جدل
الجدل dialectic مصطلح يوناني يعني أصلاً فن الحوار أوالنقاش. وهوفهم القوانين الأكثر عمومية التي تحكم الطبيعة والمجتمع والفكر.
تاريخ
نشأ الجدل في اليونان مع الفيلسوف زينون الإيلي في القرن الخامس قبل الميلاد، وقد كانت أغاليطه نماذج من الجدل الجاد التي استثارت فلاسفة عصره للرد عليها. ولكن هذا الجدل الذي كان فناً للتحاور بغية الوصول إلى الحقيقة، بطرح الفكرة والفكرة المضادة لها عن طريق السؤال والجواب، تحول مع السفسطائيين إلى منهج مهني تعليمي نقدي، ووسيلة لعب بالألفاظ لإخفاء الحقيقة، ثم اتى تهكم سقراط صورة متقدمة لجدل زينون. فأصبح أسلوب تفكير ومنهج توليد للحقيقة، وذلك بتوجيه الأسئلة للخصم وتوليد الإجابات عليها، محاولاً حتى يسقط خصمه في التناقض بطريقته التهكمية التي تقوم على طرح معنى ينفي المعنى الأول.
وصار الجدل مع أفلاطون فهم تصنيف المفاهيم وتقسيم الأمور إلى أجناس وأنواع، إضافةً إلى أنه فن إلقاء الأسئلة والأجوبة، أي إنه تحول إلى منهج وفهم، فهوالمنهج الذي يرتفع بالعقل من المحسوس إلى المعقول، وهوالفهم بالمبادئ الأولى التي يبلغها الفيلسوف بدراسة العلوم الجزئية، لذلك قسمه أفلاطون إلى جدل صاعد ascending ينقل الفكر من الجزئي إلى الكلي، من المدركات الحسية إلى المعاني الكلية إلى التعقل الخالص إلى «المثل»، وجدل نازل descending ينزل بالعقل من أحمل المثل إلى أدناها بتحليلها وترتيبها في أجناس وأنواع.
واستخلص أرسطوقياسه syllogism من قسمة أفلاطون، وبنى منطقه الصوري على فهمه للجدل كاستدلال، فأطلق على الجدل الأرسطي اسم منطق الاحتمال logic of probability، لأن موضوعه الاستدلالات التي تكون مقدماتها محتملة. فقد فرق بين الجدل أي فهم الآراء الاحتمالية وفهم التحليلات أي فهم البرهان. وتمتع الجدل عند أرسطوبقيمة كبيرة، بوصفه وسيلة للتدريب على التفكير وطرائقه واختبار صدق المبادئ الأولى غير المبرهنة للعلوم.
في الفلسفة
واحتل الجدل مكانة عالية عند الرواقيين ، وخاصة عند أقريسيبوس، فهوعندهم المنطق الصوري. وقد طوره سينيكا ليضم أشكالاً من الاستدلال تُدرج اليوم مع حساب القضايا. كما استخدم الجدل في الفلسفة المدرسية ليشير إلى المنطق الصوري لقاء فن البلاغة. وبرغم تفشي الميتافيزيقة، فقد قدم ديكارت (في نظريته عن خلق الكون) واسبينوزا (في رأيه عن الجوهر باعتباره علة ذاته)، نماذج من الفكر الجدلي الحقيقي، وقدم روسووديدروثروة من الأفكار الجدلية، عالجت التناقض في الوعي الاجتماعي باعتباره شرطاً للتطور التاريخي.
وأظهرت المثالية الكلاسيكية الألمانية أبرز فترة قبل الماركسية في تطور الجدل، فقد أحدث كَنت، في تبنيه موقف ديكارت عن إدخال التطور في فهم الطبيعة، أول ثغرة في الميتافيزيقة، فطوّر الأفكار الجدلية الخاصة بالنقائض في مبحث الفهم، وكرّس بحثه في المنطق لمناقشة الجدل «الترانسدنتالي» بغية كشف وَهْم الأحكام الترانسندنتالية (أي الأحكام التي تتخذ موضوعات لها تتجاوز حدود التجربة). وبهذا جعل «كَنت» من الجدل طريقة مشروعة للبرهنة العقلية، وعملية ضرورية من عمليات العقل في محاولاته الفرار من دائرة الحس والظواهر والدخول في عالم الأمور في ذاتها، لاقتناعه حتى العالم يمكن حتىقد يكون موضوعاً للفهم النظرية التأملية، فالجدل عند كَنت، هومنطق للظاهر وما يقتضيه من قواعد وقوانين تستخدم في تحديد الموضوعات التي لا تتفق مع المعايير الصورية للحقيقة.
جزء من سلسلة عن |
گ. ڤ. ف. هيگل |
---|
الأشخاص |
إمانويل كانت يوهان ڤولفگانگ فون گوته يوهان گوتليب فيخته فريدريش هولدرلين فريدريش شلنگ آرثر شوپنهاور سورن كيركگارد باروخ سپينوزا |
أعماله |
فنومنولوجيا الروح فهم المنطق الموسوعة فلسفة الحق فلسفة التاريخ |
المدارس |
الهيگلية المثالية المطلقة البريطانية / المثالية الألمانية الجدلية جدلية السيد-العبد |
مواضيع متعلقة |
هيگليوالحق الهيگليون الشباب نظرية التغريب لماركس سر هيگل |
ونادى فيخته في كتابه «النظرية الفهمية» إلى منهج يحتوي على أفكار جدلية مهمة، أطلق عليه تعبير «منهج التناقض للمقولات الاستدلالية»، وقدم أول مرة ثلاثيته الشهيرة: القضية thesis والنقيض antithesis ومركب القضية والنقيض synthesis، وتابعه عليها شيلنغ، مؤكداً الاستيعاب الجدلي لظواهر الطبيعة.
وبلغ الجدل مع هيغل ذروته، وأصبح منهجاً فلسفياً شاملاً، «قدم معه العالم كله الطبيعي منه والتاريخي والعقلي أول مرة على أنه صيرورة، أي في حالة حركة وتغير وتحول وتطور دائم». آمن هيغل بأن الجدل ليس صفة عارضة للتفكير ولا خاصية أونشاط ذاتي له يمكن حتى ينطبق على الموضوع من الخارج، بل له طابع موضوعي عام، فالمنهج لا ينفصل عن موضوعه، إنه المضمون وما يكمن في هذا المضمون من تناقض هوالذي يحركه، يجعل منه مبدأً عاماً يفهم الأمور في طبيعة وجودها ذاته وفي حركتها، الجدل عنده مبدأ جميع حركة تكون فهمية، أي فلسفية.
وتطور عن الجدل الهيغلي الجدل الوجودي عند كيركغورد، الذي انتقده لقيامه على مبدأ التناقض بين الذات والموضوع وتقسيمه العالم إلى موضوعي وذاتي، واعتباره العالم بما فيه الإنسان موضوعاً غريباً عن الإنسان.
وبرز مع ماركس وأنغلز الجدل الفهمي الحقيقي الذي يضم القوانين التي تحكم تطور الوجود وقوانين الفهم، فقد استأصلا المضمون المثالي لفلسفة «هيغل»، وأقاما الجدل على فهمهما المادي للعملية التاريخية، وتطور الفهم، وعلى تعميمها للعمليات الواقعية التي تحدث في الطبيعة والمجتمع والفكر. إلى غير ذلك أصبح الجدل المادي منطقاً يعدّ الفكر والفهم مساويين للوجود، الذي هوفي حالة حركة وتطور، ومساويين للأشياء والظواهر، وهي في حالة صيرورة في عملية التطور، وهوالمنهج الفلسفي لبحث الطبيعة والمجتمع، فيه يعد التناقض المقولة الرئيسة، لأنه يكشف عن القوة الدافعة ومصدر جميع تطور، كما أنه يحتوي على مفتاح جميع المقولات الأخرى، ومبادئ التطور الجدلي: قانون نفي النفي، قانون الانتنطق من التغيرات الكمية إلى التغيرات الكيفية، قانون صراع الأضداد والتناقض.
لتظر أيضاً
- Philosophy
- Aristotle
- Chinese philosophy
- Critical theory (Frankfurt School)
- Dialectic process vs. dialogic process
- Dialectical behavioral therapy
- Dialectical materialism
- Dialectical research
- Dialectician
- Dialogic
- Doublethink
- Reflective equilibrium
- False dilemma
- Gotthard Günther
- György Lukács
- Heraclitus
- Hegel
- Paradox
- Plato
- Polemic
- Reflective equilibrium
- Relational dialectics
- Recursion
- Rhetoric
- Strange loop
- Synechism
- Taoism
- Universal dialectic
- Portals
- Portal:philosophy
- Portal:thinking
- Interdisciplinary concepts
- List of cycles
- Möbius strip
- Talmud: Form and style
- TRIZ
المصادر
- الموسوعة العربية
قراءات أخرى
- MM Postan, "Function and Dialectic in Economic History," The Economic History Review, 1962, no. 3.
- McKeon, Richard. "Dialectic and Political Thought and Action." Ethics 65, no. 1 (1954): 1-33.
وصلات خارجية
- Bertell Ollman Writings on Dialectics: Dialectics.Net
- David Walls, Dialectical Social Science