مصطلح الحقارة يعني حرفيًا «حالة حتىقد يكون الشخص منبوذًا» وهويشير على الاستصغار. استكشِف المصطلح في فترة ما بعد البنيوية إذ إنه يزعزع بطبيعته الهوية التقليدية والمفاهيم الثقافية. وتفسير جوليا كريستيفا من ضمن أكثر التفسيرات انتشارًا للحقارة، والذي بُحث بالتفصيل في عملها الذي نُشر في عام 1980 «قوى الرعب: منطقة عن الدناءة». تصف كريستيفا الرعب الذاتي (الحقارة) بأنه الشعور الذي ينتاب الفرد عن مروره، أولقاءته (عقليًا وجسديًا)، بما تدعوه كريستيفا بـ «الواقع الجسدي» للشخص، أوانهيار في التمييز بين ما الذات وما هوالآخر.

أفضل وصف لمفهوم الحقارة هوأنه العملية التي من خلالها يفرق الشخص بين إحساسه بالذات عن تلك التي تهدد إحساسه بالحياة على الفور. الاحتقار يمنع الإدراك المُطلق للوجود، متممًا لمسار الدورات البيولوجية، والاجتماعية، والفيزيائية، والروحية. يمكن تقديم التصور الأفضل لهذا المفهوم بأنه رد عمل الفرد على التحديق إلى جثة بشرية، أوجيفة، كمُذَكر مباشر للموت الحتمي.

مفهوم كريستيفا عن الحقارة يُستخدم بشكل دارج لشرح الثقافة السردية المحبوبة للرعب، وإظهار السلوك التمييزي في كره النساء، ورهاب المثلية، والإبادة الجماعية. يعتمد مفهوم الحقارة على نظريات التحليل النفسي التقليدية لسيغموند فرويد وجاك لاكان.

في نظرية النقد الأدبي

بالاعتماد على العادة الفرنسية بالاهتمام بالوحشية (على سبيل المثال الروائي لويس فرديناند سيلين)، أوبالذات متمركزة في «القذارة» (على سبيل المثال المحلل النفسي جاك لاكان)، طورت جوليا كريستيفا فكرة الحقير المرفوض من الصواب الاجتماعي ويعكره – والصواب الاجتماعي هوالاتفاق الاجتماعي الذي يؤيد النظام الاجتماعي. «الحقير» يتواجد وفقًا لذلك في مكان ما بين مفهوم الشيء ومفهوم الذات، ممثلًا العناصر التابوللنفس المنفصلة بالكاد في الفضاء الحدي. تدعي كريستيفا حتى بين حدود ما يُعهد الذات -جزء من نفسه- والشيء -يوجد شيء ما بشكل منفصل عن النفس-  وهناك تكمن بتر كان يومًا ما مُصنفة كجزء من النفس أوهوية الفرد التي رُفضت منذ ذلك الحين – وهوالحقير.

من الضروري ملاحظة، مع ذلك، حتى كريستيفا خلقت تمييزًا في المعنى الحقيقي للحقارة: فليس النقص في «النظافة أوالصحة» هوسبب الحقارة، وإنما هوما يزعج الهوية والنظام والمنظومة. وبما حتى الحقارة تقع خارج النظام الرمزي، فإن الإجبار على لقاءتها هي تجربة صادمة بطبيعتها، مثل الاشمئزاز الناتج عن لقاءة القذارة، أوالفضلات، أوالجثث – شيء يُلقى بعنف من العالم الثقافي، بعد حتى كان ذاتًا. ومن ثم فإن الإحساس بالحقير يكمل وجود الأنا العليا – ممثلة الثقافة، في النظام الرمزي: في قول كريستيفا المأثور«تمتلك جميع أنا الشيء الخاص بها، وتمتلك جميع أنا عليا الحقير الخاص بها».

من وجهة نظر كريستيفا للتحليل النفسي، فإن الحقارة تتم بالجزء الذي نقصيه من أنفسنا: الأم. يجب حتى نحتقر الأمومة، الشيء الذي خلقنا، وذلك من أجل تشكيل هوية. الحقارة تحدث على المستوى الجزئي للكيان المتحدث، خلال ديناميكيتها الذاتية، بالإضافة إلى المستوى الكلي للمجتمع، خلال «اللغة كقانون مشهجر وعالمي». فنستخدم الطقوس، خاصة طقوس الدنس، لمحاولة الحفاظ على حدود واضحة بين الطبيعة والمجتمع، والسيميائية والرمزية، بشكل متناقض يستثني كلاهما مفهوم الحقارة عادة ما يقترن (وأحيانًا يختلط) مع فكرة الغرائبية، مفهوم شيء ما بكونه «غير مُعتاد»، أودخيل، لكنه مألوف. يمكن للحقير حتىقد يكون غرائبي بمعنى أنه يمكننا التعهد على جوانبه، بالرغم من كونه «دخيل»: الجثة، بعد خروجها من النظام الرمزي، تخلق حقارة خلال غرائبيتها – وتخلق تنافر معهدي.

في نظرية النقد الاجتماعي

عادة ما تُستخدم «الحقارة» لوصف حالة المجموعات المُستبعدة اجتماعيًا في كثير من الأحيان، مثل النساء، والأمهات غير المتزوجات، وأصحاب الأقليات الدينية، والعاملات بالجنس، والمدانين، والفقراء، وأصحاب الإعاقات. بتفكيك الأحاديث الجنسية والتاريخ الجندري أوجز إيان ماكورميك الروابط المتكررة بين رغبة التعدي الممتعة، والفئات المنحرفة من السلوك، والاستجابات لسوائل الجسم في النادىرة واللواط والاستمناء(التلوث الذاتي، النجاسة، القذارة) في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ويُستخدم مصطلح فضاء الحقارة أيضًا، وذلك للإشارة إلى فضاء تسكنه الأمور أوالأشخاص المُستحقرين.

في الدراسات الاجتماعية

الحقارة هي مفهوم يُستخدم عادة لوصف الأجسام والأمور التي نجدها منفرة أومقززة، ومن أجل الحفاظ على هوية الفرد تُنبذ هذه الأمور. كريستيفا استخدمت هذا المفهوم لتحليل رهاب الأجانب ومعاداة السامية، وكانت بالتالي أول من يطبق الحقارة على تحليل ثقافي. سعت إيموجين تايلر لجعل المفهوم أكثر اجتماعية من اجل تحليل الحقارة كعملية اجتماعية نعيشها وباعتبار كلًا من الممارس للاستحقار والذين يتعرضون للاستحقار، بين تمثيل القوي ومقاومة المُضطهد. أجرى تايلر فحصًا حول الكيفية التي وصفت بها بريطانيا المعاصرة مجموعات معينة من الناس -أغلبهم من الأقليات- كرموز ثائرة، وكيف يثور هؤلاء الأفراد ضد هويتهم الحقيرة، وتُعهد أيضًا بالتهميش أوالوصم أوالاستبعاد الاجتماعي.

يجري الاستكشاف أيضًا في الكيفية التي ينظر بها الأشخاص إلى الآخرين الذين قد تبدوأجسامهم مختلفة عن التقليدي بسبب السقم، أوالإصابة، أوعيب خلقي. أكد الباحثين مثل فرانسيز على أهمية العواقب الشخصية الناتجة عن هذا البحث. فالشخص صاحب الإعاقة، بكونه مشابه لنا وأيضًا مختلف عنا، هوالشخص الذي يتواجد الاحتقار عن طريقه والأشخاص الذي يشاهدون هذا الفرد يتفاعلون إما بمحاولة تجاهله أورفضه، أوبمحاولة الانخراط وغمر أنفسهم فيه. في هذه الحالة، يدعي فرانسيس، حتى الأول يظهر عن طريق رفض التواصل البصري أوالاعتراف بوجود الشخص ذي الإعاقة، بينما الأخير يظهر من خلال التحديق الفضولي. العواقب الشخصية التي تنتج عن هذا هي إما إنكار الشخص صاحب الإعاقة ومعاملته كأنه «آخر» -شيء يمكن تجاهله- أوحتى يُحدد الفرد بوضوح وتعريفه كمسبب للكآبة.

تعود جذور الفن المعبر عن مفهوم الحقير لقديم الزمان. تُعهد مؤسسة التيت الفن المعبر عن مفهوم الحقير بأنه الفن الذي «يستكشف الموضوعات التي تتعدى وتهدد شعورنا بالطهارة والاستقامة، خاصة التي تشير إلى الجسم والوظائف الجسدية.» عبر الرسامون عن الانجذاب إلى الدم في فترة طويلة سابقة لعصر النهضة لكن لم يحدث حتى حركة دادا حتى يصل الافتنان بالخطيئة والحرام إلى الفن المعبر عن مفهوم الحقير، كحركة، لتصبح متواجدة. وتأثرت بمسرح القسوة الخاص بأنطوان أرتود. وعهد متحف ويتني بمدينة نيويورك الفن المُعبر عن مفهوم الحقير في عام 1993.

انظر أيضًا

  • جورج باطاي
  • الآخر (فلسفة)
  • نظرية أحرار الجنس
  • كائنات الراحة

مراجع

  1. ^ Team, Almaany. "تعريف وشرح ومعنى حقر بالعربي في معاجم اللغة العربية مختار الصحاح - معجم عربي عربي صفحة 1". www.almaany.com (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 18 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 03 ديسمبر 2019.
  2. Childers, Joseph (1995). Childers, Joseph; Hentzi, Gary (المحررون). The Columbia Dictionary of Modern Literary and Cultural Criticism. صفحة 1. ISBN .
  3. ^ Gross, Elizabeth (2012). "The Body of Signification". In Fletcher, John; Benjamin, Andrew (المحررون). Abjection, Melancholia and Love: The Work of Julia Kristeva. Routledge. صفحات 92–93. ISBN .
  4. ^ Sjhölm, Cecelia (2009). "Fear of Intimacy? Psychoanalysis and the Resistance to Commodification". In Oliver, Kelly; Keltner, S. K. (المحررون). Psychoanalysis, Aesthetics, and Politics in the Work of Julia Kristeva. State University of New York Press. صفحات 181–88. ISBN .
  5. ^ Geoffrey Brereton, A Short History of French Literature (1954), p. 246.
  6. ^ Jacques Lacan, The Four Fundamental Concepts of Psycho-Analysis (1994), p. 258.
  7. ^ Julia Kristeva, Powers of Horror: An Essay on Abjection (1982)m p. 65.
  8. ^ Childers/Hentzi, p. 308.
  9. ^ Kristeva, "Powers of Horror", p. 4; Guberman, "Julia Kristeva Interviews", (1996).
  10. ^ Julia Kristeva, 'Approaching Abjection'. نسخة محفوظةتسعة مارس 2013 على مسقط واي باك مشين.
  11. ^ Kristeva, p. 15.
  12. ^ Kristeva, p. 2.
  13. ^ Barbara Creed, in Ken Gelder, The Horror Reader (2000), p. 64.
  14. ^ Oliver, "Psychoanalysis, aesthetics, and politics in the work of Kristeva" (2010).
  15. ^ "Revolting subjects: Social abjection and resistance in neoliberal Britain" (2013), p. 599
  16. ^ "Damaged or unusual bodies: Staring, or seeing and feeling" (2014), p. 198–200.
تاريخ النشر: 2020-06-10 09:57:33
التصنيفات: حركات فنية, علاج نفسي, ما بعد البنيوية, نظرية تنظيمية, نظرية ما بعد الحداثة, صفحات بها مراجع بالإنجليزية (en), قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات يتيمة منذ ديسمبر 2019, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة علم النفس/مقالات متعلقة, بوابة فلسفة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مواعيد عرض الحلقة 11.. من مسلسل ضرب نار على ON وON دراما

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:26:32
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 48%

المغرب وإسرائيل..”تنسيق” يصل مرحلة إطلاق مركبة إلى القمر

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:26:13
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 74%

شركة إسرائيلية تستعد لافتتاح “أول” فنادقها بمدينة الداخلة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:34
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 85%

بن ناصر يعود الى اهتمامات فريقه السابق ارسنال الإنجليزي 

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:29
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 57%

ديلور: المنافسة داخل نانت مع المصري مصطفى محمد لا تخيفني  

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:12
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

صحيفة: صادرات المغرب من السيارات ترتفع بـ ” 40 بالمائة”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:26:06
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 73%

عاجـــل..وفاة الفنان أحمد جواد متأثرا بحروقه

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:24
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 70%

ملعب تيزي وزو الجديد على موعد مع احتضان لقاء تقني و تجريبي  

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:36
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 51%

جمارك سطيف تحبط عملية تهريب 4051 خرطوشة صيد من مختلف العيارات

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:40
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 68%

تفاصيل توقيف شرطي أطلق الرصاص على “مقدم” و”مخزني” بمراكش

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:41
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 76%

الشيخ إبراهيم السيد مطر يشدو بابتهال يزلزل أركان المحبين

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:26:25
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 36%

جاموس أم بقر؟..وزير الفلاحة أمام المساءلة البرلمانية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:48
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

دار الإفتاء: إطعام المساكين سبب للنجاة 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:06
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

ميناء الإسكندرية يحقق أعلى معدلات حركة سفن منذ 7 سنوات

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:26:21
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 44%

حجام يغيب عن مباراة لنانت بسبب الصيام

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:18
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

بسبب الجفاف…تونس تقطع الماء ليلا وتعتمد “نظام الحصص”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-02 18:25:15
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 81%

تحميل تطبيق المنصة العربية