توجهت الأنظار إلى عمل اللوبيات في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة تلك التي لها ارتباط بمصالح المملكة المغربية، مباشرة بعد إعلان دونالد ترامب اعتراف بلاده بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه وتشييد قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة.
القرار الأمريكي الذي وصف بالتاريخي والمنعطف الحاسم في مسلسل الصحراء، وتزامنه مع قرار مغربي يقضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، فتح باب التكهنات عن حجم الدور الذي لعبه اليهود من أصل مغربي واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لربط قنوات التواصل بين المغرب وأمريكا وإسرائيل، وفي هذا الصدد يقول المحلل السياسي كريم عايش في حديث مع “الأيام24″، إن “الولايات المتحدة تقر بصفة قانونية عمل اللوبيات في ما يخص الأمور الداخلية وسياسات الادارة الأمريكية الخارجية، وهو ما يعزز شفافية العمل السياسي و يقنن الوساطات والتدخلات بصيغ قانونية وواضحة، فمن المعروف أن الولايات المتحدة بلد الفرص والمال، وكل الأعمال بها كيفما كان نوعها تخضع لقوانين السوق و هذه الميزة الأمريكية تدفع الكثير من القطاعات والأفراد والدول إلى اعتماد اللوبيات للدفاع عن مصالحها طالما تعجز في اقناع المصالح الخارجية للادارة الامريكية باتخاذ قرار او اجراء لصالحها”.
ثم عن المغرب يوضح عايش أنه “فطن لهذه المسألة من ناحيتين أولاهما ضرورة محاصرة تأثير البيترودولار الجزائري والذي يغدق بسخاء على كل من يخدم أجندته في تفتيت الدول وتأزيم والأوضاع، ثانيهما تحصين المكاسب وتجاوز نقائص تقارير حقوق الانسان والتنمية البشرية وما حققه المغرب من تقدم في مجالات مختلفة بما فيها الصحراء المغربية، لدى كان لزاما أن يشتغل المغرب من خلال لوبياته على إفشال مخططات خصوم الوحدة الترابية عمد كل اجتماع مجلس الأمن مع تنويع سبل الضغط والمراوغة لإفشال البوليساريو وإضعاف تأثير محور الجزائر داخل الولايات المتحدة”.
من بين اللوبيات المؤثرة، يضيف المتحدث ذاته، يوجد “المجلس اليهودي الامريكي والذي كان على تواصل مباشر بالفاعلين السياسيين المؤثرين على القرار بالمغرب بالإضافة إلى مجموعة من اليهود المغاربة ممن عرفوا بتأثيرهم المالي والسياسي في الساحة الدولية، وهنا نذكّر بتوقيع 170 سيناتور أمريكي لرسالة موجهة لجورج بوش الابن تطالبه بدعم المغرب في سيادته على الأقاليم الجنوبية، غير أن هذا لم يدفعه ليتخذ خطوة ما في هذا الاتجاه”.
ويقول كريم عايش إن” بداية سنة 2020 عرفت تناسل الأخبار والتسريبات عن ضغط كبير للوبي اليهودي الموالي لإسرائيل سواء المجلس اليهودي الأمريكي أو أعضاء من لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية المعروفة اختصارا بالايباك، بدأت في الضغط على ادارة ترامب كي تتبنى موقفا مؤيدا لمغربية الصحراء”.
ويرى المحلل السياسي أن هذه الضغوط التي مورست على ترامب ” اعتبرها المغرب نجاحا باهرا يسهل عليه قبول إعادة فتح ملف علاقاته بإسرائيل، فنقلت عدة صحف امريكية ومواقع منها موقع اكسيوس الشهير وجود مشاورات مكثفة، غير أن الأمور لم تتغير وتريث ترامب في الاعتراف الأمريكي الداعم لسيادة المغرب مقابل تسريع بناء علاقات دبلوماسية بين دول الخليج وإسرائيل مع محاولة الربط بين لقاء نتانياهو بالملك كمؤشر على تسريع كبير لملف فتح صفحة جديدة بين اسرائيل والمغرب والاعتراف بمغربية الصحراء”.
ويشار إلى أن حكومة نتنياهو في طبعتها الخامسة تضم حوالي عشر وزراء من أصول مغربية وهي سابقة في عهد حكومات نتنياهو والذي عرف بتهميشه لليهود من أصول مغربية بالرغم من امتدادهم الكبير داخل المجتمع وارتباطهم الكبير بالمغرب، كما أن هنالك شخصيات يهودية بارزة يعتقد أنها لعبت دورا كبيرا في الملف، مثل رجل الأعمال المغربي اليهودي ياريف الباز والحاخام دافيد بينتو.
ولهذا يعتقد كريم عايش أن “الدور الكبير للوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة كان قويا ومثمرا، مكن من انهاء ازدواجية المواقف الامريكية من قضية الصحراء و تحقيق ما لم تقم به دول عربية معروفة بروابطها القوية مع المغرب لكنها ترددت في دعم المغرب اثناء عملية الكركرات وفضلت الحياد على الاقرار باحقية المغرب وعدالة قضيته”.
