حلقة جديدة ربما تكون الأخيرة، من الصراع المستمر بين صانع الألعاب الألماني مسعود أوزيل ونادي الإنجليزي، بعد تجميده بشكل كامل بقرار من ميكيل أرتيتا.

الإسباني قرر استبعاد اللاعب من قائمة الدوري الأوروبي، ليقوم بنفس الشيء في، وسط حالة كبيرة من الذهول، هل وصلت الأمور لهذه الدرجة؟

وكيل اللاعب خرج للحديث عن تعرضه للظلم، وأن القرار له بعض الأسباب غير الرياضية، التي دفعت النادي اللندني لمعاملة اللاعب بهذه الطريقة.

الأمر يبدو رياضياً بنسبة كبيرة بعيداً عن أي شيء آخر، لأن احتاج التخلي عن اسمين من اللاعبين الأجانب، من أجل تسجيل القائمة النهائية للبريميرليج، ليخرج هو واليوناني سوكراتيس باباستاثوبولوس.

البداية ليست مع أرتيتا

كان من الواضح منذ تولي المدرب أوناي إيمري مهمة تدريب آرسنال، أن أوزيل ليس النوعية المفضلة له من اللاعبين، نظراً لقلة مجهوده البدني ومساندته الدفاعية.

البداية للأزمة كانت في نوفمبر 2018، عندما قرر المدرب السابق لآرسنال استبعاد اللاعب من قائمة الفريق أمام بورنموث، ليبدأ المسلسل في أبشع صوره.

أزمة تغريدة الصين كانت في ديسمبر 2019، وهو ما يعني أن المشكلة لم تبدأ في هذه اللحظة، بل سببها الرئيسي هو عدم اقتناع إيمري بقدراته.

إيمري تحدث أكثر من مرة، وأشار إلى أن أوزيل لا يتناسب مع كرة القدم الحديثة، التي تجبر اللاعبين على المشاركة في الضغط واللعب بطريقة أكثر عدوانية، مع الاعتراف بالموهبة الكبيرة التي يمتلكها الألماني في صناعة اللعب وخلق الفرص.

المفارقة أن الاتهامات نفسها تعرض لها خاميس رودريجيز لاعب ريال مدريد المنتقل حديثاً إلى إيفرتون، والذي يعتبر حالياً من نجوم الدوري الإنجليزي بعد ابتعاده عن النادي الإسباني.

البعض يعتقد أن الأمر يتعلق بشكل أكبر بالنواحي المالية، لأن أوزيل يتقاضى 350 ألف جنيه استرليني أسبوعياً، وهو ما لا يتناسب مع آرسنال بظروفه الحالية بسبب عدم اللعب في دوري أبطال أوروبا.

وبالنظر إلى ما يقدمه أوزيل في الفترة الأخيرة، مع راتبه، سنجد بكل تأكيد أن اللاعب يحصل على أكثر مما يستحق، ولكن هل ذنبه أن أحدهم قرر التجديد له بهذا الراتب؟

عناد متبادل

آرسنال حاول التخلص من أوزيل بكل الطرق الممكنة، واللاعب أبدى رغبته الواضحة في الاستمرار حتى نهاية عقده وهذا من حقه تماماً.

بعض الجماهير تعتقد أن انتقال اللاعبين من فريق لآخر، مثل تحريك الأثاث في المنزل، يحدث بسهولة عندما يقوم الطرف الأقوى باتخاذ هذا القرار.

الوضع الطبيعي للأندية وخاصة الكبيرة، هو إغلاق الباب تماماً أمام هذا الملف، ومحاولة فتح صفحة جديدة مع اللاعب، فور إغلاق سوق الانتقالات، طمحاً في أي تغيير.

ربما كان على أوزيل اكتشاف نفسه في مكان آخر مثلما فعل رودريجيز مع ريال مدريد، ولكن قد يكون لديه بعض الأسباب الشخصية التي تمنعه.

الأمور لم تكن جيدة بين الطرفين، الضغوط  استمرت ومحاولة طرد اللاعب من النادي واضحة، بطريقة جعلت أوزيل يصر على موقفه ويرفض الرحيل.

بعض التقارير أشارت إلى وجود أحد البنود في عقد أوزيل، ينص على تخفيض راتبه إلى 200 ألف استرليني فقط، في كل مرة يتم استبعاده فيها من قائمة الفريق.

وهذا ما يعني أن آرسنال يوفر 150 ألف استرليني أسبوعياً عندما يغيب اللاعب عن قائمة المدفعجية، مما يفسر عدم وجوده على دكة البدلاء.

البعض يقول أيضاً أن السبب الأكبر هو رفض أوزيل لتخفيض راتبه بنسبة 12.5% بسبب أزمة كورونا، في مبرر آخر لما تقوم به إدارة آرسنال وحرصها على تجميد صاحب الـ32 سنة.

أسباب رياضية

ميكيل أرتيتا مدرب ، خرج مؤخراً للحديث عن فشله في التعامل مع أوزيل، مؤكداً أنه يتحمل المسؤولية الكاملة لعدم الاستفادة منه، وأن استبعاده جاء لأسباب رياضية.

وفي الحقيقة يبدو أن الموقف عبارة عن مزيج من الناحية الرياضية والمالية، لرغبة النادي في توفير راتبه ومحاولة بيعه في يناير، والرد على رفضه التعاون في أزمة كورونا.

وبالنظر إلى قائمة آرسنال، سنجد أن أوزيل كان أحق بمكان في الفريق بدلاً من بابلو ماري الذي لم يقدم أي شيء منذ وصوله في يناير الماضي واستمرار إصابته التي قد تبعده حتى منتصف الموسم الحالي بعد الانتكاسة الأخيرة، وكذلك المدافع الكارثي شكودران موستافي.

المفارقة أنه في الوقت الذي يتم استبعاد فيه أوزيل، يؤكد أرتيتا أن المحادثات جارية من أجل تجديد التعاقد مع موستافي قبل نهاية عقده الصيف القادم رغم الكوارث المستمرة التي يرتكبها اللاعب في خط الدفاع.

من المذنب؟

في الحقيقة أن آرسنال يتحمل المسؤولية بصورة كبيرة، لأن هذه الطريقة ليست الأفضل على الإطلاق في التعامل مع أي لاعب مهما كان مستواه.

أوزيل كذلك عليه مسؤولية كبيرة، حيث كان عليه إظهار بعض المرونة في التعامل مع النادي، خاصة في أزمة تخفيض الرواتب، بالإضافة لتخاذله غير المبرر في الكثير من الأحيان وقبوله بالتهميش من البداية بدلاً من الرد في الملعب.

استبعاد أوزيل كان سيحمل الكثير من المنطق لو نجح آرسنال في التعاقد مع حسام عوار من ليون، ولكن الصفقة فشلت، لتظهر عيوب الفريق الواضحة في صناعة الفرص.

لماذا التخلي بشكل كامل عن أوزيل؟ بدلاً من وجوده كحل مؤقت على دكة البدلاء يمكنه تغيير مجرى المباريات، ويساعد الفريق لبضعة دقائق من أجل فك التكتلات بفضل تمريراته السحرية.

لو شاهدت أي مباراة لآرسنال ستجد أن صناعة الفرص هي المشكلة الأبرز، الفريق كان عاجزاً على أرضه أمام ليستر سيتي، الخصم الذي اعتاد أوزيل على التألق أمامه، بل ظهر بأحد أفضل المستويات في مسيرته الكروية ضده مع أوناي إيمري.

التجميد الكامل لم يكن الحل، بل تقليل دوره ومحاولة تحفيزه، والاستفادة منه حتى نهاية عقده، بدلاً من تركه يشاهد المباريات من المنزل مع الحصول على راتبه بأقل مجهود ممكن.