يوليوس قيصر

عودة للموسوعة

يوليوس قيصر

گيوس يوليوس قيصر
Gaius Julius Caesar
حاكم روماني للجمهورية الرومانية
Reign أكتوبر، 49 ق.م.–15 مارس، 44 ق.م.
الاسم الكامل گيوس يوليوس قيصر
وُلد 12 يوليو100 ق.م. - 102 ق.م.
روما، الجمهورية الرومانية
توفي 15 مارس 44 ق.م. (سنه56)
Predecessor لوقيوس كورنليوس صولا فليكس (كديكتاتور الجمهورية الرومانية)
Successor الإمبراطور الروماني أغسطس
Consort 1) كورنيل سينا الصغرى 84 ق.م.–68 ق.م.
2) پومپيا 68 BC–63 ق.م.
3) كالپورينا پيسونيس 59 ق.م.–44 BC
الأنجال يوليا قيصر
الإقامة الملكية يوليو-كلوديان
الأب گيوس يوليوس قيصر
الأم أورليا كوتا
هذه الموضوعات عن روما القديمة Comitium of the Republican era
أبنية- Rostra, Curia Hostilia, Curia Julia, Lapis Niger
سياسيون- Cicero, Gaius Gracchus, يوليوقيصر
Assemblies- Roman Senate, comitia curiata

گيوس يوليوس قيصر (100 ق.م. - 44 ق.م.) بالإنگليزيةGauis Julius Caesar باللاتينية ˈgaːius ˈjuːlius ˈkaɪsar، كان قائد سياسي وعسكري بارع ويعتبر يوليوس قيصر واحد من أكثر الرجال نفوذاً في تاريخ العالم. وقام بدور هام في تحول الجمهورية الرومانية إلى الإمبراطورية الرومانية وكان امبراطوراَ لها وخلفه الكثير من الأباطرة والحكام الذين تبنوا أسمه وأبرزهم إبنه (بالتبني) أغسطس قيصر وغيره.

الحياة المبكرة

گيوس مريوس، عم القيصر
لوقيوس كورنليوس صولا فليكس

ولد يوليوس قيصر في عائلة عريقة من الأشراف الرومان، عايش في فترة مراهقته عهد الحرمان (الحرمان من حماية القانون) الذي فرضه ماريوس صهر أبيه. كما عايش عهد ديكتاتورية سولا وأوائل عهد پومپي.


في حي سابورة- وهوحي من الطراز القديم، ومن الأحياء التي تكثر فيها الحوانيت والحانات والمواخير. في هذا البيت ولد قيصر في عام 100 ق.م، وكان مولده نتيجة لجراحة هي التي كانت سبباً في تسميته باسمه الأول. كان يوليوس قيصر منذ صغره محباَ للفهم حيث تفهم في اليونان الكثير من العلوم, إذ كانت اليونان مركز العلوم في ذلك الحين وكان أبناء أثرياء روما يرسلون إاليها للتفهم ثم التدرج في العمل السياسي أوما شابه. انضم قيصر إلى المعهجر السياسي منذ بداياته حيث كانت عائلة قيصر معادية بصورة تقليدية لحكم الأقلية المتمثل بمجموعة من الأعضاء النبلاء في مجلس الشيوخ.

واتى قيصر ليتبع هذا التقليد. أودعه سولا بالسجن لفترة قصيرة لكنه تمكن من المحافظة على علاقات طيبة مع النبلاء لعشر سنوات بعد إطلاق سراحه. حتى أنه تم اختياره زميلاَ جديداَ في كلية القساوسة عام 73 ق.م. ثم أنضم إلى صفوف الجيش الروماني كضابط ومحاسب تابع للحكومة الرومانية إلى حتى قاد جيشه الخاص المعروف كأكثر جيوش روما إنضباطاً على الإطلاق. وقف قيصر إالى جانب بومبي مؤيداَ له بصورة صريحة عام 71 ق.م. وشكل قيصر وبومبي وكراسوس أول حكومة ثلاثية.


الأخلاق والسياسة

Deification of Julius Caesar as represented in a 16th-century engraving.

كان ببليوس كلوديوس بلشر Publiws Claudius Pulcher أيببليوس كلوديوس الجميل فرعاً من دوحة آل كلوديوس. وكان شاباً أرستقراطياً باسلاً لا يهاب الردى ولا يتورع من الناحية الخلقية عن اقتراف أية موبقة. وقد هبط من مرتبته السامية، كما هبط منها كاتلين وقيصر ، ليقود العامة في كفاحهم ضد الأغنياء، وأراد حتىقد يكون من حقه حتى يختار تربيوناً فأقنع إحدى الأسر الفقيرة في حتى تتبناه، وأراد حتى يعيد توزيع الثروة التي تجمعت في أيدي بعض الطبقات في رومه، وأن يقضي على شيشرون- وكان قد استطال في عرض أخته كلوديا وأخذ يدليع عن حرمة الملكية- فعمل جندياً عادياً تحت إمرة قيصر حتى يستطيع حتى يستولي على زمام السلطة.

وكان يعجب بخطط قيصر ويعشق زوجته، واحتال للوصول إليها بأن تزيى بزي امرأة ودخل بيت قيصر ، ثم تزيى بزي كاهن واشهجر في المراسم الدينية التي يقيمها النساء وحدهن إلى الآلهة الطيبة Bona Dea. ثم افتضح سره ووجهت إليه تهمة الاعتداء على حرمة الإلهة وأسرارها ، وحوكم على هذه التهمة. ولما نودي على قيصر ليشهد عليه نطق إنه لا يوجه تهمة ما إلى كلوديوس. فلما سأله المدعي العمومي عن سبب طلاقه بمبيا نطق إذا سبب هذا الطلاق هو"أن زوجتي يجب حتى تكون بعيدة عن الشبهات".

وكانت هذه إجابة لبقة تسيء إلى ذلك العون السياسي القيم، ولا تسيء إليه هو، وشهد كثيرون من الشهود بأن كلوديوس من الشهود كان على اتصال بكلوديا، وأنه ضاجع أخته ترشيا بعد زقابلا من لوكس: واحتج كلوديوس بانه كان غائباً عن روما في ذلك اليوم الذي يعزى إليه فيه ذلك الاتهام المزعوم الدنيء، ولكن شيشرون شهد بان كلوديوس كان معه في روما في ذلك اليوم نفسه.

وظن الشعب حتى المسألة كلها مؤامرة من مجلس الشيوخ للقضاء على زعيم من زعمائه ، وأخذ يطالب ببراءته من التهمة الموجهة إليه. ورشا كراسس عدداً من القضاة- بتحريض قيصر كما يقول بعضهم- ليحكموا في صالح كلوديوس، واستطاع المتطرفون للمرة الأولى حتى يقدموا من المال أكثر مما يقدمه المحافظون، وبرئ كلوديوس. ولم يدع قيصر هذه الفرصة السانحة تفلت من يده فاستبدل بزوجة من أبناء المحافظين ابنة أحد الشيوخ المناصرين لقضية الشعب. ولم يكد قيصر يعتزل منصبه حتى اقترح بعض المحافظين إلغاء جميع التشريعات التي أصدرها إلغاء تاماً.

ولم يكتم رايه في هذه "القوانين اليوليوسية" وطلب بمحوها من سجلات القوانين الرومانية. وتردد مجلس الشيوخ في الاستجابة إلى هذا التحدي الصريح لقيصر ومن ورائه الجحافل الرومانية، ولكلوديوس المسيطر على التربيونية. وكان كاتوفي عام 63 قد خطب ود الشعب وحاول ضمه إلى جانب المحافظين بإعادة النظام القاضي بتوزيع الغلال على الأهلين بثمن بخس. وأراد كلوديوس حتىقد يكون أكثر منه استرضاء للعامة فأخذ يوزع الغلال من غير ثمن على جميع من يطلبها، وأقرت الجمعية بناء على طلبه مشروعات قوانين تحرم رفض الإجراءات التشريعية بالاستناد إلى الحجج الدينية وتجعل تأليف الهيئات النقابية من الحقوق المشروعة، وكان مجلس الشيوخ قد حاول من قبل حلها. وقد أعاد هوتنظيم هذه الهيئات وجعل لها حق الاقتراع مجتمعة، وكسب بذلك ولاءها وإخلاصها له، فعينت له من أعضائها حرساً مسلحاً.

وإذ كان يخشى حتى يحاول كاتووشيشرون، بعد حتى تنتهي فترة توليه منصبه، إلغاء ما قام به قيصر من الأعمال فقد أقنع الجمعية بتعيين كاتومندوباً رومانياً في قبرص وإصدار قرار يقضي بنفي جميع من يتسبب في اغتال أي مواطن روماني دون حتى يحصل على موافقة الجمعية، كما تتطلب ذلك قوانين الدولة. ورأى شيشرون أنه هوالمقصود بهذا القانون، ففر إلى بلاد اليونان حيث أخذت المدن والشخصيات الكبيرة تتنافس في تكريمه والاحتفاء بمقدمه. وكان رد الجمعية على هذا القرار حتى قررت مصادرة أملاك شيشرون، وهدم بيته القائم على تل البلاتين Palatine. وكان من حسن حظ شيشرون حتى كلوديوس قد غمره ما ناله من نصر، فأخذ يهاجم بمبي وقيصر، ويحاول الانفراد بزعامة الشعب. وكان جواب بمبي على خطط كلوديوس حتى أيد الطلب الذي تقدم به كونتس Quintus أخوشيشرون بالسماح لخطيب رومه حتى يعود إليها.

ونادى مجلس الشيوخ جميع المواطنين الرومان إلى الاجتماع في عاصمة الدولة ليبدوا رأيهم في هذا الاقتراح. واتى كلوديوس بعصابة مسلحة إلى ميدان المريخ لتشرف على عملية الاقتراع، واستخدم بمبي رجلاً فقيراً من الأشراف يدعى أنيوس مليوAnnius Milo لتنظيم عصابة أخرى لمناوأتها، وكانت نتيجة ذلك حدوث شغب واضطراب سفكت فيه الدماء، فقتل عدد كبير من الناس ولم ينج كونتس نفسه من القتل إلا بمعجزة من المعجزات. على أنه أفلح فيما كان يرمي إليه، وعاد شيشرون ظافراً إلى رومه بعد نفي دام عدة شهور ، وحيته في طريقه من برنديزيوم إلى رومه جماهير غفيرة بلغت من الكثرة حداً تظاهر معه شيشرون بالخوف من حتى يتهم بأنه قد دبر أمر نفيه ليحظى بهذا التكريم العظيم عند عودته. ويلوح أنه قد تعهد بمناصرة بمبي، ولعله أيضاً قد تعهد بمناصرة قيصر، نظير سماحمها بعودته.

وشاهد ذلك حتى قيصر أقرضه أموالاً كثيرة لينظم بها شؤونه المالية من جديد، وأبى حتى يتقاضى عليها فائدة.

حملاته العسكرية

تمثال رأس يوليوس قيصر في متحف Kunsthistorisches Museum, فيينا

خلال السنوات التسع التي تلت انشغل قيصر بقيادة حملاته في بقاع مختلفة من العالم ضمت توسعة نفوذ روما إلى جميع من بلاد گال (فرنسا) وسوريا ومصر وغيرها, حيث كانت معظم حملاته ناجحة إلى حد مثير حيث عين حاكما لإسبانيا البعيدة ليتم إنتخابه قنصلاَ. ونصب بعد ذلك حاكماَ على بلاد الگال، وكانت تلك مهمة شغلته لتسعة سنوات كان خلالها تاركاَ لبومبي وكراسوس أمر حماية مصالحه في روما.

إلا إنه كانت هناك خلافات كثيرة بينهم عند هذا الوقت جعلتهم يعقدون لقاءَ فيما بينهم في لوكا عام 56 ق.م. في محاولة لحل تلك الخلافات. عين بومبي قنصلاَ وحيداَ عام 52 ق.م. بعد موت كراسوس الأمر الذي نتج عنه حرباَ أهلية وهزيمة لجيش بومبي في إسبانيا عام 45 ق.م ثم عاد قيصر بعد ذلك إالى روما ليكون حاكمها الدكتاتوري المطلق.


القنصل

تمثال نصفي للقيصر من متحف الآثار الوطنية في ناپولي.

بدأ قيصر حياته السياسية بأن تحالف مع كاتلين سراً واختتمها بأن أعاد الحياة إلى روما. ذلك أنه لم يكد يمضي عام واحد على موت صلا حتى قدم للمحاكمة نيوس دلابلا Gnaeus Dolabella أحد العاملين في حركة صلا الرجعية ، وكان قرار المحلفين على غير ما يشتهيه قيصر ، ولكن العامة هللت له حين هاجم ذلك القرار في خطبة بليغة ردد فيها المبادئ الديمقراطية. نعم إنه لم يكن يضارع شيشرون في تحمسه وفكاهته، أوفي جمله الموزونة القوية، أوفي حدة لسانه. والحق حتى قيصر كان يبغض أسلوب شيشرون "الأسيوي" لأنه اعتاد من أول الأمر ذلك الأسلوب الموجز القوي ذا البساطة الصارمة التي امتازت بها فيما بعد "تعليقاته" على الحربين الغالية والأهلية. على أنه رغم هذا كله لم يلبث حتى صار أفصح الفصحاء في روما إذا استثنينا شيشرون نفسه.

واختير قيصر كوسترا في عام 68 ق.م. ، وأوفد للعمل في أسبانيا حيث تولى قيادة الحملات العسكرية التي سيرت لتأديب القبائل الوطنية، فخرب مدنها، ونهب من الأموال ما استطاع حتى يوفي به بعض ما عليه من الديون. على حتى هذه المدن قد حمدت له في الوقت نفسه حتى خفض فوائد قروضها من الماليين الرومان، ولما قدم إلى مدينة جادز وشاهد فيها تمثالاً للإسكندر الأكبر أخذ يلوم نفسه على أنه لم يعمل إلا القليل في مثل السن التي فتح الفتى المقدوني حين بلغها نصف عالم البحر الأبيض المتوسط.

ثم عاد بعدئذ إلى رومه واندفع في الصراع القائم وقتئذ في سبيل المنصب والسلطان. فاختير إيديلا أومشرفاً على المباني العامة في عام 65 ق.م. ، وأنفق أمواله أي أموال كراسس- في تزيين السوق العامة بما أقامه فيها من المباني والأعمدة الجديدة؛ وأخذ يتودد إلى العامة بما كان ينفقه عن سعة على الألعاب.

Vercingetorix surrenders to Caesar (by Lionel-Noel Royer).

دخل قيصر المدينة ولف المعركة الانتخابية بجد ومهارة عجز معارضوه عن مقاومتها. وكان سبب نجاحه مهارته في ضم بومبي إلى قضية الحرية. وكان بومبي قد عاد تواً من بلاد الشرق بعد حتى قام فيها بسلسلة من الأعمال الحربية والسياسية المجيدة، فقد طهر البحر من القراصنة، وأمن بذلك سبل التجارة في البحر الأبيض المتوسط ، وأعاد الرخاء إلى المدن التي كان رخاؤها يعتمد على هذه التجارة.

وكان قد أرضى أصحاب المال في روما بفتح بيثينيا وبنتس وسوريا، وكان قد خلع ملوكاً وأجلس على العرش آخرين، وأقرضهم الأموال من غنائمه الحربية بفوائد باهظة، وقبل رشوة كبيرة من ملك مصر الذي نادىه إلى القدوم إليها لإخماد فتنة اندلع لهيبها في تلك البلاد. ثم عاد فامتنع ما اتفق عليه بحجة أنه عمل غير مشروع ؛ ونشر لواء السلام في ربوع فلسطين وجعلها ولاية خاضعة لنفوذ رومه،

وأنشأ تسعا وثلاثين مدينة جديدة، وأقر حكم القانون والنظام والسلام. وقصارى القول أنه كان قد سلك قبل ذلك الوقت مسلك السياسي الحكيم والحاكم القدير وأن مسلكه عاد على البلاد بالمال الوفير. فلما عاد إلى رومه حمل إليها ثروة عظيمة من الضرائب، والخراج، والبضائع التي غنمها في حروبه، ومن الأموال التي افتدى بها الأرقاء أوبيعوا بها، فاستطاع بذلك حتى يعمر خزانة الدولة بمائتي مليون سسترس، وأن يضمن لها إيراداً سنوياً قدره ثلاثمائة وخمسون مليوناً، وأن يوزع على جنوده ثلاثمائة وأربعة وثمانين مليوناً،

وأن يستبقي لنفسه رغم هذا كله من المال ما ينافس به كراسس فيكون أحد رجلين هما أغنى أغنياء روما.

وكان خوف مجلس الشيوخ من هذه الأعمال أكثر من سروره منها، فلما فهم حتى بومبي قد هبط في برندزيوم ومعه جيش يدين له بالولاء والإخلاص، ويستطيع بحدثة من قائده حتى يجعله حاكماً بأمره على البلاد، لما فهم مجلس الشيوخ ذلك تملكه الرعب.

يوليوس قيصر

ولكن بومبي كان رجلاً كريماً عظيماً، فسرح جنوده ودخل روما وليس معه إلا أتباعه الأخصاء. ودام الاحتفال بنصره يومين كاملين، ولكن هذه الفترة على طولها لم تكف لعرض الحفلات التي تصور فوزاته وتظهر مغانمه. وكان مجلس الشيوخ حقوداً ضنيناً، فرفض طلبه القاضي بتوزيع الأرض على جنوده، ولم يقر الاتفاقات التي عقدها مع الملوك المغلوبين، وأعاد النظم التي أقامها من قبله لوكلس في بلاد الشرق والتي أغفلها بومبي . وكانت نتيجة هذه العمال حتى تمزق اتفاق شيشرون المعروف بحلف الطبقات Concordi ordinum،

وأن ألقى بومبي والرأسماليين في أحضان الطبقات الدنيا واغتنم قيصر هذه الفرصة السانحة فألف منه ومن بمبي وكراسس الحكومة الثلاثية الأولى وتعهدوا جميعاً حتى يقاوموا جميع تشريع لا يرضى عنه أي واحد منهم. واتفق بمبي حتى يساعد قيصر في حتى ينتخب قنصلاً، كما تعهد قيصر، إذا ما اختير لهذا المنصب، حتى ينفذ الاقتراحات التي عرضها ورفضها مجلس الشيوخ. وكانت الحملة الانتخابية شديدة مريرة استخدمت فيها الرشوة من كلا الجانبين. ولما سمع كاتوزعيم المحافظين حتى حزبه يبتاع أصوات الناخبين تحلل من مبادئه الأولى ووافق على هذا العمل بحجة أنه وسيلة إلى غرض نبيل، واختار العامة قيصر كما اختار الأشرافببياوس Pibulus. وما كاد قيصر يتسلم منطقيد منصبه حتى عرض على مجلس الشيوخ المطالب التي تقدم بها بومبي: وهي توزيع الأرض على عشرين ألفاً من المواطنين الفقراء ومنهم جنود بمبي ،

والتصديق على الاتفاقات التي عقدها بمبي في بلاد الشرق، وتخفيض المبالغ التي تعهد الملتزمون بجمعها من ولايات آسيا بمقدار ثلثها. ولما عارض المجلس جميع مطلب من هذه المطالب بجميع ما لديه من وسائل عمل قيصر ما عمله ابنا جراكس، فعرضها على الجمعية مباشرة.

كان يوليوس قيصر أول من رسمت صور رأسهم على العملة الرومانية المعدنية

واستطاع المحافظون حتى يقنعوا ببيلوس ، كما أقنعوا العرافين بأن يعلنوا حتى الحظ غير موات لإجابتها. ولم يأبه قيصر لأقوال العرافين، وحمل الجمعية على حتى تتهم ببيلوس بالخيانة، وقام رجل متحمس من العامة فأفرغ وعاء من البراز على رأس ببيلوس. ثم وافقت الجمعية على مشروعات قيصر، وكانت تجمع، كما تجمع مشروعات ابني جراكس، بين السياسة وخطة مالية ترضي رجال الأعمال. وأعجب بمبي بوفاء قيصر بعهده، واتخذ يوليا ابنته زوجة رابعة له، وأصبح الاتفاق بين العامة والطبقة الوسطى رابطة حب وصداقة.

وتعهد أعضاء الحكومة الثلاثية للنجاح المتطرف من أتباعهم حتى يؤيدوا ببيلوس كلوديوس Publius Clodius في حتى ينتخب تربيوناً في خريف عام 59، وأخذوا يعملون من ذلك الحين للمحافظة على رضاء الناخبين بما يقدمونه لهم من ضروب اللهووالألعاب الكثيرة. وتقدم قيصر بمشروعه الثاني الخاص بتوزيع الأراضي في شهر إبريل من ذلك العام نفسه. وكان هذا المشروع يقضي بتوزيع الأراضي التي تملكها الدولة في كمبانيا على من كان له ثلاثة أبناء من المواطنين الفقراء؛ وتجاهل قيصر مجلس الشيوخ مرة أخرى، وأجازت الجمعية المشروع، وبذلك تمت الموافقة على سياسة ابني جراكس بعد جهود دامت مائة عام كاملة.

ولزم ببليوس Bibulus في ذلك الوقت بيته واكتفى بأن أخذ يصدر من حين إلى حين تصريحات يقول فيها إذا الطوالع غير مواتية للتشريعات الجديدة. أما قيصر يصرف الشؤون العامة من غير حتى يستشيره فيها، وبلغ من إهماله إياه حتى كان الفكهون من أهل المدينة يصفون هذا العام بأنه "قنصلية يوليوس وقيصر".

Morte de Césare (Death of Caesar) by Vincenzo Camuccini

وأراد حتى يفرض رقابة الشعب على مجلس الشيوخ، فأنشأ أول صحيفة إخبارية، بأن جعل الخطة يسجلون أعمال الشيوخ وغيرهم، مضافة إلى الأخبار اليومية، ثم تعلق هذه "الأعمال اليومية" ويحملها إلى جميع أجزاء الإمبراطورية رُسل يخصصون لهذا العمل.

وقبل حتى تنتهي فترة هذه القنصلية التاريخية أفلح قيصر في حتى يعين والياً على بلاد الغالة الجنوبية وغالة ناربونة في الخمس السنين التي تلي سنة القنصلية. وإذ كان القانون يحرم إقامة الجنود في إيطاليا نفسها فإن قيادة الفيالق المقيمة في شمال إيطاليا قد جعلت لصاحبها السيطرة العسكرية على شبه الجزيرة بأكملها. وأراد قيصر حتى يستوثق من بقاء تشريعاته السابقة، فعمل على أ ينتخب صديقاه جابنيوس Gabinius وبيزوPiso قنصلين في عام 58،

وتزوج كلبيرنيا Calpurnla ابنة بيزو؛ ولكي يضمن استمرار العامة على تأييده بذل جهوده الموفقة لانتخاب كلوديوس تربيوناً في عام 58. ولم يحز لنسفه حتى تتأثر مشروعاته بطلاقة الحديث لزوجته الثالثة بمبيا بسبب ارتيابه في صلاتها غير المشروعة بكلوديوس.

A diabase bust of Caesar


فتح بلاد الگال

ولما عاد إلى رومه وزع جهوده بين السياسة والحب. وكان وسيم الوجه وإن كان سقوط شعر رأسه في هذه السن المبكرة أخذ يشغل باله. ولما توفيت كرنليا في عام 68 تزوج بمبا ابنة حفيدة صلا. وإذ كان هذا الزواج زواجاً سياسياً محضاً فإنه لم يتورع عن العلاقات الجنسية غير المشروعة حسب عادة ذلك الوقت؛ حاول تحسين ظروف حياة المواطنين الرومان وزيادة فعالية الحكومة وجعلها تتبنى مواقف تتم عن صدق وأمانة وأعرب في عام 44 ق.م. عن جعل ديكتاتوريته المطلقة حكماَ دائما على روما.

غير حتى أعداءه الكثر دبروا له مؤامرة كانت نتيجتها اغتياله في مارس من عام 44 ق.م., مما ادخل روما بحرب أهلية أخرى وحزن كبير على فقدانه حيث انتقم ماركوس أنطونيوس (زميل قيصر) وأغسطس قيصر (إبن قيصر بالتبني) من مغتالي قيصر وهم بروتوس (الذي يعتقد أنه كان ابناَ لقيصر) والذي قدم له قيصر في حياته الكثير من المناصب والألقاب وعينه حاكم لغاليا وكاسيوس الذي كان يخدم في جيش قيصر أيضا مما جعل اغتيال قيصر سيرة درامية تاريخية ذكرها الكثير من الكتاب وأبرزهم شكسبير الذي وصفها بأقبح عملية إغتيال بالتاريخ.


تسلم قيصر في عام 58 ق.م. مهام منصبه ، منصب حاكم بلاد غالة الجنوبية والنربونية، أي شمالي إيطاليا وجنوبي فرنسا. وكان أريوفستس قد سار في عام 71 ق.م. على رأس خمسة ألفاً من الجرمان إلى بلاد الغالة حين استعانته إحدى قبائلها على قبيلة أخرى. وقدم لها قائد الألماني المعونة التي طلبتها ولكنه لم يغادر البلاد، بل بقي فيها ليبسط حكمه على جميع القبائل الضاربة في شمالي غالة الشرقي. واستنجدت قبيلة الإيدوي Aedui إحدى هذه القبائل برومه لتعينها على الألمان .

وخولّ مجلس الشيوخ الحاكم الروماني على بلاد غالة النربونية حق إجابة هذا الطلب، ولكنه في الوقت نفسه تقريباً ضم أريوفستس إلى طائفة الحكام الموالين لرومه. وكان مائة وعشرون ألفاً من الألمان قد عبروا في هذه الأثناءنهر الرين ، واستقروا في فلاندرز فشدوا بذلك أزر أريوفستس ، وأخذ يعامل أهل البلاد معاملة الشعوب المغلوبة، وشرع يمني نفسه بالاستيلاء على بلاد غالة بأجمعها. وبدأت في الوقت عينه قبائل الهلفتي Helvetti الضاربة حول جنيفا تهاجر نحوالغرب، وكانت عدتها نحو368.000،

وأنذر قيصر بان هذه القبائل تعتزم اختراق بلاد غالة النربونية في طريقها إلى جنوبي فرنسا الغربي. ويصف ممسن Mommsen حركات هذه القبائل بقوله: "لقد كانت القبائل الألمانية الضاربة تتحرك في جميع الأصقاع الممتدة من نهر الرين إلى المحيط الأطلنطي ، وكانت هذه اللحظة شبيهة باللحظة التي انقضت فيها قبائل الألماني والفرنجة على إمبراطورية القياصرة المتداعية.. بعد خمسمائة عام من ذلك الوقت" وأخذ قيصر يحتال لإنقاذ رومه بينا كانت روما نفسها تدبر المؤامرات للقضاء عليه.

وجند قيصر من ماله الخاص. ومن غير حتى يرجع في ذلك إلى مجلس الشيوخ- وكان الدستور يحتم عليه الرجوع إليه- نقول جند ثلاث فرق جديدة كاملة العدة زيادة على الأربع الفرق التي كانت تحت إمرته. ثم أوفد يدعوأريوفستس ان يحضر إليه من فوره ليبحث الموقف معه. ورفض أريوفستس الدعوة كما كان قيصر يتسقط. وأقبلت وقتئذ على قيصر وفود كثيرة من القبائل الغالية تتطلب إليه حمايتها، فأعرب الحرب على أريوفستس وقبائل الهلفتي، واتجه بجيوشه نحوالشمال ودارت بينه وبين جحافل الهلتي معركة حامية عند ببركتي Bibracte عاصمة الإيدوي، ومكانها الآن بالقرب من بلدة أوتون Autun الحالية.

وانتصرت جيوش قيصر في هذه المعركة فوزاً غير حاسم ، أقرب ماقد يكون إلى الهزيمة، كما يقول قيصر نفسه، ونحن مضطرون حتى نأخذ عنه هومعظم هذه الأنباء. وعرض الهلفتي حتى يعودوا إلى موطنهم في سويسرا، ووافق قيصر على حتى يؤمنهم في عودتهم إليه، ولكنه اشترط عليهم حتى تخضع البلاد التي كانوا يحتلونها إلى حكم روما. وبعثت بلاد الغالة جميعها وقتئذ تشكر له تخليصها من أعدائها ، وترجوه حتى يساعدها على طرد أريوفستس.

ولا جدال في حتى قيصر ومعاصريه لمقد يكونوا يدركون ما يفترض أن تتمخض عنه فوزاته الدموية من نتائج بعيدة المدى، فقد كان أقصى ما يظنه أنه أنقذ إيطاليا ، وضم لها ولاية جديدة. وأنشأ لها جيشاً قوياً، لكنه لم يدر بخلده أنه منشئ الحضارة الفرنسية. ودهشت روما إذ وجدت حتى قيصر إداري قادر لا يعتريه ملل ، وقائد محتك واسع الحيلة ، بعد حتى لم تكن تعهد عنه أكثر من أنه رجل متلاف رقيع، وسياسي، ومصلح. ثم أدركت في الوقت عينه أنه مؤرخ عظيم. ذلك أنه وهوفي ميادين القتال تقض مضجعة الهجمات المتوالية عليه من رومه، كان يسجل فتوحه في غالة، ويدافع عن هذه الفتوح في شروحه Commentaries،

وقد سما بها إيجازها العسكري- إذا جاز حتى نصفها بهذا الوصف- وبساطتها الفنية من منزلة النشرات الحزبية إلى أسمى مكان في الأدب اللاتيني. وحتى شيشرون نفسه، بعد حتى تقلب مرة أخرى في مبادئه السياسية، أخذ يتغنى قيصر ويستعجل في ذلك الوقت ما حكم به عليه التاريخ فيما بعد إذ نطق: ليست معاقل الألب المنيعة، ولا مياه الرين الفياضة الصاخبة، هي الدرع الحقيقي الذي صد عنا غارات والقبائل الألمانية الهمجية، بل الذي صدها في اعتقادي هوقيادة قيصر وقوة ساعديه.

ولوحتى الجبال دكت وسويت بالسهول، والأنهار جفت، لاستطعنا حتى نحتفظ ببلادنا حصينة منيعة بفضل ما نال قيصر من نصر مؤزر وما قام به من أعمال مجيدة. ألا ما اعظم فضله علينا. ويجب حتى نضيف إلى هذا ما أثنى به عليه ألماني عظيم إذ نطق: إذا كان ثمة جسر يربط ماضي هلاس وروما المجيد بتاريخ أوربا الحديث ، الذي هوأعظم منه مجداً وأسمى قدراً، وإذا كان غرب أوربا رومانياً، وإذا كانت أوربا الألمانية قد صبغت بالصبغة اليونانية والرومانية القديمة.. فما ذلك كله إلا من عمل قيصر. وإذا ما أوجده سلفه العظيم في بلاد الشرق قد كادت تمحومعالمه كلها زعازع العصور الوسطى، فإن الصرح الذي شاده قيصر ظل قائماً آلاف السنين التي تبدلت فيها الأديان وتغيرت الدولة.

فساد الدمقرطة

انحطت السياسة الرومانية في خلال الخمس السنين الثانية من ولاية قيصر على غالة إلى الدرك الأسفل من الفساد والعنف ، فقد كان القنصلان بمبي وكراسس يسيران في حكمهما على خطة شراء أصوات الناخبين، وإرهاب المحلفين، والالتاتى إلى القتل في بعض الأحيان. ولما انقضت مدة ولايتهما جند كراسس جيشاً كبيراً وأبحر به إلى سوريا، ثم عبر نهر الفرات، والتقى بالبارثيين عند كرهية Carrhae، ودارت الدائرة عليه لتفوق فرسان البارثيين، وقتل ولده في المعركة. وبينا كان كراسس يرتد بقواته بنظام،

نادىه قائد البارثيين إلى الاجتماع به، فأجاب الدعوة، ولكن القائد البارثي غدر به وقتله، وأوفد رأسه ليمثل به دور بنيثيوس Bentheus في احتفال في بلاط ملك البارثيين، مثلث فيه مسرحية باخية Bacchae ليوربديز Euripidis. وأصبح جيشه بغير قيادة، وكان قد مل القتال، فانحلت عراه وتبدد ضمه. وكان بمبي في هذه الأثناء قد جمع له جيشاً، ولعله كان يبغي به إتمام فتح أسبانيا، ولوحتى قيصر نجح في خططه لفتح بمبي أسبانيا القاصية، ولأخضع كراسس أرمينية وبارثيا، ولبسطت رومه سلطانها على هذه البلاد جميعها في الوقت الذي فيه قيصر يمد حدود الإمبراطورية الرومانية إلى نهري التاميز والربن.

ولكن بمبي أبقى فيالقه في إيطاليا بدل حتى يقودها إلى أسبانيا، إلا فيلقاً واحداً أعاره قيصر إبان الأزمة التي نجمت عن ثورة الغاليين. وحدث في عام 54 ق.م. حتى انفصمت العروة الوثقى التي كانت تربطه بقيصر على أثر وفاة زوجته يوليا في أثناء الوضع ، وعرض عليه قيصر حتى يزوجه أكتافيا حفيدة أخيه وأقرب قريباته في ذلك الوقت ، وطلب حتى يتزوج هوبابنة بومبي ، ولكنه رفض كلا العرضين. وأخلت النكبة التي حلت بكراسس وجيشه في العام التالي من الميدان قوة أخرى كانت تعمل على إيجاد التوازن فيه. ذلك حتى نجاح كراسس كان من شأنه حتى يحول دون طغيان قيصر أوبمبي. وعقد بمبي من ذلك حلفاً صريحاً مع المحافظين ، ولم يبق أمامه لنجاح خططه التي كان ينبغي بها الحصول على السلطة العليا بالطرق المشروعة في الظاهر إلا عقبة واحدة،

هي مطامع قيصر وجيشه. وكان يعهد حتى قيادة قيصر للجيش تنتهي في عام 49، فاستصدر مراسيم تقضي بمد أجل قيادته هوإلى آخر عام 46 ق.م. ، وطلب إلى جميع الإيطاليين القادرين على حمل السلاح حتى يحلفوا يمين الولاء العسكري له هوشخصياً، وكان يعتقد بعد هذا حتى الزمن كفيل بأن يجعله سيد روما. وبينا كان القائدان اللذان يبغي كلاهما أ،قد يكون الحاكم بأمره في رومه يضعان خططهما على هذا النحوكانت الدمقراطية تحتضر في عاصمة البلاد، فكانت الأحكام القضائية، ومناصب الدولة، وعروش الملوك الخاضعين لسلطانها، تباع إلى من يعرض فيها أغلى الأثمان. من ذلك حتى القسم الأول من المقترعين في الجمعية قد استولى في عام 53 على عشرة ملايين سسترس ثمناً لأصوات أفراده.

ولما لم ينفع المال لم يتورع ذووالشأن عن الالتاتى إلى الاغتيال أوكشف الستار عن ماضي الناس، والتهديد بالكشف عن فضائحهم، فلم يروا أمامهم سبيلاً غير الإذعان. وفشا الإجرام في المدينة كما انتشرت السرقات في الأنطقيم، ولم يكن في هذه ولا في تلك قوة من الشرطة تطمئن الناس على أنفسهم أوأموالهم، فكان الأغنياء يستأجرون عصابات من المجالدين يدفعون عنهم الأذى أويؤيدونهم في الجمعية. واستهوت رائحة المال أوهبات الحبوب أحط الطبقات في إيطاليا فهرعت إلى رومه، وجعلت اجتماعات الجمعية مهزلة من المهازل، فكان جميع من يقبل الاقتراع كما يطلب إليه يؤذن له بدخولها سواء كان من مواطني رومه أومن غير مواطنيها. وكان يحدث في بعض الأحيان ألاقد يكون من بين من أعطوا أصواتهم إلا أقلية هي التي لها حق الاقتراع.

وكثيراً ما كان الخطباء يحصلون على حق الخطابة في الجمعية بالهجوم على المنصة والاستيلاء عليها قوة واقتداراً. وأضحت العصابة التي تحملها قوتها على سائر العصابات المنافسة لها هي التي تشرع للدولة، كما كان الذين يقترعون على غير هواها يضربون حتى يكاد يقضي عليهم، ثم تشعل النار بعد الضرب في بيوتهم. وقد خط شيشرون بعد جلسة من هذه الجلسات يقول: "لقد امتلأ التييبر بجثث المواطنين كما سدت بها البالوعات العامة، واضطر الأرقاء إلى امتصاص الدم بالإسفنج من السوق العامة". وكان كلوديوس وميلوأعظم الخبراء الممتازين في هذه المهزلة البرلمانية،

فقد كانا ينظمان عصابات من أحط الطبقات ليصلوا بها إلى أغراضهم السياسية، وقلما كان يوم واحد يمر دون حتى توضع قوة هذه العصابات موضع الاختبار. من ذلك حتى كلوديوس هاجم شيشرون في أحد شوارع المدينة في يوم من الأيام، وحرق أجراؤه بيت مليوفي يوم ثان، ثم قبضت عصابات ميلوعلى كلوديوس نفسه في يوم آخر وقتله. غير حتى صعاليك المدينة الذين لمقد يكونوا يجهلون ما يدبره من المؤامرات حملوه إلى مقام الشهداء، واحتفلوا بجنازته احتفالاً عظيماً، واتىوا بجثته إلى مجلس الشيوخ، وحرقوا البناء فوقها كأنه كومة الحطب التي تحرق عليها جثث الموتى.

واتى بمبي بجنوده ففرقوا الغوغاء، ثم طلب إلى المجلس جزاء له على عمله هذا حتى يعينه "قنصلاً بغير زميل"، وهي تعبير نصح بها كاتوونطق إنها أخف على السمع من لفظ دكتاتور. ثم عرض بمبي على الجمعية، بعد حتى أرهبها بجنده، عدة اقتراحات يبغي بها القضاء على الرشوة والفساد السياسيين المنتشرين في البلاد، كما عرض عليها اقتراحاً بإلغاء حق المرشح لمنصب القنصل حتى يعمل هذا وهوغائب عن رومه، (وكانت الجمعية قد منحت قيصر هذا الحق بناء على مشروع قانون عرضه عليها بمبي نفسه في عام 55 ق.م.. وأخذ يشرف بنفسه على قوة الدولة العسكرية، وعلى أعمال المحاكم؛ ولم يؤخذ عليه في هذا الإشراف شيء من الهوى أوالمحاباة. وحوكم مليوعلى جريمة اغتال كلوديوس وأدين على الرغم من دفاع شيشرون عنه ثم هرب إلى مرسيليا. وغادر شيشرون رومه ليحكم قليقية ، وحكمها بكفاية ونزاهة أدهشتا أصدقاءه وأغضبتهم عليه. ثم استسلمت عناصر الثروة والنظام كلها في عاصمة البلاد إلى دكتاتورية بمبي، أما الطبقات الفقيرة فظلت صابرة تتلهف على عودة قيصر.

الحروب الأهلية

Roman silver Denarius with the head of captive Gaul 48 BC, following the campaigns of Caesar.

دامت الفتن والثورات في الدولة الرومانية مائة عام ، حطمت في خلالها كيان الطبقة الأرستقراطية الأنانية القليلة العدد التي كانت تتولى شؤون الحكم في البلاد، ولكنها لم تحل حكومة أخرى محلها. فأما الجمعية فقد أفسدها التعطل والرشوة والخبز ومجالدة الوحوش، فأحالتها إلى جماعة من الغوغاء الجهلة تسيطر عليهم أهواؤهم وشهواتهم، فكانت بذلك عاجزة أشد العجز عن حكم نفسها بله حكم إمبراطورية واسعة الرقعة. وانحطت الديمقراطية حتى أضحت وكأنها هي المعنية بقول أفلاطون: "صارت الحرية إباحية، وأخذت الفوضى تتوسل حتى يوضع حد للحرية".

ولم يختلف قيصر مع بومبي في حتى الجمهورية قد ماتت، وأنها أصبحت على حد قوله: اسماً على غير مسمى لا جسم لها ولا صورة". ولم يكن ثمة مفر من الدكتاتورية، ولكنه كان يريد حتى يضع أزمة الأمور في أيدي قيادة تعمل لتقدمها ورقيها، قيادة غير جامدة لا تبقي البلاد على حالها التي تردت فيها، بل تبذل جهودها لتخفيف ما يتغلغل فيها من مفاسد ومظالم وفاقة أفسدت الديمقراطية وهوت بها إلى الحضيض. وكان قيصر وقتئذ في الرابعة والخمسين من عمره، وما من شك في أنه قد أوهنته حروبه الطويلة في غالة، وأنه لم يكن يحب حتى يتورط في محاربة مواطنيه وأصدقائه السابقين، ولكنه كان على فهم بالمؤامرات التي تحاك له، والفخاخ التي تنصب لاقتناصه، وكان يؤلمه أشد الألم حتى تكون هذه المؤامرات والفخاخ هي الجزاء الذي يجزي به من أنجى إيطاليا من الدمار والخراب. وكانت مدة حكمه في غالة تنتهي في اليوم الأول من شهر مارس سنة 49 ق.م، ولم يكن في وسعه حتى يتقدم للقنصلية إلا في خريف ذلك العام.

وفي الفترة الواقعة بين الزمنيين يفقد الحصانة التي يسبغها عليه منصبه، ولا يستطيع دخول رومه دون حتى يعرض نفسه للاتهام بأنه خارج على القانون ، وهوالسلاح المألوف الذي كانت تلجأ إليه الأحزاب المتنوعة في روما في نزاعها على السلطة. وكان ماركس مارسلس Marcus Maecellus قد عرض قبل ذلك الوقت على مجلس الشيوخ حتى يعزل قيصر من الولاية قبل انتهاء مدتها، ومعنى هذا الغزل هوالبقاء خارج البلاد أوالمحاكمة، وكان التربيونان قد أنجياه من هذه المكيدة باستخدام ما لهما من حق الاعتراض، ولكن مجلس الشيوخ كان بلا ريب راضياً عن هذا الاقتراح، ونطق كاتوبصريح العبارة إنه يرجوحتى توجه التهمة إلى قيصر، وأن يحاكم وينفى من إيطاليا. أما قيصر نفسه فلم يدخر جهداً في العمل على إزالة مسببات النزاع بينه وبين خصومه. فلما حتى طلب مجلس الشيوخ بإيعاز بمبي حتى يتخلى له كلا القائدين عن فيلق يرسله لقتال بارثيا، أجابه قيصر من فوره إلى طلبه، وإن لم تكن القوة الني لديه كبيرة. ولما طلب بمبي إلى قيصر حتى يعيد إليه الفيلق الذي أوفده له قبل عام من ذلك الوقت، بادر أيضاً بإرساله إليه، وإن كان أصدقاؤه قد أبلغوه حتى الفيلقين لم يرسلا إلى بارثيا بل بقيا في كابوا.

وطلب قيصر على لسان مؤيديه في مجلس الشيوخ حتى يعاد العمل بقرار الجمعية السابق الذي كان يجيز له حتى يرشح نفسه لمنصب القنصلية وهوغائب عن روما ، ولكن المجلس رفض الاقتراح وطلب إلى قيصر حتى يسرح جنوده. وأحس هوحتى ليس له سند يحميه إلا فيالقه، ولعله لم يكن يعمل لكسب ولائهم له إلا ليقفوا إلى جانبه في مثل هذه الأزمة. غير أنه في ذلك الوقت عرض على مجلس الشيوخ حتى يعتزل هووبمبي منصبيهما- وبدا هذا العرض معقولاً لا غبار عليه في نظر الشعب، حتى أنه كلل جبين رسوله بالأزهار. ووافق المجلس على هذه الخطبة بأغلبية 370 ضد 22 ، ولكن بمبي أبى حتى يخضع لهذا القرار، حتى إذا أشرف عام 50 ق.م. على الانتهاء ولم يبق منه إلا بضعة أيام ، أعرب حتى قيصر عدوالشعب إذ لم يتخل عن القيادة قبل اليوم الأول من شهر يوليو.

وفي أول عام 49 ق.م. قرأ كوريوCurio على المجلس رسالة من قيصر يعلن فيها استعداده لتسريح جيشه كله عدا فيلقين اثنين إذا جاز له بأن يظل والياً على غالة حتى عام 48، ولكنه أفسد هذا العرض بأن أضاف إليه أنه يرى في رفضه إعلاناً للحرب عليه. ودافع شيشرون عن هذا الاقتراح، ووافق عليه بومبي ، ولكن القنصل لنتولس Lentulus تدخل في الأمر وأخرج كوريوCurio وأنطونيوس نصيري قيصر من المجلس ، وبعد نقاش طويل أصدر المجلس على كره منه وبإلحاح لنتولس وكاتوومارسلس إلى بمبي أمراً وسلطة "يعمل بهما على ألا تصاب للدولة بسوء".

وتلك تعبير رومانية معناها الدكتاتورية والحكم العسكري. وتباطأ قيصر وتردد أكثر مما كانت عادته. فقد كان مجلس الشيوخ من الوجهة القانونية على حق فيما عمل، ولم يكن من حقه هوحتى يعرض الشروط التي تعتزل بمقتضاها منصبه وقيادته. وكان يعهد حتى الحرب الأهلية قد تثير الفتنة في غالة وتخرب إيطاليا بأجمعها، ولكنه كان يفهم أيضاً حتى استسلامه معناه إسلام الإمبراطورية للعجز وللرجعية، وترامي إليه في أثناء تفكيره حتى صديقاً من أقرب الأصدقاء إليه ومن أقدر مؤيديه وهوتيتس لبيينس Titus Labienus قد انشق عليه وانضم إلى بمبي ، فما كان منه إلا حتى استدعى الفيلق الثالث عشر،

أكثر فيالقه ولاء له وأحبها إلى قلبه، وعرض المر كله على رجاله. وكانت أول حدثة نطق بها أمامهم وهي "زملائي الجنود. Commilitones" كافية لكسب قلوبهم، ولمقد يكونوا ينكرون عليه حقه في استعمال هذا اللفظ لأنهم رأوه من قبل يشهجر معهم في الصعاب ويتعرض معهم للأخطار، وكثيراً ما شكوا هم أنفسهم من أنه يجازف بحياته ويعرضها للخطر فوق ما يجب. وكان هوعلى الدوام يخاطبهم بهذا اللفظ بدل اللفظ المقتضب الجاف الذي كان ينطق به من هم أقل منه مجاملة من القواد.

كان معظم رجاله من بلاد الغالة الجنوبية، وهي البلاد التي جعل لأهلها حق المواطنين الرومان، وكانوا يعهدون حتى مجلس الشيوخ قد أبى حتى يعترف لهم بهذه المنحة، وأن أحد أعضائه قد جلد رجلاً من أهلها ليدل بذلك على احتقاره لعمل قيصر، على الرغم من حتى جلد المواطن الروماني كان عملاً لا يجيزه القانون. وكان قيصر قد فهمهم في أثناء حروبهم الطويلة حتى يحترموه- بل حتى يحبوه على طريقتهم الخشنة الصامتة في الحب. وكان قاسياً على الجبناء ومن لا يرعون النظام، ولكنه كان سمحاً ليناً لا يقسوعليهم جزاء لهم على أغلاطهم التي تدفعهم إليها طبيعتهم البشرية، وكان يتغاضى عن أخطائهم الجنسية ويجنبهم ما لا ضرورة له من الأخطار، وكثيراً ما أنجاهم من الهلاك بحنكته وحسن قيادته.

وهذا إلى أنه ضاعف أجورهم، ووزع عليهم كثيراً من غنائمه الحربية، ولما اتىوا إليه شرح لهم ما عرضه على مجلس الشيوخ، وكيف قابل المجلس هذه العروض، وذكر لهم حتى الأرستقراطية المتعطلة الفاسدة لا تستطيع حتى توفر لرومه النظام والعدالة والرخاء، وسألهم هل يتبعوه،يا ترى؟ فلم يعارض واحد منهم، ولما نطق لهم إنه ليس لديه مال يؤدي منه أجورهم اتىوا إلى خزائنه بكل ما كان مدخراً لديهم. وفي اليوم العاشر من شهر يناير نت عام 49 ق.م. عبر بأحد فيالقه الروبيكون وهومجرى صغير بالقرب من أريمينوم Ariminum كان هوالجنوبي لغالة الجنوبية. وينطق إنه قد نطق في ذلك الوقت بقوله المأثور: "لقد قضي الأمر" Iacta est alea(27)، وخيل إلى الناس حتى هذا العمل هوالحمق بعينه لأن الفيالق الخمسة الباقية من جيشه كانت لا تزال بعيدة عنه في بلاد غالة لا تستطيع اللحاق بعه إلا بعد عدة أسابيع، على حين حتى بمبي كان لديه عشرة فيالق، أي ستون ألف جندي، وكان من حقه حتى يجند ما يشاء من الفيالق الأخرى، ولديه من المال ما يكفي لتسليحهم وإطعامهم. وانضم بعدئذ إلى قيصر الفيلق الثاني عشر من فيالقه عند بسينوم Picenum، والفيلق الثامن عند كورفنيوم Corfinium، ثم أنشأ ثلاثة فيالق جديدة من أسرى الحرب ومن المتطوعين ومن أهل البلاد؛ ولم يكن يلقي صعوبة في جمع الجنود لأن إيطاليا لم تكن قد نسيت بعد ما قاسته في الحرب الاجتماعية (88)، كانت ترى في قيصر البطل المدافع عن حقوق الإيطاليين. فكانت مدائنها تفتح أبوابها لاستقباله واحدة بعد أخرى، وكثيراً ما خرج سكان بعض هذه المدائن على بكرة أبيهم ليحيوه ويرحبوا به ، وقد خط شيشرون في ذلك يقول: "إن المدن تحييه كأنه إله معبود" .

وقاومت كورفنيوم مقاومة قصيرة الأجل، ثم استسلمت له ولم يسمح لجنوده حتى ينهبوها، وأطلق سراح منه قبض عليهم من الضباط، وبعث إلى معسكر بمبي بكل ما هجره لبيينس Labienus من المال والعتاد. ولم يشأ حتى يصادر ضياع من سقط في يده من الأعداء وإن كان في ذلك الوقت معدماً فقيراً لا يكاد يملك شيئاً من المال- وكانت هذه خطة حميدة يمتاز بها قيصر، كان من أثرها حتى وقفت كثرة الطبقة الوسطى من الأهلين على الحياد. وأعرب في ذلك الوقت أنه سيعد جميع المحايدين أصدقاء له وأنصاراً. وكان في جميع خطوة يخطوها إلى الأمام يعرض عروضاً للصلح على أعدائه. من ذلك أنه أوفد إلى لنتولس Lentulus رسالة يرجوه فيها حتى يستخدم ما يخلعه عليه منصب القنصل من نفوذ ليعيد السلم إلى البلاد، وعرض رسالة خطها إلى شيشرون استعداده لاعتزال الحياة العامة وهجر المجال إلى بمبي على شرط حتى يسمح له بأن يعيش آمناً على حياته.

وبذل شيشرون جهده في التوفيق بين القائدين، ولكن منطقه لم يجده نفعاً أمام تعسف الثورة ونادىواها المتعارضة. ولما تقدم قيصر نحوالعاصمة انسحب بومبي هووجنوده منها وإن كانت جيوشه وقتئذ لا تزال أكثر من جيوش قيصر عدداً. وانسحب من ورائه في غير نظام عدد كبير من الأشراف تاركين وراءهم زوجاتهم وأبناءهم تحت رحمة قيصر. ورفض بمبي عروض الصلح جميعها، وأعرب أنه سيعدّ جميع من لم يغادر روما وينضم إلى معسكره عدواً له. ولكن الكثرة العظمى من أعضاء مجلس الشيوخ بقيت في رومه، وتذبذب شيشرون بين الفريقين، وكان يحتقر تردد بمبي وخور عزيمته، فقسم وقته بين ضياعه في الريف وسار بمبي إلى برنديزيوم وعبر بجنوده البحر الأدرياوي. وكان يعهد حتى جيشه يعوزه النظام، وأنه في حاجة إلى كثير من التدريب قبل حتى يستطيع الصمود في وجه فيالق قيصر ، وكان يرجوحتى يستطيع الأسطول الروماني الذي يسيطر هوعليه حتى يجوع إيطاليا في هذه الأثناء ويدفعها إلى إبادة عدوه.

ودخل قيصر رومه في اليوم السادس عشر من مارس دون حتى يلقى في دخولها أية مقاومة، ودخلها وهومجرد من السلاح لأنه هجر جنوده في البلدان المجاورة لها؛ وأعرب حين دخولها العفوالعام عن جميع أهلها، وأعاد إليها الإدارة البلدية والنظام الاجتماعي. ونادى التربيونان مجلس الشيوخ إلى الانعقاد وطلب إليه قيصر حتى يعينه حاكماً بأمره (دكتاتوراً)، ولكن المجلس لم يجبه إلى طلبه، ثم عرض على المجلس حتى يبعث رسلاً إلى بمبي ليفاوضوه في عقد الصلح فرفض ذلك أيضاً. فطلب المال من الخزانة العامة فوقف في سبيله التربيون لوسيوس متلس Lucius Metellus فلما نطق قيصر إذا النطق بعبارات التهديد أصعب عليه من تطبيقها خضع متلس. واستطاع من ذلك الوقت حتىقد يكون حر التصرف في أموال الدولة، ولكنه كان نزيهاً جميع النزاهة، فأودع في الخزانة العامة جميع ما غنمه من الأموال في حروبه الأخيرة.

ولما تم له ذلك عاد إلى جنوده واستعد لملاقاة الجيوش الثلاثة التي كان بمبي وأنصاره يعدونها في بلاد اليونان وأفريقيا وأسبانيا، وأراد حتى يضمن لإيطاليا كفايتها من الحبوب التي تعتمد عليها في حياتها، فأوفد كوريوCurio المتهور العنيف ومعه فيلقان من جيشه ليستولي على صقلية، فلما هبط في الجزيرة سلمها إليه كاتووانسحب منها إلى إفريقيا، فاندفع وراءه كوريواندفاع رجيولوي Regulus، واشتبك معه في معركة لم يكن قد كمل استعداده هولها، فهزم وقتل في ميدان القتال، ولم يندم عند وفاته على ما أصابه بل ندم أشد الندم على ما ألحقه من الأذى بقيصر. وكان قيصر في هذه الأثناء قد سار على رأس جيش إلى أسبانيا وكان غرضه من هذا الزحف حتى يضمن عودتها إلى تصدير الحبوب إلى إيطاليا، وأن يحول بينها وبين الهجوم على مؤخرته حين يزحف لملاقاة بمبي، وارتكب في إيطاليا كما ارتكب في غالة عدة أغلاط عسكرية فنية، كانت عاقبتها حتى تعرض جيشه- الذي كان أقل من جيش أعدائه عدداً- للهزيمة وللهلاك جوعاً. ولكنه أنجاه وأنجى نفسه، كمألوف عادته، بسرعة خاطره وشجاعته ، فقد حول مجرى أحد الأنهار واستحال الحصار الذي كان مضروباً عليه حصاراً على أعدائه، وظل صابراً زمناً طويلاً حتى يستسلم له الجيش المحاصر وإن كان جنوده قد ملوا الانتظار طويلاً يطالبون بالهجوم على العدو. ثم استسلم أنصار بمبي آخر الأمر وخضعت أسبانيا كلها إلى قيصر سنة 49 ق.م.).

قيصر وكليوپاترا

تمثال رأسي كليوپاترا السابعة

أخذت مصر بعد وفاة بطليموس السادس 145 ق.م. تسير مسرعة في طريق الاضمحلال وعجز ملوكها عن الاحتفاظ بنظامها الاجتماعي أوحريتها القومية ؛ وأخذ مجلس الشيوخ الروماني يقوي فيها سلطانه ويملي عليها إرادته ، بل إنه أقام حامية رومانية في الإسكندرية. وكانت منطقيد الحكم قد آلت بعد وفاة بطليموس الحادي عشر الذي أجلسه بومبي وجابنيوس على العرش إلى أبنه بطليموس الثاني عشر وابنته كيلوباترا ، وذلك لأن والدهما قد أوصى قبل وفاته حتى يرثا الملك من بعده، وأن يتزوج الأخ أخته ويشهجرا في حكم البلاد معاً. وكانت كليوباترا من أصل يوناني مقدوني، وأكبر الظن أنها كانت أقرب إلى الشقرة منها إلى السمرة. ولم تكن بارعة الجمال ولكن قوامها الرشيق المعتدل. وخفة روحها ، وتنوع ثقافتها"، ودماثة خلقها، وحسن صوتها، مضافة إلى مقامها الملكي قد جعلتها فتنة لكل من رآها تسلبه لبه وإن كان قائداً رومانياً.

وكانت على فهم بتاريخ اليونان وآدابهم وفلسفتهم، تجيد الحديث باللغات اليونانية والمصرية والسورية، وينطق إنها كانت تتقن لغات أخرى غير هذه. وقد جمعت إلى فتنة أسبازيا الذهنية فتنة المرأة المتحللة إلى أقصى حد من القيود الخلقية. وينطق إنها ألفت رسالة في مستحضرات التجميل ، وأخرى في المقاييس والموازين والنقود المصرية ، وموضوع الرسالة الثانية موضوع مغر جذاب. وكانت إلى هذا حاكمة قديرة وإدارية ماهرة، نجحت في نشر التجارة المصرية، وارتقت على يديها الصناعة؛ وكانت تجيد تدبير الشؤون المالية حتى في الوقت الذي كانت تنصب فيه شراك الحب. وقد جمعت إلى هذه الصفات شهوة جسدية قوية، ووحشية عنيفة تصب على أعدائها العذاب والموت صباً ،

ومطامع سياسية بعيدة، تحلم ببناء إمبراطورية واسعة، ولا تحترم في سبيل الوصول إلى غايتها قانوناً إلا قانون النجاح. ولوأنها لم يجر في عروقها دم البطالمة المتأخرين الداعرين لكان من الجائز حتى تحقق غرضها وتصبح ملكة تحكم دولة واسعة الرقعة تضم بلاد البحر الأبيض المتوسط. وكانت تدرك حتى مصر لم تعد قادرة على البقاء مستقلة عن الدولة الرومانية ، ولم تر ما يمنعها حتى تكون هي المسيطرة على الدولة المتحدة. وقد استاء قيصر حين عهد حتى بوثينس نفى كيلوباترا ، ونصب نفسه نائباً عن بطليموس الشاب يحكم باسمه، ولذلك أوفد إليها سراً، واتىته سراً وقد احتالت على الوصول إليه بأن أخفت نفسها في فراش حمله تابعها أبولودورس Apollodorus إلى مسكن قيصر. وذهل القائد الروماني حين رآها، وأسرته بشجاعتها وسرعة بديهتها، وهوالذي لم يدع فوزاته في ميدان القتال تربى على فوزاته في ميادين الحب. ووفق بينها وبين بطليموس وأجلسها هي وأخاها على عرش مصر كما كانا من قبل. وعهد قيصر من أخيه حتى بوثينس هووالقائد المصري أخلاس Achillas كانا يأتمران به ليقتلاه ويبيدا القوة العسكرية الصغيرة التي اتىت معه إلى مصر، فدبر في الخفاء اغتيال بوثينس، وفر أخلاس، واتصل بالجيش المصري، وحرضه على الثورة. وسرعان ما امتلأت الإسكندرية بالجنود ينادون بالويل والثبور لقيصر ، ويحرض ضباط الحامية الرومانية التي وضعها مجلس الشيوخ في تلك المدينة على الانضمام إلى الجيش الثائر ضد هذا الدخيل الخائن الذي سولت له نفسه حتى يقرر وراثة عرش البطالمة، وأن يعمل على حتى يولد من صلبه من يرث هذا العرش في المستقبل. وعمل قيصر في هذا الظرف الحرج ما كانت تسعفه حيلته، فأحال القصر الملكي والملهى المجاور له إلى قلعتين تحصن فيهما هوورجاله. ثم أوفد يطلب المدد من آسيا الصغرى وسوريا ورودس. ولما استوعب حتى أسطوله الضعيف الذي لم يكن فيه من يحميه لن يلبث حتى يقع في يد أعدائه، أمر به فحرق والتهمت النار جزءاً من مخطة الإسكندرية لا نعهده على وجه التحديد. ورأى حتى لابد له من الاستيلاء على جزيرة فاروس لأنها هي المدخل الذي يمكن حتى يصل إليه منه المدد المنتظر، فهاجمها هجوم اليائس، واستولى عليها، ثم جلا عنها، ثم عاد فاستولى عليها. وحدث في إحدى هذه المعارك حتى اضطر إلى السباحة في البحر لينجومن الموت بعد حتى صوبت إليه عاصفة من السهام، وذلك حين قذف المصريون به وبأربعمائة من رجاله إلى البحر بعيداً عن الحاجز الذي كان يصل الجزيرة بأرض المدينة. وظن بطليموس الثاني عشر حتى الثوار قد حالفهم النصر، فخرج من القصر وانضم إليهم واختفى من التاريخ. ولما اتى المدد إلى قيصر هزم به المصريين وحامية مجلس الشيوخ في معركة النيل، وكافأ كليوبطرة على إخلاصها له في هذه الأزمة بأن عين أخاها الأصغر بطليموس الثالث عشر ملكاً معها على مصر، فجعلها بذلك حاكمة البلاد الحقيقية. ويصعب علينا حتى ندرك السر في بقاء قيصر تسعة أشهر في الإسكندرية، والجيوش تجيش لقتاله في يتكا Utica، ورومه في أشد الحاجة إلى يده الصناع، لأن كئيليوس Caelius وميلوينفخان فيها نار الثورة عليه. فلعله كان يحس بأنه جدير ببعض الراحة واللهوبعد حروب دامت عشر سنين؛ وفي هذا يقول سيوتونيوس Suetonius إنه كثيراً ما كان يقضي الليل كله حتى مطلع الفجر يلهومع كيلوباترا ، وكان بوده حتى يسير معها في قاربها من أقصى مصر إلى أقصاها حتى يصلا إلى بلاد الحبشة لولا حتى هدده جنوده بالخروج عليه" ، لأن جميع واحد منهم لم يجد له فتاة لعوباً. أولعل شهامته قد أجبرته على حتى ينتظر حتى تفيق كيلوبطرة من آلام الوضع، فقد وضعت طفلاً في عام47 ق.م. سمي قيصريون Caesarion، ويقول ماركس أنطونيوس إذا قيصر اعترف بأنه ولده. ولا يبعد حتى تكون قد أسرت إليه تلك الفكرة الجميلة فكرة حتىقد يكون ملكاً ويتزوجها فيجتمع بذلك عالم البحر الأبيض المتوسط تحت فراش واحد. ذلك كله افترض وهوإلى ذلك إثم ؛ فليس ثمة ما يؤده إلا ما نستخلصه من الشواهد والقرائن المفصلة.

وما من شك في أنه عاد إلى نشاطه حين عهد حتى فرناسس Pharnaces بن مثرداتس قد استولى مرة أخرى على بنتس Pontus وأرمينيا الصغرى، وأنه أخذ يدعوبلاد الشرق إلى الثورة من حديث على رومه المنقسمة على نفسها. ووضحت في ذلك الوقت حكمته في "تهدئة" أسبانيا وغالة قبل لقائه بمبي؛ فلوحتى الغرب ثار عليه وقت حتى ثار الشرق لكان من المرجح حتى تتصدع أركان الدولة وأن يزحف "البرابرة" نحوالجنوب، وألا تشهد رومه قط عصر أغسطس. لكن قيصر حال دون ذلك كله؛ فقد بدأ بإصلاح أمر فيالقه الثلاثة، ثم غادر مصر في شهر يونية من عام 47 ق.م، وسار بسرعته المعتادة على طول شواطئ مصر وسوريا وآسيا الصغرى إلى بلاد بنتس وهزم فرناسس في واقعة زيلا Ziela (2 أغسطس)، وبعث من ميدان القتال إلى صديق لع بهذا الخبر القصير البليغ: "جئت، ورأيت، وهزمت" vein, vidi, vici.

وقابله شيشرون عند تارنيم (26 سبتمبر)، وطلب إليه حتى يعفوعنه وعن غيره من المحافظين، فأجابه إلى ما طلب وأظهر له الرضا والود، وهاله بعد حتى عاد إلى روما حتى الحرب الأهلية قد استحالت في العشرين شهراً التي قضاها بعيداً عنها إلى ثورة اجتماعية، وأن دلابلا Dolabella زوج ابنة شيشرون انضم بقوته إلى كئيليوس وعرض على الجمعية مشروع قانون بإلغاء جميع الديون، وأن أنطونيوس أطلق جنوده على صعاليك دلابلا المسلحين، وأن ثمانمائة من الرومان قتلوا في السوق العامة. وكان كئيليوس قد استخدم سلطته وهوبريتور Praetor فأعاد ميلوإلى روما ، ونظما معاً جيشاً في جنوبي إيطاليا، وطلبا إلى الأرقاء حتى ينضموا إليهما في ثورة جائحة على النظام القائم. ولم يلقيا في هذه الثورة إلا قليلاً من النجاح، ولكن روح الثورة كانت قد أشربت بها جميع النفوس، فكان المتطرفون في روما يحتفلون بذكرى كاتلين وينثرون الأزهار مرة أخرى على قبره.


الديكتاتورية والإغتيال

الديكتاتورية

الاصلاحات السياسية

Denarius (42 BC) issued by Cassius Longinus and Lentulus Spinther, depicting the crowned head of Liberty and on the reverse a sacrificial jug and lituus, from the military mint in Smyrna


بروتس وقتل يوليوس قيصر

الظروف في روما

بعد الإنتصارات التي حققها يوليوس قيصر في خارج روما ونجاحه في إخماد الحرب الأهلية هناك وتمام سيطرته على الفتن ، قرر العودة إلى روما ، وقد فهم الأشراف بذلك فرأوا الفناء يحل بهم عند عودة قيصر ، ولذلك عقدوا النية على قتله قبل حتى يغادر البلاد. وكان قيصر قد عامل هؤلاء الأشراف معاملة كريمة أطلقت لسان شيشرون بالثناء عليه. وكان قد عفا عن جميع من استسلم له من أعدائه ، ولم يحكم بالإعدام إلا على عدد قليل من الضباط الذين خانوا عهده فحاربوه بعد حتى هزمهم وعفا عنهم. وكان قد أحرق جميع الرسائل التي عثر عليها في خيمة بومبي وسبيومن غير حتى يقرأها، وأوفد ابنة بومبي وأحفاده الأسرى إلى سكتس ابن بومبي ، وكان لا يزال في حرب معه، وأصلح تمثال بومبي وأقامه في موضعه بعد حتى طرحه أتباعه على الأرض ؛ وعين بروتس وكاسيوس واليين على اثنتين من الولايات، كما عين غيرهما من الأشراف في بعض المناصب العليا ، وصبر على كثير من الأذى والمثالب دون حتى يشكوأويتذمر ، ولم يتخذ شيئاً من الإجراءات ضد من كان يظن أنهم يأتمرون به ليقتلوه.

أما شيشرون الذي طالما لبس لكل حالة لبوسها ، ولف شراعه لكل ريح ، فإن قيصر لم يكتف بالعفوعنه بل كرمه ولم يبخل عليه بشيء مما طلبه الخطيب العظيم لنفسه أولأصدقائه البمبيين، بل نه انصاع لإلحاف شيشرون ، فعفا عن ماركس مرسلس وهوالرجل الذي خرج على قيصر ولم يندم على عمله. وقد امتدح شيشرون في خطبة له رنانة عنوانها "إلى مرسلس" " كرم قيصر الذي لا يصدقه العقل"، ونطق عن بومبي إنه لوانتصر لكان أشد منه انتقاماً من أعدائه.

ثم أضاف إلى ذلك قوله: "لقد سمعت مع الأسف الشديد عباراتك الفلسفية المشهورة lam satis vivi لقد نلت كفايتي من طول الحياة ومن الشهرة... ورجائي إليك حتى تطرح حكمة الحكماء.. ولا تكن حكيماً إذا عرضتك الحكمة للأخطار.. إنك لا تزال بعيداً جميع البعد عن إنجاز أعمالك العظيمة، بل إنك لم تضع بعد أسسها" ثم وعد قيصر وعداً صادقاً بإسم مجلس الشيوخ كله بأنهم سيسهرون على سلامته ويصدون بأجسامهم جميع اعتداء عليه.

وأثرى شيشرون في ذلك الوقت ثراء جعله يفكر في شراء قصر آخر هذا القصر غير قصر صلا نفسه. وكان يستمتع بالمآدب التي يدعوه إليها أنطونيوس ويلبس وغيرهما من أعوان قيصر ، ولم تكن رسائله في أي وقت مضى أكثر بهجة مما كانت في ذلك الوقت. غير حتى قيصر لم ينخدع بهذا كله ، فقد خط إلى ماريوس يقول: "إذا كان في الناس من هوظريف فذاك شيشرون ولكنه يبغضني أشد البغض". وكان قيصر صادقاً في قوله، فلما حتى عاد البمبيون إلى مناوأة قيصر بعد حتى أمنوا جانبه ارتمى هذا الأديب التلراني في أحضانهم وخط يثني على كاتوالأصغر ثناء ما كان أجدره بأن ينبه قيصر إلى ما يحيط به من الأخطار. غير حتى قيصر لم يعمل أكثر من حتى يرد على شيشرون بكتابة ضد كاتوAnti- Cato لا تدل على حصافة عقله. ذلك أنه بعمله هذا أمكن خصمه من حتى يختار السلاح الذي ينازله به ، وكانت نتيجة هذا حتى انتصر الخطيب عليه، وأثنى الرأي العام على أسلوب شيشرون كما أثنى على الحاكم الذي اختار حتى يخط رسالة وهوقادر على حتى يسقط أمراً بالإعدام. وبعد فإن الذين حرموا ما كان لهم من سلطان لا يمكن حتى تستل سخائمهم بالعفوعن مقاومتهم لمن حرمهم هذا السلطان، وليس عفوك عمن عنك بأقل صعوبة عمن آذيته.

ومصداق هذا حتى الأشراف في مجلس الشيوخ الذي لم يكن يجرؤ على رفض المقترحات التي عرضها عليه قيصر حسب الأصول الدستورية أخذوا يتبرمون وينددون تنديد الوطنيين الصادقين بالقضاء على الحرية التي أتخمت بالمال خزائنهم، وعز عليهم حتى يقروا بأن عودة النظام تتطلب التضحية ببعض حريتهم. وقد روعهم وجود كليوباترا وقيصريون في روما.

نعم إذا قيصر كان يعيش مع زوجته كلبيرنيا وإنهما كانا يتبادلان المحبة في الظاهر، ولكن من ذا الذي يعهد- ومن ذا الذي تطاوعه نفسه على ألا يذيع- ما كان يحدث في أثناء زياراته الكثيرة للملكة العظيمة الجميلة،يا ترى؟ وأكدت الشائعات أنه يريد حتى ينصب نفسه ملكاً، وأن يتزوج كليوباترا ، وأن ينقل عاصمة دولتهما المتحدة إلى بلاد الشرق. ألم يأمر بأن يقام له تمثال على الكبتول بجوار تماثيل ملوك رومه الأقدمين؟- ألم تطبع صورته على النقود الرومانية،يا ترى؟ وهي وقاحة لم يسبق لها نظير. ألم يلبس جلابيب أرجوانية من اللون الذي كان يحتفظ به عادة للملوك،يا ترى؟ لقد حاءه القنصل أنطونيوس يوم عيد لبركاليا في الخامس عشر من فبراير عام 44 عاري الجسد إلا من جلود الماعز التي كان يلبسها الكهنة في ذلك العيد ثملاً من كثرة ما احتسى من الخمر ، وحاول ثلاث مرات حتى يضع التاج الملكي على رأس قيصر؛ ورفضه قيصر في المرات الثلاث. ولكن ألم يكن سبب هذا الرفض حتى الجماهير قد أبدت غضبها من هذا العمل وإن أبدته همساً،يا ترى؟ ألم يقص التربيونين عن منصبيها لأنهما حملا عن تمثاله الإكليل الملكي الذي وضعه عليه أصدقاؤه ولما أقبل عليه الشيوخ وهوجالس في هيكل فينوس لم يقم واقفاً لاستقبالهم. ونطق بعضهم إنه قد أقعدته وقتئذ نوبة صرع، ونطق غيرهم إنه كان يشكوإسهالاً شديداً، وإنه ظل جالساً حتى لا تتحرك أمعاؤه في هذه اللحظة غير المواتية ، ولكن كثيرين من الأشراف كانوا يخشون حتى ينادي به ملكاً في أي يوم.

تدبير الخطة

أقبل كيوس كاسيوس ، وهورجل مريض الجسم- "أصفر نحيل" كما يصفه أفلوطرخس ، على ماركس بروتس واقترح عليه اغتيال قيصر. وكان قبل ذلك قد عرض خطته على جماعة من الشيوخ وعلى بعض الممولين الذين قل ما ينهبونه من الولايات مذ وضع قيصر القيود الشديدة على الملتزمين ، بل عرضها أيضاً على بعض القواد في جيش قيصر الذين أحسوا بأم ما حباهم به من المناصب والغنائم كان أقل مما يستحقون، وكان هؤلاء كلهم قد وافقوا عليها.

وكان المتآمرين في حاجة إلى بروتس ليكون هورافع لواء المؤامرة، لأنه اشتهر بين الناس كافة بأنه أعظم الناس استمساكاً بالفضيلة ، وكان الناس يقولون إنه من سلالة بروتس الذي طرد الملوك قبل ذلك الوقت بأربعمائة وستة وأربعين عاماً. وكانت أمه سرفليا أختاً غير شقيقة لكاتو، وزوجته بورشيا ابنة كاتووأرملة ببيولس عدوقيصر ؛ ويقول أبيان "إن الناس كانوا يظنون حتى بروتس نفسه ابن قيصر لأن قيصر كان عشيق سرفليا في الوقت الذي ولد فيه بروتس". ويضيف أفلوطرخس إلى ذلك حتى قيصر كان يعتقد حتى بروتس ولده.

ولا يبعد حتىقد يكون بروتس نفسه ممن يعتقدون هذا الاعتقاد، وأنه كان يحقد على قيصر لأنه أفسد أخلاق أمه وجعله مضغة في أفواه الرومان ، يقولون عنه إنه ابن زانية بدل حتىقد يكون من نسل آل بروتس. وكان هوعلى الدوام مكتئباً يميل إلى الصمت كأن ظلماً حل به يجثم على صدره ويشغل باله ، وذلك في الوقت الذي كان فيه فخوراً معجباً بنفسه ، لأنه أياً كان مولده يجري في عروقه دم الأشراف. وكان يجيد اللغة اليونانية ويجب الفلسفة ، وكان في فهم ما وراء الطبيعة من القائلين برأي أفلاطون ، وفي الأخلاق من أتباع زينون. وكان مما انطبع في ذهنه حتى الرواقية تتفق مع المبادئ اليونانية والرومانية في الحث على اغتال الطغاة الظالمين. وقد خط في هذا إلى صديق له يقول: "إن آباءنا كانوا يعتقدون أنه لا ينبغي لنا حتى نخضع للمستبد ولوكان هذا المستبد أبانا نفسه". وقد ألف رسالة في الفضيلة وخلط الناس في المستقبل بينه وبين هذا الوصف ، وإن كان بعيداً عنه. فقد أقرض أهل سلاميس Salamis في قبرص عن طريق بعض الوسطاء أموالاً بثمن ثمانية وأربعين في المائة، ولما تذمروا من أداء ما تراكم عليهم من الفوائد ألح على شيشرون، وكان وقتئذ قنصلاً في قليقية، حتى يستعين بالجيوش الرومانية على جمع المال. وقد حكم غالة الجنوبية حكماً صالحاً يمتاز بحسن الإدارة والكفاية، ولما عاد إلى رومه عينه قيصر بريتوراً Praetor على الحواضر. وقد ثار جميع عنصر طيب فيه على مقترحات قيصر، وأخذ كاسيوس يذكره بآبائه على الظلم، ولعل بروتس قد شعر بأنه يتحداه بأن يثبت أنه من نسلهم وبأن يحذوحذوهم. وكان هذا الشاب الحسّاس يحمرّ وجهه خجلاً حين يرى تمثال بروتس الأكبر أمثال هذه العبارة:

أي بروتس! هل مت،يا ترى؟ وإلا فإن آباءك براء منك

وقد أهدى إليه شيشرون عدة من رسائله خطها في تلك السنين، وسرت في ذلك الوقت بين الأشراف شائعة فحواها حتى لوسيوس كتا Lucius Cotta سيعرض على مجلس الشيوخ في اجتماعه المقبل الذي سيكون في الخامس من شهر مارس اقتراحاً بتنصيب قيصر ملكاً، لأن عرّافة سيبيل نطقت إذا البارثيين لن يهزموا إلا على يد مل. ونطق كاسيوس إذا المجلس ، وقد أصبح نصف أعضائه ممن عينهم قيصر، يفترض أن يوافق على هذا الاقتراح، وإنه لن يبقى بعد ذلك أمل في عودة الحكم الجمهوري. وتأثر بروتس بهذا كله، واستسلم، واخذ المتآمرون بعد ذلك يحكمون أمرهم ويضعون خططهم. واستخلصت بورشيا السر من زوجها، بأن طعنت نفسها بخنجر في فخذها لتبرهن بذلك على أنه ما من أذى يصيبها في جسمها يحملها على حتى تنطق بشيء رغم إرادتها.وأصر بروتس في لحظة غير مواتية له على ألا يمس أنطونيوس بأذى.

اغتياله

The senators encircle Caesar. A 19th century interpretation of the event by Carl Theodor von Piloty
مارك أنطونيو، ابن عم قيصر

وحدث في مساء اليوم الرابع عشر من شهر مارس حتى عرض قيصر على من كانوا مجتمعين في منزله حتىقد يكون موضوع حديثهم "ما هي خير طريقة للموت؟" وأجاب هوعن ذلك السؤال بقوله: "إنها الميتة المفاجئة". وتوسلت إليه زوجه في صباح اليوم الثاني ألا يمضى إلى مجلس الشيوخ ، ونطقت إنها رأته في نومها ملطخاً بالدماء ؛ وحاول خادم آخر، كان يرى مثل رأيها، حتى يفتعل نذيراً بمنع قيصر من الذهاب ، فتسبب في سقوط صورة لأحد أسلافه معلقة على جدار ، ولكن دسمس بروتس Decimus Brutus، وهوصديق حميم لقيصر وأحد المتآمرين ، ألح عليه حتى يحضر الاجتماع وإن لم يعمل فيه أكثر من حتى يطلب بنفسه في رقة ومجاملة تأجيل الجلسة إلى وقت آخر.

وأقبل صديق لقيصر عهد نبأ المؤامرة ليحذره فوجده قد غادر داره في طريقه إلى المجلس. وقابل في طريقه عرافاً كان قد أسر إليه من قبل حتى "يحذر اليوم الخامس عشر من شهر مارس" ونطق له قيصر وهويبتسم، إذا الخامس عشر من مارس قد اتى ولم يصب فيه بسوء، فأجابه اسبورنا Sburinna "نعم ولكنه لم يمض بعد". وبينا كان قيصر يقرب القربان الذي كان من المألوف تقريبه قبل الجلسة أمام ملهى بومبي حيث يعقد المجلس اجتماعه إذ وضع أحدهم في يده لوحة صغيرة يحذره فيها من لمؤامرة ولكنه لم يعبأ بها. وتقول الرواية المأثورة إذا هذه اللوحة وجدت في يده بعد مقتله .

وشغل تربونيوس Trebonius- وهوأحذ المتآمرين ، وكان من قبل أحد قواد قيصر المقربين- أنطونيوس بالحديث فعطله عن حضور الاجتماع. ولما ولج قيصر الملهى واتخذ فيه مجلسه هجم "نادىة الحرية" من فورهم عليه. ويقول سيوتونيوس: "لقد خط بعضهم يقولون إنه حين هجم عليه ماركس بروتس نطق باللغة اليونانية Kai su teknon- "وأنت أيضاً يا ولدي". ويقول أبيان إذا قيصر حين طعنه بروتس امتنع عن جميع مقاومة، وغطى وجهه ورأسه بثوبه، واستسلم للضربات، وسقط عند قدمي تمثال بومبي . إلى غير ذلك تحققت رغبة واحدة من رغبات أكمل إنسان أنجبته الأيام الخالية.


حكمه

عاد قيصر إلى روما في خريف عام 46 ق.م. بعد حتى نصب سلست والياً على نوميديا، وأعاد تنظيم ولايات أفريقيا. وأوجس مجلس الشيوخ خيفة من هذه العودة، وأدرك حتى البلاد مقبلة على الحكم الملكي المطلق، فاختاره حاكماً بأمره مدة عشر سنوات. واحتفلت رومه بعودته احتفالاً لم تشهد له مثيلاً من قبل، وكافا قيصر جميع جندي من جنوده بخمسة آلاف درخمة أتيكية (حوالي ثلاثة آلاف ريال أمريكي)، أي أكثر كثيراً مما كان قد وعدهم به، وأولم وليمة كبرى للمواطنين الرومان احتوت على اثنين وعشرين ألف مائدة. وأعد لتسليتهم معركة بحرية صورية، اشهجر فيها عشرة آلاف رجل. ثم غادر روما إلى أسبانيا في أوائل عام 45 ق.م. وهزم آخر جيش من جيوش بمبي عند مندا Munda. ولما عاد إلى رومه في شهر أكتوبر عثر إيطاليا كلها تسودها الفوضى. ذلك حتى الحكم الألجركي الفاسد، والثورات التي دامت مائة عام كاملة، قد أشاعا الاضطراب والفوضى في الأعمال الزراعية والصناعية والمالية والتجارية. أضف إلى هذا حتى استنزاف موارد الولايات، وحبس رؤوس الأموال، وزعزعة أركان الاستثمار، أدت كلها إلى اضطراب سوق المال. هذا إلى حتى آلاف الضياع قد حل بها الخراب، لأم مائة ألف من الرجال سيقوا من الأعمال المنتجة إلى ميادين القتال، وأن آلافاً مؤلفة من الزراع أرغمتهم منافسة الحبوب المستوردة من خارج البلاد أوالتي تنتجها الضياع الكبرى التي يعمل فيها العبيد على الانضمام إلى صعاليك المدن والاستماع وبطونهم خاوية إلى الوعود التي يمنيهم بها الزعماء المهرجون. وأخذ من أبقت عليهم رحمة قيصر من الأشراف يأتمرون به في قصورهم ونواديهم، ولما حتى طلب إليهم في مجلس الشيوخ حتى يعترفوا بضرورة الدكتاتورية ويعانوه على حتى يعيد النظام إلى البلاد ويأسوجراحها، سخروا مما يعرضه عليهم هذا المغتصب وبسطوا ألسنتهم في استضافته لكيلوبطرة في رومه، وأخذوا يشيعون سراً أنه يعيد العدة ليكون ملكاً، ولينقل عاصمة الدولة إلى الإسكندرية أوإلى إليوم llium. ومن أجل ذلك شرع قيصر،

وقد أدركته الشيخوخة ولما يتجاوز بعد الخامسة والخمسين من عمره، ويعمل بهمة الرومان الأصيل ليحيي موات الدولة الرومانية. وكان يفهم حتى فوزاته لن تكون لها قيمة إذا لم يكن في مقدوره حتى يشيد في مكان الحطام التي أزلها صرحاً أحسن منها وأثبت نادىمة. ولما حتى أعطى أجل دكتاتوريته في عام 44 من عشر سنين إلى دكتاتورية تدوم مدى الحياة لم ير فرقاً كبيراً بين الحالين، وإن لم يكن قد استوعب في ذلك الوقت حتى أجله لن يطول أكثر من خمسة شهور. وأخذ مجلس الشيوخ يتملقه وحباه بكل ما يستطيع من ألقاب التعظيم، ولعله كان يهدف بذلك إلى حتى يشيع كراهيته في قلوب الشعب الذي كان يبغض الملكية ولا يطيق حتى اسم الملك. وأجاز له المجلس حتى يلبس إكليل الغار الذي كان يوارى به صلعته، وأن يحمل حتى في وقت السلم رمز سلطات الإمبراطور imperator. وبفضل هذه السلطات كان يسيطر على خزائن المال، كما كان منصب الحبر الأكبر Pontifex Maximus يمكن من السيطرة على الشؤون الدينية في البلاد، وكان له، بوصفه قنصلاً، حتى يقترح القوانين وينفذها، وبوصفه تربيوناً كانت ذاته مصونة لا تمس، وبوصفه رقيباً كان له حتى يعيّن أعضاء مجلس الشيوخ ويسقطهم. واحتفظت الجمعيات بحقها في الاقتراع على القوانين المعروضة عليها، ولكن دلابلا وأنطونيوس رجلي قيصر كانا يسيطران عليها، وكانت توافق عادة على سياسته. وكان هومن ناحيته يجتهد في حتى يقيم دكتاتورية على محبة الشعب له ورضائهم عنه شأنه في هذا شأن غيره من الطغاة الحاكمين. وأنزل مجل الشيوخ حتى صار أشبه شيء بمجلس استشاري له،

وحمل عدد أعضائه من ستمائة عضوإلى تسعمائة، وكان يجدده على الدوام باستبدال أربعمائة عضوحديث بمثل عددهم من أعضائه السابقين. وكان كثيرون من هؤلاء الأعضاء الجدد من رجال العمال، وكثيرون منهم من المواطنين البارزين في المدن الإيطالية أومدن الولايات الرومانية، ومنهم من كانوا من أعضاء المئين أوالجنود أوأبناء العبيد. وارتاع الأشراف حين رأوا زعماء غالة المغلوبة يدخلون مجلس الشيوخ وينضمون إلى حكام الإمبراطورية، بل عن الماجنين من أهل العاصمة قد ساءهم هذا التصرف ونشروا في طول المدينة وعرضها مقطوعة شعرية يقولون فيها "إن قيصر يقود الغاليين في موكب نصره، ثم يدخلهم مجلس الشيوخ؛ لقد خلع الغاليون سراويلهم القصيرة ولبسوا المئزر العريض الأطراف" الذي يلبسه الشيوخ.

ولعل قيصر قد تعمد حتى يجعل المجلس الجديد هيئة ضخمة عاجزة عن المداولة الجدية المنتجة أوالمقاومة الموحدة. ولذلك اختار طائفة من أصدقائه هم بلبس balbus، وأبيوس Oppius، وماتيوس Matius وغيرهم، ليتخذ منهم وزراء له غير رسميين ينفذون سياسته؛ وأدخل النظام البيروقراطي في الدولة بأن وضع الشؤون الكتابية في دولاب الحكومة ودقائق الأعمال الإدارية في أيدي من كان في بيته من المحررين والرقيق. وسمح للجمعية حتى تتخذ نصف كبار الحكام في المدينة، واختار هوالنصف الباقي بطريق التوصية، وكانت الجمعية تأخذ بهذه التوصيات على الدوام. وكان من حقه، بوصفه تربيوناً، حتى يعترض على قرارات غيره من التربيونين والقناصل ويبطلها، وحمل عدد البريتورين Praetors إلى ستة عشر، والكوسترين Quaestor إلى أربعين لينجز بذلك أعمال البلدية والأعمال القضائية، وراقب بنفسه شؤون المدينة كلها على اختلاف أنواعها، وقضى عل جميع ما كان فيها من عجز وفساد وإتلاف، ونص في جميع العهود التي منحها للمدينة على الأوامر الصريحة والعقوبات الشديدة التي يتعرض لها جميع من يحاول إفساد الانتخابات أوالوظائف العامة. وأراد حتى يقضي على السنة القديمة سنة السيطرة على الشؤون السياسية بابتياع أصوات الناخبين جملة. ولعله أراد أيضاً حتى يحصن نفسه من ثورة الرعاع. فألغى الاتحادات والنقابات ولم يبق منها إلا ما كان ذا أصل قديم، وإلا الجماعات اليهودية ذات الأغراض الدينية الخالصة. وقصر وظائف المحلفين على الطبقتين العليين واحتفظ لنفسه بحق النظر في أبرز القضايا وأخطرها شأناً، وكثيراً ما كان يجلس للقضاء بنفسه. وليس ثمة من ينكر ما تتصف به أحكامه من حكمة ونزاهة. وقد اقترح على المشترعين في أيام حتى يجمعوا القوانين الرومانية المعمول بها وقتئذ في كتاب واحد منظم، ولكن موته العاجل حال دون إتمام هذا المشروع. ثم سار على خطة ابني جراكس، فوزع الأرض على جنوده القدامى وعلى الفقراء، وسار أغسطس نفسه على هذه السياسة، فهدأت الاضطرابات بين الزراع كثيراً من السنين. وأراد حتى يمنع عودة الملكية الزراعية إلى الهجرز فحرم بيع الراضي الجديدة قبل مضي عشرين عاماً، كما أمر حتىقد يكون ثلث العمال في المزارع من الأحرار،

وذلك لكي يحول دون استغلال الأراضي كلها على أيدي الأرقاء. وكان من قبل قد أنقص عدد الرعاع المتعطلين في المدينة بمن جنده منهم في الجيش، وبإقطاعهم الأرض الزراعية بعد تسريحهم. ثم أنقص عددهم مرة أخرى بأن أوفد ثمانين ألفاً من المواطنين ليستعمروا قرطاجنة وكورنثة وأشبيلية وأرليس وغيرهما من المراكز. ولم يكتف بهذا بل أراد حتى يضمن العمل للباقين من المتعطلين فوضع برنامجاً ضخماً للبناء رصد له 160.000.000 سسترس. من ذلك أنه أمر بإنشاء بناء حديث في ميدان المريخ لاجتماع الجمعيات، وإضافة مبنى حديث للسوق العامة يدعى سوق أبوليوم لتخفيف الزحام عن السوق القديمة. ثم جمل كثيراً من المدن في إيطاليا وأسبانيا وغالة وبلاد اليونان. وبعد حتى خفف أعباء الفقر بهذه الوسائل أراد حتى يعهد أثرها في الناس، فطلب إلى من شاء الفقراء حتى يتقدم إلى الدولة بالحصول على إعانات من الحبوب، فوجد حتى عدد الطالبين قد نقص على الفور من 32.000 إلى 150.000. وقد ظل حتى ذلك الوقت نصيراً للعامة، يهدف إلى إسعادهم في جميع ما وضعه من المشروعات. ولكنه كان يفهم حتى الثورة الرومانية ثروة زراعية أكثر منها صناعية، وأنها موجهة في الغالب إلى طبقة الأشراف التي تسخر لخدمتها الأرقاء، ثم إلى المرابين، وأنها لم يوجه إلا القليل منها لرجال الأعمال. فواصل خطة ابني جراكس الزراعية، ونادى رجال الأعمال إلى تأييد الثورة الزراعية والمالية. وكان شيشرون قد حاول حتى يعقد حلفاً بين الطبقات الوسطى والأشراف، أما قيصر فحاول حتى يؤلف بين أولئك وبين العامة، وأمده بالمال كثيرون من الممولين على اختلاف درجاتهم من كراسس إلى بلبس، كما أمد الكثيرون من أمثالهم بالمال للثورتين الأمريكية والفرنسية. ولكن قيصر رغم هذه المعونة قضى على مصدر من أكبر مصادر الاستغلال المالي والربح غير المشرع- وهوجباية الضرائب في الولايات على أيدي جماعات الملتزمين. ثم خفض الديون بدرجات متفاوتة، وسن قوانين صارمة لتحريم الربا الفاحش. وأسعف العاجزين عجزاً شديداً عن الوفاء بديونهم بوضع قانون للإفلاس لا يختلف في جوهره عن القانون المعمول به في هذه الأيام. وأعاد إلى العملة استقرارها بجعل المضى أساساً لها، وبصك بترة مضىية تدعى أوريوس Aureus كانت تساوي في قوتها الشرائية الجنيه الإسترليني في القرن التاسع عشر، وكانت صورته تطبع على النقود الحكومية وتزيين برسوم لم تعهدها رومه من قبل. وقد نظمت الإدارة المشرفة على مالية الدولة تنظيماً جديداً، وطمعت بكفايات جديدة كانت نتيجتها حتى عثر في خزائنها حين اغتال قيصر 700.000.000 سسترس، وفي خزينته الخاصة 100.000.000. وأراد حتى يقيم نظام الضرائب والإرادة على أساس فهمي سليم، فأجري إحصاء عاماً في إيطاليا وأعد العدة لإحصاء عام مثله في سائر أنحاء الإمبراطورية، ثم أراد حتى يعوض النقص الكبير الذي أحدثته الحروب في عدد المواطنين الرومان، فتوسع إلى أقصى حد في منح حق المواطنية الرومانية- وكان ممن ضمهم هذا الحق الأطباق والمفهمون في رومه. وكان النقص المطرد في المواليد قد أقض من قبل مضجعه، فقرر في عام 59 ق.م حتى تكون الأولوية في امتلاك الأراضي التي توزعها الحكومة لآباء الثلاثة الأبناء. والآن قرر منح مكافآت للأسر الكبيرة، وحرم على من ليست لهن أبناء من النساء حتى يركبن المحفات أويتحلين بالجواهر- وكان هذا التشريع أضعف تشريعاته كلها وأقلها نفعاً. وظل قيصر كما كان رجلاً لا أدريا وإن لم يكن عقله بعيداً جميع البعد عن الخرافات(53). ولكنه بقي الرئيس الأعلى لدين الدولة ولم يبخل على هذا الدين بما يحتاجه من الأموال، فأعاد بناء الهياكل القديمة وأنشأ هياكل أخرى جديدة. وكانت فينوس أمه الحنون تلقى منه أعظم ضروب التكريم، لكنه مع هذا كان يطلق للناس تام الحرية في الفكر والعبادة، وألغى ما كان قد صدر من الأوامر بتحريم عبادة إيزيس، ومنع التعرض لليهود في ممارسة شعائر دينهم. ولما رأى حتى تقويم الكهنة لم يعد يتفق مطلقاً مع فصول السنة أمر سوسجينس Sosigenes العالم اليوناني الإسكندري السنة من ذلك الحين تشتمل على 365 يوماً، يضاف إليها يوم في آخر شهر فبراير جميع أربع سنين. وأخذ شيشرون يشكومن هذا التغيير ويقول إذا قيصر لم يقنع بحكم الأرض فتطاول إذا تنظيم النجوم والتحكم في شؤونها، ولكن مجلس الشيوخ قبل هذا الإصلاح أحسن قبول، وأطلق اسم يوليوس وهواسم أسرة قيصر على شهر كونكتيلس Quinctilis (الشهر الخامس) وكان هذا الشهر هوالشهر الخامس حين كان شهر مارس بداية العام. ولك تكن الأعمال التي شرع فيها قيصر أوفكر فيها ووقفت بسبب قتله أقل شأناً من الأعمال التي تمت عملاً. ومن هذه الأعمال الأولى أنه وضع أساس ملهى عظيم، ومعبد للمريخ يتفق وما عهد عن هذا الإله من شره ونهم، وعين فاروعلى رأس هيئة تعمل لإنشاء دور خط عامة. وعمل على إنقاذ رومه من وطأة الملاريا بتجفيف بحيرة فوسينس Fucinus ومنافع بنتين Pontine، واستصلاح الأراضي المجففة وغرسها. وأشار ببناء جسور حول التيبر ليمنع طغيان مياهه على الأراضي المجاورة له، واقترح تحويل مجرى هذا النهر لإصلاح ميناء أستيا Ostia الذي كان غرين النهر يسده من آن إلى آن. وأمر مهندسيه بأن يعدوا مشروعاً يرمي إلى إنشاء طريق يخترق وسط إيطاليا من الشرق إلى الغرب والى حفر قناة في برزح كورنثة Corinth. وكان أشد ما أغضب أهل رومه من أعماله حتى منح أحرار الإيطاليين كلهم ما لأهل رومه نفسها من حقوق، وأهن سوي بين الولايات وبين إيطاليا. ذلك أنه منح حق الانتخاب لأهل غالة الجنوبية في عام 49، ثم وضع في عام 44 ميثاقاً يشير ظاهرة على أنه لجميع مدن إيطاليا وانه يسوي بين هذه المدن وبين روما ، ولكن أكبر الظن أنه كان يفكر في إقامة حكومة نيابية من نوع ما تجعل لهذه المدن نصيباً ديمقراطياً في حكومته الملكية. ثم انتزع حق تعيين الولاة من مجلس الشيوخ المرتشي الفاسد، ورشح هولهذه المناصب رجالاً عهدوا بالمقدرة والكفاية،

وجعلهم في جميع آن عرضة للعزل بأمر منه وحده، وخفض الضرائب في الولايات إلى ثلثي ما كانت عليه، وعهد جبايتها إلى موظفين مسؤولين أمامه. ولم يأبه باللعنات القديمة التي كانت تصب على من يعيد بناء كبوا وقرطاجنة وكورونثة؛ وأتم في هذه الناحية أيضاً ما شرع فيه ولدا جراكس، ومنح حقوق الرومان أواللاتين للمستعمرين الذين أوفدهم لإنشاء عشرات المدن الممتدة من جبل طارق إلى البحر السود، أولتعمير ما كان قائماً منها من قبل. ولا جدال في أنه كان يريد حتى يمنح حق المواطنية الرومانية لجميع الذكور الراشدين في الإمبراطورية كلها، وبذلك لاقد يكون مجلس الشيوخ ممثلاً لطبقة واحدة في رومه بلقد يكون ممثلاً لعقلية الولايات جميعها وإرادتها. وهذه الفكرة التي سيطرت على عقل قيصر فيما يجب حتىقد يكون عليه نظام الحكم، مضافة إلى تنظيمه الجديد لرومه وإيطاليا، تكمل في رأينا تلك المعجزة المنبترة النظير- المعجزة التي جعلت من الشاب المتلاف العربيد رجلاً من أقدر رجال السياسة المشؤومة في جميع العصور وأعظمهم شجاعة وعدلاً واستنارة. وكان قيصر كالإسكندر لا يعهد أين تقف جهوده وإصلاحاته؛ فلما حتى رسم في ذهنه صورة لدولته في نظامها الجديد ساءه حتى يجدها معرضة للغزوعند أنهار الفرات والدنواب والرين، فأخذ يفكر في إرسال حملة عظيمة لإخضاع بارثيا والأخذ بثأر كراسس الذي أمده بالمال في أزماته، وفي الزحف حول البحر الأسود لتهدئة سكوذيا Scythia، وفي ارتياد نهر الدانوب وفتح ألمانيا. حتى إذا ما أمن الإمبراطورية على هذا النحوعاد إلى رومه مثقلاً بالمجد والمغانم، ومعه من المال ما يستطيع به حتى يقضي على الكساد الاقتصادي في البلاد، وله من القوة والجاه ما يستطيع به حتى يغض الطرف عن جميع معارضة؛ ومن الحرية ما يمكنا من حتى يعين من يخلفه، وأن يموت بعد حتى يورث العالم "السلم الرومانية" Pax Romana، وهي أعظم تراث يستطيع حتى يورثه إياه.

صفاته الإنسانية

كان گيوس يوليوس قيصر أحد أفراد أسرة من الأشراف الرومان برزت مؤخراَ منذ عهد طويل اكتنفه الغموض، وكانت تتجلى فيه معالم ومواهب ومقدرات الشخصية الأرستقراطية الرومانية, فحدثة "شرف" غالباَ ما كانت على شفتيه, والشرف تطلب منه حتىقد يكون مخلصاَ وفياَ إلى أبعد حدود الاخلاص والوفاء إلى أصدقائه ومعاصريه ومؤيديه حتى إلى أولئك الأوضع مقاماَ ممن يؤدون له خدمة, كان قيصر يقول أنه حتى لوتساعده عصابة من قطاع الطرق وسفاكي الدماء في الدفاع عن شرفه فإنه سيكافئها بنفس الكيفية التي يكافئ فيها أناساَ آخرين. كانت لقيصر الكثير من المواهب منها الكتابة والتأليف وكانت له الكثير من الخط المشهورة آن ذاك في روما. لم يكن قيصر وحشياَ بالفطرة إنما على العكس من ذلك تماماَ, كانت رأفته تجاه أبناء البلاد التي كان يفتحها معروفة ذائعة الصيت وحتى في حروبه الخارجية لم يكن قيصر وحشياَ بقصد الوحش, لكن كان عليه حتى يوفر الغنائم لقواته وكان يجب امدادها بما تحتاجه من مؤن وطعام. لذا كان بحكم الضرورة قيامه بنهب وسلب المدن وبيع السكان كعبيد.

حياته الشخصية

صحته ووصفه البدني

الاسم والعائلة


شجرة عائلة يوليو-كلوديان

والديه

  • والده گيوس يوليوس قيصر الأكبر
  • والدته أوريلا (قريبة Aurelii Cottae)

شقيقاته

  • جوليا قيصر "الكبرى"
  • جوليا قيصر "الصغرى"

زوجاته

  • الزواج الأول من كورنليا سنيليلا.
  • الزواج الثاني من بومبيا سولا (ابنة بومبي).
  • الزواج الثالث من كالبورنيا بسونيس.

أنجاله

  • جوليا قيصر من زقابل الأول.
  • قيصرون من كليوپاترا الذي أصبح آخر فرعون لمصر باسم بطليموس الحادي عشر (؟).
  • أغسطس قيصر ابنه بالتبني الذي أصبح أول إمبراطور لروما.

أحفاده

  • أحفاده من ابنته جوليا وپومپي، توفيت بعد بضعة أيام، ولم تسمى.

عشيقاته

  • كليوپاترا السابعة والدة قيصريون
  • Servilia Caepionis والدة بروتوس
  • إيونية، ملكة موريتانيا وزوجة Bogudes
  • علاقات متعددة مع معظم نساء أعضاء مجلس الشيوخ وأبرزهم زوجتي كاتو

أقارب مشهورون

  • گيوس ماريوس (زوج خالته يوليا)
  • مارك أنطونيو
  • لوسيوس متلس
  • يوليوس سابينوس

الشائعات السياسية

أعمال أدبية

ذكراه

دروع attributed ليوليوس قيصر، فترة العصور الوسطى الاوروپية.
Commentarii de Bello Gallico, an account written by Julius Caesar about his nine years of war in Gaul


خط زمني لحياته

Consul Roman military history


معرض الصور


انظر أيضا

  • الجمهورية الرومانية
  • الإمبراطورية الرومانية
  • الحضارة الرومانية
  • بومبي
  • بروتس
  • كليوپاترا السابعة
  • Caesar's Comet
  • الإمبراطور: قيصر الصغير (فيلم)

المصادر

  1. ^ سيرة الحضارة
  2. ^ Tacitus, Histories 4.55

وصلات خارجية

Listen to this article (3 parts) • (info)
Part 1 • Part 2 • Part 3
هذا الملف الصوتي، سـُجـِّل من نسخة بتاريخ 2007-01-10، ولا تعكس التعديلات اللاحقة على الموضوع. (مساعدة الصوت)
المزيد من الموضوعات الناطقة
Wikisource has original works written by or about:
يوليوس قيصر
اقرأ اقتباسات ذات علاقة بيوليوس قيصر، في فهم الاقتباس.
  • Julius Caesar Suzanne Cross's site with in‑depth history of Caesar, plus a timeline and links.
  • C. Julius Caesar Jona Lendering's in‑depth history of Caesar (Livius. Org)
  • Julius Caesar — virgil.org An Annotated Guide to Online Resources categorised into Primary Sources, Background & Images, Modern Essays & Historical Fiction.
  • Julius Caesar, page with many links in several languages, including English
  • History of Julius Caesar
  • Julius Caesar: An alternative view of his motives
  • The Heart of Change: Julius Caesar and the End of the Roman Republic
  • Julius Caesar at BBC History
سبقه
Lucius Afranius and Quintus Caecilius Metellus Celer
قنصل الجمهورية الرومانية
with Marcus Calpurnius Bibulus
59 ق.م
تبعه
Lucius Calpurnius Piso Caesoninus and Aulus Gabinius
سبقه
Lucius Cornelius Lentulus Crus and Gaius Claudius Marcellus Maior
قنصل الجمهورية الرومانية
with Publius Servilius Vatia Isauricus
48 BC
تبعه
Quintus Fufius Calenus and Publius Vatinius
سبقه
Quintus Fufius Calenus and Publius Vatinius
قنصل الجمهورية الرومانية
with Marcus Aemilius Lepidus
46 BC
تبعه
Gaius Julius Caesar without colleague
سبقه
Gaius Julius Caesar and Marcus Aemilius Lepidus
قنصل الجمهورية الرومانية
without colleague
45 BC
تبعه
گيوس يوليوس ومارك أنطونيو
سبقه
يوليوس قيصر بلا شريك
قنصل الجمهورية الرومانية
with مارك أنطونيو
44 ق.م
تبعه
Aulus Hirtius and Gaius Vibius Pansa Caetronianus
سبقه
Lucius Cornelius Sulla, then lapsed
ديكتاتور الجمهورية الرومانية
46 ق.م-44 ق.م
تبعه
لا أحد
سبقه
إمبراطور الجمهورية الرومانية
60 ق.م
تبعه
سبقه
إمبراطور الجمهورية الرومانية
45 ق.م
تبعه


تاريخ النشر: 2020-06-09 05:18:58
التصنيفات: صفحات تستخدم خطا زمنيا, مقالات ناطقة, يوليوس قيصر, مواليد 100 ق.م., وفيات 44 ق.م., ديكتاتورات رومان قدماء, جنرالات رومان قدماء, سياسيون رومان قدماء, كتاب رومان قدماء, رؤوس دول مغتالون, عسكريون مغتالون, سياسيون رومان مغتالون, Characters in Book VI of the Aeneid, Correspondents of Cicero, وفيات بالطعن, أشخاص مؤلهون, كتاب لاتينية العصر الذهبي, Iulii, كتاب لغة لاتينية, أشخاص من روما, Republican holders of the role of pontifex maximus, حكام رومان لهسپانيا, كتاب عسكرية رومانية, قناصل الجمهورية الرومانية, 1st-century BC clergy, مؤرخو القرن 1 ق.م., رومان من القرن 1 ق.م., حكام القرن 1 ق.م., كتاب القرن 1 ق.م.

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حملة مشتركة للتأكد من تطبيق الإجراءات الاحترازية في قرية العليا

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 10:51:29
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 66%

البرلمان العراقي الجديد يعقد جلسته الأولى في 9 كانون الثاني/يناير

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 11:15:53
مستوى الصحة: 96% الأهمية: 97%

الكبتاغون: من ساحات القتال في سوريا إلى شوارع دول الخليج

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 11:15:39
مستوى الصحة: 96% الأهمية: 86%

«البنك المركزي» يمدد برنامج تأجيل الدفعات لـ 3 أشهر

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 10:51:37
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

مقتل 4 جنود في هجوم مسلح في مالي

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 10:51:52
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

أكثر من 1000 م2 يغطيها روبوت تطهير المسجد الحرام لكل ساعة عمل

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2021-12-30 10:49:57
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 43%

إزالة 25 مبنى آيل للسقوط في النعيرية

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 10:51:18
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

النصب والاحتيال يجران عائلة للتحقيق بسيدي سليمان

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 11:10:50
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 38%

“أوميكرون” يهدد بـ”شل” مصالح الإنعاش والعناية المركزة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 11:10:49
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 41%

أسهم أوروبا تصعد مع انحسار المخاوف من «أوميكرون»

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2021-12-30 10:50:22
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 46%

ما هو السر وراء العيش حياة أطول وأكثر صحة؟

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 11:15:40
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 99%

الحرس الملكي البريطاني يمشي فوق طفل وقع على الأرض «فيديو»

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2021-12-30 10:51:09
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 59%

قرار جمهوري بالموافقة على قرض فرنسي بقيمة 150 مليون يورو

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 10:48:28
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 53%

«إنفاذ» يفتتح 2022 بـ10 مزادات بمساحات تتجاوز 4 ملايين م2

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2021-12-30 10:50:27
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 39%

تجنّبوها..أخطاء صغيرة تجعل الطعام غير صحي

المصدر: زاكورة بريس - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-30 11:10:36
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 31%

تحميل تطبيق المنصة العربية