يمتد تاريخ اليهود في ليبيا إلى القرن الثالث قبل الميلاد، عندما كانت برقة تحت الحكم اليوناني. السكان اليهود في ليبيا، هم جزء من الجالية اليهودية المغربية-السفرديم، والتي استمرت في الإقامة في المنطقة حتى العصور الحديثة. أثناء الحرب العالمية الثانية، خضع يهود ليبيا للقوانين المعادية للسامية التي فرضها النظام الإيطالي الفاشي وعمليات الترحيل القسرية من قبل القوات الألمانية.

بعد الحرب، دفع العنف الموجه لليهود بالكثير منهم إلى مغادرة ابلاد، وتوجهوا بصفة رئيسية إلى إسرائيل، على الرغم من بقاء أعداد كبيرة من اليهود في روما ولاحقاً هاجر معظمهم إلى مختلف التجمعات في أمريكا الشمالية. في عهد العقيد معمر القذافي، الذي حكم ليبيا من 1968 حتى 2011، تدهورت أوضاع اليهود بشكل أكبر، مما أدى بالنهاية إلى هجرة بقية الجالية اليهودية. آخر يهودية في ليبيا، رينا دباخ، البالغة 80 عاماً، هجرت البلاد عام 2003.

التاريخ القديم

سكن اليهود المدن الخمس الإغريقية والفينيقية في ليبيا ابتداء من القرن السادس قبل الميلاد وكان سبب مجيئهم إلى ليبيا هوالتجارة والعمل صياغة المضى. بدأت هذه الهجرة بعد سقوط الأندلس عندما قام الأسبان بتعميد واضطهاد أصحاب الديانات الأخرى غير المسيحية. فبعد الاحتلال الإسباني لطرابلس قدر عدد اليهود في طرابلس 750 عائلة ثم توزعت في المناطق القريبة من طرابلس.

العصر الحديث

مشروع ليبيا كوطن قومي لليهود

كان من ضمن مخططات اليهود إقامة وطن قومي في ليبيا في الجبل الأخضر، وكان هذا الاقتراح اتى من منظمة الأراضي اليهودية بلندن التي يترأسها اليهودي الكبير إسرائيل زانگويل ويقترح عليهم فكرته ويحدد لهم منطقة " الجبل الأخضر " في برقة بالذات، كما يتبين من المقدمة التاريخية والسياسية التي خطها إسرائيل زانگويل في الكتاب الذي تضمن تقارير البعثة التي ارسلتها "منظمة الأراضي اليهودية" لفحص المنطقة المقترحة لتوطين اليهود في برقة، وهوما صار يعهد بـ"الكتاب الأزرق".

وبناءً على ما تقدم به السير هاري جوهانستن وما خطه ناحوم سلاوش، قامت "منظمة الأراضي اليهودية" في الخامس من يوليوسنة 1908 بإرسال بعثة فهمية إلى مدينة طرابلس ومنها إلى منطقة الجبل الأخضر لدراسة إمكانية تحقيق هذه الفكرة. وقد أوكلت رئاسة البعثة لـ "جي جريجوري" استاذ الجيولوجيا بجامعة گلاسكوالبريطانية. وتضمنت فريقاً من كبار المتخصصين في مجالات الزراعة والهندسة والموارد الطبيعية، وطبيباً هوالدكتور "م. كيدر" الذي قام بدراسة الأحوال الصحية في برقة وبالأخص بالجبل الأخضر وأعد التقرير الصحي، بالإضافة إلى ناحوم سلاوش، لسابق خبرته بالموضوع ولتوضيح أهداف البعثة لرجب باشا وابعاد أي شك يثيره مجيء البعثة عند أهل البلاد.

وقد اتى في مقدمة تقرير البعثة حتى "المنظمة" قبل حتى تقوم بارسال بعثتها إلى الجبل الأخضر ببرقة طلبت من اللجنة الجغرافية التابعة لها عمل الدراسات اللازمة للتحقق من إمكانية الاستفادة من الجبل الأخضر كوطن قومي لليهود. أمضت هذه اللجنة مدة سنتين في الدراسات الأولية في هذا الخصوص. وكان من بين اعضائها "أوسكار ستراوس" الذي اعترف منذ البداية بأن برقة لم تكن معروفة لديه. وقد علق إسرائيل زانجويل على ذلك بقوله ان برقة تكن بعيدة عن روسيا ورومانيا حيث كان اليهود هناك يعانون الكثير من الاضطهاد. وبالإضافة إلى مسقط الجبل الأخضر وبرقة بصفة عامة كان جغرافياً بالنسبة إلى روسيا ورومانيا، فهي ليست بعيدة عن فلسطين حيث تتجه قلوب اليهود.

ويمضى إسرائيل زانگويل إلى حد القول بأن برقة تفضل فلسطين نفسها في تحقيق الموطن القومي لليهود، لأنها غير مقدسة عند المسلمين والمسيحيين، كما هي الحال بالنسبة لفلسطين التي تتنافس في تقديسها الأديان السماوية الثلاثة. وفي فلسطين تتنافس الفرق اليهودية الكثيرة، الشيء الذي لم تكن تعهده برقة. وفي رأيه أيضاً ان اختيار برقة يفضل اختيار فلسطين من حيث قلة السكان الاصليين، الشيء الذي يسمح باستيعاب عدد أكبر مما تستوعبه فلسطين من اليهود اللاجئين. وليبيا بمساحتها الكبيرة كانت لا تضم الا مليوناً من السكان أونحوذلك، مما يساعد على غلبة النفوذ اليهودي وضمان تفوقه بطريقة بسيطة نسبيا باتباع سياسة تشجيع هجرة اليهود إلى ليبيا بثبات ومثابرة. وبالرغم من حتى رجب باشا لم يقدم المشروع اليهودي رسميا إلى حكومته في إسطنبول، إلا حتى المنظمة اليهودية اعتبرت ما أبداه من حماس للفكرة بادرة طيبة من حكومة هجريا، لأنها رأت انه بحكم رئاسته للقوات الهجرية في أفريقيا قد تحصّل تقريباً على جميع سلطات نائب السلطان في البلاد.

وقد كان إسرائيل زانجويل، يرى ضرورة الاستفادة من حماس حكومة الولاية لفكرة المشروع اليهودي والبدء في المفاوضات المباشرة مع حكومة الباب العالي في إسطنبول من دون أي تأخير. وبينما كانت تجري الاستعدادات اللازمة لارسال البعثة إلى الجبل الأخضر، بادر بالاتصال بصديقه "ارمينيوس فامبري"، بجامعة بودابست، وكان ارمينيوس فامبري اليهودي في عقيدته الدينية أباً روحيا لجماعة "هجريا الفتاة"، وصديقا شخصياً للسلطان عبد الحميد في الوقت نفسه، ليطلعه على المشروع اليهودي في الجبل الأخضر ويعهد رأيه فيه. واتى رد فامبري سريعاً بالموافقة مؤكداً على احتمال قبول السلطان للمشروع، وأظهر استعداده للذهاب شخصيا إلى إسطنبول إذا لزم الأمر لمعالجة المسألة بنفسه.

لم يكتف ارمينيوس فامبري بالرد على رسالة إسرائيل زانجويل وابداء وجهة نظره في المشروع، بل قام بارساله إلى السلطان عبد الحميد الثاني عن طريق سكرتيره الأول تحسين باشا. ولمّا لم يبد السلطان ما يشتم منه عدم رضاه على المشروع طلب فامبري من صديقه إسرائيل زانجويل ان يخط بنفسه إلى السلطان مؤكدأ له ان السلطان سيرد عليه بسرعة. وأعد ارمينيوس فامبري خطاب التقديم باللغة الهجرية إلى تحسين باشا، وقبل حتى يقوم زانجويل بارسال الرسالة إلى السكرتير الأول للسلطان عرض مسودتها على ارمينيوس فامبري الذي اعتبرها وافية بالغرض حتى انه لم يغير فيها أي حدثة. وقدا تضمنت الرسالة بيانات بمطالب "منظمة الأراضي اليهودية" في برقة على أساس الحكم الذاتي للمهاجرين اليهود.

وصل أعضاء البعثة إلى مدينة طرابلس يوم الخميس 16 يوليو1908 حيث قام القنصل العام البريطاني بتقديمهم إلى الوالي رجب باشا، ثم عادوا بصحبة ناحوم سلاوش للقاءة الوالي لقاءة خاصة طويلة في اليوم التالي. ثم هجرت البعثة مدينة طرابلس يوم الاثنين 20 يوليومتجهة إلى بنغازي ومنها أبحرت إلى مدينة درنة حيث قدمهم يعقوب كريجر إلى القائد العسكري الذي سلموه خطابات من رجب باشا وقام القائد العسكري بتقديم جميع مساعدة لاعضاء البعثة وزودهم بحراس من الجنود الأتراك والجندرمة، كما زودهم بخطابات إلى القادة العسكريين في المرج و"مرسى سوسة" وأمدهم بمعلومات عن موارد المياه والزراعة في المنطقة. وقد بقيت البعثة في مدينة درنة من 24- 27 يوليوقام فيها اعضاؤها باختبار المورد المائي للمدينة، وعيون الماء الموجودة في وادي "درنة " وزيارة بساتينها والحقول المجاورة لها، ثم هجروها في قافلة توجهت بهم إلى عين شحات (قورينا) المعروفة بعين أبوللووالمشهورة بمياهها العذبة. ومنها انقسم اعضاء البعثة إلى فريقين بحسب تخصصاتهم لاجراء الاختبارات في مناطق مختلفة منها زاوية البيضاء ومنحدرات اسلنطة وبلدة مسة والمرج والسهول الواسعة في تلك المنطقة ثم انحدرت القافلة إلى بلدة طلميثة على الساحل ومنها إلى بنغازي ومن هناك عادت البعثة عن طريق طرابلس إلى جزيرة مالطا حتى وصلت لندن في السادس والعشرين من أغسطس 1908.

وفي هذه الأثناء وبينما كان إسرائيل زانجويل يستعد لارسال رسالته إلى تخسين باشا اتىت الأخبار بوقوع الانقلاب العثماني في إسطنبول وخلع السلطان عبد الحميد الثاني. وكان من نتيجة هذا الانقلاب ان أصبح تحسين باشا لاجئاً سياسياً.

إلى غير ذلك تضافرت عوامل عدة لتساهم في فشل هذا المخطط أهمها هيمنة المنظمات الصهيونية المصرة على استعمار فلسطين من دون غيرها على بقية المنظمات، وكذلك الغزوالإيطالي الذي اجتاح ليبيا في 1911 .

الاستعمار الإيطالي والحرب العالمية الثانية

كانت بلدة جادوخلال الحرب العالمية الثانية مسقطاً لمعسكر اعتنطق أقامه الإيطاليون. اعتقلت السلطات الإيطالية من جميع أراتى ليبيا حوالي 2000 يهودي ليبي وغيرهم من الأشخاص الذين اعتبرتهم غير مرغوب بهم في عام 1942، وأوفدتهم إلى معسكر الاعتنطق في جادو. وقضى منهم 564 إنسان جراء إصابتهم بحمى التيفوس وغيرها من العلل.

بعد الحرب العالمية الثانية

اليهود الليبيين لمقد يكونوا منفتحين بمدارسهم وأماكن عبادتهم كيهود تونس ومصر والمغرب بل كانومنغلقين على أنفسهم^{[من صاحب هذا الرأي؟]}، ومع بداية الاحتلال الإيطالي لليبيا تمكن اليهود من بناء مدارسهم وأماكن العبادة فعند نشوب الحرب العالمية الثانية كان عدد اليهود في مدينة بنغازي وحدها 2200 يهودي وكان بعض الأقلية في مدينة البيضاء ودرنة وطبرق ومصراتة بعضهم هاجر وبعضهم أسلم.

كان أول تصادم تشهده ليبيا بين سكانها من المسلمين واليهود في ثلاثة نوفمبر 1945 فيما كانت موجة من الإضرابات تجتاح العالم العربي في ذكرى وعد بلفور ثم تكرّر الصدام عام 1948، كنتيجة للأخبار الدموية الواردة من فلسطين. وقد بدأت مغادرة اليهود لليبيا بعد حرب سنة 1967 حيث غادر الكثير منهم ليبيا متوجها إلى الدولة العبرية. ولم يكن هناك أي صراعات أواعتداءات متبادلة بين العرب الليبيين واليهود الليبيين خلال فترة بقائهم في ليبيا عدا بعض المضايقات بعد قيام الدولة العبرية.

حرب 1967

كان عدد اليهود في ليبيا يتراوح بين 6500 و7000، والغالبية تعيش في ولاية طرابلس. وباستثناء عدد قليل ممن يشتغلون بالأعمال اليدوية كالنجارة وتحضير الأطعمة والخمور، فإن معظمهم من التجار وأصحاب المحلات التجارية ومعتمدي الوكالات والعمولات التجارية.

قرار مغادرة ليبيا على عجل اتخذه زعماء الجالية اليهوديـة، ولم تطردهم الحكومة الليبية. حيث اتىت المستوى الرسمية الأولى من ليللوأربيب (زعيم طائفة اليهود الليبيين وقتئذ) في 17 يونيو1967 فقد بعث برسالة إلى رئيس الوزراء الليبي طلب فيها السماح بالسفر لليهود الراغبين في مغادرة البلاد حتى تهدأ الأمور ويتفهّم الشعب الليبي وضعيّة اليهود الليبيين وافقت الحكومة على ذلك بسرعة وبدأت دائرة الهجرة أعمالها في 20 يونيووحضرت الوثائق المتعلقة بالسفر.

حكم القذافي

الحرب الأهلية الليبية

عاد في 1 أكتوبر عام 2011 من المنفى اليهودي الليبي الأول ديڤد جربي إلى ليبيا بعد 44 سنة من المنفى منذ الثورة التي استعان بها الثوار بمجلس الأمن وتدخل الناتولإسقاط معمّر القذافي في أغسطس، ومضى جربي إلي معبد دار بيشي "Dar Bishi" بالمدينة القديمة بطرابلس حيث قام بتحطيم الجدار الذي يسود المدخل الخارجي للمعبد، وأشار جربي ان اليهود جزءاً من المجتمع الليبي، وكما نطق ان صيانة معبد دار بيشي هي فرصة لعودة اليهود الليبيين إلي ليبيا.

مخطط للسكان حسب السنة

يتوفر الكثير من الإحصائات السكانية لفترات زمنية مختلفة توضح العدد الإجمالي للسكان ومن بينها عدد اليهود

• إحصاء عام 1907: توزع اليهود في ولاية طرابلس حسب النفوس المسجلة للولاية عام 1907م

• إحصاء عام 1911: أجري هذا الإحصاء بتاريخ 3-7-1911 في أواخر عهد إبراهيم باشا آخر ولاة الدولة العثمانية، أي قبيل الإستعمار الإيطالي لليبيا بأشهر

• إحصاء عام 1917: أصدرت إيطاليا في إطار سياستها الإستعمارية تجاه ليبيا عام 1913م مرسوماً ملكياً ينص على إنشاء سجل لجمع جميع المعلومات حول عدد السكان وأحوالهم حسب العشائر والقبائل والعائلات وبناء على طلب منها قام هنريكوأوغسطيني بجمع المعلومات عن سكان ليبيا وأحوالهم، وقد نشر نتائج عمله عام 1917م وضمنه في كتابه "سكان ليبيا"

انظر أيضاً

• يهود المغرب العربي
• تاريخ اليهود في قرطاج

المصادر

وصلات خارجية

• Experiences of survivor Benjamin Doron, born in Benghazi, Libya, in Yad Vashem website.