قبل 123 عاما تحديدا في مثل هذا اليوم من العام 1898، وداخل معملهما الصغير البسيط، في العاصمة الفرنسية باريس، يكتشف الزوجان ماري وبيير كوري عنصر الراديوم المشع، والذي أحدث ثورة في مجال الطب، ومكافحة الأمراض السرطانية، كما قدما المفتاح الذي أدي إلى ما توصل إليه العلم اليوم من معرفة في تكوين هذه المادة.

كان الزوجان ماري وبيير كوري يعملان في بحوث تتعلق بالنشاط الإشعاعي لليورانيوم عندما لاحظا أن كشاف الكهرباء كان يسجل وجود تيار بدون أي سبب ظاهر، فأثبتت لهما المراجعة الدقيقة والفحص أن النشاط الإشعاعي لخام اليورانيوم (البتشبلند) الذي كانا يستعملانه، هو أقوى عدة مرات من النشاط الإشعاعي لليورانيوم الذي يحتوي عليه.

ــ هكذا نجحت ماري كوري في عزل عنصر اليورانيوم

حلل الزوجان ماري وبيير كوري (البتشبلند) وفصلا المواد التي يتكون منها كل علي حدة بواسطة عملية تبلور جزئية. فبينت لهما النتائج الأخيرة وجود كميات ضئيلة جدا من عنصرين جديدين هما الراديوم والباريوم، وكلاهما له قوة كبيرة من النشاط الإشعاعي. وفي خلال الثلاث سنوات التالية، بذلت ماري كوري جهودا جليلة في عمليات التبلور والتنقية حتي استطاعت أخيرا في سنة 1901 أن تعزل العنصر النقي.  

ــ صفات العنصر النقي كما رصدتها ماري كوري

بدت صفة هذا العنصر والذي نجحت ماري كوري في عزله، الخاصة في إشعاع الحرارة والضوء في أول الأمر نقضا تاما لقانون حفظ الطاقة. فلما استقصي العلماء هذا الغموض، أنتهوا إلي أن التفسير الوحيد الممكن، هو أن هذا العنصر في حالة تحلل دائمة، فكل ذرة من ذراته تفقد باستمرار طاقة، كما لو أنها تفقد جزءا من ذاتيتها، وتصبح عنصرا جديدا وهو اليورانيوم.

سميت العناصر الثلاثة المستخرجة من تحلل الراديوم والتي أمكن حصرها في: أشعة ألفا، أشعة بيتا، وأشعة جاما، وهي الأحرف الثلاثة الأولي من الأبجدية اليونانية. أما أشعة ألفا، وأشعة بيتا فهما بالفعل دقيقات صغيرات جدا.

وأما أشعة جاما فشبيهة بأشعة دقيقات الضوء، ويمكن الاستفادة منها كاستعمالها مثلا في إضاءة أرقام مينا الساعات. وتتكون دقيقات أشعة ألفا من ذرة هيليوم وشحنة موجبة. وتتكون دقيقات أشعة بيتا من إلكترونات بشحنة سالبة واحدة.

وتستعمل دقيقات ألفا وبيتا في الطب لمحاربة الأورام الخبيثة الممتدة الجذور في الجسم الإنساني. ولقد اعترف العلماء بأهمية اكتشاف الزوجان ماري وبيير كوري بالنسبة للبحوث الذرية، بأن أطلقوا اسم "كوريوم"، علي عنصر جديد ظهر في أثناء البحوث المتعلقة بالقنبلة الذرية.    

ــ من هي ماري كوري؟

وماري كوري هي أول امرأة تشغل منصب الأستاذية بجامعة السوربون العريقة، وأول امرأة تحصل على جائزة نوبل، مشاركة مع زوجها بيير كوري، علي كشفهما لليورانيوم، وذلك في العام 1903، حتى أنها قسمت قيمة مبلغ الجائزة بين أسرتها الصغيرة وطلبتها والمحتاجين ممن تعرفهم.