وأورد اليقيني في مستهل حديثه قولة شهيرة لأبراهام لنكولن يقول فيها: ”عندما يغيب صوت المعارضة يعلو صوت الرصاص“ وهي العبارة التي تحولت في السياق المغربي إلى ثابتة جديدة من ثوابت الحكم: ”عندما يعلو صوت المعارضة تحضر سنوات الرصاص“.
وأشار المتحدث إلى المعارضة الحقيقية كلما عبرت عن يقظتها تجاه ثروات البلاد وسوء تدبير إدارة الحكم، وكلما طالبت بتقليص صلاحيات الحاكم مقابل منحها للمؤسسات، إلا وكشرت السلطة عن أنيابها، وعوض أن تبدع في ايجاد الحلول، تبدع في أساليب القمع والردع والتسلط.
وأوضح أن أساليب التسلط تتنوع من تلفيق التهم الأخلاقية وتشويه سمعة المعارض، إلى تلفيق التهم الجنائية، إلى تهمة الانفصال وخدمة أجندات خارجية. معتبرا أن “السلطة عندنا لا تعوزها التهم، فهي جاهزة تنتظر أصحابها، ليبقى السجن و”صحافة” التشهير مسرحين تصفي فيهما السلطات المغربية حساباتها مع المعارضة والمعارضين”.
ولفت إلى أن دولة ترفع شعار ”دولة الحق والقانون“ و ”دولة حقوق الإنسان“ عندما يصل بها الأمر إلى اعتقال امرأة أو طفل أو شاب أوفتاة لأنها كتبت تدوينة في الفيسبوك “فاعلم أننا أمام إفلاس سياسي فظيع، لأن قمع المعارضات المنظمة من جماعات وأحزاب سيكون من قبيل تحصيل الحاصل”.وشدد اليقيني على أن التاريخ الإنساني يحفل بتجارب سياسية انفرد فيها الحكام بالسلطة والحكم، بعدما جعلوا من القمع أسلوبا لردع أو إقناع المعارضين.
مردفا أن القرآن الكريم صور ذروة هذا التسلط في النموذج الفرعوني الذي بدأ من نقطة الاستئثار بالرأي «وما أريكم إلا ما أرى» ثم انتقل إلى الاستخفاف بالعقول «فاستخف قومه فأطاعوه» ليصل إلى ادعاء الألوهية «أنا ربكم الأعلى» مشددا على أن أي حاكم مهما بلغ من العلم إذا خلت سياسته من المعارضة سيهوي حتما إلى هذا الدرك الفرعوني.ويكفيك أن تقرأ التاريخ يقول المتحدث “لتكتشف أن إمبراطوريات عظمى هَوَت وسقطت لاستفراد الطبقة الحاكمة بالقرارات المصيرية وعدم الإصغاء للآراء والمواقف الحكيمة في وقتها ولكم في نيرون وسقوط الإمبراطورية الرومانية خير مثال”.
وخلص اليقيني من هذا الاستقراء التاريخي، إلى أن السياسة المعاصرة “شيدت نُظُمَ وأسس الحكم على الديمقراطية، والتعددية، وفصل السلط، والمجتمع المدني، والدستور ومؤسسات الدولة”.
وتابع اليقيني معتبرا أن تشويه المعارضين واعتقال الصحفيين والمدونين والزج بالشباب في غياهب السجون هو “من السمات الواضحة للأنظمة الإستبدادية الشمولية،
التي تبدو تعددية في ظاهرها في حين تجعل من المعارضة الصورية اسفنجا لامتصاص غضب وسخط الرأي العام وقيادته نحو معارضة الأشكال عوض الجوهر”.وأكد اليقيني أن الإصرار على قمع الحريات والمعارضات فيه إساءة للوطن ولأبنائه الذين دفعتهم غيرتهم إلى التهمم بقضاياه ومشاكله وحاضره ومستقبله، “مستقبل يبنى بكل سواعد وعقول وطاقات أبناء هذا الوطن، فوحدها الحرية والديمقراطية والقبول بالتعددية وتداول السلطة ووجود معارضة فعليه الكفيلة بإخراج البلاد من مأزق الصوت الواحد والرأي الواحد والقائد الملهم الواحد”.