تاريخ اليمن القديم

عودة للموسوعة

تاريخ اليمن القديم

جزء من عن
التاريخ القديم
مملكة سبأ
مملكة معين
مملكة حضرموت
مملكة قتبان
مملكة حمير
التاريخ الإسلامي
العصر الأموي
العصر العباسي
الدولة الصليحية
الدولة الطاهرية
بنويعفر
العصر الأيوبي
الدولة الرسولية
العهد العثماني
التاريخ الحديث
المملكة المتوكلية
الإستعمار البريطاني لعدن
ثورة الدستور 48
إنقلاب 55
اتحاد إمارات الجنوب العربي
ثورة 26 سبتمبر
اتحاد الجنوب العربي
ثورة 14 أكتوبر
اليمن الجنوبي
الجمهورية العربية اليمنية
حرب 1986
الوحدة اليمنية
حرب صيف 1994
ثورة الشباب 2011
بوابة اليمن
Sabaean inscription addressed to the moon-god Almaqah, mentioning five South Arabian gods, two reigning sovereigns and two governors, 7th century BCE.
A Griffon from the royal palace at Shabwa, the capital city of Hadhramaut.
تمثال عثر عليه في قرية الفاوعاصمة مملكة كندة والقرص على الرأس هي إشارة للشمس والوعل الصغير تعد إشارة رمزية للإله عثتر.

ولفهم تاريخ اليمن القديم لابد للقارئ حتى يلغي من ذهنه الحدود السياسية المعاصرة لشبه الجزيرة العربية ويتصورها وحدة جغرافية مترابطة، فلم تعهد شبه الجزيرة العربية لا عرب الجنوب ولا عرب الشمال ولا عهدت شمال الجزيرة ولا جنوبها ، ولم تورد النقوش ذكراً لقحطانية ولا لعدنانية ، بل كانت جميع شبه الجزيرة مسرحاً لأحداث تاريخية متنوعة فقامت الممالك والحضارات واتسعت بذاتها أونفوذها داخل شبه الجزيرة طالما توفرت لها القوة والنفوذ داخل شبه جزيرة العرب. أما التقسيم الشائع في الكتابات الحديثة لشبه الجزيرة العربية بين شمال وجنوب فينحدر من العصر الإسلامي، ومع ذلك وبسبب الانسجام القائم على التنوع الحيوي في منطقة جنوب شبه الجزيرة وبسبب تواصل حلقات تاريخها السياسي والحضاري فقد جعلت المصادر جميع جنوب شبه الجزيرة قسماً واحداً بينما فصلت شمال الجزيرة إلى عدة أقسام ومع ذلك فلم تكن حدود الشمال والجنوب حتى في العصر الإسلامي محددة بدقة إلا حتى المؤرخ والجغرافي اليمني أبومحمد الحسن بن أحمد الهمداني صاحب (صفة جزيرة العرب) (توفي بعد سنة 360 هـ )قد جعل حدود جنوب شبه الجزيرة تبدأ من الكعبة بمكة جنوباً، وهوتقسيم ينحدر من العصر الإسلامي كما نرى .

أما الإغريق قديماً فقد نظروا إلى ما سموه العربية السعيدة وهى صفة شاعت عن بلاد اليمن، ورأوا أنها تبدأ بعد عشرة كيلومترات من العقبة جنوباً ، وما نود عرضه هنا هورسم إطار زمني لعصر ما يصطلح عليه بالتاريخ اليمني القديم أوفترة تاريخ الحضارة الراقية في اليمن القديم، وهي تمثل حيناً من الدهر برز فيها سكان بلاد اليمن من غسق التاريخ إلى ضحاه، ودلت على دورهم التاريخي لُقَىً أثرية مميزة وشواهد كتابية معلومة، ضمت حروفاً أبجدية خاصة: صوتاً ورسماً ، وتومئ إلى حضارتهم قرائن خارجية ثابتة تدل على حتى أمماً أخرى في ذلك الزمان تناقلت طرفاً من أخبارهم وتبادلت شيئا من سبل معاشهم .

ويمكن تقسيم الإطار الزمني لتاريخ اليمن القديم إلى عصرين رئيسين، ويستند هذا التقسيم إلى معطيات تاريخية وجغرافية ليس هنا محل تفصيلها، ومع ذلك فإن العصرين يتداخلان ومن الصعب رسم حد فاصل بينها، فقد تزامنت فترات من العصرين، كما لم يكن الانتنطق من الأول إلى الثاني انقطاعاً، وإنما امتداداً واستمراراً، والعصور التاريخية ليست مسارات زمنية مختلفة ، وإنما هي في حقيقة الأمر مظاهر مختلفة لمسار زمني واحد .


تاريخ البحث الأثري في اليمن

خريطة تبعاً للمعتقدات اليهودية بتوزيع أبناء حام وسام ويافث.

Sabaean Studies, the study of the cultures of Ancient South Arabia, belong to the younger branches of archaeology, since in Europe ancient South Arabia remained unknown for much longer than other regions of the Orient. In 1504 a European, namely the Italian Lodovico di Varthema, first managed to venture into the interior. Two Danish expeditions, contributed to by يوهان دافيد ميخائليس (1717–1791) وكارستن نيبور (1733–1815) بين آخرين، contributed to scientific study, if only in a modest way.

إدوارد گلازر.

في النصف الأول من القرن التاسع عشر other European travelers brought back over one hundred inscriptions. This stage of investigation reached its climax with the travels of the Frenchman Joseph Halévy 1869/70 والنمساوي إدوارد گلازر 1882–1894, who together either copied or brought back to Europe some 2500 inscriptions. On the basis of this epigraphical material گلازر وفريتس هومل especially began to analyse the Old South Arabian language and history. After the First World War excavations were finally carried out in Yemen. From 1926 Syrians and Egyptians also took part in the research into ancient South Arabia. The Second World War brought in a new phase of scientific preoccupation with ancient Yemen: in 1950–1952 the American Foundation for the Study of Man, founded by Wendell Phillips, undertook large-scale excavations في تمنة ومأرب، in which William Foxwell Albright and Fr. Albert Jamme, who published the corpus of inscriptions, were involved. From 1959 Gerald Lankaster Harding began the first systematic inventories of the archaeological objects in the then British Protectorate of Aden. At this time Hermann von Wissmann was particularly involved with the study of the history and geography of ancient South Arabia. In addition the French excavations of 1975–1987 in Shabwah and in other locations, the Italian investigations of Paleolithic remains and the work of the المعهد الأثري الألماني في منطقة مأرب are particularly noteworthy.


التاريخ المسجل

العصر الأول

أسد برونزي وراكب، صنعه Qatabanians حوالي 75-50 ق.م.

تدل أقدم المعلومات المعتمدة على حضارة يمنية راقية، يعود تاريخها على الأقل إلى القرن العاشر ق.م. وتقترن هذه المعلومات بذكر سبأ التي ارتبطت بها معظم الرموز التاريخية في اليمن القديم والتي هي بالعمل واسطة العقد في هذا العصر ، ويمثل تاريخ دولة سبأ، وحضارة سبأ فيه عمود التاريخ اليمني، وسبأ عند النسابة هو: أبوحمير وكهلان، ومن هذين الأصلين تسلسلت أنساب أهل اليمن جميعاً، كما حتى هجرة أهل اليمن في الأمصار ارتبطت بسبأ، حتى قيل في الأمثال: "تفرقوا أيدي سبأ". والبلدة الطيبة التي ذكرت في القرآن الكريم هي في الأصل أرض سبأ، كما حتى أبرز رموز اليمن التاريخية سد مأرب قد اقترن ذكره بسبأ، وكان تكريمه بالذكر في القرآن سبباً في ذيوع ذكر سبأ وحاضرتها مأرب.

سبأ

مملكة سبأ.

دولة سبأ في العصر الأول هي أكبر وأهم تكوين سياسي فيه، وما تلك الدول التي تذكر معها سوى تكوينات سياسية كانت تدور في فلكها، ترتبط بها حيناً وتنفصل عنها حيناً آخر، مثل دولة معين وقتبان وحضرموت، أوتندمج فيها لتكون دولة واحدة مثل دولة حمير، والتي لقب ملوكها بملوك سبأ وذي ريدان وذوريدان هم حمير.

وأرض سبأ في الأصل هي منطقة مأرب ، وتمتد إلى الجوف شمالاً، ثم ما حاذاها من المرتفعات والهضاب إلى المشرق، وكانت دولة سبأ في فترات امتداد حكمها تضم مناطق أخرى ، بل قد تضم اليمن كله . وكانت مأرب عاصمة سبأ، وتدلل الخرائب والآثار المنتشرة التي تكتنف قرية مأرب الصغيرة اليوم على الضفة اليسرى من وادي أذنه على جلال المدينة القديم وكبرها، ويرجح حتى التل الذي تقع عليه قرية مأرب اليوم هومكان قصر سلحين الذي ذكره العلامة الحسن بن أحمد الهمداني قبل ألف عام، والذي ورد ذكره بالاسم نفسه في النقوش اليمنية القديمة .

وقد تحكم مسقط مأرب في وادي سبأ بطريق التجارة الهام المعروف بطريق اللبان، وكان اللبان من أحب أنواع الطيوب وأغلاها في بلدان الشرق القديم، وحوض البحر المتوسط، وقد تميزت اليمن بإنتاجها أجود أنواع اللبان وهوالذي كان ينموفي الجزء الأوسط من ساحله الجنوبي في بلاد المهرة وظفار، وقد أدى ذلك الطلب المتزايد عليه إلى تطوير تجارة واسعة نشطة، هجرزت حول هذه السلعة وامتدت إلى سلع أخرى نادرة عبر طريق التجارة المذكور ، وكان يمتد هذا الطريق بصفة رئيسية من ميناء قنا في مصب وادي ميفعة على بحر العرب إلى غزة في فلسطين على البحر المتوسط، مروراً بمدينة شبوة ومأرب، ثم يمر بوادي الجوف، ومنه إلى نجران حيث يتفرع إلى فرعين: طريق يمر عبر قرية الفاوفي وادي الدواسر، ومنه إلى هجر في منطقة الخليج، ثم إلى جنوب وادي الرافدين، وطريق رئيس يمتد من نجران نحوالشمال، ماراً بيثرب، ثم ددان في شمال الحجاز، ومنه إلى البتراء، ويتجه الطريق الرئيس من البتراء نحوميناء غزة، بينما يتجه فرع آخر إلى دمشق وإلى مدن الساحل الفينيقي .

ولا شك حتى استئناس الجمل الذي يرجح أنه تم في القرون الأخيرة من الألف الثاني قبل الميلاد قد لعب دوراً بارزاً في ازدهار التجارة بقدرته على حمل الأثنطق لمسافات طويلة، وتتوافق تواريخ استئناس الجمل مع ما ورد في التوراة من إشارات إلى زيارة ملكة سبأ للنبي سليمان عليه السلام في القرن العاشر قبل الميلاد، وهي الزيارة التي تفيد وجود علاقات تجارية بين بلاد الشام وبلاد اليمن؛ إذ تذكر الأخبار المرتبطة بتلك الزيارة حتى ملكة سبأ أحضرت معها كميات كبيرة من الطيوب منها اللبان.

وتعتبر أخبار هذه الزيارة كما وردت في التوراة أقدم الأخبار التي وصلتنا عن سبأ وحضارتها، وسيرة هذه الزيارة مشهورة وقد طبقت شهرتها الآفاق وملأت أسماع الدنيا، وشغلت الناس عشرات القرون، ذكرتها الخط السماوية، وتواتر ذكرها في الأخبار والروايات المتعددة، وخاصة موروث أهل اليمن، فملكة سبأ عندهم رمز تاريخي لحضارة يمنية قديمة راقية، وقد كرمت ملكة سبأ وسيرة زيارتها للنبي سليمان بالذكر في القرآن الكريم .

نطق تعالى: (وجئتك من سبأ بنبأ يقين، إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من جميع شيء ولها عرش عظيم).وإذا كانت التجارة وموردها المالي الوفير قد أسهمت بقسط عظيم في صياغة الحياة العامة للناس وازدهارها في مراكز الحضارة اليمنية القديمة ، وخاصة في قلب تلك الحضارة: أرض سبأ وعاصمتها مأرب، فإن سد مأرب هوأبرز شاهد على حتى اليمن شهدت أيضاً حضارة زراعية فائقة، وتشير بعض الدراسات الأثرية الجادة التي أجريت ميدانياً على آثار السد إلى حتى تأسيسه من الممكن يعود تاريخياً إلى قبل مطلع الألف الأول قبل الميلاد على الأقل، وهوأمر يتوافق أيضاً مع ما سلف ذكره من أخبار تتحدث عن حضارة يمنية راقية منذ مطلع الألف الأول قبل الميلاد. وقد ذكرت النقوش ملكة سبأ التي حكمت في القرن العاشر قبل الميلاد وبعدها ذكرت عدداً كبيرا من المكربين والملوك الذين تولوا الحكم في دولة سبأ، والفرق بين الملك والمكرب هوحتى الملك يحكم شعباً واحداً أوقبيلةً واحدةً بينما المكرب لقب للمجمِّع والموحِّد لعدة شعوب أي الموحد،ووجود المكربين في تاريخ اليمن القديم يشهد بجدارة على الجهود المبكرة جداً لتوحيد أهل اليمن تحت سلطة سياسية واحدة، وقد حاول أحد الفهماء ترتيبهم زمنياً خلال الألف الأول قبل الميلاد، فبلغوا ما يقارب الخمسين، ابتداءً من القرن الثامن إلى القرن الأول قبل الميلاد، ومن هؤلاء الحكام: يثع أمر بين بن آسْمُهُ عَلَي الذي تذكره الحوليات الآشورية حوالي عام 715 ق،م مقترناً بالملك الآشوري سرجون الثاني وهوما يشهد على قيام علاقات دبلوماسية مع العالم الخارجي ،

أما النقوش اليمنية فتذكره مقترناً ببعض المنشآت المعمارية ومنها أنه سَوَّرَ مأرب، ومنهم أيضاً كَرِبْ إل وتار بن ذمار علي الذي بعث بهدية إلى الملك الآشوري سنحريب، حسب ما يذكر نقش بناء معبد بيت أكينوفي آشور، حوالي 685 ق،م، ويرجح أنه هونفسه صاحب نقش صرواح الكبير الذي يذكر حتى هذا الملك قد قام بعدة حملات عسكرية داخلية خلال فترة حكمه يهدف منها إلى تثبيت السلطة المركزية لدولته وتأديب من خرج عنه، وضمت حملاته مناطق أوسان وغيرها من المناطق الجنوبية حتى باب المندب، كما ضمت حملاته أيضاً مناطق امتدت ما بين نجران والمعافر بلاد الحجرية، من محافظة تعز وبعض مدن وادي الجوف، مثل: نشان ونشق، ويذكر النقش أنه كافأ الجهات التي حافظت على الولاء له مثل: حضرموت وقتبان، وأنه قام بإصلاحات واسعة في منطقة مأرب ومنها قصر سلحين وسَوَّر عدداً من المدن اليمنية، وأصلح عدداً من سبل الري والأراضي التابعة لها، ويُعَدُّ المكرب يَدَعْ إل ذريح بن آسْمُهُ علي أشهر حكام سبأ في أمور البناء، فقد عُثر على نقوش عديدة من عهده تذكر منشآته المعمارية، وخاصة المعابد، وقد ارتبطت باسمه معابد شهيرة باليمن القديم مثل معبد أوام البيضاوي الكبير محرم بلقيس ومعبد صرواح ، ومعبد في المساجد وغيرها من الأبنية التي تنبئ عن آثارها عن مستوى راقٍ من الإتقان المعماري والإبداع الهندسي، وظلت سبأ وحتى القرن الخامس قبل الميلاد الدولة الكبيرة الأم ، حين خرجت عن سيطرتها مناطق عدة واستطاعت حتى تكون دولاً مستقلة، ودخلت هذه الدول في منافسة مع سبأ، وشاركتها نفوذها السياسي والتجاري، بل إذا جميع واحدة من تلك الدول لم تكن أقل شأناً من سبأ في أوج ازدهارها وأبرز هذه الدول هي: معين وقتبان وحضرموت،


معين

The old city of Sanaa

أما دولة معين فقد ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد في الجوف، بعد حتى تمكنت مناطق الجوف بقيادة مدينة يَثُل = براقش العاصمة الدينية من السيطرة على طريق اللبان التجاري بمساندة حضرموت وقتبان، ثم اتجه المعينيون شمالاً، وأقاموا المحطات التجارية والمستوطنات المعينية على طرق القوافل التجارية مثل قرْية في وادي الدواسر على الطريق بين نجران والبحرين أي شرق الجزيرة ، ومثل ددان في وادي القرى على الطريق بين نجران وغزة،

ومن قرنوعاصمة الدولة المعينية انطلق أهل معين يرتادون الأسواق العالمية في فلسطين ومصر واليونان وغيرها، وقد عثر بمصر على قبر تاجر معيني نقش اسمه زيد إلا بن زيد وكان يتاجر بالمر والقرفة في مصر أيام بطليموس الثاني حوالي 264 ق،م،

وكان العالم القديم يعهد المعينيين، وقد ذكرهم مؤلفواليونان في خطهم وسموا اللبان باسمهم، على حتى تلك المصادر لا تقصر الذكر على المعينيين، وإنما تذكر معهم أيضاً في اليمن: السبئيين والحضارمة والقتبانيين، وكان أول ذكر لقتبان قد ورد في نقش الملك كرب إل وتار السبئي، وكانت حينها موالية لسبأ التي خلصتها من سيطرة أوسان، على حتى قتبان مثل معين استطاعت حتى تخرج عن سيطرة سبأ في القرن الخامس قبل الميلاد، وأن تمد نفوذها على حساب سبأ متحالفة مع حضرموت،

كانت مدينة تمنع في وادي بيحان عاصمة قتبان وهومقر قبائلها في الأصل ، وفي القرن الثالث والثاني قبل الميلاد بلغت قتبان أوج ازدهارها وضمت رقعتها مناطق أوسان القديمة حتى ساحل بحر العرب، ومدت نفوذها جنوباً لتضم واحة الجوبة على بعد مسيرة يوم واحد من مأرب العاصمة السبئية، وتميز القتبانيون بنشاط زراعي هائل، فأقاموا مشاريع الري في الوديان، وشقوا القنوات الطويلة وحفروا الآبار وبنوا السدود، وأحسنوا استثمار مسقطهم على طريق اللبان التجاري، فجنوا من الزراعة والتجارة الخير الوفير، وكانوا يُعنون بسن الشرائع ووضع القوانين التي تنظم أمورهم الاقتصادية، ولا تزال تقوم إلى اليوم وفي محل السوق القديم بهجر كحلان تمنع العاصمة قديماً مَسَلَّةٌ نقش على جوانبها تعاليم خاصة بسوق المدينة ومسماه سوق شمر ويبين النقش إجمالا الرسوم المفروضة ، وفئات التجار وغير ذلك،

أما حضرموت في أقدم عهودها فقد كانت تابعة لدولة سبأ الكبيرة ثم موالية لها، وفي القرن الخامس ق،م، إبان ضعف الدولة السبئية خرجت حضرموت عن سبأ كغيرها وكونت دولة مستقلة، وقد نمت قوتها تدريجياً واكتسبت أهمية فائقة، خاصة لكونها تملك أرض اللبان في ظفار وكانت عاصمتها‎ شبوة التي تقع في أقصى غرب وادي حضرموت على أطراف مفازة صيهد، وكانت تضم في عز ازدهارها ظفار أرض اللبان والنطاق الجنوبي الممتد حتى ساحل العرب، وتمتد شمالاً باتجاه الربع الخالي وما يحاذي العَبْر، بالإضافة إلى موطنها الأصلي وادي حضرموت، وتبرز أهمية هذه الدولة بوضوح من خلال ذكرها وذكر عاصمتها في المصادر الكلاسيكية، إذ تذكر حتى شبوة عاصمة حضرموت كانت مركزاً هاما لتجارة اللبان،

العصر الثاني

في أواخر العصر الأول، وخاصة في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد، أتى على أهل اليمن حين من الدهر قللوا فيه من اهتمامهم بالزراعة، واعتمدوا كثيرا على الرخاء الذي تدره عليهم القوافل التجارية، وغلب عليهم التنافس على المال والجاه ، فأصبح في اليمن خمس دول في آن واحد هي سبأ وقتبان ومعين وحضرموت وحمير ، أصبحت عواصمها باستثناء حمير أشبه ما تكون بدول مدن القوافل التي يخضع ازدهارها وسقوطها للأوضاع التجارية والأطماع السياسية، كما وقع للبتراء ولتدمر والحضر في شمال الجزيرة،

وتمكن البطالمة الذين كانوا يحكمون مصر آنذاك من التعهد على أسرار الملاحة في البحر الأحمر ومواقيت حركة الرياح الموسمية في المحيط الهندي، فشرعوا يتجرون بحراً دون وساطة اليمنيين الذين كانوا يسيطرون على طريق اللبان البري وتحول النشاط التجاري بين حوض البحر المتوسط وحوض المحيط الهندي تدريجياً من الطريق البري إلى الطريق البحري، فبدأ يخف عطاء الطريق البري وتأثرت به الدول اليمنية القديمة كثيراً، مما أضعف من قوتها وأنقص هيبتها، فطمع بها الناس دولاً وقبائل ، فكانت حملة أليوس جالوس الرومانية التي أخفقت عند أسوار مأرب عام 224 ق،م، في محاولة للسيطرة على الطريق البري والاستيلاء على بلاد اللبان،

كما طمعت القبائل البدوية المنتقلة في الصحراء بحواضر الدول اليمنية ومحطاتها التجارية، خاصة بعد حتى تضرر أهل البادية أنفسهم نتيجة نقص مواردهم التي كانوا يجنونها من الطريق كجمالة أوحماة قوافل، فكانوا يهاجمون المحطات والمدن حدثا مسهم جوع وآنسوا من تلك المدن ضعفاً، وساعدهم على ذلك اتخاذهم الفرس سلاحاً فعالاً في غزواتهم حيث كانوا ينقضون بسرعة وقوة على ثغور تلك الدول ثم يعودون فارين إلى قلب الصحراء مما اضطر كثيراً من سكان الوديان على أطراف الصحراء إلى هجر ديارهم والاحتماء بالمرتفعات في الداخل، وقد ساعد هذا الوضع على نموقوة جديدة هي حمير التي حاولت الاستفادة من انتعاش الملاحة والتجارة على البحر الأحمر، فأقامت لها موانئ عليه وبنت لها أسطولاً ، وكانت حمير آخر دول اليمن القديم ظهوراً، ويرجح حتى ذلك اقترن ببداية التقويم المعروف بالتقويم الحميري الذي يبدأ حوالي 115ق،م، كما أسست عاصمتها ظفار في قلب المرتفعات اليمنية بعيداً عن الصحراء وهجمات البدو، وذلك في قاع الحقل بسند جبل ريدان، كما ازدهرت مدن الهضبة اليمنية في القيعان، بعد حتى كانت مدن الوديان الشرقية تحجب عنها المكانة والسمعة، وزادت سلطة الأقيال بعد حتى قلت هيبة هؤلاء من منافسة السلطة التقليدية فيها، وإعلان نفسه ملكاً على سبأ، ودخلت اليمن في فترة من الصراع على اللقب الملكي في سبأ، وهوصراع وإن أشبه صراع ملوك الطوائف ،إلا أنه كان تعبيراً عن الانتماء المشهجر والوحدة عبر حرص الملوك جميعاً وخاصة ملك حمير في ظفار-آخر دول اليمن القديم كما أسلفنا- على حتىقد يكون لقبه ملك سبأ وحمير ملك سبأ وذي ريدان ومثله كان بنوهمدان في ناعط وبنوبتع في حاز وبنومرثد في شبام وذوجرة في نِعض بالإضافة إلى سبأ في مأرب وقتبان في تمنع وحضرموت في شبوة، وكانت دولة معين في هذا العصر قد انتهت وضمت إلى سبأ في القرن الأول قبل الميلاد وبدأ الضعف يدب في قتبان خاصة تحت ضربات دولة حضرموت، منذ مطلع القرن الأول الميلادي، ثم ما لبثت حتى انتهت في القرن الثاني الميلادي، وضم ما تظل منها إلى حضرموت، وفي القرن نفسه انتهى حكم الأسرة التقليدية السبئية في مأرب، فهماً بأن مأرب نفسها لم تفقد أهميتها كعاصمة أومدينة حينذاك، ومما زاد في الصراع حدة بروز دولة أكسوم في الحبشة وهي الدولة التي قامت نتيجة استيطان يمني دام قروناً هناك، وساعد انتعاش الملاحة في البحر الأحمر على ازدهارها، ودخلت مع حكام اليمن في صراع أوتحالف حسب ما تقتضيه ظروفها، على حتى فترة النزاع ما لبثت حتى تبلورت في محاولة توحيد السلطة وإقامة دولة مركزية واحدة، وكان أول من قام بهذه المحاولة الملك شَعِر أوتر بن علهان نهفان الذي حمل لقب ملك سبأ وذي ريدان ، واتخذ من مأرب عاصمة له ومد نفوذه إلى كثير من بقاع اليمن بما فيها حضرموت، وذلك في أواخر القرن الثاني بعد الميلاد، كما حاولت ظفار ومأرب توحيد قواهما ضد الحبشة ، بل وتوحيد السلطة إبان حكم الملك الشهير إل شَرَحْ يحضب الذي شاركه الحكم أخوه يأزل بيِّن وكان ذلك في أواخر النصف الأول من القرن الثالث الميلادي .

وفي الربع الأخير من القرن الثالث انتهت حضرموت كدولة على يد شَمّر يهرعش بن ياسر يهنعم ، وهوالملك الذي تنسب إليه الأخبار كثيراً من البطولات والأمجاد، بل هومن أبرز الشخصيات الملحمية في قصص أهل اليمن، وقد استطاع هذا الملك حتى يوحد الكيانين السياسيين الباقيين وهما: سبأ وحمير في كيان واحد، وأقام حكماً مركزياً قوياً وحمل لقب ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت وانتهت مأرب كعاصمة وحلت محلها ظفار، وقد عهدت هذه الفترة التي تبدأ بتوحيد المناطق اليمنية في وطن واحد وسلطة مركزية واحدة عاصمتها ظفار بفترة حمير، وهي الفترة التي بقيت ذكراها عالقة في أذهان الناس ، وتناقل الرواة أخبارها قبل الإسلام أكثر من أية فترة سابقة في تاريخ اليمن القديم،

ويذكر نقش يمني حتى عامل شَمّر يهرعش في صعدة ريمان ذوحزفر اشهجر في عدة حملات وجهها هذا الملك شمالاً، ثم استمر غازياً، أوفي سرية حتى بلغ أرض تنوخ، وتنوخ هواتحاد القبائل العربية الذي كان أساس ما عهد بعد ذلك بدولة اللخميين في الحيرة، ويبدوحتى امرؤ القيس بن عمرومن مؤسسي تلك الدولة – كان ممن وقف في سبيل تلك الحملة اليمنية، ويذكر نقش النمارة الذي عثر عليه على قبر امرئ القيس أنه قام بحملات عسكرية باتجاه جنوب الجزيرة بلغت نجران مدينة شمر ، ويشهد نقش عامل شمر يهرعش على حتى جميع شبه الجزيرة العربية كانت امتداداً حيوياً للدولة اليمنية حيث لا حدود إلا حدود القوة والتمكن ، ويؤكد ذلك أيضا الحملات العسكرية المظفرة التي شنها خلفاء شمر يهرعش في منتصف القرن الرابع الميلادي في نجد والبحرين على الساحل الغربي للخليج العربي،

وقد كشفت الدولة الساسانية عن أطماعها في جزيرة العرب من خلال غزوات سابور ذي الأكتاف التي فصلها الطبري في تاريخه، ويعتقد أنها حدثت في هذه الفترة نفسها،

وفي نقش يمني آخر عثر عليه في عَبَدان منذ عهد قريب يدون أقيال حمير من الأيزون أخبار حملتهم العسكرية في منتصف القرن الرابع الميلادي وتمثل هذه الحملات اندفاع الحميريين نحوالشمال بعد الأحداث السابقة بزمن يسير، وأهم حملات الحميريين التي يذكرها النقش هي تلك التي بلغت مناطق اليمامة والبحرين شرق الجزيرة وأرض الأزد ( أزد عمان) ومناطق قبائل معد ونزار وغسان ،

وفي مطلع القرن الخامس الميلادي تولى الحكم أبي كرب أسعد بن ملكي كرب يهأمن المشهور بأسعد الكامل، ويعكس لقبه سعة نفوذ دولة حمير في عهده داخل شبه الجزيرة العربية ، فهوملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت وأعرابهم طودا وتهامة ، أما الطود فهوالحجاز كما يذكر ابن المجاور وتهامة هي جميع الساحل الشرقي للبحر الأحمر، أي حتى جميع الأعراب وهم القبائل البدوية في المشرق والحجاز وتهامة خضعت لحكمه، وكان اتحاد كندة في وسط الجزيرة مملكة تابعة له أيضاً، بل هناك من المؤرخين من يرى حتى هذا الملك وهويضيف إلى لقبه أنه ملك الأعراب في الطود والتهائم، إنما أراد حتى يقول أنه أصبح ملكاً للجزيرة العربية كلها، وفي وادي مأسل الجُمْح بنجد قرب الّدّاودمي، عثر على نقش باسم أبى كرب أسعد، يذكر أنه حل غازياً مع ابنه حسّان يهأمن في أرض معد وذلك يوافق ما ورد في خط التاريخ والأخبار، كما تروي الأخبار أنه مر بيثرب المدينة واعتنق الديانة اليهودية ومر بمكة وكسا الكعبة المشرفة،

والمعروف أنه لم يعثر على نقوش وثنية من عهده وعهد من خلفه، وكانت قبل ذلك كثيرة الانتشار وينطق:إن الناس في اليمن بدءوا يهجرون عبادة الأصنام، فمنهم من ولج اليهودية ومنهم من ولج النصرانية، ومنهم من بقي على وثنيته،

ويرى أهل الفهم حتى أسعد الكامل هذا هوالمشار إليه بقوله تعالى( أبرز خيرٌ أم قوم تبع) وقد ارتبط بذكر أبى كرب أسعد كثير من الأخبار والأقاصيص تشكل في مجملها ملحمة تاريخية تمجد أعماله وفتوحاته داخل اليمن وخارجه، وتنسب إليه عدداً من المدن التاريخية اليمنية مثل ظفار وبينون وغيمان وخمر وغيرها، وما زال الناس إلى اليوم ينسبون إليه الكثير من بقايا الآثار القديمة مثل السدود و"الجروف" و" الكرواف" والطرق وغيرها، بل إذا جميع ما تقادم العهد عليه، فهوعند بعضهم أسعدي، كقولهم عادي أومن صنعة قوم عاد لكل ما قديم عامة،


حمير

تمثال Ammaalay، القرن الأول ق.م.، اليمن.
آلهة اليمن القديم.

وكان سد مأرب خلال عمره الطويل يتصدع بين الحين والآخر لأسباب عديدة منها : السيول الكبيرة التي تنتج عن أمطار غزيرة وفيضانات، مما يدخل عموما في الكوارث الطبيعية، ومنها الزلازل، ومنها الإهمال، وضعف السلطة المركزية،

وقد جرت العادة حتى يهب الناس عندما يحدث ذلك إلى مكان السد بغية العمل والتعاون في إصلاح ما تهدم منه ، وتتولى تنسيق عملهم وتمويلهم سلطة مركزية قوية تجمع الإرادة وتحشد الإمكانات اللازمة، كما وقع في عهد شرحبيل يعفر عام 450 م، وفي عهد أبرهة عام 542 م ، والذي تمكن ومن معه من أهل اليمن من إصلاحه، ودُوِّن ذلك في نقش كبير فصلت فيه نفقات إصلاحه، والجموع التي شاركت فيه وذكرت فيه أيضا الوفود الأجنبية من فارس والروم والغساسنة والمناذرة التي وصلت للمشاركة في الحفل الذي أقيم بتلك المناسبة، غير حتى تفجر السد الأكبر والأخير لم يكن عادياً، بل كان خارقاً للعادة، وكارثة كبرى أتت على معظم بنيان السد، وجرفت معظم منشآت الجنتين، فكان حتى شُلَّ نظام الري بأجمعه، وبدلت صورة الحياة في تلك الأرض تماماً، وقد ذكر القرآن الكريم العبرة الإلهية والسبب في ذلك ، نطق تعالى:( فأعرضوا فأوفدنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل)

إلا حتى تفجر السد النهائي يرجح أنه قد سقط في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي ، وبعده يحدث النزوح لأهل اليمن باتجاه الشمال فيؤسسون لهم هناك مستقرات جديدة كما عمل الأوس والخزرج في يثرب وهم فرع من الأزد، أوكما عمل فرع آخر من الأزد في جهات حوران من بلاد الشام وأسس دولة الغساسنة كما كان هناك المناذرة باتجاه العراق، وقد لعبت جميع تلك المستقرات اليمنية دوراً في صياغة الشخصية العربية بعدئذ لكل شبه الجزيرة العربية،

وكان آخر من حكم من ملوك حمير قبل دخول الحبشة إلى اليمن عام 525 للميلاد رجل اسمه أسأر يثأر من العائلة اليزنية، واشتهر بذي نواس، وينطق إنه تسمى يوسف بعد حتى اعتنق اليهودية، من الممكن كرد عمل لتغلغل النفوذ الروماني عبر المسيحية التي كانت نجران قلعة من قلاعها، وكان أهل الحبشة يدينون بالنصرانية، ويشرفون على النشاط المسيحي في اليمن، حيث دان أقوام بالمسيحية منذ حتى دخلت إليه في حوالي منتصف القرن الرابع الميلادي، ومن أولئك نصارى نجران،

وكان النفوذ الحبشي قد اشتد في اليمن، فاشتبك ذونواس معهم في معارك طاحنة، كانت الغلبة فيها أول الأمر لذي نواس، حيث ألحق بهم الهزائم تلوالهزائم ، وانتهت بحرق كنائسهم وتعقبهم في جميع مكان، ولم يشأ أهل نجران حتى يهجروا دينهم ويعتنقوا بدلاً منه دين ملكهم، فما كان من هذا الملك إلا حتى دمر كنائسهم وأحرقها وقتل المؤمنين منهم بالنصرانية وألقاهم في الأخدود، ويجد المرء ما يوافق تلك الحادثة في سورة البروج من القرآن الكريم ، وانسحب الأحباش بعد هزائمهم في تلك المعارك ليعودوا من حديث بعد سنوات لغزواليمن وتمكنوا بمساعدة إمبراطور الروم من إلحاق الهزيمة بذي نواس واحتلال اليمن ، وكان ذلك عام 525 للميلاد،

وولي اليمن نيابة عن نجاشي الحبشة إنسان يدعى أبرهة وهوالذي تهدم سد مأرب في زمنه كما أسلفنا وأصلحه، لكن أبرهة استبد بالأمر في اليمن وخلع طاعة النجاشي وسمى نفسه ملكاً على اليمن ، وقام بغزوات عديدة لإخضاع القبائل المتمردة عليه في الداخل، وبأخرى لمد نفوذه في الجزيرة، على حتى دولته لم تدم طويلاً إذ حتى الفرس بدءوا يتحينون الفرصة للسيطرة على اليمن في إطار صراعهم الطويل مع الروم، وتنافس الطرفان على كسب مناطق نفوذ لهما، فكان حتى أوفد الملك الساساني عن طريق ملوك الحيرة قوات فارسية إلى اليمن، تمكنت بالتعاون مع قائد يمني من ذي يزن اشتهر باسم سيف من تقويض نفوذ الأحباش في اليمن وطردهم،

على أنه مما بقي عالقاً في أذهان أهل اليمن وتواتر أخبارهم سيرة حملة أبرهة الفاشلة على مكة، وهي الحملة التي قصد منها هدم الكعبة واتخاذ القليس في صنعاء كعبة يحج إليها الناس بدلاً منها، وقد أشار القرآن إلى هذه السيرة في سورة الفيل،

وفي عام الفيل ولد النبي في مكة وروي حتى جده عبد المطلب بن هاشم كان في جملة الوفود التي وصلت إلى صنعاء لتهنئة سيف بن ذي يزن بفوزه على الحبشة، وتوليه سُدة الحكم في اليمن إلا حتى ذلك لم يدم طويلاً، فقد قرر كسرى الثاني برويز الملك الساساني حتى يجعل من اليمن ولاية فارسية، وكان حتى تم له ما أراد، وعين عليها والياً فارسياً في اليمن حوال عام 598 ، وكانت اليمن بعد تحولها إلى ولاية فارسية لا تزال تشكل مركز الاستقطاب والثقل في الجزيرة العربية ، ويمكن الاستشهاد على ذلك بتصورات الملك الفارسي لدور اليمن في الجزيرة، فقد أوفد كما هومعلوم إلى واليه في اليمن حتى يقبض على رسول الإسلام محمد بن عبد الله (ص) في الحجاز وكأنه بهذا الطلب ينظر ببداهة إلى نفوذ اليمن في منطقة شمال الجزيرة العربية،

وقد ضعفت أحوال اليمن الداخلية في عهد الحكم الفارسي وفقدت السلطة المركزية هيبتها في البلاد وهوما أفسح الطريق لبروز الزعامات القبلية الكثيرة إلى جانب حكم الوالي الفارسي في صنعاء وبعض مناطق أخرى من اليمن ، وهذا هوالوضع السياسي الذي ستشرق شمس الإسلام واليمن عليه وسيتغير بعد ذلك ضمن المتغيرات الكبرى التي أحدثتها دعوة النبي محمد عليه الصلاة والسلام الناس جميعاً إلى دين الإسلام. وقبل الإسلام عبد اليمنيون عدداً من الآلهة أهمها: الكواكب والأجرام السماوية، كالشمس والقمر والزهرة، أما اليهودية والمسيحية فقد بدأت بالظهور في اليمن ابتداءً من القرن الرابع الميلادي فتداخلت مع ديانات محلية ذات طابع توحيدي كعبادة الرحمن، كما شاع بين أهل اليمن القديم السحر والشعوذة .

أكسوم

الفترة الساسانية (570-630م)

أوفد الملك الفارسي كسرى الأول قوات بقيادة وهريز، الذي ساعد البطل شبه الأسطوري سيف بن ذي يزن على طرد الاحتلال الحبشي من اليمن. أصبح جنوب الجزيرة العربية من الأملاك الفارسية تحت تابع يمني وبذلك ولج اليمن في دائرة نفوذ الامبراطورية الساسانية. وفي وقت لاحق، أُرسِل جيش آخر إلى اليمن، وفي 597/8 أصبح جنوب الجزيرة العربية مقاطعة في الامبراطورية الساسانية تحت إمرة ساتراپ فارسي. وقد كان اليمن مقاطعة فارسية بالإسم ولكن بعد حتى اغتال الفرس ذي يزن، فقد انقسم اليمن إلى عدد من الممالك المستقلة.

هذا التطور كان نتيجة السياسة التوسعية التي اتبعها الملك الساساني كسرى الثاني پرويز (590–628)، الذي كان يهدف إلى تأمين المناطق الحدودية الفارسية مثل اليمن ضد التوغلات الرومانية/البيزنطية. إثر وفاة كسرى الثاني في 628، اعتنق الحاكم الفارسي للجنوب العربي، باذان الإسلام واتـَّبـَع اليمن الدين الجديد.

النظم المدنية لليمن القديم

ومن جهة النظم المدنية عهد اليمنيون القدماء القوانين والتشريعات كما يظهر ذلك في تنظيمات سوق شمر الشهير، والتي تشهد على نضج شرعي وسياسي معا ًوتدل على بنيان دولة متقدم وراقٍ وهوما يتضافر مع صورة النظام السياسي الشوروي الذي يقدمه القرآن على لسان ملكة سبأ بعد استقدامها من سليمان عليه السلام ليعرض صورة رائعة لمستوى التمدن الذي وصل إليه اليمنيون القدماء: " يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون ". ومع حتى القوانين لم تكن لتضم جميع اليمن إلا أنه كان هناك مرجعية قانونية ، وهي مجموعة القوانين والأعراف التي يصدرها الملوك والرؤساء يعودون إليها في مسائل الملكية وشؤون التجارة والمنازعات الأخرى . كما عهدوا العملة والأوزان والمكاييل وعهدوا الكتابة والنحت وحذقوا أسرار العمارة وفنونها فأنشؤوا القصور ومجمعات القصور والأبراج المحافد منها: قصر غمدان، وسلحين، وناعط، ومدر والتي شاهد بعضها المؤرخ والجغرافي اليمني أبومحمد الحسن الهمداني في القرن الرابع الهجري فأدهشته بجميل صنعها وجاد عليها لأجل ذلك بأدق الأوصاف وأجلها، وأنشأ أهل اليمن السدود وأنظمة الري المتطورة آنذاك؛ تقديراً منهم للزراعة وأهميتها وما سد مأرب إلا أشهرها.

كما بسطوا المدرجات الزراعية على الجبال وحفروا الصخر وبنوا معابد فخمة لا زال بعضها إلى الآن ينفث حوله مهابة وجلالاً ، وورثوا من جميع ذلك خبرات فنية وفكرية وحربية اختزنتها ذاكرتهم وتناقلتها الأجيال وستظهر تلك الخبرة بعدئذ في المهمات الكثيرة والجليلة التي ألقيت على عاتق أهل اليمن في ظل الإسلام ودولته، وقد أظهرت دراسة فهمية حديثة حول علاقات جنوب الجزيرة العربية بشمالها في القرنين الثالث والرابع للميلاد حتى المؤثرات الحضارية لأهل اليمن قد وصلت إلى الكيانات القبلية في شمال الجزيرة أيام تبعية الأخيرة لنفوذ سبأ وحمير بعد حملاتهما العسكرية على تلك الكيانات القبلية الشمالية، ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما عثر من آثار في عاصمة كندة ومذحج والواقعة في وادي الدواسر ، كما تظهر التأثيرات في التماثيل والأواني المنزلية التي كان لها علاقة بمثيلاتها في ممالك جنوب الجزيرة كتمثال الطفل المجنح الذي يشبه في ملامحه كثيراً من ملامح بعض التماثيل القتبانية

انظر أيضا

  • شبه الجزيرة العربية قبل الغسلام
  • الشرق الأدنى القديم
  • التاريخ الإسلامي لليمن

وصلات خارجية

Map: South Arabia in 540 CE (Archived 2009-10-25)

  • Original text from U.S. State Dept. Country Study
  • (1): DAUM, W. (ed.): Yemen. 3000 years of art and civilisation in Arabia Felix., Innsbruck / Frankfurt am Main / Amsterdam [1988]. pp. 53–4.
  • History of Yemen at utcyemen.com
  • Timeline of Art History of Arabia (including Yemen) on The Metropolitan Museum of Art website.
  • A Dam at Marib
  • Das Fenster zum Jemen (German)
  • Geschichte des Jemen (German)
  • History of Yemen on al-bab.com

المصادر

  1. ^ Jones 1863.
  2. ^ Michaelis 1762.
  3. ^ Niehbuhr 1772.
  4. ^ Halévy 1872.
  5. ^ Dostal 1990.
  6. ^ Phillips 1955.
  7. ^ Harding 1964.

قراءات إضافية

  • Alessandro de Maigret. Arabia Felix, translated Rebecca Thompson. London: Stacey International, 2002. ISBN 1-900988-07-0
  • Andrey Korotayev. Ancient Yemen. Oxford: Oxford University Press, 1995. ISBN 0-19-922237-1 [1].
  • Andrey Korotayev. Pre-Islamic Yemen. Wiesbaden: Harrassowitz Verlag, 1996. ISBN 3-447-03679-6.
  • Paul Yule. Himyar: Spatantike in Jemen / Late Antique in Yemen. Aichwald: Linden Soft, 2007. ISBN 978-3-929290-35-6

تاريخ النشر: 2020-06-09 14:28:10
التصنيفات: تاريخ اليمن

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

من قراءات اليوم الأول من الصوم الكبير

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:21:26
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 69%

زلزال جديد يضرب شمال مصر

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:08:59
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 79%

معرض أهلا رمضان فى إمبابة يطرح الدقيق بـ25 جنيها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:22:17
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 50%

الرئيس السيسى والعاهل البحرينى يتبادلان التهنئة بحلول شهر رمضان

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:20:57
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

بغياب ميسي.. أول سقوط لإنتر ميامي في الدوري الأمريكي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:07:39
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 94%

مواعيد مباريات اليوم.. تشيلسي يواجه نيوكاسل وقمة النصر والعين

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:22:06
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 39%

مؤمن زكريا يؤدي مناسك العمرة برفقة زوجته وابنه.. صور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:22:23
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 49%

مواعيد القطارات المكيفة والروسى على خط القاهرة - الإسكندرية والعكس

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:22:13
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 35%

وزير الرى يعلن مواعيد العمل فى رمضان بالوزارة.. من 9 صباحا حتى 2 ظهرا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:22:03
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 41%

عرض روسي صادم لبوغبا من أجل استكمال مسيرته

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:07:38
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 91%

صباح الخير يا مصر

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:21:27
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

قبل عرض الحلقة الأولى من مسلسل الحشاشين.. من هو حسن الصباح؟ - فن

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:20:43
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

أسعار الذهب تتراجع في أول أيام شهر رمضان - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:20:36
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

العدد الورقي الأسبوعي لجريدة وطني بتاريخ 10/3/2024

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-11 09:21:24
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية