سبينوزية

عودة للموسوعة

السبينوزية (بالإنجليزية: Spinozism) هي ممضى فلسفي واحدي يُنسب إلى فلسفة بندكت سبينوزا، إذ يُعرِّف الله بأنه جوهر فرد قائم بذاته، ذوطبيعة مادية وفكرية تميزه. خط سبينوزا في رسالة إلى هنري أولدنبرغ: فيما يتعلق برأي بعض الناس بأنني أُعهد الله مع الطبيعة (المعروفة بوصفها نوع من الكتلة أوالمادة المتجسدة)، فإنهم مخطئون تمامًا. وبالنسبة لسبينوزا فإن كوننا (الكوسموس) ذوطبيعة خاضعة لمظهرين أوصفتين هما الفكر والامتداد. ويمتلك الله الكثير من الصفات اللانهائية الأخرى التي لا نعهدها في عالمنا الحالي. ووفقًا للفيلسوف الألماني كارل ياسبرز، فإن سبينوزا عندما خط (الله أوالطبيعة) فإنه كان يعني الطبيعة الطابعة وليس الطبيعة المتطبعة، لتكون طبيعة ديناميكية في عملها وتطورها وتغيرها، وليس شيئًا سلبي ثابت.

الممضى الأساسي

تتكون ميتافيزيقا سبينوزا من شيء واحد، هوالجوهر، بالإضافة لصفاته أوحالاته. ويُحاجج سبينوزا في وقت مبكر في كتابه (الأخلاق)، أنه يوجد جوهر واحد فقط، والذي يعتبر لا نهائي بشكل مطلق، وقائم بذاته دون أسباب، وأبدي. وينتج هذا الجوهر عدد لانهائي من الصفات (العقل يدرك التصور المجرد أوالماهية) والحالات (الأمور التابعة الصفات والحالات). يُسمي هذا الجوهر باسم (الله أوالطبيعة). يستخدم سبينوزا هذين المصطلحين في الحقيقة، كمرادفين لبعضهم (التعبير الذي يستخدمه باللغة اللاتينية هوDeus sive Natura)، ولكن غالبًا ما يتجاهل القراء هذا الممضى الواحدي المحايد لديه. كان يُنظر إلى هذا التقرير على أنه مكافئ حرفيًا للقول بحلول العالم في الإله –ولهذا السبب كان يعتبر سبينوزا ملحدًا في زمنه. ويؤكد سبينوزا على حتى الكون الطبيعي كله مصنوعًا من جوهر واحد –الله أوالطبيعة- بالإضافة إلى تحولاته أوحالاته.

وليس من المغالاة حتى نؤكد على حتى بقية فلسفة سبينوزا، من فلسفة الذهن، الإبستمولوجيا، فهم النفس، الفلسفة الأخلاقية، الفلسفة السياسية، وفلسفة الدين – جميع ذلك ينبع بشكل أوبآخر مباشرة من الأسس الميتافيزيقة الموجودة في الجزء الأول من كتاب الأخلاق. وينبغي على المرء حتى يتذكر مع ذلك، الموقف الأحادي المحايد. فبينما كانت تعتبر تجربة أوخبرة البشر في الكون الطبيعي الواقعة في عالم الذهن والواقع المادي، بمثابة جزءًا من الله، فإنه يوجد صفتين أوحالتين فقط -هما الفكر والامتداد (الجسد)- يمثلن جزءًا من الصفات أوالحالات اللانهائية المنبثقة من الله. وكان يُعتبر ممضى سبينوزا من المذاهب المتطرفة في زمن نشره، وكان يُنظر إليه على نطاق واسع بأنه أشهر ملحد مهرطق في أوروبا. وكانت فلسفته جزءًا من الجدل الفلسفي في أوروبا خلال عصر التنوير، إلى جانب الفلسفة الديكارتية. فقد اختلف سبينوزا مع ديكارت على وجه التحديد بشأن ثنائية الجوهر، وكذلك رؤية ديكارت للإرادة والعقل، وموضوع الإرادة الحرة.

ينبع مفهوم العلاقة الشخصية للفرد مع الإله كما تتصورها السبينوزية، من الموقف الذي يعتبر الفرد بمثابة جزءًا من كائن حي لا نهائي مترابط. ويحاجج سبينوزا بأن جميع شيء مشتق من الله، مترابط مع جميع الوجود. وعلى الرغم من حتى البشر لا يختبرون سوى مظهري الفكر والامتداد، فإن ما يحدث لجانب من الوجود يفترض أن يؤثر على الجوانب الأخرى. إلى غير ذلك تقدم السبينوزية تعاليم في الحتمية والإيكولوجيا، وتستخدمها كأساس للأخلاق. وبالإضافة إلى ذلك فإن جوهر ممضى السبينوزية يعتبر الكون حتمي بشكل أساسي. فكل ما يحدث أويفترض أن يحدث لا يمكن حتى يتكشف بأي طريقة أخرى. ويزعم سبينوزا حتى النوع الثالث من الفهم، أي الحدس، هوأرقى أنواع المعارف. ويعهد الحدس بشكل أكثر تحديدًا، بأنه قدرة العقل البشري على استبصار الفهم بناءً على فهمه المتراكم للعالم.

الجوهر

يعهد سبينوزا الجوهر كالتالي: الجوهر كما أفهمه هوما كان موجودًا ومتصورًا من خلال ذاته، أعني ما كان مفهومه لا يفتقر إلى أي مفهوم آخر ينبغي حتى يتشكل من خلاله. وهذا يعني بشكل أساسي حتى الجوهر هومجرد شيء يمكن التفكير فيه بدون ربطه بأي فكرة أوشيء آخر. فإذا فكر المرء على سبيل المثال في موضوع معين، فإنه يفكر فيه بوصفه ينتمي لنوعًا من الأمور، مثلما نقول س قطة. بينما الجوهر على الجانب الآخر لا يُدرك إلا من خلال نفسه، بدون فهمه أورده لنوع معين من الأمور، لأنه ليس شيئًا معينًا.

الجدل حول ممضى وحدة الوجود

نشر فريدريك هينريك جاكوبي عام 1785، إدانه لممضى وحدة الوجود السبينوزية، بعدما كان يفكر جوتهولد افرايم ليسنج في الاعتراف وهوعلى فراش الموت بأنه سبينوزي، وهوما يعني في ذلك الوقت حتى تكون مُهرطق أوزنديق. زعم جاكوبي حتى ممضى سبينوزا كان بمثابة ممضى مادي خالص، لأنه يقول حتى جميع الطبيعة والله ليسوا شيئًا آخر سوى أنهما جوهر ممتد (مادي). وكان ذلك بالنسبة لجاكوبي نتيجة عقلانية عصر التنوير والتي ستنتهي في خاتمة المطاف بالإلحاد المطلق. اختلف موسى ميندلسون مع جاكوبي، قائلًا أنه لا يوجد اختلاف عملي بين ممضى التوحيد وبين ممضى وحدة الوجود. وأصبح الموضوع برمته شاغلًا فكريًا ودينيًا كبيرًا في الحضارة الأوروبية في ذلك الوقت، وهوالأمر الذي رفضه إيمانويل كانط، لأنه يرى حتى محاولات التفكير في الواقع المتعالي أوتصوره، يفترض أن يؤدي إلى تناقضات الفكر (أي التقارير التي يمكن إثبات كلا من صحتها وخطأها).

كانت جاذبية فلسفة سبينوزا في أوروبا خلال أواخر القرن الثامن عشر، تتمثل في أنه أوجد البديل عن المذاهب المادية والإلحادية والربوبية. هناك ثلاثة أفكار لدى سبينوزا خاطبتهم بقوة:

وحدة جميع الموجودات

قدم سبينوزا مفهوم (الله أوالطبيعة) بوصفه إله حي طبيعي، في لقاء تصور العلة الأولي الميكانيكية لدى نيوتن، أوالنزعة الميكانيكية الميتة للإنسان الآلة كما في التصور الفرنسي. لقد رأى جميع من كولريدج وشيلي، فلسفة سبينوزا بوصفها دينًا للطبيعة، ونطقوا عليه أنه (رجل ثمل بالإله). فألهم سبينوزا الشاعر شيلي في كتابة منطقه عن (ضرورة الإلحاد).

كان يعتبر سبينوزا ملحدًا لأنه استخدم حدثة الله للدلالة على مفهوم مختلف عن التصور التوحيدي في التراث اليهودي المسيحي. فينكر سبينوزا بوضوح شخصانية ووعي الإله؛ فليس له ذكاء أوشعور أوحتى إرادة؛ إنه لا يعمل وفقًا لغاية أوهدف ما، ولكن جميع شيء يتبع طبيعته بالضرورة وفقًا لقانون. إلى غير ذلك فإن إله سبينوزا اللامبالي الفاتر، يختلف عن تصور الرب الأبوي المجسد الذي يهتم بشؤون البشرية.

تفسيرات حديثة

كان يعتقد الفيلسوف الألماني كارل ياسبرز، حتى سبينوزا في ممضىه الفلسفي لم يكن يعني القول بأن الله والطبيعة هما مصطلحات قابلة للتبادل، لكنه عوضًا عن ذلك يعني حتى تعالي الإله مشهودًا عليه بواسطة صفاته أوحالاته الكثيرة اللانهائية، وأن هناك صفتين معروفتين من قبل البشر هما الفكر والامتداد، يشيران إلى حضور أومحايثة الإله. وحتى الله وفقًا لصفات الفكر والامتداد لا يمكن تحديده بدقة مع عالمنا. هذا العالم قابل للتقسيم بطبيعة الحال؛ فهويتكون من أجزاء. لكن يُصر سبينوزا على أنه لا يوجد صفة لجوهر يمكن تخيله حقًا على أنه يتبع جوهرًا يمكن تقسيمه (ما يعني أنه لا يمكن للمرء تصور صفة بالكيفية التي تؤدي إلى تقسيم الجوهر)، وأن هذا الجوهر الذي يعتبر لا نهائي بشكل مطلق غير قابل للتقسيم (كتاب الأخلاق، الجزء الأول، القضايا 12، 13). ووفقًا لهذا المنطق فإن عالمنا ينبغي حتىقد يكون حالة خاضعة لمظهرين أوصفتين هما الفكر والامتداد. لذلك فإن صيغة صاحب ممضى وحدة الوجود (الواحد والجميع)، تنطبق على سبينوزا فقط إذا كان هذا (الواحد) يحتفظ بتعاليه، ولم يُفسر (الجميع كمجمل للأشياء المحدودة.

اقترح الفيلسوف الفرنسي مارتيال جيرولت، مصطلح الحلولية panentheism عوضًا عن مصطلح وحدة الوجود pantheism، لكي يصف رؤية سبينوزا للعلاقة بين الله والعالم. العالم ليس هوالله، لكنه بمعنى أدق العالمقد يكون موجود (في) الله. فليس الله فقط هوعلة الأمور المحدودة؛ فلا يمكن تصورهم بدون الله. وبحدثات أخرى، فإن العالم هوتعبير عن فئة فرعية من الله. اقترح الفيلسوف الأمريكي من ناحية أخرى، مصطلح (وحدة الوجود الكلاسيكية) لوصف فلسفة سبينوزا. وهناك أيضًا الواقعية التأملية، بوصفها حركة في الفلسفة ما بعد القارية، والتي تعتبر مشبعة بكثافة بالميتافيزيقا السبينوزية.

مقارنة مع الفلسفات الشرقية

ناقشت الكثير من الهيئات تلك التشابهات بين فلسفة سبينوزا وبين التراث الفلسفي الشرقي. وكان الألماني السنسكريتي تيودور جولدستكر من أوائل الشخصيات الذين لاحظوا في القرن التاسع عشر، تلك التشابهات بين تصورات سبينوزا الدينية وبين تراث فيدانتا الهندي؛ فخط عن فكر سبينوزا بأنه كان ممضىًا في الفلسفة الغربية احتل المرتبة الأولى بين فلسفات جميع الأمم والعصور، والتي كانت تمثيلًا دقيقًا لأفكار فيدانتا.

المراجع

  1. ^ Correspondence of Benedict de Spinoza, Wilder Publications (March 26, 2009), (ردمك 1-60459-156-0), letter 73
  2. ^ Michael L. Morgan, ed., Spinoza: Complete Works, translated by Samuel Shirley (Indianapolis: Hackett Publishing, 2002), 119n6.
  3. ^ Stanford.edu نسخة محفوظة 26 أغسطس 2019 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ Stanford.edu نسخة محفوظة 27 أغسطس 2019 على مسقط واي باك مشين.
  5. ^ Della Rocca, Spinoza, 2008.
  6. ^ Frank Thilly, A History of Philosophy, § 47, Holt & Co., New York, 1914
تاريخ النشر: 2020-06-09 08:45:15
التصنيفات: أحادية, باروخ سبينوزا, مفاهيم إلهية, واحدية (فلسفة), قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات يتيمة منذ نوفمبر 2019, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة فلسفة/مقالات متعلقة, بوابة الأديان/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P227

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

شبكة "إن بي سي" الأمريكية: فتح معبر رفح صباح اليوم أمام الم

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:22:48
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

الداخلية تعلن عن بدء التقدم لأداء فريضة الحج لعام 2024

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:22:39
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 45%

عباس: أفعال حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني ونرفض التهجير من غز

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:22:43
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 59%

محمد صلاح يتبرع لأهالى فلسطين من خلال الهلال الأحمر المصرى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:22:37
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 45%

زيلينسكي: روسيا ستستهدف البنية التحتية الأوكرانية هذا الشتاء

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:22:53
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

آل يونس يحتفون بعقد قران الإعلامي شعبان بلال - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:24:34
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 55%

جيش الاحتلال الإسرائيلي: 600 ألف شخص انتقلوا إلى جنوب قطاع غ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:23:04
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

في تجربة ودية .. المنتخب السوداني يتعادل مع نظيره التنزاني

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:23:40
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 50%

إعفاء مسؤول سوداني مثير للجدل من منصبه

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:23:42
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

في إطار برنامج التحضيرات: مواجهة ودية بحماس الرسمية

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:24:17
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 53%

أمريكا تعين ديفيد ساترفيلد مبعوثا خاصا للقضايا الإنسانية في

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:22:58
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 64%

جيش الاحتلال: نستهدف الآن أهدافا لحزب الله في لبنان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:22:33
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 38%

تفصلنا 5 أشهر عن رمضان.. وزارة الأوقاف تعلن عن فاتح شهر ربيع الثاني

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:23:32
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 79%

عبداللهيان: إيران لن تظل صامتة في ظل التصعيد الإسرائيلي بغزة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-16 00:23:09
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 51%

تحميل تطبيق المنصة العربية