيْخ الْقصار على مقربة من مراكش، وَأما القَاضِي أَبُوالْقَاسِم فَاجْتمع بِأبي فَارس فَقبل عذره وصفح عَنهُ.


محاولة السيطرة على مراكش

استلف الشَّيْخ المأمون على تجار فاس مَالا كثيرا، وتتبع قواد أبيه فنهب أموالهم، فجهز به جيشا لقتال أخيه أبي فارس بمراكش، وبلغ عدد الجيش 8000 آلَاف، على رأسه ولده عبد الله، فَتوجه لمراكش، فوجد أبا فارس بمحلة، فانهزم أبي فَارس ونهبت محلته وفر إِلَى مسفيوة، وَدخل عبد الله بن الشَّيْخ مراكش في 20 شعبان 1015 هـ، فأباحها لجيشه فنهبت واستبيحت، ويروي الناصري أنه زنى بِجوَارِي جده الْمَنْصُور وأكل رمضان وشرب الخمر فيه جهارا .

وبعد سلسلة من الجولات على مراكش، خسر ابنه الجولة الثالة أمام السُّلْطَان زَيْدَانَ، فانضم إلى زيدان جَيش عبد الله من أهل فاس، فاستفحل أَمر السُّلْطَان زَيْدَانَ وَتحدث بِهِ أهل فاس وَسَائِر بِلَاد الغرب، فشعر الشيخ المأمون بالخوف وتوجه إلى نَاحيَة العرائش فاحتل القصر الكبير. ولحق به ابنه عبد الله مهزوما وانضم إليهما أبوفارس. فأوفد زيدان كبير قادة جيشه مصطفى باشا إلى ناحية القصر الكبير للقبض على الشَّيْخ وحزبه، ففر الشيخ سنة 1017 هـ إلى العرائش ومنها إلى إسبانيا، طالبا النجدة من ملكها فيليب الثالث، وحمل معه أمه الخيزران وبطانته.

تسليم العرائش للإسبان

رفض الملك الإسباني حتى يمده بيد العون، فاقترح الشَّيْخ عليه أَن يتْرك عِنْده أَوْلَاده رهينة ويعينه بالمال والرجال، فاشترط عليه أَن يخلي له مدينة العرائش من المسلمين ويملكه إِيَّاهَا فقبل الشَّيْخ ذلك وَالْتَزَمَهُ ورجع للمغرب سنة 1018 هـ. ولما سمع ذَلِك أعيان أهل فاس خَافُوا منه وَمضىوا لملاقاته وتهنئته فأمر قبطان الإسبان بإخراج المدافع إظهارا لقوة النَّصَارَى الَّذين استنصر بهم ، فأَمرهم الشَّيْخ بِالْقيامِ لَقبطان الإسبان فَقَامُوا إِلَيْهِ شاكرين على مَا عمل مَعَ الشَّيْخ من الْإِحْسَان والنصرة وَسلم عَلَيْهِم بِنَزْع قلنسوته. فأنكر النَّاس على أولئك الأعيان قيامهم للإسباني، فعند رجوعهم إِلَى فاس تعرض لَهُم عرب الحياينة فسلبوهم وَأخذُوا مَا مَعَهم وجردوهم من ملابسهم . صادفت الأيام القليلة السابقة لتسليم مرسى العرائش اتخاذ الإسبان قرار الطرد النهائي في حق الموريسكيين في الوقت الذي كان ما زال فيه الشيخ المأمون موجودا في إسبانيا. وكانت تحوم الإسبان شكوك حول الكيفية التي سيستقبل بها عبد الله ابن المأمون قرار تسليم العرائش. وطرح الساسة الإسبان جدوى تقديم إحدى المسألتين، الطرد أولا ثم الاحتلال أم العكس، وحسم الأمر في مجلس الدولة المنعقد في 26 ديسمر 1609. وبعد اتننطق الشَّيْخ إِلَى الْقصر الْكَبِير أقام به مدة، وكان عليه تسليم العرائش ليفي لَهُ ملك إسبانيا بوعده، لكن امْتنعَ النَّاس من إسعافه ومساعدته فِي هذا الأمر. فلم يستجب لهذه المهمة سوى قائده الكرني، فبعثه الشَّيْخ إِلَيْهَا وَأمره أَن يخليها وَلَا يدع بهَا أحدا من الْمُسلمين، فامتنع أهلها من الْجلاء، فَقتل مِنْهُم جمَاعَة وَخرج الْبَاقُونَ مكرهين. فأَقَامَ بهَا الْقَائِد الكرني إِلَى أَن دَخلهَا النَّصَارَى واستولوا عَلَيْهَا فِي أربعة رمضان 1019 هـ / 20 نوفمبر 1610.

فاجتمع الفقهاء في فاس وأعربوا الجهاد لاسترجاع مرسى العرائش، لكن لم يكتمل لهم الأمر. ومن الذين استغلوا هذه الحادثة، ابن أبي محلي، الذي كان يشغل عاملا عند زيدان على منطقة سجلماسة، فتمرد على السلطان. وفي جهة أخرى، توجه المجاهد محمد العياشي، الذي كان يقاتل البرتغاليين في مازاغان وسلا، لاسترجاع العرائش من الإسبان، بعد حتى أفتى أبوحامد محمد العربي بن الشيخ أبي المحاسن بوجوب الجهاد لطرد الأجانب من الثغور؛ ولومع عدم وجود الإمام؛ تأيدا للمجاهد العياشي. ومما ورد في هذه الفتوى الطويلة قوله: «ولا يتوهم متوهم حتى هجر مدائن المسلمين في أيدي الكفرة يشير على عدم الوجوب؛ لأن ذلك من تقصير الملوك. وهم بذلك في محل عصيان، لا في محل الاقتداء بهم والاستنان. ولا فرق في الحكم بين ما أدركنا زمن أخذه كالعرائش والمعمورة (…) وبين ما لم ندركه كسبتة وطنجة؛ لأن الوجوب متعلق بالمسلمين لا بقيد زمان ولا مكان». فقتل من الاسبان نحوالآلف، وفر الباقون منه.

مقتله

بعد تدمر وسخط أهل تطوان ونواحيها من أفعال الشيخ المأمون، اجتمع أعيان القوم ومنهم المقدم محمد الصغير بوالليف والمقدم أحمد النقسيس وغيرهم، وتآمروا على اغتال الشيخ وأتباعه، فبدأوبالقائد حموبودبيرة وإخوانه، وسبوا أموالهم، وأصبح المقدم أبوالليف على المحلة فقتل السلطان الشيخ المأمون في وسط محلته فانتهبت تلك المحلة وتفرقت جموعه. وقتل في محل يعهد بفج الفرس يوم الثلاثاء 26 رجب 1022هـ 13 وبقيت جثتة الشيخ مطروحة مكشوف العورة خمسة أيام والناس يترددون عليه لمشاهدته على تلك الحال، حتى خرج جماعة من أهل تطوان فحملوه مع من اغتال معه ودفنوهم خارج تطوان إلى حتى حُمل الشيخ إلى فاس الجديد مع أمه الخيزران فدفنا به.

المصادر

  1. ^ نزهة الحادي. ص 261 وما بعدها.
  2. ^ الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، جزء 5، ص 116.
  3. ^ الشيخ القاضي أبوعبد الله ابن عرضون دعوة الحق 182 العدد Archived 2 February 2014[Date mismatch] at the Wayback Machine.
  4. ^ الاستقصا، ج 5، ص 169
  5. ^ شيخ الإسلام عبد القادر الفاسي مركز الأشعري Archivedستة July 2017[Date mismatch] at the Wayback Machine.
  6. ^ الاستقصا، جستة ص 6.
  7. ^ GOBERNADORES DE LARACHE, 1610-1689 tercios.org
  8. ^ قضية العرائش، العدد 27، ص 196
  9. ^ تاريخ تطوان: تسليم العرائش للإسبانيين. Archived 22 August 2016[Date mismatch] at the Wayback Machine.


وصلات خارجية

  • History of Morocco
سبقه
أحمد المنصور المضىي
الأسرة السعدية
1603–1608
تبعه
عبد الله الثاني


تاريخ النشر: 2020-06-07 21:48:17
التصنيفات: Webarchive template wayback links, Webarchive template warnings, Portal templates with redlinked portals, مغاربة من القرن 17, أشخاص من فاس, حكام فاس, سعديون, سلاطين المغرب, وفيات 1621, أولياء عهد المغرب

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مكسيم خليل يتعاقد على «ابتسم أيها الجنرال» لموسم رمضان 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:32
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

توقيع بروتوكول تعاون بين المركز القومي الترجمة وجامعة الأزهر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:50
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

«النيماتودا».. آفة تُهدد بنقص المحاصيل وتحذيرات من انتشارها

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:29
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 68%

مصر تشارك بالمؤتمر الإقليمي للطاقة في الأردن

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:46
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

إيداع طفل قتل والده في المطرية بمستشفى الأمراض العقلية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:25
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 54%

تقرير فرنسي يكشف أسرار جديدة عن الفراعنة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:39
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 59%

اقتراح برلماني بإطلاق تطبيق خاص بقمة المناخ «cop 27»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:41
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 54%

تحرير 278 محضرا لعدم الالتزام بتوريد القمح في البحيرة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:22
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

كيف رأى ذوي الهمم قانون صندوق دعم قادرون باختلاف الجديد؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:28
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 59%

بمناسبة ذكرى وفاته.. محطات في حياة الشاعر اللبناني خليل مطران

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:49
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

احتفاء باليوم العالمي.. انطلاق حملة لا للتدخين في دمياط

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:23
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 51%

«المهندسين» تعقد ثانى لقاءاتها استعدادًا للمشاركة فى الحوار الوطنى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:42
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 59%

2927 مخالفة عدم تركيب الملصق الإلكتروني.. اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:26
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

أحمد صيام: العمل مع عادل إمام كان حلمًا.. «فيديو»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:32
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

اليوم.. 4 أفلام أجنبية جديدة تنضم إلى دور العرض المصرية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:33
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

روسيا تكمل اختبار صاروخ «تسيركون» الأسرع من الصوت

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:39
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

1867 مخالفة لقائدي الدراجات لعدم ارتداء الخوذة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:26
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 54%

بلغ 11 مليار دولار.. «العراق» تعلن إيرادات بيع النفط خلال شهر مايو

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:37
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 52%

تحرك برلمانى بشأن سياسة الحكومة لمواجهة ظاهرة هجرة الأطباء للخارج

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-01 12:21:42
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية