هل ثمة مخرج؟


الفاضل عباس علي.

يشفق المراقبون والوطنيون على الأوضاع المأزومة في بلادنا، ويقلبون في رؤوسهم كافة السناريوهات المحتملة، ولسان حالهم يقول (ربنا يكضب الشينة.)

ومبعث القلق هو سلحفائية الحكومة الانتقالية فيما يختص بالملفات التى لا تحتمل تأخيرا أكثر من الثمانية شهور التى تصرمت: وبالتحديد الملف الاقتصادي وغلاء الأسعار والضائقة المعيشية، وملف التحقيقات الخاصة بمجزرة فض الاعتصام، وملف رموز النظام البائد القابعين بكوبر بلا محاكمات، ومعهم رصفائهم الأكثر خطورة الذين يجوبون الآفاق –  ما بين الخرطوم والقاهرة وأنقرا والدوحة.

ولقد أغرت الأوضاع الحالية السائبة فلول الإخوان المسلمين للتطاول والبجاحة وتنظيم وقفة البارحة أمام رئاسة الجيش، ويبدو أنها كانت محروسة بواسطة قوات الأمن والشرطة؛ وللتطاول أكثر بالهجوم الهمجي الوقح علي منزل الشهيد كشة والاشتباك مع والديه بغرض تسبيب الأذى الجسيم لهما، وربما اغتيالهما، على مرأي ومسمع من مفارز للشرطة والجيش موجودة بنفس الشارع. ولقد أوغلت قوى الثورة المضادة في قلة الأدب واللايفات والحضور الإسفيري، والتدخل والانتشار عبر المحطات والإذاعات الثرثارة المتآمرة بالداخل والخارج.

يتعين علينا والحالة هذه أن نتوقف هنيهة ونتلمس نقاط الضعف وسطنا، وأن نشذب ونقص القوادم من جناحنا، وأن نتخلص من الفروع والحطب اليابس الذي فقد اخضرار الثورة وعنفوانها، وركن للسلطة كأنها المبتغي في ذاتها، وكأنها سدرة المنتهي، وتفيأ ظلالها وشمخ بأنفه غرورا ونفخة فارغة، مبتعدا رويدا رويدا عن نبض الشارع وروح ثورة ديسمبر العملاقة العبقرية.

ولكي نستعيد زخم تلك الثورة الجبارة، علينا الاحتفاء بذكرى مليونية الثلاثين من يونيو، غير عابئين بالكرونة التى تحدتها جماهير المدن الأمريكية والعواصم الأوروبية طوال الاسبوعين المنصرمين،  ومستنهضين ذات الروح الثورية التى فجرت تلك المواكب الأسطورية بكل السودان قبل عام، والتى أجبرت العساكر على العودة لطاولة المفاوضات.

أما هذه المرة، وانطلاقا من دروس الجرجرة التى تعلمناها خلال الثمانية أشهر المنصرمة، فإن سقف الشارع لن ينزل دون المدنية كاملة الدسم، بما يعني ذهاب مجلس السيادة، وإحلاله بآخر من خمسة أعضاء مدنيين ذوي مواقف واضحة ضد النظام البائد + عسكري واحد من الضباط المفصولين بواسطة النظام البائد، مثل العميد عصام ميرغني أو العميد السر أحمد سعيد، بالإضافة لتعيين وزيرين للدفاع وللداخلية بواسطة مجلس الوزراء والمجلس المركزي لقحت. وفي سبيل تقوية وتدعيم المجلس المركزي، ومن أجل تحقيق وحدة قوى الثورة، أرى أن يضاف لهذا المجلس عشرة ممثلين للقوى المعارضة الحاملة للسلاح، وعشرة ممثلين للجان المقاومة، وعشرة شخصيات وطنية ذات حكمة ودراية وتاريخ نضالي من داخل وخارج الوطن.

وسوف لن تنصرف الجماهير عن الشوارع ما لم تتضح الصورة الخاصة بالمطالب الرئيسة – نتيجة تحقيقات فض الاعتصام، والقرارات الخاصة بمحاكمة رموز النظام البائد. وفي حقيقة الأمر، فإن إبداء الجدية حول هاتين القضيتين سوف يساهم في تسريع انسحاب العسكريين من مجلس السيادة، إذ أنهم فيما يبدو so far الخصم والحكم، وكل البلد تعرف ذلك ولكنها تنتظر لجنة التحقيق لتضع النقاط فوق الحروف.

وفي رأيي، إننا لا نستطيع أن نخوض كل هذه المعارك بمفردنا، إذ نحتاج لثمة حليف تكتيكي يتوافق معنا في مواجهة الأخوان المسلمين بالجيش والأمن والشرطة، العدو المشترك؛ ونتواثق معه على العبور بالأجندة أعلاه حتى نهايتها، وأعني بذلك الحليف الفريق حميدتي، إذا كان بريئا كما قال من مذبحة فض الاعتصام، والتي ذكر بأن الجنجويد الذين شاركوا فيها قاموا بذلك من خلف ظهره.

مهما يكن، فلا بد من الإعداد لترليونات الثلاثين من يونيو، في أجواء من الحوار المفتوح الهادف لإجراء ترميم وصيانة للأجهزة المنوط بها إدارة المرحلة الانتقالية –

والخلل معروف:

  1. مجلس السيادة برمته، ما عدا التعايشي ومحمد الفكي، ويمكن أن يضاف لهما عبد العزيز الحلو ودكتور خليل ابراهبم ومالك عقار، بالإضافة للعضو العسكري المذكور آنفا..
  2. وزيرة الخارجية، ووزير كل من الإعلام والمالية والتجارة والطرق والبني التحتية والتعليم العالي والزراعة، بالإضافة لرئيسة القضاء.

ألا هل بلغت، فاشهد ياشعبي.

حرية.     سلام.    وعدالة

مدنية خيار الشعب.

تاريخ الخبر: 2020-06-12 05:27:44
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية