سامر زهير الفوز (و. 1974 في اللاذقية)، هورجل أعمال سوري، وابن زهير الفوز أحد الأعضاء السنة السابقين في حزب البعث والمقربين من الرئيس السوري السابق حافظ الأسد خلال السبعينات، الذي أسس شركة الفوز القابضة عام 1988، التي نسجت شبكة علاقات استراتيجية واسعة في أكثر من 30 بلدًا، وتصدر اسم سامر كوريث لشركة والده.

كان الفوز قبل الحرب السورية رجل أعمال متواضع على هامش المشهد الإقتصادي ليصبح في السنوات الأخيرة أحد أكبر اللاعبين الإقتصاديين فيها خصوصاً بعد ابتعاد رجل الأعمال السوري الأبرز رامي مخلوف إبن خالة الرئيس السوري عن القابلة لإدارة المشهد الإقتصادي من الكواليس.

حياته

بعد عودته إلى سوريا لمع نجم رجل الأعمال الذي بدأ بعملية شراء واسعة لأصول عدد من السلاسل الفندقية وشركات الإنتاج الفني والتلفزيوني والبنوك وإطلاق لعدد من القنوات تلفزيونية الخاصة إضافة إلى استكمال عمليات شراء لكثير من البيوت في دمشق القديمة وهدمها أوتحويلها إلى ملاهي ومطاعم.

في وقت كان فيه حافظ الأسد يُعيد نسج شبكته الاقتصادية وإذابة الجليد القائم بينه وبين التجار من الطائفة السنية بعد مجازره الشهيرة تجاه جماعة الإخوان المسلمين السورية، برز زهير الفوز، ابن مدينة اللاذقية وأحد أعضاء حزب البعث السابقين، كرجل أعمال سني صاعد يحظى بصداقة مميزة مع "الأسد" في تلك الفترة، ومؤسسا لشركته الخاصة نهاية الثمانينيات، والتي عُرفت باسم "شركة الفوز" المعنية بمجال التطوير العقاري والسلع الغذائية، قبل حتى يتوسع نشاطها بعد ذلك ليطال قطاعات مختلفة مثل السياحة والصناعة والنقل والشراكات الاستثمارية، شراكات مكّنتها من الانتشار في دول عربية وأجنبية عدة، قبل حتى تنتقل الشركة كليا إلى الظل بمرور السنوات، بالتزامن مع وفاة زهير ووصول بشار الأسد إلى السلطة، وسطوع نجم رجال أعمال أكثر قوة مثل "آل حميشو" و"السمان" و"العلبي" و"العقاد" وغيرهم من أبرز التجار السنة، ورجال أعمال آخرين من الطائفة العلوية مثل رامي مخلوف وشقيقه حافظ مخلوف، وذوالهمة شاليش وشخصيات أخرى، تاركا المجال لهم ليهيمنوا تدريجيا على الاستثمار والصناعة السورية.

خلال الفترة ما بين عامي 2003 و2011، كانت قائمة رجال الأعمال المحيطة بالأسد ترزحُ تحت وطأة العقوبات الأمريكية، عقوبات بدأت بسبب تزويد النظام السوري حزب الله بأسلحة متطورة، من بينها صواريخ سكود، قبل حتى تتوسع جراء دعم أجهزة المخابرات السورية لـ "تشكيل ومرور الجماعات الجهادية" للعراق خلال الغزوالأميركي، وقتها حظي طيف واسع من رجال الأعمال السنة، أورجال الأعمال المقربين من عائلة الأسد ولم تلتقطهم رادارات العقوبات الدولية، بفترة ازدهار اقتصادي، مستفيدين من كونهم خارج مجهر الشك الأميركي، قبل حتى يحظوا لاحقا بالاستقرار الجزئي مع بداية الانسحاب الأميركي من العراق خلال عامي 2009 و2010، وذلك قبل حتى تنطلق الثورة السورية، ويتفجر جميع شيء.

ما بعد الثورة السورية

مع اندلاع الثورة السورية في مارس 2011 وتوسعها لمختلف المحافظات السورية في غضون أشهر قليلة، بدأت العلاقات بين رجال الأعمال الأثرياء السنة والنظام السوري بالتوتر، ورغم تأييد بعض رجال الأعمال الكبار للثورة، فإن القسم الأكبر منهم فضّل التزام الحياد، رافضا دفع الضرائب التي فرضها النظام عليهم في تلك الآونة، والتي مثّلت خمسة ملايين دولار على جميع رجل أعمال بهدف تمويل ميليشيات الأسد غير الرسمية، وهورفض أطلق جرس إنذار لدى النظام، بالتوازي مع اشتداد الخناق الاقتصادي على عائلة الأسد إثر توسع العقوبات الاقتصادية لتطالَ ما يلامس سقف "196" رجل أعمال وشخصية تجارية، لطالما مثلوا قناة إمداد وإنعاش اقتصادي، واستثناءً لكونهم من خارج دائرة الأقارب المعتادة، ومنهم رجل الأعمال المخضرم "محمد حمشو" مدير "مجموعة حمشوالدولية" وأحد أكبر تجار المقاولات والحديد في سوريا، و"هاشم أنور العقاد" أحد أكبر المستثمرين السنّة في مملكة النفط والغاز السوري.

في نهاية المشهد تشكّلت الصورة بشكل واضح، فنظام الأسد الذي يُعاني وضعا اقتصاديا مترهلا، والذي أغلقت عليه الكثير من قنوات الإمداد التي لطالما اعتمد عليها، وبات الآن يبحثُ أكثر من أي وقت مضى على قنوات جديدة تنعش اقتصاده المتداعي، لنقد يكون بمقدوره السماح لرجال الأعمال السنة المحايدين بعد ذلك بالتحرك بحرية والتأثير في رقعته التي نسجَ شباكها بإتقان، كون ذلك يهدد إمبراطوريته السياسية التي تتأثر بشكل رئيس بحركة الأموال والاقتصاد، وبتجميع خيوط المعادلة كان لدى الأسد فهم واضح لما عليه حتى يقوم به، فالطريق الأقصر للالتفاف على العقوبات الدولية هوالاعتماد على جيل حديث من رجال الأعمال لطالما كان متواريا في الظل، وهي خطة تطلبت منه باللقاء إقصاء جيل تام من رجال الأعمال المحايدين.

كان عماد غريواتي، أكبر وكيل لاستيراد وتجميع السيارات في سوريا، أحد أولئك المحايدين الذين تم إقصاؤهم، وبالرغم من تربّعه على إحدى أكبر الإمبراطوريات الاستثمارية السورية، وترأسه لاتحاد غرف الصناعة هناك، فإن سلسلة التضييقات التي بدأتها سلطات النظام السوري بين عامي 2011 و2012 على ممتلكاته دفعته إلى اتخاذ قرار نقل استثماراته إلى الخارج تدريجيا، ثم إلى الاستنطقة من منصبه كرئيس للاتحاد قبل ثلاثة أشهر من قرار أصدرته إدارة المخابرات السورية العامة، أعربت فيه الحجز على أموال عائلته بالكامل إضافة إلى عائلة السمان، لتنضم إليهم بعد ذلك ممتلكات "عماد حميشو" الرجل المتربّع على عرش مجموعة من أكبر منشآت تجميع السيارات في مدينة "حسياء" الصناعية في حمص، ثم ليغيبَ الحديث عن ممتلكات كلا الرجلين، ورجال أعمال آخرين تم التعامل معهم بالطريقة نفسها لفترة، قبل حتى تعاود تلك الممتلكات الظهور مجددا خلال العامين الماضيين، مطروحة بتدبير من حكومة نظام الأسد من أجل البيع في المزاد العلني، وللمفارقة، فإن المشتري كان جاهزا سلفا.

تأسيس مملكة الفوز

لم يكن سامر الفوز حوت الأعمال الصاعد وجها جديدا على المشهد السوري يوم أعرب شراءه إمبراطوريتي غريواتي وحميشوالاقتصاديتين، بداية العام 2017، لتنتشر أخباره في وسائل الإعلام المحلية بشكل كبير، فبالرغم من كونه رجل الأعمال الشاب المميز بين أقرانه، والابن الثاني لزهير، أحد أصدقاء حافظ الأسد كما ذكرنا، فإن الفوز وُضع تحت مجهر الصحافة لأول مرة في وقت سابق من ذلك كله، وبحادثة بعيدة كليا عن مجاله الاقتصادي الأثير، وقد وقع ذلك بمدينة "إسطنبول" الهجرية منتصف يونيو/حزيران عام 2013، عندما ألقت السلطات الهجرية القبض عليه بعد اعترافه بقتل رجل الأعمال الأوكراني، ذي الأصول المصرية، "رمزي متى" في إسطنبول، بعد خلاف بينهما على استيراد صفقة حبوب من أوكرانيا بقيمة 14 مليون دولار، في الوقت الذي نشرت فيه الصحف الهجرية تقارير احتوت الحقيقة كاملة.

فعبر الاستعانة برجل عصابات مقدوني يُدعى "سلوفان يتكوف"، وآخر ألماني يُدعى "كيانوش"، تمكّن "الفوز" من استدراج "رمزي" لإسطنبول بحجة تقديم قرض بنكي له، قبل حتى يقتادوه إلى منطقة "باشاك شاهير" بالمدينة ويقتلوه هناك، ثم عاد "الفوز" في اليوم التالي عبر طائرته الخاصة لدمشق، قبل حتى تتمكن السلطات الهجرية بعد ذلك من القبض عليه بالتعاون مع السلطات الأوكرانية في أكتوبر من العام نفسه، وبرغم الصخب الذي صاحب حادثة الاغتيال، غير أنّ الذي يستحق تسليط الضوء عليه بشكل مكثف حتى "الفوز" خرج من السجن بعد ستة أشهر فقط بعد حتى دفع كفالة مالية بقيمة ثلاثة ملايين ليرة هجرية وُصفت بـ "المشبوهة"، وعادَ بعدها إلى مسقط رأسه اللاذقية، تاركا سحابة من التساؤلات تحومُ في الأفق، قبل حتى يواصل رحلته الاستثمارية مجددا من هناك، وتكون محطته الأولى هي طهران التي زارها بعد فترة، ممهدا الطريق لإقامة أحد أكبر خطوط الاستيراد التجاري بين طهران ودمشق بعد اندلاع الثورة السورية.

ببراعة ورثها من والده، ومُستفيدا من علاقاته الأخطبوطية التي كوّنها خلال فترة إقامته في الإمارات العربية المتحدة خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، تمكّن سامر من إدارة علاقاته التجارية مع إيران بإتقان، مستوردا منها المنتجات الغذائية المتنوعة لسوريا، قبل حتى يقرر توسيع علاقاته بها لتطال مجال العقارات. ولأن إيران ولاية الفقيه لطالما حاولت البحث عن موطئ قدم في سوريا يؤمّن لها وجودا طويل الأمد، فقد وجدت في سامر الفوز رجلها المناسب، حيث تمكّنت عبره من شراء عدد كبير من العقارات في مناطق إستراتيجية مختلفة، قبل حتى يُعهد الرجل في وقت لاحق لدى قطاع عريض من السوريين بأسلوبه العنيف في إجبار بعض أصحاب العقارات والمعامل التجارية على بيع ممتلكاتهم، وهوأسلوب لطالما منحه إعجاب حلفائه، وخشية منافسيه وزبائنه، ويستحق في الآن نفسه فهما أفضل.

فخلال فترة وجوده في اللاذقية، تمكّن الفوز من بناء صلات وثيقة مع ضباط المخابرات العسكرية معتمدا على إمبراطوريته الاقتصادية الصاعدة، وهي صلات مكّنته نهاية المطاف من الحصول على ميليشيات مسلحة تحت تصرفه عُرفت باسم "درع الأمن العسكري"، ومثّلت نقطة تلاقٍ بين الغطاء الأمني الذي يحتاجه لإكمال أركان إمبراطوريته الصاعدة، وبين المصلحة الاقتصادية لضباط المخابرات السورية، قبل حتى تدفع تلك النجاحات رجل الميلشيات إلى التوسع باتجاه عاصمة الجليد "موسكو"، فيؤسس من هناك شركة خارج الحدود لاستيراد البضائع المتنوعة، ثم لإيطاليا والإمارات ولبنان عبر مشاريع استثمارية واقتصادية مختلفة، ليصبح بغضون عام ونصف أحد رجال الأعمال القلائل الذين تمكّنوا من تخفيف قبضة الحصار الاقتصادي الدولي على النظام السوري، في وقت كانت فيه الأسواق تُعاني من شح في البضائع وارتفاع في الأسعار.

وبالتزامن مع إقصاء مستمر للتجار المحايدين، وبزيادة مضطردة في صعود حوت الأعمال المتنفذ، لمع اسم "سامر الفوز" داخل الأروقة الداخلية الضيقة للنظام، جاذبا إليه الأضواء كأحد رجال الأعمال السنة الذين أبدوا قدرة على التحرك والاستثمار خارج الحدود بخفة وبراعة، رغم ورود اسمه في تسريبات "وثائق بنما" الشهيرة كأحد المتهربين من الضرائب، بالتوازي مع علاقة لطالما أتقن صناعتها مع رجال مخابرات "سوريا المتوحشة" كما أطلق عليها الباحث الفرنسي "ميشيل سورا". وبحلول ذلك الحين، كانت سيرته الذاتية قد جعلته محط اهتمام النظام، وعنى ذلك حتى الفوز هوالذراع الأمثل له للتغلب على العقوبات الاقتصادية، ولتحييد ما تظل من طبقة الأعمال السورية المحايدة.

بعد ذلك، وبإيعاز من شخصيات مقربة من عائلة الأسد، كان الفوز بحلول مطلع عام 2017 قد نقل جزءا كبيرا من نشاطه التجاري إلى العاصمة دمشق، معلنا في الوقت نفسه عن دمج شركاته المتنوعة تحت اسم "مجموعة أمان القابضة"، قبل حتى يشتري بقايا مملكة "الغريواتي" الاقتصادية، واضعا بذلك اللمسات شبه النهائية على إمبراطوريته الاقتصادية الجديدة. وفي وقت حاول فيه الكثير من رجال الأعمال السوريين الاستثمار في مشاريع الإعمار التي بدأت تلقى رواجا في هذه الأحايين، كانت الإمبراطورية المتشكلة لتوها هي أحد ثلاثة كيانات فازت بمناسيرة مشروع التغيير العمراني الأكبر في سوريا والمعروف بـ "ماروتا سيتي"، الواقع خلف مشفى الرازي الشهير في دمشق، المنطقة التي تُوصف بكونها تمثل نفوذ إيران، فوز تم بالشراكة مع مجموعة "دمشق شام القابضة" المؤلفة من اتحاد سبعين رجل أعمال سوري.

صراعه مع رامي مخلوف

يعود الصراع بين سامر الفوز ورامي مخلوف لعام 2014، عندما نجح مجلس إدارة بنك سوريا الدولي الإسلامي بحمل اسمه من قائمة العقوبات الاقتصادية الأوروپية ليحتدم الصراع أكثر بين عدد من رامي مخلوف وسامر الفوز للاستحواذ على أكبر حصة ممكنة في البنك.

لتحسم المعركة في أواخر 2018، لصالح الأخير بالإعلان عن صفقة شراء لأسهم البنك بمبلغ نحوعشرة مليارات ليرة سورية، أي أنه أصبح سامر الفوز يمتلك نحو70% من رأسمال البنك. وهوالأمر الذي يعطيه الحق بأن يستولي على مجلس إدارة البنك والتحكم بتوجهاته وتعاملاته، ومع مطلع العام 2019، قد حملت “شركة أمان القابضة” التي يملكها سامر فوز حصتها في بنك سوريا الإسلامي.

لتشن في أواسط 2019 جريدة الوطن، التي يملكها رامي مخلوف، وعلى مدار أيام هجوماً على “بنك سوريا الدولي الإسلامي” تتهمه بمنح تمويلات تقدر بحوالي 135 مليار ليرة سورية لجهة واحدة بما “يتجاوز سقف الإقراض”. واتضح لاحقاً حتى هذه الجهة الواحدة هي شركات تتبع لرجل الأعمال سامر فوز.

يصمد الفوز في مسقطه الإقتصادي، ومازال يعمل مع النظام بكفاءة وبمرونة في ظل العقوبات التي طالته ولكنه يعد حليف موثوق لكلا الطرفين السوري والإيراني.

العقوبات الدولية

وفي نفس الوقت الذي يعيد فيه بشار الأسد ترتيب البيت الإقتصادي السوري التابع له، بقى سامر الفوز في الظل أوفي الأمان، لم تطله أي عقوبات من نظام الأسد، ويعد رجل الأعمال السُني، أحد أبرز رجال الأعمال في سوريا خصوصًا خلال الحرب، وشكل إحدى قنوات الإنعاش الرئيسة التي ساهمت في صمود النظام السوري اقتصاديًا، ويعد الفوز قابلة إقتصادية آخرى لماهر الأسد -شقيق بشار- المشغول بقيادة الفرقة الرابعة مدرعات.

لكن يظهر حتى عدم إقصاء الفوز كما تم مع رامي مخلوف أوتقليص نفوذه كما تم مع حمشو، حتى قدراته المالية الحالية لا تمكنه على الدخول في قطاع الإتصالات، فضلًا عن العقوبات الاقتصادية المحيطة به، حيث صار منذ فترة تحت المجهر من قبل الدول التي تترصد إصدار عقوبات ضد رجال نظام الأسد الاقتصاديين.

وبالرغم من خضوع سامر الفوز للعقوبات الدولية، إلا أنه تمكن من مباشرة عمله لصالح النظام بكفاءة وبمرونة عالية، ففي أغلب أوقات الازمات كان الفوز حاضرًا بالحلول على عكس رامي مخلوف، فعندما كانت الأسواق السورية تشتكي من قلة الآليات الصناعية والسيارات الحديثة إضافة إلى بتر الغيار، قام الفوز بتأسيس شركة إعمار موتورز المستقلة، والمختصة باستيراد السيارات والآليات بأنواعها المتنوعة وتمكن من الحصول على وكالة حصرية لشركة هيونداي كوميرشال، ووكالة من شركة “كيا”، بالإضافة لإنشاء مصنعين لإنتاج الكابلات والحديد. كما تمكن الفوز مِن التعاقد مع شركة ألمانية عملت على بناء مصنع سكر الكريستال في مدة زمنية لا تتجاوز العامين، ليخفف من أزمة المنتجات الغذائية.

مشروعاته

فور سيزونز

خلال الفترة بين نوفمبر من العام 2017، ومارس 2018، وفيما كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منهمكا بإرغام كبار أثرياء السعودية المسجونين في فندق "الريتز كارلتون" الشهير على طريق مكة – الرياض على دفع غرامات مالية لقاء الإفراج عنهم، فيما عُرِفَ بحملة مكافحة الفساد، أعرب الملياردير السعودي الوليد بن طلال، أحد المعتقلين بكارلتون، عن نيته بيع حصته في فندق فور سيزون بفرع العاصمة السورية دمشق، الفرع الأشهر والأكبر بين فروع الفندق الشهير على طول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وبرغم حتى الفور سيزون لم يكن الاستثمار الاقتصادي الوحيد الذي قام الملياردير ببيعه من غرفة سجنه في كارلتون، وإنما تعداه ليضم الكثير من ممتلكاته وشركاته في دول مختلفة، فإن السبب الرئيس الذي نادى وسائل الإعلام العالمية، وعلى رأسهم الفايننشال تايمز الأمريكية، إلى تسليط الضوء على صفقة الفندق الدمشقي الأثير تمثّل في كون المالك الجديد للفندق لم يكن إلا "سامر الفوز"، رجل الأعمال السني العتيد كما يُعهد به، وأحد عمالقة الأعمال في سوريا، والذي لطالما برع في العمل بالظل، قبل حتى تتولى تقارير إعلامية مؤخرا الكشف عن كونه يقفُ على واحدة من أكبر الإمبراطوريات الاقتصادية في سوريا، إمبراطورية اعتُبِرَت إحدى قنوات الإنعاش الرئيسة التي ساهمت في صمود النظام السوري اقتصاديا، خاصة بعد العقوبات التي طالت عددا كبيرا من الشخصيات الداعمة له، وهي عقوبات استغلها "الفوز" نفسه في هندسة عملية صعوده، خصوصا مع براعته في الاختباء عن قوائم العقوبات الدولية لفترة طويلة ما زالت مستمرة لليوم، صعود تعود جذورُه الأولى إلى ثمانينيات القرن العشرين.

نقد

عميل لإحدى شركات اللوبي الأمريكية المقربة من ترمپ

قامت مجلة الديلي بيست بنشر تحقيق في أبريل 2018 عن حتى إحدى الشركات التابعة للفوز "ASM International General Trading " الموجودة في دبي هي إحدى زبائن بالارد پارتنرز "Ballard Partners" للعلاقات العامة المقربة من الرئيس الأمريكي دونالد ترمپ.

أوراق پنما

تم إدراج شركتي سامر وعامر فوز كمساهمين في شركة الأمان المحدوده، وهي شركة طيران خاصة قام بتوثيقها الراسمون في مطارات جميع من هجريا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا. تظهر صور طائرة مسجلة لشركة "الأمان" للطائرات ذيل الطائرة المزوَّدة باسم Foz.

أوراق الجنة

بالرغم من انشغاله بالصفقات التجارية، قرر الفوز الذي لطالما أتقن الالتفاف على قوائم العقوبات الأمريكية التي لطالما وصفها حلفاؤه في إيران بـ "الشيطان الأكبر"، قرر أخيرا حتى يؤدي دورا أكثر خطورة وذلك باقترابه من الشيطان نفسه، وهوأمر فُسّر بأنه كان محاولة للتأثير على الموقف الأميركي من النظام السوري.

فخلال الفترة ما بين عامي 2017 و2018، وفيما كان الرأسمالي الجمهوري "براين بالارد"، أحد ممولي حملة ترامب الانتخابية ورئيس إحدى أقوى جماعات الضغط في واشنطن، في زيارة للإمارات، حصل على عرض من مجموعة تجارية حملت شعار "إيه إس أم"، وبعد التقصي، تبيّن حتى الشركة لم تكن إلا أحد فروع "أمان القابضة" والتي أسسها الفوز خلال زياراته المتكررة للإمارات، لكن "بالارد" الذي يقول بأنه يُفضّل سوريا "خالية من الأسد" لم يلبث حتى بتر علاقته بها بعد التحقيق الشهير الذي أجرته صحيفة "ديلي بيست" الأميركية.

في الفترة نفسها، وفي وقت كانت الأسواق السورية تشتكي فيه من قلة الآليات الصناعية والسيارات الحديثة إضافة إلى بتر الغيار، قام الفوز، أو"وصفة النظام السحرية" كما يُدعى، بتأسيس شركة "إعمار موتورز" المستقلة، والمختصة باستيراد السيارات والآليات بأنواعها المتنوعة، قبل حتى يقوم في يونيو2017 بإطلاق شركة "صروح الإعمار"، وذلك بدمج جميع من أمان القابضة مع بقايا مملكة حميشوالاقتصادية، وليعلن إطلاق معملين لصناعة الكابلات والحديد.

وبسبب المرونة التي لطالما امتازت بها شركة "أمان" في المعاملات التجارية الدولية، وإمكانية تحركها بقيود رقابة أقل، فقد منحها النظام السوري المصادقة على إحدى أكبر المناقصات الغذائية السورية لإنتاج مادة سكر الكريستال، مناسيرة بدأت بالموافقة على ولادة مؤسسة جديدة تابعة لمملكة "صروح" تحت اسم "م.ي.ن.ا" في محافظة حمص، برأس مال قيمته نحونصف مليار دولار، وبالتعاقد مع شركة ألمانية تكفّلت ببناء المعمل خلال مدة لا تزيد عن عشرين شهرا، وهي مرونة رافقت الشركة قبل حتى تكشف وثائق "بارادايس" الشهيرة عن الصفقة التي قام فيها "الفوز" بشراء فندق الفور سيزون الأثير من الملياردير السعودي، وتثيرَ ردود أفعال كثيرة لا تزالُ آثارها مستمرة ليومنا الحالي.

في ضوء ما سبق، وبمراجعة سريعة لكيفية استثمار النظام السوري لرجال أعمال صاعدين في الالتفاف على العقوبات الاقتصادية، وبالنظر إلى المحاولات الإيرانية لاستخدام "الفوز" كرافعة نفوذ في الداخل السوري، وبالتزامن مع إعلان شركة "إعمار موتورز" حيازتها لوكالة حصرية لشركة "هيونداي كوميرشال"، بعد حيازتها لوكالة من شركة "كيا" في أبريل 2018، تُطرح الكثير من التساؤلات، أبسطها حول جدوى العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي على نظام الأسد والمقربين منه، في ظل قدرة النظام نفسه على فتح أبواب خلفية كثيرة، وإيجاد ثغرات في تلك العقوبات، في الوقت نفسه الذي انحسرت فيه الكواليس عن صراع قائم داخل أروقة النظام السوري على كسب أكبر قدر مما سيأتي تحت إستراتيجية "اليوم التالي للحرب"، أوماذا سيحدث بعد انتهائها وكيف ستقسّم الكعكة السورية الاقتصادية شديدة الثراء، وعلى الأسماء الصاعدة بقوة لتلك النقطة الآتية عاجلا أوآجلا، وبشكل حتمي.

المصادر