الدولة الجبرية

عودة للموسوعة

الدولة الجبرية

جزء من عن
البحرين القديمة
  • دلمون
  • Tylos
  • أوال
المنطقة التاريخية
  • الإسلام في البحرين
  • العلاء الحضرمي
قرامطة‎
  • العيونيون
  • الأسرة العصفورية والجروانية
  • الأسرة الجبرية
الاحتلال الپرتغالي
  • مقرن بن زامل
  • أنطونيوكوريا
الهيمنة الصفوية (1602–1717)
  • الغزوالعماني للبحرين 1717
تاريخ البحرين (1783–1971)
  • غزوالعتوب للبحرين 1783
  • والصداقة (1861)
  • محاولة انقلاب 1895
  • الاصلاحات الادارية في العشرينيات
  • أول بئر للنفط (1932)
  • هيئة الاتحاد الوطني‎
  • انتفاضة مارس 1965
دولة البحرين
  • فترة قانون أمن الدولة
  • محاولة انقلاب 1981
  • الانتفاضة التسعينية
مملكة البحرين
  • احتجاجات 2011–2012
بوابة البحرين

الدولة الجبرية هي دولة عربية حكمت الجانب الشرقي من الجزيرة العربية من أواسط القرن الخامس عشر الميلادي وحتى أواسط القرن السادس عشر. وقد امتد نفوذها من سواحل عمان جنوباً وحتى الكويت الحالية شمالاً، وضمّت أيضاً جزر البحرين وامتد نفوذها إلى شرق نجد، وكانت عاصمتهم في الأحساء. وقد كان حكام هذه الدولة، بنوجبر، وكان أشهر أمرائها أجود بن زامل الجبري الذي عاش من عام 1418 حتى عام 1507 م. وكانت للجبريين معارك مهمة مع البرتغاليين في البحرين وعمان، كما كان أمراؤها من المهتمين بالعلوم الشرعية، وخصوصاً الممضى المالكي وعملوا على تعزيز الممضى السني في المنطقة. وانهزم الجبريون على يد قبيلة المنتفق عام 1524 م فسقطت دولتهم بعد ذلك وخضعت المنطقة للدولة العثمانية.

بعد ما يزيد على ربع قرن من اختفاء امارة العصفوريين العامرية نجحت قبائل ابن عقيل بن عامر العدناني في بسط سلطانها على مناطق من نجد وشرق الجزيرة العربية بزعامة اسرة تنتمي الى جدها الاكبر ((جبر)) فعهدوا ببني جبر ضمن بطن الجبور.

وعهد جبر كمؤسس للدولة العقيليه الجبرية نسبة الي جده عقيل واشكل ذلك التباس لدي الكثيرين حول نسب حكام الدوله العقيليه الجبرية لتسميتهم بالعقيلي وبالعامري ومنهم من اعتبرهم من بقايا امارة العصفورين وانهم أبناء عمومتهم بل هناك من تعمد بعد ذلك نسب العصفورين لقبائل ابن عقيل بن عامر العدناني واعتبارهم من بني خالد وجعل العصفورين مخزوميين وذلك بدعم من الشيعة والذين اضافوا بعض عوائلهم الوضيعه ضمن نسب العصفورين في خطهم المشبوهه ومن ضمنها كتاب اسمه (اسرة العصفور التي حكمت الاحساء 150 عام) للمحرر الشيعي الاحسائي خالد النزر وكثير من النسابه اتبع من سبقه بالقول ولم يغير به شي والبعض الأخر عهد الحق واتبعه ..

نطق الجاسر: الحق أحق بأن يتبع وكنت نشرت منطقاً في "العرب" قلت فيه إذا أكثر فروع القبيلة تنسب إلى عامر بن صعصعة توهّـماً مني حتى بني عقيل من عامر بن صعصعة القبيلة المعروفة

ولكن اتضح لي فيما بعد حتى عقيلاً هؤلاء من عامر ربيعة ابن نزار
لا عقيل بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن من قيس عيلان من مضر بن نزار


والجاسر اوضح بدلائل وما يوجد لديه ان جبور بني خالد من بني عقيل من عامر بن ربيعه من عبد القيس من بني اسد بن ربيعه بن نزار

وربيعة أحد الجذمين الرئيسيين الذي تنقسم إليه القبائل العربية العدنانية إلى جانب مضر وتنتسب قبائل ربيعة إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان وتضم قبائل ربيعة جميع من عبد القيس وتغلب وبكر عنز بن وائل وحنيفة عاشت قبائل ربيعة في الحجاز ثم أنتقلوا إلى مساكنهم المعروفة في وسط وشرق وشمال الجزيرة العربية فسكنت عبد القيس المناطق الشرقية من الجزيرة العربية وأستقر بنوحنيفة في اليمامة. ويرد اسم ربيعة في الأخبار القديمة عادةً كلقاء لاسم "مضر" الذي تنسب إليه قريش وبنوتميم، حتى روي عن أحد أنصار مسيلمة الكذاب الذي ادّعى النبوة عامعشرة هـ إنه نطق "كذاب ربيعة خير من صادق مضر"، إذ كان مسيلمة من بني حنيفة من بكر بن وائل من ربيعة، فصارت القبائل العدنانية تقسم إلى جذمين عظيمين هما ربيعة ومضر (وإذا كان النسابون قد ذكروا فرعين آخرين للقبائل العدنانية هما إياد وأنمار). وعلى الرغم من ذلك، تذكر المصادر انحياز ربيعة إلى القبائل اليمانية في الحروب القبلية التي انتشرت في العالم الإسلامي في العصر الأموي.

كما أنه على الرغم مما يفترض من أصل مشهجر بين قبائل ربيعة، فإن حروباً طاحنة قد قامت بينها أشهرها حرب البسوس بين بكر بن وائل وتغلب بن وائل. وقد كانت بكر وتغلب ترعى في بوادي الشام والعراق منذ ما قبل الإسلام ثم نزحت شمالاً إلى الجزيرة الفراتية وعهدت المنطقة الجنوبية منها باسم "ديار ربيعة"، بينما عهدت المنطقة الشمالية باسم "ديار بكر"، ولا زالت هناك مدينة في جنوب هجريا اليوم تسمّى بديار بكر نسبة إلى قبيلة بكر بن وائل من ربيعة.

ولم تنجب قبائل ربيعة الكثير من الدول والأسر الحاكمة في القرون الإسلامية الأولى وإنما نالت جلّ شهرتها من قوة قبائلها البدوية، واستمر ذلك إلى اليوم حتى صارت قبيلة عنزة، التي جمعت في العصور المتأخرة معظم قبائل ربيعة، أكبر القبائل البدوية عدداً بإجماع المؤرخين والرحالة. وأبرز الدول الربعية في العصور الإسلامية الأولى دولتا مسيلمة الكذاب ونجدة بن عامر قصيرتا الأمد في اليمامة، وكلاهما من حاضرة بني حنيفة، ودولة الحمدانيين من تغلب في الموصل وحلب في القرن الرابع الهجري. أما في العهد الحالي، ينتمي آل سعود حكام السعودية إلى ربيعة عن طريق بني حنيفة..

وآل جبر من عبد القيس - وهوحسب النسّابين عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة. سكنت هذه القبيلة إقليم البحرين التاريخي (شرق الجزيرة العربية)، وكانت في أغلبها متحضّرة تعمل في الزراعة وقت ظهور الإسلام. وقد انتهى تواجدها القبلي منذ القرن السابع الهجري وانضوت بتحالف مع قبيلة بني خالد

ومن هنا اتى الاشكال على الكثيرين حول لقب العقيلي والعامري لسلاطين الدولة الجبرية والضن بانهم ينسبون لعامر بن صعصعه بدلا من نسبهم السليم لعامر بن أسد بن ربيعة. وكما ذكر الاستاذ الحقيل بقوله بني خالد هم من بني مخزوم القرشي, وبعدها نطق: وهذا يعطي حتى بني خالد مضريون سواء مخزوم أوابن عقيل بن عامر العدناني. أي من عامر عبدالقيس ربيعة, عامر ربيعة لا عامر صعصعة

النسابة حمد بن محمد بن لعبون المتوفى سنة 1260 له مخطوطة بإسم (تاريخ ابن لعبون) فيها نص صريح وواضح بالحديث عن بني خالد وعلاقتهم بوائل

نطق ابن لعبون : " وأما بنوا خالد الذين انحدروا من بيشة وأرض الحجاز وملكوا الأحساء الذين منهم قبائل آل حميد ، آل غرير بن عثمان وآل حسين بن عثمان وآل عبيد الله وآل شباط وآل هزاع والقرشه وآل كليب ولواحقهم من الحميدات فهم من الوائليين الذين انتقلوا إلى الحجاز ودخلوا في قبائل بيشه من أكلب وخثعم وغيرهم"

وتبقى القبائل العامرية العدنانية إلى جانب مضر وتنسب قبائل عامر ربيعة هي التي شكلت حلف مع الدولة الجبرية ومع الجبور والتي اعتمد سلاطين الجبور علي عمقهم الاستراتيجي لنفوذهم في وسط الجزيرة وضد مملكة هرمزعلى عكس القبائل العامرية التي تنسب لعامر بن صعصه والتي شكلت عداء مستمر بينها وبين الدوله الجبرية وتم اخضاعهم بالقوة ولم يعتمد عليهم في حملات الدوله الجبرية


وعندما طرق البرتغاليون باسطولهم لاول مرة مياه الخليج في مطلع القرن العاشر\ السادس عشر لفت انتباههم النفوذ الواسع والقوة الضاربة التي قد حازها بني جبر. فتحدثوا عنهم في تقاريرهم بكثير من الاحترام الممزوج بالرهبة والخوف وحين اطلع مايلزmiles على بعض ما خطه البرتغاليون علق على ذلك بقوله : انه ليبدوا حقا بان بني جبر مرعبين الى حد كبير وان أمرهم قد بقي حتى الآن لغزا لم يحل والواقع ان مايلز لوحاول ان يجهد نفسه في البحث والتنقيب في المصادر المتنوعة لاتضح له بان امر بني جبر ليس باللغز الذي يصعب فك بعض طلاسمه . فمنذالخمسينات من هذا القرن والمحاولات تبذل للكشف عن تاريخ بني جبر وتعود اسبق هذه المحاولات للمستشرق الالماني المعروف كاسكلcaskel الذي قام 1949 بنشر درس قصير عن شرق الجزيرة العربية بعنوان((امرة حاكمة مجهولة في بلاد العرب)) وهواستعراض عام وسريع لبعض المعالم البارزة في تاريخ شرق الجزيرة , وقد اتى فيه على ذكر الجبور والسلطانيين((اجود)) و((مقرن)) وفضلا عن المصادر البرتغالية فقد اعتمد على ما ورد عنهم في المصادر العربية وبخاصة ما ورد عند السمهودي وابن بشر. ان البحث هذا على قصرة وعموميته احتوى على بعض المعلومات والملاحظات المفيدة وقد اعقب كاسكل بقليل الشيخ محمد العبد القادر الذي خص الجبور بصفحتين من كتابه المكرس اصلا لتاريخ الاحساءمنذ القديم حتى العصر الحديث .وبالرغم من ان المؤلف اتبع الاسلوب التقليدي في عرض مادته,فانه قدم لنا مادة اولية ايلة لم يسبقه احد,بحيث جعل من غير الممكن لباحث في تاريخ شرق الجزيرة العربية ان يتجاهل هذا المصدر القيم الجليل الذي كان قد نهض به الشيخ محمد العبد القادر.

ثم اتى دور الشيخ حمد الجاسر فتناول النصوالتي اوردها الشيخ محمد العبد القادر في كتابه المذكور واضاف اليها ما في حوزته من مادة جديدة فخط بحثا عن الدولة الجبريةفي الاحساء يمكن ان يوصف بانه اول محاولة لعرض تاريخ الجبور, باسلوب حديث فكان علامة مضيئة في هذا الطريق.

ان آخر ما يمكن ان يشار اليه في هذا الصدد هوالبحث الذي نشره المستشرق جان اوبين jean uiqa عام 1972 بعنوان((مملكة هرموز في مطلع القرن السادس عشر )) وعلى الرغم من ان هذا البحث مكرس اساسا لتاريخ مملكة هرموز,الا انه ضم معلومات مفيدة عن طبيعة العلاقة بين امارة الجبور وملوك هرموز.

وهنا لابد ان نشير اننا قد تعمدنا عدم الاشارة الى الجهد الذي قام به مايلز بالكتابة عن تاريخ الخليج وسبق هؤلاء جميعا.لان ما اورده عن الجبور قد اتى في السياق العام وذلك عند حديثه عن البرتغاليين ولم يخصص جزءا من كتابه للحديث عنهم .وعلى الرغم من ذلك فانه كان اول من انتبهه الى اهمية دورهم معتمدا في ذلك على تقارير الرتغاليين المنشورة فقط.وكذلك تجاهلنا ذكر جورج ستريبلنك stripling الذي خصص لهم في اطروحته الاتراك العثمانيين والعرب 1511-1574 حيزا ضيقا لم يتجاوز الاربعة اسطر,لان ماذكره هومستمد من مدونات البوكرك فقط.

ومهما يكن من امر فان هؤلاء الباحثين الذين اشرنا اليهم لم يكن بينهم من استوعب كافة المصادر,عربية كانت ام غير عربية, ووضع تاريخ الجبور ضمن الاطار العام للتاريخ الخليج العربي والجزيرة,وبنظرة شمولية .لذا كان لابد من اعادة النظر فيما طرح من مادة واضافة ما حديث اليهاوعرضها بطريقة ملائمة تتناسب والدور الذي لعبه الجبور في تاريخ الجزيرة العربية.ان دراستنا هذه تاتي ضمن هدف طموح لكتابة تاريخ حوض الخليج العربي في العصر الوسيط المتاخر.تلك الفترة التي عهدت بغموضها وقلة مصادرها .ولقد بذلنا ما في الطاقة لاستقصاء مختلف المصادر مستفيدين الفاضلين محمد العبد القادر وحمد الجاسر,راجين ان تكون هذه الدراسة جهد يضاف الى جهودهما من اجل سد الثغرة الواسعة في معهدتنا التاريخية عن نجد وشرق الجزيرة العربية خاصة والخليج العربي عامة خلال هذه الفترة. على اننا قد نؤآخذ على تجرؤنا على نقد بعض النصوص والآراء ومحاولة تفنيدها والتشكيك بها. والواقع اننا قد اضطررنا في احيان كثيرة الى اتباع الاسلوب النقدي نظرا لان ماطرح حتى الآن مع مادة يفتقر للتمحيص والتدقيق ,يضاف الى افتقارنا الى مصدر اساسي يمكن الركون اليه عن هذه الفترة.

على ان افتراضاتنا واعتراضاتنا لم تكن تبتعد كثيرا عن طبيعة ما يمن ان يتبع في هذه المنطقة من احداث وما يقتضيه منطق الامور. كما اننا في جميع ما مضىنا اليه نعتمد على المقارنة والاستنتاج ضمن تطور يعتمد على التامل الطويل في الاحداث التاريخية والبحث عن اوجه التشابه فيها,مدركين باننا يفترض أن نجد من يخالفنا في بعض ما مضىنا اليه. لكن فرحنا يفترض أنقد يكون كبيرا عندما نجد المخالفين يطرحون ما في حوزتهم من معلومات ما زلنا نجهلها حتى الآن تاركين للمختصين تقدير الجهد المبذول في هذا البحث.

1 - شرق الجزيرة في أعقاب سقوط العصفوريين

من المفيد ان نذكر القارىء بما تجاوز ان قلناه عن الظروف التي كانت قد احاطت بالعصفوريين وذلك في بحثنا عن امارة العصفوريين- اذ ان الشتات والنزاع كان سائدا بين امرائهم منذ القرن الثامن/الرابع عشر,الامر الذي نتج عنه تجزئة امارتهم وتعدد ظهور الزعامات المتناحرة مما ادى في النهاية الى زوال امارتهم على يد سعيد بن مغامس بن سليمان بن رميثة الذي لم تطل فترة حكمه ,اذ سقط على يد الزعيم الاحسائي جروان المالكي. على ان بني عصفور خاصة وبني عامربن صعصعه عامة وقد فقدوا سلطانم السياسي ظلوا يحتفظون في جميع من نجد وشرق الجزيرة العربية بنفوذهم الاقتصادي الواسع ,ولعل وضح مرشد على ذلك ان قوافل الحج القادمة من جنوب ايران وجنوب العراق وسواحل الخليج العربي كان يتولى قيادتها وحراسها بنوعامروكثيرا ما اطلق على هذه القافلة اسم قبيلة عقيل.ولقد بقي اطلاق هذه التسمية على هذه القوافل حتى عهد قريب الامر الذي يحملنا على الظن بان هذه التسمية قد اصبحت تطلق على هذه القوافل (كعلامة تجارية) اكثر من كون هذه التسمية تعني انتسابا قبليا.

والواقع ان قوة قبيلة بني عامر العقيلية وشجاعة رجالها ومهارتهم السياسية والتجارية قد حققت لهم احتكار قيادة القوافل ولفترة طويلة فاحتلت في نجد وشرق الجزيرة العربية واطرافها دورا يذكرنا بالدور الذي كانت تلعبه قريش في غرب الجزيرة واطرافها قبل الاسلام.

على انه يجدر بنا ونحن نشير الى القوافل التجارية ان نلفت الانتباه الى ان ماكان يقوم به بنوعامر من قيادة وخفارة للقوافل وما يتقاضوه عن ذلك من رسوم يجب ان لا ينظر اليه على انه عمل من اعمال السلب والنهب كالذي تمارسه بعض الجماعات البدوية غير المنضبطة,بل يعتبر ضربا من ضروب النشاط الاقتصادي الذي بدؤه لا يمكن ان نتسقط وجود نشاط تجاري واقتصادي هام في تلك البقاع وضمن تلك الظروف.ولقد اورد لنا السخاوي (ت902/1497) ذكر قافلتين كانتا يقودهما بنوعامر في الفترة التي اعقبت زوال سلطتهم السياسية.القافلة الاولى كانت عام811هــ/1408م ذكرها السخاوي عندما ترجم لجليل بن محمد الاتفهي لاشتر ,حيث نطق:( بان سافر من الحجاز الى الحسا والقطيف بصحبة قافلة عقيل).اما الثانية اتت عام823/1420,ذكرها السخاوي عندما ترجم لمحمد بن محمد ابوالخير العمري المعروف بابن الجزري.

ويبدولنا ان بطون عقيل بني عامر كانت تراقب الوضع في بلاد البحرين عن كثب وتتحين الفرصة المناسبة للأستيلاء على النفوذ السياسي .ومن المحتمل ان لاسرة التي كانت تحتكر قيادة قوافل الحجيج من بينهم وان تكون الاقدر على امتلاك ذلك النفوذ بما لديها من قوة اقتصادية ومن اتباع وعبيد وجراء كانت تستخدم في حراسة القوافل اضافة الى وجود صلات قريبة لها بقبائل كثيرة بحكم ما تمارسه من نشاط.

ومهما يكن من امر فانه من اللازم علينا ان نبدي اختلافنا مع ما مضى اليه الشيخ حمد الجاسر من ان هناك صلة بين الشيخ زامل بن جبر ,مؤسس امارة الجبور وبين قريش(قرشي) الذي قام عام 785/1383-84 بارتكاب مجزرة ضد حجاج شيراز والبصرة والحسا ونهب ما كانت تحمله قوافلهم من اموال عظيمة,ثم ما قام به من اعتراض لطريق الحجاج العراقيين وارغامهم على دفع مبالغ كبيرة له. والذي يبدوا لنا ان الشيخ الجاسر يميل الى الاعتقاد بأن قريشا هذا,ماهوالا اخ لزامل بن جبر,وان ظهور نشاطه يمثل مقدمات لظهور نفوذ الجبور وفي راينا ان الذي اسقط الشيخ الجاسر في هذا الاعتقاد هواعتماده على مصدر واحد وهورواية الجزيري فقط ,فلوانه عاد الى مصادر اخرى ككتاب المقريزي اوالصيرفي اوغيرهم لتراجع عن اعتقاده هذا. والواقع ان (قريشا) هذا ماهوالا احد افراد اسرة آل مهنا التي تتزعم قبائل طي ومن ينطوي تحت لوائها من عشائر في جميع من العراق والشام. ان المصادر لم تذكر اسم والد قريش بل اكتفت بذكر اسم عمه زامل بن موسى بن مهنا بن عيسى نظرا لشهرته الواسعة ,اذ تولى امرة عرب بادية الشام مرتين الاولى عام 770/1368-80. ولزامل هذا اخوان هما عمر ومحمد,ولا ندري أي هؤلاء الاثنين هووالد قريش. ومهما يكن من امر فان حادثة الهجوم على قوافل حجاج العراق وايران والحسا لايمكن فهمها الا من خلال التعهد على علاقة زعماء قبائل طي بعضهم ببعض من جهه,ثم علاقتهم بكل من الدولتين المملوكية والجلايرية من جهة اخرى, وكذلك الاوضاع الداخلية في هاتين الدولتين في حدود هذه الفترة, الا ان ذلك يفترض أن يخرجنا عن مجال بحثنا. على ان الذي تجدر الاشارة الية ان بعض زعماء طي كانوا قد اقاموا لهم امارة في جهات البصرة منذ ان بتر السلطان الايلخاني ابوسعيد (716-737/1316-35) البصرة لفضل بن عيسى احد زعماء طي عام 718/1318.

ويبدوان زعماء طي كان لهم نشاط بعد هذا التاريخ في هذه المنطقة.فنحن نعهد ان السلطان المملوكي الظاهر كان قد اوعز الى زعيم قبيلة غزية ثامر بن قشعم الذي يقيم عادة قرب المشهدين (كربلاء والنجف) بمهاجمة املاك آل فضل في البصرة عام 795/1393، فقام بالاستيلاء على املاكهم ونهبها. كما ان شرف الدين يزدي قد ذكر بان تيمور لنك ارسل حفيده امير زادة ميرنشاه بحملة الى البصرة عام 796/1393-94 للتنكيل بالعرب الذين كانوا يبترون طرق قوافل الحجاج. ونحن نعهد بان آل فضل في البصرة كانوا على عداء مع امارة العصفوريين في بلاد البحرين لذا بقي ان نتساءل عما اذا كان قريش هذا قد اتخذ من جهات البصرة قاعدة لهجومه على قوافل الحجاج هذه؟. ومهما يكن من امر فالذي نراه ان هجوم قريش هذا لم يمر دون ان يهجر خلفه اصداء واسعة . نظرا لضخامته وللخسائر التي رافقته ,واستهدفت احد الشرايين الحيوية للحياة الاقتصادية لبلاد البحرين.لذا لايمكن ان نكون قد ابتعدنا عن الصواب فيما لواتخذنا من هذا الهجوم سببا مقبولا لسقوط امارة العصفوريين,ان لم يكن دليلا على سقوطها قبل هذه الحادثة بقليل.كما يمكن ان نقول بان هذه الواقعة قد مهدت السبيل لصالح بن حولان (جولان) لان يبسط نفوذه السياسي على البحرين اضافة الى البصرة لينتهي هذا النفوذ بهجوم جيوش تيمورلنك على البصرة 795/1393 والذي نتج عنه مقتل صالح. ان فترة الفراغ السياسي الذي وقع في البحرين في نهاية القرن الثامن/الرابع عشر أي في حدود فترة التغيرات والاحداث التي اشرنا اليها –هي الفترة التي ترجح فيهاقيام سعيد بن مغامس بن سليمان اوجروان المالكي بالاستيلاء على السلطة في تلك البلاد.

ومما تجدر الاشارة اليه هنا اننا كنا قد بينا الاسباب التي حملتنا على تخطئة التاريخ الذي اورده ابن حجر العسقلاني وهوعام 705/1305-6-كبداية لقيام حكومة جروان في بلاد البحرين. ويمكننا ان نضيف الآن تساؤلا آخر هو,كيف يمكن الاطمئنان الى صحة التاريخ الذي اورده ابن حجر مع انه يجهل ما سقط لهذه الامارة من احداث خلال حياته ،يا ترى؟ فهويقول عن ذلك ان ( ابراهيم بن ناصربن جروان كان وما يزال حاكما للقطيف عام 820/1417,فحسب ولا يعهد عما سقط له ولامارته بعد هذا التاريخ ,مع ان ابن جبر عاش حتى عام 852/1448. ويبدولنا ان مدة حكم اسرة جروان المالكي في بلاد البحرين لم تتجاوز نصف قرن .على اننا يفترض أن نحاول على ضوء ما لدينا من ادلة تحديد التاريخ التقريبي لنهاية حكومة آل جروان على يد الجبور بعد ان كنا قد رجحنا تاريخ قيامها في حدود عام 795/1393 اوبعد بضع سنوات .



2- قيام امارة الجبور

يجدر بنا قبل الحديث عن قيام امارة الجبوران نبدي بعض الملاحظات حول الصلة بن العصفوريين والجبور فنقول: انه لا توجد صلة النسب والانحدار القيسي بينهما امر لا خلاف فيه نظرا لانتساب العصفورين الى قبيلة عامر بن عقيل بن عامر بن صعصعه وانتساب بنى جبر لعقيل من عامر بن ربيعه من عبد القيس من بني اسد بن ربيعه بن نزار


على انه يجب ان نقرر بان سلسلة نسب امراء الجبور لم تصلنا بشكل تام ودقيق,بل انها تشير في كثير من الاحيان بعض الاشكالات في درجة القرابة العائلية فيما بينهما.عملى سبيل المثال لا الحصر نجد ان المصادر تذكر بان الجبور ينتسبون الى جدهم الاكبر جبر.لكن هذه المصادر لم تساعدنا في الاجابة على تساؤلنا عن مسقط اسم جبر ضمن سلسلة نسب هذه الاسرة. ان تعبير جدهم جبر هي غير كافية للاجابة على هذا السؤال ,فالعرب كثيرا ما اعتادوا عند اشارتهم الى الرؤساء والشيوخ والحكام والامراء,بل وحتى الى اسماء الاسر الميسرة,الى الاكتفاء بذكر الجد البارز الذي ينتسبون اليه فقط.ويستمرون في اطلاق ذلك على الآباء والاحفاد ايضا’فيصبح اسم هذا الجد وكانه هوالبداية لسلسلة نسب الاسرة ويسكتون في اغلب الاحيان عما يلي هذا الجد من اسماء,الامر الذي ينتج عنه الاشكالات حول الانحدار العائلي لهذا الجد الكبير خصوصا في حالات السادة. وهذا ماحدث بالضبط بالنسبة لامراء الجبور ,كان يكتفى باطلاق اسم ((ابن جبر)) او((ابن زامل اوابن اجود)) ويبدوان مثل هذه التعابير كانت شائعة في عهد امارتهم بحيث ان البرتغاليين عند دخولهم الى الخليج العربي قد وجدوها متداولة بين السكان فتحدثوا في تقاريرهم عن ابن جبر وبلاد ابن جبر.

والمشيخة تظل في القبائل العربية محصورة عادة في افراد اسرة معينة .ان عدم وجود هذا المبدا الوراثي الثابت هونفسه قد يحدث احد العوامل التي قد تساعد على بروز زعامات جديدة .فالاب قد يخلفه ابنه اواخوه وربما عمه اوابن اخيه ....الخ وكل هذه الامور تعتمد على القابلية الشخصية فكل فرد من افراد البيت التي تنحصر فيه المشيخة والظروف المحيطة به وكذلك على عدد المنضوين تحت لواء جميع زعيم من زعمائها سواء كانوا من افراد عشيرته ام من اتباعه الاخرين,ومهما يكن من امر فان ما اثرناه حتى الآن يبقى بعيدا عن الاجابة عن الكيفية التي برزت فيها زعامة جبر اوبنيه وتوليهم المشيخة في بني عقيل بن عامر.

بقي علينا ان نحاول تحديد الفترة الزمنيه التي ظهر فيها نشاط بني عامر بزعامة بني جبر واستطاعوا بعدها انتزاع السلطة في شرق الجزيرة العربية ,بعد ان كنا قد بترنا بعدم وجود صلة بين نشاط (قريش الطائي) وبين الشيخ زامل بن حسين بن ناصر بن جبر. وجدير بنا بادىء ذي بدء ان نعيد الى الاذهان القول بان كلا من القطيف والاحساء كانتا منذ بداية النصف الثاني من القرن الثامن/الرابع عشرتدينان بالتبعية لمملكة هرموز العربية المتاثرة كثيرا بالمحيط الفارسي والتي كانت قد هجرت الحكم فيها لامراء من العرب في حين كانت جزيرة البحرين كانت قد اخذت تحكم من قبل حكام يعينون من قبل ملوك هرموز. ولقد احتفظ ملوك هرموز بالقابهم التي تنم عن تبعية تلك البلاد اليهم, فقد كان قطب الدين فيروز شاه الذي حكم حتى عام 820/1417 بلقب ملك هرموز والبحرين والحسا والقطيف. كما ان سيف الدين مهار الذي حكم حتى عام 839/1435 قد وصف بانه صاحب هرموز والبحرين وبانه كان يبعث بالحكام من قبله الى جميع من قطيف والبحرين.

ويبدوان قوة نفوذ ملوك هرموز وهيبتهم كانت سببا الى حد ما في تثبيت الاوضاع السياسية في بلاد البحرين .الا انه في نهاية الربيع الاول من القرن التاسع /الخامس عشر اخذت مظاهر الضعف والاضطراب السياسي تبرز في مملكة هرموز.فكان الصراع بين افراد الاسرة الحاكمة فيها مظهرا وسببا في ان واحد لحالة الضعف هذه,مما شجع العرب على طول الساحل الشرقي لجزيرة العرب للتحرك بهدف التخلص من التبعية لمملكة هرموز. ولعل ماحدث في بلاد البحرين خير مثال على ذلك كما يفترض أن نرى.

في صيف عام 820/1417 قام سيف الدين مهار بالتمرد على ابيه تهمتن الثالث فيروز وارغمه على التنازل عن العرش.فولد هذا التغيير توترا واسعا في مملمة هرموز. ويبدوان هذا الوضع المتوتر كانت له انعكاسات في بلاد البحرين ,فالمؤرخ الهرموزي –البهمني نيمديهي يذكر لنا بان البدوفي بلاد البحرين قد انتفضوا عام 820/1417 بحيث اصبح من المتعذر على القوافل سلوك الطريق ما بين البحرين والحجاز.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ان البدوالذين اشار نيمديهي اليهم قد قصد بهم الجبور؟،يا ترى؟ وهل ان انتفاضتهم هذه قد ادت الى الاستيلاء على الاحساء وانتزاعها من بني جروان؟؟

ان الذي يحملنا على هذه التساؤلات هو:-

1- ان السخاوي حين ترجم للسلطان اجود بن زامل نطق: بانه ولد في بادية الاحساء في رمضان عام 821 تشرين الاول 1418, وهذا الامر يحملنا على الافتراض بان الجبور كانت لهم في هذه الاثناء السيطرة على هذه البوادي. 2- ان ابن حجر العسقلاني حين ترجم لابراهيم بن ناصر بن جروان وصفه بانه صاحب القطيف ولم يضف الى لقبه غير هذا الاقليم, وكان هذا الوصف له في حدود عام 820/1417 في الوقت الذي كان ابن حجر نفسه قد وصف جروان- جد المترجم له- بانه الحاكم على كافة بلاد البحرين.فعبارات ابن حجر هذه تحملنا على الافتراض بان الجبور كانوا قد انتزعوا الاحساء من ابراهيم ابن جروان ولم يبق في يده غير القطيف وان ابن حجر حين حدد هذه السنة بالذات فانه لابد انقد يكون قد سقطت فيها احداث في جهات بلاد البحرين كانت مناسبة لان يعهد عن آل جروان بعض المعلومات.

3- ان كلا من البحرين والقطيف وعمان وقلهات وهرموز وغيرها كانت قد ذكرت ضمن المناطق الخاضعة لنفوذ ملك هرموز سيف الدين مهار –بداية حكمه عام 820/1417- بينما لم يرد ذكر الاحساء ضمن ذلك ,في حين ان اسم الاحساء كان يذكر ضمن المناطق الخاضعة لنفوذ والده قطب الدين فيروز شاه ,والذي انتهى حكمه مع بداية حكم ولده سيف الدين. ان هذه النقطة تحملنا هي الاخرى على الافتراض بان الاحساء كانت قد خرجت قبيل عام 820/1417عن دائرة التبعية لملوك هرموز مثلما خرجت من ايدي بني جروان.

على اننا ونحن نرصد احداث بلاد البحرين يجدر بنا ان نوجه انتباهنا ايضا الى ماكان يقع في المناطق المجاورة لها من احداث ’خصوصا ونحن نعهد دقة الترابط الوثيق بين تاريخ بلاد البحرين وما يجاورها من انطقيم عبر العصور المتنوعة .عملى سبيل المثال نجد ان القبائل العربية على الحدود الشمالية لبلاد البحرين قد استطاعت بقيادة الشيخ مانع بن شبيب انتزاع البصرة من الدولة الجلائرية وذلك منذ مطلع القرن التاسع /الخامس عشر ’ليحكمها هوواولادة من بعده. ان هذا الحدث قد يحدث له دور محفز ليدفع بني عامر للتحرك من حديث من اجل اعادة هيمنتهم على بلاد البحرين مثلما كانوا في السابق.

ومهما يكن من امر فان الطريق ما بين البحرين والحجاز الذي كان قد بتر عام 820/1417 قد اصبح مطروقا عام 823/1420 ولكن بقيادة بني عامر .فالسخاوي يذكر بان قافلة بني عقيل قد غادرت الحجاز في هذه السنة بعد انتهاء موسم الحج عائدة الى بلاد البحرين(28). على ضوء ما تقدم يمكن الافتراض بان الجبور كانوقد انتزعوا واحات الاحساء من بني جروان وان ذلك قد وقع في حدود العام820/1417,ثم اتخذوا منها قاعدة لتوسعاتهم في المستقبل.

ان هذه الفرضية لا تتعارض ومالدينا من ادلة ,بل ان الادلة التي اشرنا اليها آنفا بالرغم من انها ادلة غير بترية –تعزز هذه الفرضية. اما ماذكره المستشرق الفرنسي جان اوبين من ان سيف بن زامل من الممكن كان قد استولى على واحات الاحساء عام 864/865/1460,(29) فهواجتهاد يعوزه الدليل ويصعب قبوله كما يفترض أن نرى. ان الاحداث التي سقطت على ساحلي الخليج العربي ضمن حدود مملكة هرموز كانت فرصة مواتية للجبور لتثبيت امارتهم وتوسيعها. ففي عام 839/1435-1436ثار الامير فخر الدين تررنشاه الثاني حاكم ميناء قلهات العماني –ضد اخيه سيف الدين مهار ملك هرموز, وكانت ثورته بتحريض ومساندة من العرب ,وكان لبلاد البحرين دور فعال في هذه المساندة اذ زود منها بالسفن كما امدته الاحساء بالخيول واقرضه تجار تلك البلاد بالاموال اللازمة لتغطية تكاليف حملته.

الا ان الحرب بين الاخوين قد طالت مدتها وتعقدت ,اذ استمرت لمدة اربع سنوات ويعزى سبب ذلك الى تدخل السلطان شاه رخ (807/1405- 850/1447) حفيد تيمور ووقوفه الى جانب سيف الدين مهار وامداد ه بالجند.

ومهما يكن من امر فان هذه الحرب قد انتهت اخيرا لصالح فخر الدين تورانشاه عام 843/1439 وفاز بكرسي المملكة. ان الذي يهمنا من ثورة فخر الدين تورانشاه هي انها قد ادت الى تعزيز الدور الذي اخ يلعبه عرب السواحل الشرقية للخليج في الحياة السياسية لمملكة هرموز .كما انها كانت فرصة للزعماء الطموحين لاستغلال هذه الاضطرابات للتحرك لتحقيق طموحاتهم . ويبدوان الجبور كانوا من المنتهزين لهذه الظروف .فجان اوبين ينقل لنا عن المؤرخ الفارسي جعفري المعاصر للاحداث من مسقط حدوثها قوله بانه في سنة 843/1439-1440-أي في نفس السنة التي اتهى فيها الصراع بين الاخوين سيف الدين مهار وفخر الدين تورنشاه –قام البدوبالاستيلاء على القطيف ونهبها. والذي نميل اليه ان التاريخ المذكور اعلاه يمكن انقد يكون تاريخ استيلاء الجبور على القطيف,بعد ان كانوا قد استولوا قبلها على واحات الاحساء. ان هذه الفرضية التي نميل اليها تعززها الادلة التالية وهي:-

اولا:- ان نص الجعفري الذي تجاوز ان ذكرناه بالرغم من انه لا يصرح باسم البدوالذين قاموا بالاستيلاء على القطيف ,فاننا نميل بشدة الى ان المقصود بهم هم بنوعامر بزعامة آل جبر .ان معلوماتنا تشير الى انه في حدود هذه الفترة كان بنوعامر يشكلون القوة القبلية الرئيسية والنشطة في بلاد البحرين.

ثانيا:- ان حالة الاحتراب بين المتنافسين على عرش مملكة هرموز ثم فوز تورانشاه في نهايتها لابد ان تكون قرصة مناسبة ومشجعة للمعارضين للملك المهزوم سيف الدين مهار للانقضاض على اعوانه والحكام التابعين له في جميع مكان وطردهم من مواقعهم .ثم ان العرب عموما وسكان بلاد البحرين خصوصا كانوا ممن قدموا مساعدات كبيرة لتورانشاه في صراعه ضد اخيه,ومن المحتمل ان مثل هذه المساعدات قد تمت وفق شروط معينه يمكن من خلالها الحصول على تعويضات لقاءة لها وقد يحدث التنازل عن القطيف ,بما تغله من واردات هي ضمن هذه المساعدات .ونحن لا نغرق في الخيال والتصورات عندما نقول ذلك,فلدينا مرشد تاريخي يدعم ذلك وهوشروط التعاون ما بين الشيخ اجود بن زامل وبين ملغور-والتي يفترض أن نذكرها في حينه- ولربماقد يكون هذا الاتفاق قد اعتمد على واقعة سابقة اشرنا اليها سابقا. ثالثا:- ان ابن حجر العسقلاني حينما ترجم لابراهيم بن ناصر بن جروان المالكي ذكر بانه كان مايزال يحكم الاحساء في عام 820/1417.ان تحديد ابن حجر لهذه السنة بالذات –بالرغم من انه قد توفي بعدها بفترة طويلة سببا اذ انه توفي عام 852/1448-يعني انه يجهل ما سقط في بلاد البحرين بعد هذا التاريخ من احداث ,اوانه يعهد انه قد حدثت تغيرات هناك بعد هذا التاريخ ,الا انه لا يملك عنها معلومات كافية.ان هذا الامر قد يسمح لنا بالافتراض بان نهاية امارة جروان قد حدثت خلال حياة ابن حجر نفسه. رابعا:-ان السخاوي حينما ترجم لفخر الدين تورانشاه قد نعته بصاحب هرموز فقط.ولم يضف الى القابه مايفهم منه بتبعية أي جزء من اجزاء بلاد البحرين ,في الوقت الذي كان فيه السخاوي قد اضاف الى ملوك هرموز-الذين سبقوا فخر الدين- نعوتا يفهم منها تبعية بلاد البحرين اوجزء منها لمملكتهم.ان هذا الامر يسمح لنا ايضا بالافتراض بان بلاد البحرين اومعظم اجزائها على الاقل كانت قد خرجت من دائرة التبعية لملوك هرموز ولبني جروان في آن واحد .

خامسا:- ان ابن بام حينما ورد ذكر قيان زامل بن حسين الجبري بغزوالخرج من نجد عام 851/1447 نعته بانه ملك الاحساء والقطيف . وان هذا الوصف للامير زامل يقتضي انقد يكون قد امتلك كلا من الاحساء والقطيف قبل التاريخ المشار اليه سابقا,وقد يفترض البعض على استنادنا على رواية ابن بسام هذه على اساس ان عصر ابن بسام بعيد عن عصر زامل(توفي ابن بسام في حدود عام 1346/1927-28)وردنا على ذلك هوان تاريخ ابن بسام من المصادرالموثوق بها الى حد كبير عن تاريخ نجد للفترة ما بين القرنين التاسع والثاني عشر /الخامس عشر- الثامن عشر ,حتى ان جورج رينتز- المتخصص بتاريخ نجد- وصف هذا المصدر بانه لا يوازيه مصدر آخر لدراسة هذه الفترة. ومهما يكن من امر فان ابن بسام لابد انقد يكون قد سقطت بين يديه مصادر نادرة لم تصل الينا على ان نص ابن بسام لا يتعارض في تقديرنا مع ما ذكره السخاوي من ان سيف ابن زامل هوالذي استولى على ما بيد بني جروان من بلاد البحرين اذ قد يحدث سيف هذا قد قام بهذ العمل في حياة والده زامل وبتوجيه منه .ثم علينا ان نلاحظ بان السخاوي لم يحدد لنا أي جزء من بلاد البحرين كان لا يزال بيد بني جروان فانتزعه منهم سيف؟وفي أي سنة قد تم ذلك؟

سادسا:- ان المرحوم سليمان الدخيل قد ذكر بان قيام دولة بني زويمل –أي دولة زامل- كان في حدود عام 850/1446,وهذا التاريخ الذي اورده الدخيل هومقارب بعض الشيء للتاريخ الذي نميل الى صحته وهوعام 843/1439-40.

وخلاصة الامر ان ماقد ذكرناه اعلاه فيه من الدلائل مايكفي لرفض فرضية جان اوبين- التي تجاوز ان اشرنا اليها- من ان احتلال الاحساء قد تم عام 864-65/1460,كما ان هذه الادلة قد تعزز مامضىنا اليه من ان هذا الاحتلال قد تم قبل التاريخ الذي اورده اوبين بحوالي العقدين من السنين.اما فرضية الشيخ حمد الجاسر والقائلة بان قيام دولة الجبور قد كان في اواخر القرن الثامن عشر /الرابع عشر فلا نعتقد اننا بحاجة لمناقشتها بعد جميع ماسبق وان بيناًه.

بقي علينا قبل ان نغادر هذه النقطة ان نذكرباننا نميل الى اعتبار زامل بن حسين بن ناصر بن جبر هومؤسس امارة الجبور ,سندنا في ذلك هونص ابن بسام الذي تجاوز ان ذكرناه .ونحن بذلك نخالف مامضى اليه جميع من محمد العبد القادر وحمد الجاسر اللذين يميلان الى اعتبار سيف بن زامل هومؤسس الامارة. ومن الواضح ان سندهما في لك هونص السخاوي الذي اشار فيه الى قيام سيف بانتزاع ما بايدي بني جروان من بلاد البحرين ولقد كنا قد اوضحنا سابقا بان ذلك لا يقتضي بترا انقد يكون سيف قد قام بهذا العمل بعد وفاة والده بل قد يحدث قد قام به في حياة والده وبتوجيه منه.ثم ان نصوص ابن بسام صريحة في ان زاملا كان مايزال على قيد الحياة حتى بعد التاريخ الذي كان قد افترضه جان اوبين كتاريخ لفتح القطيف.

ومهما يكن من امر فان نجاح زامل بن حسين الجبري في فرض سلطانه على جميع من الاحساء والقطيف قد رافقه ايضا بسط نفوذه على اجزاء واسعة من نجد, وقد يحدث لانتشار قبائل عامر ووفرة نفوذها في نجد علاقة وثيقة في تحقيق هدفه هذا.ولعل ما ذكره بن عتبه-نقلا عن استاذه ابن معية الحسيني المتوفي 776/1374-75-من ان الاخيضريين في اليمامة كان يقدر عددهم بالف فارس ويدخلون تحت لواء بني عامر ماهوالا مرشد على قوة زعامة بني عامر في اليمامة حتى تاريخ تلك الفترة السابقة لقيام امارتهم ,ثم ان الرواة ينهون نسب امراء الجبور بعبارة (النجدي) وهذا مرشد على الصلة القوية مابين هذه الاسرة وبلاد نجد والتي هي الموطن الاصلي لسكنى قبائل عقيل.

ولعل كثرة الحملات التي قادها زامل بن حسين وكذلك اولاده الى نجد وذكرها ابن بسام مرشد ايضا على ان امراء الجبور كانوا ينظرون الى تلك البلاد على انها الظهير التي يمكن الاعتماد عليه في تجنيد المقاتلين لزجهم في المعارك التي كانوا يخوضونها هنا وهناك بين حين وآخر,كما ان احد اهدافهم من ذلك هوكسب تاييد سكان واحات نجد عن طريق حمايتهم من اعداءات البدواوابتزازهم لهم,فابن بسام يذكر لنا بان زاملا قد قاد جيشا عظيما مؤلفا من البدووالحضر لاخضاع قبائل الدواسر والفضول وعايذ في منطقة الخرج وان هذه الحملات كانت في عام 85/1447-48 وعام 852/1448 وعام 855/1451 ثم عام 866/1461-62 عى التوالي. ويمكن ان نضيف ان اسباب هذه الحملات التي كرناها اسبابا اخرى ,وهي المحافظة على سلامة طرق القوافل التي تربط مابين بلاد البحرين ونجد من جهه ونجد وظفار من جهة اخرى ,ثم يجب علينا الا ننسى بان الجبور بعد ان نجحوا في اقامة سلطة سياسية لهم لابد انهم قد اخذوا يرفضون الاعتراف للقوى القبلية الاخرى –بالمنافع المادية التي اخذوا يجنونها من وجودهم على قمة السلطة ,وهذا الامر بالتاكيد يثير في كثيرة من الاحيان النزاعات القبلية.

مهما يكن من امر فانه يظهر بان الشيخ زامل قد نجح الى حد كبير في فرض هيبته وتثبيت نفوذه بين البدووالحضر في جميع من نجد وبلاد البحرين واقام صلة من الروابط والمصالح المشهجرة بين الفئتين.

ان النجاح الذي حققه الشيخ زامل بن حسين قد هيأ بالتاكيد فرصة اكبر لتكوين قوة خاصة الى جانب القوة القبلية يمكن الركون اليها وتدين له بالتبعية مباشرة .فالعاملون في السفن وفي مغاصات اللؤلؤ ومصائد الاسماك وكذلك الرقيق الابيض والاسود المتوفر في اسواق الخليج العربي جميع هؤلاء عناصر يمكن الاستفادة منها في تكوين مثل هذه القوة الخاصة والبعيدة عادة عن التاثر بالولاءات القبلية السائدة في مثل ذلك المحيط. والواقع ان عملية تكوين السلطة السياسية تعتمد على التطور الحاصل في الاداة الوحيدة للقوة وهي القوة العسكرية ,ولم تظهر سلطة سياسية بدون ظهور قوة عسكرية الى جانبها, على ان الهجريب الاجتماعي للقوة العسكرية ماهوالا نتاج البيئة الاجتماعية والاقتصادية.ولعل فيما ذكره ابن بسام من ان السلطان زامل كان يقود جيشا عظيما مؤلفا من البدووالحضر يعبر عن الطبيعة الاجتماعية لهجريب هذا الجيش.

ومن المفيد ونحن نتحدث عن الظروف التي ساعدت الجبور على الاستيلاء على جميع من البحرين والقطيف ونجد ان نستعرض العوامل التي ساعدت على تثبيت نادىئم هذه الامارة.

لقد تزامن ظهور قوة الجبور مع انتشار الفوضى والاضطرابات والتخريب والدمار الواسع في جميع من العراق وايران وديار بكر والاناضول وشمال بلاد الشام.فمنذ بداية العقد الثاني من القرن التاسع/الخامس عشر شهدت تلك المناطق صراعات وحروب حول السلطة والنفوذ فيما بين الدولة التيمورية ودولة قرة قوينلو, وكذلك مابين الدولتين المذكورتين ودولة آق قوينلو، ثم اخيرا مابين الدولة الاخيرة والدولة العثمانية . ولم تسلم الدولة المملوكية في مصر والشام من التورط بجانب من هذه الصراعات .يضاف الى جميع ذلك الصراعات الداخلية الدامية حولالسلطة في داخل جميع من هذه الدول.كما يجب ان لا غيب عن بالنا الاضطرابات الفلاحية والقبلية في وسط العراق وجنوبه والتي رافقت ظهور حركة المشعشعين التي انتهت بتاسيس امارة عربية لهم.

كانت مراكز الانتاج الصناعي والاسواق التجارية ومحطات القوافل في هذه السلطة الواسعة هي من مناطق الاضطراب الرئيسية.فكان من نتاج جميع ذلك اصيب الحركة التجارية وحركة القوافل مابين الخليج العربي وهذه المناطق بنوع من الشلل والكساد فانكمش النشاط التجاري في موانئ الخليج العربي في الوقت الذي كانت فيه موانئ البحر الاحمر وعلى الخصوص ميناء جدة تشهد انتعاشا تجاريا كبيرا. وعلى ضوء الصورة التي رسمناها لاوضاع المناطق المجاورة لبلاد البحرين لابد ان نتسقط ان التجار قد اخذوا يتطلعون للمناطق الاكثر ازدهارا وآمنا من اجل نقل نشاطهم التجاري اليها,وحيث ان الحجاز اصبحت منطقة جذب بالنسبة اليهم فيقتضي عليهم ان يجتازوا بتجارتهم بلاد البحرين ونجد وتسليم قيادة القوافل الى بني عقيل العامرين الذين هم اقدر على قيادتها. ان بروز هذا النشاط التجاري مابين سواحل بلاد البحرين والحجاز لابد انه قد عزز مركز امارة الجبور وزاد من قوتها كما علينا ان لا ننسى بان زيادة الطلب من قبل المماليك العثمانيين وآق قوينلوعلى اهم سلعتين تجاريتين استراتيجيتين تشتهر بها بلاد البحرين وهي الخيول والجمال قد ادى الى ان يجني بنوعامر فوائد مادية كبيرة من ذلك. ان حرص امراء الجبور على ان يرافقوا القوافل التجارية لم يكن الا تعبيرا على حرصهم على سلامة هذه القوافل لانها مصدر مهم تجني منها امارتهم فوائد مادية كبيرة.


قائمة الأمراء

  • زامل بن حسين بن جبر من سنة 820 هـ / 1417 إلى سنة 866 هـ / 1463
  • سيف بن زامل من سنة 866 هـ / 1463 إلى سنة 875 هـ / 1471
  • أجود بن زامل من سنة 875 هـ / 1471 إلى سنة 902 هـ / 1496
  • محمد بن أجود من سنة 902 هـ / 1496
  • مقرن بن زامل من سنة إلى سنة 1502
  • مقرن بن أجود من سنة إلى سنة 921 هـ
  • علي بن أجود من سنة 921 هـ (شهر واحد)
  • ناصر بن محمد بن أجود (ثلاث سنوات)
  • قطن بن علي بن أجود (سنة واحدة)
  • علي بن قطن بن علي بن أجود من سنة 925 هـ
  • سلطان ابن عم أبيه غصيب بن زامل بن أجود إلى سنة 927 هـ
  • مقرن بن زامل بن حسين بن ناصر الجبري
  • غصيب بن هلال. آخر حكام آل جبر


3- توسع الجبور في ممتلكات هرموز والصراع بينهما

ان الجهود التي بذلها زامل بن حسين الجبري لاقامة سلطة سياسية لقبيلته وقدرته على الاستفادة من الظروف المحيطة به كانت قد اثرت على امتداد نفوذه على منطقة واسعة من جزيرة العرب ,تاركا لخلفائه من بعده مهمة تدعيم بنيانها وتوسيع رقعتها.وتذكر المصادر بان لزامل هذا ثلاثة اولاد وهم هلال وسيف واجود,فسيف هوالذي كان قد لعب دورا بارزا في حياة والده مما حمل بعض الباحثين المحدثين على اعتباره مؤسس امارة الجبور.وقد تجاوز لنا ان ناقشنا هذه الفرضية ورجحنا ان والده زامل هوالمؤسس الحقيقي لامارة الجبور.لكن السؤال الذي تصعب الاجابة عليه هو/-ايكون سيف هذا قد توفى في حياة والده ’ام انه بعد وفاة والده فترة من الزمن ,وهل خلفه في السلطة؟

ان ما نميل اليه ان سيفا هذا قد خلف والده في السلطة لفترة قصيرة ليخلفه بعد ذلك اخاه اجود ,الذي حكم الامارة لفترة طويلة ان معلوماتنا من عهد اجود هي افضل منها نسبيا عمن سبقه اوتلاه ويبدوان اجود هذا قد ساهم في حروب والده واخيه ومارس قسطا من السلطة فبرزت مواهبه العسكرية والسياسية وكسب شهرة وبروزا, مما اهله لتولي امارة الجبور بدون منازع ان الظروف التي كانت تمر بمنطقة الخليج قد اهلت اجود بن زامل لان تبرز قابلياته على نطاق واسع ,وان تتجاوز شهرته حدود جزيرة العرب ,وهذا ماسوف نراه في الصفحات اللاحقة.

إن حالة الضعف والانحلال والاضطراب التي اخذت تعاني منها مملكة هرموز والاخطار التي كانت تهدد وجودها باستمرار من قبل دولة آق قرينلوفي ايران ,كل ذلك جعل هذه المملكة مشلولة الحركة تجاه بروز الجور وتعاضم قوتهم في شرق الجزيرة العربية والاخطار المحتملة من قبلهم على نفوذ المملكة في تلك الجهات.ان هذا الوضع السائد في حوض الخليج العبي في الثلث الاخير من القرن التاسع عشر /الخامس عشر,قد هيا لزعيم الجبور الطموح اجود بن زامل الفرصة للتوسع.وعند وفاة فخر الدين تورانشاه خلف اربعة اولاد ,وهم مقصود وشهاب الدين وسلفور وشاه ويس,وقد دار بين هؤلاء الاخوة صراع حول العرش .فقد خلف مقصود اباه في العرش لكن اخاه شهاب الدين لم يدعه يتمتع طويلا بالسلطة اذ ثارعليه وانتزع العرش منه الا ان شهاب الدين هوالاخر لم تستقم له الامور طويلا ,اذ اطاح به اخوه سلفور ,ولم يكن حظ سلفور بافضل من حظ اخويه السابقين ,اذ ثار ضده اخوه الاصغر شاه ويس وانتزع الملك من يديه ,فما كان من سلفور الا ان اخذ يفتش عن نصير يساعده على اعادته الى عرشه والانتقام له من اخيه .وعليه فقد لجا الى والد زوجته سليمان بن سليمان النبهاني حاكم عمان الداخل .الا ان سليمان هذا لم يقدم له المساعدة المطلوبة نظرا لانه كان حاكما عاجزا وضعيفا مترددا .لم يكن امام سلفور غير التوجه الى الاحساء من اجل طلب الدعم والمساعدة من زعيم الجبور الامير اجود بن زامل .وقد عثر السلطان اجود في لجوء سلفور اليه فرصة ثمينة للتدخل المباشر في شؤون مملكة هرموز ولتوسيع امارته على حسابها عن طريق املاء شروطه على سلفور لقاء هذه المساعدة. وعليه فقد اظهر اجود بن زامل استعداده لمساعدة سلفور شرط ان يتنازل الاخير له عن كافة حقوقه وانادىءاته في القطيف وجزر البحرين وان تعود ملكيتها لامارة الجبور. لم يكن امام سلفور غير الموافقة على شروط اجود هذه,ولم يطالب بغير ان يهجر له ملكية بعض البساتين في جزيرة البحرين,فاجيب طلبه وتم توقيع اتفاق مكتوب بموجب ذلك بين الطرفين .وتطبيقا لهذا الاتفاق قام اجود بن زامل عام 880/1475 بحشد قواته في Julphar(راس الخيمة) ومن المحتمل جدا ان اجود قد اسند قيادة قواته الى ولده زامل, اذ تذكر المصادر البرتغالية ان سلفور قد طلب المساعدة من ريس زامل حاكم سلوت,وربما كان زامل يحكم من هذا الميناء شبه جزيرة قطر والمنطقة الساحلية لبلاد البحرين نيابة عن والده.مهما يكن من امر فان هذه القوات قد انطلقت على ظهر سفن لغزوجزيرة(هرموز) يرافقها سلفور وتمكنت من احتلالها والقبض على شاه ويس ووزيره خقابل عطار وتنصيب سلفور ملكا على هرموز.وكنتيجة لذلك اصبحت جميع من القطيف وجزر البحرين واجزاء من امارة الجبور ومما هوجدير بالذكر بان حكم الشيخ اجود قد ضم بلاد هرموز وربما يعني بقوله هذا اجزاء كانت في السابق من مملكة هرموز كالقطيف والبحرين، أما اذا كان يقصد اجزاء غيرها فهذا خطأ محظ اسقطته فيه رواية السخاوي المشوشة عن علاقة اجود بسلفور شاه.

قبل التحدث عما سقط من احداث في اعقاب ما اشرنا اليه يجدر بنا ان نثير سؤالا هاما وهو: هل يفهم من الاتفاقية ما بين سلفور واجود ان كلا من القطيف والبحرين لم تكونا قد دخلتا ضمن نفوذ الجبور قبل عام 880/1475،يا ترى؟ للاجابة على ذلك يمكننا القول بان التدقيق فيما اورده ابن ماجد والمصادر البرتغالية لا يؤيد ذلك بشكل قاطع ,بل ان الذي يمكن ان يفهم منها ان هذين الاقليمين كانا قد اصبحا عملا بيد السلطان اجود قبل ذلك وانه يعترف بتبعيتهما لمملكة هرموز.ويدفع لقاء ذلك مبالغ سنوية من وارداتها كذلك يمكن ان تفسر هذه النصوص على ان اجود بعد استيلائه على هذين الاقليمين لم تعترف له مملكة هرموز باحقيته في الاستيلاء عليهما وان هذه الاتفاقية قد اتىت لكي تتنازل مملكة هرموز عن جميع حقوقها في هذين الاقليمين.

مهما يكن من امر فاننا في صفحات سابقة قد رجحنا ان القطيف كان قد تم الاستيلاء عليها عام 843/1439-40 في عهد الشيخ زامل بن حسين.كما ان الاحداث التي كانت قد سقطت في مملكة هرموز على اثر وفاة فخر الدين طورانشاه هي بالتاكيد فرصة مناسبة لاجود للاستيلاء على جزر البحرين.ومن المستبعد ان يهجر اجود هذه الفرصة للتوسع تفلت من يديه خصوصا اذا ماعهدنا بان البحرين غنية جدا اذا ما قورنت ببقية مناطق الخليج ,كما انها مركز تجاري هام ثم ان استيلاء الجبور على القطيف كان لابد ان يتبعه الاستيلاء على البحرين اذ ان القطيف منفتحة على نجد عن طريق البحر وراس قنطرة الطريق التجاري مابين مناطق الخليج العربي والحجاز ,انها صورة تتكرر عبر مختلف العصور التاريخية فمن يملك ساحل القطيف كان لابد له ان يعمل على ضم جزر البحرين اليه.ان مما يؤيد ايضا ما مضىنا اليه هوان النزاع المسلح الذي سقط بعد ذلك بين اجود وسلفور حول جزيرة البحرين كان يدور اساسا حول رفض اجود ان يدفع الى مملكة هرموز اية مبالغ مما يحصله من واردات البحرين ,فالاتفاق اساسا كان قد قام على تنازل هرموز عن أي انادىء لها بحقوقها في البحرين ولم تكن الخلافات بينهما قائمة على اساس شرعية الوجود السياسي للجبور فيها. مهما يكن من امر فان هذه الخلافات بين القوتين قد اثارت حروبا طويلة يفترض أن نتعرض اليها في الصفحات التالية.

عندما نجح الامير سلفور شاه في الوصول الى العرش بدعم من الشيخ اجود بن زامل ,ندم على تنازله عن حقوق مملكته في البحرين خصوصا وان واردات هرموز كانت تعاني انخفاضا كبيرا نتيجة لانكماش تجارة الخليج العربي بعد ازدهار تجارة البحر الاحمر ولعل ما تغله جميع من البحرين والقطيف من واردات لهرموز يفترض أن يخفف بالتاكيد من العجز الذي تعاني منه خزانتها.

كما يجب ان لايغيب عن ذهننا عامل آخر قد يحدث له دور في تاجج الصراع بين هرموز والجبور ذلك انه اصبح لاجود شهرة واسعة ولامارته مكانة كبيرة ولا ادل على ذلك من ان اجود اصبح يلقب بسلطان البحرين والقطيف والاحساء ورئيس اهل نجد وهي القاب كان ملوك هرموز يفخرون في السابق بحملها.كما اننا نجد من الجهة الاخرى ان مملكة الدكن البهمنية في الضد تسعى الى صداقته .فراسله وزيرها الشهير محمود كاوان طالبا منه اقامة علاقة صداقة وتعاون بين الدولتين ,وفي ذلك مرشد على ان شهرة اجود قد جاوزت حدود منطقة الخليج العربي لتصل الى الهند. اخذ سلفور شاه يعمل على التذرع بمبررات للتخلص من الاتفاقية التي عقدها مع السلطان اجود,فاخذ يطالب الاخير بان يدفع له مبالغ سنوية من واردات هاتين المقاطعتين باسم حقوق التبعية لكن اجود رفض ذلك وتمسك بالاتفاقية المكتوبة بينهما.ولجا سلفور الى استعمال القوة لاسناد مطاليبة فارسل عدة حملات بحرية ضد جزر البحرين والقطيف ,كانت احدى هذه الحملات بقيادته واخرى بقيادة وزيره نور الدين الهالي,كما قاد احدى الحملات ايضا طورانشاة بن سلفور شاه. وقد تصدى الجبور ببسالة لهذه الحملات جميعا واحبطوها بقيادة السلطان اجود بن زامل,مستفيدين من تفوقهم العسكري في البر.

مما تجدر الاشارة اليه هنا ان المستشرق الفرنسي اوبين يميل للاعتقاد بان الحملة التي قادها طورنشاة عام 890/1485 قد نجحت في احتلال البحرين. ان مامضى اليه اوبين يصعب قبوله للاسباب الثلاثة التالية

اولا:- ان ابن ماجد عندما وصف جزر البحرين نطق(( بانها لاجود بن زامل عند تالفينا الكتاب )) وبما ان كتاب ابن ماجد ((الفوائد)) قد الف مابين عامي 895-96/1489-90 فمعنى ذلك ان اوبين كان على خطأ فيما مضى اليه.

ثانيا:- انه خلال تلك السنة التي رجح فيها جان اوبين احتلال طورانشاه للبحرين كانت مملكة هرموز تعاني خوفا شديدا من اطماع صوفي خليل بك موصوللورجل دولة آق قوينلوالقوي ولم تستطع هرموز ان تتنفس الصعداء الا عندما ابتعد خطره عنها عام 891/1486 في مثل هذه الظروف التي تهدد هرموز يصعب قبول فكرة قيامها بحملة قوية ضد البحرين والقطيف.

ثالثا:- ان ابن بسام قد ذكر بانه في عام 890/1485- وفي نفس السنة التي ذكر ان البحرين قد احتلها الهرموزيون – قام اجود بن زامل بحملة تاديبية ضد بعض القبائل في واحات الخرج من انطقيم نجد(54) فاذا كانت بلاد البحرين مهددة بغزووشيك الوقوع اوان جزيرة البحرين قد احتلت في تلك السنة ,فكيف يقوم سلطان الجبور بالابتعاد عن مواقع الخطر بعيدا الى الغرب،يا ترى؟ مهما يكن من امر فان الذي نميل اليه هوان مملكة هرموز قد ادركت بان تسوية الامر عن طريق تحقيق نصر عسكري حاسم ضد امارة الجبور غير ممكن,وان الوصول الى تسوية سلمية توفيقية من الممكنقد يكون افضل .كما يمكن القول بان السلطان اجود لابد انه هوالاخر قد اخذ يميل الى الحل نظرا للاضرار الاقتصادية التي اخذت تصيب امارته. ان ماذكره المؤرخ البرتغالي دي باروس من ان النزاع بين الطرفين قد تم تسويته عن طريق اتفاقية هوالاقرب الى الصحة وتؤيده الوقائع التالية. ان هذه الاتفاقية قد ذكر بانها نصت على :

اولا:- تكون جزيرة البحرين تحت ادارة الجبور.

ثانيا:- يعترف الجبور بتبعية هذه الجزر لمملكة هرمز.

ثالثا:- بموجب حقوق التبعية يقوم الجبور بدفع مبالغ سنوية (مقررات) من واردات هذه الجزر. بقي هذا الاتفاق محترما الى حد كبير من قبل الطرفين ولسنوات طويلة لاحقة(55) بالرغم من ان مملكة هرموز لم تكن مرتاحة جميع الارتياح لهذه الاتفاقية الجديدة لانها تعكس عجز هرموز وقدرة الجبور. ومهما يكن من امر فانه لم تمضي مدة على هذا الاتفاق حتى اضحت موانئ عمان –وهي اجزاء من مملكة هرموز- تحت رحمة الجبور ,لتغلغل قواتهم في عمان الداخل الامر الذي اثار بالتاكيد مخاوف شديدة لدى الهرموزيين. يضاف الى جميع ذلك ان امارة الجبور لم تكن بالتاكيد تدفع المبالغ المقررة عليها لهرموز اوعلى الاقل تتملص منها في بعض الاحيان.

وعليه كانت مملكة هرموز تنتظر الفرصة المناسبة للتخلص من هذه الاتفاقية الجديدة وسحق قوة الجبور, خصوصا بعد ان اصبحت منطقيد السلطة الحقيقية في المملكة بيد الوزير المحنك خواجة عطار. واتت الفرصة اولا بعد ان توفى السلطان اجود بن زامل وثانيا بعد ان انسحب البرتغاليون من الخليج العربي على اثر سعي قوات المماليك في مصر لضرب مراكزهم في الهند. في جمادي الاول 913/1507 اصدر خواجة عطار بيانا وزع في كافة انحاء مملكة هرموز ,اعلن فيه بانه لما كان في النية شن الحرب ضد الجبور عملى كافة السكان القاء القبض على من يجدونه من البرتغاليين في منطقة الخليج وتسليمهم احياء الى السلطات, من اجل زجهم في هذه الحرب وان أي إنسان يتماهل في ذلك يفترض أنقد يكون جزاءه الموت. على ان الامر الجدير بالملاحظة هنا هوانه على الرغم من ان الوزير خواجة عطار من الممكن اتخذ من اعتزامه شن الحرب ضد الجبور ذريعة لابعاد خطر التغلغل البرتغالي عن بلاده واستخدم الاسرى البرتغاليين اداة للمساومة معهم فيما لوعاودوا المجيء الى بلاده مرة اخرى,الا ان من المحتمل انه قد قصد عملا الاستفادة من القابليات الحربية الجيدة للبرتغاليين في المعارك البحرية. مهما يكن من امر فان خواجة عطار لم يقم بحملة ضد الجبور الا بعد مرور اربع سنوات على بيانه هذا .ففي عام 917/1511 قام شخصيا بقيادة حملة بحرية كبيرة ضد جزر البحرين نجحت في احتلالها ,الا ان هذا الاحتلال كان لفترة قصيرة اذ قام الجبور باستغلال قوتهم البرية الضاربة في عمان ودفعوا اليها قوات اخرى وحركوها نحوسواحل عمان وهددوا خواجة عطار باكتساح ممتلكات هرموز في الساحل العماني والاستيلاء على موانيها فيما اذا لم ينسحب من البحرين.ادرك خواجة عطار قوة موقف الجبور في لقاءة خططه ’ثم النتائج الخطيرة التي تتسبب في تهديد مملكة هرموز فيما لونفذ الجبور تهديداتهم هذه,والتي يفترض أنقد يكون من نتائجها اغلاق الخليج العربي في وجه السفن التجارية المتجهه الى هرموز وهذا يعني دمارا حقيقيا لها فما كان من خواجة عطار الا ا انصاع بسرعة لهذه التهديدات وانسحب من البحرين تاركا حكمها لامارة الجبور. على ان اطماع هرموز في البحرين واعاءاتها فيها لم تتوقف,وقد استغل البرتغاليون هذه الانادىءات بعد ذلك ليحتلوا البحرين ,وهوماسوف نذكره في حينه.



4- توسع امارة الجبور في عمان

من المفيد ونحن نتصدى للحديث عن عمان خلال هذه الفترة ان نبدي بعض الملاحظات العامة لعلها تنير بعض معالم الطريق للباحثين والمتتبعين لتاريخها. واول ما يجدر التنبيه اليه ان تعبير عمان كثيرا ما تستعملها المصادر العربية القديمة لتعني بها جزءا من عمان الداخلية اوقد تعني ميناءها الرئيسي صحار اوالبريمي لذا علينا ان نكون دقيقين في التحري من المقصود بعبارة عمان عندما تمر بنا في المصادر القديمة وان لا نقع في خطأ التعميم . والواقع انه يمكن لنا القول بان عمان اقليم واسع على حدود بلاد البحرين من الشمال ويشرف على بحر عمان والخليج العربي من الشرق والشمال الشرقي ,اما من الجنوب فيطل على البحر العربي في حين ان جهاته الغربية تقع على حدود بوادي نجد وبلاد اليمن. ومما يجدر ذكرههنا ان كثيرا من الجغرافيين يدخلون اجزاء من بلاد اليمن في بلاد عمان والعكس سليم ايضا.ان سعة هذا الاقليم والتباين في تضاريسة الارضية قد اديا فيما يظهر الى وجود اختلاف في الطريق الذي سار فيه تاريخ جميع جزء من اجزاءه في بعض الفترات.ويمكن لنا ان نميز بين قسمين رئيسيين لاقليم عمان وهما عمان الداخل وعمان الساحل ,واللذين لا يمكن الاتصال بين معظم اجزائها الا من خلال الاودية والمسالك التي تخترق جبال عمان.ان هذين القسمين قد مرا بتغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية متفاوتة في اشكالها ومظاهرها . وكان ذلك بعمل الطبيعة الجغرافية لكل من من هذين القسمين والنشاط الاقتصادي الذي يمارس فيها اضافة الى ما تعرضا له من تيارات بشرية سلمية كانت ام حربيةمن داخل الجزيرة اوخارجها. على انه يجب الا يفهم ان التواصل الحضاري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي كان مقطوعا بين عمان الداخل وعمان الساحل ,بل بالعكس كان التواصل فيما بينهما قائما ومستمرا الى درجة كبيرة.على انه يمكن القول بان عمان الساحل كانت اكثر تاثرا بالمؤثرات الخارجية واكثر توجها نحوالسواحل والجهات الساحلية المجاورة لها في الخليج والبحرالعربي . بينما كانت عمان الداخل اكثر تاثرا وتفاعلا بالمؤثرات القادمة من داخل الجزيرة العربية . على ان عمان لم تصل الى درجة من القوة والنهوض السياسي والعسكري الا عندما كانا هذان الجزءان متحدين في سلطة سياسية واحدة. ومهما يكن من امر فان عمان الساحل خلال الفترة التي نبحث فيها كانت تشكل جزءا اساسيا من اراضي مملكة هرموز ,بينما كانت عمان الداخل يخضع جزء كبير منه لسلطة امراء النبهانيين الذين كانت سلطتهم ونفوذهم خلال هذه الفترة التي ندرسها تعاني الضعف والانحلال.

لقد كان عمان الشمالي اكثر اجزاء بلاد عمان انفتاحا على بلاد البحرين واقرب المناطق اليها. لذا كان من الطبيعي ان تتعرض هذه الاجزاء الى تغلغل القبائل النجدية في اجزائها والذي يظهر لنا ان قبائل بني عامر بقيادة آل جبر اخذت تتغلغل في هذا الجزء منذ عهد الشيخ زامل بن حسين الجبري, اذ استقر قسم كبير منها هناك. ويرى ولكنسون- المتخصص في شؤون عمان- ان بني عامر كانوا آخر مجموعة قبلية استقرت في عمان.

لقد شهدت عمان الداخل منذ الربع الاول من القرن التاسع/الخامس عشر محاولة الاباضيين استعادة نفوذهم السياسي السابق على عمان مستفيدين من النفور والاستياء العام الذي اخذ يظهره السكان نحوالنفوذ الهرموزي المتحكم في موانئ عمان وكذلك نحوالحكام النبهانيين الذين اشتد ضعفهم وفسادهم وجورهم. لذا فقد اشتد الصراع بين النبهانيين والاباضيين وادى الى تدخل قوة خارجية في هذا الصراع . وقد تزايد هذا الصراع بشكل خاص في النصف الثاني من ذلك القرن.فعندما نجح امام الاباضية عمر بن الخطاب بن محمد الخروصي في انتزاع الحكم من النبهانيين وتمتع بالسلطة عدة سنوات قام ضده سليمان بن سليمان النبهاني واطاح به واخذ يمارس حكما اتصف بالتعسف والفساد, الامر الذي اثار ضده استياءا واسعا وقد عمل الاباضيون مرة اخرى تحت زعامة الامام عمر بن الخطاب الخروصي على التخلص من سليمان فتوجه عمر الى الاحساء طالبا المساعدة من اقوى زعيم في الجزيرة العربية السلطان اجود بن زامل. ولم يهجر السلطان اجود هذه الفرصة للتدخل في شؤون عمان تضيع عليه وكان لاشك يتطلع اليها منذ مدة ,اذ قد عثر نفسه في موقف لا يختلف عن موقف القوى السياسية التي تجاوز لها ان بسطت سيطرتها على شرقي الجزيرة العربية ,ثم قاتلت من اجل عمان.

فالخوارج والقرامطة والعيونيون والعصفوريون ومن تلاهم ايضا كالسعوديين والمصريين والعثمانيين كلهم سلكوا نفس الطريق ولنفس الهدف .يضاف الى ذلك ان السلطان اجود بوقوفه الى جانب زعيم الاباضيين ضد سليمان النبهاني الذي يرتبط بصلة عائلية قوية بملك هرموز والارتكاز على الاراضي العمانية للضغط على ممتلكاتها الواقعة على امتداد عمان الساحل.وعلى جميع حال ان الاستراتيجية التي رسمها السلطان اجود في ايجاد موطئ قدم لامارته في عمان قد حصد فوائدها خلفاؤه. ومهما يكنمن امر فانه في عام 893/1487 ارسل السلطان اجود قوات كثيفة الى عمان بقيادة ابنه سيف لمساندة عمر بن الخطاب الخروصي وقد نجحت هذه القوات في طرد زعيم النبهانيين سليمان بن سليمان وتنصيب عمر الخروصي حاكما على عمان الداخل.لقد كان من شروط الدعم العسكري الذي قدمه الجبور للاباضيين ان يقوم الاخيرون بدفع جزء من حاصلات عمان الزراعية اليهم جميع عام. وان هذا التدخل العسكري للجبور في عمان وما تضمنه من شروط كان بداية لان يمارس الجبور نفوذيا سياسيا واقتصاديا واسعا في عمان اخذ يزداد مع الزمن ,خصوصا وان الاوضاع الداخلية المضطربة لعمان كانت عاملا مساعدا على توسيع نطاق هذا النفوذ وتقويته.كما يجب ان لا ننسى الدواعي التجارية التي تدفع الجبور للمحافظة على دوام تماسهم بالمنافذ البحرية التي تربطهم بتجارة المحيط الهندي وتمكنهم من توسيع احتكارهم لتجارة الخيول. ان ماذكرته المصادر البرتغالية من ان الجبور كانوا قد سيطروا على ظفار ايضا هي مسالة واردة ونتيجة منطقية لنفوذهم الواسع في عمان ولطموحهم التجاري. يضاف الى ذلك الدواعي الامنية لامارة الجبور التي كانت هي الاخرى تدفعهم الى تثبيت اقدامهم هناك,خاصة وانهم في صراع مستمر مع مملكة هرموز.لذا يمكن القول بان قسما كبيرا من عمان قد اصبح ضمن دائرة نفوذ الجبور.ومما تجدر الاشارة اليه هنا ان المصادر العمانية تتجاهل – من الممكن عن عمد – دور السلطان اجود بن زامل في تنصيب الامام عمر بن الخطاب الاباضي حاكما على عمان. على الرغم من ان التاريخ الذي تورده هذه المصادر لتنصيب عمر بعد ازاحة سليمان النبهاني يتطابق جميع التطابق والتاريخ الذي اورده ابن ماجد النجدي المعاصر للاحداث والقريب من مسقط وقوعها.

ان مما يلفت النظر ان السخاوي جعل قيام السلطان اجود يظم عمان الى دائرة نفوذه قبل اعادة سلفورشاه الى عرش هرموز بدعم من اجود وقد حذا الجزيري حذوالسخاوي في ذلك. قبل مواصلة البحث عن علاقة الجبور بعمان يستحسن بنا ان نعلق على قول جيمس بلكريف من ان العهد الاستبدادي لابن اجود في البحرين قد انتهى عام 1487(892) على اثر هجوم عماني ادى الى تعيين عمر بن الخطاب حاكما على الجزيرة. ان هذا القول على الرغم من انه يفتقر الى أي سند تاريخي ويتعارض مع المصادر الموثوق بها التي اكدت بان جزر البحرين قد اصبحت قبل عام 880/1475 جزءا من امارة الجبور واستمرت كذلك لمدة نصف قرن تقريبا ,أي حتى الغزوالبرتغالي – الهرموزي لهذه الجزيرة عام 927/1521,فان الذي يلفت النظر فيه هوان بلكريف قد قلب الحقائق التاريخية فبدلا من ان يقول ان اجود بن زامل قد غزا عمان عام 893/1487-88 ونصب عمر بن الخطاب حاكما على تلك البلاد نجده يجعل من عمر محررا لجزيرة البحرين من ظلم الجبور.

على ان الوصف الذي اطلقه بلكريف على حكم الجبور في البحرين بانه جائر يصعب قبوله لان معاصري السلطان اجود كالسمهوري والسخاوي قد نعتوه باوصاف تدل على خلاف ذلك يضاف الى ذلك ان وصف ابن ماجد لجزيرة البحرين في ظل حكومة الجبور تظهر بان هذه الجزيرة كانت مزدهرة وعامرة بالسكان وضروب النشاط الاقتصادي المختلف. ان هذا الوضع المزدهر قد استمر ايضا في ظل الامراء الذين خلفوا اجود بن زامل ونستدل على ذلك من تقرير برتغالي مرسل من البحرين الى لشبونة عام 1506 وقد ذكر هذا التقرير ايضا ان هذه الجزيرة يحكمها ملك عربي كما ان الاوصاف التي اطلقها ابن اياس على السلطان مقرن سلطان البحرين والاحساء والقطيف تدل هي الاخرى على تحمله عن الجور والتعسف وبلاده كانت تنعم بالرخاء والازدهار.

قبل ان نختتم ملاحظاتنا هذه لابد ان نتساءل,لماذا اختار بلكريف هذه الفترة بالذات دون غيرها من تاريخ جزيرة البحرين,حيث توحدت اجزاء واسعة من جزيرة العرب في ظل حكومة عربية ولكي يصفها بالجور والاستبداد،يا ترى؟ ان جواب ذلك قد يحدث مصدره العقلية المتسلطة على عدد من الباحثين الغربيين التي تسعى دائما الى تسليط الاضواء على فترات الهدم والتمزق في جسم الامة العربية الاسلامية واضفاء افضل النعوت عليها , وباللقاء تشويه فترات النهوض والتوحد والتعتيم عليها.

ومهما يكن من امر فالذي وقع في عمان بعد لك هوان عمر بن الخطاب الاباضي لم يتمتع بالسلطة بعد عودته ثانية الى الحكم ,اذ توفي عام 894/1488 الامر الذي ادى الى عودة الفوضى الى عمان الداخل واستمرارها وظهور عدد من الزعماء الطموحين الذين اخذ جميع واحد منهم يسيطر على جزء من البلاد الامر الذي هيا الفرصة لعودة سليمان النبهاني الى السلطة مرة اخرى. ويذكر اوبين معتمدا على الترجمات الانكليزية للحوليات العمانية ان سليمان النبهاني كان قد لجأ الى هرموز عندما طرده الجبور من عمان وانه قد عاد اليها بعد حصوله على دعم وامدادات من حكام فارس.الا اننا لم نعثر في الاصل العربي لهذه الحوليات على ما يؤيده ذلك. ومهما يكن من امر فان سليمان النبهاني قد اغتال سنة 906/1500 على يد زعيم الاباضية محمد بن اسماعيل الذي من الممكن كان استعان ايضا بالجبور من اجل الوصول الى السلطة على انه يصعب القول بان محمد بن اسماعيل هذا قد نجح في بسط نفوذه على جميع اجزاء عمان الداخل.اذ ان هذا الهدف في تلك الظروف كان بعيد التحقيق ولم يتحقق لاي زعيم عماني الا بعد مرور اكثر من قرن على هذا التاريخ .وقد بقيت عمان الداخل مجزاه الى مايشبه حكومات المدن, وكان الجبور يهيمنون على مناطق واسعة من عمان الشمالي ومنها كانوا يفرضون نفوذهم ومطالبهم على بقية اجزاء عمان الداخل.ولقد اعتادوا في اوقات جني المحاصيل الزراعية كالتمور والحبوب وغيرها التوغل في عمان الداخل واخذ جزء من هذه المحاصيل من السكان باسم رسوم الحماية مهددين باستعمال القوة اوباللجؤ اليها في بعض الاحيان.

ان مما يؤيد سعة نفوذ الجبور في عمان هوان البرتغاليين عندما دخلوا الخليج العربي لاول مرة عام 1507 تحدثوا عن قوة الجبور ونفوذهم الكبير في عمان. ولق ذكر البوكرك ان عمان الداخل كانت خاضعة لملك الجبور الذي وصفه بانه يحكم ايضا جميع جزيرة العرب. وبالرغم من طابع المبالغة في تقرير البوكرك الا انه يحمل في ثناياه جزءا كبيرا من الحقيقة . كما ان باروس هوآلآخر قد تحدث عن قوة الجبور في عمان الداخل وذكر بان هجماتهم مستمرة عليها. كما انهم كانوا يشكلون خطرا جديا على اراضي مملكة هرموز على امتداد عمان الساحل بل وعلى وجودها في تلك المناطق.ولا ادل على قوة نفوذ الجبور في عمان من انه عندما حاصر البوكرك مسقط عام 1507 سارع احد زعماء الجبور على راس قوة كبيرة لنجدة المدينة.



5- نفوذ الجبور في نجد وظفار

لاشك بان لاقليم نجد اهمية كبيرة في حياة امارة الجبور العامرية, فهوأحد المواطن الرئيسة لمعظم بطون بني عقيل منذ عصور ماقبل الاسلام ,وقاعدة من قواعدهم للانطلاق نحوالشرق وان مغادرة بعض البطون والافخاذ لهاذا الموطن لا يعني دائما ان كافة افخاذ القبيلة قد غادرته وبترت صلتها به. ان هذه الملاحظة تنطبق جميع الانطباق على بني عامر مثلما تنطبق على بطون عقيل الاخرى ,اذ بقي قسم منهم في مواطنه الاصلي وعلى صلة مستمرة باخوانه الذين هاجروا نحوالشرق. والواقع ان نجد الاوسط وبلاد البحرين قد شكلتا- بامتدادها شمالا نحوالبصرة وجنوبا نحوعمان- اقليما متكاملا من جوانب عدة وكانا وثيقي الصلة تماما ببعضهما البعض عبر العصور التاريخية, ولم تكن رمال الدهناء والصمان على الاطلاق حاجزا طبيعيا يمنع هذه الصلة بل قد يحدث العكس من ذلك , اذ ان غنى مراعي هذه البوادي والوفرة النسبية لمياه الآبار فيها سهل كثيرا من الاتصال البشري المستمر فيما بين البحرين ونجد واذا كانت بلاد البحرين اكثر غنى ووفرة من نجد مما جعلها تشكل عامل جذب لسكان نجد بسبب بيئتهم الصحراوية الطاردة نحوالخارج, اضافة الى ذلك فان البحرين كانت نافذة لسكان نجد على البحر وسوقا يمكن لهم الوصول منها على كثير من البضائع, كما ان نجدا هي الأخرى مهمة لبلاد البحرين اذ انها تمدها دائما بالعنصر العربي المتصف بحيويته في المجالين العسكري والتجاري . ويضاف إلى ذلك بان نجدا سوقا هاما لتصريف جزء كبير من تجارة بلاد البحرين ومعبر ومنطلق للقوافل التجارية مابين الخليج العربي والحجاز واليمن .بالرغم من وجود تباين في الدور الذي كان يلعبه جميع اقليم منهما في خلق الأحداث التي كانت تقع فيهما أوفيما حولهما.

عندما نجح بنوعامر في تاسيس امارة لهم في بلاد البحرين بزعامة اميرهم عصفور بن راشد في الربع الاول من القرن السابع/ الثالث عشر نجحوا ايضا وفي الوقت نفسه في ضم نجد الى امارتهم. وعلى الرغم من زوال امارتهم فالذي يبدوا لنا انهم قد بقوا في نجد,مثلما بقوا في البحرين يملكون نفوذا واسعا ولم يزول نفوذهم إلا بعد قيام الدوله العقيلية بزعامة الشيخ زامل بن حسين بن ناصر الجبري. لقد اعطى الامير زامل واولاده بعده اهتماما كبيرا للاوضاع في نجد, ولا غرابة في ذلك فنجد موطنهم الاصلي الذين يعتزون بالانتماء اليه وينتهي سلسلة نسبهم به(النجدي) ولقب اجود اشهر امرائهم بـ(رايس اهل نجد) ان مصدر اهتمام الجبوربنجد من الممكن كان مبعثه عاملين/الاول عسكري اذ ان نجدا تمدهم بالعنصر البشري الوفير العدد الذي يمكن ان يحقق لهم تفوقا عسكريا في المعارك التي يخوضها في شرقي الجزيرة العربية.اضافة الى انها من الناحية الاستراتيجية تشكل ظهيرا لهم يمكن الاستناد اليه. وثانيا ان اقليم نجد هومنطلقا ومعبرا للقوافل التجارية مابين شرق الجزيرة وغربها وجنوبها ايضا لذا فهي تحتل اهمية تجارية خاصة.وقد حرص امراء الجبور على تامين هذا الطريق وما قيام امرائهم شخصيا بقيادة قوافل الحجيج الا تعبيرا عن حرصهم على سلامة هذا الطريق الحيوي. واذا ماعهدنا بان قوافل الحجيج كان يرافقها عدد غير قليل من المحاربين لحراستها ادركنا ان امراء الجبور كانوا في الواقع يقومون عند مرافقة قافلة الحج بمظاهرة عسكرية لغرس الخوف في نفوس معارضيهم من رؤوساء القبائل المتنوعة ,اضافة الى كسب الاصدقاء. على ان الامر الذي يجدر ملاحظته هنا حول الحملات العسكرية التي كان يقوم بها امراء الجبور ضد نجد هوان البعض منها كان تاريخه يتوافق جميع التوافق مع الاحداث التي كانت تقع في شرق الجزيرة العربية وعلى سواحل الخليج العربي مما يجعلنا نميل الى القول بان القوى المعارضة في نجد كانت تتربص بامارة الجبور وتستغل الاوضاع الحرجة التي كانت تمر بها في بعض الفترات.ولتاكيد ذلك نلاحظ ان ابن بسام قد ذكر ان اجود بن زامل قد قام بحملة ضد واحات الخرج عام887/1483-83. وهذا التاريخ من الممكن كان يتوافق مع هجوم هرموزي على البحرين.اما الحملة الثانية التي قد ذكر بان اجود قد قام بها ضد نجد فقد كانت عام 890/1485,وهي تتوافق جميع التوافق مع الهجوم الذي قام على البحرين. ذكر ايضا ان اجود قد وجهها ضد منطقة الخرج فقد كانت عام 893/1488 وهي نفس السنة التي كانت فيها قوات الجبور بقيادة سيف بن اجود منشغلة بالتدخل في عمان لصالح الاباضيين ضد النبهانيين. ومما هوجدير بالذكر ان السخاوي كان قد ذكر ان اجود قد قام بالحج في هذه السنة أي 893/1486 مما يفرض علينا تساؤلات لامفر منها فهل توجهت هذه الحملة الى مكة كما ذكر السخاوي ام كان هدفها القضاء على المتمردين في نجد كماذكر ذلك بن بسام, ام كانت تسير نحوهذين الهدفين في آن واحد,ام هناك حملتان مختلفتان في التوقيت والهدف،يا ترى؟ فاذا كان الفرض الاخير سليما فذلك يعني انقد يكون اجود قد قام باعمال ثلاثة كبيرة في عام واحد, وهي الحملة ضد عمان والحملة ضد نجد وحملة الحج.

مهما يكن من امر فاننا امام حملة رابعة قد ذكر ابن بسام ايضا بان اجود قد قام بها عام 900/1494-95 ضد بلاد نجد,وتاريخها يتفق مع الحملة التي قام بها الهرموزيون ضد جزيرة البحرين.

بقي ان نذكر ان هناك حملة خامسة يرجح انها قامت في عهد خلفاء اجود.اذ يذكر ان ابن بسام بان الجبور قاموا بحملة ضد نجد عام 926/1510-11 وهي توافق نفس السنة التي قامت بها حملة هرموزية بقيادة خقابل عطار باحتلال البحرين لفترة قصيرة.

واخيرا يذكر ابن بسام قيام الجبور بغزونجد عام 929/1522-23, واذا كان هذا التاريخ دقيقا فان هذا الهجومقد يكون سقط مباشرة بعد استيلاء البرتغاليين والهرموزيين على جزيرة البحرين وقتلهم سلطان الجبور مقرن بن زامل. يتضح مما ذكرناه اعلاه وجود دلائل قوية على ترابط الاحداث التي كانت تقع في نجد وشرق الجزيرة العربية مما يساعدنا على تفسير سبب بعض هذه الحملات والظروف التي كانت تؤدي الى وقوع تمردات ضد سلطة الجبورفي نجد. يجدر بنا قبل ان ننهي حديثنا عن علاقة الجبور بنجد ان نشير ايضا الى ان المصادر البرتغالية تنفرد بالاشارة الى ان ظفار كانت احد الانطقيم الخاضعة للجبور.مثلها مثل عمان وبلاد البحرين ونجد,وبان الجبور كانوا قد اتخذوا منها منفذا رئيسيا لتصدير الخيول الى الهند ,وتلك التجارة التي احتكروها في شرق الجزيرة العربية ودرت عليهم ارباحا وفيرة وحركت اطماع البرتغاليين من اجل السيطرة عليها وانتزاع فوائدها من الجبور. لقد تحدثت هذه المصادر نفسها عن وجود اماكن متعددة في جميع من عمان والبحرين لتربية هذه الخيول والعناية بها وتجميعها ومن ثم تصديرها الى الاسواق الخارجية وخاصة في الهند,حيث يكثر الطلب عليها وتعز اسعارها.

والذي يظهر لنا ان الجبور كانوا قد اتخذوا من ظفار منفذا لتصدير بضاعتهم من الخيول والحصول ايضا على بضائع الهند خصوصا بعد ان رأوا ان كثيرا من السفن قد اخذت تتحاشى الدخول الى الخليج العربي وتتوجه الى موانئ البحر الاحمر, وكانت ظفاركثيرا ماترسوبه هذه السفن في طريق الذهاب والاياب.

والذي يبدوا لنا ايضا ان الطريق الذي كانت تسلكه قوافل الجبور للوصول الى ظفار يسير بمحاذاة الاطراف الغربية لعمان,كما انه من المحتمل ايضا انهم كانويسلكون طريقا آخر ينطلق من نجد الى ظفار عبر وادي الدواسر وبعد رحلة شهر ونصف يصلون الى بلاد مهرة ومنها الى ظفار,وقد اعتادت قوافل عقيل ان تسلك هذا الطريق منذ عصور سابقة لذا يمكن ان نقول ان بعض الحملات التي قام بها امراء الجبور نحونجد كانت تهدف الى المحافظة على هذا الطريق التجاري الذي يربط نجدا بكل من اليمن وظفار.


متى بدأ حكم السلطان أجود ومتى انتهى ومن هم أولاده؟

مما لاشك فيه ان عصر السلطان اجود يمثل عصر ازدهار وقوة واتساع امارة الجبور ويبدوان هذا الحكم كان يتمتع بمؤهلات ومزايا جيدة وكفاءات عالية حملت بعض معاصريه من المؤرخين على ان يضفوا عليه افضل النعوت ,فقد وصفه السمهودي برئيس اهل نجد وراسها سلطان البحرين والقطيف فريد الوصف والنعت في جنسه,صلاحا (وافضالا) وحسن عقيدة ,ابوالجود اجود بن جبر ايده الله كما ان السخاوي قد وصفه بانه قد...صار رئيس نجد ذا اتباع يزيدون على الوصف مع فروسية, تمددت في يدي جراحات كثيرة بسببها,وله المام ببعض الفروع المالكية واعتناء بتدريس خطهم, مصاحبا للتصديق والبذل لقد حمل اجود بن زامل لقب السلطان هوومن اعقبه من امراء الجبور وعلى الرغم من ان هذا اللقب لقب دنيوي عهد منذ العهد السلوجقي ,الا انه يعي ان حامله هوحاكم مستقل يتمتع بكل السيادة في بلاده.


ان الاشارات الواردة في المصادر المتنوعة تفيدنا بان السلطان اجود لم تقتصر على جهوده على توسيع الامارة وتثبيت نادىئمها وتحقيق الامن والاستقرار وترويج النشاط الاقتصادي وتوسيع الفعاليات التجارية فحسب,بل سعى الى تنظيم الادارة وتحقيق العدالة بتنصيب قضاة وشهود لهم بالفهم والاستقامة كما انه قد سعى الى ترويج التعليم باغراء عدد من الفهماء البارزين للعمل في بلاده وكان يستغل فرصة قيامه بالحج فيلتقي هناك بالبعض منهم ويجلبهم معه وكان عدد منهم من بلاد المغرب العربي. ولما كان الجبور يتبعون الممضى المالكي فقد سعى الى نشره في بلاد البحرين وترويجه. ولم يحقق نجاحا ملموسا اذ كان الممضى الشيعي هوالسائد كما يظهر في العهود التي سبقت عهده في هذا الميدان فحسب بل انه نجح في نشر المذاهب السنية عموما, بعد الجبور. ومهما يكن من امر فان بداية حكم اجود ونهايته من الامور التي لا يزال يكتنفها الغموض والتي لابد من محاولة الوصول الى معهدتها والاهتداء اليها ان الادلة التي نمتلكها تجعلنا نميل الى ترجيح ان بداية عهد اجود كانت في حدود عام 875/1471-72 تقريبا’ وهذه الادلة هي اولا ان السخاوي حين ترجم للقاضي جمال الدين عبد الله بن فارس التازي نطق عنه انه غادر مصر عام 876/1417 ومضى الى مكة حيث اقام فيها فترة يسيرة ثم منها توجه الى بلاد البحرين برفقة سلطانها اجود بن زامل ومكث في خدمته هناك مدة خمسة عشر عاما كانت نهايتها سنة 803 اذ جاء في ذلك العام موسم الحج بصحبة السلطان اجود ومات بعد موسم الحج بقليل, (محرم عام 894/كانون الاول1488). والذي يفهم من هذا النص هوان اجود بن زامل كان ولابد سلطان على بلاد البحرين قبل عام 876/1472 أي قبل ان يلتحق به القاضي المذكور في موسم الحج من هذه السنة.

ثانيا- ان تنصيب سلفور بن تورشاه على عرش هرموز بمساعدة من السلطان اجود قد تم عام 880/1475. وان لجوء سانور الى الاحساء لطلب المساعدة من اجود لابد انقد يكون قد سقط قبل هذا التاريخ ,يكون ذلك قد وقع عام 877/1473,اذ اننا نجد ان رسالة الوزير البهمندي محمود كاوان المؤرخة في رمضان 877/شباط 1473 تشير الى وجود اضطرابات في هرموز,مما يحملنا على القول بان هذه الاضطرابات مرتبطة بالصراع حول العرش بين الاخوين شاه ويس وسلفور شاه,الذي انتهى في مرحلته الاولى بطرد سلفور من العرش ولجوئه الى عمان التي غادرها الى الاحساء حيث اتصل باجود هناك فهما بان شاه ويس لم يتمتع بالسلطة اكثر من سنتين.وخلاصة ذلك انه لابد انقد يكون اجود قد تولى السلطة في امارة الجبورقبل التواريخ المشار اليها اعلاه وانه كان قد حقق من الشهرة والقوة مما جعل سلفور شاه يلجأ الى الاستعانة به.

ثالثا- لقد بعث وزير مملكة الدكن البهمنية (1347-1526) محمود كاوان برسالة الى السلطان اجود بن زامل يطلب فيها ان تقوم علاقة صداقة وتعاون بين الدولتين. ان محرر هذه الرسالة وهوالمؤرخ ينمديهي سكرتير الوزير المذكور كان قد ولج في خدمته عام 878/1473,وبما ان الوزير محمود كان قد توفى عام886/1481 فلابد ان تكون الرسالة قد خطت مابين هذين التاريخين,وان مجرد تلقي السلطان اجود خلال هذه الفترة رسالة من احدى اقوى الممالك الهندية وحرصها على صداقته وتوثيق روابطها به,يدل دلالةواضحة على انه اصبح لاجود نفوذ وشهرة واسعتان,مما يعد دليلا للقول بان اجود لابد انقد يكون قد تولى الامارة قبل عام 880/1475.

رابعا- لقد ذكر بارباروBarbaro (ت 900/1494)

سفير البندقية الى سلطان دولة آق قوينلوفي ايران حسن الطويل (اوزون) في تقريره عن رحلته التي قام بها عام 878-79/1474,ان الساحل هذه الاشارة من باربارومن الممكن كان يقصد بها بلاد الجبور على امتدادها واذا صح تفسيرنا هذا فان السلطان اجود- الذي خلف اخاه سيف- كان يحكم تلك البلاد ويساعده في ادارتها ولداه زامل وسيف, اواخوه هلال واحد اولاده المذكورين سابقا,ان هذا الدليل بالاضافة الى انه يؤيد الادلة السابقة فانها هي الاخرى تعززه.

ومهمايكن من امر فانه من اجل استكمال فهم طول الفترة التي استغرقها حكم السلطان اجود بصورة تقريبية ,لابد لنا من محاولة تحديد نهاية حكمه ايضا,وذلك باستعراض ماهومتوفر لدينا من نصوص ومناقشة ما تواضع البعض على قبوله منها. لقد ذكر العصامي –(ت 1111/1698-99) ان السلطان اجود قد حج عام 911/1506 في جمع يزيدون على الثلاثين الفا(84), واورد ابن بشير هذا النص تقريبا الا انه جعل السنة التي ادى بها اجود الحج هي عام 912’وتابعه في ذلك ابن عيسى وابن بسام ومما تجدر الاشارة اليه هنا ان كلا من ابن لعيون والشيخ حمد الجاسر قد نسبى الى العصامي قوله بان اجود قد حج عام 912, وهذا مالم نجده في تاريخه.(86) كما ان مما يلفت الانتباه ان شيخنا الجاسر –في احد هوامشه على تاريخ ابن عيسى- نقل عن العصامي قوله بان اجود قد حج عام 911,كمانقل عن ابن فهد قوله بان محمد ابن اجود هوالذي جاء موسم الحج عام 912 . وكان الجاسر بذلك يصحح قول ابن عيسى بان اجود قد حج عام 912 لكنه عاد في بحثه عن الدولة الجبرية الى القول بان ابن فهد والعصامي وغيره من مؤرخي مكة قد ذكروا بان اجود قد حج عام 912. والواقع ان المؤرخين الذين نسب اليهم الجاسر القول الاخير لم يقولا به باعتراف الجاسر نفسه في تعليقه على ابن عيسى ولوان درس الشيخ الجاسر كان قد نشر قبل صدور تاريخ ابن عيسى لقلنا بان الشيخ الجاسر كان يحاول تسليم الخطا الذي ورد في بحثه.لكن الذي وقع هوالعكس وعلى جميع حال فان قبولنا لبعض النصوص التي تشير الى ان الشيخ اجود كان قد جاء موسم الحج عام 912/1507 تعني ببساطة انه كان لايزال على قيد الحياة، وأنه كان على رأس السلطة في امارة الجبور حتى ذلك العام وهذا الامر يصعب قبوله للاسباب التالية:-

اولا- ان الشيخ حمد الجاسر قد نقل لنا عن جميع من ابن فرج (ت 1010/1602) وابن فهد المكي(850/1447-921/1515)-وهما مؤرخان حجازيان عارفان باحداث الحجاز وقريبان من مسقط حدوثها ومعاصران ويصعب تخطأتهما –مايفيد بان الشيخ محمد ابن اجود الذي كان سلطان البحرين والحسا والقطيف قد جاء الى مكة خلال موسم حج عام 912/1507(89). وهذا يحملنا على القول بانه لابد انقد يكون السلطان اجود قد توفى قبل هذا التاريخ ,وان النصوص التي تشير الى قيامه بالحج في هذا العام ماهي الا نصوص خاطئة.

ثانيا- اننا لوافترضنا جدلا صحة التاريخ الذي اورده العصامي والذي ينص على قيام الشيخ اجود ابن زامل بالحج عام 911/1506 فان معنى ذلك انه قاد قافلة الحج وله من العمر تسعون عاما اويزيد اذ انه قد ولد في رمضان 821/تشرين الاول 1418, وهذا امر يصعب قبوله نظرا لعدم قدرة من في مثل سنه على تحمل هذا العبء على الرغم من تصورنا بان هناك من يعينه على هذه المهمة . وعلينا ان نتذكر بان موسم الحج لذلك العام كان يقع في فصل الصيف,فكيف يمكن لرجل مسن ان يبتر رحلة الحج الطويلة ذهابا وايابا في هجير الصيف وهويحمل اعباء هذه السنين والمسؤليات الكبيرة. مهما يكن من امر فان هذه النقطة تجعلنا ايضا نستبعد انقد يكون الشيخ اجود على قيد الحياة حتى ذلك التاريخ.


ثالثا- ان العصامي وهوالمصدر الرئيس للقول بان اجود كان على قيد الحياة عام 911/1506’ قد عاش بعد عصر اجود بقرنين من الزمن ولم يرد في تاريخه مايدل على فهم بتاريخ امراء الجبور , حتى اننا نجد انه يخطئ في فهم الاسم السليم لوالد اجود.فقد ذكر بان اسمه زايد وليس زامل كما هوالمتفق عليه واذا كان هناك تحريف قد سقط في الاسم عند النقل اوالاستنساخ اوالطبع-وهويظهر كذلك فاننا نميل ايضا الى الاعتقاد بان التاريخ الذي اورده العصامي عن قيام اجود بالحج في ذلك العام قد وصل الينا محرفا.

رابعا- ان تقارير البرتغاليين التي خطت عند دخولهم للخليج عام 913/1507 يفهم منها ان الشيخ اجود بن زامل قد فارق الحياة وان بلاد الجبور التي كانت تضم جميع من ظفار وعمان وبلاد البحرين ونجد كانت تحكم من قبل ثلاثة اخوة اكبرهم كان يقيم في عمان اما اخواه الاخران اللذان يعترفان بزعامته الكبرى على الجبور فيقيمان على سواحل الخليج العربي وان احدهم كان يحكم جزيرة البحرين والقطيف. ان هذه التقارير تتفق بشكل غير مباشر مع مااورده جميع من ابن فرج وابن فهد من ان السلطة في هذا التاريخ كانت قد انتقلت الى ابن اجود.

مهما يكن من امر فان الذي نميل اليه بعد التمحيص والتدقيق- هوان السلطان ابن اجود بن زامل كان لايزال على قيد الحياة حتى عام 900/1495 مستندين في ذلك الى الاحداث التي سقطت في منطقة الخليج واشرنا اليها في ثنايا البحث وخاصة فيما يتعلق بعمان وبمملكة هرموز اضافة الى ما اورده ابن بسام من ان اجود بن زامل قد قام بمهاجمة واحات الخرج عام 900/1494-95 ثم سكوته الطويل عن الاشارة الى اسم اجود. اما ماذكره ابن بسام بخصوص قيام اجود بقيادة حملتين ضد القبائل المعادية له في عامي 916/1510-11 او929/1022/23 فامر غير وارد ولابد انقد يكون ابن بسام قد سقط في خطا عند ذكر اسم اجود كقائد للحملتين اذ لوفرضنا بان اجود لايزال حيا في احد هذين التاريخين فيكون قد بلغ من العمر السابعة والتسعين اوالمائة وثماني سنوات.


ان التاريخ الذي نطمئن الى انه قريب من الصحة بخصوص نهاية حكم اجود هوعام902/1496-97 أي انه كان قد بلغ الثمانين من العمرفي هذا التاريخ.ومما هوجدير بالذكر ان السخاوي قد توفي أيضا في هذه السنة لذا لم ترد سنة وفاة اجود في مؤلفه حينما ترجم له كما تجدر الاشارة ايضا الى ان السخاوي حاول ان يترجم لاحد امراء الجبور وادرج اسمه ضمن تراجمه وهواجود بن سيف بن زامل الجبري ولكنه لم يخط امام اسمه سوى تعبير ((مات في)) - بقيت لنا حدثة اخيرة نقولها حول رواية العصامي عن قيام اجود بالحج عام 911 وهي ان العصامي من الممكنقد يكون اراد ابن اجود فسقطت حدثة ابن اوحذفت فسبب هذا الوهم اوانقد يكون هناك تحريف قد سقط في كتابة الرقم 901 فصار911 واذا اصبح هذا الاحتمال الاخير فان هذا التاريخ يفترض أن يتطابق مع ما افترضناه حول السنة التي انتهى فيها حكم اجود وهي سنة 902. ان النقطة الاخيرة التي تثير بعض الاشكالات ايضا حول اسرة بني جبر .هي اسماء اولاد اجود ومن الذي اعقبه في السلطة ؟.

اننا نعهد من المصادر الحجازية المعاصرة للجبور بان محمد ابن اجود كان يعهد في عام 912/1506 بسلطان البحرين والحسا والقطيف اما المصادر البرتغالية فقد نصت-كما ذكرنا سابقا- على ان بلاد بني جبر الواسعة حين ولج البرتغاليون الخليج عام 912/1507 كان يحكمها ثلاث اخوة وان اكبرهم يقيم في عمان ويدين له اخواه الآخران بالرياسة وان احد هؤلاء الاخوين كان يحكم البحرين والقطيف. والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هوهل ان هذه المصادر كانت تشير الى محمد ابن اجود كزعيم اكبر للجبور اذا كان كذلك فلماذا لم تضف المصادر العربية الى القابة اسم عماد في حين كانت جزءا هاما من ممتلكات الجبور ثم اين اسماء اولاد اجود الآخرين كسيف وزامل والتي اختفت ولم نسمع عنها شيئا بعد ذلك ،يا ترى؟ وهل يصح ان نفترض ان المقصود بالابن الاكبر لاجود هوسيف وان محمد ابن اجود كان يحكم البحرين والاحساء والقطيف فقط ؟

مهما يكن من امر فانه علينا ان نشير الى وجود اختلاف ايضا بين الباحثين حول اسماء اولاد اجود.ففي الوقت الذي يتفق فيه جميع من ابن لعيون والشيخان محمد العبد القادر وحمد الجاسر على ان اولاد اجود هم ثلاثة وان احدهم اسمه مقرن, فانهما يختلفان حول اسماء الاثنين الاخرين فعند ابن لعيون ومحمد العبد القادر هما زامل وسيف بينما هما عند الشيخ الجاسر هما علي ومحمد.

اما الذي نراه فان اولاد السلطان اجود هم اربعة اولهم سيف الذي ذكره جميع من ابن ماجد. والمعاصر له وابن لعيون والعبد القادر.وثانيهم محمد وقد اورد ذكره ابن فرج وابن فهد المكي كما تجاوز ان نشرنا وثالثهم علي الذي انفرد بذكره الشيخ الجزيري ورابعهم زامل الذي ذكره ابن لعيون.

ومن الجدير بالذكر ان باروس كان قد ذكر بان من بين الاشخاص الذين قدموا المساعدة لاعادة سلفور شاه الى عرشه هوRees Camal of xilau وهي تعبير قد فسرها جان اوبين على ان المقصود بها هوريس كمال صاحب شيلاوبينما نميل الى القول بان المقصود بهذه العبارة موريس زامل حاكم مدينة سلوا التي تقع على خليج سلوا في شبه جزيرة قصر,واذا صح افتراضنا وانه –أي زامل- كان له دور نشط في حياة والده السلطان اجود.

بقيت علينا قضية مهمة تجدر مناقشتها هي صلة القرابة التي تربط مقرن باجود.فنحن لا نتفق مع القائلين ممن اشرنا اليهم سابقا بانه ابن لاجود وكما لا نتفق مع جورج رنتز فيما مضى اليه من ان مقرن هوعم السلطان اجود.

والذي نميل اليه بشدة هوان مقرن ماهوالا حفيدا للسلطان اجود بن زامل ونحن في ذلك نتفق مع جميع منكاسل والمؤرخ البرتغالي باروس, ولا نرى فيما علقه. المستشرق الفرنسي اوبين على راي باروس وخلص الى رفضه وبترجيح كون مقرن هوابن لاجود ما يجعلنا نتراجع عن افتراضنا هذا الذي تعززه الادلة التالية:

اولا- ان تاريخ ابن لعيون هوالمصدر الوحيد الذي ذكر بان مقرن هوابن لاجود وعنه اخذ جميع من الشيخ محمد العبد القادر والشيخ حمد الجاسر والبروفسور اوبين على ان الامر الذي تجدر الاشارة اليه هوان عصر ابن لعيون بعيد عن عصر بني جبر وما اورده في تاريخه من معلومات تتعلق بهم هي يسيرة جدا ولاتعكس دراية صاحبها بتاريخهم اواهتمامه به,فنحن والحال هكذا لايمكن ان نعتبر ماذكره عن نوع صلة القرابة بين مقرن واجود معلومات قاطعة ,ويزيد عدم تمسكنا بقوله اذا عهدنا بانها محض اجتهاد منه.اما اذا كان مارواه ابن لعيون مما نقله من مصدر آخر فتبقى المسالة بين القبول والرفض لحين فهم نوعية هذا المصدر ودرجة صلته بتاريخ الجبور.

ثانيا- ان المصادر البرتغالية قد اوردت اسم مقرن هكذا ,مقرن بن زامل بينما اورده الجزيري بانه مقرن بن زامل بن حسين بن ناصر الجبري وليس هناك من مصدر يذكر ان اسمه مقرن بن اجود. ان هذا الدليل بالرغم من وجاهته قد يضعفه احتمال آخر هوانقد يكون مقرن قد لقب باسم جده مثلما عمل ابن ماجد عندما سمى سيف بن اجود بسيف بن زامل. الا ان كان ايراد اسم مقرن منسوبا الى زامل مقصودا يراد به التحديد.

ثالثا- عندما ترجم نجم الدين الغزي(ت 1061/1651) لصالح بن سيف الجبري وصفه بانه خال السلطان مقرن. والغزي اعتمد في معلوماته هذه على والده وجده اللذين كانا على صلة شخصية بصالح هذا. والسؤال الذي يتوارد على الذهن هوهل كان والد صالح اخا لاجود وهل هما من اولاد زامل بن حسين،يا ترى؟ اذا كان كذلك فكيف صالح خال مقرن ويكون مقرن في نفس الوقت ابنا لاجود،يا ترى؟ للجواب على ذلك هناك احتمالان اما ان تكون ام مقرن هي اخت صالح لامه, اوقد يكون سيف اخا لزامل وعما لاجود فجاز لاجود الزواج بابنه سيف. ومما يلفت النظر في ترجمة الغزي لصالح انه نطق بانه ابن سيف بن الحسين فهولم يذكر زاملا كجد له. على جميع حال فالاحتمال الاخير يتعارض مع مااورده السخاوي من ان السيف واجود هما اخوان, ومن الصعوبة التشكيك بصحة ذلك خصوصا اذا ما فهمنا بان السخاوي كان قد استقى معلوماته عن اجود من السمهودي الذي كان على فهم شخصية باجود اذا كان لايمكن لنا التشكيك بان اجود وسيفا هما اخوان بن اولاد زامل فانه لايمكن لنا ايضا ان نميل بانقد يكون مقرن هواخا لاجود وانقد يكون صالح بن سيف خالا له وابن عمه في الوقت نفسه, لذا فالذي نميل اليه هوانقد يكون مقرن حفيدا لاجود وابنا لزامل ابن اجود لانه عند ذلك يفترض أنقد يكون من الطبيعي جدا اقتران زامل بن اجود بابنة عمه سيف بن زامل بن حسينقد يكون بذلك صالح بن سيف بن زامل بن حسين خالا لمقرن بن زامل فقط وليس ابن عم له.

رابعا- لقد اتى في قصيدة جعيثن اليزيدي وهويمدح مقرن بن زامل قوله:

نشأ بين سيف والغريري زامل فيالك من عم كريم ووالد (ومن) اجود سلطان قيس وركنها عن الضيم اوفي المعضلات الشدايد والذي يفهم من هذه القصيدة ان سيفا هوعم المقرن وان زامل هووالده ونحن نعهد بان كلا من سيف وزامل هما ابنا اجود. هذا مع الفهم بان الشاعر الجعيثن لم يصف في قصيدته اجود بانه والد المقرن. ويمكن ان يفهم من قصيدة هذا الشاعر المعاصر لمقرن بان مقرنا هوابن زامل وحفيد لاجود .

خامسا- ان الشاعر الكليف نطق مادحا مقرن

قد شاف بالاعمام مالا يرتضي بالدار وقفى زاهد باعمالها فان كان تبغي ملك هجر صادق فاضرب بحسد السيف رؤوس رجالها


يفهم من ذلك ان بلاد الجبور كانت تحكم من قبل عدد من اعمام مقرن وان حكمهم كان غير سقم فحرضه الشاعر على الثورة ضدهم ونحن نعهد من تقارير البرتغاليين ان امارة الجبور الواسعة كان يحكمها ثلاثة من اولاد اجود فوصف الشاعر لهؤلاء الحكان بانهم اعمام لمقرن مرشد قوي على ان مقرنا حفيد لاجود وليس بابن له.

سادسا- -ان الجزيري- وهوالمؤرخ الذي زودنا باكثر المعلومات عن امراء الجبور –كان قد وصف الامير علي بن اجود بانه عم لمقرن وهذا مرشد آخر على ان مقرنا حفيد لاجود. ومما تجدر الاشارة اليه ان الشيخ حمد الجاسر – وهوممن يرون بان مقرن هوابن لاجود قد وردت عنده الحدثة الاخيرة من عجز البيت الاول لقصيدة الجعيثن التي اوردناها هكذا ((ماجد)) بدلا من (والد) , كما ان نص الجزيري الذي يشير فيه الى ان علي ابن اجود هوعم مقرن لا يتفق مع مااتى عند الشيخ الجاسر من ان علي بن اجود قد تولى الامارة بعد موت عمه اجود, ولا نفهم اسقط خطأ مطبعي في كلتا الحالتين ام هواجتهاد من الباحث لكي ينسجم مع مامضى اليه من ان مقرنا هوابن اجود.

مهما يكن من امر فاننا نميل الى التمسك على ضوء ما اوردنا من ادلة.بالقول بان مقرنا هوابن زامل بن اجود بن حسين الجبري.

خلفاء أجود

لقد سبقنا فعهدنا في صفحات سابقة بانه في عام 912/1507 كان محمد بن أجود يحمل لقب سلطان البحرين والحسا والقطيف وانه كان على جانب كبير من القوة وكثرة الاتباع اذ قد ذكر بانه في ذلك العام وبعد انقضاء موسم الحج بقليل أي في 17 ذي الحجة وصل محمد بن اجود الى مكة على راس جيش كثيف قدر بخمسين الف رجل , وقيل بان مجيئه ومعه هذه القوة الكثيفة كان تلبية لطلب المساعدة في حفظ الامن والنظام في مكة ومنع تجاوزات بعض القبائل البدوية , تقدم به اليه شريف مكة بركات. ان هذه الاشارة لتدل على ان دولة الجبور كانت لا تزال تتمتع بقوة ضاربة وبنفوذ واسع في معظم اجزاء الجزيرة العربية وتؤكد ذلك ايضا التقارير البرتغالية خلال تلك الفترة بالرغم من احتمال مبالغتها.

وعلى الرغم من اننا لا نعهد الا القليل جدا عن الاحداث التي قابلتها امارة الجبور في عهد السلطان محمد بن اجود الا اننا نعهد انه قد تزامن عهده مع دخول البرتغاليين الى الخليج العربي وانتشارهم في البحار العربية وما نتج عنه من اضطراب التجارة في هذه المياه فقد استطاع البرتغاليون منذ نهاية القرن الخامس عشر الوصول الى غرب الهند, وكانت دوافعهم لسلوك هذه المغامرة الكبيرة هي تطريق العالم الاسلامي من الغرب والشرق وتوجيه ضربة مميته له عن طريق انتزاع احتكاره لتجارة المحيط الهندي وحرمانه مما كانت تدره هذهالتجارة من ارباح طائلة. كانت تتاجج في نفوسهم روحا صليبية حاقدة على المسلمين ورثوها من تاريخهم الماضي وكان نجاحهم في استراتيجيتهم هذه بداية افول السيادة الاسلاميةوانتنطقها الى اوربا تدريجيا .

دخل البرتغاليون كما تجاوز ان قلنا الخليج العربي عام 1507 ونهبوعددا من مدن الساحل العماني كقلهات والقريات ومسقط وخور فكان كما استولوا على هرموز لفترة قصيرة .ويذكر لنا الامير البرتغالي البوكرك بانه عندما وصل باسطوله امام صحار عام 1507 كانت وصلة الى المدينة حملات تتالف من 700 رجل يقودهم ابن جبر وقد كنا ذكرنا سابقا ان الجبور كانومن اوائل من تصدى للبرتغاليين وانهم ارسلوا بقواتهم عام 1507 ايضا لنجدة ميناء مسقط الذي كان يحاصره الاسطول البرتغالي في تلك الاثناء كما ان بني جبر كانوقد شددوا من سيطرتهم على مناطق واسعة من عمان وتغلغلوا في مناطقها الساحلية.

لجا البرتغاليون الى الضغط على الجبور عن طريق ضرب تجارة بلاد البحرين فقد قاموا عام 915/1509 بنهب سفينة في مياه الخليج العربي كانت قادمة من جزيرة البحرين وعلى ظهرها حمولة ثمينة جدا من لؤلؤ البحرين لكن الجبور وفي مثل هذه الظروف, اخذوا يقابلون تحديا جديدا من مملكة هرموز بعد ان اصبحت منطقيد الامور بيد خواجة عطار عم الملك شهاب الدين الذي قام عام 917/1511 بتجريد حملة بحرية نجحت في الاستيلاء على البحرين لكن الجبور ارغموه على سحب قواته من البحرين بعد احتلال دام فترة قصيرة جدا.

مهما يكن من امر فان التغيرات والتبدلات التي اخذت تفرزها الاحداث منذ الربيع الاول من القرن العاشر /السادس عشر في منطقة الخليج العربي خصوصا وفي المشرق عموما كان لابد لها ان تهجر اثرها على الوضع السياسي والاقتصادي لامارة الجبور اذ كانت هذه الاحداث اكبر من ان تستطيع هذه الامارة التغلب عليها والصمود في وجهها. من اجل المرور سريعا بهذه التغيرات نذكر ان البرتغاليين كانوا قد احكموا هيمنتهم على هرموز منذ عام 921/1515 واصبحوا يتحكمون بذلك في مداخل الخليج العربي ويهيمنون على اجزاء منه, وعلى الرغم من ان ذلك قد ادى الى اخراج هرموز من دائرة الصراع المباشر مع امارة الجبور, الا ان هذه الامارة قد اصبحت وجها لوجه مع البرتغاليين المتفوقين عليهم بقوتهم البحرية اضافة الى انهم اخذوا يتخفون خلف انادىءات مملكة هرموز بحقوقها في البحرين والقطيف.والواقع فان دخول البرتغاليين الى الخليج العربي كان يعد بداية اول لقاءه مباشرة مع اوربا الصليبية الاستعمارية في المنطقة,كما كان يمثل بداية انتنطق السيادة التجارية في المحيط الهندي والبحار العربية من ايد المسلمين- وعلى الاخص العرب منهم- الى ايدي اعدائهم التاريخيين من القوى الاوربية المتنوعة (برتغال- اسبان – فرنسيين- انكليز). لقد كان من نتائج ذلك ان تعرض عرب الخليج الى خسائر مادية وانتقل معظم نشاطهم التجاري تدريجيا الى ايدي قوى اجنبية غير مسلمة والى شركات احتكارية كبيرة, فعم الكساد والفقر ابناء الخليج العربي ولم يستطيعوا استرجاع مكانتهم السابقة الا بظهور النفط على شواطئهم , فكان عصرا جديدا للمنطقة حقا.

اما قوة الصفويين التي ظهرت بقيادة الشاه اسماعيل واحكمت سيطرتها على جميع انحاء ايران وامتدت حتى الشواطئ الايرانية للخليج العربي وضمت الى دائرة نفوذها العراق فانه لم يكن خطرها يتهدد امارة الجبور مباشرة الا ان خطرهم كان مبعثه سعيهم الى نشر عقائدهم الدينية بمختلف الوسائل , ولابد انهم قد بعثوا بنادىة تسللوا الى بلاد البحرين لكسب التاييد لدعوة الشاه الصفوي. ومن المحتمل ان قسما من سكان بلاد البحرين قد اخذت تتعاطف لاسباب ممضىية –مع هذا التحرك الديني على الجانب الشرقي من الخليج العربي الذي ادى حتما الى اثارة مخاوف وقلق حكام الجبور.

ومما هوجدير بالذكر هنا ان الشاه اسماعيل كان قد اتصل بالبرتغاليين في هرموز والهند من اجل اقامة جبهه مشهجرة ضد العثمانيين وقدم لهم بعض المطاليب بهذا الخصوص من خلال سفيره الى البوكرك, وكانت احد هذه المطاليب ان يقوم البرتغاليون بتامين السفن اللازمة من اجل تنقل رعاياه ما بين هرموز والبحرين والقطيف. وقد قبل البوكرك من حيث المبدا هذا الطلب لكنه اشترط على الشاه اسماعيل ان لايؤدي ذلك الى أي عمل يضر باراضي مملكة هرموز اوبجزيرة البحرين.

ومما يثير الاسف حقا ان المؤرخ الايراني عباس اقبال قد حرف هذه النقطة بالذات وادعى بان الشاه اسماعيل قد طلب من البوكرك ان تقوم سفن برتغالية بنقل قوة عسكرية ايرانية لاحتلال البحرين والقطيف , وان البوكرك قد وافق على هذا الطلب. ان التدقيق في النص الانكليزي لمذكرات البوكرك, وهي المصدر الوحيد للمفاوضات التي جرت بين سفير الشاه اسماعيل والبوكرك يثبت بان عباس اقبال قد لجأ مع الاسف الشديد الى التزوير والتحريف عند ترجمة معنى هذا النص الى الفارسية وغرضه واضح من تلك وهوان يظهر ان الانادىءات الايرانية في جزر البحرين – والتي الف كتابه من اجل اسنادها كانت قديمة ترجع الى عهد الشاه اسماعيل وان اسماعيل حينما طالب بذلك لابد انه كان يستند على حق تاريخي في ذلك , وان حفيده عباس قد حقق له هذه الامنية التي لم يستطيع تحقيقها في حياته.

والواقع فان المعنى الكامل لمطلب الشاه اسماعيل وجواب البوكرك عليه هوماذكرناه اعلاه ولا يحتمل أي تفسيرات اخرى ومهما يكن من امر فان مطلب الشاه اسماعيل بالرغم من ان هدفه كما يبدوا هوتامين انتنطق التجارة والافراد ما بين شاطئ الخليج العربي الا انه من الممكن كان يختفي خلفه اطماع سياسية.

ان القوة الثالثة التي كان لها تاثير على منطقة الخليج بالرغم من بعدها النسبي عنها هي العثمانيون الذين كانوا قد استطاعوا ان يزيلوا دولة المماليك في مصر والشام والحجاز بين عام 922-23/1566-17 وان يحلوا محلهم , كمااستطاعوا ايضا ان يقلموا اظافر الشاه اسماعيل الصفوي في معركة جالديران عام 920/1514. وقد اضحوا حماة البحرين وخدامة وفي لقاءة البرتغاليين في البحار العربية . مهما يكن من امر فان امارة الجبور قد اصبحت تقع عند حدود هذه القوى الثلاثة الكبرى المتصارعة. وكان لابد لها ان تحدد مسقطها مما يدور حولها , لكننا لا نملك اية معلومات تدل على الموقف الي اتخذوه, هل هومداراة هذه القوى جميعا, ام التعاون مع هذا الطرف اوذاك،يا ترى؟ ان الذي نراه اقرب للمنطق هوان الجبور اخذوا يميلون للتعاون والاتصال بالعثمانيين , واذا كان هذا الميل والتعاون لم ياخذ شكلا علنيا فانه من الممكن كان ذلك من باب عدم محاولة اثارة القوتين الآخريين.

ان مما قد يشير على وجود ارتباط غير مباشر بين العثمانيين والجبور هوقيام علاقة معاهدة بين شريف مكة –الذي يدين بالولاء للعثمانيين- وبين زعيم الجبور السلطان مقرن بن زامل.

وعلى جميع حال فان هذه الظروف المستجدة التي اخذت تقابل امارة الجبور من الممكن كانت احد الاسباب للارتباك وسوء الادارة الذي اخذ ينتاب هذه الامارة, كما حل قسما من السكان في بلاد البحرين الى التطلع والتفتيش عن شخصية قوية يمكنها ان تقوم ما اعوج وتقابل الاخطار المحتلة بجدارة. ولعل قصيدة الكليف بالنبطية على ركاكتها, والتي يخاطب بها مقرن قبل توليه السلطة ,هي خير تعبير على ذلك , حيث اتى فيها:

تل العشيرة مقرن زاكي الوفا حمال من جل الخطوب اثنطقها قد شاف بالاعمام مالايرتضي بالدار واقفي زاهدا باعمالها إلى ان نطق:

ان كان تبغي ملك هجر صادق فاضرب بحد السيف رؤس رجالها


ان انتنطق السلطة بعد ذلك الى السلطان مقرن بن زامل يقتضي منا استعراضا سريعا لطبيعة نظام الحكم في هذه الامارة مستندين في ذلك الى الاشارات الواردة بهذا الخصوص وما نستشفه من بعض النصوص.من الطبيعي ان تتاثر طبيعة السلطة في امارة الجبور بالطبيعة القبلية للاسرة الحاكمة وللبيئة التي قامت فيها, اذ ان نظام المشيخة هوالنظام السائد هناك, والذيقد يكون فيه شيخ اكبر للامارة, يساعده في ادارة الامارة عدد من افراد اسرته لذا فان السلطان زامل بن حسين كان كما يظهر قد اشرك اولاده وهم سيف واجود وربماهلال ايضا في ادارة قسم من الامارة وتحمل بعض المسؤليات الكبيرة فيها. ويبدوان هذا التقسيم الثلاثي للمسؤلية في الامارة قد اصبح تقليدا متبعا في عهد اجود ايضا , اذ ذكر بارباروسفير البندقية الى السلطان اوزون حسن في ايران عام 878-879/1474 ان السواحل العربية للخليج العربي كانت تحكم من قبل ثلاثة من الامراء المسلمين ومن المحتمل انه يشير بذلك الى حكومة اجود الذي يساعده ولداه في ادارة الامارة وهما سيف وزامل. ونحن نميل ايضا الى ان هذه المناصب كان يرثها الاولاد عن آبائهم في حين ان منصب الشيخ الاكبر للجبور لا ينتقل حتما من الاب الى الابن.ومن الجدير بلذكر هنا ايضا ان المصادر البرتغالية – وهذا ماسبق ان اشرنا اليه-كانت قد ذكرت بان البلاد في مطلع القرن السادس عشر أي بعد وفاة اجود, كانت مقسمة بين ثلاث من امراء الجبور, وربماقد يكون هؤلاء الثلاثة هم اولاد اجود. هذا وقد تجاوز ان عهدنا بان محمد ابن اجود كان سلطانا على الاحساء والبحرين والقطيف عند دحول البرتغاليين للخليج العربي. ان هذا التقسيم الثلاثي لامارة الجبور يجرنا الى تساؤل مهم عن حدود هذه الاقسام الثلاث،يا ترى؟ للاجابة على ذلك نقول بانه ليس امامنا سوى الافتراض لان مالدينا من نصوص واشارات لا تساعدنا على الجزم بخصوص هذه الاقسام. والذي نراه انها:

اولا- البحرين والقطيف وما يتبعها من جزر وقرى كثيرة. ان مايجعلنا نفترض بان هذا الجزء كان يشكل قسما اداريا هوما وجدناه متبعا عند تفحصنا لتاريخ العيونيين ودراستنا للعصفوريين وما وجدت في عهد السلطان مقرن بن زامل الجبري, وكان قد عين ابن اخت الشيخ حميد حاكما على هذا القسم. ويمكن ان نضيف الى ذلك بانه يمكننا ان نتخذ مما عمله العثمانيون منذ حكم هذه البلاد دليلا على وجود مثل هذا التقسيم , فقد اعتادوا على ان يبقوا على الاوضاع السائدة قبلهم في معظم البلاد التي خضعت لسيطرتهم فقد جعلوا من القطيف والجزر والقرى التابعة لها سنجقا من سناجق ولاية البصرة لفترة قصيرة ثم جعلوها سنجقا من سناجق ولاية الأحساء اومايسمونها في بعض الاحيان ولاية نجد.

ثانيا- الاحساء وهوقسم اداري آخر,وقد كان يعتبر هكذا في العهود السابقة للجبريين كما ان العثمانيين اعتبروه ايضا سنجقا من سناجق الولاية ومقرا للوالي. على انه يظهر ان الجبور قد اتخذوا منه ايضا مقرا لسلطانهم, وهذا يتضح لنا من توجه سلفور شاه الى الاحساء للقاءة السلطان اجود بن زامل. من اجل طلب المساعدة منه يضاف الى ذلك وجود آثار قصر اجود في الاحساء قرب المنيزلة حتى انه من المحتمل ان تكون نجد تابعة الى القسم الاداري, ان لم تكن قسما اداريا مستقلا بذاته.

ثالثا- عمان الشمالي ومنطقة الظفرة (الامارات العربية المتحدة) وقد ضم هذا القسم منذ عهد السلطان اجود اوقبله بقليل ثم ازداد توغل الجبور في عمان الداخل في عهد اجود. ولقد اورد البوكرك في مدوناته ان الجبور كانت لهم السيطرة على الاراضي الواقعة خلف ميناء صحار وخور فكان ويرى كاسكل بان الجبور لكي يحافظوا على نفوذهم في عمان بصورة مستمرة لابد انقد يكونوا جعلوا قاعدتهم الرئيسة في واحات توأم (البريمي), لأنهم يستطيعون ان يتخذوا منها قاعدة لحشد قواتهم والانطلاق منها دون عوائق طبيعية نحوعمان الداخل ونحوالموانئ الساحلية الرئيسية خصوصا ميناء صحار وخور فكان لان تؤام تسيطر على طريق التجارة بين صحار وخور فكان وعمان الداخل.

وقد كان السعوديون في عهد دولتهم الاولى قد اتخذوا من واحات البريمي قاعدة في عملياتهم العسكرية داخل عمان خصوصا بعد ان تحالفت قبائل الجبور في المنطقة معهم. وان مما يؤيد هذا التواجد للجبور في هذه المنطقة هوان كثير من قبائل عمان الشمالي (اتحاد الامارات العربية) تنتسب الى بني عامر.

بقي هناك جزء يقع بين هذه الاقسام الثلاثة ويضم ميناء العقير وسلوة وشبه جزيرة قطر, اذ لا نستطيع ان نرجح الى أي قسم من الاقسام الثلاثة كان تابعا, وان كنا نميل الى انه يشكل جزء من اقليم لاحساء.

ان سعة جميع قسم من هذه الاقسام الثلاثة لابد ان يؤدي الى تقسيمه الى اقسام ادارية اصغر وانقد يكون عليها حكام وشيوخ سواءا كان في مدنها وقراها وجزرها اوفي بواديها. وقد يحدث هؤلاء من بيت مشيخة الجبور اوممن ينتسب لهم بصلة ما, على ان أي جزء من الامارة صغيرا كان ام كبيرا كان يدار باسلوب الادارة اللامركزية. مهما يكن من امر فان تعدد مراكز القوى في امارة الجبور كان لابد ان يؤدي الى ظهور احتمالات التصادم بين هذه القوى خصوصا عندما تختل الموازين فيما بينها, وتكون هناك قيادات اكثر طموحا وكفاءة تشغل مراكز قيادية غير رئيسية. بينما يوجد من هواقل منها في قابليته يشغل مراكز قيادية رئيسية. لذا فما ان تسمح الظروف حتى تشب تلك القيادات ضد القيادات الاعلى.

مهما يكن من امر فاننا نجد في قصيدة الكليف التي خاطب فيها مقرن بن زامل التي ذكرناها مايشير صراحة الى ان الحكم في امارة الجبور كان موزعا بين اعمامه غير الكفوئين.ويفهم من ترجمة الغزي لصالح بن سيف بان مقرن كان قد انتزع السلطة عملا بالقوة من اعمامه وابنائهم لكن السؤال الذي يصعب الاجابة عليه هوهل انتزع مقرن بن زامل السلطة من عمه محمد بن اجود اومن عم آخر له حكم بعد محمد.

مهما يكن من امر فانه من المحتمل ان مقرن بن زامل قد اصبح سلطان الجبورفي العقد الثاني من القرن العاشر/ السادس عشر, وانه قد لجا الى العنف في بعض الاحيان للوصول الى مركز الزعامة الاولى على الجبور يظهر ان السلطان مقرن قد استطاع ان يحافظ على وحدة البلاد وعلى هيبة الجبور وانه قد نجحفي اخضاع قبائل كبيرة كانت قد تمردت على سلطانه كبني خالد وبني لام ويزيد ومزيد, يستدل على ذلك من قصيدة الجعيثن يمدح السلطان مقرن, اذ اتى فيها:

حمى بالقنا هجرا الى ضاحي اللوى الى العارض المنقاد, نابع الفرايد ونجد رعى ربعي زاهي فلاتها على الرغم من سادات لام وخالد وسادات حجر من يزيد ومزيد قد اقتادهم فود الفلا بالقلايد

هذا وقد اشرنا سابقا الى ماذكره ابن بسام من قيام الجبور عام 916/1570-11 بغزونجد وقد يحدث ذلك قد تم في عهد السلطان مقرن وان الشاعر الجعيثن حين مدح مقرن باخضاعه قبائل نجد كان يشير الى هذه الغزوة.

واذا كان افتراضنا سليما حول بداية عهد السلطان مقرن فيكون هجوم الهرموزيين على البحرين بقيادة خواجة عطار عام 917 قد تم في عهده ايضا, وكان نجاح مقرن في افشال هذا الهجوم احد اسباب انتشار شهرته وذياع صيته. ولقد وصف ابن اياس مقرنا بانه وحد عربان بني جبر فمتلك جزيرة ما بين النهرين (البحرين) الى بلاد هرموز ووحد عربان الشرق على الاطلاق. ومن المحتمل جدا ان السلطان مقرن لكي يقوي مركزه قد لجا الى المعاهدات المتبادلة مع بعض القبائل والزعماء. تذكر المصدر بان أمير مكة كان قد تزوج بابنة السلطان مقرن ومن المحتمل ان دوافع هذا الزواج كانت سياسية. كما نميل الى ترجيح ان هناك علاقة مصاهرة قد قامت ايضا بين بيت مقرن وزعيم قبيلة بني خالد, ونحن نستند في هذا الافتراض الى ماذكرته المصادر من ان حاكم جزيرة البحرين والقطيف المدعوا الشيخ حميد ابن اخت السلطان مقرن وقد يحدث حميد هذا شيخ بني خالد اوابن شيخها اذ من المعروف بان سلسلة نسب زعماء بني خالد يطلق عليهم ابن حميد تارة وآل حميد تارة اخرى.

8- انتزاع جزيرة البحرين من الهرموز ومقتل سلطانهم مقرن

ان دوافع الهجمات المستمرة التي كان يشنها الهرموزيون لاستعادة جزيرة البحرين والقطيف هي لوضع مواردها الكبيرة تحت تصرفهم المباشر ويبدوان هذه الرغبة قد ازدادت بعد ان فرض البرتغاليون على مملكة هرموز ان تدفع لهم سنويا مبالغ كبيرة, وهذا مالم يكن بامكانها تلبيته وانه على الاقل كان يشكل عبئا ماليا كبيرا على خزانتها, خصوصا وان امراء الجبور ومقرن على الخصوص لمقد يكونوا يسددون بانتظام مافرضته عليهم شروط الاتفاقية المعقودة بينهم وبين هرموز من اموال سنوية. وعندما تكرر فشل الهرموزيون في فرض هيمنتهم بالقوة على البحرين والقطيف لجاوا الى تحريض البرتغاليين على ذلك. وتشير المصادر البرتغالية الى ان ملك هرموز تورانشاه كان قد اعتذر للبرتغاليين بعجزه عن دفع المبالغ السنوية التي كانوا قد فرضوها عليه, وقد عزا عجزه عن ذلك الى ان مقرن بن زامل لم يكن يدفع له بانتظام المبالغ المقررة عليه سنويا من واردات جزيرة البحرين والقطيف. بل الاكثر من ذلك ان مقرنا كان يقوم بالتعرض للسفن التي تبحر مابين البصرة وهرموز, وذلك ردا على المضايقات التي اخذت تتعرض لها تجارة بلاده من قبل البرتغاليين والهرموزيين هذا ومن الجدير بالذكر هنا ان البرتغاليين كانوا قد حاولوا عام 920/1514 النزول في جزيرة البحرين الا انهم فشلوا في ذلك, وعللوا هذا بان الرياح كانت قد عاكستهم.

ومهما يكن من امر فانه في عام 926/1520 اتفق البرتغاليون مع ملك هرموز على القيام بغزولجزر البحرين, فحشدوا لهذا الغرض قوات كبيرة في جزيرة هرموز جندت من سواحل الخليج العربي يدعمها الاسطول البرتغالي . وكان وقت هذا الهجوم اثناء تغيب السلطان مقرن بن زامل في الحجاز لحضور موسم الحج, لذا فقد تولى مقاومة هذا الهجوم حاكم البحرين والقطيف الشيخ حميد ابن اخت السلطان مقرن وبسبب المقاومة الشديدة التي ابداها الجبور وسكان البحرين اضافة الى معاكسة الرياح الشديدة لسفن الحملة تم احباط هذا الهجوم. وعلى اثر ذلك سارع السلطان مقرن بالعودة من الحجاز وتوجه الى جزر البحرين ليشرف بنفسه على الاستعدادات الضرورية للقاءة هجوم ثان مرتقب. وفي الحقيقة فان السلطان مقرن كان يتسقط هجوما برتغاليا على بلادة منذ مدة, لذا كان قد بدا باتخاذ الاستعدادات الضرورية لذلك. وتذكر المصادر البرتغالية بان السلطان مقرن كان قد بدا ببناء اسطول يتكون من سفن كبيرة واستعان من اجل ذلك بعمال مهرة من الهجر والفرس والعرب, وجند مقاتلين يحسنون الرمي بالسهام والبنادق, كما انه قد اعاد تقوية تحصينات واسوار جميع من البحرين والقطيف وزودها بالمدافع والمقاتلين ووضع على راس جميع قوة احد القواد المدربين. وتشير المصادر البرتغالية ايضا الى ان قوات مقرن اصبحت تتكون من اكثر من 11الف مقاتل مزودين بمختلف الاسلحة اضافة الى 300 فارس و400رامي سهم من الفرس و20 هجري من حملة البنادق(التفنكجية).

وفيعشرة شعبان 927/17 تموز 1521 قام البرتغاليون والهرموزيون بهجومهم الكبير المرتقب على البحرين والقطيف, وقد كرت المصادر البرتغالية ان هذه القوات كانت تتالف من قسمين, قسم قد اعده ملك هرموز وهي تتالف من 3آلاف رجل من المرتزقة من فرس وعرب تحملهم 200 سفينة ويقودهم وزير ملك هرموز ريس شرف الدين. اما القوة البرتغالية فتتالف من 400 رجل تحملهم سبع سفن كبيرة مزودة بمدافع ضخمة بقيادة انطونيوكوريا. تصدى الجبور لهذا الهجوم يقودهم السلطان مقرن شخصيا وجرت المعارك الحامية في هجير الصيف, وكانت المعارك تتوقف بسبب شدة الحر ثم يعاود الطرفان الهجوم بعضهم على بعض, وكان مقرن على راس قواته يحث جنوده على الصمود والاستبسال الى ان جرح جرحا بليغا بسلاح ناري في فخذه نقل على اثره الى احد المساجد حيث توفي فيه بعد ستة ايام متاثرا بجراحه. لم تتوقف المعارك بعد اصابة مقرن فقد كان يتولى القيادة الشيخ حميد الى ان استشهد مقرن , فانهارت معنويات قواته ونظرا لانهيار المعنويات وكثرة القتلى والجرحى امر الشيخ قوات الجبور بالانسحاب الى القطيف فورا ونقل جثمان مقرن ليدفن في الاحساء. وتذكر المصادر البرتغالية بان الوزير ريس شرف الدين قائد القوات الهرموزية قد امر قواته بضرورة انتزاع جثة السلطان مقرن من ايدي القوات المنسحبة , فتم له ما اراد وقام ببتر راس السلطان وحمله معه الى هرموز.

ومما يجدر بالاشارة اليه هنا ان ابن اياس قد ذكر بان السلطان مقرن قد سقط حيا في ايدي البرتغاليين اثناء حربه معهم, وانه قد عرض عليهم مليون دينار فدية ليطلقوا سراحة, الا انهم ابوا ذلك وقتلوه صبرا. ان هذا القول يصعب قبوله لكونه يتعارض مع ما اوردته المصادر البرتغالية القريبة من مسقط المعركة. ولربمايقصد ابن اياس بقوله هذا ان السلطان مقرن قد فاوض القوات المهاجمة قبيل وقوع القتال بين الطرفين اوخلاله وانه اظهر استعداده لان يدفع لملك هرموز مابذمته من ديون وحقوق على شرط ان تنسحب هذه القوات من بلاده, وان هذا العرض من مقرن قد رفض.

مهما يكن من امر فان البرتغاليين والهرموزيين قد نجحوا في انتزاع جزيرة البحرين من الجبور واعادوا الادارة الهرموزية المباشرة اليها. وعينوا حاكما هرموزيا فيها يتمتع باستقلال كبير في ادارة الجزيرة وتقيم الى جانب هذا الحاكم حامية برتغالية ترابط في قلعة هناك ويراقب قائدها الاوضاع فيما حوله ليمنع بالقوة اذا اقتضى الامر أي امر قد يؤدي الى الاضرار بالمصالح البرتغالية اوبالوجود البرتغالي في الخليج العربي.

ومما يلاحظ هنا ان الحملة البرتغالية – الهرموزية- لم تكتمل مهمتها المقررة وهي احتلال القطيف ايضا وربما يعزى ذلك الى شدة المقاومة التي قابلتها من الجبور وخشيتها من ان تصاب بكارثة كبيرة فيما اذا حاولت النزول في القطيف.

على انه لابد لنا من التعليق على ماذكرته المصادر البرتغالية من ان احتلال البحرين قد تم بتحريض من ملك هرموز وان هدفه كان ضمان حصوله على حقوقه في البحرين. ان هذا الاعتداء من قبل البرتغاليين تضعفه (الوقائع) اذ نحن نعهد بانهم كانوا جشعين ومصممين على الاستئثار بمعظم المنافع في الخليج العربي. وكانت البحرين احدى المناطق التي توجهت اليها انظارهم منذ البداية نظرا لغناها ومركزها الاستراتيجي والتجاري المتميز. على اننا لايمكن ان نعفي ملك هرموز من تحمل ماحدث في البحرين, اذ كان حريصا جدا على ان يخفف من اعباء خزينته ماكان قد الزمه البرتغاليين بدفعه من مبالغ وذلك بتشجيعهم على انتزاع البحرين ووضع ايديهم على ما تغله من واردات. على انه يجب ان نستدرك فنقول بان القرار الاخير لهذه الحملة كان دون شك قد اتخذ من قبل البرتغاليين وتحت اشرافهم خصوصا ونحن نعهد بانهم كانوا حذرين جدا من احتشاد أي قوات في هرموز تحت اية ذريعة لئلا تستخدم ضدهم. هناك نقطة رئيسية حول السياسة التي اخذ يمارسها البرتغاليون في الخليج , تجدر الاشارة اليها , وهي انهم كانوا يقومون بتجريد المنطقة من جميع سلاح لئلا يستخدم ضدهم في المستقبل ,وقامت عملا بجمع المدافع من موانيء عمان وهرموز لهذا لغرض اضافة الى مراقبتهم لبناء السفن في الخليج وتفتيشها للتاكد من عدم تسليحها. ولقد اثار قلق البرتغاليين ما كان يقوم به السلطان مقرن من تعزيز قواته وتوسيعها وتسليحها بالاسلحة النارية وبناء السفن الكبيرة. ان هذه النقطة بالذات لابد ان تكون احد العوامل الرئيسة التي جعلت البرتغاليين يسعون للبحث عن الوقت المناسب لتدمير الجبور ولما كانوا عاجزين عن قهرهم بدا نظرهم للتفوق الذي يتمتع به الجبور في هذه الساحة , لذا فقد لجاوا الى عمل عسكري يرتكز اساسا على تفوقهم البحري.

مهما يكن من امر فان سياسة البرتغاليين في الخليج العربي القائمة على عرقلة النشاط التجاري لسكان الخليج مع المحيط الهندي وفرض الضرائب الباهضة على سكان المنطقة وقسوتهم المتناهية في التعامل مع السكان ثم الاعتداء على الكرامات والاعراض ونهب الاموال , كلها عوامل قد هيأت الاجواء للثورة ضدهم. ولم يكن استشهاد السلطان مقرن ليقع دون ان يحدث صدى حزن واسع في انحاء الجزيرة العربية وربما كان ابن اياس يعبر عن ذلك حينما نطق معلقا على استشهاد السلطان مقرن بان ذلك كان من اشد الحوادث في الاسلام واعظمها كان الراي العام في تلك الظروف العصيبة يراقب باعصاب مشدودة ما كان يحدث على طول ساحة اللقاءة مع البرتغاليين والمتدة من سواحل الهند الغربية حتى السويس, ويتنسم اخبارها . ان ماحدث بعد بضعة شهور من استشهاد مقرن لا يمكن عزل بعض فصوله على الاقل عن هذه الحادثة. ففي اواخر عام 1521 انفجرت ثورة عارمة ضدالبرتغاليين في طول الخليج العربي وعرضه تقريبا, ويبدوا ان توقيت الثورة كان منظما بشكل دقيق بحيث تقوم في جميع مناطق الخليج في وقت واحد على الحاميات البرتغالية المتواجدة فيها, وقد نجحت هذه الثورة عملا في ايقاع خسائر كبيرة في البرتغاليين وكادت ان تقضي على وجودهم فيه. والذي يعنينا في بحثنا هذا هوموقف الجبور على الخصوص ففي حين نرى سكان البحرين قد ثاروا في وجه البرتغاليين وقتلوا قائدهم وفتكوا ببقيتهم نجد ان قيادة الجبور في عمان والتي تذكر المصادر البرتغالية انها تهجرز بيد الشيخ حسين بن سعيد تقف موقفا آخر. فقد عمل الشيخ حسين بن سعيد على ان يستغل ظروف الاضطراب التي عم الخليج ليطبق بقواته البالغة 450 رجل على صحار التي كان يحكمها احد كبار اخوان ملك هرموز وهوريس شهاب الدين والذي من المحتمل انقد يكون قد ساهم هووقواته في الحملة البحرية التي انتهت باحتلال البحرين واستشهاد مقرن. وعندما كان الجبور مطبقين على صحار وصل الاسطول البرتغالي بقيادة دون الوين الى سواحل صحار وهويعتزم اقتحام المدينة ايضا لانهاء التمرد ضد البرتغاليين فيها ادرك لوين بانه لن يستطيع الوصول الى نتيجة حاسمة مع صحار من دون ان يغري الجبور بالتعاون معه فاتصل لهذا الغرض بالشيخ حسين بن سعيد الذي رحب بذلك لكنه اشترط ان يحكم الجبور صحار. ويبدوا ان الجبور كانوا معنيين اساسا بالانتقام من اتباع ملك هرموز. في 12 ربيع الآخر عام 928/11 مارت 1522 وبعد اتفاق الطرفين قام الاسطول البرتغالي بمهاجمة صحار من البحر والجبور من البر فاضطر السكان الى طلب الحماية من الجبور خشية تنكيل البرتغاليين بهم فمنحوهم ذلك, كما كلفوا الحامية الهرموزية بالانسحاب لقاء مبلغ من المال . اما ريس شهاب الدين فقد تمكن من الفرار. ولج البرتغاليون صحار من جهة البحر واخذوا ينهبونها ويشعلون النار فيها لكنهم انسحبوا منها بعد حين وسلموها الى الشيخ حسين بن سعيد الذي كان قد ولج صحار من جهة البر, فاستقل في حكم المدينة مع الاعتراف بالسيادة للبرتغاليين(145). ان مما يلفت الانتباه حقا ان المؤرخ الايراني عباس اقبال قد دفعه تعصبه الى ان يصف موقف بعض شيوخ العرب من البرتغاليين خلال هذه الثورة بالذات بالخيانة(146) في حين انه تغاضى تماما عن تحالف الشاه اسماعيل الصفوي مع البرتغاليين في الخليج كما تغاضى ايضا عن موقف حكام مملكة هرموز الذين كانوا عموما قد مهدوا بتخاذلهم وضعفهم للبرتغاليين ليثبتوا اقدامهم في الخليج العربي , ولينكلوا بالسكان بل وليحرضوهم ويتواطاوا معهم في ذلك.كما حصل في البحرين .(148) يضاف الى ذلك ان عباس اقبال قد اهمل متعمدا الاشارة الى موقف التحدي للقوات البرتغالية الذي كان يقفه العرب عموما وبنوجبر خصوصا طوال الفترة السابقة لذلك كما انه تناسى ان معظم سكان مملكة هرموز والتي كانت قد ثارت ضد البرتغاليين هم من العرب. والذي يبدوا لنا ان موقف بعض شيوخ العرب عموما والجبور خصوصا في هذا الظرف بالذات من البرتغاليين كان مبعثه اساسا هوانهم كانوا يرون ان كما اصابهم من ضرر كان مصدره تخاذل وتواطؤ حكام هرموز مع البرتغاليين ثم قيامهم بتعريضهم على التنكيل بالجبور وقتل سلطانهم مقرن فتحركوا في هذا الاتجاه وهوالانتقام من الهرموزيين, وقد ظهر ذلك واضحا في هجومهم على صحار ولكن ملك هرموز طورانشاه قد لجا الى جزيرة قشم هربا من البرتغاليين بعد فشل ثورته ضدهم , فارسل زعيم الجبور حسين بن سعيد احد اتباعه اليه ليثار منه لمقتل السلطان مقرن بن زامل وقد تمكن من ذلك وبذلك صفى الجبور الحساب مع عدوهم اللدود طورانشاه(149).


9 – نهاية امارة الجبور

هجر استشهاد السلطان مقرن بن زامل بن اجود بن زامل الجبري فراغا سياسيا كبيرا في امارة الجبور عجز الامراء الذين اعقبوه ان يملاوه ومن المحتمل انه قد ظهر خلال هذه الفترة في صفوف الجبور محوران متنافسان حول الزعامة . احدها كانت تهجرز زعامته في الاحساء في اولاد الجبور واحفاده والاخر في عمان الشمالي . وفي واحات تؤام (البريمي) بالذات في اولاد هلال بن زامل بن حسين الجبري واحفاده. ويعزى السبب الرئيسي لانهيار امارة الجبور الى التناحر بين هذين المحورين والى ضغف قياداتهما. على انه يجب ان لا يغب عن بالنا جمود النشاط الاقتصادي وكساد النشاط التجاري الذي ساد امارة بني جبر بظهور البرتغاليين في مياه الخليج العربي. ثم زاد الامر سوءا خروج جزيرة البحرين من ايديهم وهوعامل مهم في انحلال امارتهم وسقوطها.

ولقد لخص لنا الشيخ الجزيري الوضع السياسي الذي ساد امارة الجبور عقب مقتل السلطان مقرن بن زامل مباشرة سنة 927/1561 فذكر ان السلطة قد انتقلت بعد مقرن الى عمه علي بن اجود الذي لم يستطع الاحتفاظبها اكثر من شهر, فاعقبه ابن اخيه ناصر بن محمد بن اجود الذي بقي في السلطة مدة ثلاث سنوات, تميزت كما يظهر بالضعف والفوضى فادرك عجزه وافلاسه مما دفعه الى ان يتنازل عن هذه الامارة لقطن بن علي بن هلال بن زامل لقاء مبلغ من المال . وبتولي قطن بن علي بن هلال لامارة الجبور تكون السلطة قد خرجت من بيت السلطان اجود بن زامل لتنتقل الى بيت اخيه هلال بن زامل, الذي كان نفوذهم يهجرز في عمان الشمالي , ويطلق عليهم المؤرخون العمانيون في بعض الاحيان اسم بني هلال, وتغلب عليهم البداوة.

مهما يكن من امر فان قطن بن علي قد توفى بعد ان حكم فترة لم تتجاوز اشهر اوشهرين ثم اضطر الى التنازل عنها لعمه غصيب( قضيب) اننا نعهد من المصادر العمانية ان لقطن هذا ثلاثة اولاد هم قطن وناصر وعلي ولابد انقد يكون احد هؤلاء الثلاثة هوالذي ورث الامارة من والده على ان ابن قطن لم يستطع ان يحتفظ بالسلطة الا فترة قصيرة جدا لم تتجاوز الشهر اوالشهرين ثم اضطر الى التنازل عنها لعمه غصيب (قضيب) بن زامل بن هلال بن زامل.

ان هذه الفوضى السياسية والاقتصادية التي اخذت تتخبط فيها امارة الجبور بعد استشهاد السلطان مقرن مباشرة وبعد انتنطق السلطة الى الهلاليين خاصة قد دفعت بالتاكيد ببعض الزعماء في الاحساء والقطيف بما فيهم بيت السلطان اجود بن زامل الى البحث عن زعيم قوي ينتشل البلاد من حالة التخبط والتدهور التي سقطت فيها, ولابد ان انظارهم قد اتجهت الى الشمال منهم الى البصرة حيث كان الشيخ راشد بن مغامس بن صقر بن محمد بن فضل قد نجح في انتزاع البصرة من المشعشعين في حدود العقد الثاني من القرن السادس عشر وكون له امارة قوية هناك مستقلا بها عن الصفويين. هذا ولابد ان نشير هنا الى ان الشيخ راشد بن مغامس زعيم المنتفق كان بدون شك يراقب ما كان يحدث في بلاد البحرين نضرا لعلاقة ذلك بامن امارته وبمصالحها الاقتصادية وخاصة بامن قافلة الحج الكبيرة التي كانت تنطلق من البصرة مارة باطراف بادية البحرين. ولابد ان الشيخ راشد راى ان الظروف مواتية جدا لتحقيق طموحه في توسيع امارته وضم بلاد البحرين اليها وهومطمئن الى حد ما الى انه لن يلقى مقاومة تذكر فيما لوحاول ذلك. ويفهم من عبارات الشيخ الجزيري التي يقول فيها ان الجميع كانوا قد استعانوا بالشيخ راشد بن مغامس لضعف حالهم فقوي عليهم. ان الشيخ راشد كان قد ولج في البداية الى بلاد البحرين بمطلب من الجبور كحليف لهم ومعين في ضبط الامن والنظام, الا انه بعد فترة قصيرة استغل ضعفهم وارتباك امرهم فانتزع منهم الحسا والقطيف في حدود عامي 931- 932/1524- 1525. وبذلك تكون امارة الجبور قد زالت من بلاد البحرين في هذا التاريخ كسلطة سياسية. وحلت محلها امارة آل فضل واصبح الشيخ راشد بن مغامس بذلك يلقب بسلطان البصرة والحسا والقطيف. بقي ان نتساءل لما اختفى من مسرح الاحداث اسم الشيخ حميد ابن اخت السلطان مقرن بن زامل الذي كان حاكما على جزيرة البحرين والقطيف في عهد خاله مقرن, واشهجر الى جانبه في القتال دفاعا عن جزيرة البحرين ثم اين اختفى اسم الشيخ حسين بن سعيد الذي مربنا ما قام به من نشاط بعد استشهاد السلطان مقرن،يا ترى؟ هذان الزعيمان يتزعمان بني خالد وهم من بطون عامر بن أسد بن ربيعة الذين قدرلهم ان يلعبوا دورا كبيرا في حياة بلاد البحرين بعد فترة قصيرة من زوال امارة الجبور؟

المصادر

  1. ^ شاكر، محمود (2000). ص 117-118


هذه بذرة منطقة عن التاريخ بحاجة للنمووالتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.


خطأ استشهاد: وسوم <ref> موجودة لمجموعة اسمها "معلومة"، ولكن لم يتم العثور على وسم <references group="معلومة"/> أوهناك وسم </ref> ناقص

تاريخ النشر: 2020-06-09 07:11:04
التصنيفات: أسر حاكمة, تاريخ الجزيرة العربية, قبائل عربية, تاريخ الأحساء, صفحات بأخطاء في المراجع

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

«نورة» حاضرة بقلب مؤتمر المناخ.. تحاور الزائرين بشاشة تفاعلية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:19:32
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

أنشطة مميزة للمجتمع المدني في يوم التنوع البيولوجي بقمة المناخ

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:19:25
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

الخميس.. «التعليم» تعقد نموذج محاكاة لمؤتمر المناخ

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:19:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

«المرأة الفاضلة».. يوم روحي للمصريات والسودانيات بالكنيسة الأسقفية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:19:22
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 69%

فحوصات إضافية لأمين حاريث قبل جراحة مستعجلة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:20:21
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 54%

ماذا يفعل الجيشان الجزائري والروسي على الحدود المغربية؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:19:36
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 72%

«خريجي الأزهر» تعقد صالونها الثقافي مع طلاب النيجر وكوت ديفوار

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:19:28
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 55%

وزيرة البيئة : مصر تضع الشعاب المرجانية في البحر الأحمر تحت الحماية 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:19:27
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

تحاليل للمقبلين على الزواج لمنع إنجاب أطفال بإعاقات

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:20:23
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 67%

رأس مال ألماني يدخل على خط إنجاز الكابل البحري بريطانيا-المغرب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:19:33
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 79%

تحميل تطبيق المنصة العربية