افتتاحية الدار: تشبث المؤسسة الأمنية الوطنية بالخيار الحقوقي الراسخ أكبر دليل على أن ما تعلنه الدولة ليس مجرد شعارات جوفاء


الدار/ افتتاحية

ما طرحه بوبكر سبيك الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني من معطيات رقمية حول عمل المديرية وموظفيها من رجال الأمن أكبر دليل على أن المغرب قطع أشواطا كبيرة في بناء دولة القانون والمؤسسات. لقد كشف الرجل في حوار إذاعي تم بثه مساء الجمعة الماضية أنه “تم اتخاذ أكثر من 5 آلاف اجراء تأديبي، وتقويمي ضد موظفي الشرطة والأمن سنة 2021، من بينهم 162 شخص تم توقيفهم مؤقتا عن العمل، و91 تم عزلهم”. هذه الأرقام ليست مجرد حصيلة منجزات سنوية يمكن المرور عليها مرور الكرام، بل هي أرقام لها دلالات سوسيوثقافية هامة في مغرب الألفية الثالثة.

من كان يصدق قبل عقدين من الزمن أن يتم توقيف مسؤول أمني عن مهامه بسبب خرقه لمساطر الضبط والتوقيف أو بسبب انتهاكه لحقوق معتقل أو تجاوزه لصلاحياته التي تخولها له مهنته كممثل للضابطة القضائية. إلى حدود أواخر التسعينيات كان هذا الأمر حدثا يشبه الخسوف أو الكسوف، بينما يتم اليوم وبصفة سنوية اتخاذ إجراءات عقابية في حق العشرات من الموظفين الأمنيين والانتصار أحيانا للمتهمين والمعتقلين بسبب عدم احترام حقوقهم أو تعريضهم للخطر أو الاعتداء، من قبيل استعمال السلاح الوظيفي ضد بعض الأظناء في غير محله ولا ضرورته. نحن نتحدث إذن عن تحوّل عميق حدث في المؤسسة الأمنية الوطنية يخترقه استيعاب تدريجي وملموس لثقافة حقوق الإنسان واحترام القانون والتشريعات المنظمة لممارسة المهنة.

قد يقول قائل إن هذه الثقافة الحقوقية التي اجتاحت المؤسسة الأمنية قد نالت من سلطة رجل الأمن ومن هيبته ومن مكانته في المجتمع، وقد تكون هذه المقولة صحيحة من زاوية النظرة الثقافية للمجتمع، لكن كلنا ندرك أن هذا التحوّل ومهما كانت له من سلبيات أو خسائر فإن ما جنيناه كمغاربة منه أكبر مما سنخسره. لقد خرجنا من دائرة الدولة البوليسية التي كان همها في الماضي، وفي فترة سنوات الرصاص على الخصوص، تتبع المواطنين والتجسس عليهم واضطهاد ذوي الأنشطة السياسية منهم، لتصبح اليوم المؤسسة الأمنية ضامنة لحقوق الأفراد والجماعات وحريصة على ضمان الأمن والأمان وممارسة الحريات الخاصة والعامة.

أن يتم عزل شرطي من وظيفته بسبب اعتدائه على مواطن أمر لا يمكن إلا أن يكون مشرّفا للسجلّ الحقوقي للمغرب، ولا يمكن إلا أن يساهم في ترسيخ الإيمان بثقافة حقوق الإنسان على كافة الأصعدة وفي مختلف المجالات. بل إننا نكاد نجزم أن اعتناق المؤسسة الأمنية في المغرب لثقافة حقوق الإنسان خطابا وممارسة يمثل قاطرة لقيادة باقي مؤسسات الدولة الأخرى من قضاء وإدارة وجيش نحو هذا الأفق الحقوقي العميق والراسخ. وفي قلب هذه التجربة التي تقودها المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب أيضا رسائل بليغة لكل أولئك الذين يحاولون التشكيك في اختيارات المغرب ورهانه الديمقراطي الحداثي الذي يسير فيه بهدوء وثقة.

إن تشبث المؤسسة الأمنية الوطنية بهذا الخيار الحقوقي الراسخ أكبر دليل على أن ما تعلنه الدولة عن الخيار الديمقراطي وعن بناء دولة الحق والقانون ليس مجرد شعارات جوفاء يتم إطلاقها لتلميع الصورة داخليا وخارجيا، وإنما هو برنامج فعلي يتم تجسيده على أرض الواقع، في الوقت الذي لا تزال فيه بعض الأنظمة والدول في الجوار تحلم بأن تتم معاقبة مسؤول أمني ما على جرائمه التي اقترفها ضد مواطنيه وهو لا يزال يحتفظ بمنصبه وسلطاته. يحقّ للمغاربة اليوم أن يفتخروا بمؤسستهم الأمنية وأن يثمّنوا جهودها في مجال احترام حقوق الإنسان وترسيخها، وأن يثقوا في مسارها الثقة الكفيلة بتحقيق التعاون المثمر لفائدة الاستقرار والاستمرار.

تاريخ الخبر: 2021-12-27 17:30:33
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

الترجي يتحدى النجم الساحلي فى البروفة الأخيرة قبل مواجهة الأهلي

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-12 06:22:21
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 44%

دون وجود إصابات.. إسقاط 3 طائرات مسيرة على البحر الأحمر

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-12 06:22:31
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 68%

محمود الليثى ورضا البحراوى يتألقان فى حفل زفاف ابنة مصطفى كامل

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-12 06:22:22
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 42%

الأرصاد: استمرار التوقعات بهطول الأمطار على عدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-12 06:24:06
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 66%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية