حظى التشكيل الجديد للمجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى وافق عليه مجلس النواب، مؤخرًا، بإشادات كبيرة، حيث ضم عددًا كبيرًا من الكفاءات والخبرات، وشمل جميع فئات المجتمع، برئاسة السفيرة مشيرة خطاب، أول سيدة تتولى هذا المنصب.

وحصلت مشيرة خطاب على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام ١٩٦٧، ثم نالت درجة الدكتوراه من نفس الكلية، فى القانون الدولى الإنسانى، ثم حصلت على درجة الماجستير من جامعة نورث كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية فى العلاقات الدولية.

وفى أعقاب تخرجها بمرتبة الشرف، تدرجت فى السلك الدبلوماسى بدءًا من ملحق إلى سفير ممتاز ومساعد لوزير الخارجية للعلاقات الثقافية الدولية، إذ التحقت بالخارجية عام ١٩٦٨ بعدما تمكنت من اجتياز المسابقة السنوية لاختيار أصلح العناصر للعمل الدبلوماسى. 

وشغلت «مشيرة» منصب سفيرة لمصر لدى جمهوريتى التشيك وسلوفاكيا بين العامين ١٩٩٢ و١٩٩٤ ومنصب أول سفيرة لدى جمهورية جنوب إفريقيا بين العامين ١٩٩٤ و١٩٩٩، ومنصب الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، ومنصب مساعد وزير الخارجية لمدة عام، كما تولت منصب الأمين العام للمجلس القومى للأمومة والطفولة.

وتولت- أيضًا- منصب رئيس لجنة برامج الطفل بمجلس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأصبحت وزيرة الدولة للأسرة والسكان فى حكومة الفريق أحمد شفيق فى أعقاب ثورة ٢٥ يناير عام ٢٠١١، وعملت خبيرة ونائبة رئيس إحدى لجان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، كما كانت عضو مجلس الإدارة الدولى لمجموعة المرأة فى الدبلوماسية التى أسستها وزيرة الخارجية الإيطالية.

كما أسهمت- بطريقة فعالة- فى سحب تحفظات مصر على اتفاقية حقوق الطفل عام ٢٠٠٣، رغم حساسية القضية، بسبب التعلل بمخالفة المواد موضع التحفظ، الشريعة الإسلامية، وذلك خلال عملها نائبة رئيس إحدى لجان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف، فضلًا عن دورها الأكاديمى، لأنها أستاذ زائر فى حقوق الإنسان وقضايا النوع بجامعة بيروجيا للأجانب بإيطاليا، منذ ٢٠١١ حتى الآن، وأيضًا أكاديمى زائر فى مجال السياسات العامة بمركز ودرو ولسون الدولى.

وفى ديسمبر ٢٠١٣، جرى اختيارها بالمرتبة الثالثة ضمن أعظم خمس ناشطات حقوق إنسان فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعملت على عدد من القضايا التى تمس المرأة والطفل، كتحديد النسل وختان الإناث والزواج العرفى وزواج القاصرات من أجانب مقابل مبالغ من المال.

وحظيت المرأة بنسبة ملحوظة فى التشكيل الجديد لأعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، حيث تضمن التشكيل ١١ امرأة من الأعضاء الجدد، ففضلًا عن «مشيرة» جرى اختيار المحامية نهاد لطفى سيد محمد أبوالقمصان والدكتورة هدى راغب عوض والدكتورة نيفين عبدالمنعم مسعد والدكتورة نهى على على بكر والمحامية رابحة فتحى شفيق محمد وغادة محمود همام محمود ونهى طلعت عبدالقوى السيد عبداللطيف وسميرة لوقا دانيال أبسخرون والدكتورة وفاء بنيامين بسطا مترى ودينا هشام محمد عباس خليل.

وأكد الأعضاء الجدد للمجلس أن التشكيل الجديد يعكس الإرادة السياسية لدعم المجتمع المدنى، مشيرين إلى أن من أولوياتهم الفترة المقبلة التعاون مع كل الجهات لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وقال عصام شيحة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن التشكيل الجديد يضم قامات مهمة، مشيرًا إلى أنه سيتم العمل من أجل أن يكون المجلس مرجعية للمنظمات الدولية فى المعلومات المتعلقة بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى التعاون مع المنظمات الحقوقية المصرية.

وأضاف: «أتمنى أن نعمل على تطوير آلية العمل فى فروع المجلس، وخلال الاجتماع الأول سيتم وضع خطط مستقبلية فى ظل وجود الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى تعد خطوة مهمة للعمل الحقوقى»، لافتًا إلى أنه سيتم العمل على تنفيذ الاستراتيجية بما يحقق أهدافها المرجوة، فضلًا عن تصحيح المفاهيم المتعلقة بالملف الحقوقى المصرى.

من ناحيته، قال عبدالجواد أحمد، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن قرار إعادة تشكيل المجلس جاء كاشفًا عن خطوات إيجابية تمت منذ فترة، مشيرًا إلى أن الدولة ممثلة فى الرئيس السيسى لم تتعامل مع ملف حقوق الإنسان بمعاملة العلاج المؤقت، ولكن تم إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان التى بذلت جهودًا عديدة وعقدت حوارات مع عناصر المجتمع المدنى التى انتهت بإطلاق استراتيجية حقوق الإنسان، وإعلان الرئيس السيسى عام ٢٠٢٢ عامًا للمجتمع المدنى.

وشدد على أن تلك الخطوات الإيجابية تعكس الإرادة السياسية الواعية وأهمية دور الحركة الحقوقية، فى تاريخ مصر سواء بمجال التنمية أو الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية، منوهًا بأن العمل الأهلى المصرى عمل وطنى خالص، لافتًا إلى أنه تمت إعادة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان بتركيبة متخصصة من ممثلى المجتمع المدنى.

وتابع: «هذا التشكيل محظوظ لأنه يأتى ضمن مجموعة من الخطوات الإيجابية التى تم اتخاذها، فى ظل التوجهات الداعمة لإطلاق حرية العمل الأهلى فى مصر، ووجود منظومة حقوق الإنسان ممثلة فى اللجنة العليا الدائمة والمجلس القومى لحقوق الإنسان والمجتمع المدنى المصرى».

وأشار إلى أن هذه المنظومة الثلاثية تستثمر الفرص المتاحة للمضى قدمًا نحو التقدم وزيادة وتعزيز الجهود المبذولة، حيث إن استراتيجية حقوق الإنسان ستكون شاهدة على هذه الخطوات، معربًا عن اعتزازه بأنه ممثل للمجتمع المدنى وأنه ضمن هذه الكوكبة من الخبرات المتنوعة المتخصصة، منوهًا بأن مصر ستشهد طفرة وستقدم نموذجًا لملف حقوق الإنسان المصرى قائم على التقدم والاهتمام.

من جهتها، أوضحت نهاد أبوالقمصان، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن التشكيل الجديد يؤكد ما قاله الرئيس السيسى فى حفل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بأن عام ٢٠٢٢ سيكون عامًا للمجتمع المدنى.

ووجهت التحية لكل من أسهم فى هذا التشكيل، قائلة: «أرجو أن أكون إضافة، وأستطيع مع رئيسة المجلس وكل الزملاء أن نكون بقدر توقعات كل مواطن فى مصر، وأن نكون نموذجًا يشار إليه عربيًا وعالميًا»، لافتة إلى أن اختيارها ضمن التشكيل هو تكريم وشرف عظيم لمسيرة امتدت لما يقرب من ٣٠ عامًا بملف حقوق الإنسان وحقوق المرأة.

وأشادت باختيار السفيرة مشيرة خطاب رئيسًا للمجلس لما تتمتع به من خبرة وسمعة عالمية ونشاط بصماته واضحة فى ملف حقوق الإنسان بدءًا من ملفات الطفولة والثقافة، مثمنة اختيار السفير محمود كارم نائب رئيس المجلس لما يتمتع به من خبرة طويلة بإدارة المجلس بكل ملفاته وتفاصيله ودائمًا حاضر فى كل القضايا الحقوقية.

وبدوره، قال علاء شلبى، عضو المجلس، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن اختيار السفيرة مشيرة خطاب لرئاسة المجلس يؤكد قوة الإرادة السياسية لدعم وتمكين المرأة المصرية، الذى يتحقق من خلال تعزيز مشاركة المرأة بالفضاء العام ومواقع المسئولية، مشيرًا إلى أن لديها خبرة كبيرة فى المجال الحقوقى والتنموى على الصعيدين الوطنى والدولى.

وأضاف أن اختيار السفير الدكتور محمود كارم نائبًا لرئيس المجلس يعد عاملًا مهمًا للحفاظ على الاستمرارية المؤسساتية لعضويته بالتشكيل السابق «٢٠١٣ - ٢٠٢١»، وتوليه منصب الأمين العام للمجلس فى الفترة «٢٠١٠ - ٢٠١٣»، بالإضافة إلى خبراته السياسية والدبلوماسية وشبكة علاقاته الدولية.

وشدد على أن التشكيل الحالى يعكس الإرادة السياسية لدعم المجتمع المدنى الحقوقى، لافتًا إلى أنه بموجب ما تضمنته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان سيلعب المجتمع المدنى دورًا أساسيًا مع اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان والمجلس القومى لحقوق الإنسان فى تفعيل الاستراتيجية.

وتوقع أن يتوجه المجلس للعمل فورًا على تنسيق الأدوار مع أصحاب المصلحة لتفعيل الاستراتيجية، التى تتضمن معالجة القضايا الملحة والأولويات التى تتسق مع أجندة العمل الوطنى ورؤية مصر للتنمية ٢٠٣٠، معربًا عن تقديره للتشكيل السابق للمجلس برئاسة الوزير محمد فائق الذى أسهم بدور كبير فى ميلاد حركة حقوق الإنسان فى المنطقة العربية.

من جانبه، قال سعيد عبدالحافظ، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن تشكيل المجلس يختلف عن تشكيل المجالس السابقة، حيث إن هذا التشكيل اعتمد بشكل رئيسى على اختيار العناصر التى لديها خبرات حقوقية وميدانية على أرض الواقع، مشيرًا إلى أنه تم اختيار ممثلين لمنظمات فاعلة على الأرض لديها تاريخ طويل من العمل الحقوقى والتنموى.

وأضاف أن هذا يأتى فى ضوء ما تحتاجه مصر خلال الفترة المقبلة فى إطار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى صدرت الشهر الماضى، مشيرًا إلى أن جهود أصحاب الخبرات المتنوعة فى هذا التشكيل ستضمن تحويل الاستراتيجية من إطار نظرى لواقع ينعكس على المواطن فى حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وتابع: «أتمنى أن يقدم التشكيل الجديد ما لديه من خبرات متنوعة فى مجالاتنا التنموية والحقوقية والقانونية، وأن يقدم الاستشارات المهنية والأمنية والموضوعية لمؤسسات الدولة لمساعدتها فى تحقيق آمال وطموحات المواطن المصرى».