إلحاد هندوسي

الإلحاد (بالسنسكريتية: निरीश्वरवाद، nir-īśvara-vāda، lit. «الإقرار بعدم وجود إله»، «عقيدة الإلحاد») أوالكفر بالإله أوالآلهة هووجهة نظر تاريخية طُرحت في الكثير من التيارات التقليدية (الأصولية) والمبتدَعة في الفلسفة الهندية. توجد ست مدارس تقليدية (أصولية) رئيسية (تسمى آستيكا -astika) في الفلسفة الهندوسية، وهي النيايا، والفايشيشيكا، والسامخيا، واليوغا، والميمامسا، والفيدانتا، وخمس مدارس مبتدعة رئيسية (تسمى ناستيكا nāstika) للسمنية (الشرمانا) وهي الجايانية (اليانية)، والبوذية، والآجيفيكا، والأجنيانا، والكارفاكا. المدارس الأربع الأكثر دراسة في ناستيكا، وهي المدارس الرافضة لعقيدة الفيدا، هي اليانية، والبوذية، والكارفاكا، والآجيفيكا.

بينما لا ترفض السامخيا، واليوغا، والميمامسا من بين مختلف المدارس التقليدية (الأصولية) للفلسفة الهندوسية، الفيدا أوالبراهما، فإنها عادةً ما ترفض الإله الشخصي، أوالإله الخالق، أوالإله ذا الصفات.

تنظر بعض المدارس الفكرية إلى مسار الإلحاد على أنه مسار سليم (مقبول) ولكن يصعب متابعته (اتباعه) في الأمور الروحانية.

أصل الحدثة (اشتقاقها)

يشير مصطلح Āstika السنسكريتي («المتدين، التقليدي/ الأصولي» إلى الأنظمة الفكرية التي تقر بصحة الفيدا. بالسنسكريتية asti تعني «هناك»، وĀstika (القاعدة رقم 4.2.60 لبانيني) مشتقة من عمل، يعنى «الشخص الذي يقول asti ». تقنيًا، يشير مصطلح Āstika في الفلسفة الهندوسية فقط إلى قبول سلطة الفيدا، وليس الإيمان بوجود إله.

رغم ذلك، حتى عندما أعرب الفلاسفة امتثالهم للفيدا، فإن امتثالهم هذا لم يعمل شيئًا يقيد حرية مشاريعهم التأملية (التفكرية). بالعكس، فقبول سلطة الفيدا كان وسيلة مريحة لتصبح وجهات نظر الفيلسوف مقبولة بين التقليديين (الأصوليين)، حتى لوقدم المفكر فكرة جديدة تمامًا. وبالتالي، أمكن الاستشهاد بالفيدا لتأييد مجموعة واسعة من وجهات النظر، إذ استخدمها مفكروالفايشيشيكا (أي أولئك الذين يؤمنون بالتفاصيل النهائية أوالمفردات المطلقة، جميع من الأرواح الفردية والذرات) بقدر فلاسفة أدفايتا فيدانتا.

التطور التاريخي

يتعامل الريجفيدا، الجزء الأقدم بين أجزاء الفيدا، بتشكك كبير فيما يحيط بالسؤال الأساسي عن الإله الخالق وخلق الكون. إذ لا يقبل، في كثير من الحالات، بشكل قاطع وجود إله خالق. تنص الناساديا سوكتا Nasadiya Sukta (ترنيمة الخلق) في الفصل العاشر من الريجفيدا على:

من أين خلقت،يا ترى؟ من أين أتى هذا الخلق؟

اتىت الآلهة بعد ذلك، مع خلق هذا الكون.

فُسِرت البريهادارانيكا، والإيشا، والمونداكا (التيقد يكون فيها البرهمي جميع شيء و«لا شيء») وخاصةً التشاندوجيا أبانيشادس على أنها إلحادية بسبب تأكيدها على النفس الذاتية.

كانت الميمامسا مدرسة فلسفية واقعية تعددية تهتم بتفسير الفيدا. وكان النص الأساسي لها هوسوترا البروفا ميمامسا لجايميني Purva Mimamsa Sutras of Jaimini (حوالي 200 ق.م. - 200 م). افترض فلاسفة الميمامسا حتى وحي (إلهام) الفيدا كان مقدسًا، وبلا مؤلف (apaurusheyatva) ومعصومًا، وبضرورة الحفاظ على قدسية الطقوس الفيدية للحفاظ على الدارما (النظام الكوني). نتيجة للإيمان بحرمة الطقوس، رفض أتباع الميمامسا تصور الإله في أي شكل. أتى المعلقون المتأخرون على سوترا ميمامساthe Mimamsa sutras مثل برابهاكَرا (القرن السابع الميلادي) بالحجج ضد وجود الإله. لم تقبل الميمامسا المبكرة الإله فحسب، بل نطقت إذا العمل البشري نفسه كان كافيًا لخلق الظروف اللازمة للتمتع بثماره.

السامخيا مدرسة أصولية (أستيكا) من مدارس الفلسفة الهندوسية الهندية وهي ليست ملحدة تمامًا وتؤمن بالثنائية بشدة. النص الرسمي الأقدم الباقي لفلسفة السامخيا الكلاسيكية هوكتاب ايشفاركرشنا (Iśvarakṛṣṇa) السانكهياكاريكا (Samkhyakarika) (حوالي 350-450 م). يغفل السانكهياكاريكا ذكر مسألة وجود الإيشفارا (الروح العظمى) أوعدم وجوده، رغم حتى معلقي الألفية الأولى مثل جودابادا يفهمون النص بكونه متوافقًا مع بعض المفاهيم عن الإله. ومع ذلك، تحاول السامخيا سوترا (القرن الرابع عشر م.) وتعليقاتها صراحة دحض وجود الإله بحجة منطقية.

الحجج ضد وجود الإله في الفلسفة الهندوسية

دفع أتباع الميمامسا بأنه لا حاجة لافتراض وجود صانعٍ للعالم، تمامًا كما لم تكن هناك حاجة لمحرر يؤلف الفيدا أوإله لإثبات صحة الطقوس. ظنوا كذلك حتى الآلهة المدرجة أسماؤها في الفيدا ليس لها وجود مادي بمعزل عن الترانيم الذي تنطق بأسمائها. في هذا الصدد، كان ينظر إلى قوة الترانيم باعتبارها قوة الآلهة. برر أتباع الميمامسا عدم إمكانية حتىقد يكون الإله غير المادي من ألف الفيدا، لأنه لنقد يكون لديه أعضاء لنطق الحدثات. لا يستطيع الإله المتجسد أيضًا تأليف الفيدا لأن مثل هذا الإله سيخضع للقيود الطبيعية للفهم الحسية، وبالتالي، لنقد يكون قادرًا على إنتاج الوحي الخارق مثل الفيدا.

دفعت السامخيا بالحجج التالية ضد فكرة وجود إله خالق أبدي مستحدث بذاته:

إذا افتُرِضَ وجود الكارما، فإن اقتراح وجود الإله بصفته حاكمًا أخلاقيًا للكون ليس ضروريًا. لأنه، إذا كان الإله يفرض عواقب على الأفعال، فيمكنه عمل ذلك دون كارما. أما إذا افترض حتىقد يكون في نطاق ناموس الكارما، فستكون الكارما ذاتها هي الفارض للعواقب ولن تكون هناك حاجة إلى إله.
حتى لوأنكرت الكارما، ما زال من غير الممكن حتىقد يكون الإله منفذًا للعواقب. لأن دوافع الإله المنفذ ستكون إما أنانية أوإيثاريه. لا يمكن افتراض حتى دوافع الله إيثاريه لأنه ما كان لإلهٍ إيثاري حتى يخلق عالمًا مليئًا بالمعاناة. وإذا افترض حتى دوافعه أنانية، فلا بد من الاعتقاد بأن الإله لديه رغبة، إذ لا يمكن تأسيس الوكالة أوالسلطة في غياب الرغبة. ومع ذلك، فإن افتراض حتى الإله لديه رغبة يفترض أن يتعارض مع حرية الإله الأبدية التي لا تتطلب إلزامًا بالأعمال. علاوة على ذلك، فإن الرغبة، وفقًا للسامخيا، هي خاصية للبراكريتي ولا يمكن التفكير بتطورها لدى الإله. شهادة الفيدا، وفقًا للسامخيا، تؤكد أيضا هذا التصور.
رغم الحجج التي تشير إلى عكس ذلك، إذا افتُرض أنه ما زال لدى الإله رغبات غير محققة، فهذا من شأنه حتى يسبب له المعاناة من الألم والتجارب البشرية المماثلة الأخرى. ومثل هذا الإله الدنيوي لنقد يكون أفضل من تصور السامخيا عن الذات العليا.

المراجع

^ Daga, Mahesh (22 May 2004). "The Speaking Tree – The Atheistic Roots of Hindu Philosophy". تايمز أوف إينديا. مؤرشف من الأصل في 16 أكتوبر 2013.
^ "Dominion Status : Written for the 'Daily Mail'", India : Speeches and an Introduction, Thornton Butterworth, Ltd., 1931, doi:10.5040/9781472581334.ch-002, ISBN CS1 maint: ref=harv (link)
^ Flood, Gavin (1996). An Introduction to Hinduism. Cambridge: Cambridge University Press. صفحات 82, 224–49. ISBN .
^ Palash Krishna Mehrotra (29 August 2015). "The tradition of atheism in India goes back 2,000 years. I'm proud to be a part of that". The Daily Mail. مؤرشف من الأصل في 25 ديسمبر 2018.
^ Hari Ravikumar (27 August 2015). "Why Indian philosophy is incomplete without atheism". Daily O. مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 2019.
^ Chakravarti, Sitansu (1991). . Motilal Banarsidass. صفحة 71. ISBN . مؤرشف من الأصل فيسبعة يناير 2019. According to Hinduism, the path of the atheist is a very difficult one to follow in matters of spirituality, though it is a valid one.
^ Kapoor, Subodh (December 2004). . Genesis Publishing Pvt Ltd. صفحة 6. ISBN . مؤرشف من الأصل في 14 يناير 2020.
^ Pruthi (2004). . Discovery Publishing House. صفحة 214. ISBN . مؤرشف من الأصل في 27 ديسمبر 2016.
^ "Indian philosophy". Encyclopedia Britannica (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في ثلاثة نوفمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 19 يوليو2019.
^ Kenneth, Kramer (1986). . صفحة 34. ISBN . مؤرشف من الأصل في 14 يناير 2020.
^ Subodh Varma (May 6, 2011). "The gods came afterwards". تايمز أوف إينديا. مؤرشف من الأصل فيخمسة فبراير 2020. اطلع عليه بتاريخ 09 يونيو2011.
^ Bhatt, Chetan (1997). . روتليدج. صفحة 160. ISBN . مؤرشف من الأصل في 16 يناير 2020.
^ Vitsaxis, Vassilis (2009), , Somerset Hall Press, صفحات 517–518, ISBN , مؤرشف من الأصل في 15 يناير 2020 CS1 maint: ref=harv (link)
^ Warder, Anthony Kennedy (1998), , Motilal Banarsidass, صفحة 187, ISBN , مؤرشف من الأصل في 16 يناير 2020 CS1 maint: ref=harv (link)
^ Bales, Eugene F. (1987), , University Press of America, صفحة 198, ISBN , مؤرشف من الأصل في 14 يناير 2020 CS1 maint: ref=harv (link)
^ Encyclopædia Britannica (2007)
^ King, Richard (1999), , Edinburgh University Press, ISBN , مؤرشف من الأصل في 16 يناير 2020 CS1 maint: ref=harv (link)
↑ Nicholson, Andrew J. (2016). "Hindu Disproofs of God: Refuting Vedāntic Theism in the Sāṃkhya Sūtra". In Ganeri, Jonardon (المحرر). Oxford Handbook of Indian Philosophy. doi:10.1093/oxfordhb/9780199314621.013.29.
^ Michaels, Axel (2004), , Princeton, New Jersey: Princeton University Press, صفحة 264, ISBN , مؤرشف من الأصل في 1 يونيو2016 CS1 maint: ref=harv (link)
^ Sen Gupta, Anima (1986), The Evolution of the Samkhya School of Thought, New Delhi: South Asia Books, صفحة 6, ISBN CS1 maint: ref=harv (link)
^ Dasgupta, Surendranath (1992). . Motilal Banarsidass Publ. صفحة 258. ISBN . مؤرشف من الأصل في 20 ديسمبر 2019.
^ Neville, Robert (January 2001). . صفحة 51. ISBN . مؤرشف من الأصل في 18 أبريل 2017.
^ Coward, Harold (7 February 2008). . صفحة 114. ISBN . مؤرشف من الأصل في 22 ديسمبر 2019.
^ Cowell, E. B.; Gough, A. E. (2001), , Taylor & Francis, صفحات 189–191, ISBN , مؤرشف من الأصل في 21 ديسمبر 2019 CS1 maint: ref=harv (link)