ابن خلدون

عودة للموسوعة

ابن خلدون

ابن خلدون
رسم فني لابن خلدون
ميلاد 27 مايو1332 تونس
وفاة 16 مارس 1406 القاهرة
الأصل العرقي عربي
الديانة المغرب العربي
الممضى مالكي
الاهتمامات الرئيسية فهم الاجتماع
التاريخ
الاقتصاد
العلوم السياسية
أعمال شهيرة نظرية الامبراطوريات الدورية، العصبية، نظرية النموالاقتصادي نظرية العرض والطلب
تأثيرات ابن جرير، ابن حزم، أبوبكر الطرطشي،ابن أبي ذر، محمد بن زكريا الرازي
تأثرات ابن الخطيب، ابن الأزرق، ابن الصادق، المقريزي
تمثال لابن خلدون في قلب العاصمة بساحة الاستقلال في تونس.

عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبوزيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي (1332 - 1406م) مؤرخ عربي شمال افريقي، تونسي المولد أندلسي الأصل، كما عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية وتلمسان، كما تَوَجَّهَ إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق ، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ستة وسبعين عامًا ودُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركا تراثا ما زال تأثيره ممتدا حتى اليوم ويعتبر ابن خلدون مؤسس فهم الاجتماع الحديث واب للتاريخ والاقتصاد.

حياته

مغرسة هاسيندا توري دي دونيا ماريا بدوس هيرماناس، إشبيلية. كانت ملكيتها لعائلة ابن خلدون

ولد ابن خلدون في تونس عام 1332 (732 للهجرة) بالدار الكائنة بنهج تربة الباي رقم 34. أسرة ابن خلدون أسرة فهم وأدب، فقد حفظ القرآن الكريم في طفولته، وكان أبوه هومفهمه الأول، شغل أجداده في الأندلس وتونس مناصب سياسية ودينية مهمة وكانوا أهل جاه ونفوذ، نزح أهله من الأندلس في منتصف القرن السابع الهجري، وتوجهوا إلى تونس، وكان قدوم عائلته إلى تونس خلال حكم دولة الحفصيين. يتعقب ابن خلدون أصوله إلى حضرموت وذكر في موسوعته كتاب العبر المعروفة باسم " تاريخ بن خلدون " أنه من سلالة الصحابي وائل بن حجر ولم يدعي أنه يعهد جميع أجداده إلى الصحابي.

رحل ابن خلدون بفهمه إلى مدينة بسكرة حيث تزوج هناك بإحدى بناتها، ثم توجه عام 1356 إلى فاس أين ضمه أبوعنان المريني إلى مجلسه الفهمي وأستعمله ليتولى الكتابة مؤرخا لعهده وما به من أحداث، وقدر لإبن خلدون رحيل آخر عام 1363 ميلادي إلى غرناطة ومن ثم إلى إشبيلية ليعود بعد ذلك لبلاد المغرب، فوصل إلى قلعة ابن سلامة (مدينة تيارت الجزائرية حاليا) فأقام بها أربعة أعوام وشرع في تأليف كتاب العبر وأكمل كتابته بتونس ثم حمل نسخة من كتابه لسلطان تونس، ملحقا إيّاها بطلب الرحيل إلى أرض الحجاز لأداء فريضة الحج وعثر ابن خلدون سفينة تستعد للعودة إلى الإسكندرية فركبها وتوجه إلى القاهرة أين قضى بقية حياته ، وتولى هناك القضاء المالكي بمصر بوصفه فقيها متميزا خاصة أنه سليل المدرسة الزيتونية العريقة وكان في طفولته قد تفهم بمسجد القبة الموجود قرب منزله سالف الذكر المسمى "سيد القبة". توفي ابن خلدون في القاهرة سنة 1406 م (808 هـ). ومن بين أساتذته الفقية الزيتوني الإمام ابن عهدة حيث تفهم بجامع الزيتونة المعمور ومنارة العلوم بالعالم الإسلامي آنذاك.

مسجد القبة الذي كان يفهم فيه ابن خلدون بالعاصمة التونسية
المسجد الذي تفهم فيه ابن خلدون خلال صباه بالعاصمة التونسية

يعتبر ابن خلدون أحد الفهماء الذين تفخر بهم الحضارة الإسلامية، فهومؤسس فهم الاجتماع وأول من وضعه على أسسه الحديثة، وقد توصل إلى نظريات باهرة في هذا الفهم حول قوانين العمران ونظرية العصبية، وبناء الدولة وأطوار عمارها وسقوطها. وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توصل إليه لاحقا بعدة قرون عدد من مشاهير الفهماء كالعالم الفرنسي أوجست كونت.

عدد المؤرخون لابن خلدون عددا من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق غير حتى من أشهر خطه كتاب بعنوان: العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، وهويقع في سبعة مجلدات وأولها المقدمة وهي المشهورة أيضا بمقدمة ابن خلدون، وتشغل من هذا الكتاب ثلثه، وهي تعبير عن مدخل موسع لهذا الكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل لآرائه في الجغرافيا والعمران والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز بعضهم عن الآخر.

دار ابن خلدون بالعاصمة التونسية

اعتزل ابن خلدون الحياة بعد تجارب مليئة بالصراعات والحزن على وفاة أبويه وكثير من شيوخه إثر وباء الطاعون الذي انتشر في جميع أنحاء العالم سنة 749هجرية (1323 م) وتفرغ لأربعة سنوات في البحث والتنقيب في العلوم الإنسانية معتزلا الناس في سنوات عمره الأخيرة، ليخط سفره المجيد أوما عهد بمقدمة ابن خلدون ومؤسسا لفهم الاجتماع بناء على الاستنتاج والتحليل في قصص التاريخ وحياة الإنسان. واستطاع بتلك التجربة القاسية حتى يمتلك صرامة موضوعية في البحث والتفكير.

  • ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في مختلف العصور والأمم. أرنولد توينبي
  • إن مؤلف ابن خلدون هوأحد أبرز المؤلفات التي انجزها الفكر الإنساني. جورج مارسيز
  • ان مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كفهم، وهوأروع عنصر فيما يمكن حتى يسمى بالمعجزة العربية. ايف لاكوست
  • انك تنبئنا بأن ابن خلدون في القرن الرابع عشر كان أول من اكتشف دور العوامل الاقتصادية وعلاقات الإنتاج. ان هذا النبأ قد أحدث سقطا مثيرا وقد اهتم به صديق الطرفين (المقصود به لينين) اهتماما خاصا. من رسالة بعث بها مكسيم غوركي إلى المفكر الروسي انوتشين بتاريخ 21/ايلول سبتمبر 1912.
  • ترى أليس في الشرق آخرون من أمثال هذا الفيلسوف. لينين
  • ففيما يتعلق بدراسة هيكل المجتمعات وتطورها فإن أكثر الوجوه يمثل تقدما يتمثل في إنسان ابن خلدون العالم والفنان ورجل الحرب والفقية والفيلسوف الذي يضارع عمالقة النهضة عندنا بعبقريته العالمية منذ القرن الرابع عشر. روجية غارودي
صورة ابن خلدون على عملة العشرة دينارات التونسية

هذا غيض من فيض مما نطقه بعض أقطاب الفكر الغربيين ناهيك عن المفكرين العرب والمسلمين وفيما يلي سنحاول حصر بعض المواضيع التي تناولها ابن خلدون بالبحث دون حتى ندعي أننا سنوفيها حقها وكيف نستطيع ذلك وفي جميع يوم نكتشف الجديد حول هذا العالم.


تعليمه

مكانة عائلته الاجتماعية مكنته من الدراسة على يد أفضل المدرسين في المغرب الكبير. تلقى فهم التربية الإسلامية الكلاسيكية، ودرس القرآن الكريم الذي كان يحفظ عن ظهر قلب، واللسانيات العربية، وأساسفهم القرآن، الحديث، الشريعة (القانون) والفقه فهم التاريخ.

لقد تجمعت في شخصية ابن خلدون العناصر الأساسية النظرية والعملية التي تجعل منه مؤرخا حقيقيا - رغم أنه لم يول في بداية حياته الثقافية عناية خاصة بمادة التاريخ - ذلك أنه لم يراقب الأحداث والوقائع عن بعد كبقية المؤرخين، بل ساهم إلى حد بعيد ومن مسقط المسؤولية في خلق تلك الأحداث والوقائع خلال مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت 50 عاما، وضمن بوتقة جغرافية امتدت من الأندلس وحتى بلاد الشام. فقد استطاع، ولأول مرة، (إذا استثنينا بعض المحاولات البسيطة هنا وهناك) حتى يوضح حتى الوقائع التاريخية لا تحدث بمحض الصدفة أوبسبب قوى خارجية مجهولة، بل هي نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات الإنسانية، لذلك انطلق في دراسته للأحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ. عملم التاريخ، وان كان (لايزيد في ظاهره عن أخبار الأيام والدول) انما هو(في باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وفهم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، لذلك فهوأصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق(المقدمة). فهوبذلك قد اتبع منهجا في دراسة التاريخ يجعل جميع أحداثه ملازمة للعمران البشري وتسير وفق قانون ثابت.

يقول: "فالقانون في تمييز الحق من الباطل في الأخبار بالإمكان والاستحالة حتى ننظر في الاجتماع البشري الذي هوالعمران ونميز ما يلحقه لذاته وبمقتضى طبعه وماقد يكون عارضا لا يعتد به وما لايمكن حتى يعرض له، وإذا عملنا ذلك، كان ذلك لنا قانونا في تمييز الحق من الباطل في الأخبار، والصدق من الكذب بوجه برهان لا مدخل للشك فيه، وحينئذ فاذا سمعنا عن شيء من الأحوال الواقعة في العمران فهمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم بتزييفه، وكان ذلك لنا معيارا سليما يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه."

إلى غير ذلك فهووان لم يكتشف مادة التاريخ فانه جعلها فهما ووضع لها فلسفة ومنهجا فهميا نقديا نقلاها من عالم الوصف السطحي والسرد غير المعلل إلى عالم التحليل العقلاني والأحداث المعللة بأسباب عامة منطقية ضمن ما يطلق عليه الآن بالحتمية التاريخية، وذلك ليس ضمن مجتمعه فحسب، بل في كافة المجتمعات الإنسانية وفي جميع العصور، وهذا ما جعل منه أيضا وبحق أول من اقتحم ميدان ما يسمى بتاريخ الحضارات أوالتاريخ المقارن. "إني أدخل الأسباب العامة في دراسة الوقائع الجزئية، وعندئذ أفهم تاريخ الجنس البشري في إطار شامل.اني ابحث عن الأسباب والأصول للحوادث السياسية. كذلك قولهداخلا من باب الأسباب على العموم على الأخبار الخصوص فاستوعب أخبار الخليقة استيعابا.وأعطي الحوادث علة أسبابا."

فهم الاجتماع

مقدمة ابن خلدون. للقراءة، اضغط على الصورة.

يعتبر ابن خلدون مؤسس فهم الاجتماع أوفهم العمران البشري. وقد ذكر في كتاب مقدمة ابن خلدون: ". وهذا هوغرض هذا الكتاب الأول من تأليفنا."، وهوفهم مستقل بنفسه موضوعه العمران البشري والاجتماع، ويهدف إلى "بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، وهذا شأن جميع فهم من العلوم وضعيا كان أم عقليا وأفهم حتى الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة، أعثر عليه البحث وأدى إليه الغوص. وكأنه فهم مستبط النشأة، ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة.

لقد قاد المنهج التاريخي الفهمي الذي اتبعه ابن خلدون إلى التوصل إلى فهم الاجتماع، وهذا المنهج يرتكز على حتى جميع الظواهر الاجتماعية ترتبط ببعضها البعض، فكل ظاهرة لها سبب وهي في ذات الوقت سبب للظاهرة التي تليها. لذلك كان مفهوم العمران البشري عنده يضم جميع الظواهر سواء كانت سكانية أوديمغرافية، اجتماعية، سياسية، اقتصادية أوثقافية. فهويقول في ذلك:"فهوخبر عن الاجتماع الإنساني الذي هوعمران العالم وما يعرض لطبيعة هذا العمران من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن الكسب والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال." ويناقش أيضا نظرية التطور لدى داروين وان لم يغص فيها. ثم يأخذ في تفصيل جميع تلك الظواهر مبينا أسبابها ونتائجها، مبتدئا بإيضاح حتى الإنسان لا يستطيع العيش بمعزل عن أبناء جنسه حيث: "ان الاجتماع الإنساني ضروري فالإنسان مدني من طبيعة الحال أي لا بد له من الاجتماع الذي هوالمدنية. وهومعنى العمران.

يناقش ابن خلدون العمران البشري بشكل عام مبينا أثر البيئة في البشر وهومايدخل حاليا في فهم الاتنولوجيا والانثروبولوجيا، ويتطرق لأنواع العمران البشري تبعا لنمط حياة البشر وأساليبهم الإنتاجية قائلا: "ان اختلاف الأجيال في أحوالهم انما هوباختلاف نحلتهم في المعاش." مبتدئا بالعمران البدوي باعتباره أسلوب الإنتاج الأولي الذي لا يرمي إلى الكثير من تحقيق ما ضروري للحياة: ".ان أهل البدوالمنتحلون للمعاش الطبيعي. وانهم مقتصرون على الضروري الاقوات والملابس والمساكن وسائر الأحوال والعوائد."

ثم يخصص الفصل الثالث من المقدمة للدول والملك والخلافة ومراتبها وأسباب وكيفية نشوئها وسقوطها، مؤكدا حتى النادىمة الأساسية للحكم تكمن في العصبية. والعصبية عنده أصبحت مقولة اجتماعية احتلت مكانة بارزة في مقدمته حتى اعتبرها الكثير من المؤرخين مقولة خلدونية بحتة، وهم محقون في ذلك لأن ابن خلدون اهتم بها اهتماما بالغا إلى درجة أنه ربط جميع الأحداث الهامة والتغييرات الجذرية التي تطرأ على العمران البدوي أوالعمران الحضري بوجود أوفقدان العصبية. كما أنها في رأيه المحور الأساسي في حياة الدول والممالك. ويطنب ابن خلدون في شرح مقولته تلك، مبينا حتى العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا، ذلك أنها تتولد من النسب والقرابة وتتوقف درجة قوتها أوضعفها على درجة قرب النسب أوبعده. ثم يتجاوز نطاق القرابة الضيقة المتمثلة في العائلة ويبين حتى درجة النسب قد تكون في الولاء للقبيلة وهي العصبية القبلية . ومن هذا الباب الولاء والحلف إذ نصرة جميع أحد من أحد على أهل ولائه وحلفه للألفة التي تلحق النفس في اهتضام جارها أوقريبها أونسيبها بوجه من وجوه النسب، وذلك لأجل اللحمة الحاصلة من الولاء. أما إذا أصبح النسب مجهولا غامضا ولم يعد واضحا في أذهان الناس، فإن العصبية تضيع وتختفي هي أيضا. . بمعنى حتى النسب إذا خرج عن الوضوح انتفت النعرة التي تحمل هذه العصبية، فلا منفعة فيه حينئذ. هذا ولا يمكن للنسب حتى يختفي ويختلط في العمران البدوي، وذلك حتى قساوة الحياة في البادية تجعل القبيلة تعيش حياة عزلة وتوحش، بحيث لا تطمح الأمم في الاختلاط بها ومشاركتها في طريقة عيشها النكداء، وبذلك يحافظ البدوعلى نقاوة أنسابهم، ومن ثم على عصبيتهم.

. الصريح من النسب انما يوجد للمتوحشين في القفر. وذلك لما اختصوا به من نكد العيش وشظف الأحوال وسوء الموطن، حملتهم عليها الضرورة التي عينت لهم تلك القسمة. فصار لهم ألفا وعادة، وربيت فيهم أجيالهم. فلا ينزع إليهم أحدا من الأمم حتى يساهم في حالهم، ولا يأنس بهم أحد من الأجيال. فيؤمن عليهم لأجل ذلك منت اختلاط انسابهم وفسادها. أما إذا تطورت حياتهم وأصبحوا في رغد العيش بانضمامهم إلى الأرياف والمدن، فإن نسبهم يضيع حتما بسبب كثرة الاختلاط ويفقدون بذلك عصبيتهم. . ثم يقع الاختلاط في الحواضر مع العجم وغيرهم وفسدت الانساب بالجملة ثمرتها من العصبية فاطرحت ثم تلاشت القبائل ودثرت فدثرت العصبية مدثورها وبقي ذلك في البدوكما كان. إلى غير ذلك نخلص للقول في هذا الصدد بأن العصبية تكون في العمران البدوي وتفقد في العمران الحضري.

العصبية والسلطة في فترة العمران البدوي

بعد حتى تعرض ابن خلدون لمفهوم العصبية وأسبا وجودها أوفقدانها، انتقل إلى موضوع حساس وهام، مبينا دور العصبية فيه، ألا وهوموضوع "الرئاسة" الذي سيتطور في (العمران الحضري) إلى مفهوم الدولة. فأثناء فترة "العمران البدوي" يوجد صراع بين مختلف العصبيات على الرئاسة ضمن القبيلة الواحدة، أي ضمن العصبية العامة حيث: (.ان جميع حي أوبطن من القبائل، وان كانوا عصابة واحدة لنسبهم العام، ففيهم أيضا عصبيات أخرى لأنساب خاصة هي أشد التحاما من النسب العام لهم مثل عشير واحد أوأهل بيت واحد أوأخوة بني أب واحد، لا مثل بني العم الأقربين أوالأبعدين، فهؤلاء أقعد بنسبهم المخصوص، ويشاركون من سواهم من العصائب في النسب العام، والنعرة تقع من أهل نسبهم المخصوص ومن أهل النسب العام، إلا أنها في النسب الخاص أشد لقرب اللحمة). ومن هنا ينجم التنافس بين مختلف العصبيات الخاصة على الرئاسة، تفوز فيه بطبيعة الحال العصبة الخاصة الأقوى التي تحافظ على الرئاسة إلى حتى تغلبها عصبة خاصة أخرى إلى غير ذلك.(.ولما كانت الرئاسة انما تكون بالغلب، وجب حتى تكون عصبة ذلك النصاب (أي أهل العصبية الخاصة) أقوى من سائر العصبيات ليقع الغلب بها وتتم الرئاسة لأهلها. فهذا هوسر اشتراط الغلب في العصبة، ومنه تعين استمرار الرئاسة في النصاب المخصوص).

يحدد ابن خلدون مدة وراثة الرئاسة ضمن العصبية القوية بأربعة أجيال على العموم، أي بحوالي 120 سنة في تقديره.(ذلك بأن باني المجد عالم بما عاناه في بنائه ومحافظ على الخلال التي هي سبب كونه وبقائه، وبعده ابن مباشر لأبيه قد سمع منه ذلك وأخذ عنه، إلا أنه مقصر في ذلك تقصير السامع بالشئ عن المعاين له ثم إذى اتى الثالث كان حظه في الاقتفاء والتقليد خاصة فقصر عن الثاني تقصير المقلد عن المجتهد ثم إذا اتى الرابع قصر عن طريقتهم جملة وأضاع الخلال الحافظة لبناء مجدهم واحتقرها وتوهم حتى أمر ذلك البنيان لم يكن بمعاناة ولاتكلف، وإنما هوأمر واجب لهم منذ أول النشأة بمجرد انتسابهم وليس بعصبية. واعتبار الأربعة من الأجيال الأربعة بان ومباشر ومقلد وهادم).وبذلك ينهي ابن خلدون نظريته المتعلقة باسلطة أثناء فترة (العمران البدوي) ويخلص إلى نتيجة حتى السلطة في تلم الفترة مبنية أساسا على العصبية بحيث لا يمكن حتى تكون لها قائمة بدونها.

العصبية والسلطة في العمران الحضري

انطلاقا من نظريته السابقة المتعلقة بدور العصبية في الوصول إلى الرئاسة في المجتمع البدوي، واصل ابن خلدون تحليله على نفس النسق فيما يتعلق بالسلطة في المجتمع الحضري مبينا حتى العصبية الخاصة بعد استيلائها على الرئاسة تطمح إلى ما أكثر، أي إلى فرض سيادتها على قبائل أخرى بالقوة، وعن طريق الحروب والتغلب للوصول إلى فترة الملك (. وهذا التغلب هوالملك، وهوأمر زائد على الرئاسة. فهوالتغلب والحكم بالقهر، وصاحبالعصبية إذا بلغ رتبة طلب ما فوقها). معتمدا في تحقيق ذلك أساسا وبالدرجة الأولى على العصبية حيث حتى (الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك). فهذه اذن الفترة الأولى في تأسيس الملك أوالدولة، وهي فترة لا تتم إلا من خلال العصبية.

بالوصول إلى تلك الفترة يبدأ (العمران الحضري) شيئا فشيئا وتصبح السلطة الجديدة تفكر في تدعيم وضعها آخذة بعين الاعتبار جميع العصبيات التابعة لها، وبذلك فانها لم تعد تعتمد على عامل النسب بل على عوامل اجتماعية وأخلاقية جديدة، يسميها ابن خلدون (الخلال). هنا تدخل الدولة في صراع مع عصبيتها، لأن وجودها أصبح يتنافي عمليا مع وجود تلك العصبية التي كانت في بداية الأمر سببا في قيامها، (يتراءى لنا مبدأ نفي النفي في المادية الجدلية<إضافة رابط المادية الجدلية ان وجد>). ومع نشوء يتخطى الملك عصبيته الخاصة، ويعتمد على مختلف العصبيات. وبذلك تتوسع قاعدة الملك ويصبح الحاكم أغنى وأقوى من ذي قبل، بفضل توسع قاعدة الضرائب من ناحية، والأموال التي التي تدرها الصناعات الحرفية التي التي تنتعش وتزدهر في فترة (العمران الحضري) من ناحية أخرى.

لتدعيم ملكه يلجأ إلى تعويض القوة العسكرية التي كانت تقدمها له العصبية الخاصة أوالعامة(القبيلة) بإنشاء جيش من خارج عصبيته، وحتى من عناصر خارجية عن قومه، وإلى اغراق رؤساء قبائل البادية بالأموال، وبمنح الإقطاعات كتعويض عن الامتيازات السياسية التي فقدوها. إلى غير ذلك تبلغ الدولة الجديدة قمة مجدها في تلك الفترة، ثم تأخذ في الانحدار حيث حتى المال يبدأ في النفاذ شيئا فشيئا بسبب كثرة الإنفاق على ملذات الحياة والترف والدعة. وعلى الجيوش ومختلف الموظفين الذين يعتمد عليهم الحكم. فيزيد في فرض الضرائب بشكل مجحف، الشئ الذي يؤدي إلى إضعاف المنتجين، فتتراجع الزراعة وتنقص حركة التجارة، وتقل الصناعات، وتزداد النقمة وبذلكقد يكون الحكم قد ولج فترة بداية النهاية، أي فترة الهرم التي ستنتهي حتما بزواله وقيام ملك حديث يمر بنفس الأطوار السابقة اغلتي يجملها ابن خلدون في خمسة أطوار. (. وحالات الدولة وأطوارها لا تعدوفي الغالب خمسة أطوار.

  • الطور الأول طور الظفر بالبغية، وغلب المدافع والممانع، والاستيلاء على الملك وانتزاعه من أيدي الدولة السالفة قبلها.فيكون صاحب الدولة في هذا الطور أسوة بقومه في اكتساب المجد وجباية المال والمدافعة عن الحوزة والحماية لا ينفرد دونهم بشيء لأن ذلك هومقتضى العصبية التي سقط بها الغلب، وهي لم تزل بعد بحالها.

الطور الثاني طور الاستبداد على قومه والانفراد دونهم بالملك وكبحهم عن التطاول للمساهمة والمشاركة.ويكون صاحب الدولة في هذا الطور معنيا باصطناع الرجال واتخاذ الموالي والصنائع والاستكثار من ذلك، لجدع أنوف أهل عصبيته وعشيرته المقاسمين له في نسبه، الضاربين في الملك بمثل سهمه.فهويدافعهم عن الأمر ويصدهم عن موارده ويردهم على أعقابهم حتى بخلصوا إليه حتى يقر الأمر في نصابه

الطور الثالث طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع طباع البشر إليه من تحصيل المال وتخليد الآثار وبعد الصيت، فسيتفرغ وسعه في الجباية وضبط الدخل والخرج، وإحصاء النفقات والقصد فيها، وتشييد المباني الحافلة والمصانع العظيمة، والامصار المتسعة، والهياكل المرتفعة، وإجازة الوفود من أشرف الأمم ووجوه القبائل وبث المعروف في أهله. هذا مع التوسعة على صنائعه وحاشيته في أحوالهم بالمال والجاه، واعتراض جنوده وادرار ارزاقهم وانصافهم في اعطياتهم لكل هلال، حتى يظهر أثر ذلك عليهم ذلك في ملابسهم وشكتهم وشاراتهم يوم الزينة.وهذا الطور آخر أطوار الاستبداد

الطور الرابع طور القنوع والمسالمة ويكون صاحب الدولة في هذا قانعا بما أولوه سلما لأنظاره من الملوك واقتاله مقلدا للماضين من سلفه. ويرى حتى الخروج عن تقليده فساد أمره وأنهم أبصر بما بنوا من مجده.

الطور الخامس طور الإسراف والتبذير ويكون صاحب الدولة في هذا الطور متلفا لما جمع أولوه في سبيل الشهوات والملاذ والكرم على بطانته وفي مجالسه، واصطناع أخدان السوء وخضراء الدمن، وتقليدهم عظيمات الأمور التي لا يستقلون بحملها، ولايعهدون ما يأتون ويذرون منها، مستفسدا لكبار الأولياء من قومه وصنائع سلفه، حتى يضطغنوا عليه ويتخاذلوا عن نصرته، مضيعا من جنده بما أنفق من أعطياتهم في شهواتهم. وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهرم، ويستولي عليها السقم المزمن الذي لا تكاد تخلص منه.أي حتى تنقرض).(المقدمة) واذن فان تحليل ابن خلدون بولادة ونمووهرم الدولة هوذوأهمية بالغة، لأنه ينطلق من دراسة الحركة الداخلية للدولة المتمثلة في العصبية، تلك المقولة الاجتماعية والسياسية التي تعتبر محور جميع المقولات والمفاهيم الخلدونية. فقد اعتمد عليها اعتمادا أساسيا في دراسته الجدلية لتطور المجتمعات الإنسانية(العمران البشري) وكأنه يبشر منذ القرن الرابع عشر بما اصطلح على تسميته في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ب (المادية الجدلية). وفي غمرة انطلاقت الفهمية الرائعة الرائدة وضع إصبعة على العصب الحساس والرئيسي، وان لم يكن الوحيد في تطور (العمران البشري) ألآ وهوالاقتصاد


فهم الاقتصاد

ان النتيجة التي توصل إليها ابن خلدون في الفصل الثاني من مقدمته عند بحثه للعمران البدوي وهي:(ان اختلاف الأجيال في أحوالهم انما هوباختلاف نحلهم من المعاش) قادته بالضرورة إلى دراسة عدة مقولات اقتصادية تعتبر حجر الزاوية في فهم الاقتصاد الحديث، مثل دراسة الأساليب الإنتاجية التي تعاقبت على المجتمعات البشرية، وانتنطق هذه الأخيرة من البداوة إلى الحضارة، أي من الزراعة إلى الصناعة والتجارة:(.وأما الفلاحة والصناعة والتجارة فهي وجوه طبيعية للمعاش.أما الفلاحة فهي متقدمة عليها كلها بالذات.وأما الصناعة فهي ثانيها ومتأخرة عنها لأنها مركبة وفهمية تصرف فيها الأفكاروالأنظار، ولهذا لا توجد غالبا إلا في أهل الحضر الذي هومتأخر عن البدووثان عنه).

يركز ابن خلدون على الصناعة جاعلا منها السبب الأساسي في الازدهار الحضاري:(ان الصنائع انما تكتمل بكمال العمران الحضري وكثرته. ان رسوخ الصنائع في الأمصار انما هوبرسوخ الحضارة وطول أمدها). كما تناول مقولة تقسيم العمل بالتأكيد على أن(النوع الإنساني لا يتم وجوده الا بالتعاون)، لعجز الإنسان عن تلبية جميع حاجاته مهما كانت قدرته بمفرده، حيث حتى (الصنائع في النوع الإنساني كثيرة بكثرة الأعمال المتداولة في العمران. فهي بحيث تشذ عن الحصر ولا يأخذها العد.(مثل) الفلاحة والبناء والخياطة والنجارة والحياكة والتوليد والوراقة والطب.) أما القيمة فهي في نظره (قيمة الأعمال البشرية):فأفهم حتى ما يفيد الإنسان ويقتنيه من المتمولات ان كان من الصنائع فالمفاد المقتنى منه قيمة عمله.إذ ليس هناك الا العمل، مثل النجارة والحياكة معهما الخشب والغزل، إلا حتى العمل فيهما أكثر فقيمته أكثر، وان كان من غير الصنائع فلا بد في قيمة ذلك المفاد والقنية من دخول قيمة العمل الذي حصلت به، إذ لولا العمل لم تحصل قيمتها.فقد تبين حتى المفادات والمكتسبات كلها انما هي قيم الأعمال الإنسانية). ولم يغفل أيضا عن مقولة (القيمة الزائدة) وان لم يعالجها بشكل معمق عند تعرضه لصاحب الجاه:(وجميع ما شأنه ان تبذل فيه الاعواض من العمل يستعمل فيه الناس من غير عوض فتتوفر قيم تلك الأعمال عليه، فهوبين قيم للأعمال يكتسبها، وقيم أخرى تدعوه الضرورة إلى إخراجها، فتتوفر عليها، والأعمال لصاحب الجاه كبيرة، فتفيد الغني لأقرب وقت، ويزداد مع مرور الأيام يسارا وثروة). من جميع ما تقدم نستطيع المجازفة والقول إذا أعمال ابن خلدون وبالذات

  • ويرفض ابن خلدون تدخل الدولة المباشر في الإنتاج والتجارة لما يترتب عليه من أضرار اقتصادية. فهويرى حتى حاجة الدولة لتغطية نفقاتها المتزايدة تدفعها نحوهذا التدخل ولكن النتيجة حينئذ تكون بعكس القصد. يخط ابن خلدون "افهم حتى الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من الترف وكثرة العوائد والنفقات وقصر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجاتها ونفقاتها، واحتاجت إلى مزيد المال والجباية، فتارة توضع المكوس على بياعات الرعايا وأسواقهم كما قدمنا وتارة بالزيادة في ألقاب (معدلات؛ أسعار) المكوس إذا كان قد استحدث من قبل، وتارة بمقاسمة العمال والجباة وامتكاك (امتصاص) عظامهم، لما يرون أنهم قد حصلوا على شئ طائل من أموال الجباية لا يظهره الحسبان (المحاسبون)، وتارة باستحداث التجارة والفلاحة للسلطان على تسمية الجباية (باسم الجباية)، لما يرون التجار والفلاحين يحصلون على الفوائد والغلات مع يسارة أموالهم، وأن الأرباح تكون على نسبة رؤوس الأموال. فيأخذون في اكتساب الحيوان والنبات لاستغلاله في شراء البضائع والتعرض بها لحوالة الأسواق، ويحسبون ذلك من إدرار الجباية وتكثير الفوائد. غلط عظيم وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة". مما تقدم يبين لنا حتى مقدمة ابن خلدون تعتبر أول موسوعة في العلوم الإنسانية، بل هي باكورة العمل الموسوعي العام قبل ظهور عصر الموسوعات بحوالي خمسة قرون

الفلسفة

يرى ابن خلدون في المقدمة حتى الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعهدها قائلا: بأن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا حتى الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تسليم العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهوباللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذر ابن خلدون الناظرين في هذا الفهم من دراسته قبل الاطلاع على العلوم الشرعية من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يكبن أحد عليها وهوخلومن علوم الملة فقل حتى يسلم لذلك من معاطبها·.

لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على حتى البحث في هذا الفهم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء الفهماء إلى دارسي الفلسفة حتى يعهدوا الشرع والنقل قبل حتى يمعنوا في التجريد العقلي.

فلسفة ابن خلدون

امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما خطه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وفهمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.

بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم، أوفد أكثر من مرة لحل نزاعات دولية، فقد عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح. وبعد ذلك بأعوام، استعان أهل دمشق به لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمور لنك، والتقوا بالعمل.

الفكر التربوي عند ابن خلدون

له مساهمة فعالة في فهم التربية والذي لم يكن معروفا كفهم أكاديمي مستقل مثل اليوم، وقد عملت دراسات كثيرة حول فكرة التربوي، ويمكن إجمال أفكاره التربوية في التالي:

  • أن الفهم ينقسم إلى فهمين فهم نقلي وفهم عقلي.
  • التدرج في التعليم.
  • البدء بالمحسوسات والتدرج حتى الملموسات.
  • يكون تعليم الصبي بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض الأشعار حتى تقوى ملكة الحفظ.


الغرب وابن خلدون

كثير من الكتاب الغربيين وصفوا تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا ديني للتأريخ، وهوله تقدير كبير عندهم. من الممكن تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ونادىه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.

كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثلاث أسر: المغرب كان تحت سيطرة المرينيين (1196 - 1464)، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556)، تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574). التصارع بين هذه الدول الثلاثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر. وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار والتدهور.

وظائف تولاها

كان ابن خلدون دبلوماسيا حكيما أيضا. وقد أوفد في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول: مثلا، عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما وكان صديقا مقربا لوزيره لسان الدين ابن الخطيب.كان وزيرا لدى أبي عبد الله الحفصي سلطان بجاية، وكان مقربا من السلطان أبي عنان المرينىقبل حتى يسعى بينهما الوشاة. وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب الأمان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما. وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته. إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها، ويقدم تقييما متميزا لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك المغرب الخصال الإسلامية لشخصية ابن خلدون، أسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلا، وذكائه وكرمه، وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملا متميزا عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الإسلامية لعالم كبير قابل المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس فهم الاجتماع.

ساهم في الدعوة للسلطان أبى حموالزيانى سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية في يد سلطان قسنطينة أبى العباس الحفصى وأوفد أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيرا لدى أبى حمو.

وفاته

توفي في مصر عام 1406 م، ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة. وقبره غير معروف. والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34 بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.

له قصيدة في الحنين لموطنه تونس

أحن إلى ألفي وقد حال دونهم مهامه فيح دونهن سباسب

ويبقى ابن خلدون اليوم شاهدا على عظمة الفكر الإسلامي المتميز بالدقة والجدية الفهمية والقدرة على التجديد لاثراء الفكر الإنساني.

خطه ومؤلفاته

  • تاريخ ابن خلدون، المخطة الوقفية للخط المصورة واسمه: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في فهم أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر.
  • شفاء السائل لتهذيب المسائل، نشره وعلق عليه أغناطيوس عبده اليسوعي.
  • مقدمة ابن خلدون
  • التعريف بابن خلدون ورحلاته شرقا وغربا (مذكراته).

انظر أيضاً

اقرأ نصاً ذا علاقة في

مقدمة ابن خلدون


  • فهم الاجتماع
  • تعاقب دوري في تفسير التاريخ
  • المقريزي

المصادر

  1. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير سليم؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Muqaddimah 2 1995 p 30
  2. ^ Weiss 1995, p. 31 quotes Muqaddimah 2:276–78
  3. ^ In al-Muqaddima Ibn Khaldun cites him as a pioneer in Sociology
  4. ^ ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، الجزء الأول ص 5، تدقيق خليل شحاتة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت 2001
  5. ^ (ar) ابن خلدون، مسقط يا بيروت
  6. ^ (ar) ابن خلدون وابتكار فهم الاجتماع، مسقط تاريخ الإسلام
  7. ^ Gates, Warren E. (1967). "The Spread of Ibn Khaldûn's Ideas on Climate and Culture". Journal of the History of Ideas (University of Pennsylvania Press) 28 (3): 415–422. doi:10.2307/2708627.
  8. ^ ابن خلدون في إسلام أونلاين
  9. ^ عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر الجزء السابع ص 379 ـ 380
  10. ^ (ar) وثائقي | فهماء مسلمون :تسعة ابن خلدون،وثائقي ابن خلدون
  11. ^ تونس تحتفي بميلاد ابن خلدون الجزيرة.نت، تاريخ الولوج أربعة يونيو2013

المراجع

  • الموسوعة العربية العالمية.
  • التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا. تأليف: عبد الرحمن ابن خلدون
  • مقدمة ابن خلدون
  • مقدمة المكروديناميكا الاجتماعية. الدورات المئوية والتيارات الالفية في أفريقيا / تأليف أندريه كاراطائف ISBN 5-484-00560-4
  • الموسوعة السياسية - الحزء الثالث.

وصلات خارجية

  • تحميل نسخة إلكترونية رائعة لمقدمة ابن خلدون.
  • دار الارقم بن أبي الارقم، - حكماء وفهماء وفلكيون وادباء ومفكرون وخلفاء ومبدعون مسلمون
  • إسبانيا تحتفي بالذكرى المئوية السادسة لوفاة ابن خلدون
  • صور لتشكيلة من مقتنيات ابن خلدون الشخصية ضمن معرض ابن خلدون جسر بين الشرق والغرب في مصر
  • ابن خلدون
  • ابن خلدون في إسلام أونلاين
  • كيف غير فهماء المسلمين وجه العالم،يا ترى؟ - منطقة مترجمة
  • جوجل يحتفل بذكرى ميلاد مؤسس فهم الاجتماع "ابن خلدون" أريبيان بزنس، 27 مايو2011
  • يبليوغرافيا الدِّراسات الخلدونيّة :مؤلفات ابن خلدون ومصادر دراسته فهم وعمران، فريد جحا.


تاريخ النشر: 2020-06-09 05:05:51
التصنيفات: صفحات بأخطاء في المراجع, علماء مسلمون, الدول التاريخية الإسلامية, ابن خلدون, أشخاص أرخوا للجزائر, أشخاص من مدينة تونس, أندلسيون, اقتصاديون إسلاميون, تطور ثقافي-اجتماعي, خريجو جامعة القرويين, علماء أندلسيون, علماء اجتماع, علماء اجتماع تونسيون, علماء الإنسان, علماء عرب, علماء من العصور الإسلامية الوسطى, فلاسفة مسلمون, قضاة تونسيون, كتاب سيرة ذاتية, مؤرخون تونسيون, مؤرخون عرب, مؤرخون مسلمون, مستكشفون مسلمون, نظريات التاريخ

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تقدم أشغال بناء المركز الفدرالي للتكوين في كرة القدم بالعيون

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-10-07 18:24:08
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 70%

سفيرة المملكة في براغ : المغرب، أرض السلام والتعايش

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-10-07 18:24:05
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 67%

"توقف عن حديث الحرب".. إيلون ماسك يزعج الأوكرانيين

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-07 18:24:08
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

دوري كرة السلة.. قطار الأهلي يعبر الوحدة ويتصدر المسابقة

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-07 18:24:09
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

مقتل شخص وإصابة 4 في انفجار بكردستان العراق 

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-07 18:24:06
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 54%

دليلك لأداء العمرة بسهولة.. كيف تسجل في منصة نسك؟

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-07 18:24:11
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

ترسانة «نهاية العالم».. ما هي قدرة الأسلحة النووية الروسية؟

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-07 18:24:04
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

تحميل تطبيق المنصة العربية