حكواتي

الحكواتي أوالراوي، شخصية شعبية يتذكرها الكبار ويتذكرون معها زمناً جميلاً أكثر يسراً وراحة بال من زمننا هذا الذي أصبحت فيه الشاشة الصغيرة (التلفزيون) في المنازل والمحلات والمقاهي بمثابة حكواتي آلي على مدار اليوم، لا يتفاعل معه المتلقي الا وفقاً لما يقدمه له من مادة كلامية صوتاً وصورة، عبر الأثير الفضائي. فيما الحكواتي الإنسان الذي كان يحتشد حوله الناس في المقاهي قديماً، كان لا يكتفي بسرد أحداث السيرة بتفاعل دائم مع جمهوره، بل يدفعه الحماس لأن يجسد دور الشخصية التي يحكي عنها بالحركة والصوت. وما يميز حكواتي الأمس في مقاهي مدينة دمشق أيضاً تلك النفحة من القيم والفضائل التي كانت تتسم بها شخصيات رواياته، وكانت تغذي نفوس المتلقين وعقولهم ولا سيما الشباب منهم، على عكس ما تضخه في أيامنا هذه المحطات الفضائية ومقاهي الإنترنت من عادات غريبة ومنفّرة. والحكواتي شخصية واحدة جسدها كثيرون على مر عقود من الزمن، وهي مهنة عهدتها بلاد الشام منذ مطلع القرن التاسع عشر، وحظيت بشعبية كبيرة جعلتها جزءاً من التراث الشعبي في هذه البلاد واشتهرت مدينة دمشق شهرة كبيرة بالحكواتي فلا يوجد مقهى من مقاهي مدينة دمشق التراثية قديما الا وبه حكواتي حيث أصبح الحكواتي من التراث الشعبي السوري في مدينة دمشق وتاريخها العريق وارتبطت حكايات الحكواتي مع زائري دمشق حيث كانوا يقصدون المقاهي المنتشرة في المدينة للاستماع للحكواتي وقصص الزير سالم وهذا الملك وذاك القائد والظاهر بيبرس والف ليلة وليلة وعنتره روايات وروايات.

شهرة الحكواتي في بلاد الشام

لم تقتصر شهرة الحكواتي على مدينة دمشق بل كذلك في مدن أخرى في بلاد الشام للحكواتي شهرته في حلب وحمص ومدينة صيدا لها حكاية من الحكواتي في المقاهي ويقول الباحث في التراث الدكتور طلال مجذوب ان الحكواتي مهنة أوحرفة انتهت بانتفاء الحاجة إليها. فهي كانت وسيلة تسلية جماعية وفي الوقت نفسه وسيلة تثقيف وترسيخ للقيم والأخلاق التي تحلى بها أبطال القصص والروايات التي كان يسردها الحكواتي، وهذه الحكايات والقصص ولوكانت غير واقعية. ويضيف: عهدت مدينة صيدا خمسة حكواتية على مدى قرن ونصف قرن من الزمان، كان أولهم من مدينة حلب الحاج محمد الشقلي الحلبي. اتى إلى صيدا وأقام فيها ابتداء من العام 1837 وكان أول حكواتي في المدينة. وهناك أيضاً الحاج عبد الرحمن الحكواتي. وبعدهما اتى ثلاثة مارسوا هذه المهنة كان آخرهم الحاج إبراهيم الحكواتي الذي توفي سنة 1981 أي قبل 26سنة ,ويشير مجذوب إلى حتى عائلة الحكواتي الموجودة حالياً في صيدا أصلها عائلة السروجي، وأن فرعاً من هذه العائلة اتخذ اسم الحكواتي بعدما عمل أحد أفرادها حكواتياً.


عمل وشخصية الحكواتي

وعن شخصية الحكواتي وعمله يقول: عمل الحكواتي كان يهجرز في المقاهي الشعبية، ونذكر منها أشهر مقهيين في صيدا "قهوة الاجاز" و"قهوة الخيرية" وهذه الأخيرة كانت تابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا. كان عمل الحكواتي يمتد يومياً على فترتين:

  • بين صلاتي المغرب والعشاء وهي فترة قصيرة لا تزيد على الساعة،
  • وبعد صلاة العشاء وتمتد أحياناً حتى ساعات الفجر الأولى.

فيقف الحكواتي مستعيناً بكتاب يصطحبه معه بشكل دائم، ويبدأ سرد الرواية أوالحكاية التي غالباً ما تكون عن شخصية تاريخية، وتدور جميعها عن البطولة والشجاعة والشرف والمروءة ونصرة المظلوم. وفي نهاية جميع حكاية لا بد وأن ينتصر الخير الذي يمثله بطل الرواية. ويبقي الحكواتي جمهوره في تشوق دائم لفهم وقائع السيرة أولاً بأول، واذا ما طالت الحكاية لليال وأيام، فانه كان يحرص على حتى تنتهي أحداث السيرة جميع ليلة بموقف متأزم والبطل في مأزق حتى يحمّس المتلقي ويجعله متشوقاً لسماع بقية الأحداث وكيف سيخلص البطل نفسه من المأزق. وما يزيد في الحماسة والتشويق حتى الحكواتي كان يقوم بتجسيد شخصيات روايته وكلامهم بتحريك يديه وترفيع صوته أوتضخيمه. والمفارقة في الأمر حتى بعض جمهور الحكواتي كان يرفض الذهاب إلى بيته قبل حتى يستمع إلى بقية السيرة ويطمئن إلى حتى بطله اجتاز محنته. ووصل الأمر مرة إلى درجة حتى أحد المستمعين لم يستطع حتى يصبر إلى اليوم التالي، فلحق بالحكواتي إلى بيته ليعهد بقية السيرة. أما أجرة الحكواتي فكان يتقاضاها من صاحب المقهى الذي يتولى تحديد بدل الدخول إلى مقهاه بما في ذلك المشروبات، فكان الزبون يدفع عشر بارات أي ربع قرش لقاء الاستماع إلى الحكواتي وثمن المشروبات. أويدفع خمس بارات لقاء أي منهما. وعما إذا كان هناك من خصوصية لمهنة الحكواتي في شهر رمضان، يقول مجذوب: عمل الحكواتي كان يتواصل على مدار السنة، لكن خصوصيته بالنسبة لشهر رمضان مرتبطة بان مواضيعه تتناسب مع الشهر الفضيل والقيم التي يمثلها، وهذه القيم عادة ما كان الحكواتي يتحدث عنها وعن فضائلها في رواياته ومجسدة بتصرفات أبطال هذه الروايات. كما حتى الصائم بعد الصيام والتهجد والتعبد كان يحتاج إلى وقت للراحة والترويح عن النفس، فكان يجد ذلك في جلسة الحكواتي، لكن طبعاً بعد حتىقد يكون أدى صلاة التراويح.

اقرأ أيضا

مسحراتي

المصادر

  • ويكيبديا العربية
تاريخ النشر: 2020-06-08 10:34:33
التصنيفات: مهن, فن, مصطلحات أدبية, ثقافة سورية, فلكلور بلاد الشام, فنون سوريا, فنون لبنان, فلكلور

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تمديد فترة الراحة: إدارة السنافر تجتهد لحل إشكالية سفر مايي!

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-18 00:24:53
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 53%

مدرب اتحاد بسكرة زغدود للنصر: الفوز وضعنا على الطريق الصحيح

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-18 00:24:55
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 58%

وزعتها العشــائر على المواطنين بمراكز الأونروا

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-18 00:24:41
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

قالمة: سوق شارع التطوع يغرق في الفوضى والنفايات

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-18 00:24:37
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 60%

طالب بالوحدة والانضباط وتحمّل المسؤولية.. بيتكوفيتش يصرّح

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-18 00:25:00
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

المدافع أمين توغاي للنصر: إصابتي خفيفة ولن تُغيّبني عن معسكر الخضر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-18 00:24:48
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 53%

الرابطة المحترفة: السنافر أكبر مستفيد والوفاق يصنع التميّز

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-18 00:24:50
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية