يوهان ڤنكلمان

عودة للموسوعة

يوهان ڤنحدثان

يوهان يواكيم ڤنحدثان
Johann Joachim Winckelmann
پورتريه بريشة رفائل منگس, after 1755
وُلِد (1717-12-09)9 ديسمبر 1717
شتندال
توفي 8 يونيو1768(1768-06-08) (عن عمر 50 عاماً)
ترييسته
الوظيفة فهم الآثار، تاريخ الفن
القومية ألماني
الفترة 1755–1768
المواضيع فهم الآثار؛ تاريخ الفن
الحركة الأدبية الهلينية، الإحياء اليوناني، النيوكلاسيكية

يوهان يواكيم ڤنحدثان Johann Joachim Winckelmann (عاشتسعة ديسمبر 1717 –ثمانية يونيو1768) مؤرخ فني ألماني وعالم آثار، كان رائداً للهلينية فكان أول من أوضح الفرق بين الفن اليوناني واليوناني-الروماني والروماني. و"كان النبي والبطل المؤسس لفهم الآثار الحديث،" وكان فنحدثان أحد مؤسسي فهم الآثار الفهمي وأول من طبق تصنيفات الأسلوب على أساس منهاجي واسع في تاريخ الفن. ويعتبره الكثيرون أبومجال تاريخ الفن. كان له التأثير الحاسم في صعود حركة النيوكلاسيكية أثناء أواخر القرن الثامن عشر. أثـَّرت كتاباته ليس فقط على على فهم الآثار الناشئ وتاريخ الفن ولكن أيضاً على الرسم الغربي والنحت والأدب وحتى الفلسفة. كتاب فنحدثان تاريخ الفن القديم (1764) كان أحد أول الخط بالألمانية التي تصبح من كلاسيكيات الأدبيات الاوروبية. تأثيره اللاحق على لسنگ وهردر وگوته وهولدرلن وهاينه وتخصصه وجورج, وشپنگلر أُطلِق عليه باستفزاز "طغيان اليونان على ألمانيا."

واليوم، تخصص جامعة هومبولت في برلين معهد فنحدثان لدراسة فهم الآثار الكلاسيكي.

سيرته

كان أعظم الشخصيات أثراً في تاريخ الفن في هذا العهد لم يكن فناناً بل دارساً كرس حياته الناضجة لدراسة تاريخ الفن، وحرك موته الغريب روح أوربا المثقفة. ولد فيتسعة ديسمبر 1717 بمدينة ستندال في براندنبورج. وكان أبوه الإسكافي يأمل حتى يحترف ابنه حرفته، ولكن يوهان رغب في تفهم اللاتينية. وقد أدى نفقات تعليمه الباكر بالغناء. ثم تقدم سريعاً مدفوعاً بشوقه واجتهاده. فكان يفهم التلاميذ الذين تنقصهم الكفاية، ويشترى الخط والطعام. فلما كف بصر مفهمه كان يوهان يقرأ له، وراح يلتهم مخطة أستاذه. وأجاد تفهم اللاتينية واليونانية، ولم يكن ميالاً إلى اللغات الأجنبية الحديثة. وحين سمع بأن مخطة يوهان ألبرت فابريكوس الدارس الكلاسيكي الشهير ستباع بالمزاد لوفاته، سار 178 ميلاً من برلين إلى همبرج، واقتنى روائع الخط اليونانية واللاتينية، وحملها على كتفه عائداً إلى برلين(49). وفي 1738 ولج جامعة هاله طالب لاهوت، ولم يكن به شغف باللاهوت، ولكنه اغتنم الفرصة لدراسة العبرية. وبعد حتى تخرج اكتسب قوته بتعليم التلاميذ الخصوصيين وقرأ مرتين جميع قاموس بيل "القاموس التاريخي والنقدي". ولعل هذه القراءة خلفت بعض الأثر على إيمانه الديني. وفي عام واحد قرأ الألياذة والأوديسة ثلاث مرات من أولهما لآخرهما باليونانية.

وفي 1743 قبل دعوة ليكون مديراً معاوناً لمدرسة بزيهاوزن في ألتمارك، بمرتب قدره 250 طالراً في العام. وكان في النهار يفهم "أطفالاً جرب الرؤوس أبجديتهم. بينما كنت...أتحرق شوقاً لفهم "الجنين"، وأردد تشبيهات من هومر"(50). وكان في المساء يفهم لتلاميذه الخصوصيين ليحصل على نفقات مسكنه وطعامه، ثم يعكف على الروائع الكلاسيكية حتى منصف الليل وينام حتى الرابعة، ثم يعود إلى روائعه الكلاسيكية ثانية، ثم يخرج متعباً ليدرس. وقبل بابتهاج دعوة وجهها إليه الكونت فون بون بوناوليكون مساعداً لأمين مخطة في قصره الريفي بنوتهنتز، قرب درسدن، لقاء السكن وخمسين إلى ثمانين طالراً في العام (1748). هناك ألفى المتعة البالغة في مجموعة من أضخم مجموعات الخط في ذلك العصر.

وممن كانوا يختلفون إلى هذه المخطة الكردينال أركنتو، القاصد البابوي في بلاط ناخب سكسونيا. وقد راعه فهم فنحدثان وحماسته، ونحوله وشحوبه. فنطق له "ينبغي حتى تمضى إلى إيطاليا". وأجاب يوهان حتى هذه الرحلة غاية مشها قلبه، ولكن موارده تعجز عن نفقتها. ونادىه القاصد لزيارته بدرسدن، فمضى إليه مرات. وقد أبهجه تفقه اليسوعيين الذين التقى بهم في بيت القاصد وأدبهم. وعرض عليه الكردينال باسونيي-وكان يقتني 300.000 مجلد في روما-وظيفة أمين مخطته هناك، لقاء السكن والمعيشة وسبعين دوقاتية، ولكن الوظيفة لا يمكن حتى يشغلها غير كاثوليكي. ووافق فنحدثان على الدخول في الكاثوليكية. وإذا كان قد أعرب من قبل عن إيمانه بأنك "بعد الموت ليس هناك ما يخيفك، ولا ما تؤمل فيه"(51) فإنه لم يجد صعوبات لاهوتية في هذا التحول، وكل صعوباته كانت اجتماعية. وقد خط إلى صديق لأمه يقول "إن حب الفهم، وهذا الحب وحده، هوالذي يستطيع إغرائي بالاستماع إلى الاقتراح الذي رض علي".

وفي 11 يوليو1754، في مصلى القاصد في درسدن، أعرب إيمانه الجديد، واتخذت الترتيبات لرحلته إلى روما. ولأسباب شتى مكث في درسدن عاماً آخر، ساكناً دارساً مع الرسام-النحات-الحفار آدم وايزن. وفي مايو1755 نشر في طبعة محدودة لم تتجاوز خمسين نسخة أول خطه "خواطر في تقليد الآثار اليونانية في الرسم والنحت". وقد وصف فيه الآثار التي جمعت في درسدن، ورأى بالإضافة إلى هذا الوصف حتى فهم اليونان للطبيعة كان أسمى من الفهم العصري لها، وهذا هوالسر في التفوق الهليني في الفن. ثم اختتم بقوله "إن سبيلنا الوحيد إلى العظمة، بل إلى العظمة التي لا تحاكي...هوبمحاكاة القدماء"(56). ومن رأيه حتى روفائيل دون جميع الفنانين المحدثين هوالذي حقق هذا الهدف الأسمى. وكان هذا الكتيب علامة بداية للحركة الكلاسيكية الجديدة في الفن الحديث. وقد لقي قبولاً طيباً، وأجمع كلويشتوك وجوتشيد على الإشادة بفهمه وأسلوبه. وحصل الأب رواخ، كاهن الاعتراف الخاص بفردريك أوغسطس، لفنحدثان من الملك الناخب على معاش من مائتي طالر لكل من العامين التاليين، وأعانه بثمانين دوقاتية لرحلته إلى روما. وأخيراً، في 20 سبتمبر 1755، انطلق فنحدثان إلى إيطاليا في صحبة يسوعي شاب. وكان قد بلغ السابعة والثلاثين.

فلما بلغ روما لقي عنتاً في جمرك المدينة الذي صادر عدة مجلدات لفولتير من حقائبه، على أنها أعيدت له بعد ذلك. ووجد سكناً من خمسة مصورين في بيت على التل الينسي-الذي قدسته ظلال بوسان وكلود لوران. والتقى بمنجز، الذي أعانه بشتى الطرق الكثيرة. وأطلق له الكاردينال باسيونيي في العمل بمخطته، ولكن فنحدثان كان إلى الآن يرفض أي وظيفة ثابتة لرغبته في ارتياد فن روما. فحصل على إذن بزيارات متكررة لبلفيدير الفاتيكان وأنفق الساعات أمام تماثيل أبوللو، وهرقول النصفي، واللاوكون، واتخذت أفكاره شكلاً أوضح بعد تأمله في هذه المنحوتات. وزار تيفولي وفراسكاتي وغيرهما من الضواحي ذات الأطلال القديمة. وأكسبه حبه للفن القديم صداقة الكردينال الساندور الباني، وأعطاه الكردينال أركنتومسكناً في البلاتسوديللا كانسلليريا-وهوالمقر البابوي، وفي لقاء هذه المنحة أعاد فنحدثان تنظيم مخطة القصر. وأصبح الآن في سعادة غامرة. نطق "لقد كان الله مديناً لي بهذا، فأنني قاسيت كثيراً جداً في شبابي"(57). وخط إلى صديق في ألمانيا كما كان يخط عشرات الزائري الكبار:

"كل شيء صفر إذا قورن بروما! لقد ظننت فيما مضى أنني درست جميع شيء دراسة كاملة، وهاأنذا استوعب بعد مجيئي أنني لم أعهد شيئاً. لقد أصبحت هنا أصغر مما كنت يوم خرجت من المدرسة إلى مخطة بوناو. فإذا شئت حتى تتفهم كيف من الممكن أن تعهد الرجال، فهذا مكانك، هنا رؤوس ذات مواهب لا حد لها، رجال أوتوا قدرات فائقة، وآيات في الطابع الرفيع الذي خلعه اليونان على تماثيلهم...وكما حتى الحرية التي يتمتع بها الناس في الدول الأخرى ليست إلا ظلاَ إذا قيست بحرية روما-وهوما قد تخاله مفرقة-كذلك تجد في هذه المدينة أسلوباً مختلفاً في التفكير. فروما في اعتقادي هي المدرسة العليا للعالم، وأنا أيضاً امتحنت فيها وهذبت"(58).

وفي أكتوبر 1757 غادر روما قاصداً نابلي مزوداً بخطابات تعريف.

وسكن هناك ديراً ولكنه كان يتناول طعامه مع رجال كتانوكي وجالياني. وزار مدناً عابقة بأريج التاريخ القديم-بوتسولي، وبايا، وميزينوم، وكاوماي-ووقف مدهوشاً أمام هياكل بايستوم المهيبة. وفي مايو1758 قفل إلى روما محملاً بذخائر الفهم بالآثار. في ذلك الشهر استدعى إلى فلورنسة ليصنف ويوصف المجموعة الضخمة من الجواهر، والمحفورات، والخرائط، والمخطوطات التي خلفها البارون فليب فون ستوش. وشغلته المهمة قرابة عام وكادت تهدم صحته. ومات أركنتوأثناء ذلك، واجتاح فردريك الأكبر أرض سكسونيا، وفقد فنحدثان مسكنه في الكانسليريا ومعاشه من الملك الناخب التعس. وخف ألباني لنجدته إذ قدم له أربع حجرات وعشرة أسكوزات في الشهر لقاء العناية بمخطته. وكان الكاردينال نفسه اثرياً متحمساً، وفي جميع أحد كان يركب مع فنحدثان لتصيد التحف القديمة.

وأضاف فمحدثان جديداً إلى سمعته بإصداره كتيبات عميقة في هذه الموضوعات المفردة "في جمال الأعمال الفنية، ملاحظات على عمارة القدماء، وصف لتمثال هرقول النصفي في البلفدير، دراسة الآثار الفنية". وفي 1760 حاول ترتيب رحلة إلى اليونان مع الليدي أورفورد، زوجة أخي هوراس ولبول؛ ولكن الخطة أخفقت. خط يقول "ما من شيء في الدنيا تقت إليه بحرارة كهذه الرحلة. وما كنت لأضن بإصبع من أصابعي تبتر، لا بل وددت حتى أجعل من نفسي كاهناً لسيبيل (إلاهة الطبيعة) لواستطعت حتى أشهد هذا البلد في فرصة كهذه"(50) أما كهنة سيبيل فكان الشرط فيهم حتىقد يكونوا خصياناً، ولكن هذا لم يمنع فنحدثان من التنديد بأمر قديم للحكومة الرومانية يشترط تغطية الأعضاء الداخلية لابوللوواللاردكون وغيرهما من التماثيل في البلفدير بمآزر المعدن، وقد أعرب "إنه لم يشرع في روما طوال عهدها مثل هذه السنة الغبية".

وكان للإحساس بالجمال من السلطان عليه ما ألغى تقريباً جميع وعي فيه بالجنس. فإذا شعر بتفصيل جمالي فإن تفضيله يؤثر جمال جسم الذكر المكتمل الرجولة عن حلاوة المرأة الهشة العابرة. ويبدوحتى تمثال هرقل النصفي (التورسو) قد أثر فيه أكثر مما أثرت خطوط جسد فينوس الناعمة الملفوفة. ونطق حدثة طيبة في الخناثي-على الأقل في التمثال الذي شهده في فيللابورجيزي(60). ونطق مؤكد "لم أكن في حياتي عدوا للجنس الآخر، ولكن أسلوب حياتي أبعدني عن جميع اتصال به. ولعلي كنت أتزوج، وأكبر ظني أنه كان واجباً على حتى أعمل، لوأنني عدت إلى زيارة وطني الأول، أما الآن فإن هذا لا يكاد يخطر لي ببال"(61). وفي زيهاوزن كانت صداقته لتلميذه لامبريشت تقوم مقام التعلق بالمرأة، وفي روما عاش مع رجال الكنيسة، وندر حتى التقى بالشباب مع النساء. وذكروا "إنه كان يتناول العشاء في السبوت فترة طويلة مع فتى من روما، نحيل وسيم الطلعة، فارع القامة، يتحدث معه عن الحب"(62). وقد "رسمت بناء على طلبه صورة لمغن جميل من الخصيان"(63) ثم إنه أهدى للشريف الفتى البارون فريدرش راينهولد فون برج "رسالة في القدرة على الإحساس بالجمال"، "وقد عثر القراء فيها وفي خطاباته لبرج لغة الحب لا لغة الصداقة، وهي في الواقع كذلك"(64).

وفي 1762 و1764 عاد إلى زيارة نابلي. وقد قدم للدارسين الأوربيين قي "خطاب عن آثار هوكولانيوم" (1762) و"تقرير عن أحدث كشوف هوكولانيوم"(1764) أول معلومات منظمة وفهمية عن الكنوز التي تم الحفر عنها في تلك المدينة وفي بومبي. وكان الآن معترفاً به أعظم حجة في الفن الكلاسيكي القديم. وفي 1763 عين بالفاتيكان في وظيفة "أثرى الحجرة الرسولية" وأخيراً، في 1764، نشر المجلدات الضخمة التي كان يؤلفها ويحيلها بالصور طوال سنوات سبع Geschichte der Kunst des Alterthums "تاريخ الفن القديم". وقد أحتوى الكتاب على أخطاء كثيرة رغم ما أنفق في إعداده من وقت وجهد، واثنان من هذه الأخطاء كانا خدعتين قاسيتين. ذلك حتى صديقه منجز كان قد تفهم رسمين هما وليدا خيال منجز وزعم إنهما نسختان دقيقتان لصورة أثرية. وأدرج فنحدثان الصورتين في كتابه، واستخدم الرواسم وأهدى الكتاب كله لمنجز. وتضمنت المترجمات التي ظهرت سريعاً في الفرنسية والإيطالية جميع الأخطاء تقريباً، مما أشعر فنحدثان بالخزي، فخط إلى بعض أصحابه "إننا اليوم أحكم مما كنا بالأمس. ليتني أستطيع حتى أريك كتابي "تاريخ الفن" وقد نقح تنقيحاً كاملاً ووسع توسيعاً كبيراً! لم أكن قد درست الكتابة بعد حين شرعت في تأليفه فلم تكن الأفكار مترابطة بدرجة كافية، وفي مواضع كثيرة افتقار إلى الانتنطق من السابق إلى اللاحق-وهوملاك الفن الأسمى"(65). ومع ذلك أنجز الكتاب عملاً غاية في العسر-هوإجادة الكتابة في الفن. وقد حمله حبه الشديد لموضوعه إلى مستوى الأسلوب الجميل.

وقد اتجه حرفياً إلى تاريخ الفن لا إلى الفنانين، وهوموضوع أيسر مأخذاً بكثير. وبعد حتى مسح مسحاً متعجلاً الفن المصري والفينيقي واليهودي والفارسي والاتروري، أطلق العنان لحماسته الفياضة في 450 صفحة تناولت فن اليونان القديم. وفي فصول ختامية ناقش الفن اليوناني في عهد الرومان. وكان توكيده دائماً على اليونان لأنه كان مقتنعاً بأنهم عثروا على أسمى صور الجمال: في رهافة الخط لا في لمعة اللون، في تمثيل الأنماط لا الأفراد، في طبيعة الأجسام ونبلها، في انضباط التعبير العاطفي، في هدوء المظهر وصقله، في اطمئنان القسمات حتى في الحركة، وفوق هذا كلها في النسبة والعلاقات المتسقتين بين الأجزاء المتميزة في جميع موحد توحيداً منطقياً. لقد كان الفن الإغريقي في رأي فنحدثان هوعصر العقل مجسماً.

وقد ربط تفوق الفن الإغريقي بالاحترام العظيم الذي كان الإغريق يكنونه بامتياز الجسد في الجنسين. "كان الجمال امتياز يقضي إلى الشهرة، لأننا نجد تواريخ الإغريق تذكر أولئك الذين تميزوا به"(66)، على نحوما تعمل التواريخ الآن في ذكر كبار الساسة والشعراء والفلاسفة. وكانت هناك مباريات في الجمال عند الإغريق كما كانت مباريا للألعاب الرياضية. وعند فنحدثان حتى الحرية السياسية، وتزعم اليونان لعالم البحر المتوسط قبل حرب البلوبونيز، هذان أفضيا إلى مركب من العظمة والجمال، وأنتجا "الطراز الفخم" في فيدياس مكانه لبراكستليس، وبدأ الاضمحلال. وكانت حرية الفن جزءاً من الحرية اليونانية، وتحرر الفنانون من القواعد الصارمة وجزءوا على خلق أجساد مثالية لا توجد في الطبعة. فلم يقلدوا الطبيعة إلا في التفاصيل، وكان العمل الفني كله مجموعة كمالات لا توجد في أي شيء طبيعي إلا جزئياً. لقد كان فنحدثان رومانتيكياً يبشر بالشكل الكلاسيكي.

ولقي كتابه القبول في أوربا بأسرها باعتباره حدثاً في تاريخ الأدب والفن. وأوفد إليه فردريك الأكبر دعوة (1765) للحضور إلى برلين مشرفاً على المخطة الملكية وإدارة الآثار. ووافق فنحدثان نظير ألفي طالر في العام، وعرض فردريك ألفاً فقط، وأصر فنحدثان على موقفه، وذكر فردريك بسيرة المغني الخصي الذي طالبه بمبلغ ضخم نظير أغانيه، فشكا فردريك من أنه يطلب أكثر مما يكلفه خير قواده، فكان رد المغني "إذن فليكلف قائده بالغناء".

وفي 1765 عاد فنحدثان لزيارة نابلي، هذه المرة في صحبة جون ولكز الذي كان قد جعل أوربا تدوي بتحديه للبرلمان ولجور الثالث. وبعد حتى جمع المزيد من المعلومات عاد إلى روما وأكمل كتابه الهام الثاني "آثار قديمة غير منشورة" (1767). وكان أصدقاؤه من الأحبار قد شكوا من كتابته "تاريخه" بالألمانية التي لم تكن إلى ذلك الحين أداة كبرى من أدوات الدرس فأبهجهم الآن استعماله الإيطالية، وانتشى المؤلف السعيد، الجالس بين كردينالين، بقراءة جزء من كتابه في كاستل جاندولفوعلى حدثنت الثالث عشر وجمع غفير من الأعيان. على أنه أتهم بحيازته خطاً مهرطقة وإبدائه ملاحظات(68)، ولم يحصل من البابوية قط على المنصب الذي شعر بأنه جدير به.


وفاته

فنحدثان، في روب فاخر، بريشة أنطون فون مارون, 1768: ونقش لـأنتينوس يوجد أمامه (Schlossmuseum Weimar)

وقرر حتى يزور ألمانيا (1768) من الممكن مؤملاً حتى يحصل فيها على مورد يمكنه من رؤية بلاد اليونان. ولكن استغراقه الشديد في الفن الكلاسيكي وأساليب الحياة الإيطالية أفقده اللذة في وجوده بأرض الوطن، فتجاهل مناظرها الطبيعية وساءه معمارها وزخارفها الباروكية. وكان يردد مائة مرة لرفيق رحلته(69)، "لنعد إلى روما" وقد احتفى به القوم في ميونخ، وأهدوه جوهرة أثرية رائعة. وفي فيينا أعطته ماريا تريزا مداليات غالية، ودعته الإمبراطورة والأمير فون كاونتز للإقامة هناك، ولكنه ما لبث حتى قفل إلى إيطاليا في 18 مايووهولم يكد يغيب عنها شهراً واحداً.

وفي تريستا تعطل انتظاراً لسفينة يستقلها إلى أنكونا. وأثناء أيام الانتظار هذه تعهد إلى مسافر آخر يدعى فرانشيسكوأركانجيلي. وكانا يتمشيان معاً ويشغلان حجرتين متجاورتين في الفندق. وسرعان ما أراه فنحدثان الميداليات التي تلقاها في فيينا. على أنه-على قدر فهمنا-لم يريه كيسه المملوء بالمضى. وفي صبيحةثمانية يونيو1768 ولج أركانجيلي حجرة فنحدثان، ووجده جالساً إلى منضدة، فألقى أنشوطة حول عنقه، ونهض فنحدثان واشتبك معه، فطعنه أركانجيلي خمس مرات وفر هارباً. وضمد طبيب جروحه ولكنه نطق أنها مميتة. وتناول فنحدثان الأسرار المقدسة، وأملى وصيته، وأعرب عن الرغبة في حتى يرى مهاجمه ويصفح عنه، ثم لفظ أنفاسه الأخيرة في الرابعة بعد الظهر. وقد خلدت تريستا ذكراه بتماثل جميل.

وقبض على أركانجيلي في 14 يونيو. فاعترف بجريمته، وفي 18 يونيوصدر عليه هذا الحكم: "عقاباً على جريمة القتل التي اقترفتها على جسد يوهان فنحدثان..قضت محكمة الجنايات الإمبراطورية بأن...تحطم حياً على دولاب التعليم، من رأسك إلى قدميك حتى تفارق روحك بدنك" وكذلك خلق به في 20 يوليو.

كانت عيوب فنحدثان وثيقة الصلة بالجغرافيا. فلأنه لم يحقق قط أمله في زيارة اليونان في ظروف كانت ستتيح له الدرس المستفيض للآثار القديمة، كان يفكر في الفن اليوناني وكأنه الفن اليوناني الروماني كما وجده في المتاحف والمجموعات والقصور في ألمانيا وإيطاليا، وفي إطلال هركولانيوم وبوميي. وتفضيله النحت على التصوير، وتمثيل الأنماط لا الأفراد، والهدوء لا التعبير عن العاطفة، وإيثاره النسبة والتناسق، ومحاكاة القدامى دون الابتكار والتجريب. جميع هذا فرض على الدوافع الخلاقة في الفن عدة قيود أسفرت عن الانتقاص الرومانتيكي على ما في الأشكال الكلاسيكية من الصرامة الباردة. وقد أعماه الهجريز على اليونان والرومان عن حقوق الطرز الأخرى وإمكاناتها، وكان يرى-كما رأى لويس الرابع عشر-إن رسوم الحياة اليومية التي أنتجتها الأراضي الواطئة ليست إلا من قبيل "الجروتسك".

ومع ذلك كان إنجازه رائعاً. فقد أحدث انتفاضة في جميع دنيا الفن والأدب والتاريخ الأوربي بتمجيده لليونان. ولقد جاوز حدود النزعة الشبيهة بالكلاسيكية التي نزعت إليها إيطاليا النهضة وفرنسا لويس الرابع عشر إلى الفن الكلاسيكي ذاته. ونبه العقل الحديث إلى ما في النحت اليوناني من كمال ناصع مطمأن. وجعل من فوضى مئات التحف الرخامية والبرونزية والصور والمجوهرات والعملات آثار فهمية. وكان تأثيره على أفضل العقول في الجيل التالي هائلاً. فقد ألهم لسبخ، ولوبالاعتراض على آراءه، وشارك في إنضاج هيردر وجوته، ولعله لولا الإلهام الذي انبعث من فنحدثان لما توج بيرون شعره بالموت في بلاد اليونان. وقد أعان هذا الهلنستي الغيور على تشكيل مبادئ منجز وثورفالدسن الكلاسيكية الحديثة، وتصوير جاك-لوي دافيد الكلاسيكي الحديث. يقول هيجل "يجب حتى يعد فنحدثان واحداً من أولئك الذين عهدوا في ميدان الفن كيف من الممكن أن يخلقون أداة جديدة للروح الإنسانية".

المصادر

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

الهامش

  1. ^ The biography in English is a popular account, Wolfgang Leppmann, Winckelmann (London) 1971; David Irwin offers a brief account to introduce his volume of selected writings, Winckelmann: Writings on Art (London: Phaidon) 1972.
  2. ^ Daniel J. Boorstin, The Discoverers, p. 584, Random House (New York, 1983)
  3. ^ Robinson, Walter. "Introduction". Instant Art History. Random House Publishing Group. p. 240. ISBN . The father of official art history was a German named Johann Joachim Winckelmann (1717–68). Unknown parameter |origmonth= ignored (help)
  4. ^ Boorstin, p.586-587; Butler, Eliza M., "The Tyranny of Greece over Germany" (Cambridge Univ. Press, London, 1935)

للاستزادة

  • Efthalia Rentetzi, "Johann Joachim Winckelmann und der altgriechische Geist," in Philia (Universität Würzburg), vol. I, (2006), pp. 26–30, ISSN 0936-1944


وصلات خارجية

  • Johann Joachim Winckelmann as inspirer of Weimar Classicism in Literary Encyclopedia.
  • Winckelmann Institute at the Humboldt University in Berlin
  • Biography
  • Johann Joachim Winckelmann and the rediscovery of Pompeii.
  • Johann Joachim Winckelmann at arthistoricum.net
تاريخ النشر: 2020-06-08 23:06:44
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, مواليد 1717, وفيات 1768, علم الآثار, تاريخ العلوم الاجتماعية, حركات فنية, العمارة الكلاسيكية الجديدة, الكلاسيكية الجديدة, علماء آثار ألمان, مؤرخو الفن الألمان, جامعو تحف ألمان, أشخاص من مارگراڤية براندن‌بورگ, روم كاثوليك ألمان, متحولون للكاثوليكية, أشخاص من شتندال, خريجو جامعة هاله, أشخاص قـُتلوا في إيطاليا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بعد فيتو روسيا والصين .. مجلس الأمن يفشل في اعتماد مشروع أمر

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:24
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 69%

طقس غد.. انخفاض الحرارة بجميع الأنحاء وشبورة والعظمى 22 درجة والصغرى 14

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:08
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 48%

بعد ألفيش.. اعتقال نجم برازيلي آخر بتهمة الاغتصاب الجماعي

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:23:17
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 72%

شركات السياحة النمساوية: زيادة الطلب على زيارة المقصد السياحي المصرى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:02
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 49%

طائرات مسيرة أوكرانية تضرب منشآت لتكرير النفط في روسيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:48
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

المنظمة الدولية للهجرة: طرد أكثر من 520 ألف مهاجر أفغاني من

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:36
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 53%

سلاح الجو الألماني يعتزم مواصلة رحلاته الإغاثية فوق غزة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:42
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

أول تعليق من حماس على عملية رام الله التي أصيب بها 7 جنود إس

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:30
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 62%

إسرائيل تستدعي نائب السفير التركي في تل أبيب على خلفية تصريح

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:18
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

كل ما تريد معرفته عن مباراة مصر ونيوزلندا فى انطلاقة كأس عاصمة مصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:00
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 37%

مندوب روسيا بمجلس الأمن: مشروع أمريكا بشأن غزة لا يدعو لوقف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:12
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

مسلسل بابا جه الحلقة 12.. مواعيد العرض والقنوات الناقلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:06
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 42%

فنون المنحنى – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:23:13
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 54%

أستاذ فقه لقناة الناس: من تصوم بلا حجاب أو صلاة صيامها صحيح

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:21:58
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 44%

معركة الليل.. مسلسل "الحشاشين" على خطى Game of Thrones (فيديو)

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:10
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 37%

موريتانيا: إنشاء محكمة فريدة لمحاربة الرق - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:24:12
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 53%

موقوف يفارق الحياة في مستشفى بني ملال والأمن يحقق

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:23:11
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 78%

مسلسل بيت الرفاعي الحلقة 12.. مواعيد العرض والإعادة والقنوات الناقلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:21:54
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 47%

تعريفة الركوب الجديدة لسيارات السرفيس والنقل الجماعى بالجيزة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-22 15:22:04
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 39%

تحميل تطبيق المنصة العربية