الأندلسي يكتب: هل ستستمر هذه الحكومة بهذه الأغلبية … لا أظن!
الأندلسي يكتب: هل ستستمر هذه الحكومة بهذه الأغلبية … لا أظن!
ثلاثة أحزاب جمعت أغلبية من المقاعد في مجلسي البرلمان. كونت حكومة و استغنت عن أحزاب عدة كانت لها رغبة كبيرة في اعتلاء بعض الكراسي و لو كانت قليلة. و شاءت الصدف و قرار حزبي من فرض الاصطفاف في المعارضة رغم كرهها من طرف من فرضت عليهم. لن تجد أي رافض للاستوزار في صفوف الحركة الشعبية و الإتحاد الإشتراكي و التقدم و الإشتراكية ولذلك لم يكونوا بقادرين على التأقلم مع الجلوس في صف المعارضين بعد سنين قضوها في الحكومة. من الصعب الخروج إلى المعارضة بخطاب ذي مصداقية. و لقد استشعر الأمين العام القديم الجديد للعدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، صعوبة اللحظة و طلبة من الدكتور بوانو التحلي بكثير من المرونة في الخطاب و عدم ركوب صهوة المعارضة بقوة بعد عشرية في تدبير حكومي عرف نهاية غريبة.
المعارضة في الزمن الراهن فعل يمارس خارج المؤسسات. الأحزاب و النقابات و الجمعيات الكبيرة لم تعد تمتلك مفاتيح الكلام مع المجتمع. اقتربت كثيرا من السلطات فابتعد عنها من لم تنصت إليهم خلال أزمات و احتقانات إجتماعية و حتى خلال أحداث مست الجسم الصحافي و حرية التعبير. المعارضة اليوم أشكال من التعبير و قدرات كبيرة على التعبئة خارج الأشكال التقليدية للتعبير. كانت الدولة تتفاوض مع سلطات مجتمعية و سياسية فأصبحت لا تجد أمامها غير تنسيقيات لا تنسيق بينها . صحيح أن الصراع السياسي مع الأحزاب الوطنية و الحركات اليسارية خلال السبعينيات أدى إلى إنهاك المثقفين و الفنانين و الملتزمين سياسيا و أدى إلى ظهور صفوف متراصة من الانتهازيين الذين أصبحوا يسبحون بإسم الاقتراب من القرار و بالولوج إلى الإمتاع و المؤانسة و تكوين ثروة تقيهم من غدر الأيام. و هكذا بزغ فجر العزوف و الانكماش و التعبير عن رفض سلبي لواقع سلبي القسمات. و تكونت طوابير طالبي القرب لكنها خسرت ما تبقى من مصداقية الفعل السياسي.
في واقع كهذا وجب استحضار أهمية الوساطة السياسية و الإجتماعية في التدبير. وبالطبع لا يجب ذكر هذه الوساطة دون ربطها بالمصداقية التي تعد المفتاح الأول في إحداث التوازن بين مطالب المواطن المرتبطة بالعدالة الاجتماعية و المجالية و و الاستجابة لضغط المستثمرين و ذوي المصالح الكبرى التي تعبر عنها كونفيدرالية المقاولات و الابناك و التي يرتبط بعضها بمؤسسات متعددة الجنسيات. كل هذا الواقع يفرض تجانسا حكوميا على مستوى عال من الفهم و التنسيق و الإلتزام السياسي. لكن جسم الحكومة خرج من الخيمة و هو للميلان أقرب من التوازن. وجود نساء و رجال قيل أنهن و أنهم كفاءات لم يقنع حتى أكبر المؤيدين لأحزاب الأغلبية.
لحد الآن تبدو الصورة ضعيفة و لا تبعث على الاطمئنان. مر مشروع قانون المالية بسهولة ترجع إلى طغيان العدد على العدة . قبلت تعديلات الباطرونا و رفضت تعديلات النقابات و اعتبرت الحكومة تعديلات بعض النقابات غير ذات جدوى. و أستمر الوضع على ما هو عليه. صحيح أن التغطية الإجتماعية مشروع مؤسس لمرحلة جديدة و لكن الطبقات الاجتماعية الغنية التي استفادت خلال السنين الأخيرة وجب عليها الإعتراف للدولة و للمغاربة على التضحيات التي بذلوها لأصحاب العقارات و المدخرات و المصانع و الاستهلاكيات الفلاحية الكبرى.
الدولة الإجتماعية التي وعدت بها حكومة عزيز أخنوش يجب أن تترجم إلى أفعال. أولها محاربة الفساد و التهرب الضريبي و إرجاع مشاريع القوانين التي تحارب الاغتناء غير المشروع و دعم الجمعيات التي تلعب دور الوساطة لحماية الدولة و المجتمع من عوامل الإحباط أمام إصلاح ما يمكن إصلاحه. و لكن مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2022 أبانت أن الحكومة لا تريد أن تستمع إلى أي مقترح أو تعديل خارج التعديلات التي يكون مصدرها كونفيدرالية المقاولات.
و خارج كل هذا يظل السؤال عن القدرة الحقيقية لهذه الحكومة أن تكون في مستوى انتظارات شعب . أكاد أشك و لن أشك أن الاختيارات و تكوين أغلب الشخصيات التي دخلت الحكومة قد تكون قادرة على مواجهة مطالب المرحلة الراهنة و المستقبلية. ما سمي بالخبرات كفاءات أعتبرها البعض حلا لكل القضايا خارج الأحزاب و النقابات و الجمعيات الوطنية. ولكن المشكل عميق و يتجاوز تدبير قضايا تقنية. الأمر يحتاج للالتزام السياسي بكفاءة عالية و بقدرة أقوى على التفاعل مع المطالب الإجتماعية لا تضع المؤسسات الأمنية في مواجهة الشارع عند كل حمى يتسبب فيها تدبير ملف في قطاع من القطاعات . و لكل هذا وجب الإعتراف أن اللحظة السياسية تستوجب إعلان حالة الاستثناء. أغلب أقطاب الأغلبية و المعارضة “الرسمية ” لا يمكن أن تشكل قوة وقاية للوطن أمام اعداءه. لسنا في احتياج لوزراء و وزيرات ذوي خبرات مهنية و تقنية و لكن إلى مسؤولين سياسيين ذوي كفاءة عالية. و الاحتياج كبير إلى تفعيل الدستور في مجال المحاسبة و عدم إفلات مجرمي المال العام من العقاب. ربط المسؤولية المسؤولية بالمحاسبة لا تعني محاسبة المختلسين فقط بل بالأساس محاسبة من لا يحققون أهداف السياسات و البرامج التي كلفوا بإنجازها .