قانون اللقاءة
قانون اللقاءة (30 أغسطس 1871 ) وعن طريقه تمت جباية 13 مليون جنيه.
في سنة 1870 نشبت الحرب بين فرنسا وألمانيا، وهي الحرب المشهورة بالحرب السبعينية، فاضطربت الأسواق في أوربا، وقبضت البيوت المالية يدها علي الإقراض، وكان الخديوي في حاجة إلي المال، فعمل وزير ماليته إلي زيادة الضرائب، ولكن هذا المعين لم يفي بطلباته ، فأبتدع المفتش كيفية تعد بمنزلة قرض إجباري يجئ من الأهالي، أوضريبة جديدة تفرض علي أطيانهم وصدر بها القانون المشهور بلائحة اللقاءة في 30 أغسطس 1871.
يقضى هذا القانون بأنه إذا دفع ملاك الأطيان الضرائب المربوطة على أطيانهم لمدة ست سنوات مقدما تعفى الحكومة أطيانهم على الدوام من نصف المربوط عليها (مادة 3), ولكي يحصلوا على هذه الميزة يدفعون ضرائب السنوات الست دفعه واحدة أوعلى أقساط متتابعة لا تزيد مدتها عن ست سنوات, علاوة على الضريبة السنوية ،وتحسب لهم فوائد عما يدفعونه مقدما بواقع 8.5 % (المادة4).
وأساس هذا المشروع على حسبان إسماعيل صديق حتى الدين العام يبلغ ضعف الضرائب العقارية عن ست سنوات, فإذا دفع الأهالي الضرائب مضاعفه على هذه السنوات الست, سدد الدين كله, وفى لقاء ذلك تعفيهم الحكومة إلى الأبد من نصف الضريبة المربوط على أطيانهم وتعهدت الحكومة في هذا القانون (المادة ثلاثة والمادة 20) بان من يدفعون اللقاءة لا يزاد ثمن الضر يبه على أطيانهم في الاستقبال ،ولا يجوز مطالبتهم بسلفه ولومؤقتة, وقضت المادة 29 بأنه لا يجوز لناظر المالية بعد الحصول على المبالغ المطلوبة إصدار سندات على الخزانة أواستدانت ديون جديده ،ولا تجوز المطالبة بسلف مؤقتة ولوتحت تأثير قوه قاهره كإشراق أوإغراق الأبعد التصديق على ذلك من مجلس النواب (مادة 38), وحتمت المادة 43 حتى تخصص المبالغ المدفوعة من اللقاءة لسداد ديون الحكومة. جعل هذا القانون دفع اللقاءة اختياريا, ولكن الحكومة لجأت في تطبيقه إلى التوريط بالنسبة للباشوات وكبار الأعيان, وإلى الضغط والإكراه والضرب بالكرباج بالنسبة لسائر الأهليين, ولولا الإكراه لما ارتضى الناس المخاطرة بأموالهم, لأنهم يفهمون مبلغ عهود الحكومة, وخاصة في المسائل المالية ، فهم لم يدفعوا اللقاءة إلا مكرهين, فكانت ضريبة جديده أوسلفة إجبارية زادتهم إرهاقا وضنكا.
وقد استطاعت الحكومة حتى تجنى من هذه الضريبة خمسة ملاين من الجنيهات لغاية آخر سنة 1871, وبلغ مجموع ما جبته منها نيفا وثلاثة عشر مليون جنيه ونصفا لغاية سنة 1879 . وغنى عن البيان انه لم يدفع شئ من هذه الملاين في الدين العام, ثابتا كان أوسائرا ،بل ابتلعتها هوية الإسراف التي ابتلعت القروض الأخرى ، وعلاوة على ذلك فإن وزير المالية نقض عهده الذي أعربه في الوقائع المصرية ووعد فيه بامتناع الحكومة عن إخراج بونات (سندات)علي الخزانة ،فانه رغم هذا العهد اصدر إفادات مالية استدان بها عدت ملاين أخري بلغت اثني عشر مليون جنيه, كما يقدرها مؤلف (تاريخ مصر المالي ), ونقضت الحكومة عهدها أيضا فزادت الضرائب على ذات الأطيان التي دفعت اللقاءة . وقد وقف العمل بقانون اللقاءة مؤقتا بالمرسوم الصدر بتوحيد الديون (7 مايو1876) ووعدت الحكومة برد المبالغ التي حصلت من أصحاب الأطيان أوتخفيض الضريبة عنه تخفيضا يناسب قيمة هذه المبالغ ،علي حتى مرسوم 18 نوفمبر 1876 أعاد العمل باللقاءة, واحتسبها ضمن إيرادات الحكومة ، وخصصها لاستهلاك الدين العام.
كانت " اللقاءة" طريقة معوجة في الاستدانة ، لأنه معلوم حتى معظم إيرادات الحكومة السنوية في بلاد زراعية كمصر تجني من الضرائب على الأطيان ، فإنقاص نصف المربوط من الضرائب إلي الأبد في لقاء سداد ضعف الضريبة مقدماً عن ست سنوات يؤدي إلي نضوب معين المال بعد انتهاء السنوات الست ، وهذا يسقط الحكومة في الضيق المالي الشديد ، وليس من القواعد الاقتصادية السليمة تقيد الحكومة بعدم زيادة ثمن الضريبة ، لأن الضرائب تتبع الحالة المالية العامة، فتزيد وتنقص بحسب تطور الأحوال، هذا فضلاً عن حتى الحكمة التي تذرعت بها الحكومة إلي وضع قانون اللقاءة وهي وفاء الدين العام لم تتحقق البتة ولم يسدد شئ من هذا الدين ، بل زاد عما كان علية ، فكأن اللقاءة كانت وسيلة لاقتناص الأموال من الأهليين وتبديدها.
وقد ألغيت هذه الضريبة بمقتضى المرسوم الذي أصدره الخديوي توفيق باشا فيستة يناير 1880 وقضى قانون التصفية الصادر في 17 يولية 1880 بأن ما دفع منها يخصم منه ما عساهقد يكون مطلوباً للحكومة من متأخرات الأموال أوالديون أوغيرها ، والباقي يرد إلي أصحابه مقسطاً على خمسين سنة، وخصص لهذه الأقساط جميع سنة 150.000 جنيه
انظر: ديون اسماعيل
مراجع
- عبد الرحمن الرافعي (عصر اسماعيل)
- أحمد الحتة (تاريخ مصر الإقتصادي)
- جمال حمدان (عبقرية مصر)