عماد مبارك
الليل هو الليل
محبرةٌ مدلوقةٌ على أفق،
والماضون على طرقاته؛
أزكموا أنف القرية
بدخان الغياب،
كلٌ يمضي على طريقته وحيداً وحافياً
من الأفكار والهُوية، ومحمّلٌ بالتمنيات،
عاشق يلهث خلف قطار
ذكريات عشيقته؛
فتدهسه عجلات السراب!
امرأةٌ مشحونةٌ بالرغبةِ الكبرى
تجري فتثير بحوافر الحقيقة
غبارُ رجلٍ مصلوب على شجر
الأمس اليابس،
وطائرٌ يجلس على الغصنِ
ويُلوِّن الأشجار بمناحاتٍ
نبيلة!
بفقده جناحه الآخر
وربما إحتراق عشه،
أو خليله الذي
تلاشى في ظُلمة القِطط،
النيلُ العظيم يجري بتثاقل
ويئن من حمل الجثث،
يتعجب في صمتٍ ويقول:
ليتني النيل القديم
ليتني لأجل الذي حُفِرت
مسرحاً للعشاق،
لا الجرائم.
وطفلٌ يبكي علاما سُرق
منه من ألعابٍ، ويملأُ
يدا أبيه الجريحة بملح دمعه
عندما يمُدُ له الخبز.
عجوزٌ تقف على رجل واحدة
على مفاتن رصيف دافئ
وتلعق نشوة احتمالات المجيئ
وتسبُ الرحيل الموسّم بعدم
العودة.
أما أنا فعلى الهناك أمشي
ولا أسير،
أقعد ولا أجلس
هناك وهنا أنا
لكنني أعرف جيداً
بأنني مُمزق بالإحتمال
بأمل عودة
من غاب،
محروق بي ولي،
ولا أراني من
فرط الدخان..