في عالم اليوم انتقلت الكثير من العلاقات البشرية من العالم الواقعي إلى الافتراضي، ومن ضمنها تلك العلاقات والتفاعلات المجتمعية المولدة للشعور بالهوية الوطنية. حيث لم يعد مفهوم المجتمع الافتراضي مرتبطاً بسياق زمني أو مكاني، بل بمبدأ الاهتمامات الاجتماعية والثقافية المشتركة وهو ما يمكن أن نطلق عليه المجتمع الافتراضي. إن المجتمع الافتراضي ظاهرة اجتماعية مثل المجتمع التقليدي إلا أنه يتميز بالخصائص التكنولوجية الرقمية. يعيش أفراد هذه المجتمعات بعيدين عن القيود الاجتماعية والدينية والقيمية، ويخلقون ما يسمى بالهوية الخفية التي تجعلهم يتقاربون بعيداً عن البعدين المكاني والزماني (المتمثلين في التاريخ)، واللذان يشكلان بعدين مهمين من أبعاد الهويات الوطنية.. فالهوية الوطنية هي الشعور بالانتماء إلى وطن معين بناء على التاريخ المشترك (البعد الماضوي في الهوية)، والعيش في بقعة جغرافية معينة (البعد الانتمائي)، والولاء لقيادته، والشعور بالمستقبل المشترك (البعد المستقبلي). وهنا يبرز دور التعليم بمؤسساته المختلفة لتعزيز الهوية الوطنية لدى الشباب في العالم الافتراضي لتسير جنباً إلى جنب مع الهوية الوطنية في العالم الحقيقي.
وبما أن المملكة العربية السعودية تحتفل هذه الأيام باليوم العالمي للغة العربية، وهي موطن هذه اللغة بشقيها المحكي والمكتوب، فمن الضروري العناية بهذه اللغة كمقوم من مقومات الهوية الوطنية السعودية. فالمتابع لوضع اللغة العربية في العالم الافتراضي يرى تأخرها أمام اللغات الغربية لا سيما اللغة الإنجليزية التي أصبحت لغة العصر مما قاد إلى ضعف المحتوى العربي على الإنترنت. فقد عجز أهل اللغة العربية عن مواكبة التكنولوجيا وسيطرة الثنائية اللغوية على ثقافة جيل الشباب. فلم يتطور المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، فمازالت مشاركة هذه اللغة لا تتجاوز 3 في المئة من إنتاج المحتوى الرقمي على الإنترنت. ومن الضروري القيام بمشاريع وطنية تعنى بتعزيز وجود اللغة العربية على الشبكة العنكبوتية، والعمل على تجديد مفرداتها بما يتواكب مع العصر. فكلما قويت اللغة العربية وأصبحت قادرة على منافسة بقية اللغات كلما انعكس ذلك إيجاباً على الهوية الوطنية لا سيما في العالم الافتراضي.
نقلا عن الرياض
